[540]

فلما نهضت بالامر نكثت طائفة، ومرقت اخرى، وفسق آخرون.
وفي رواية الشيخ (1) والاحتجاج (2): وقسط آخرون.
نهض - كمنع - قام (3)، والنكث: النقص (4)، والمروق: الخروج (5)، وفسق الرجل - كنصر وضرب - فجر (6) واصله الخروج (7)، والقسط: العدل والجور (8)، والمراد به هنا الثاني.
والمراد بالناكثة: أصحاب الجمل (9)، وقد روى (10) أنه عليه السلام كان يتلو وقت مبايعتهم: و [من نكث فإنما ينكث على نفسه] (11).
وبالمارقة: أصحاب النهروان (12).
وبالفاسقة أو القاسطة: أصحاب صفين (13) وسيأتي اخبار النبي صلى الله
(1) أمالي الشيخ الطوسي 1 / 383.
(2) الاحتجاج 1 / 288، وفيه: وفسق آخرون.
!.
ولعل المصنف رحمه الله أراد إرشاد الشيخ المفيد: 153، أو شرح النهج لابن ميثم 1 / 251، أو تلخيص الشافي 3 / 56، أو غيرها، فتدبر.
(3) نص عليه في مجمع البحرين 4 / 233، والقاموس 2 / 347، وغيرهم.
(4) صرح به في الصحاح 1 / 295، ومجمع البحرين 2 / 266.
(5) كما في القاموس 3 / 282، ومجمع البحرين 5 / 235.
(6) جاء في القاموس 3 / 276، والصحاح 4 / 1543.
(7) مجمع البحرين 5 / 228، والمصباح المنير 2 / 146 قالا: الفسق: الخروج على وجه الفساد.
(8) ذكره في المصباح المنير 2 / 184، ومجمع البحرين 4 / 268.
(9) قال في النهاية 5 / 114: في حديث علي [عليه السلام]: امرت بقتال الناكثين والقاسطين والمارقين.
وأراد بهم أهل وقعة الجمل لانهم كانوا بايعوه ثم نقضوا بيعته وقاتلوه، وأراد بالقاسطين: أهل الشام، وبالمارقين: الخوارج، وعينه في لسان العرب 2 / 196 - 197.
وفي تاج العروس 1 / 651: وفي حديث علي كرم الله وجهه: امرت بقتال الناكثين.
وذكر نظير كلام ابن الاثير في نهايته إلى قوله: وقاتلوه.
(10) كما جاء في شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 201.
(11) الفتح: 10.
(12) قال في النهاية 4 / 230 - بعد ذكر حديث علي عليه السلام -: المارقين.
يعني الخوارج.
وعينه في لسان العرب 10 / 341، وتاج العروس 7 / 68.
(13) قال في النهاية 4 / 60 بعد ذكر حديث علي عليه السلام: والقاسطين أهل صفين، ومثله في لسان =

[541]

