البحث الثاني: نماذج من تراث الإمام الهادي (عليه السلام) 1 ـ روى العياشي باسناده عن حمدويه ، عن محمد بن عيسى قال : سمعته يقول : كتب إليه ابراهيم بن عنبسة ـ يعني إلى علي بن محمد(عليه السلام) ـ ان رأى سيّدي ومولاي أن يخبرني عن قول الله : (يسئلونك عن الخمر والميسر) فما الميسر جعلت فداك ؟ فكتب(عليه السلام): كل ما قومر به فهو الميسر وكل مسكر حرام[1]. 2 ـ وروى باسناده عن أيوب بن نوح بن دراج قال : سألت أبا الحسن الثالث (عليه السلام) عن الجاموس وأعلمته أن اهل العراق يقولون انه مسخ ، فقال : أو ما سمعت قول الله : ( ومن الابل اثنين ومن البقر اثنين )[2]. 3 ـ وروى العياشي: باسناده عن موسى بن محمّد بن علي عن أخيه أبي الحسن الثالث(عليه السلام) قال: الشجرة التي نهى الله آدم وزوجته أن يأكلا منها شجرة الحسد، عهد إليهما أن لا ينظر الى من فضّل الله عليه وعلى خلايقه بعين الحسد، ولم يجد الله له عزماً[3]. 1 ـ عن أحمد بن إسحاق ، قال : كتبت إلى أبي الحسن الثالث (عليه السلام) أسأله عن الرؤية وما اختلف فيه الناس ؟ فكتب : لا تجوز الرؤية ، ما لم يكن بين الرائي والمرئيّ هواء ينفذه البصر فإذا انقطع الهواء عن الرائي والمرئيّ لم تصحّ الرؤية ; وكان في ذلك الاشتباه ، لأنَّ الرائي متى ساوى المرئيَّ في السبب الموجب بينهما في الرؤية وجب الاشتباه وكان ذلك التشبيه لأنّ الأسباب لا بدّ من اتّصالها بالمسبّبات[4]. 2 ـ عن بشر بن بشّار النيسابوريّ قال : كتبت إلى الرَّجل (عليه السلام) : إنّ من قبلنا قد اختلفوا في التوحيد ، فمنهم من يقول : [هو] جسم ومنهم من يقول : [هو] صورة . فكتب إليَّ : سبحان من لا يحدُّ ولا يوصف ولا يشبهه شيء وليس كمثله شي وهو السميع البصير[5]. 3 ـ عن عليّ بن إبراهيم ، عن المختار بن محمّد بن المختار الهمدانيّ ، ومحمّد بن الحسن ، عن عبد الله بن الحسن العلويّ جميعاً عن الفتح بن يزيد الجرجاني ، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال : سمعته يقول : وهو اللّطيف الخبير السميع البصير الواحد الأحد الصمد ، لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد ، لو كان كما يقول المشبّهة لم يعرف الخالق من المخلوق ولا المنشئ من المنشأ ، لكنّه المنشئ . فرَّق بين من جسّمه وصوَّره وأنشأه إذ كان لا يشبهه شيء ولا يشبهه هو شيئاً. قلت : أجل جعلني الله فداك لكنّك قلت : الأحد الصمد وقلت : لا يشبهه شيء والله واحد والإنسان واحد أليس قد تشابهت الوحدانيّة ؟ قال : يا فتح أحلت ثبّتك الله إنّما التشبيه في المعاني ، فأمّا في الأسماء فهي واحدة وهي دالّة على المسمّى وذلك أنَّ الإنسان وإن قيل واحدٌ فإنّه يخبر أنّه جثّة واحدة وليس باثنين والإنسان نفسه ليس بواحد لأنَّ أعضاءه مختلفة وألوانه مختلفة ومن ألوانه مختلفة غير واحد وهو أجزاء مجزّأة ، ليست بسواء. دمه غير لحمه ولحمه غير دمه وعصبه غير عروقه وشعره غير بشره وسواده غير بياضه وكذلك سائر جميع الخلق ، فالإنسان واحد في الاسم ولا واحد في المعنى والله جلَّ جلاله هو واحد لا واحد غيره لا اختلاف فيه ولا تفاوت ولا زيادة ولا نقصان ، فأمّا الإنسان المخلوق المصنوع المؤلّف من أجزاء مختلفة وجواهر شتّى غير أنّه بالاجتماع شيء واحد . قلت : جعلت فداك فرَّجت عنّي فرَّج الله عنك ، فقولك : اللّطيف الخبير فسّره لي كما فسرت الواحد فإني أعلم أن لطفه على خلاف لطف خلقه المفصل غير أنّي اُحبُّ أن تشرح ذلك لي . فقال : يا فتح إنّما قلنا : اللّطيف للخلق اللّطيف [و] لعلمه بالشيء اللّطيف أو لا ترى وفّقك