ادب الطف - الجزء التاسع 215
درويش الصحّاف
منتصف القرن الرابع عشر
عن ناظري بان الكرى iiورقادي وتـسعّرت نـار الأسى بفؤادي
وتـمكنت كـل الهموم iiبمهجتي والـجسم أنـحله الـسقام البادي
لما ذكرت شباب عصر قد مضى فـي غفلة ونفى المشيب iiسوادي
أيـقنت بـالترحال عن دار iiبها أنـفقت فـيها العمر في الأعياد
ومنها في الإمام الحسين عليه السلام :
قالت له الأصحاب يا مولى الورى نـفـديـك بــالأرواح iiوالأولاد
فـجزاهم خـيراً وأقـبل لـلعدى والـسيف مـسلول مـن iiالأغماد
وبـقي يـصول عليهم في iiعزمة فـكـأنه لـيـث هـزبر iiعـاد
ضاها أباه المرتضى ليث iiالشرى لـم يـختشِ أحـداً من iiالأضداد
مـذ كـرّ فـرّوا خشية من بأسه كـالحمر إذ فـرّت مـن الآسـاد
ومنها :
يـا آل بـيت محمد المختار iiيا ذخـري ومَن فيهم صفا iiميلادي
أنـتم ملاذ المذنبين من iiالورى وبكم أصول على الزمان العادي
أنـا عبدكم (درويش بن iiمحمد) أرجـو السلامة في غد iiبمعادي
والـسامعين قصيدتي يا سادتي والـكـاتبين لـطرسها iiبـمداد
صـلى عـليكم ربكم يا iiسادتي مـا غـرّد القمري في iiالأعواد
ادب الطف - الجزء التاسع 216
والقصيدة طويلة وهذا جيّدها :
درويش الصحّاف ابن الحاج محمد الصحاف البغدادي ، شاعر أديب له مجموعة
مخطوطة جمع فيها بعض القصائد في رثاء الإمام الحسين سيّد الشهداء (ع) .
ووالده أديب شاعر .
والذي يظهر أن المجموعة كتبت حدود سنة 1350 هـ . قال الباحث السيد جودت
القزويني : إستعرت هذه المجموعة من الخطيب السيد أحمد المؤمن البصير
وفيها شيء من نظمه .
ادب الطف - الجزء التاسع 217
الشيخ محمد حسين الأصفهاني
المتوفى 1361
قال في أرجوزته الغرّاء المسماة بـ (الأنوار القدسية) المطبوعة بمطابع
النجف ، في فصل تحت عنوان مولد السبط الشهيد :
أسـفر صـبح الـيُمن والسعادة عـن وجـه سرّ الغيب iiوالشهادة
أسـفر عـن مـرآة غيب iiالذات ونـسخة الأسـماء iiوالـصفات
تـعرب عـن غيب الغيوب iiذاته تـفصح عـن أسـمائه iiصـفاته
يُـنبئ عـن حـقيقة iiالـحقائق بـالحق والـصدق بـوجه iiلائق
لـقد تـجلّى أعـظم iiالـمجالي فـي الـذات والصفات iiوالأفعالِ
روح الـحـقـيقة iiالـمـحمديه عـقل الـعقول الـكمّل iiالـعليّه
فـيض مـقدّس عـن iiالشوائب مـفيض كـل شـاهدٍ وغـائب
تـنفّس الـصبح بـنور لم يزل بـل هـو عند أهله صبح iiالأزل
وكـيف وهـو النفس iiالرحماني فـي نـفس كـل عارف رباني
بـه قـوام الـكلمات الـمحكمة بـه نـظام الـصحف iiالمكرّمه
تـنفّس الـصبح بالاسم iiالأعظم مـحى عـن الوجود رسم iiالعدم
بـل فـالق الإصـباح قد iiتجلّى فـلا تـرى بـعد الـنهار لـيلا
فـأصبح الـعلم مـلاء iiالـنور وأي فـوز فـوق نـور iiالطور
ونـار مـوسى قـبس من iiنوره بـل كل ما في الكون من ظهوره
أشـرق بـدر من سماء المعرفة بـه اسـتبان كـل إسـم iiوصفه
ادب الطف - الجزء التاسع 218
بــه اسـتنار عـالم iiالإبـداع والـكل تـحت ذلـك iiالـشعاع
بـه اسـتنار مـا يرى ولا iiيُرى من ذورة العرش إلى تحت الثرى
فـهو بـوجهه الرضي iiالمرضي نـور الـسماوات ونور iiالأرض
فـلا تـوازي نـوره iiالأنـوار بـل جـلّ أن تـدركه الأبصار
غــرّتـه بـارقـة iiالـفـتوّة قــرة عـيـن خـاتم iiالـنبوّة
تـبـدو عـلى غـرّته iiالـغراء شـارقـة الـشـهامة iiالـبيضاء
