الحماسة والشكوى والعتاب
قال يشكو الزمان ويتخلص لندبة الامام المهدي (ع).
بـكى جـزعاً مـما بـه من iiزمانه فـما لـكما فـوق الاسـى iiتعذلانه
تـوهمتما ان هـاجه ذكـر اهـيف يـميل بـاكناف الـحمى ميل iiبانه
أو ان الصبا من أرض كاظمة iiسرى عـليلا لـه فـاعتل مـن سـريانه
نـعم كـان فـي عهد الصبا iiوأوانه يـؤرقـه ذكـر الـحمى iiوحـسانه
وقـد كـان يصبي قلبه البرق iiلامعاً فـيحيى الـدجى شـوقا الى iiلمعانه
يـبهجه الروض الانيق بذي iiالغضا فـتصلي الغضا أحشاه من iiأقحوانه
فـأصبح يـلهيه عـن اللهو هـمه ويـشغل شـانيه الـدموع iiلـشانه
دعـاه وما يلقى من الضر iiوالجوى اذا لــم تـكونا ويـكما iiتـنفعانه
لـعل ابـن خـير المرسلين iiيغيثه فـيـنقذه مــن كـربه وامـتحانه
أقول لنفسي هوّني الخطب وأصبري يـهن أو يزل بالصبر صرف هوانه
ولا تجزعي من جور دهر وان iiغدا يـروعك مـا يـأتي بـه مـلوانه
فـعندي مـولى ضـامن مـا iiأخافه وعـنـدي يـقين كـافل iiلـضمانه
وكـيف تـخافين الـزمان ومفزعي الـى الـقائم الـمهدي مـن iiحدثانه
لـئـن خـوفتني الـنائبات فـانني لـجـأت لـسامي عـزه iiوامـانه
وان ضـقت ذرعـاً بـالحياة iiلفاقة فـلي سـعة مـن فـضله وامتنانه
وقال:
أدعـوك لـلكرب الـتي لـم iiتفرج ونـوائب ألـممن فـي قلبي الشجى
ولـفافة لـو شـئت يـوماً iiسـدَّها لـسـددتها ولـفتح بـاب iiمـرتج
لـما رأيـت الامـر ضاق عليَّ من كـل الـجهات ولم أجد من iiمخرج
ذكـروك لـي وأن الـعليم iiبـانك الـمولى الـمبلغ عـبده ما iiيرتجى
فـأتيت قـبرك قـاصداً iiيـقتادني حسن الرجا ويسوقني القلب iiالشجي
وقال هذه القصيدة في احدى زياراته الى كربلا معاتباً فيها السيد أحمد الرشتي إذ لم
يلق في بيته من الحفاوة مثلما كان يلقاه في عهد ابيه السيد كاظم وذلك سنة 1286 ه
.
وقـوفي تـحت الغيث ما بلّني iiالقطر وعـمت بلج البحر ما علَّني iiالبحر...
ورحـت بـما في معدن التبر iiطامعاً فـعدت وكفي وهي من صفرها iiصفر
وكـنت قد استنصحت في الامر iiرائداً فـقال هو الوادي به العشب iiوالزهر
فـلما حـططت الـرحل فيه iiوجدته وأمـواهـه نـار وأزهـاره iiالـجمر
فــوالله مـا أدري أأخـطأ iiرائـدي أم أكـذبني عـمداً أم أنـعكس الامر
وكـم اطـمعتك الـغانيات iiبـوصلها فـلما تـدانى الـوصل آيسك iiالهجر
وذلـك مـن فـعل الـنساء iiمـحبّب ولـكنه مـن غـيرها خـلق iiوعـر
عـلى انـه يـنمى الـى العيلم iiالذي تـمد الـبحار الـسبع أنـمله iiالعشر
فـتى كـاظم لـلغيظ ما ضاق iiصدره إذا ضاق من وسع الفضا بالاذى صدر
إذا حـسـن الـبشر الـوجوه فـانه لـمولى مـحياه بـه يـحسن iiالبشر
ومـا هـو فـي حسن المناقب مكتس فـخاراً ولـكن فـيه يـفتخر iiالفخر
اخـوالعلم إمـازج فـي الغيب iiفكره الـى مـاوراء الـستر يلقى له iiالستر
وذو مـعجزات قـال مـن لا iiيطيقها كـما قـيل فـيمن جاء من قبله سحر
أضـاءت بـه الدنيا زمانا ومذ iiمضى اضـاء بـنوري نـيَّريه لـنا iiالدهر
