2 ـ الأرحام الأرحام هم كل من يرتبط بالاسرة بعلاقة نسبية وهم الاخوان والأخوات والأعمام والأخوال ، والأجداد ، وسائر أفراد العشيرة القريبين بالنسب أو البعيدين. لقد حثّ الإمام (عليه السلام) على صلتهم بزيارة أو لقاء ، وما يترتّب على هذه العلاقات من حقوق . وهم مقدّمون على غيرهم في الاحسان إليهم ، وإدخال السرور في قلوبهم ، ومساعدتهم في حلّ مشاكلهم . وبيّن (عليه السلام) الآثار الايجابية المترتبة على صلة الارحام ، فقال : « صلة الارحام تزكّي الاعمال ، وتدفع البلوى ، وتنمي الاموال ، وتنسئ له في عمره ، وتوسّع في رزقه ، وتحبّب في أهل بيته ، فليتّق الله وليصل رحمه »[1]. وقال (عليه السلام) لأحد أصحابه : « أما إنه قد حضر أجلك غير مرّة ولا مرتين ، كلّ ذلك يؤخّر الله بصلتك قرابتك »[2]. 3 ـ الجيرانأكّد الإمام (عليه السلام) على حسن التعامل مع الجيران فقال : « قرأت في كتاب عليّ (عليه السلام) : أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) كتب بين المهاجرين والانصار ومن لحق بهم من أهل يثرب، أن الجار كالنفس غير مضار ولا اثم ، وحرمة الجار على الجار كحرمة اُمّه »[3]. ونهى عن أذى الجيران وتضييع حقوقهم ، فقد روى عن أمير المؤمنين(عليه السلام) عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنّه قال : « من آذى جاره حرّم الله عليه ريح الجنة، ومأواه جهنّم وبئس المصير ، ومن ضيّع حق جاره فليس منّا ، وما زال جبرئيل يوصيني بالجار حتى ظننت أنّه سيورثه . . . »[4]. وروى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله : « ما آمن بي من أمسى شبعاناً وأمسى جاره جائعاً »[5]. والجار في منهج أهل البيت (عليه السلام) هو مطلق الانسان سواء كان من أفراد الجماعة الصالحة ، أو من غيرهم ، وسواء كان مسلماً أم غير مسلم ، كما هو المشهور في الروايات الصادرة عنهم (عليهم السلام) . 4 ـ أفراد الجماعة الصالحةالنظام الاجتماعي في داخل الجماعة الصالحة يقوم على أساس وحدة التصورات والمبادئ ، ووحدة الموازين والقيم ، ووحدة الشرائع والقوانين ، ووحدة الاوضاع والتقاليد ، لأنّ مجموع الجماعة الصالحة تتلقى منهج حياتها من جهة واحدة وهي أهل البيت (عليهم السلام) ، وتجمعها وحدة الطريقة التي تتلقى بها ، ووحدة المنهج الذي تفهم به ما تتلقى من أفكار وعواطف وممارسات . والنظام الاجتماعي قائم على أساس القاعدة الثابتة ، وهي قول الإمام الباقر (عليه السلام) : « المؤمن أخو المؤمن لأبيه واُمه »[6]. فقد جعل العلاقة بين أفراد الجماعة الصالحة كالعلاقة النسبية التي تترتب عليها حقوق وواجبات ، كالسعي في حوائج المؤمنين ، وتفريج كربهم، والنصيحة لهم ، والدعاء لهم بالتوفيق ، وستر عيوبهم[7]. والعلاقة القائمة تنطلق من الايثار وتحكيم الحق في النفس ، قال (عليه السلام): « ان لله جنة لا يدخلها إلاّ ثلاثة أحدهم من حكم في نفسه بالحقّ »[8]. ويقوم النظام الاجتماعي على قاعدة تعظيم وتوقير أفراد الجماعة الصالحة لكي يتعمّق الودّ والاخاء ، قال (عليه السلام) : « عظموا اصحابكم ووقّروهم ولايتجهم بعضكم بعضاً ، ولا تضارّوا ولا تحاسدوا ، وايّاكم والبخل ، وكونوا عباد الله المخلصين »[9]. وحثّ الإمام (عليه السلام) على اشاعة الودّ والمحبّة من خلال ممارسات متنوّعة، قال (عليه السلام) : « تبسّم الرجل في وجه أخيه حسنة ، وصرف القذى عنه حسنة ، وما عبدالله بشيء أحبّ الى الله من ادخال السرور على المؤمن »[10]. ووضع مجموعة من الحقوق المتبادلة عليهما فقال: « من حقّ المؤمن على أخيه المؤمن أن يشبع جوعته ويواري عورته ويفرّج عنه كربته ويقضي دينه ، فإذا مات خلفه في أهله وولده »[11]. وحثّ على العوامل التي تؤدي الى التقريب بين القلوب وتزيد في الاخوة والتآلف والتآزر. عن أبي حمزة الثمالي قال : زاملت أبا جعفر (عليه السلام) فحططنا الرحل ، ثم مشى قليلاً ، ثم جاء فأخذ بيدي فغمزها غمزة شديدة ، فقلت: جعلت فداك أو ما كنت معك في المحمل ؟ ! فقال : أما علمت أنّ المؤمن إذا جال جولة ثم أخذ بيد أخيه نظر الله اليهما بوجهه ، فلم يزل مقبلاً عليهما بوجهه، ويقول للذنوب : تتحاتَّ عنهما ، فتتحاتّ ـ يا أبا حمزة ـ كما يتحاتُّ الورق عن الشجر ، فيفترقان وما عليهما من ذنب »[12]. وقال (عليه السلام) : « ينبغي للمؤمنين إذا توارى أحدهما عن صاحبه بشجرة ثم التقيا أن يتصافحا »[13]. وروى عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قوله : « إذا التقيتم فتلاقوا بالتسليم والتصافح ، وإذا تفرّقتم فتفرّقوا بالاستغفار »[14]. وحثّ (عليه السلام) على تبادل الزيارات لأنها تؤدي الى تجذر روح الإخاء وزرع الودّ في القلوب والنفوس ، ورغّب فيها بتبيان آثارها الايجابية على المتزاورين ، حين قال: « أيّما مؤمن خرج الى أخيه يزوره عارفاً بحقّه كتب الله له بكلّ خطوة حسنة ، ومحيت عنه سيئة ، ورفعت له درجة ، واذا طرق الباب فتحت له أبواب السماء ، فاذا التقيا وتصافحا وتعانقا أقبل الله عليهما بوجهه ، ثم باهى بهما الملائكة، فيقول: انظروا الى عبدي تزاورا وتحابا فيَّ ، حقٌّ عليَّ ألاّ اُعذبهما بالنار بعد هذا الموقف ، فإذا انصرف شيّعه الملائكة عدد نفسه وخطاه وكلامه ، يحفظونه من بلاء الدنيا وبوائق الآخرة الى مثل تلك الليلة من قابل ، فإن مات فيما بينهما اُعفي من الحساب ، وان كان المزور يعرف من حقّ الزائر ما عرفه الزائر من حقّ المزور ; كان له مثل أجره »[15]. ونهى (عليه السلام) عن جميع الممارسات التي تؤدّي الى الكراهية والتنافر والتقاطع كالغيبة والبهتان والتحقير والتعيير والتنابز بالالقاب ، والسباب ، والاعتداء على الأموال والأعراض وغير ذلك . ودعا الى الاصلاح بين المؤمنين وحثّهم على التآلف فقال (عليه السلام) : «ان الشيطان يغري بين المؤمنين ما لم يرجع أحدهم عن دينه ، فإذا فعلوا ذلك استلقى على قفاه وتمدّد ، ثم قال : فزت ، فرحم الله امرئً أ لّف بين وليّين لنا ، يا معشر المؤمنين تألّفوا وتعاطفوا »[16]. ونهى (عليه السلام) عن احصاء عثرات الآخرين وزلاتهم ، فقال : « ان أقرب ما يكون العبد الى الكفر أن يؤاخي الرّجل الرّجل على الدين ، فيحصي عليه عثراته وزلاّته ليعنّفه بها يوماً ما »[17]. ونهى عن الطعن بالمؤمنين ونبزهم بالكفر فقال : « ما شهد رجل على رجل بكفر قطّ إلاّ باء به أحدهما ، ان كان شهد به على كافر صدق ، وان كان مؤمناً رجع الكفر عليه، فإيّاكم والطعن على المؤمنين »[18]. ونهى عن النميمة فقال : « محرّمة الجنّة على القتّاتين المشائين بالنميمة »[19]. ونهى (عليه السلام) عن الاذاعة وكشف الاسرار الخاصّة بالمؤمنين فقال : « يحشر العبد يوم القيامة وما ندى دماً ، فيدفع اليه شبه المحجمة أو فوق ذلك، فيقال له : هذا سهمك من دم فلان ، فيقول : يا ربّ إنّك لتعلم أ نّك قبضتني وما سفكت دماً. فيقول : بلى سمعت من فلان رواية كذا وكذا ، فرويتها عليه فنقلت حتّى صارت الى فلان الجبّار فقتله عليها وهذا سهمك من دمه »[20]. |
[1] المصدر السابق : 2 / 152 . [2] رجال الكشي : 224 . [3] وسائل الشيعة : 12 / 126 . [4] المصدر السابق : 12 / 127 . [5] المحاسن : 98 . [6] الكافي : 2 / 166 . [7] الكافي : 2 / 198 ، 199 ، 205 ، 207 ، 208 . [8] وسائل الشيعة : 15 / 285 . [9] الكافي : 2 / 173 . [10] المصدر السابق : 2 / 188 . [11] المصدر السابق : 2 / 169 . [12] الكافي : 2 / 180 . [13] المصدر السابق : 2 / 181 . [14] المصدر السابق . [15] الكافي : 2 / 183 ، 184 . [16] المصدر السابق : 2 / 345 . [17] المصدر السابق : 2 / 355 . [18] المصدر السابق : 2 / 360 . [19] المصدر السابق : 2 / 369 . [20] الكافي : 2 / 371 . |