عليه وآله بهم وبقتاله عليه السلام معهم.
كأنهم لم يسمعوا الله سبحانه يقول: [تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الارض ولا فسادا والعاقبة للمتقين] (1).
الظاهر رجوع ضمير الجمع (2) إلى الخلفاء الثلاثة لا إلى الطوائف - كما توهم (3) - إذا الغرض من الخطبة ذكر هم لا الطوائف، وهو المناسب لما بعد الآية، لا سيما ضمير الجمع في سمعوها ووعوها (4).
والغرض تشبيههم في الاعراض عن الآخرة والاقبال على الدنيا وزخارفها للاغراض الفاسدة بمن أعرض عن نعيم الآخرة لعدم سماع الآية وشرائط الفوز بثوابها، والمشار إليها في الآية هي الجنة، والاشارة للتعظيم.
أي تلك الدار التي بلغك وصفه.
والعلو: هو التكبر (5) على عباد الله والغلبة عليهم، والاستكبار عن العبادة.
والفساد: الدعاء إلى عبادة غير الله، أو أخذ المال وقتل النفس بغير حق، أو العمل بالمعاصي والظلم على الناس، والآية لما كانت بعد قصة قارون وقبله قصة فرعون فقيل إن العلو إشارة إلى كفر فرعون، لقوله تعالى فيه (6): [علا في الارض] (7) والفساد إلى بغي قارون لقوله تعالى: [ولا تبغ الفساد في الارض] (8) ففي كلامه عليه السلام يحتمل كون الاول إشارة إلى
= العرب 7 / 378، وتاج العروس 5 / 206.
(1) القصص: 83.
(2) أي قوله عليه السلام: لم يسمعو.
(3) قال ابن ميثم في شرحه على نهج البلاغة 1 / 26: تنبيه لاذهان الطوائف الثلاث المذكورة [أي الناكثين والقاسطين والمارقين] ومن عساه يتخيل أن الحق في سلوك مسالكهم.
إلى آخره.
ونظيره في شرح ابن أبي الحديد.
(4) في (ك): ودعوها، وهو غلط، لما سيأتي.
(5) كما نصت عليه كتب اللغة.
أنظر: مجمع البحرين 1 / 302، والصحاح 6 / 2435، وغيرهم.
(6) لا توجد في (س): فيه.
(7) القصص: 4.
(8) القصص: 77.

[542]

الاولين، والثاني إلى الثالث، أو الجميع إليهم جميعا، أو إلى جميع من ذكر في الخطبة كما قيل.
بلى والله لقد سمعوها ووعوها ولكنهم حليت الدنيا في أعينهم وراقهم زبرجه.
وفي رواية الشيخ (1): بلى والله لقد سمعوها ولكن راقتهم دنياهم وأعجبهم زبرجه.
وعى الحديث - كرمى -: فهمه وحفظه (2).
وحلي فلان بعيني وفي عيني - بالكسر -: إذا اعجبك، وكذلك حلى - بالفتح - يحلو حلاوة (3).
وراقني الشئ: اعجبني (4).
والزبرج: الزينة من وشي (5) أو جوهر أو نحو ذلك (6)، قال الجوهري: ويقال الزبرج (7): الذهب (8) وفي النهاية: الزينة والذهب والسحاب (9).
أما والذي فلق الحبة وبرأ النسمة لولا حضور الحاضر وقيام الحجة بوجود الناصر.
وفي رواية الشيخ (10): لولا حضور الناصر ولزوم الحجة وما أخذ الله من
(1) أمالي الشيخ الطوسي 1 / 383.
(2) جاء في لسان العرب 15 / 396، والنهاية 5 / 207، وفيهما: حفظه وفهمه.
(3) صرح به في الصحاح 6 / 2318، ولسان العرب 14 / 196، وغيرهم.
(4) كما في مجمع البحرين 5 / 173، والصحاح 4 / 1486.
(5) جاء في حاشية (ك): الوشي: نقش الثوب ويكون من كل لون.
(ق).
انظر: القاموس 4 / 400.
(6) ذكره في القاموس 1 / 191، والصحاح 1 / 318.
(7) لا توجد: الزبرج، في (س).
(8) الصحاح 1 / 318، ومثله في القاموس 1 / 191.
(9) النهاية 2 / 292، ومثله في القاموس 1 / 191.
(10) أمالي الشيخ الطوسي 1 / 383.

[543]