هـما (الحسن) الزاكي النجار iiوصنوه الـفتى أحمد الافعال يعزى له iiالشكر
لـقـد جـريا يـوم الـرهان iiلـغاية فـجاءا مـعاً مـا حـال بـينهما فتر
هـما رقـيا في المجد ما ليس iiيرتقي بـاجـنحة نـسر مـا حـلّهُ iiالـنسر
وله أيضاً:
رعى الله فكري كم يقرب لي فكري بـعيداً كأن عنقاء مغرب في iiوكر
وكـم لـي من آمال نوكى iiبمعشر أرانـي غـنياً بت منهم على iiفقر
فهل نظرت عيناك مثلي في iiالورى فـتى هـو فـي أيامه معدم iiمثري
وكـم من محال ظلت ازعم iiممكناً كمن راح نحو البحر ملتقط iiالجمر
أرى الناس عاشوا بادعاء iiفضيلتي فـما لـي محروم وما لحقوا iiاثري
بـلينا بـقوم كـالسباع ضـوارياً تصول فما تبقي من الصيد في iiالبر
اذا افـترسوا لا يـتركون لـلاعق دمـاً لا ولا فرثا الى جعل iiيسري
فـانـيابهم مـشـغولة بـفـريسة وأعينهم ترنو الى الصيد في iiالقفر
كـأن كـل فرد منهم الحوتة iiالتي رأى شـبعها عياً سليمان في iiالبحر
قال متحمساً ومعرضاً بشاعري بغداد في عصره العمري والاخرس:
وشـاعر مـلا الاوراق قـافيةً ويحسب الشعر في تسويد أوراق
وظـل يزري على شعري iiلقلته وتـلك لسعة جهل ما لها iiراقي
اما رأى لا رأى جمّ الكواكب لا تغني عن البدر في اهداء أشراق
ولـو رآني بعين من قذى حسد بـاتت خـلية أجـفان iiوأمـاق
لـقال لي وبديع القول يشهد iiلي بـمذود بـبليغ الـنظم iiنـطاق
اخـرست اخرس بغداد iiوناطقها وما تركت لباقي الشعر من iiباقي
ومن شعره في صباه:
قـالوا تركت نظام الشعر قلت iiلهم لـذاك ذنـب عـليكم غير iiمغتفر
لم ألق منكم سوى من بات ينظرني بـاعين الـجسم لا في أعين الفكر
تـستعظمون عـظيم الذقن عندكم كـان شـعر الفتى آت من الشعر
وله أيضاً:
قـل للزمان لينقص أو يزد iiنوباً فـما يـزلزل من أطواد iiأحلامي
اما الحياة فان طالت وان iiقصرت فـلا أراها سوى أضغاث iiأحلام
وكيف استكثر الاحدات في iiزمن قـلـت لـديه لـياليّ iiوأيـامي
لو أكرم الدهر من قبلي الكرام لما قـنعت مـن زمني إلاّ iiباكرامي
وقال عند قدومه لزيارة الامام علي (ع):
زرنا أمير المؤمنين وفوقنا عبء من الارزاء ليس يطاق
حتى اذا جئنا رفيع جنابه سقطت كما تتساقط الاوراق
وقال حين جاء لزيارة الكاظمين (ع):
تقول لي النفس التي سد دهرها عليها كما تبغي جميع المناهج
أيعييك بعد اليوم ادراك حاجة وقد جاء فيك الحظ باب الحوائج
وقال يندب الامام المهدي (ع):
أبا القاسم المدعو في كل شدة يزج بها المقدار أدعى نوائبه
اليك من الدهر العنيد شكايتي ولا غرو أن يشكى الزمان
لصاحبه
وقال:
أترضى بما قد قال زيد معاكساً لقولي لما ان خلوت به يوما
طلبت فطوراً منه اذ انا صائم فادبر عني قائلا تبتغي صوما
وكتب الى العلامة السيد ميرزا جعفر القزويني وقد قاربه شهر رمضان:
لقد صام كيسي صوم (الوصال) فلا من حرام ولا من حلال
اترضى بان يغتدي صائماً وأنت جدير برؤيا الهلال
وكتب في صدر رسالة بعث بها الى العلامة السيد ميرزا صالح القزويني يستنجده لدفع
ملمة نزلت به(68).
