وقال:
تـفرّس مـن عيني اني iiعاشقه غـداة خـفيات الـلحاظ iiاُسارقه
وزاد يـقيناً حين فاضت iiمدامعي كما في ضياء الصبح يزداد رامقه
وكيف اكتتامُ السرِّ في قلبِ iiعاشقٍ إذا مـا بـدتَ في مقلتيه iiحقائقه
ولـي مـدمع لا سرّ للقلبِ عنده إذا مـا اخـتفى إبداه للناس دافقه
كمثل الحيا يحيى النبات iiبصوبه فتخرج من تحت التراب iiحدائقه
فـيا حـبذا وادي الـعقيق وحبذا نـسيم صـبا يحيى برياه iiناشقه
وله:
ذهب الشرب بالحجى يا لواحي فـاعذروني فانني غير iiصاحي
لـعب الـشوق بالفؤاد الى iiان جـدَّ فـيه والجد غير iiالمزاح
كـان سكري من اللواحظ iiحتى صـار باللحظ واللمى iiوالراح
جـمح الحبّ بي وشوقي iiطفل افـأذ شـاب يـستلين iiجماحي
إنـما الـنار قـدحة من iiزناد وكـذا الـحب نظرة من iiملاح
قال الشيخ الاديب علي بن الحسين العوضي الحلي كان الشيخ صالح واخوه الشيخ حمادي
يمشيان معي فتذاكرنا من أنواع البديع تشبيه الشيء بشيئين فقلت في ذلك.
عاطيته صرفاً كأن شعاعها شفق المغيب ووجنة المحبوب
فاجاز الشيخ صالح مرتجلا:
فغدت وقد مزجت بعذب رضابه شهداً يضوع عليه نشر الطيب
واجازه الشيخ حمادي فقال:
وشربتُ صاف من لماه كأنه ماء الحيا أو دمعي المسكوب
وله:
قلْ للصغارِ من الحسان إلاّ لا تكبرن مخافة الخدر
ان الاهلة لا يطوف بها خسف وكان الخسف للبدر
وقال أيضا:
يقول لي استرح وعناي منه ولو صدق الكلام إذن أراحا
على جسمي يرق اذا رآه ويوسع قلبي العاني جراحا
وله:
حـباني بـأنواع الـشراب iiتكرماً فـوالله مـا آثرت شرباً على iiاللما
إذا اسـكـرتني مـقلتاه iiوثـغره فـما ابـتغي بـالخمر أشربها iiفما
هـل الـخمر إلا عـن لماه iiتيمماً أعـند وجـود الماء أبغي iiالتيمما
غـلام دنـا والراح في راح iiكفه فـراح يـعاطينا فـرادى iiوتوأما
يـطوف بها صهباء قدَّم iiعصرها مـعاصرة مـن قبل عاداً iiوجرهما
إذا طاف قلتُ البدر بالشمس طائف ولـم يـكفنا حتى استزدناه iiأنجما
تـشابه دمـعي والـحميا iiوخـدّه فـكـل اذا عـاينته خـلته iiدمـا
فـيا جـاهلاً شـوقي لو انك iiعالم لا وشـكت ان تحنو عليَّ iiوترحما
لـقد كـان طـود الحلم مني iiثابتاً إذا مـا نـسفن الـحادثات iiيلملما
عـصفن بـه أهواء حبك iiفانثنى وأركـانه قـد أوشـكت ان iiتهدما
وله أيضا:
الـناس تـحسبني خليَّ iiصبابة لـكثير مـا ألـقاهم iiبتصبري
حتى إذا نظروا حديث iiمدامعي يروي الجوى عن قلبي المتسعر
عـلموا فلا علموا ولاموا iiليتهم عـذروا ومن يكلف بمية iiيعذر
وقال:
يـا أبـنة الـعامري هل للمشوق رشـفة مـن طـلا لماك iiالرحيق
ربُّ قـومٍ تـغبقوا بـابنة iiالـكر م وانـي في الريق أبغي iiغبوقي
إنـما الـمسكرات عـندي iiحرام مـا عـدا مـسكر لنا في iiالريق
وهـب يا وهب هل رأيت iiبلاءاً كـبـلاء الـعـشاق iiبـالمعشوق
أم رأيـت الـغريق يـشكر جهداً لـلورى لوعة الرميض iiالحريق
مـن عـذيري بذاتِ حسن هواها في الحشى مُنزل الدما في العروق
مـا حسبتُ العذيب قبل ارتشافي ثـغرها بـين بـارق iiوالـعقيق
لا ولا قـبل وجـهها شمت شمساً تـتجلى مـن فوق غصن iiوريق
