ادب الطف

 
 

ادب الطف - الجزء التاسع 204

السيد صالح الحلّي

المتوفى 1359

يرثي علي بن الحسين الأكبر شهيد الطف :

يـا نـيراً فـيه تجلى ظلمة iiالغسق      قد غاله الخسف حتى انقضّ من أفق
ونـبعة لـلمعالي طـاب iiمـغرسها      رقت وراقت بضافي العز لا iiالورق
حـرّ الظبا والظما والشمس iiأظمأها      وجـادها الـنبل دون الوابل iiالغدق
يا  ابن الحسين الذي ترجى iiشفاعته      وشـبه أحـمد فـي خلق وفي خُلُق
أشـبهتَ فـاطمة عـمراً وحـيدرة      شـجاعة  ورسـول الله فـي iiنطق
يا خائضاً غمرات الموت حين طمى      فـيض الـنجيع بـموج منه iiمندفق
لـهفي عـليه وحـيداً أحدقت iiزمر      الأعـدا  بـه كبياض العين iiبالحدق
نـادى  عـليك سـلام الله يـا iiأبتا      فـجاء  يـعدو فـألفاه عـلى iiرمق
نـادى  بـنيّ على الدنيا العفا وغدا      مـكفكفاً دمـعه الـممزوج بـالعلق
قـد اسـترحت مـن الدنيا وكربتها      وبـين  أهـل الشقا فرداً أبوك iiبقي

أبو المهدي السيد صالح ابن السيد حسين ابن السيد محمد حسيني النسب حليّ المحتد والمولد وتناديه عامة الناس أبو مهيدي خطيب أو أشهر خطباء المنبر الحسيني إذ أن شهرته الخطابية لم يحصل على مثلها خطيب حتى اليوم يتحلى بجرأه قوية وبسطة في العلم والجسم . ولد سنة 1289 هـ . في الحلة وهاجر منها إلى النجف 1308 هـ . وهو في التاسعة عشرة من عمره وأكمل دروسه في

ادب الطف - الجزء التاسع 205

العربية والمعاني والبيان عند الشيخ سعيد الحلي والشيخ عبد الحسين الجواهري ودرس كتابي المعالم والقوانين في الأصول على العلامة الشهير السيد عدنان ابن السيد شبر الغريفي الموسوي ، وكتابي الرسائل والمكاسب عند الشيخ علي ابن الشيخ باقر الجواهري وعلى الشيخ ملا كاظم الخراساني صاحب الكفاية وهو في كل ذلك يتعاهد ملكته الأدبية ولم تكن له يومئذٍ صلة بالخطابة وفي سنة 1318 هـ . أحسّ من نفسه القدرة على الخطابة وقوة البيان وطلاقة اللسان فتوجّه أول ما توجه إلى حفظ الكثير من (نهج البلاغة) من خطب الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ولم يك في عصره من الخطباء المجددين في الفن إلا المرحوم الشيخ كاظم سبتي فهو أظهر الخطباء وأبرزهم فنبغ السيد صالح وأخذ يجاريه ويزاحمه ومن حسن الصدف أن يولي العالم الكبير والمؤرخ الخبير السيد باقر الهندي عنايته خطيبنا الصالح فيسهر على توجيهه وإرشاده ، وهناك لمع نجمه واشتهر اسمه فقد كان من المتعارف أن يجتمع خطيبان في محفل واحد بالتعاقب وصادف أن دُعي الخطيبان : سبتي والحلي ولحداثة سنّ السيد صالح والأصول المتبادلة في إحترام الخطباء للأكبر سناً فقد رضي السيد صالح أن يكون هو الأول كمقدمة للشيخ كاظم . أما المعروف بين الناس أن الخطيب الثاني إنما تظهر براعته إذا تناول نفس الموضوع الذي طرقه الخطيب الأول بإضافة شيء جديد وتتمة للموضوع الأول . فكان حديث السيد صالح عن سيرة أبي الفضل العباس وهكذا تقدم الشيخ كاظم وتكلم فأجاد ولم يك بحسبان شيخنا الخطيب أن السيد صالح قد أعدّ نفسه وهيأ من المادة الكافية للتحدث عن أبي الفضل العباس في الليالي العشر كلها وهذه براعة منبرية وقدرة تؤهله للتقدم والبروز وهكذا استمر في أدوار حياته بطلاً منبرياً وخاض غمرات سياسية وإصلاحية فكان المنتصر في أكثرها وفي الثورة العراقية عام 1920 م . في الفرات الأوسط ومطالبة الشعب بالحكم الوطني كان صوت السيد صالح أعلى الأصوات واستمر يحرض القبائل حتى قبض عليه الإنكليز في بعقوبة وأبعدوه إلى البصرة ثم إلى المحمرة فآواه أميرها الشيخ خزعل خان وأحسن وِفادته