بـاديـة مــن آيـة iiالـشهامة دلائــل الإعـجاز iiوالـكرامة
مـن فـوق هـامة السماء iiهمته تـكاد تـسبق الـفضاء iiمـشيته
مـا هـامة الـسماء مـن iiمداها إن إلــى ربــك iiمـنـتهاها
أم الـكتاب فـي عـلوّ iiالمنزله وفـي الإبـا نـقطة باء iiالبسمله
تـمّـت بــه دائـرة الـشهاده وفــي مـحيطها لـه iiالـسياده
لـو كشف الغطاء عنك لا iiترى سـواه مـركزاً لـها iiومـحورا
وهـل تـرى لـملتقى iiالقوسين أثـبـت نـقطة مـن iiالـحسين
فــلا وربّ هــذه الـدوائـر جـلّ عـن الأشـباه iiوالـنظائر
بـشراك يـا فـاتحة الـكتاب بـالمعجز الباقي مدى iiالأحقاب
وآيــة الـتوحيد والـرسالة وسـرّ مـعى لـفظة iiالجلاله
بـل هـو قـرآن وفرقان iiمعا فـمـا أجـلّ شـأنه iiوأرفـعا
هـو الـكتاب الناطق iiالإلهي وهـو مـثال ذاتـه كـما هي
ونـشأة الأسـماء iiوالـشؤون كـل نـقوش لـوحه iiالمكنون
لا حـكم لـلقضاء إلا ما iiحكم كـأنـه طـوع بـنانه iiالـقلم
رابـطـة الـمراد iiبـالإرادة كـأنـه واسـطـة iiالـقـلادة
نـاطقة الـوجود عين iiالمعرفة ونـسخة اللاهوت ذاتاً iiوصفة
فــي يـده أزمّـة iiالأيـادي بـالقبض والـبسط على العباد
ادب الطف - الجزء التاسع 219
بـل يـده الـعليا يد iiالافاضة في الأمر والخلق ولا iiغضاصة
وفـيه سـرّ الكل في الكل iiبدا روحان في روح الكمال iiاتحدا
لك العروج في السماوات العلى لـه العروج في سماوات iiالعلا
مخايل النبوة في الحسين
أنـت مـن الـوجودعين iiالعين فـكن قـرير الـعين iiبـالحسين
شـبلك فـي الـقوة iiوالـشجاعة نـفسك فـي الـعزة iiوالـمناعة
مـنـطقك الـبليغ فـي الـبيان لـسانك الـبديع فـي iiالـمعاني
طـلـعتك الـغرّاء iiبـالإشراق كـالبدر فـي الأنـفس iiوالآفاق
صـفـاتك الـغرّ لـه iiمـيراث والـمجد مـا بين الورى iiتراث
لـك الـهنا يـا غـاية iiالإيجاد بـمـدّه الـخـيرات iiوالأيـادي
وهـو سـفينة النجاة في iiاللجج وبـابها الـسامي ومَـن لجّ iiولج
سـلطان إقـليم الـحفاظ iiوالإبا مـليك عـرش الـفخر اماً وأبا
رافـع رايـة الـهدى iiبـمهجته كـاشف ظـلمة الـعمى iiببهحته
بـه اسـتقامت هـذه iiالـشريعة بـه عـلت أركـانها iiالـرفيعة
بـنى الـمعالي بـمعالي هـممه مـا اخـضرّ عود الدين إلا بدمه
بـنفسه اشـترى حـياة iiالـدين فـيـا لـها مـن ثـمن iiثـمين
أحـيى مـعالم الـهدى بـروحه داوى جـروح الدين من iiجروحه
حـفّت ريـاض الـعلم iiبالسموم لـو لـم يـروّها دم iiالـمظلوم
فـأصبحت مـورقة iiالأشـجار يـانـعـة زاكـيـة iiالـثـمار
أقـعـد كــل قـائم iiبـنهضته حـتى أقـام الـدين بـعد كبوته
قـامـت بـه قـواعد iiالـتوحيد مــذ لـجأت بـركنها iiالـشديد
وأصـبـحت قـومية iiالـبنيان وعـزمـه عـزائـم الـقـرآن
غــدت بـه سـامية iiالـقباب مـعـاهد الـسـنّة iiوالـكـتاب
ادب الطف - الجزء التاسع 220
أفـاض كـالحيا عـلى iiالـوراد مـاء الـحياة وهـو ظام iiصادي
وكـضّه الـظما وفي طيّ iiالحشا ريّ الـورى والله يقضي ما iiيشا
والـتهبت أحـشاؤه مـن iiالظما فـأمطرت سـحائب القدس iiدما
وقــد بـكته والـدموع iiحـمر بـيض السيوف والرماح iiالسمر
تـفطّر الـقلب مـن الضما iiوما تـفـتّر الـعـزم ولا iiتـثـلّما
ومـن يـدكّ نـوره الطور iiفلا يـندكّ طـود عـزمه من iiالبلا