(أبا حسن ومثلك من ينادي) اذا أخذ العنا بيدي وجيدي
فما عددت غيرك في البرايا (لكشف الضر والهول الشديد)
__________________________________
68 واصلهما بيت واحد شطره الكواز وهو مطلع قصيدة في مدح امير المؤمنين علي (ع)
للسيد محمد شريف بن فلاح الكاظمي من شعراء القرن الثاني عشر للهجرة.
وقال:
حـتى م امـكث أمـراً بين iiأمرين لا راحـة الـقرب تدنيني ولا iiالبين
اعـلل الـعين فـي رؤيـاكم سحراً فيضحك الصبح من كذبي على عيني
ان الـمنى مـثل ديـن عـند طالبه لاشـعب لـيس ذا يـأس من iiالدين
وله في الخوف من اللّه تعالى:
لا فخر في الايام إلاّ الى فتى يبيت الليل حلف السهاد
ريان نبت الهدب من عبرة منهلة الاجفان خوف المعاد
وله في الشيب:
قلبي خزانةَ كلِّ علمٍ كان في عصر الشباب
واتى المشيب فكدتُ أنسى فيه فاتحة الكتاب
وله في قصة اتفقت له في الحلة من الاخرس الشاعر البغدادي ذكرناها في مقدمة الديوان:
فلو ان لبسي قدر نفسي لاصبحت تحاك ثيابي من جناح الملائك
ولو كان فيما استحق مجالسي نصبن على هام السماك ارائكي
وكتب الى معاصره الاديب الشيخ محمد التبريزي الحلي:
محمد اني كلما كظنى الجوى أتيتك اشكو ما أجن من الحزن
فمالك لم تسعد ومالك لم تعن ومالك لم تنجد ومالك لم تغن
فاجابه:
اذ امكن الاسعاد أسعدتُ منجداً ولكنني أصبحت مثلكَ في
الحزن
فمالك لم تصبر ومالك لم تعن ومالك لم تكتم ومالك لم تثن
وكتب الى أخيه الشيخ حمادي من عشيرة آل مسافر الى الحلة:
ببيت التمر والعسل المصفى وصالح في بيوت من بواري
كأن الاقتباس بكم ينادي (احلوا قومهم دار البوار)
النسيب والتشبيب
وقال متغزلا:
تـجلى والـفؤاد لـه ii(كليم) فاصعقني وحلمي (طور سينا)
بـوجه كـلما عـاينت iiفـيه يـزيدك فـي مـحاسنه iiيقينا
يـكـلم بـالفهاهة لا iiلـعيّ ولـكن كـي نزيد به iiجنونا
صـحبناه زمـانا مـا iiعرفنا لـه مـن سـائر الاديان دينا
وآخـر مـثله وأشـد iiمـنه عـلينا قـسوة امـا iiشـجينا
يـمرّ فـيشرئب كشبه iiضبي رأى حـول الورود iiالقانصينا
كـان بـقلبه شـيئا iiعـلينا يـكتمه حـذار iiالـشامتينا...
قـنعنا بـالسلام وقـبل iiكنا بـما فـوق الاماني iiطامعينا
وانّـى نـرتضي مـنه ملالاً وكـنا مـن دلالٍ iiسـاخطينا
جـعلتُ لـه شفيعا من iiثقاتي فـما أغـنى كـلام iiالشافعينا
ومن ملحه ونوادره هذه الابيات التي أنشدها للمرحوم السيد ميرزا جعفر القزويني:
بأبي الذي مهما شكوت iiوداده طـلب الشهود وذاك منه iiمليح
قـلت الدموع فقال لي iiمقذوفةً قلت الفؤاد فقال لي ii(مجروح)
قـلت اللسان فقال لي iiمتلجلج والجسم قلت فقال ليس صحيح
فقال له السيد أحسنت ولكن يجب أن تكون القافية (صحيح) منصوبة لانها خبر ليس والجسم
المتقدم اسمها فقال الكواز قد قلت قبل مولاي (ليس صحيح) ثم غيرها حالا فقال (والجسم
قلت فقال ذاك صحيح)(69).