ادب الطف - الجزء التاسع 206

واستمر في صراعه مع اللادينيين الذين يتسترون بإسم التهذيب والتنظيم ومن المؤسف أن تنجح مؤامرة اولئك الذين يظهرون خلاف ما يبطنون فيروّجون إشاعة سبه للعلماء وتنقسم كلمة رجال الدين فمن مناصر له ومن محارب وتنتعش تلك الطغمة التي لا يطيب لها العيش إلا في الأحوال والقيل والقال . لقد ضعفت قوته وضعف عزمه ولبث ملازماً بيته إلى أن توفاه الله ليلة السبت 29 شوال 1359 هـ . في الكوفة فحُمل على الرؤوس تعظيماً له حتى دفن بوادي السلام في مقام المهدي ونعاه المنبر وبكته الخطابة ورثاه العلامة الجليل الشيخ عبد المهدي مطر بقصيدة فاخرة منها :

نعـتك الخطابـة والمنبـر    وناح لك الطرس والمزبر

وفيك انطوت صفحة للبيان    بعيـر لسـانك لا تنشـر

إهتم الخطيب الأديب السيد محمد حسن الشخص سلمه الله بجمع ديوانه وسجّل له كل شاردة وواردة ، وهذه رائعة من روائعه في أبي الفضل العباس ابن أمير المؤمنين (ع) :

مـن  هاشم سلبت أمية تاجها      وفرت بسيف ضلالها أوداجها
تخلو  عرينة هاشم من iiأُسدها      وتـكون ذئـبان الفلا iiولاجّها
قـوم إذا الهيجا تلاطم iiموجها      خاضوا بشزّب خيلهم أمواجها
ما  بالها أغضت وعهدي iiأنها      كـانت لـكل مـلمة iiفرّاجها

ومنها :

لـلشوس  عـباس يريهم وجهه      والـوفد يـنظر باسماً iiمحتاجها
بـاب الحوائج ما دعته iiمروعة      فـي حـاجة إلا ويقضي حاجها
بأبي أبي الفضل الذي من فضله      الـسامي تعلّمت الورى iiمنهاجها
قـطعوا  يـديه وطالما من iiكفّه      ديـم الـدما قد أمطرت iiثجاجها
أعـمود أخبيتي وحامي iiحوزتي      وسراج  ليلي إن فقدت iiسراجها
أعـزز  عليك بأن تراني iiمفرداً      فاجأت من جيش العدى iiأفواجها
أفـدي محيّاً بالتراب قد iiاكتست      من نوره شمس الضحى iiأبهاجها

ادب الطف - الجزء التاسع 207

الشيخ عبد الله الخضري

المتوفى 1359

يستنهض في أولها حجة آل محمد ويتخلص برثاء الحسين عليه السلام :

