الاشراف (1)، والسمعاني في الفضائل (2)، وأبو عبيدة في بعض مصنفاته - على ما حكاه بعض أصحابنا (3) - ولم يقدح الفخر الرازي في نهاية العقول (4) في صحته، وإن أجاب عنه بوجوه ضعيفة، وكفى كلامه عليه السلام شاهدا على صحته، وكون العقد لآخر بين أوقات الاستقالة لتنزيل اشتراكهما في التحقيق والوجود منزلة اتحاد الزمان، أو لان الظاهر من حال المستقبل لعلمه بأن الخلافة حق لغيره بقاء ندمه وكونه متأسفا دائما خصوصا عند ظهور أمارة الموت. وقوله: بعد وفاته، ليس ظرفا لنفس العقد بل لترتب الآثار على المعقود بخلاف قوله: في حياته. والمشهور (5) أنه لما احتضر أحضر عثمان وأمره أن يكتب عهدا، وكان يمليه عليه، فلما بلغ قوله: أما بعد. اغمي عليه، فكتب عثمان: قد استخلف عليكم عمر بن الخطاب. فأفاق أبو بكر فقال: اقرأ، فقرأه فكبر أبو بكر وقال: أراك خفت أن يختلف الناس إن مت في غشيتي ؟ ! قال: نعم. قال: جزاك الله
(1) أنساب الاشراف: ولم نحصل عليه فيما هو المطبوع منه. (2) الفضائل للسمعاني. (3) حديث الاستقالة تضافرت مصادره بل تواترت ألفاظه إجمالا، فقد ذكره الطبري في تاريخه 2 / 450 [4 / 52] وفيه: فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم. ، وقاله ابن قتيبة في الامامة والسياسة 1 / 14 - 16 و 18، والمسعودي في مروج الذهب 1 / 414، وابن عبد البر في العقد الفريد
2 / 254، والتمهيد للباقلاني: 195، واليعقوبي في تاريخه 2 / 107، وابن أبي الحديد في شرح النهج 3 / 14، وجاء في أعلام النساء 3 / 1214، والرياض النظرة 1 / 251 - 252، والصواعق المحرقة: 51، والبداية والنهاية 6 / 305، وكنز العمال 5 / 590 و 601 و 607 و 631 و 636 و 656، حديث 14062 و 14073 و 14081 و 14118 و 14121، وبهذا المضمون في الروايات الواردة في قول أبي بكر في الثلاث اللاتي قال فيها وددت اني تركتهن. . . . وددت اني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الامر في عنق أحد الرجلين - يريد بهما عمر وأبا عبيدة - فكان أحدهما أميرا وكنت وزير. (4) نهاية العقول: (5) كما في شرح النهج لابن أبي الحديد 1 / 165، وتاريخ الطبري 2 / 618 - 619، ومرت وستأتي مصادر اخرى.
[521]
خيرا عن الاسلام وأهله. ثم أتم العهد وأمره أن يقرأه على الناس. وذهب إلى عذاب الله في ليلة الثلاثاء بقين من جمادى الآخرة من سنة ثلاث عشرة على ما ذكره ابن أبي الحديد (1). وقال في الاستيعاب (2): قول الاكثر أنه توفي عشي يوم الثلاثاء المذكور، وقيل ليلته، وقيل عشي يوم الاثنين، قال: ومكث في خلافته سنتين وثلاثة أشهر إلا خمس ليال أو سبع ليال، وقيل: أكثر من ذلك إلى عشرين يوما (3). والسبب - على ما حكاه عن الواقدي (4) - أنه اغتسل في يوم بارد، فحم (5) ومرض خمسة عشر يوم. وقيل: سل (6). وقيل سم (7)، وغسلته زوجته أسماء بنت عميس، وصلى عليه عمر بن الخطاب، ودفن ليلا في بيت عائشة (8).
لشد ما تشطرا ضرعيه. اللام جواب القسم المقدر، وشد. أي صار شديدا، وكلمة ما مصدرية، والمصدر فاعل شد، ولا يستعمل هذا الفعل إلا في التعجب.
(1) في شرحه على نهج البلاغة 1 / 166. (2) الاستيعاب - المطبوع بهامش الاصابة - 2 / 256 - 257. (3) ترجمته في جل كتب التاريخ والرجال والتراجم نذكر منها: طبقات ابن سعد 9 / 26 - 28، الاصابة ترجمة رقم: 4808، تاريخ ابن الاثير 2 / 160، تاريخ الطبري 4 / 46، تاريخ اليعقوبي 2 / 106، صفة الصفوة 1 / 88، حلية الاولياء 4 / 93، الرياض النظرة: 44 و 187، وتاريخ الاسلام - عهد الخلفاء الراشدين -: 5 - 41، وغيره. وفي تاريخ الخميس 2 / 199: قيل: وكان اسمه في الجاهلية عبد الكعبة، فغيره رسول الله. (4) الاستيعاب - المطبوع في هامش الاصابة - 2 / 256 - 257. (5) في (ك): فخم، وهو غلط. (6) قال الزبير بن بكار: كان به طرف من السل. وحكاه في الاستيعاب. (7) القاتل هو سلام بن أبي مطيع. (8) انظر: تاريخ الطبري 2 / 612، وتاريخ الخلفاء: 62.
[522]
وتشطرا: إما مأخوذ من الشطر - بالفتح - بمعنى النصف، يقال: فلان شطر ماله. أي نصفه (1)، فالمعنى أخذ كل واحد منهما نصفا من ضرعي الخلافة، وأما منه بمعنى خلف الناقة - بالكسر - أي حلمة ضرعها (2)، يقال: شطر ناقته تشطيرا: إذا صر خلفين من اخلافها (3). أي شد عليهما الصرار، وهو خيط يشد فوق الخلف لئلا يرضع منه الولد (4)، وللناقة اربعة اخلاف، خلفان قادمان - وهما اللذان يليان السرة -، وخلفان آخران (5).