__________________________________
69 ولقد سبقه الى معنى ابياته عماد الدين محمد بن عباس الدبستري المتوفى سنة 686
كما في الفوات:
وقلت شهودي في هواك كثيرة وأصدقها قلبي ودمعي مسفوح
فقال شهود ليس يقبل قولهم فدمعك مقذوف وقلبك مجروح
وله:
وربة ضبية من آل موسى أرتني باللحاظ عصى ابيها
وغرّتها تفوق سنى الدراري كأن يمينه البيضاء فيها
وله أيضا:
الـطرف يزعم لولا القلب ما رمقا والقلب يزعم لولا الطرف ما عشقا
هـذا يـطالب في لبّ له iiاحترقا وذا يـطالب فـي دمـع له iiاندفقا
مـا بين هذا وهذا قد وهى iiجلدي من ادّعي وهما بالقول ما iiاتفقا(70)
___________________________________
70 ولقد ظن الدكتور محمد مهدي البصير في محاضرته التي دوّنها عن صاحب الديوان في
كتابه (نهضة العراق الادبية) ان هذه الخصومة التي نسبها للكواز الى طرفه وقلبه
والنتيجة التي انتهت اليها هذه الخصومة وهي حيرته المطبقة بسبب اختلاف الخصمين معنى
لم يسبقه اليه أحد 10 ه .
قلت قد سبقه العباس بن الاحنف في تشكيله خصومة طريفة عقدها بين طرفه وقلبه فقال:
اذا لـمت عـينيّ الـلتين iiاضرتا بـجسمي فـيكم قـالتا لي لم القلبا
فـان لمت قلبي قال عيناك iiهاجتا عليك الذي نلقى ولي تجعل iiالذنبا
وقـالت لـه العينان أنت iiعشقتها فـقال نـعم أورثـتماني بها عجبا
فـقالت له العينان فاكفف عن iiالتي من البخل ما تسقيك من ريقها عذبا
فـقال فـؤادي عنك لو نرك iiالقطا لـنام وما بات القطا يخرق iiالشبها
وجاء بعده ابو العلاء فشكل مثل هذه الخصومة ما بين نفسه وجسمه حيث قال من أبيات
أوردها ابن ابي الحديد في شرح النهج ج 4 ص 323.
نفسي وجسمي لما استجمعا iiصنعا شـراً إلـي فـجلّ الواحد iiالصمد
فـالجسم يعذل فيه النفس iiمجتهداً وتـلك تـزعم ان الـظالم iiالجسد
اذا هـما بعد طول الصحبة iiافترقا فـان ذاك لاحـداث الـزمان iiيد
وأصبح الجوهر الحساس في محن مـوصولة واستراح الاخر iiالجمد
والاصل فيه قول دعبل بن علي الخزاعي:
لا تأخذا بظلامتي أحداً قلبي وطرفي في دمي اشتركا
وله أيضا:
أعـاتبه فـيصبغ iiوجـنتيه بـلون الـعندم القاني iiعتابي
ويـرمقني فيكسو حُرّ iiوجهي مخفافة سخطه صفر iiالثياب
وأطنب في السؤال بغير iiداعٍ وما قصدي سوى ردّ الجواب
وقال:
أنت علمتني الهوى فاجتهدت فـلهذا الـعذول مـا iiقلّدت
فـانا الـيوم في الغرام iiإمام ولـه كـلُّ مـقتد iiارشـدت
عـلماء الهوى إذا iiباحثوني لا يـطيقون ردّ مـا أوردت
وتـجردت لـلغرام iiلامسي عـاملاً فيه والزمان زهدت
وقال أيضا:
وليلةً بتُّ والمحبوب معتنقي وللتقى والهوى في القلب معترك
فقلت للنفس مهلاً ان من يطع الهوى حمار ومن يعصي الهوى ملك
وله:
يـا حـبيباً وأنـت لـلحب أهل والـهوى كـله بـغيرك iiجـهل
أنـت أولـى بـان تحب iiواولى بـالذي قـالت الـمحبون iiقـبل
أكـثر الـمدح في الجمال iiقديماً هـو فـي حـسنك الحديث iiأقل
عـجباً تـزهد الـجنان انـاس وبـاعلى قـصورها لـك مـثل
ليت شعري أهل جبينك في الافق هـلال لـلناسِ حـين اسـتهلوا
يـا غزالا حلّت به الخمر iiعندي وهـي لـولا وجـوده iiلاتـحل
رعف الزق في الكؤوس فقل iiفي ذهـب بـات فـي لـجين iiيُحلُّ
أنـت لـما سقيتني لست iiأدري هـي خمرٌ أم دبّ في العظم iiنمل
مـذ بـسطنا يد الوصال iiوأيدي الـهجر عـنا بـالرغم منه iiتغل
وعـذول قـد جاء يطلب iiردعي ويـله كـيف يردع الصب iiعذل
قـال لـي والهوى يداه iiبسمعي كـم الى كم في حب اسماء تغلو |