كـلما قـلتُ جـار قـومك iiفينا قـالت الـعذل شـأنهم لـلرفيق
أي عـدل وقـد أخـذتم iiفـؤاداً مــا آذنـتم لـجسمه بـاللحوق
انـا لـو لـم يبت فؤادي iiاسيراً مـا لـقيتُ الـورى بدمعٍ طليق
وقال أيضا:
بقلب واشيك لا في قلبك iiالضرم وجسم لاحيك لا في جسمك iiالالم
أعيذ حُسنك في حسنى فعالك iiان يسري لجسمك من أجفانك iiالسقم
أو ان يعبس ذاك الثغر من جزع لـحادث وهـو للاحباب iiيبتسم
جـسم تـوقد فـي حمائه iiكبدي شـفاؤه وشـفائي ريـقك iiالشبم
وله:
تقول الشمس لما عاينتها إذاً سيان أطلعُ أم أغيب
فما في هذه الافاق فقرٌ اليَّ فإنها عني تنوب
ومن عرفانياته قوله:
أنا من أسأَ وأنتم من iiأحسنا أفيؤخذ العبد المسي بما جنى
ان لم ينل ممن يحب iiمراده أيروح للاعداء يطلب iiالمنى
قالوا الكرام فقلت ساداتي هم قـالوا اللئام فقلت عبدهم iiأنا
وله أيضاً:
أقـول لـقلبي والحسان iiكثيرة إلاّ كل حسن تنظر العين تعشق
فقال ألا خلي ملامي في iiالهوى وكـم مـقلة قبلي اليهن iiترمق
لحاظك قد أورت بجنبيك iiجذوة فـها أنا في نار اللواحظ احرق
وقال:
أتـوق لـرؤياها اذا مـا iiأفـتقدتها وان قـاربت أغـضي حياءاً وأبهت
أُسـارقها لـحظي مـخافة iiكـاشح يـرى فـيسىالظن فـينا iiويـشمت
وكـم اسـتعدن الـعتاب فـان دنت تلجلجت عن بعض الخطاب فأصمت
وقال أيضاً:
كشفت محيا كنت قبل سترته كأنك للتقبيل سراً دعوتني
فقلت مذ استحييت صحبي ندامة (هممت ولم افعل وكدت وليتني)(71)
_______________________________
71 تضمن فيه صدر بيت البرجمي.
وتمامه: (تركت على عثمان تبكي حلائله).
وله:
سمح الدهر في وصال iiالخليل ربّ دهـرٍ يـكون غير iiبخيل
أيـها الـدهر قد فعلت iiجميلاً بـدنوي مـن كل ظبي iiجميل
أهـيف مـا رنـا بـعينيه إلا والـندامى ما بين هيف iiوميل
لـم أشـم قـبل وجهه iiبدرتّم فـوق غصن على كثيب iiمهيل
لـم يـمس في المزاح إلاّ iiيداه حذر القصف فوق خصر نحيل
فـسكرنا لا فـي الحميا iiولكن قـد سكرنا بكلِّ طرفٍ iiكحيل
وسـقينا صـدا القلوب رضاباً هـو فيها أحلى من iiالسلسبيل
وقـرأنـا فـما تـركنا iiلـقار من قوافي النسيب غير iiالقليل
يـوم قد أحسن الوصال iiحسين لـي من بعد سوء صد iiطويل
بـحديث وفـي عـناق iiوضمّ وارتـشاف والـفوز iiبالتقبيل
وسـرور حكى سرور iiالمعالي فـي شفاء المهدي بعد iiالنحول
وقال:
ان كـان يرضيك الذي iiأجريته أنـا لا أُبـالي زال أم iiأبـقيته
وأخـيبة المشتاق ان كان iiالذي أخـفيته مـثل الـذي iiأبـديته
قد كدت أهلك في غرامك iiقانطاً لـولا رجائي بعض ما iiأوليته
من مات قبلي في هواك تصبراً يا ليت شعري ما الذي iiجازيته
وقال وفيه التوجيه من أنواع البديع:
أعـداك خصرك أم عيناك أم جسدي هـذا الضنا أم رماك الناس iiبالحسد
فـليتَ عـينَ حسودٍ قد رأت iiعجباً مـن وجـنيتك رمـاها الله iiبالرمد
أنـي أعـيذك فـيما قـد اُعـيذ iiبه قـدماً سـمّيك مـن سـقمٍ ومن iiنكد
وسـورةُ (الـنور)ِ من خديك iiأتبعها في (فجر) غرتك الموفي على (البلد)
متفرقات
وتحتوي على الوصفيات والمداعبات
وكتب الى أحد السادات يطلب منه فروة تقيه البرد في الشتاء هي من نظمه سنة 1264 ه