وسمى عليه السلام خلفين منها ضرعا لاشتراكهما في الحلب دفعة، ولم نجد التشطر على صيغة التفعل في كلام اللغويين. وفي رواية المفيد رحمه الله (6) وغيره (7): شاطرا - على صيغة المفاعلة - يقال: شاطرت ناقتي، إذا احتلبت شطرا وتركت الآخر (8)، وشاطرت فلانا مالي: إذا ناصفته (9). وفي كثير من روايات السقيفة أنه عليه السلام قال - لعمر بن الخطاب بعد يوم السقيفة -: احلب حلبا لك شطره، اشدد له اليوم يرده عليك غدا (10).
(1) كما ذكره في القاموس 2 / 58، ولسان العرب 4 / 406. (2) نص عليه في لسان العرب 9 / 92، والصحاح 4 / 1355. (3) كما في صحاح اللغة 2 / 697، ولسان العرب 4 / 407. (4) كذا في الصحاح 2 / 711، واللسان 4 / 451، وغيرهم. (5) قال في الصحاح 4 / 1355: والخلف - بالكسر -: حلمة ضرع الناقة القادمان والآخران. (6) الارشاد 153، وفيه: تشطر. (7) وجاء في الاحتجاج 1 / 191، وتلخيص الشافي 3 / 54 نظير ما ذكره في الارشاد، وفي الامالي: 1 / 383: شطر. (8) صرح به في الصحاح 2 / 697، وغيره. (9) كما في القاموس 2 / 58، والصحاح 2 / 697. (10) كما ذكره ابن قتيبة في الامامة والسياسة: 12 وغيره، وسيأتي نص كلامه. قال في مجمع الامثال 1 / 255 برقم 1029:. يضرب في الحث على الطلب والمساواة في المطلوب.
[523]
وقد مهد عمر أمر البيعة لابي بكر يوم السقيفة، ثم نص أبو بكر عليه لما حضر أجله، وكان قد استقضاه في خلافته وجعله وزيرا في أمرها مساهما (1) في
وزرها، فالمشاطرة تحتمل الوجهين. وفي رواية الشيخ (2) والطبرسي (3) ذكر التمثل في هذا الموضع بعد قوله: ضرعيه. فصيرها في حوزة خشناء يغلض كلمها ويخشن مسها ويكثر العثار فيها والاعتذار منه. وليست (فيها) في كثير من النسخ (4). والحوزة - بالفتح -: الناحية والطبيعة (5). والغلظ: ضد الرقة (6)، والكلم - بالفتح - الجرح (7)، وفي الاسناد توسع، وخشونة المس: الايذاء والاضرار وهو (8) غير ما يستفاد من الخشناء، فإنها عبارة عن كون الحوزة بحيث لا ينال ما عندها ولا يفوز بالنجاح من قصدها، كذا قيل. وقال بعض الشراح: يمكن أن يكون (من) في " الاعتذار منها " للتعليل، أي ويكثر اعتذار الناس عن أفعالهم وحركاتهم لاجل تلك الحوزة (9). وقال بعض الافاضل: الظاهر أن المفاد على تقدير إرادة الناحية تشبيه المتولي
(1) في (س): مساوم. (2) في أماليه: 1 / 383: قال ثم تمثل. وذكر البيت الشيخ المفيد في الارشاد: 153، من دون قوله: تمثل. (3) الاحتجاج: 192 [النجف 1 / 284] قال: ثم تمثل بقول الاعشى. وكذا ذكره الشيخ في تلخيص الشافي 3 / 54 أيض. (4) كما في أمالي الشيخ 1 / 383، ومعاني الاخبار: 343، وغيرهم. (5) نص عليه في القاموس 2 / 174، وقريب منه ما في لسان العرب 5 / 342 - 343. (6) كما ذكره في القاموس 2 / 397، ولسان العرب 7 / 449. (7) جاء في مجمع البحرين 6 / 157، والصحاح 5 / 2023، وغيرهم. (8) جاءت نسخة بدل في حاشية المطبوع من البحار: وهي.
(9) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 171.
[524]
للخلافة بالارض الخشناء في ناحية الطريق المستوي، وتشبيه الخلافة بالراكب السائر فيها أو بالناقة. أي أخرجها عن مسيرها المستوي وهو من يستحقها إلى تلك الناحية الحزنة، فيكثر عثارها، أو عثار مطيتها (1) فيها، فاحتاجت إلى الاعتذار من عثراتها الناشئة من خشونة الناحية، وهو في الحقيقة اعتذار من الناحية، فالعاثر والمعتذر حينئذ هي الخلافة توسعا، والضمير المجرور في (منها) راجع إلى الحوزة أو إلى العثرات المفهومة من كثرة العثار، ومن صلة للاعتذار أو للصفة المقدرة صفة (2) للاعتذار، أو حالا عن (يكثر). أي الناشئ أو ناشئا منها، وعلى ما في كثير من النسخ يكون الظرف المتضمن لضمير الموصوف أعني فيها محذوفا، والعثار والاعتذار على النسختين إشارة إلى الخطأ في الاحكام وغيرها، والرجوع عنها كقصة الحاملة والمجنونة وميراث الجد. وغيرها (3). وفي الاحتجاج (4): فصيرها والله (5) في ناحية خشناء، يجفو مسها، ويغلظ كلمها، فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها حزم (6)، وإن أسلس لها تقحم، يكثر فيها العثار، ويقل فيها الاعتذار (7). . . . فالمعنى انه كان يعثر كثيرا ولا يعتذر منها لعدم المبالاة، أو للجهل، أو لانه لم يكن لعثراته عذر حتى يعتذر، فالمراد بالاعتذار إبداء العذر ممن كان معذورا ولم يكن مقصر.