أولياء الامر.
الفلق: الشق (1)، وبر. . . . أي خلق، وقيل: قلما يستعمل في غير الحيوان (2)، والنسمة - محركة - الانسان أو النفس والروح (3).
والظاهر ان المراد بفلق الحبة شقها وإخراج النبات منه.
وقيل: خلقها (4).
وقيل: هو الشق الذي في الحب (5).
وحضور الحاضر.
اما وجود من حضر للبيعة فما بعده كالتفسير له، أو تحقق البيعة - على ما قيل -، أو حضوره سبحانه وعلمه، أو حضور الوقت الذي وقته الرسول صلى الله عليه وآله للقيام بالامر.
وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ولا سغب مظلوم.
كلمة ما مصدرية، والجملة (6) في محل النصب لكونها مفعولا لاخذ أو موصولة والعائد مقدر، والجملة بيان لما أخذه الله بتقدير حرف الجر أو بدل منه أو عطف بيان له.
والعلماء: إما الائمة عليهم السلام أو الاعم، فيدل على وجوب الحكم بين الناس في زمان الغيبة لمن جمع الشرائط.
وفي الاحتجاج (7): على أولياء الامر أن لا يقرو.
(1) نص عليه في مجمع البحرين 5 / 229، وغيره.
(2) صرح به في مجمع البحرين 1 / 48، وغيره.
(3) قال في النهاية 5 / 49: النسمة: النفس والروح. . . . النسمة: النفس - بالتحريك -، وراجع: الصحاح 5 / 2040، والقاموس 4 / 180، والمصباح المنير 2 / 310.
(4) نسب هذا القول إلى ابن عباس والضحاك قالا: فالق الحبة.
أي خالقه.
كما حكاه عنهما في شرح النهج لابن ميثم 1 / 267.
(5) قال ابن ميثم في شرح النهج 1 / 267: وهو الذي عليه جمهور المفسرين.
(6) أي جملة: أن لا يقاروا على.
(7) الاحتجاج 1 / 288.

[544]

والمقارة - على ما ذكره الجوهري -: ان تقر مع صاحبك وتسكن (1).
وقيل: إقرار كل واحد صاحبه على الامر وتراضيهما به.
والكظة: ما يعتري الانسان من الامتلاء من الطعام (2)، والسغب - بالتحريك - الجوع (3).
لالقيت حبلها على غاربها (4) ولسقيت آخرها بكأس أوله.
الضمائر راجعة إلى الخلافة، والغارب: ما بين السنام والعنق (5) أو مقدم السنام (6)، وإلقاء الحبل ترشيح (7) لتشبيه الخلافة بالناقة التي يتركها راعيها لترعى حيث تشاء ولا يبالي من يأخذها وما يصيبها، وذكر الحبل تخييل (8).
والكأس اناء فيه شراب أو مطلقا (9).
وسقيها بكأس أولها تركها والاغراض عنها لعدم الناصر.
وقال بعض الشارحين: التعبير بالكأس لوقوع الناس بذلك الترك في حيرة تشبه السكر (10).
(1) الصحاح 2 / 790، ومثله في لسان العرب 5 / 85.
(2) كما جاء في مجمع البحرين 4 / 290، والصحاح 3 / 1178، وغيرهم.
(3) نص عليه في مجمع البحرين 2 / 83، والصحاح 1 / 147.
(4) هذا مثل، قال في مجمع الامثال 1 / 196: حبلك على غاربك.
الغارب: أعلى السنام، وهذا كناية عن الطلاق.
أي اذهبي حيث شئت، وأصله ان الناقة إذا رعت وعليها الخطام القي على غاربها لانها إذا رأت الخطام لم يهنئها شئ.
ونحوه في فوائد اللآل 1 / 162، والمستقصى للزمخشري 2 / 56.
(5) كما ذكره في مجمع البحرين 2 / 131، والقاموس 1 / 111.
(6) صرح به في النهاية 3 / 350.
(7) لانه عليه السلام استعار الناقة للخلافة ثم فرع عليها ما يلائم الناقة من الغارب.
(8) أي تخييل أن الخلافة من جنس الناقة بذكر الحبل الذي كان يخص الناقة.
(9) كما في مجمع البحرين 4 / 99، والنهاية 4 / 137، والقاموس 2 / 244.
(10) شرح نهج البلاغة لابن ميثم 1 / 268، بتصرف.