الله وثبّتك إلى أثر صنعه في النبات اللّطيف وغير اللّطيف ومن الخلق اللّطيف ومن الحيوان الصغار ومن البعوض والجرجس وما هو أصغر منها ما لا يكاد تستبينه العيون ، بل لا يكاد يستبان لصغره الذكر من الاُنثى والحدث المولود من القديم . فلمّا رأينا صغر ذلك في لطفه واهتداءه للسفاد والهرب من الموت والجمع لما يصلحه وما في لجج البحار وما في لحاء الأشجار والمفاوز والقفار وإفهام بعضها عن بعض منطقها وما يفهم به أولادها عنها ونقلها الغذاء إليها ثمَّ تأليف ألوانها حمرة مع صفرة وبياض مع حمرة وأنّه ما لا تكاد عيوننا تستبينه لدمامة خلقها . لا تراه عيوننا ولا تلمسه أيدينا علمنا أنَّ خالق هذا الخلق لطيف لطف بخلق ما سمّيناه بلا علاج ولا أداة ولا آلة وأنَّ كلَّ صانع شيء فمن شيء صنع والله الخالق اللّطيف الجليل خلق وصنع لا من شيء[6]. 4 ـ عن عليّ بن إبراهيم ، عن المختار بن محمّد الهمدانيّ وعن محمّد ابن الحسن ، عن عبد الله بن الحسن العلويّ جميعاً ، عن الفتح بن يزيد الجرجانيّ ، عن أبي الحسن (عليه السلام) قال : إنَّ لله إرادتين ومشيئتين : إرادة حتم وإرادة عزم ، ينهى وهو يشاء ويأمر وهو يشاء . أو ما رأيت أنه نهى آدم وزوجته أن يأكلا من الشجرة وشاء ذلك ولو لم يشأ أن يأكلا لما غلبت مشيئتهما مشيئة الله تعالى ، وأمر إبراهيم أن يذبح اسحاق ولم يشأ أن يذبحه ولو شاء لما غلبت مشيئة إبراهيم مشيئة الله تعالى[7]. 5 ـ عن أيّوب بن نوح أنّه كتب إلى أبي الحسن (عليه السلام) يسأله عن الله عزَّوجلَّ أكان يعلم الأشياء قبل أن خلق الأشياء وكوَّنها ، أو لم يعلم ذلك حتّى خلقها وأراد خلقها وتكوينها ، فعلم ما خلق عند ما خلق وما كوَّن عند ما كوَّن ؟ فوقَّع (عليه السلام) بخطّه : لم يزل الله عالماً بالأشياء قبل أن يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء بعد ما خلق الاشياء[8]. 6 ـ عن الفتح بن يزيد الجرجانيِّ عن أبي الحسن (عليه السلام) ، قال : سألته عن أدنى المعرفة ، فقال : الإقرار بأ نّه لا إله غيره ولا شبه له ولا نظير وأ نّه قديم مثبت موجود غير فقيد وأنّه ليس كمثله شيء[9]. 7 ـ عن معلى بن محمّد ، قال : سئل العالم (عليه السلام) كيف علم الله ؟ قال : علم ، وشاء ، وأراد ، وقدَّر ، وقضى ، وأبدى فأمضى ما قضى ، وقضى ما قدَّر ، وقدَّر ما أراد ، فبعلمه كانت المشيَّة ، وبمشيَّته كانت الإرادة ، وبإرادته كان التَّقدير ، وبتقديره كان القضاء ، وبقضائه كان الإمضاء . فالعلم متقدِّم المشيَّة والمشيَّة ثانية ، والإرادة ثالثة ، والتّقدير واقع على القضاء بالإمضاء ، فللّه تبارك وتعالى البداء فيما علم متى شاء وفيما أراد لتقدير الأشياء ، فإذا وقع القضاء بالإمضاء فلا بداء . فالعلم بالمعلوم قبل كونه ، والمشيَّة في المنشأ قبل عينه ، والإرادة في المراد قبل قيامه ، والتّقدير لهذه المعلومات قبل تفصيلها وتوصيلها عياناً وقياماً ، والقضاء بالإمضاء هو المبرم من المفعولات ذوات الأجسام . المدركات بالحواسِّ من ذي لون وريح ووزن وكيل وما دبَّ ودرج من إنس وجنٍّ وطير وسباع وغير ذلك ممّا يدرك بالحواسِّ ، فللّه تبارك وتعالى فيه البداء ممّا لا عين له ، فإذا وقع العين المفهوم المدرك فلا بداء . والله يفعل ما يشاء ، وبالعلم علم الأشياء قبل كونها ، وبالمشيَّة عرف صفاتها وحدودها وأنشأها قبل إظهارها وبالإرادة ميَّز أنفسها في ألوانها وصفاتها وحدودها ، وبالتَّقدير قدَّر أوقاتها وعرف أوَّلها وآخرها ، وبالقضاء أبان للنّاس أماكنها ودلَّهم عليها ، وبالإمضاء شرح عللها ، وأبان أمرها ، وذلك تقدير العزيز العليم[10]. قال (عليه السلام) : إنَّ الله لا يوصف إلاّ بما وصف به نفسه ; وأنّى يُوصف الّذي تعجز الحواسُّ أن تدركه والأوهام أن تناله والخطرات أن تحدَّه والأبصار عن الاحاطة به . نأى في قربه وقرب في نأيه ، كيَّف الكيف بغير أن يقال : كيف ، وأيَّن الأين بلا أن يقال : أين ، هو منقطع الكيفيَّة والأينيَّة ، الواحد الأحد ، جلَّ جلاله وتقدَّست أسماؤه[11]. 