:
ولـما تـشاكينا ونـحن iiثـلاثة مـن الـبرد أياماً لغيلان iiتنسب
وكـل دعـا من لي بفروةٍ iiأتقي بـها الـبرد أيـام الشتا iiأتحجب
فـقال امـرؤ انـي لخالي iiكاتب وقـال امـرؤ انـي لعمي iiأكتب
وغـيرك لا خـال لدي ولا iiأخ ولا عـمّ لي يرجى لذاك ولا iiأب
فـجدلي وكم قد جدت قدماً iiبتحفة لـها رحت أذيال المسرة iiأسحب
وكـم صـلة لي من يديك iiومثلها بـطي كتاب جاءني كنت iiأرقب
كـأني بهم قد عدت والوعد iiبيننا ظـفرت وهم مما يرجّون iiخيبوا
وأقـرأ شـعر ابن الحسين iiتمثّلاً (وأعلم قوماً خالفوني وغربوا)(72)
________________________________
72 وفي البيتين تلميح وتضمين لقول احمد بن الحسين المتنبي من قصيدة له بمدح كافور:
وأعلم قوماً خالفوني فشرقوا وغربت اني قد ظفرت وخابوا
ودخل الى دار صديقه الشاعر الحاج جواد بدكت الحائري في أحدى زياراته لكربلاء فرأى
في الدار عبداً له اسمه (ياقوت) وهو يضج من رمد في عينيه فقال الكواز:
ألا ان ياقوتا يصوّت معلناً غداة غدت عيناه ياقوتة حمرا
فأجابه الحاج جواد مرتجلا:
وقد صير الرحمن عينيه هكذا لاني اذا أدعوه ينظرني شزرا
وكان جالساً مع صديقه الاديب الشيخ علي عوض في يوم عصفت فيه على الحلة ريح هوجاء
فقال صاحب الديوان مرتجلاً:
قد قلت للحلةِ الفيحاء مذ عصفت فيها الرياح وبات الناس في رجف
ما فيك من يدفع اللّه البلاء به ان شئت فانقلبي أو شئت فانخسفي
فقال له العوض أيها الشيخ اني نظمت هذين البيتين قبل مدة في مثل هذه العاصفة على
غير هذه القافية واندفع ينشده:
قد قلت للحلةِ الفيحاء مذ عصفت فيها الرياح وبات الناس في رعب
ما فيك من يدفع اللّه البلاء به ان شئت فانخسفي أو شئت فانقلبي
فقال له الكواز (أنت واللّه قلبتها في هذه الساعة).
وقال في طفيلي:
إذا سمع الوليمة عند قوم تمنى ذقنه منديل ايدى
ليصبح لاعقاً ودكا عليه تعلق من يدي عمرو وزيد
وأرسل قصيدة يهنئ بها صديقين له من أهل بغداد لهما إلمام بالاداب العربية فلم تنل
منهما موقع الاستحسان وكان أحدهما أعرجاً والاخر أعمى فقال في ذلك:
مدحتهما في غادةٍ من قصائدي من الخدر قبل اليوم لم تتبرج
ولا حرج ان لم يقوما بنصرها فقد وقعت ما بين اعمى واعرج
وله من قصيدة قالها في وقعة دامية اتفقت بين قبائل زبيد وعشائر خزاعة وأحلافها من
آل شبل وشلال أندحرت فيها زبيد بعد ما تركت كثيراً من القتلى والجرحى.
ووادٍ يـسيل الـبخل فيه وما iiبه لراجي الندى سيل يسيل ولا وبل
أتـاك ابـن شـلاّل وتعلم ما iiبه من الحزم حقاً لكن اغتالك iiالجهل
نجوت من الاسياف نجوة iiهارب تـقوم مـقام القتل ان فاتك القتل
وله:
يـا رب لا تـكلّن أمري الى iiبشر شـر الـحوائج ما كانت الى iiالبشر
لا يـفعلون جـميلاً قـبل iiمـسألة كالعير لو لا اذى الباكور لم يسر(73)
وبـعضهم لـم تكن تخطو iiحوافره وان غدا دمه يجري على iiالتفر(74)
______________________________
73 الباكور من مصطلحات العامة على العصا التي تساق بها الدواب.
74 التفر معروف يكون تحت ذنب الحمار وفي القاموس التفر محرك السير في مؤخر السرج.