أبـا صـالح حـتى متى أنت غائب      ولـيس  لـهذا الدين غيرك iiصاحب
لـقد  خـفضتنا نصب عينك عصبة      الـبغاة  وثُـلّت مـن حماكم جوانب
يـريدون  مـنا أن نـفضّل iiعصبة      لـها الـكفر دين والمعاصي iiمذاهب
عـلى  مَن أقام الدين في سيفه iiالذي      لـه قـد أطـاعت من قريش كتائب
أبـاد  قـريشاً يـوم بـدر iiبـسيفه      ويـوم حـنين لـيس إلاه iiضـارب
فـكم كـفّ عن وجه النبي iiجيوشهم      وكـم  ظـهرت مـنه بأحد iiعجائب
ويـوم تـبوك حـين نـاداه iiأحـمد      وقـد هـربوا مـنه هُـم iiوالأقارب
أغـثني  فأنت اليوم كهفي iiوناصري      فـلـبّاه لا وانٍ ولا هــو iiراهـب
فـداؤك نـفسي هـا أنـا اليوم iiقادم      وكـان  كـما يـنحط لـلرجم iiثاقب
فـأرداهم صـرعى وفـلّق iiهـامهم      هـمام  بـماضيه تـفلّ iiالـقواضب
ولـمـا أراد الله لـقـيا iiرسـولـه      فـأوحى  لـه بـلّغ فـإنك iiغـالب
فـقام  رسـول الله يـخطب iiفـيهم      ألا  بـلغوا يـا قـوم من هو iiغائب
بــأن عـلـياً وارثـي iiوخـليفتي      على الناس بعدي وهو للأمر صاحب

ادب الطف - الجزء التاسع 208

ومنها :

دعـوه  أن اقـدم إنـنا لك iiشيعة      نـجاهد أفـواج العدى iiونضارب
فـأقبل  والأنـصار كالأسد iiخلفه      تـقلّهم لـلطّف جـردٌ iiسـلاهب
ومـذ  خيّموا بالطف دارت عليهم      كـتائب تـفقو إثـرهن iiكـتائب
فـصالوا  عليهم كالليوث iiوجرّدوا      سـيوفاً  بـها للظلم هدّت جوانب
هـم الأسـد لـكن الرماح أجامها      وليس سوى عوج السيوف مخالب
ومـذ خـطبوا العليا ولما يكن لها      سوى  النفس مهر والمهند iiخاطب
أبـى  عزّهم إلا الردى حيث iiأنه      تـنال بـه عـند الإلـه المراتب
ومـا  مـات منهم واحد غير iiأنه      تـموت  بـكفّيه القنا iiوالقواضب
ومذ عانقوا بيض الصفاح وبعد iiذا      تـعانقهم فـي الخلد حور كواعب

الشيخ عبد الله هو ابن الشاعر الفحل الشيخ محسن ابن الشيخ محمد الخضري كان من العلماء والفضلاء ولد في النجف سنة 1297 هـ . ونشأ بها بكفالة جدّه لأمه الشيخ إسماعيل فهو الذي وجّهه نحو العلم ، وتدرّج على أندية آل كاشف الغطاء وهم أعمامه الأدنون منه فبرع في الفقه والأصول مضافاً إلى تقوى وورع ودين وكان يذهب إلى العشائر الفراتية فيعظ ويرشد ويذكرهم بالآخرة حتى أثر أكبر الأثر على نفوسهم واتجهوا لطاعة الله واجتناب المعاصي والتورع عن الحرام وسبق له أن حمل سلاحه وجاهد دفاعاً عن إستقلال العراق وطرد الكافر عن بلاد الإسلام . توفي فجأة عام 1359 هـ . ببغداد ونقل للنجف فدفن في الإيوان الذهبي من صحن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وخلّف أربعة ذكور الأستاذ عبد الصاحب ، والاستاذ نصر ، والعلامة الشيخ كاظم ، والاستاذ عبد المنعم . وهم يحتفظون بمجموعة من قصائده فمنه قوله متغزّلاً :

