3 ـ من تراثه الفقهي أ ـ روى أبو خداش المهري: «أن شخصاً دخل على الرضا (عليه السلام) فسأله عن اُمور ثلاثة فأجابه (عليه السلام) عنها . ثم حضر أبو خداش مجلس أبي جعفر (عليه السلام) في ذلك الوقت فسأله الأسئلة ذاتها فكان الجواب هو الجواب . قال: فقلت : جعلت فداك انّ اُمّ ولد لي أرضعت جارية لي بلبن ابني أيحرم عليّ نكاحها ؟ فقال (عليه السلام) : « لا رضاع بعد فطام». قلت : الصلاة في الحرمين ؟ قال : إن شئت قصرت وإن شئت أتممت . قال : قلت : الخادم يدخل على النساء ؟ فحوّل وجهه، ثم استدناني فقال : وما نقص منه إلاّ الواقعة عليه»[1]. ب ـ عن علي بن مهزيار قال : «كتبت إلى أبي جعفر محمد بن علي بن موسى الرضا (عليه السلام) : جُعلت فداك اُصلي خلف من يقول بالجسم ومن يقول بقول يونس يعني ابن عبد الرحمن ؟ فكتب (عليه السلام) : لا تصلّوا خلفهم ولا تعطوهم من الزكاة وابرؤا منهم برئ الله منهم »[2]. ج ـ سأله سائل عن الملاّح يقصّر في السفينة؟ فقال(عليه السلام): «لا لأن السفينة بمنزلة بيته ليس بخارج منها»[3]. د ـ دخل عليه صالح بن محمد بن سهل ـ وكان يتولّى له الوقف بقم ـ فقال : «ياسيدي اجعلني من عشرة آلاف في حلّ فإنّي أنفقتها . فقال له (عليه السلام) : أنت في حلّ ، فلمّا خرج صالح قال أبو جعفر (عليه السلام) لابراهيم بن هاشم : أحدهم يثب على أموال حق آل محمد وأيتامهم ومساكينهم وفقرائهم وأبناء سبيلهم فيأخذه ثم يجيء فيقول : اجعلني في حلّ : أتراه ظنّ أني أقول لا أفعل ؟ ! والله ليسألنهم الله يوم القيامة عن ذلك سؤالاً حثيثاً»[4]. هـ ـ عن علي بن مهزيار قال: «قلت لأبي جعفر الثاني (عليه السلام) : قوله عزّوجلّ : ( والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلّى ) وقوله عزّوجلّ : ( والنجم إذا هوى ) . وما أشبه هذا ، فقال : إن الله عزوجل يقسم من خلقه بما يشاء وليس لخلقه أن يقسموا إلاّ به عزّوجلّ»[5]. و ـ قال (عليه السلام) : « ما استوى رجلان في حسب ودين قطّ إلاّ كان أفضلهما عند الله عزّوجلّ آدبهما فسأله الراوي عن وجه فضله عند الله عزّوجلّ ؟ فقال (عليه السلام) : بقراءة القرآن كما اُنزل ودعائه الله عزّوجلّ من حيث لا يلحن وذلك أن الدعاء الملحون لا يصعد الى الله عزّوجلّ »[6].
أ ـ روى المجلسي عن الصدوق بإسناده عن عبد العظيم الحسني قال : كتبت إلى أبي جعفر الثاني (عليه السلام) أسأله عن ذي الكفل ما اسمه ؟ وهل كان من المرسلين ؟ فكتب صلوات الله وسلامه عليه : «بعث الله تعالى جلّ ذكره مائة ألف نبي وأربعة وعشرين ألف نبيّاً ، المرسلون منهم ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً . وإنّ ذا الكفل منهم صلوات الله عليهم ، وكان بعد سليمان بن داود (عليه السلام) . وكان يقضي بين الناس كما كان يقضي داود ، ولم يغضب إلاّ لله عزّوجلّ وكان اسمه (عويديا) وهو الذي ذكره الله تعالى جلّت عظمته في كتابه حيث قال : ( واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل كلّ من الأخيار ) »[7]. ب ـ المسعودي ، باسناده عن أبي جعفر الثاني محمد بن علي الرضا (عليهما السلام) أنه قال عن آبائه صلوات الله عليهم . قال : «اقبل امير المؤمنين ومعه أبو محمد]أي الحسن المجتبى[ (عليه السلام) وسلمان الفارسي فدخل المسجد وجلس فيه فاجتمع الناس حوله إذ أقبل رجل حسن الهيئة واللباس فسلم على أمير المؤمنين(عليه السلام) وجلس ، ثم قال : ياأمير المؤمنين اني قصدت أن أسألك عن ثلاث مسائل إن أخبرتني بهن علمت أنك وصي رسول الله حقاً وإن لم تخبرني بهن علمت أنك وهم شرع سواء . فقال له أمير المؤمنين : «سل عما بدا لك» . فقال : أخبرني عن الرجل اذا نام أين تذهب روحه ، وعن الرجل كيف يذكر وينسى ، وعن الرجل كيف يشبه ولده الأعمام والأخوال ؟ فالتفت أمير المؤمنين الى أبي محمد فقال : «ياأبا محمد أجبه ، فقال أبو محمد : «أما الانسان اذا نام فإن روحه متعلقة بالريح والريح متعلقة بالهواء الى وقت يتحرك صاحبها الى اليقظة . فإذا أذن الله برد الروح جذبت تلك الروح الريح وجذبت الريح الهواء فرجعت الروح الى مسكنها في البدن ، وان لم يأذن الله برد الروح الى صاحبها جذبت الهواء الريح وجذبت الريح الروح فلم ترجع الى صاحبها الى أن يبعثه الله تعالى ، وأما الذكر والنسيان فإن قلب الرجل في مثل حق وعليه طبق . فإن سمى الله وذكره وصلى عند نسيانه على محمد وآله انكشف ذلك الطبق وهو غشاوة عن ذلك الحق وأضاء القلب وذكر الرجل ما كان نسي وان هو لم يصلّ على محمد وآله بعد ذكر الله تعالى انطبقت تلك الغشاوة على ذلك الحق فأظلم القلب فنسي الرجل ما ذكر . وأما المولود الذي يشبه الأعمام والأخوال فان الرجل اذا أتى أهله فوطأها بقلب ساكن وعروق هادئة وبدن غير مضطرب استكنت تلك النقطة [8] في جوف الرحم وخرج الرجل يشبه أباه وامه ، وان هو أتاها بقلب غير ساكن وعروق غير هادئة وبدن مضطرب اضطربت النقطة فوقعت في اضطرابها على بعض العروق . فان وقعت على عرق من عروق الأعمام اشبه الولد أعمامه وان وقعت على عرق من عروق الأخوال أشبه أخواله . فقال الرجل : أشهد أن لا إله إلا الله ولم ازل أشهد بها وأشهد أن محمداً رسول الله ولم أزل أشهد بها واشهد أنك وصيه وخليفته والقائم بحجته . وأشار الى أمير المؤمنين : وأشهد أنك وصيه والقائم بحجته . واشار الى الحسن: وأشهد أن أخاك الحسين وصي أبيك ووصيك والقائم بحجته بعدك وأشهد أن علي بن الحسين القائم بأمر الحسين وأشهد ان محمد بن علي القائم بأمر علي ابن الحسين واشهد ان جعفر بن محمد القائم بأمر الله بعد أبيه وحجته واشهد ان موسى بن جعفر القائم بأمر الله بعد ابيه جعفر واشهد ان علي بن موسى القائم بأمر الله بعد أبيه . واشهد ان محمد بن علي القائم بأمر الله بعد ابيه واشهد ان علي بن محمد القائم بأمر الله بعد ابيه محمد بن علي واشهد ان الحسن بن علي القائم بأمر ابيه علي ابن محمد واشهد ان رجلاً من ولد الحسين بن علي لا يسمى ولكن يكنى حتى يظهر الله امره يملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً والسلام عليك ياأمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته ، ومضى . فقال أمير المؤمنين : «اتبعه ياأبا محمد فانظر أين يقصد ، قال : فخرج الحسن بن علي في اثره فلما وضع الرجل رجله خارج المسجد لم يدر كيف اخذ من ارض الله فرجع اليه فأعلمه ، فقال : ياأبا محمد أتعرفه . قال : الله ورسوله وامير المؤمنين اعلم به ، قال : ذاك الخضر » . [9] ج ـ روى أبو جعفر المشهدي باسناده عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) قال : « بعث رسول الله (صلى الله عليه وآله) سلمان الى فاطمة (عليها السلام) لحاجة ، قال سلمان : فوقفت بالباب وقفة حتى سلمت ، فسمعت فاطمة تقرأ القرآن خفاءً والرحى تدور من برّ ما عندها انيس ، قال : فعدت الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقلت : يارسول الله سمعت فاطمة تقرأ القرآن من خفاء والرحى تدور من برّ ما عندها انيس . قال : فتبسم (صلى الله عليه وآله) وقال : ياسلمان ان ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها ايماناً ويقيناً الى مبانيها ففرغت لطاعة الله ، فبعث الله ملكاً اسمه روفائيل . وفي موضع آخر « رحمة » ، فادار لها الرحى وكفاها الله مؤونة الدنيا والآخرة»[10] . د ـ روى الحافظ أبو نعيم ، فقال حدّثنا أحمد بن إسحاق حدثنا إبراهيم بن نائلة حدثنا جعفر بن محمّد بن مزيد قال : كنتُ ببغداد فقال لي محمّد بن مَنْدة بن مهربزذ : هل لك أن اُدخلك على ابن الرِضا ؟ قلتُ : نعم . قال : فأدخلني فسلّمنا عليه وجلسنا ، فقال له حديث النبيّ (صلى الله عليه وآله) : « أنّ فاطمة أحصنت فَرْجَها فحرّم الله ذرّيّتها على النار ، قال : خاصٌّ للحسن والحسين رضي الله عنهما»[11].