(1) في (س): مطيه. (2) لا توجد: صفة، في (ك). (3) جاء بألفاظ متقاربة ذكرها ابن ميثم في شرحه على نهج البلاغة 1 / 258 - 259. (4) الاحتجاج: 192 [النجف 1 / 284 - 285].
(5) لا يوجد لفظ الجلالة في الطبعتين من الاحتجاج، وجاء في الامالي للشيخ الطوسي 1 / 383، والارشاد للمفيد: 153. وجملة من المصادر. (6) في المصدر: خرم. (7) في المصدر بتقديم جملة: ويكثر العثار فيها والاعتذار منها، على قوله: فصاحبها كراكب. إلى آخره.
[525]
وفي رواية الشيخ (1) رحمه الله: فعقدها والله في ناحية خشناء، يخشن مسها - وفي بعض النسخ: يخشى مسها -، ويغلظ كلمها، ويكثر العثار والاعتذار فيها، صاحبها منها كراكب الصعبة إن شنق لها حزم، وإن أسلس لها عصفت به (2). فصاحبها كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم وإن أسلس لها تقحم. الصعبة من النوق: غير المنقادة (3)، واشنق بعيره. أي جذب رأسها بالزمام، ويقال: اشنق البعير بنفسه: إذا رفع رأسه، يتعدى ولا يتعدى (4)، واللغة المشهورة: شنق كنصر متعديا بنفسه، ويستعملان باللام، كما صرح به في النهاية (5). قال السيد رحمه الله في النهج (6) - بعد إتمام الخطبة - قوله عليه السلام: في هذه الخطبة - كراكب الصعبة إن أشنق لها خرم وإن أسلس لها تقحم. يريد أنه إذا شدد عليها في جذب الزمام وهي تنازعه رأسها خرم أنفها، وإن أرخى لها شيئا مع صعوبتها تقحمت به فلم يملكها، يقال: أشنق الناقة إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه وشنقها أيضا، ذكر ذلك ابن السكيت في إصلاح المنطق (7)، وإنما قال: أشنق لها ولم يقل أشنقها لانها جعله في مقابلة قوله: أسلس لها، فكأنه عليه
(1) أمالي الشيخ 1 / 383.
(2) في الامالي: عسفت به - بالسين -. (3) قال في مجمع البحرين 2 / 100: والناقة الصعبة: خلاف الذلول. وقال في النهاية 3 / 29: من كان مصعب. أي من كان بعيره صعبا غير منقاد ولا ذلول. (4) كما في الصحاح 4 / 1504، ولسان العرب 10 / 187. (5) النهاية 2 / 506، ومثله في لسان العرب 10 / 187، وفيهما: وفي حديث على [عليه السلام]: ان أشنق لها خرم. (6) نهج البلاغة - محمد عبده -: 1 / 37 - 38، صبحي صالح: 50 ذيل خطبة 3. (7) اصلاح المنطق: 36.
[526]
السلام قال: إن رفع لها رأسها بالزمام (1) بمعنى أمسكه عليها (انتهى). فاللام (2) للازدواج، والخرم: الشق، يقال: خرم فلانا - كضرب -. أي شق وترة أنفه، وهي ما بين منخريه فخرم هو كفرح (3)، والمفعول محذوف وهو ضمير الصعبة كما يظهر من كلام بعض اللغويين، أو أنفها كما يدل عليه كلام السيد وابن الاثير وبعض الشارحين، واسلس له. أي ارخى زمامها لها (4)، وتقحم. أي رمى نفسه في مهلكة، وتقحم الانسان الامر. أي رمى نفسه (5) فيها من غير روية (6). وذكروا في بيان المعنى وجوها: منها: ان الضمير في صاحبها يعود إلى الحوزة المكنى بها عن الخليفة أو أخلاقه (7)، والمراد بصاحبها من يصاحبها كالمستشار وغيره، والمعنى ان المصاحب للرجل المنعوت حاله في صعوبة الحال كراكب الناقة الصعبة، فلو تسرع إلى إنكار القبائح من أعماله أدى إلى الشقاق بينهما وفساد الحال، ولو سكت وخلاه وما يصنع أدى إلى خسران المال.
ومنها: ان الضمير راجع إلى الخلافة أو إلى الحوزة، والمراد بصاحبها نفسه عليه السلام، والمعنى ان قيامي في طلب الامر يوجب مقاتلة ذلك الرجل وفساد أمر الخلافة رأسا، وتفرق نظام المسلمين، وسكوتي (8) عن يورث التقحم في موارد
(1) لا توجد: بالزمام، في طبعة محمد عبده، وفي طبعة صبحي صالح: امسكه عليها بالزمام. (2) يعني اللام في قوله: أشنق له. (3) كما في القاموس 4 / 104، وتاج العروس 8 / 271، وقريب منهما ما في لسان العرب 12 / 170. (4) قال في مجمع البحرين 4 / 78، والمصباح المنير 1 / 344: سلس سلسا - من باب تعب -: سهل ولان، وعليه فإن ما ذكره قدس سره لازم للمعنى لانفسه. (5) لا توجد: نفسه، في طبعة (س). (6) كما جاء في النهاية 4 / 18، ولسان العرب 12 / 462 - 463، وغيره. (7) في (ك): اخلافه. (8) في (ك): سكوني.