ادب الطف - الجزء التاسع 209

وبـدر  الـسعادة لما iiاستهل      ونـحس  النجوم وشيكاً iiأفل
وزالـت عـن القلب أسقامه      بوصل  الحبيب عقيب iiالملل
وزار  الحبيب برغم iiالرقيب      وكـان الـطبيب لتلك iiالعلل
رشاً  قد سبى الغصن في قدّه      وقـدعلّم  الـبان ذاك iiالميل
فـوجنته  الـشمس لما بدت      وطـلعته  الـبدر لما iiاكتمل
ومـبسمه الـدر لـما iiابتسم      وما  الشهد من ريقه iiوالعسل
يـزجّ الاسـود برمح iiالقوام      ويصمي القلوب بسيف المقل
فـحاجبه  قـوسه ، iiوالحمل      سـهام لـه والـقوام iiالأسل
فـيا عاذلي كفّ عنك iiالملام      فـقد  ضلّ قلبك مَن قد عذل

* * *

ادب الطف - الجزء التاسع 210

الشيخ مهدي الظالمي

المتوفى 1359

كانت الهيئة الروحية تقيم مأتم العزاء لذكرى سيد الشهداء الإمام الحسين (ع) في مسجد آل الجواهري بالنجف الأشرف في المحرم فكانت هذه القصيدة الحسينية قد خصصت لها ليلة من الليالي :

مـتى  مُـضر الحمراء تطلب iiثارها      فـتـسمع آذان الـزمـان iiشـعارها
وحـتى  مَ تـستقصي الـبلاد iiبجولة      عـلى  الأرض تهدي للسماء iiغبارها
إلـى  مَ بـدار الـذل تـبقى وما iiلها      عـلى  الـضيم دهراً لا تملّ iiقرارها
أتحسب أن غضت عن الحرب طرفها      بـغير  وصـال الموت تقطع iiعارها
فـلا عـذر حـتى تورد القوم iiبالظبا      حـياض الـمنايا أو تخوض iiغمارها
فـيا  مـن بها يستدفع الضر iiوالعدى      حـذاراً  مـن الـبلوى تعزز iiجارها
دعـي الـبيض في ليل القتام iiسوافراً      إذا حـجبت خـيل الـكماة iiنـهارها
وزفّـي  لـنيل الـمجد نـفساً iiأبـية      ولا  تـجعلي إلا الـرؤوس iiنـثارها
أديـري  رحـى الـهيجاء يوماً لعلّها      عـليكِ  بـوادي الطف تنسى iiمدارها
غـداة حـسين خـرّ للأرض iiفانثنت      عـلـيه  تـشنّ الـعاديات iiمـغارها
فـجرّت الـيه الـمحصنات iiذيـولها      وقـدسلبت  أيـدي الـعدو iiسـتارها
فـطافت  بـه لـما سعت بين iiقومها      تـفاديه  والأحـشاء تـرمي iiجمارها
وأهـوت عـليه تـلثم النحر iiوالعدى      تـجـاذبها بـين الـجموع iiأزارهـا
أتـستر بـالأيدي الـوجوه iiوقـومها      أعـدّت لـدفع الـضيم عنها iiشفارها
فـليت  أبـيّ الـضيم ساعة iiأبرزت      مـن الـخدر حسرى تستقيل iiعثارها
يـرى زيـنباً بـين الأجـانب iiبعدما      أمـاطت يـد الأعـداء عنها iiخمارها

ادب الطف - الجزء التاسع 211

ويـا  ليتَ مَن في الليل كان iiيصونها      مـن  الـوهم مـهما كـلفته iiمزارها
يـقوم  مـن الأجـداث حـيّاً iiوعينه      تـرى بـين أيـدي الظالمين iiفرارها
تـمـنّيتُهُ لـما اسـتجارت iiبـقومها      لـيسمع  مـنها كـيف تدعو iiنزارها
تـقول لـهم والـخيل من كل iiجانب      أحـاطت بـها لـما استباحت iiديارها
أيـا  إخـوتي كـيف التصبر iiوالعدا      أعـارت  خدور المحصنات iiصغارها
فـإن  لـم تـقوموا لـلكفاح iiعوابساً      فـمَن  بعدكم في الروع يحمي ذمارها
فـكم طـفلة لـما أُقـيمت iiبـخدرها      عـليها  الـعدى قـامت تأجج iiنارها
فـيا لـخدور قـد أُبـيحت iiونـسوة      أُريعت  وعين السبط ترعى iiانذعارها
فـأمست بـلا حـام عـقائل حـيدر      أزالـت  ضـروب الهائلات iiقرارها
وأضـحت  تحيل الطرف بعد iiحماتها      فـلم  تـرَ إلا مَـن يـريد iiاحتقارها
وراحـت عـلى عجف النياق iiأسيرة      تـجـوب الـفيافي لـيلها iiونـهارها

