الباب الثاني الفصل الأول نشأة الإمام محمّد الجواد (عليه السلام)
1 ـ نسبه : الإمام محمد الجواد (عليه السلام) من الاُسرة النبوية وهي أجلّ وأسمى الاُسر التي عرفتها البشرية ، فهو ابن الإمام علي الرضا ابن الإمام موسى الكاظم ابن الإمام جعفر الصادق ابن الإمام محمد الباقر ابن الإمام علي السجاد ابن الإمام الحسين سبط رسول الله (صلى الله عليه وآله) وابن الإمام علي بن أبي طالب (عليهم السلام) . 2 ـ اُمه : هي من أهل بيت مارية القبطية ، نوبيّة مريسية ، امها : سبيكة أو ريحانة أو درّة ، وسمّاها الرضا (عليه السلام) خيزران . وصفها رسول الله (صلى الله عليه وآله) بأنها خيرة الإماء الطيبة . وقال العسكري (عليه السلام) : «خُلقت طاهرة مطهّرة وهي اُم ولد تكنّى باُم الجواد ، واُم الحسن ، وكانت أفضل نساء زمانها »[1]. 3 ـ ولادته : ولد (عليه السلام) في شهر رمضان من سنة خمس وتسعين ومائة لسبع عشر ليلة مضت من الشهر وقيل : للنصف منه ليلة الجمعة[2] وكانت ولادته في المدينة . وغمرت الإمام الرضا (عليه السلام) موجات من الفرح والسرور بوليده المبارك، وطفق يقول : « قد ولد لي شبيه موسى بن عمران فالق البحار ، وشبيه عيسى بن مريم ، قدّست اُم ولدته..»[3]. 4 ـ كنيته : أبو جعفر ، وهي كنية جده الباقر(عليه السلام) وللتمييز بينهما يكنّى بأبي جعفر الثاني ، وأضاف في دلائل الإمامة كنية ثانية له هي: أبو علي الخاص، وفسّر المتأخرون هذه العبارة بأنّ له كنية خاصة هي: «أبو علي»، وليست كنيته هي «أبو علي الخاص» كما يبدو للناظر في عبارة دلائل الإمامة . 5 ـ ألقابه : أمّا ألقابه الكريمة فهي تدل على معالم شخصيته العظيمة وسمو ذاته وهي : 1 ـ الجواد : لُقب به لكثرة ما أسداه من الخير والبر والاحسان الى الناس . 2 ـ التقي : لقب به لأنه اتّقى الله وأناب اليه ، واعتصم به ولم يستجب لأي داع من دواعي الهوى . 3 ـ المرتضى . 4 ـ القانع . 5 ـ الرضي . 6 ـ المختار . 7 ـ باب المراد [4]. نقش خاتمه : يدل نقش خاتمه(عليه السلام) على شدة انقطاعه(عليه السلام) الى الله سبحانه، فقد كان « العزّة لله »[5].
مراحل حياة الإمام محمد الجواد(عليه السلام)
ولد الإمام محمّد بن علي الجواد عام ( 195 هـ ) أي في السنة التي بويع فيها للمأمون العباسي، وعاش في ظلّ أبيه الرضا (عليه السلام) حوالي سبع سنين، وعاصر أحداث البيعة بولاية العهد لأبيه الرضا (عليه السلام) وما صاحبها وتلاها من حوادث ومحن حتى تجلّت آخر محن أبيه (عليه السلام) في اغتيال المأمون للرضا (عليه السلام) . وبقي الإمام محمد الجواد (عليه السلام) بعد حادث استشهاد أبيه (عليه السلام) في منعة من كيد المأمون الذي قتل الإمام الرضا(عليه السلام) وبقي عند الناس متّهماً بذلك. لكنه لم ينج من محاولات التسقيط لشخصيّته ومكانته المرموقة والسامية في القلوب . وقد تحدّى كل تلك المحاولات إعلاءً لمنهج أهل البيت (عليهم السلام) وشيعتهم في عقيدة الإمامة والزعامة وما يترتب عليها من الآثار السياسية والاجتماعية . وينتهي عهد المأمون العباسي في سنة ( 218 هـ ) ويتربّع أخوه المعتصم على كرسي الخلافة حتى سنة ( 227 هـ ) ولم يسمح للإمام الجواد(عليه السلام) بالتحرّك ويراقب ـ بكل دقّة ـ النشاط الاجتماعي والسياسي للإمام(عليه السلام) ثمّ يغتاله على يد ابنة أخيه المأمون، المعروفة باُم الفضل والتي زوّجها المأمون من الإمام الجواد(عليه السلام) ولم تنجب له من الأولاد شيئاً، وذلك في سنة (220 هـ )، وهكذا قضى المعتصم على رمز الخط الهاشمي وعميده، الإمام محمّد التقي أبي جعفر الجواد(عليه السلام) . اذن تنقسم الحياة القصيرة لهذا الإمام المظلوم الى قسمين وثلاث مراحل : القسم الأول : حياته في عهد أبيه وهي المرحلة الاولى من حياته القصيرة والمباركة وتبلغ سبع سنوات تقريباً .
والقسم
الثاني : حياته بعد استشهاد أبيه حتى شهادته . وتبلغ حوالي
سبع وينقسم هذا القسم بدوره إلى مرحلتين متميّزتين : المرحلة الاُولى : حياته في عهد المأمون وهي المرحلة الثانية من حياته وتبلغ حوالي خمس عشرة سنة . وهي أطول مرحلة من مراحل حياته القصيرة. والمرحلة الثانية : وهي مدة حياته في عهد المعتصم العباسي وتبلغ حوالي سنتين وتمثّل المرحلة الثالثة من حياته الشريفة . وهكذا تتلخص مراحل حياته (عليه السلام) كما يلي: المرحلة الاُولى: سبع سنوات وهي حياته في عهد أبيه الرضا(عليه السلام) حيث ولد سنة (195 هـ ) ـ وفي حكم محمد الأمين العبّاسي ـ واستشهد الإمام الرضا(عليه السلام) في صفر من سنة (203 هـ ) . المرحلة الثانية: خمس عشرة سنة وهي حياته بقية حكم المأمون من سنة (203 هـ ) الى سنة (218هـ ). المرحلة الثالثة: حياته بعد حكم المأمون وقد بلغت حوالي سنتين من أيّام حكم المعتصم أي من سنة (218 ـ 220 هـ ). |
|