[527]
الذل والصغار. ومنها: ان الضمير راجع إلى الخلافة، وصاحبها من تولى أمرها مراعيا للحق وما يجب عليه، والمعنى أن المتولي لامر الخلافة إن أفرط في إحقاق الحق وزجر الناس عما يريدونه بأهوائهم أوجب ذلك نفار طباعهم وتفرقهم عنه، لشدة الميل إلى الباطل، وإن فرط في المحافظة على شرائطها ألقاه التفريط في موارد الهلكة، وضعف هذا الوجه وبعده واضح. هذا ما قيل فيه (1) من الوجوه، ولعل الاول أظهر (2). ويمكن فيه تخصيص الصاحب به عليه السلام، فالغرض بيان مقاساته الشدائد في أيام تلك الحوزة الخشناء للمصاحبة، وقد كان يرجع إليه عليه السلام
بعد ظهور الشناعة في العثرات، ويستشيره في الامور للاغراض. ويحتمل عندي وجها [كذا] آخر وهو: أن يكون المراد بالصاحب عمر، وبالحوزة سوء أخلاقه، ويحتمل إرجاع الضمير إلى الخلافة. والحاصل: انه كان لجهله بالامور، وعدم استحقاقه للخلافة، واشتباه الامور عليه كراكب الصعبة، فكان يقع في امور لا يمكنه التخلص منها أو لم يكن شئ من اموره خاليا عن المفسدة، فإذا استعمل الجرأة والجلادة (3) والغلظة كانت على خلاف الحق، وإن استعمل اللين كان للمداهنة في الدين. فمني الناس - لعمر الله - بخبط وشماس وتلون واعتراض. مني - على المجهول - أي ابتلي (4)، والعمر - بالضم والفتح -: مصدر عمر الرجل - بالكسر - إذا عاش زمانا طويلا (5)، ولا يستعمل في القسم الا العمر
(1) لا توجد: فيه، في (س). (2) ذكره هذه الوجوه مفصلا ابن ميثم في شرحه على نهج البلاغة 1 / 259 - 260، فلاحظ. (3) الجلادة: الصلابة، كما في الصحاح 2 / 458 وغيره. (4) كما جاء في القاموس 4 / 391، ولسان العرب 15 / 293. (5) قاله في مجمع البحرين 3 / 413، والصحاح 2 / 756.
[528]
- بالفتح -، فإذا ادخلت عليه اللام رفعته بالابتداء، واللام لتوكيد الابتداء، والخبر محذوف، والتقدير لعمر الله قسمي، وان لم تأت باللام نصبته نصب المصادر، والمعنى على التقديرين (1) أحلف ببقاء الله ودوامه (2)، والخبط - بالفتح -: السير على غير معرفة وفي غير جادة (3)، والشماس - بالكسر - النغار (4) يقال: شمس الفرس شموسا وشماس. أي منع ظهره، فهو فرس شموس - بالفتح - وبه شماس (5)، والتلون في الانسان: ان لا يثبت على خلق واحد (6)، والاعتراض: السير على غير
استقامة كأنه يسير عرضا (7). والغرض بيان شدة ابتلاء الناس في خلافته بالقضايا الباطلة لجهلة واستبداده برأيه مع تسرعه إلى الحكم وإيذائهم بحدته وبالخشونة في الاقوال والافعال الموجبة لنفارهم عنه، وبالنفار عن الناس كالفرس الشموس، والتلون في الآراء والاحكام لعدم ابتنائها على أساس قوي، وبالخروج عن الجادة المستقيمة التي شرعها الله لعباده، أو بالوقوع في الناس في مشهدهم ومغيبهم، أو بالحمل على الامور الصعبة، والتكاليف الشاقة. ويحتمل أن يكون الاربعة أوصافا للناس
(1) أي على تقدير دخول اللام وعدمه. (2) نص عليه في الصحاح 2 / 752، ولسان العرب 4 / 601 - 602. (3) قال في مجمع البحرين 4 / 244: والخبط: حركة على غير النحو الطبيعي وعلى غير اتساق، والخبط: المشي على غير الطريق. وقال في القاموس 2 / 356: خبط الليل: سار فيه على غير هدى. (4) قال في النهاية 2 / 501: شمس - جمع شموس - وهو النفور من الدواب الذي لا يستقر لشغبه وحدته، وبنصه في لسان العرب 6 / 113. أقول: إن ملاحظة اللغة والسياق يقوي في النظر أن: النغار - بالغين المعجمة - صحيحها النفار - بالفاء -، ولعله يقرأ بالفاء في (ك). (5) ذكره في الصحاح 2 / 940، وقريب منه في مجمع البحرين 4 / 80. (6) كما في مجمع البحرين 6 / 316، والصحاح 6 / 2197، وغيرهم. (7) قال في القاموس 2 / 335: والاعتراض: المنع، والاصل فيه أن الطريق إذا اعترض فيه بناء أو غيره منع السابلة من سلوكه مطاوع العرض. وقال في الصحاح 3 / 1084: واعترض الشئ: صار عارضا كالخشبة المعترضة في النهر. واعترض الفرس في رسنه: لم يستقم لقائده.
[529]
في مدة خلافته، فإن خروج الوالي عن الجادة يستلزم خروج الرعية عنها أحيانا،
وكذا تلونه واعتراضه يوجب تلونهم واعتراضهم على بعض الوجوه، وخشونته يستلزم نفارهم، وسيأتي تفاصيل تلك الامور في الابواب الآتية إن شاء الله تعالى. فصبرت على طول المدة وشدة المحنة، حتى إذا مضى لسبيله جعلها في جماعة زعم أني أحدهم. وفي تلخيص الشافي: زعم أني سادسهم (1). والمحنة: البلية التي يمتحن بها الانسان (2). والزعم (3) - مثلثة - قريب من الظن (4). وقال ابن الاثير: انما يقال زعموا في حديث لا سند له ولا ثبت فيه (5). وقال الزمخشري: هي ما لا يوثق به من الاحاديث (6). وروي عن الصادق عليه السلام أنه قال: كل زعم في القرآن كذب (7). وكانت مدة غصبه للخلافة - على ما في الاستيعاب - عشر سنين وستة أشهر. وقال: قتل يوم الاربعاء لاربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، وقال الواقدي وغيره: لثلاث بقين منه، طعنه أبو لؤلؤة فيروز غلام المغيرة بن شعبة (8).