هـ
ـ روى باسناده عن علي بن ابراهيم بن هاشم ، عن أبيه عن احمد بن
محمّد بن أبي نصر البزنطي ، قال : «قلت لابي جعفر محمد بن فقال : «كذبوا والله وفجروا ، بل الله تبارك وتعالى سماه الرضا لانه كان رضي الله عزوجل في سمائه ورضي لرسوله والائمة من بعده صلوات الله عليهم في أرضه قال: فقلت له : الم يكن كل واحد من آبائك الماضين (عليهم السلام) رضي الله تعالى ولرسوله والائمة (عليهم السلام) ؟ فقال : بلى ، فقلت : فلم سمي أبوك من بينهم الرضا ؟ قال : لأنه رضي به المخالفون من أعدائه كما رضي به الموافقون من اوليائه ولم يكن ذلك لاحد من آبائه(عليهم السلام) ، فلذلك سمي من بينهم الرضا (عليه السلام)[12].
5 ـ الطب في تراث الإمام الجواد (عليه السلام) لقد استوعب أئمّة أهل البيت (عليهم السلام) شتّى العلوم ومنها علوم الطبّ والحكمة بما آتاهم الله من فضله ، وأطلعهم على غيبه ، وحباهم من نوره ، وألهمهم من معرفته ، وبما ورّثوه من علوم خاتم الأنبياء وسيّد المرسلين (صلى الله عليه وآله) ، فكانوا (عليهم السلام) يعالجون المرضى تارةً بالقرآن والدعاء والأحراز والرقى والصدقة ، وتارةً يوصونهم بضرورة النظافة والطهارة والوقاية العامّة ، وثالثة يصفون لهم الأعشاب والنباتات وغيرها من العقاقير الطبّية التي كانت تؤثر بشكل فعّال في شفاء المرضى ممّا يدلّ على قدراتهم (عليهم السلام) الكبيرة وإمكاناتهم الواسعة بتشخيص المرض من دون اللجوء إلى إجراء التحليلات المختبريّة والصور الشعاعيّة والتخطيطات وما إلى ذلك من الوسائل المتطورة الحديثة المعروفة في يومنا هذا . وينمّ أيضاً عن درايتهم (عليهم السلام) واطّلاعهم الواسع بخواص تلك العقاقير وتأثيرها المباشر على المرض وبالتالي صحّة تشخيصهم لمختلف الأمراض . وتجدر الإشارة هنا إلى أنّه بعد مرور عدّة قرون جاء الطبّ الحديث بإمكاناته الواسعة ليبرهن على صحة وصواب ما ورد عنهم (عليهم السلام) من أخبار وأحاديث في هذا المجال لا بل إنّه اعتمد الكثير من تلك الأخبار ، وما العودة إلى استخدام الحجامة والفصد علاجاً أساسياً أو مساعداً لغيره من العلاجات ومتعاضداً معها للوصول إلى الشفاء إلاّ مثالاً صارخاً على صحة ما ذكرناه . ولقد أقرّ الكثير من العلماء والمستشرقين في بحوثهم وتحقيقاتهم بتلك الحقائق والأخبار الواردة عنهم (عليهم السلام) واتّفقوا على أنّ قوانين الطبّ قد جمعت في قوله تعالى : ( كلوا واشربوا ولا تسرفوا ) [13] . ولا بأس أن نذكر هنا لمحاً عن الحجامة والفصد . يقال : فصد العرق فصداً : شقّه ، ويقال : فُصد المريض : اُخرج مقدار من دم وريده . وقد تكامل الفصد اليوم باستعمال إبرة واسعة القناة بواسطتها ويؤخذ الدم من الوريد مباشرة ، وتتراوح كميّة الدم المفصود بين 300 ـ 500 سم3 ، ويجب أن يتم بأسرع ما يمكن . وتختلف الحجامة عن الفصد في أنّ الأخير هو إخراج دم الوريد بشقّه كما هو نقيّاً كان أو غليظاً ، بينما الحجامة هي إخراج الدم الفاسد بواسطة آلة ماصّة من العروق الدقيقة والشعيرات الدمويّة المبثوثة في اللحم ، والفصد يقلل