8 ـ رسالته (عليه السلام) المعروفة في الرّد على أهل الجبر والتّفويض من عليّ بن محمّد ; سلام عليكم وعلى من اتّبع الهدى ورحمة الله وبركاته ; فإنّه ورد عليَّ كتابكم[12] وفهمت ما ذكرتم من اختلافكم في دينكم وخوضكم في القدر ومقالة من يقول منكم بالجبر ومن يقول بالتفويض وتفرُّقكم في ذلك وتقاطعكم وما ظهر من العداوة بينكم ، ثمّ سألتموني عنه وبيانه لكم وفهمت ذلك كلَّه . اعلموا رحمكم الله أنا نظرنا في الآثار وكثرة ما جاءت به الأخبار فوجدناها عند جميع من ينتحل الإسلام ممّن يعقل عن الله جلَّ وعزَّ لا تخلو من معنيين : إمّا حقٌّ فيُتَّبع وإمّا باطل فيُجتنب . وقد اجتمعت الاُمّة قاطبة لا اختلاف بينهم أنَّ القرآن حقٌّ لا ريب فيه عند جميع أهل الفرق وفي حال اجتماعهم مقرّون بتصديق الكتاب وتحقيقه ، مصيبون ، مهتدون وذلك بقول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « لا تجتمع اُمَّتي على ضلالة » فأخبر أنَّ جميع ما اجتمعت عليه الاُمّة كلُّها حق ، هذا إذا لم يخالف بعضها بعضاً . والقرآن حقٌّ لا اختلاف بينهم في تنزيله وتصديقه . فإذا شهد القرآن بتصديق خبر وتحقيقه وأنكر الخبر طائفة من الاُمّة لزمهم الإقرار به ضرورة حين اجتمعت في الأصل على تصديق الكتاب ، فإن [هي] جحدت وأنكرت لزمها الخروج من الملَّة . فأوَّل خبر يعرف تحقيقه من الكتاب وتصديقه والتماس شهادته عليه خبر ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووجد بموافقة الكتاب وتصديقه بحيث لا تخالفه أقاويلهم ; حيث قال : « إنِّي مخلّـِف فيكم الثَّقلين كتاب الله وعترتي ـ أهل بيتي ـ لن تضلّوا ما تمسَّكتم بهما وإنَّهما لن يفترقا حتّى يردا عليَّ الحوض » . فلمّا وجدنا شواهد هذا الحديث في كتاب الله نصّاً مثل قوله جلَّ وعزَّ : ( إنَّما وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ والّذينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ* وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الغالِبُونَ )[13] . وروت العامّة في ذلك أخباراً لأمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه تصدَّق بخاتمه وهو راكع فشكر الله ذلك له وأنزل الآية فيه . فوجدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) قد أتى بقوله : « من كنت مولاه فعليٌّ مولاه » وبقوله : « أنت منِّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لا نبيَّ بعدي » ووجدناه يقول : « عليّ يقضي ديني وينجز موعدي وهو خليفتي عليكم من بعدي » . فالخبر الأوَّل الَّذي استنبطت منه هذه الأخبار خبر صحيح مجمع عليه لا اختلاف فيه عندهم ، وهو أيضاً مُوافق للكتاب ; فلمّا شهد الكتاب بتصديق الخبر وهذه الشَّواهد الاُخر لزم على الاُمَّة الإقرار بها ضرورةً إذ كانت هذه الأخبار شواهدها من القرآن ناطقة ووافقت القرآن والقرآن وافقها . ثمَّ وردت حقائق الأخبار من رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن الصّادقين(عليهما السلام) ونقلها قوم ثقات معروفون فصار الاقتداء بهذه الأخبار فرضاً واجباً على كلِّ مؤمن ومؤمنة