(1) تلخيص الشافي 3 / 54. (2) كما جاء في الصحاح 6 / 2201، ولسان العرب 13 / 401، وغيرهم. (3) كررت كلمة: والزعم في (س)، وقد خط على الثانية في (ك)، وهو الظاهر. (4) قال في القاموس 4 / 124: الزعم - مثلثة - القول الحق والباطل والكذب، ضد، وأكثر ما يقال فيما يشك فيه، ونحوه جاء في لسان العرب 12 / 264. (5) صرح بذلك في النهاية 2 / 303، ونحوه في لسان العرب 12 / 267. (6) قال في لسان العرب 12 / 267: وقال الزمخشري: معناه انهما يتحادثان بالزعمات وهي. إلى آخر ما في المتن. وقال في كتاب العين 1 / 364: " هذه لله بزعمهم " ويقرأ بزعمهم أي بقولهم
الكذب. (7) قال في مجمع البحرين 6 / 79: وفي الحديث: كل زعم في القرآن كذب. (8) الاستيعاب المطبوع على هامش الاصابة 2 / 467.
[530]
واشتهر بين الشيعة أنه قتل في التاسع من ربيع الاول، وسيأتي فيه بعض الروايات. والجماعة الذين أشار عليه السلام إليهم أهل مجلس الشورى، وهم ستة - على المشهور -: علي عليه السلام وعثمان وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف. وقال الطبري (1): لم يكن طلحة ممن ذكر في الشورى ولا كان يومئذ بالمدينة. وقال احمد بن أعثم (2): لم يكن بالمدينة. فقال عمر: انتظروا بطلحة ثلاثة أيام، فإن جاء وإلا فاختاروا رجلا من الخمسة. فيا لله وللشورى. الشورى - كبشرى، مصدر - بمعنى المشورة (3)، واللام في فيا لله: مفتوحة لدخولها على المستغاث، ادخلت للدلالة على اختصاصها بالنداء للاستغاثة، وأما في: وللشورى فمكسورة دخلت على المستغاث له (4)، والواو زائدة أو عاطفة على محذوف مستغاث (5) له أيضا، قيل: كأنه قال: فيا لعمر وللشورى. أو: لي وللشورى. ونحوه، والاظهر فيا لله لما أصابني عنه، أو لنوائب الدهر عامة وللشورى خاصة، والاستغاثة للتألم من الاقتران بمن لا يدانيه في الفضائل، ولا يستأهل للخلافة، وسيأتي قصة الشورى في بابه. متى (6) اعترض الريب في مع الاول منهم حتى صرت اقرن إلى هذه
(1) في تاريخه 3 / 292 باب قصة الشورى.
(2) في الفتوح 2 / 327، وانظر تاريخ الاسلام للذهبي - عهد الخلفاء الراشدين -: 281، وطبقات ابن سعد 3 / 344 وغيره. (3) نص عليه في الصحاح 2 / 705، ولسان العرب 4 / 437. (4) كما في مجمع البحرين 6 / 170، والصحاح 5 / 2035، وغيرهم. (5) هنا كلمة: ليس، وضعت في حاشية (ك) وارجعت إلى هنا وبعدها: صح. ولم نجد لها وجها مناسب. (6) في (س): مع.
[531]
النظائر. وفي رواية الشيخ (1) وغيره: فيا للشورى والله (2)، متى اعترض الريب (3) في مع الاولين، فأنا الآن اقرن. وفي الاحتجاج (4): مع الاولين منهم حتى صرت الآن يقرن بي هذه (5) النظائر. ويقال (6): اعترض الشئ. أي صار عارضا كالخشبة المعترضة في النهر (7)، والريب: الشك (8)، والمراد بالاول أبو بكر. وأقرن إليهم - على لفظ المجهول - أي اجعل قرينا لهم ويجمع بيني وبينهم. والنظائر الخمسة: أصحاب الشورى، وقيل: الاربعة كما سيأتي، والتعبير عنهم بالنظائر لان عمر جعلهم نظائر له عليه السلام، أو لكون كل منهم نظير الآخرين. لكني أسففت أن (9) أسفوا وطرت إذ طارو. وفي رواية الشيخ (10): و (11) لكني أسففت مع القوم حيث أسفوا وطرت مع القوم حيث طارو.
قال في النهاية - في شرح هذه الفقرة -: اسف الطائر: إذا دنا من
(1) الامالي 1 / 383. (2) في المصدر: ولله. (3) لا توجد: الريب، في (س). (4) الاحتجاج: 193 [طبعة النجف 1 / 286]. (5) في المصدر: مع الاول منهم حتى صرت اقرن إلى هذه. (6) خط على الواو، في (ك). (7) صرح به في الصحاح 3 / 1083، ولسان العرب 7 / 168 وغيرهم. (8) نص عليه في مجمع البحرين 2 / 76، والصحاح 1 / 141. (9) في (ك): إذ. (10) أمالي الشيخ الطوسي 1 / 383. (11) لا توجد الواو في (ك).
[532]
الارض، واسف الرجل للامر: إذا قاربه (1)، وطرت. أي ارتفعت استعمالا للكلي في أكمل الافراد بقرينة المقابلة. وقال بعض الشارحين (2): أي لكني طلبت الامر إن كان المنازع فيه جليل القدر أو صغير المنزلة لانه حقي ولم أستنكف من طلبه. والاظهر ان المعنى اني جريت معهم على ماجروا، ودخلت في الشورى مع أنهم لم يكونوا نظراء لي، وتركت المنازعة للمصلحة أو الاعم من ذلك بأن تكلمت معهم في الاحتجاج أيضا بما يوافق رأيهم، وبينت الكلام على تسليم حقية ما مضى من الامور الباطلة، وأتممت الحجة عليهم على هذا الوجه. فصغى رجل منهم لضغنه ومال الآخر لصهره مع هن وهن.