وله مقطوعة غريبة في بابها وخمسها الحاج جواد بدكت الحائري في رثاء (شطب) انكسر في
يد احد زعماء النجف من (الشمرت) حين اعتقلتهم الحكومة في الحلة ولم نعثر إلا على
هذه الابيات منها(75):
هو شطب أم رمح عنتر كانا وعـجاجاً نرى به أم iiدخانا
كـسروا رأسـه فكان iiكيوم كـسر المرتضى به iiالاوثانا
مـن يعزي يزيد شرّ iiالبرايا قد كسرنا قضيبه iiالخيزرانا
_______________________________
75 الشطب آل خشبية مجوفة اطول من ذراع كانت شائعة الاستعمال عند الرؤساء والاكابر
يوضع في رأسها التبغ ثم يلقى عليه شواظ من النار ويجذب دخانه وقد ترك استعمالها في
هذه الايام.
وزار الشيخ صالح وجماعة من الادباء دار المرحوم السيد مرتضى الطبيب في الحلة في يوم
شديد البرد فانشدهم السيد المذكور بيتاً بالفارسية يصف فيه شدة البرد فترجمه الكواز
الى العربية فقال:
ان هذا البرد في شدته ضمَّ أعضائي واحنى قامتي
صار رأسي بين رجلي فلم تتميز لحيتي من عانتي
وله وقد رأى شيخا يشرب التنباك في (سبيل)
ولقد مررت على غبيّ جالس في الدار يشرب مطرقاً بسبيل
فكأنما بيديه آلة حاقن وكأنما فمه حتار عليل
وكان نائماً ذات ليلة وفي البيت الذي هو فيه ديك فأكثر عند رأسه من الصباح ونبهه من
نومه قبل انشقاق عمود الصباح فقال واجاد:
مـلات المسامع مني iiصياحا أتنعى الدجى أم تحيي الصباحا
أم أنــت نـذير iiلـمعتنقين قـد رفـع الليل عنهم iiجناحا
خشيت غيور الحمى أن iiيرى وصـالـهما فـيثير iiالـكفاحا
فـناديت هـبّا فـما في المنام بـلوغ مـرام لـراجٍ iiفـلاحا
نـصحت ورعت فلا تستحق هـجاءاً ولا تـستحق iiامتداحا
وله قصيدة يرثي بها أخاه الشيخ حمادي وخاله الشيخ علي العذاري وقد توفيا في عام
واحد (1283) ه ولم نقف إلا على مطلعها وهو:
وقع السيف فوق جرح السنان خبراني لاي جرح أعاني
وله قصيدة في رثاء أحد العلماء الابرار ولم يصل الينا سوى مطلعها:
هو المحراب فابك له جزوعا عشية فارق البدر الطلوعا
تنبيه: لقد سقط سهواً من ابياته الثلاثة المثبتة ص 120 بيت رابع وهو الثاني منها:
أعلمته شوقي اليه فقال لي لك شاهد فيما إليّ تبوح
((انتهى الديوان))
مصادر الديوان
1 ـ أعيان الشيعة ـ السيد محسن الامين.
2 ـ البابليات ـ محمد علي اليعقوبي.
3 ـ الحصون المنيعة ـ الشيخ علي آل كاشف الغطاء (ره).
4 ـ دمية القصر ـ السيد حيدر الحلي(76).
5 ـ العقد المفصل ـ السيد حيدر الحلى(77).
6 ـ الرائق ـ الشيخ مهدي اليعقوبي(78).
7 ـ العبقات العنبرية ـ الشيخ محمد الحسين آل كاشف الغطاء (ره) (خ).
8 ـ مجموعة آل القزويني (خ).
9 ـ مجموعة آل الرشتي (خ).
10 ـ مجموعة الشيخ محمد الملا (خ).
11 ـ مجموعة الشيخ علي عوض (خ).
12 ـ مجموعة الشيخ علي العذاري (خ).
13 ـ ديوان السيد حيدر الحلي (ط).
14 ـ ديوان الشيخ محمد الملا (خ).
______________________________________
76 وهو من مخطوطات مكتبة الاستاذ الجليل محمد مهدي كبة وقد مر الكلام عنه ص 90 من
هذا الديوان.
77 وقد ألفه باسم العلامة الاديب صديقه الحاج محمد حسن كبة واهداه اليه (ط بغداد).
78 تأليف أخينا المرحوم الشيخ مهدي اليعقوبي من مخطوطات مكتبتنا ويقع في 511 ص
ونقلنا عنه جميع ما قاله الكواز في أهل البيت (ع) وقد ذكره شيخنا الطهراني في
الذريعة (ج 10) ص 52.
|