الشيخ مهدي الظالمي هو أحد الفضلاء المشهورين بالجدّ والفضل والعلم والأدب نظم باللغتين : الفصحى والدارجة وكتبتُ ديوانه يوم كانت كل محفوظاتي هي الشعر والشعر فقط ولا أُدوّن إلا الشعر عثرت على ديوانه فكتبته ولم يزل في مخطوطاتي ولا زلت أتصوّرُه جيداً طويل القامة حسن الهندام هادئ الطبع يزدحم الشباب على حلقة درسه ويشار اليه بالبنان . ترجم له الخاقاني في شعراء الغري فهو المهدي بن الهادي بن جعفر بن راضي بن حمود بن اسماعيل ابن درويش بن حسين بن خضر بن عباس السلامي ، من أسرة علمية نجفية وسبق وأن مرّت ترجمة الشيخ حمود الظالمي ، ولد في النجف سنة 1310 هـ . ونشأ ذواقة للعلم والأدب والدرس والبحث ولم يعمّر كثيراً فقد وافاه الأجل عصر الخميس الثاني من ربيع الثاني عام 1359 هـ . ودفن في الصحن الحيدري الشريف في الإيوان الذهبي ورثاه فريق من تلامذته وعارفي فضله وأبّنوه شعراً ونثرً وخلّف ولداً أديباً لا زالت قريحته تفيض بالأدب الحي .

ادب الطف - الجزء التاسع 212

الحاج حسين الحرباوي

منتصف القرن الرابع عشر

لـنـا  جـيرةٌ بـالأبرقين iiنـزول      سـقى  ربـعهم غيثٌ أجشّ iiهطول
تـواعدني الأيـام بـالقرب iiمـنهم      فـتلك  ديـون والـزمان iiمـطول
أجـيراننا  مـا القلب من بعد iiبينكم      بـسالٍ  ولا الـصبر الجميل iiجميل
أجـيراننا  بـالخيف ما زال iiبعدكم      لـنا  الـدمع جـارٍوالعزيز iiذلـيل
فـهيهات صـفو العيش منا iiوللهدى      تـبـدّد  شـمـل واسـتقلّ iiقـبيل
تـحمّل  أضـعان الـطفوف iiعشية      وأقـفـرن مـنهم أربـع iiوطـلول
ألا قـاصداً نـحو الـمدينة iiغـدوة      يـبـلّغ عـنـي مـسمعاً iiويـقول
أيــا فـتية بـان الـسّلو iiبـينهم      وجــاور قـلبي لـوعة iiوعـويل
رأيـت  نـساء تسأل الركب iiعنكم      تـلـوح عـلـيها ذلـة iiوخـمول
تـطلّع  مـن بـعد إلى نحو iiداركم      بـطرف يـصوب الدمع وهو iiكليل
نـوادب اقـذين الـجفون من iiالبكا      وأعـشبن  مغنى الطف وهو iiمحيل
نـوادب أمـثال الـحمام iiسـواجعاً      لـها  فـوق كـثبان الطفوف هديل
حـملن  على عجف النياق iiحواسراً      لـها  كـل يـوم رحـلة iiونـزول
تـجاذبها الـسير الـعنيف iiعصابة      لـها الـشرك حـاد والـنفاق iiدليل
تـشيم  رؤوسـاً كالبدور على iiالقنا      لـهـن طـلـوع فـوقها iiوأفـول
وتـبصر  مـغلول الـيدين iiمصفّداً      يـراه  مـن الـسير العنيف iiنحول