الصغي: الميل، ومنه اصغيت إليه: إذا ملت بمسعك نحوه (3). والضغن - بالكسر - الحقد والعداوة (4)، والصهر - بالكسر -: حرمة الختونة (5). وقال الخليل: الاصهار: اهل بيت المرأة، ومن العرب من يجعل الصهر من الاحماء والاختان (6) جميعا (7). وهن على وزن اخ: كلمة كناية ومعناه شئ واصله هنو (8). وقال الشيخ الرضي رضي الله عنه: الهن: الشئ المنكر الذي يستهجن
(1) النهاية 2 / 275، وانظر: لسان العرب 9 / 154. (2) شرح النهج لابن أبي الحديد 1 / 184 بتصرف في النقل. (3) كما في الصحاح 6 / 2401، وفي القاموس 4 / 352 نحوه، إلا أن كلمة نحوه لا توجد فيه. (4) ذكره في النهاية 3 / 91، وقريب منه ما في مجمع البحرين 6 / 275. (5) جاء في القاموس 2 / 74، ولسان العرب 4 / 471، وكتاب العين 3 / 411. (6) إلى هنا نقل في مجمع البحرين 3 / 370 عن الخليل. (7) وحكاه عنه في الصحاح 2 / 717 بنصه. وفي كتاب العين 3 / 411 نص بقوله: ولا يقال لاهل بيت الختن الا اختان، ولاهل بيت المرأة الاصهار، ومن العرب من يجعلهم [وفي نسخة مكتبة المتحف وفي نسخة الصدر وطهران: يجعله. ] كلهم أصهار. (8) صرح به في مجمع البحرين 1 / 479، والصحاح 6 / 2536.
[533]
ذكره من العورة والفعل القبيح أو غير ذلك (1)، والذي مال للضغن سعد بن أبي وقاص، لانه عليه السلام قتل أباه يوم بدر، وسعد أحد (2) من قعد عن بيعة أمير المؤمنين عليه السلام عند رجوع الامر إليه، كذا قال الراوندي رحمه الله (3). ورده ابن أبي الحديد (4) بأن أبا وقاص - واسمه مالك بن وهيب (5) - مات في الجاهلية حتف أنفه، وقال: المراد به طلحة، وضغنه لانه تيمي وابن عم أبي بكر،
وكان في نفوس بني هاشم حقد (6) شديد من بني تيم لاجل الخلافة وبالعكس، والرواية التي جاءت بأن طلحة لم يكن حاضرا يوم الشورى - إن صحت - فذو الضغن هو سعد، لان امه حمنة (7) بنت سفيان بن امية بن عبد شمس، والضغنة التي كانت عنده من قبل أخواله الذين قتلهم علي عليه السلام، ولم يعرف أنه عليه السلام قتل أحدا من بني زهرة لينسب الضغن إليه، والذي مال لصهره هو عبد الرحمن لان أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط كانت زوجة عبد الرحمن، وهي اخت عثمان من امه أروى (8) بنت كويز (9) بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس. وفي بعض نسخ كتب الصدوق رحمه الله (10): فمال رجل بضبعه - بالضاد المعجمة والباء - وفي بعضها: باللام (11). وقال الجوهري: الضبع: العضد. وضبعت الخيل. مدت أضباعها في
(1) نص عليه في شرح الرضي 1 / 25. (2) في (ك): واحد، والظاهر أن الواو زائدة. (3) في شرحه على النهج، منهاج البراعة 1 / 127. (4) في شرح النهج 1 / 189، وجاء بهذا المضمون من نفس المجلد: 187 - 188، فراجع. (5) في المصدر: اهيب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب. (6) في شرح النهج 1 / 188: حنق، وهي نسخة في مطبوع البحار. (7) الكلمة في (س) مشوشة. (8) في (س): ادوى. (9) في (ك) جاءت نسخة بدل: كريز. وهي كذلك في شرح النهج. (10) كما في معاني الاخبار: 344. (11) علل الشرائع 1 / 151.
[534]
سيره. ، وقال الاصمعي: الضبع: ان يهوي بحافره إلى عضده، وكنا في ضبع فلان - بالضم - أي في كنفه وناحيته (1). وقال: يقال ضلعك مع فلان. أي ميلك معه وهواك. ويقال: خاصمت فلانا فكان ضلعك علي. أي ميلك (2). وفي رواية الشيخ (3): فمال رجل لضغنه وأصغى آخر لصهره. ولعل المراد بالكناية رجاؤه أن ينتقل الامر إليه بعد عثمان، وينتفع بخلافته والانتساب إليه باكتساب الاموال والاستطالة والترفع على الناس، أو نوع من الانحراف عنه عليه السلام، وقد عد من المنحرفين أو غير ذلك مما هو عليه السلام أعلم به، ويحتمل أن يكون الظرف متعلقا بالمعطوف والمعطوف عليه كليهما، فالكناية تشتمل ذا الضغن أيض. إلى أن قام ثالث القوم نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضم الابل نبتة الربيع. وفي رواية الشيخ (4): إلى أن قام الثالث نافجا حضنيه بين نثيله ومعتلفه منها، وأسرع معه بنو أبيه في مال الله يخضمونه. والحضن - بالكسر - ما دون الابط إلى الكشح (5)، والنفج - بالجيم -: الرفع (6) يقال: بعير منتفج الجنبين: إذا امتلا من الاكل فارتفع جنباه (7)، ورجل
(1) كما صرح بذلك في الصحاح 3 / 1247 (2) الصحاح 3 / 1251. (3) أمالي الشيخ الطوسي 1 / 383. (4) أمالي الشيخ الطوسي 1 / 383. (5) قاله في الصحاح 5 / 2101، والقاموس 4 / 215، وغيرهم. (6) كما في الصحاح 1 / 345، والقاموس 1 / 210.
(7) قال في الصحاح 1 / 346: وانتفج جنبا البعير: ارتفع. وقال في النهاية 5 / 89: إذا ارتفعا وعظما خلقة، ونفجت الشئ فانتفج. أي رفعته وعظمته.