لا يتعدَّاه إلاّ أهل العناد . وذلك أنَّ أقاويل آل رسول الله(صلى الله عليه وآله) متَّصلة بقول الله وذلك مثل قوله في محكم كتابه : ( إنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ في الدُّنْيا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً مُهيناً ) [14] ووجدنا نظير هذه الآية قول رسول الله (صلى الله عليه وآله) : « من آذى عليّاً فقد آذاني ، ومن آذاني فقد آذى الله ومن آذى الله يوشك أن ينتقم منه » وكذلك قوله (صلى الله عليه وآله) : « من أحبَّ عليًّا فقد أحبَّني ومن أحبَّني فقد أحبَّ الله » . ومثل قوله (صلى الله عليه وآله) في بني وليعة : « لأبعثنَّ إليهم رجلاً كنفسي يحبُّ الله ورسوله ويحبُّه الله ورسوله قم ياعليُّ فسر إليهم»[15] . وقوله(صلى الله عليه وآله) يوم خيبر : « لأبعثنَّ إليهم غداً رجلاً يحبُّ الله ورسوله ويحبُّه الله ورسوله كرّاراً غير فرَّار لا يرجع حتّى يفتح الله عليه » . فقضى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالفتح قبل التَّوجيه فاستشرف لكلامه أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلمّا كان من الغد دعا عليّاً(عليه السلام) فبعثه إليهم فاصطفاه بهذه المنقبة وسمّاه كرَّاراً غير فرَّار ، وسمّاه الله محبّاً لله ولرسوله ، فأخبر أنَّ الله ورسوله يحبّانه . وإنّما قدَّمنا هذا الشَّرح والبيان دليلاً على ما أردنا وقوَّة لما نحن مبيِّنوه من أمر الجبر والتَّفويض والمنزلة بين المنزلتين وبالله العون والقوَّة وعليه نتوكَّل في جميع اُمورنا فإنّا نبدأ من ذلك بقول الصّادق (عليه السلام) : « لا جبر ولا تفويض ولكن منزلة بين المنزلتين وهي صحَّة الخلقة وتخلية السَّرب [16] والمهلة في الوقت والزَّاد مثل الرَّاحلة والسَّبب المهيِّج للفاعل على فعله » ، فهذه خمسة أشياء جمع به الصّادق(عليه السلام) جوامع الفضل ، فإذا نقص العبد منها خلَّة كان العمل عنه مطروحاً بحسبه ، فأخبر الصّادق (عليه السلام) بأصل ما يجب على النّاس من طلب معرفته ونطق الكتاب بتصديقه فشهد بذلك محكمات آيات رسوله ، لأنّ الرّسول(صلى الله عليه وآله) وآله (عليهم السلام) لا يعدون شيئاً من قوله وأقاويلهم حدود القرآن ، فإذا وردت حقائق الأخبار والتُمست شواهدها من التَّنزيل فوجد لها موافقاً وعليها دليلاً كان الاقتداءُ بها فرضاً لا يتعدّاه إلاّ أهل العناد كما ذكرنا في أوَّل الكتاب ولمّا التمسنا تحقيق ما قاله الصّادق(عليه السلام) من المنزلة بين المنزلتين وإنكاره الجبر والتفويض وجدنا الكتاب قد شهد له وصدَّق مقالته في هذا . وخبرٌ عنه أيضاً موافق لهذا ; أنَّ الصّادق (عليه السلام) سئل أهل أجبر الله العباد على المعاصي ؟ فقال الصّادق (عليه السلام) : هو أعدل من ذلك . فقيل له : فهل فوَّض إليهم ؟ فقال (عليه السلام) : هو أعزُّ وأقهر لهم من ذلك . وروي عنه أنَّه قال : النّاس في القدر على ثلاثة أوجه : رجل يزعم أنَّ الأمر مفوّض إليه فقد وهَّن الله في سلطانه فهو هالك . ورجل يزعم أنَّ الله جلَّ وعزَّ أجبر العباد على المعاصي وكلَّفهم ما لا يطيقون فقد ظلَّم الله في حكمه فهو هالك . ورجل يزعم أنَّ الله كلَّف العباد ما يطيقون ولم يكلّفهم ما لا يطيقون ، فإذا أحسن حمد الله وإذا أساء استغفر الله فهذا مسلم بالغ ، فأخبر (عليه السلام) أنَّ من تقلَّد الجبر والتفويض ودان بهما فهو على خلاف الحقِّ . فقد شرحت الجبر الَّذي من دان به يلزمه الخطأ ، وأنَّ الّذي يتقلَّد التّفويض يلزمه الباطل ، فصارت المنزلة بين المنزلتين بينهما[17]. |
|