[545]

ولالفيتم دنياكم هذه أزهد عندي (1) عن عفطة عنز.
وفي الاحتجاج (2): ولالفوا دنياكم أهون عندي.
قوله عليه السلام: الفيتم.
أي وجدتم (3)، واضافة الدنيا إلى المخاطبين لتمكنها في ضمائرهم ورغبتهم فيها (4)، والاشارة للتحقير.
والزهد: خلاف الرغبة، والزهيد: القليل (5)، وصيغة التفضيل على الاول على خلاف القياس كأشهر وأشغل.
والعنز - بالفتح - انثى المعز (6)، وعفطتها: ما يخرج من انفها عند النثرة، وهي منها شبه العطسة (7)، كذا قال بعض الشارحين (8)، وأورد عليه أن المعروف في العنز النقطة - بالنون - وفي النعجة - العفطة - بالعين - صرح به الجوهري (9) والخليل في العين (10).
وقال بعض الشارحين: العفطة من الشاة كالعطاس من الانسان، وهو غير معروف، وقال ابن الاثير: أي ضرطة عنز (11).
(1) لا توجد في (س): عندي.
وفي النهج: عندي من.
وهو الانسب.
(2) الاحتجاج 1 / 288، وفيه: ولالفيتم دنياكم عندي أهون من عفطة عنز.
وفي الارشاد للشيخ المفيد 153: ولالفوا دنياهم أزهد عندي.
ونظيره في الامالي للشيخ الطوسي 1 / 383.
(3) كما في مجمع البحرين 1 / 377، والصحاح 6 / 2484.
(4) لا توجد في (س): فيه.
(5) جاء في مجمع البحرين 3 / 59، والصحاح 2 / 481، وغيرهم.
(6) قاله في مجمع البحرين 4 / 27، والصحاح 3 / 887، وغيرهم.
(7) قال في مجمع البحرين 4 / 261: العفطة: عطسة عنز.
وقال في لسان العرب 7 / 352: قال الاصمعي: العافطة: الضائنة، والنافطة، الماعزة، وقال غير الاصمعي من الاعراب: العافطة: الماعزة إذا عطست.
وقيل: العفط والعفيط: عطاس المعز.
(8) قال ابن أبي الحديد في شرحه على النهج 1 / 203: وعفطة عنز: ما تنثره من أنفه.
وأكثر ما يستعمل ذلك في النعجة، فاما العنز فالمستعمل الاشهر فيها: النفطة. . . . فإن صح أنه لا يقال في العطسة عفطة إلا للنعجة، قلنا: إنه استعمله في العنز مجاز.
(9) في صحاحه 3 / 1143 و 1165.
(10) كتاب العين 2 / 18.
(11) النهاية 3 / 264، ونظيره في مجمع البحرين 4 / 261.
اقول: انهما ذكرا ذلك المعنى بعد ذكر جملة =

[546]