[535]
منتفج (1) الجنبين: إذا افتخر بما ليس فيه (2)، وظاهر المقام التشبيه بالبعير. وقال ابن الاثير: كنى به (3) عن التعاظم والخيلاء (4)، قال: ويروى نافخا - بالخاء المعجمة (5) - أي منتفخا مستعدا (6) لان يعمل عمله من الشر (7)، والظاهر على هذه الرواية أن المراد كثرة الاكل. والنثيل: الروث - بالفتح (8) -، والمعتلف - بالفتح - موضع الاعتلاف، وهو اكل الدابة العلف. (9) أي كان همه الاكل والرجع كالبهائم، وقد مر تفسير ما في رواية الصدوق رحمه الله (10). قال في القاموس: النثيل - بالفتح والكسر (11) - وعاء قضيب البعير. أو القضيب نفسه (12)، والخضم: الاكل بجميع الفم ويقابله القضم. أي باطراف الاسنان (13). وقال في النهاية - في حديث علي عليه السلام (14) -: فقام معه بنو أبيه (15)
(1) في (س): منتفخ. (2) قال في القاموس 1 / 210: النفاج: المتكبر كالمنتفج. وتنفج: افتخر بأكثر مما عنده. وقال في المصباح المنير 2 / 324: نفج الانسان - من باب قتل - فخر بما ليس عنده فهو نفاج. (3) أي بقوله عليه السلام: نافجا حضنيه. (4) النهاية 5 / 89. (5) لا توجد: بالخاء المعجمة، في المصدر. (6) في المصدر: منتفخ مستعد، وكلاهما بالرافع. (7) النهاية 5 / 90.
(8) صرح به في مجمع البحرين 5 / 477، والصحاح 5 / 1825. (9) جاء في لسان العرب 9 / 256، وتاج العروس 6 / 205. (10) في صفحة: 503 من هذا المجلد. (11) في (س): بالكسر، فحسب. (12) القاموس 3 / 344، باختلاف يسير. (13) كما في مجمع البحرين 6 / 59، والصحاح 5 / 1913 و 2013. (14) في المصدر: الترضية، بدلا من: التسليم. (15) في النهاية: بنو أمية، بدلا من: بنو أبيه.
[536]
يخضمون مال الله خضم الابل نبتة الربيع. : الخضم: الاكل باقصى الاضراس، والقضم بادناها، ومنه حديث أبي ذر: تأكلون خضما ونأكل قضما (1)، وقيل: الخضم خاص بالشئ الرطب (2) والقضم باليابس، والفعل خضم - كعلم - على قول الجوهري (3) وابن الاثير (4). وفي القاموس: كسمع وضرب (5)، واعرب المضارع في النسخ على الوجهين جميع. وقالوا: النبتة - بالكسر - ضرب من فعل النبات يقال: انه لحسن النبتة (6)، والكلام إشارة إلى تصرف عثمان وبني أمية في بيت مال المسلمين وإعطائه الجوايز وإقطاعه القطائع (7) كما سيأتي إن شاء الله. إلى أن انتكث عليه فتله، وأجهز عليه عمله، وكبت به بطنته. وفي الاحتجاج (8): إلى أن كبت به (9) بطنته وأجهز عليه عمله. والانكاث: الانتقاض، يقال: نكث فلان العهد والحبل فانتكث. أي نقضه فانتقض (10). وفتل الحبل: برمه ولي شقيه (11). والاجهاز: اتمام قتل
(1) النهاية 2 / 44.
(2) كما نص عليه في مجمع البحرين 6 / 59، والقاموس 4 / 107. (3) الصحاح 5 / 1913. (4) النهاية 2 / 44. (5) القاموس 4 / 107. (6) قال في لسان العرب 2 / 96: والنبتة: شكل النبات وحالته التي ينبت عليها، والنبتة: الواحدة من النبات، حكاه أبو حنيفة، فقال: العقيفاء: نبتة ورقها مثل ورق السذاب، وقال في موضع آخر: انما قدمناها لئلا يحتاج إلى تكرير ذلك عند ذكر كل نبت. أراد عند كل نوع من النبت. ونحوه في تاج العروس 1 / 590. (7) في (ك) نسخة بدل: القواطع. (8) الاحتجاج 1 / 287. (9) في المصدر: إلى أن انتكث عليه فتله وكبت به. إلى آخره. (10) نص عليه في الصحاح 1 / 295، والمصباح المنير 2 / 335. (11) قال في لسان العرب 11 / 514: الفتل: لي الشئ كليك الحبل. وقال في القاموس 4 / 28: فتله يفتله: لواه. والفتلة. برمة العرفط. وقال فيه أيضا 4 / 78: وأبرم الحبل: جعله طاقين ثم =
[537]
الجريح واسراعه (1)، وقيل: فيه (2) ايماء إلى ما أصابه قبل القتل من طعن أسنة الالسنة وسقوطه عن أعين الناس. وكبا الفرس: سقط على وجهه (3)، وكبا به: أسقطه. والبطنة: الكظة، أي: الامتلاء من الطعام (4). والحاصل أنه استمرت أفعالهم المذكورة إلى أن رجع عليه حيله وتدابيره ولحقه وخامة العاقبة فوثبوا عليه وقتلوه، كما سيأتي بيانه. فما راعني إلا والناس ينثالون علي من كل جانب.
وفي الاحتجاج (5): الا والناس رسل الي كعرف الضبع يسألون أن ابايعهم وانثالوا على حقي (6). وفي رواية الشيخ (7): فما راعني من الناس إلا وهم رسول كعرف الضبع يسألوني ابايعهم وأبى ذلك (8)، وانثالوا علي. والروع - بالفتح - الفزع والخوف، يقال: رعت فلانا وروعته فارتاع. أي افزعته ففزع، وراعني الشئ أي اعجبني (9)، والاول هنا أنسب.