تـعجب مـن ثـباته iiالأمـلاك ومــن تـجـولاته iiالأفــلاك
لا غـرو إنـه ابـن بجدة iiاللقا قـد ارتقى في المجد خير iiمرتقى
شـبل عـلي وهـو لـيث غابه نـعم وكـان الـغاب في iiإهابه
كـرّاته فـي ذلـك iiالـمضمار تـكـوّر الـليل عـلى iiالـنهار
سـطا بـسيفه فـغاضت الربى بـالدم حـتى بـلغ السيل iiالزبى
قـام بـحق الـسيف بل iiأعطاه مـا لـيس يـعطي مـثله iiسواه
كـأن مـنتضاه مـحتوم iiالقضا بـل القضا في حدّ ذاك iiالمنتهى
كـأنـه طـيـر الـفنا iiرهـيفه يـقضي عـلى صـفوفهم iiرفيقه
أو صرصر في يوم نحس مستمر كـأنهم أعـجاز نـخل مـنقعر
الرأس الكريم
وفـي الـمعالي حـقها لما iiعلا على العوالي كالخطيب في الملا
يـتـلو كـتاب الله iiوالـحقائق تـشهد أنـه الـكتاب iiالـناطق
قـد ورث الـعروج في iiالكمال مـن جـدّه لـكن على iiالعوالي
هـو الـذبيح في منى iiالطفوف لـكـنه ضـريـبة iiالـسيوف
هـو الـخليل الـمبتلى iiبالنار والـفرق كـالنار عـلى iiالمنار
تالله مـا ابـتلى نـبيّ أو iiوليّ في سالف الدهر بمثل ما iiابتلي
لـه مـصائب تـكل iiالألـسن عـنها فـكيف شاهدتها iiالأعين
ادب الطف - الجزء التاسع 221
أعظمها رزء على iiالإسلام سـبي ذراري سـيّد iiالأنام
ضـلالة لا مـثلها iiضلاله سبي بنات الوحي iiوالرساله
وسـوقها مـن بلد إلى iiبلد بـين الملا أشنع ظلم iiوأشد
وأفظع الخطوب والدواهي دخولها في مجلس iiالملاهي
ويسلب اللب حديث iiالسلب يا ساعد الله بنات iiالحجب
تـحمّلت أمـية iiأوزارهـا وعـارها مذ سلبت iiأزارها
وأدركـت من النبي iiثارها وفي ذراريه قضت أوتارها
واعـجبا يدرك ثار الكفرة من أهل بدر بالبدور iiالنيّرة
فـيا لثارات النبي iiالهادي بـما جنت به يد iiالأعادي
الشيخ محمد حسين الاصفهاني نابغة دهره وفيلسوف عصره وفقيه الامة ،
اتجهت الأنظار اليه وتخرّج على يده جملة من العلماء الأعلام ومن الكمال
والأدب بمكان منشأ بليغاً باللغتين العربية والفارسية وخطه من أجمل
الخطوط وهذه جملة من مؤلفاته :
1 ـ كتاب في الفقه والأصول بأجمل اسلوب .
2 ـ حاشية على كفاية الاصول أسماها (نهاية الدراية) طبع الجزء الأول
منها في طهران .
3 ـ رسالة في الصحيح والأعم .
4 ـ رسالتان في المشتق .
5 ـ رسالة في الطلب والإرادة .
6 ـ رسالة في علائم الحقيقة والمجاز .
7 ـ رسالة في الحقيقة الشرعية .
8 ـ رسالة في تقسيم الوضع إلى الشخصي والنوعي .
ادب الطف - الجزء التاسع 222
9 ـ عدة رسائل في مختلف أبواب الفقه تزيد على الثلاثين ، وديوان شعر
فارسي في مدائح ومراثي آل بيت الوحي وكل شعره مشحون بالفلسفة والعرفان
كما له ديوان ثاني في العرفانيات والحكميات وله أرجوزة بالعربية وهي
التي أسماها بـ (الأنوار القدسية) فيها أربع وعشرون قصيدة في تاريخ
حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الإثنى عشر وأولادهم صلوات
الله عليهم أجمعين .
كان بعد الفراغ من دروسه في الحكمة والفقه والأصول يتلو قطعةمن نظمه
فتلتذ العقول وترتاح النفوس وتعدّ تلامذته وجود هذه الذات من أعظم
الرحمات مضافاً إلى سيرته التي هي مثال عملي عن خلقه وأدبه .
وانطفأ هذا المشعل النيّر الخامس من شهر ذي الحجة الحرام سنة 1361 هـ .
عن عمر يناهز الستة والستين عاماً إذا كانت ولادته سنة 1296 هـ .
|