ادب الطف - الجزء التاسع 213

وتـنظر ذيـاك العزيز على iiالثرى      لـه الـليل سـترٌ والـهجير iiمقيل
فـتدعو  حـماة الجار من آل iiهاشم      بـصوت لـه شـمّ الـجبال iiتزول
أهـاشم هـبّي وامتطي الصعب انه      لـك الـسير إن رمت العراق iiذلول
أهاشم قومي وانتضي البيض للوغى      فـوِترك وتـرٌ والـذحول iiذحـول
أصـبراً  وأنـجاد الـعشيرة iiبالعرا      عـلى  الترب صرعى فتية iiوكهول
أصـبراً ورحـل السبط تنهبه iiالعدا      فـموتك مـا بـين الـسيوف iiقليل
أصـبراً وآجـام الأسـود iiبـكربلا      بـها  الـنار شـبّت والهزبر iiقتيل
وتـلك عـلى عجف النياق iiنساؤكم      لـها  الله تـسبى والـكفيل iiعـليل
عـهدتكم تـأبى الـصغار iiأنـوفكم      وأسـيـافكم  لـلـراسيات iiتـزيل
فـما  بـالكم لم تنض للثار iiقضبكم      فـتحمّر  من بيض الصفاح iiنصول
كـأن  لـم يـكن للجار فيكم iiحمية      ولا  كـان مـنكم جـعفر iiوعـقيل
ألــم يـأتكم أن الـحسين iiرمـية      عـلى الـترب ثـاوٍ والدماء iiتسيل
وكم لكم في السبي حرّى من iiالجوى      ثـكول  وفـي أسـر الـعدو عليل
وكـم لـكم فـي الترب طفل iiمعفر      صـريع  وفـي فيض الدماء iiرميل
وكـم  طـفلة لـليتم أمست iiرهينة      ولـيس لـها يـوم الـرحيل iiكفيل
وحـسرى تدير الطرف نحو iiحميّها      فـتبصره فـي الأض وهـو iiجديل
فـتذهل  حـتى عن تباريح iiوجدها      وتـنحاز  لـلدمع الـمصوب iiتذيل
وأبـرح  مـا قـد نـالكم أن iiزينباً      لـها  بـين هـاتيك الشعاب iiعويل
شـكت وانثنت تدعو الحسين iiبعبرة      تـصدع  مـها شـارف iiوفـصيل
تنادي  بصوت صدع الصخر شجوة      وكـادت لـه الـسبع الطباق تزول
أخـيّ عـيون الشرك أمست iiقريرة      بـقتلك قـرّت والـمصاب iiجـليل
أراك بـعيني دامـي الـنحر عافراً      عـليك خـيول الـظالمين iiتـجول
نـعم  أيـقنت بـالسبي حتى iiكأنها      لـما نـابها وهـي الـوقور iiذهول

ادب الطف - الجزء التاسع 214

الحاج حسين الحرباوي ، هو شاعر بغدادي رأيت له عدة قصائد يمدح بها أمير المحمرة الشيخ خزعل خان المتوفى سنة 1355 هـ . فلا بد وأن يكون من معاصريه ، ولقد أثبتها الشيخ جواد الشبيبي في مؤلفه المخطوط عن أمير المحمرة . وذكره الباحث علي الخاقاني في شعراء الحلة وهو ليس بحلّي حيث أنه وجد له شعراً مع شعراء الحلة وذكر له مقطوعة في الغزل أولها :

تشعشعت فتولّت عندها الظلـم     شمس براحة بدر جاء يبتسم

أهلاً به مقبلاً كالبدر حين غدا      بين السحائب يبدو ثم ينكتـم

 
الصفحة السابقةالفهرسالصفحة اللاحقة

 

طباعة الصفحةبحث