= فتله. وقال في مجمع البحرين 6 / 16: الابرام - في الاصل - فتل الحبل، والنقض - بالضاد المعجمة: - نقيضه. (1) صرح بذلك في المصباح المنير 1 / 139، وقريب منه في لسان العرب 5 / 325. (2) لا توجد في (س): فيه. (3) كما في مجمع البحرين 1 / 356، ومثله في القاموس 4 / 381، قال: كبا كبوا وكبوا: انكب على وجهه. وكبا الكوز: صب ما فيه. (4) جاء في الصحاح 5 / 2080، وزاد فيه: امتلاء شديدا، ونحوه في لسان العرب 13 / 52 - 53. (5) الاحتجاج 1 / 287. (6) في المصدر:. الضبع ينثالون علي من كل جانب حتى. (7) في أماليه 1 / 383. (8) كذا، والظاهر: وآبى ذلك. (9) نص عليه في الصحاح 3 / 1223، ولسان العرب 8 / 136.
[538]
والثول: صب ما في الاناء، وانثال: انصب (1). وفي بعض النسخ الصحيحة: والناس إلي كعرف الضبع ينثالون (2). والعرف: الشعر الغليظ النابت (3) على عنق الدابة (4)، وعرف الضبع (5) مما يضرب
به المثل في الازدحام. وفي القاموس: الرسل - محركة - القطيع من كل شئ. والرسل - بالفتح -. المترسل من الشعر، وقد رسل - كفرح - رسل. (6) أي ما أفزعني حالة إلا حالة ازدحام الناس للبيعة، وذلك لعلمهم بقبح العدول عنه عليه السلام إلى غيره. حتى لقد وطئ الحسنان وشق عطفاي. . . . الوطئ: الدوس بالقدم (7)، والحسنان السبطان صلوات الله عليهما، ونقل عن السيد المرتضى رضي الله (8) عنه أنه قال: روى أبو عمر (9): وأنهم الابهامان، وأنشد للشفري (10):
(1) صرح به في النهاية 1 / 230، ولسان العرب 11 / 95. وفي (ك): وانصب. (2) كما في تلخيص الشافي للشيخ الطوسي 3 / 56 وغيره، وقريب منه في علل الشرائع للشيخ الصدوق 1 / 151. (3) في (ك): الثابت. (4) قاله في المصباح المنير 2 / 62، إلا أنه لم يصف الشعر بالغليظ، ومثله في القاموس 3 / 173، قال: والعرف: شعر عنق الدابة. (5) قال في لسان العرب 8 / 241: والضبع يقال لها: عرفاء، لطول عرفها وكثرة شعره. (6) القاموس 3 / 384. (7) كما جاء في النهاية 5 / 200، ولسان العرب 1 / 197، وغيرهم. (8) كما حكاه ابن ميثم في شرحه على نهج البلاغة 1 / 265. (9) هو ابو عمر محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم الباوردي (261 - 345 ه) المعروف ب: غلام ثعلب، من أئمة اللغة، له جمله مصنفات، انظر عنه: وفيات الاعيان 1 / 500، تاريخ بغداد 2 / 356، لسان الميزان 5 / 268، تذكرة الحفاظ 3 / 86، الوافي بالوفيات 4 / 72 وغيره.
(10) في شرح النهج: المشنفري، الظاهر: الشنفري.
[539]
مهضومة الكشحين حزماء (1) الحسن. . . . وروى أنه صلوات الله عليه كان يومئذ جالسا محتبيا - وهي جلسة رسول الله صلى الله عليه وآله المسماة بالقرفصاء (2) - فاجتمعوا ليبايعوه زاحموا حتى وطؤوا إبهاميه، وشقوا ذيله، قال (3): ولم يعن الحسن والحسين عليهما السلام وهما رجلان كسائر الحاضرين. وعطفا الرجل - بالكسر - جانباه (4)، فالمراد شق جانبي قميصه عليه السلام أو ردائه عليه السلام لجلوس الناس أو وضع الاقدام وزحامهم حوله. وقيل (5): أراد خدش جانبيه عليه السلام لشدة الاصطكاك والزحام. وفي بعض النسخ الصحيحة: وشق عطافي، وهو - بالكسر - الرداء (6)، وهو أنسب. مجتمعين حولي كربيضة (7) الغنم. الربيض والربيضة: الغنم المجتمعة في مربضها (8). أي مأواها (9). وقيل: إشارة إلى بلادتهم ونقصان عقولهم، لان الغنم توصف بقلة الفطنة.
(1) في المصدر: خرماء. (2) القرفصاء: هي جمع الركبتين وجمع الذيل، تعد من السنن. قال في القاموس 2 / 312: والقرفصى - مثلثة القاف، والفاء مقصورة - والقرفصاء - بالضم -، والقرفصاء - بضم القاف والراء على الاتباع -: ان يجلس على اليتيه ويلصق فخذيه ببطنه ويحتبي بيديه يضعهما على ساقيه، أو يجلس على ركبتيه منكبا ويلصق بطنه بفخذيه، ومثله في الصحاح 3 / 1051. (3) الكلام لا بن ميثم في شرحه على النهج 1 / 265، وهو مقول القول. (4) كما صرح به في مجمع البحرين 5 / 101، والصحاح 4 / 1405، وغيرهم. (5) ذكره في الصحاح 4 / 1405، ومجمع البحرين 5 / 101.
(6) القائل هو ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 1 / 200. (7) قال في النهاية 2 / 185: الربيض: الغنم نفسها، والربض: موضعها الذي تربض فيه. ومنه حديث علي [عليه السلام]: والناس حولي كربيضة الغنم. أي كالغنم الربض. (8) قال في الصحاح 3 / 1076، والقاموس 2 / 331: الربيض: الغنم ورعاتها المجتمعة في مرابضه. (9) ذكره في لسان العرب 7 / 149، والمصباح المنير 1 / 261. وزاد في اللسان: الربضة: الجماعة من الغنم والناس. والاصل للغنم.