الدم ، وبالتالي يحتاج إلى تعويض وخلق جديد ، بينما الحجامة تنقّي الدم وتصفّيه دون أن يفقد الجسم كميّة كبيرة منه بل العكس أنّها تنشّط الدورة الدمويّة وتوجب الرشد . وعلى هذا فالحجامة لا تضعف البدن كما في الفصد . وتستعمل الحجامة أساساً للتخفيف عن الدورة الدمويّة وما يثقلها من سموم الفضلات والدهون والمتخلّفات من الإفراز ، وقد استعملت منذ قديم الزمان كواجب من الواجبات الفصليّة ، وكعلاج ناجح لعدد من الأمراض كالجلطة الدمويّة والسكتة القلبيّة ، وانفجار الشريان الدماغي . قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): « عليكم بالحجامة ، لا يتبيّغ الدم بأحدكم ، فيقتله » . وقال جالينوس : دمك عبدك ، وربّما قتل العبد سيّده ، فأطلقه ، فإن رأيته صالحاً فأمسكه . والأحاديث فيها كثيرة ويعدّ العلق الطبّي ـ واحدتها علقة ـ وهي دودة تعيش في الماء تمص الدم ـ من ملحقات الحجامة ، وله اهميته أيضاً في العلاج الموضعي لكثير من أمراض الأوردة الدمويّة كركود الدم في منطقة ما في الجسم ، وذلك بما يتمتع به العلق من غريزة خاصّة في مصّ الدم الفاسد ، وإدخاله الهواء أثناء عمليّة المصّ تحت الجلد . ومن ناحية أخرى ينفرد الفصد في علاج الحالات التالية : 1 ـ الهبوط الوظيفي في البطين الأيسر المؤدّي إلى تورّم في الرئتين ينجم عنها عسر شديد في التنفس . 2 ـ ضغط الدم الدماغي العالي لغلظة الدم . 3 ـ إزدياد عدد كريات الدم الأولى . 4 ـ الإحتقان الرئوي . وللفصد عروق معروفة ولها أسماء خاصة كالعرق الزاهر والأكحل يخرج منها الدم ، وقد ورد عن النبيّ والأئمّة صلوات الله عليهم أن للفصد أوقات معينة . وأمّا الحجامة فلها مواضع معروفة كاليافوخ من الرأس والنقرة من الظهر وغيرها ، ولها أوقات معيّنة أيضاً ، وردت عن النبيّ والأئمّة صلوات الله عليهم في الأحاديث الشريفة . 1 ـ جاء في المناقب لابن شهرآشوب : وفي كتاب « معرفة تركيب الجسد » عن الحسين بن أحمد التيميّ : روي عن أبي جعفر الثاني (عليه السلام) : أنّه استدعى فاصداً في أيّام المأمون فقال له : أفصدني في العرق الزاهر ! فقال له : ما أعرف هذا العرق ياسيّدي ، ولا سمعت به . فأراه إيّاه ، فلمّا فصده خرج منه ماء أصفر ، فجرى حتّى امتلأ الطست ، ثمّ قال له : أمسكه . وأمر بتفريغ الطست ; ثمّ قال : خلّ عنه . فخرج دون ذلك ، فقال : شدّه الآن . فلمّا شدّ يده أمر له بمائة دينار ، فأخذها وجاء إلى يوحنّا بن بختيشوع[14] فحكى له ذلك ، فقال : والله ما سمعت بهذا العرق مذ نظرت في الطبّ ، ولكن هاهنا فلان الأسقف [15] قد مضت عليه السنون ، فامض بنا إليه ، فإن كان عنده علمه وإلاّ لم نقدر على من يعلمه ، فمضيا ودخلا عليه وقصّا القصة. فأطرق مليّاً ، ثمّ قال : يوشك أن يكون هذا الرّجل نبيّاً أو من ذريّة نبيّ . [16] 2 ـ وجاء في رجال الكشيّ : ـ يأتي في باب حال عمّ أبيه عليّ بن جعفر (عليه السلام) : ودنا الطبيب ليقطع له العرق ، فقام عليّ بن جعفر (عليه السلام) فقال : ياسيّدي ، يبدأ بي ليكون حدّة الحديد فيّ قبلك . . . |
|