قالوا: وقام إليه رجل من أهل السواد عند بلوغه إلى هذا الموضع من خطبته فناوله كتابا (1)، فأقبل ينظر فيه، فلما فرغ من قراءته، قال له ابن عباس رحمة الله
= من هذه الخطبة الشريفة.
أعني قوله عليه السلام: ولكانت دنياكم هذه أهون علي من عفطة عنز.
(1) قال ابن ميثم في شرحه على النهج 1 / 269 - 270: قال أبو الحسن الكيدري - رحمه الله - وجدت في الكتب القديمة أن الكتاب الذي دفعه الرجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام كان فيه عدة مسائل: أحدها: ما الحيوان الذي خرج من بطن حيوان آخر وليس بينهما نسب ؟.
فأجاب عليه السلام: انه يونس بن متى عليه السلام خرج من بطن الحوت.
الثانية: ما الشئ الذي قليله مباح وكثيره حرام ؟.
فقال عليه السلام: هو نهر طالوت، لقوله تعالى: [إلا من اغترف غرفة بيده].
الثالثة: ما العبادة الذي [كذا] لو فعلها واحد استحق العقوبة وإن لم يفعلها استحق أيضا العقوبة ؟.
فأجاب ب‍: أنها صلاة السكارى.
الرابعة: ما الطائر الذي لا فرخ له ولا فرع ولا أصل ؟.
فقال: هو طائر عيسى عليه السلام في قوله: [واذ تخلق من الطين كهيئة الطير بإذني فتنفخ فيها فتكون طيرا بإذني].
الخامسة: رجل عليه من الدين ألف درهم وله في كيسه ألف درهم فضمنه ضامن بألف درهم، فحال عليه الحول فالزكاة على أي المالين تجب ؟.
فقال: إن ضمن الضامن بإجازة من عليه الدين فلا يكون عليه، وإن ضمنه من غير إذنه فالزكاة مفروضة في ماله.
السادسة: حج جماعة ونزلوا في دار من دور مكة وأغلق واحد منهم باب الدار وفيها حمام فمتن من العطش قبل عودهم إلى الدار فالجزاء على أيهم يجب ؟.
فقال عليه السلام: على الذي أغلق الباب ولم يخرجهن ولم يضع لهن ماء.
السابعة: شهد شهداء اربعة على محضر بالزنا فأمرهم الامام برجمه فرجمه واحد منهم دون الثلاثة الباقين، ووافقهم قوم أجانب في الرجم فرجع من رجمه عن شهادته والمرجوم لم يمت، ثم مات فرجع الآخرون عن شهادتهم عليه بعد موته، فعلى من يجب ديته ؟.
فقال: يجب على من رجمه من الشهود ومن وافقه.
الثامنة: شهد شاهدان من اليهود على يهودي أنه أسلم فهل تقبل شهادتهما أم لا ؟.
فقال: لاتقبل شهادتهما لانهما يجوزان تغيير كلام الله وشهادة الزور.
التاسعة: شهد شاهدان من النصارى على نصراني أو مجوسي أو يهودي أنه أسلم ؟.
=

[547]

عليه: يا أمير المؤمنين عليه السلام ! لو اطردت (1) مقالتك من حيث أفضيت.
فقال له (2): هيهات يابن عباس، تلك شقشقة هدرت ثم قرت.
أهل السواد: ساكنو القرى (3)، وتسمى القرى سوادا لخضرتها بالزرع والاشجار، والعرب تسمي الاخضر: أسود.
وناوله: أعطاه (4).
ويحتمل أن يكون اطردت - على صيغة الخطاب من باب الافعال - ونصب المقالة على المفعولية أو على صيغة المؤنث الغائب من باب الافتعال، ورفع المقالة على الفاعلية، والجزاء محذوف.
أي كان حسنا، وكلمة لو للتمني، وقد مر (5)
= فقال: تقبل شهادتهما لقول الله سبحانه: " ولتجدن أقربهم مودة للذين آمنوا الذين قالوا إنا نصارى.
" الآية، ومن لا يستكبر عن عبادة الله لا يشهد شهادة الزور.
العاشر: قطع انسان يد آخر فحضر اربعة شهود عنه الامام وشهدوا على قطع يده، وأنه زنا وهو محصن، فأراد الامام أن يرجمه فمات قبل الرجم.
فقال: على من قطع يده دية يد حسب، ولو شهدوا أنه سرق نصابا لم يجب دية يده على قاطعه.
والله أعلم.
(1) قال في الصحاح 2 / 502: واطرد الشئ: تبع بعضه بعضا وجرى.
وقال - قبل ذلك -: وفلان أطرده السلطان.
أي أمره بإخراجه عن بلده.
(2) لا توجد في (س): له.
وقد وضع عليها رمز نسخة بدل في (ك).
(3) قال الجوهري في الصحاح 2 / 492: سواد الكوفة والبصرة: قراهما، وقال في القاموس 1 / 304: سواد البلدة: قراه.
وقال ابن ميثم في شرحه على النهج 1 / 269:.
فأراد بأهل السواد سواد العراق.
(4) كما جاء في الصحاح 5 / 1837، ومجمع البحرين 5 / 488، وغيرهم.
(5) قد مر في صفحه: 504، قال في النهاية 2 / 489: الشقشقة: الجلدة الحمراء التي يخرجها الجمل العربي من جوفه ينفخ فياه فتظهر من شدقه [أي من جانب فمه] ولا تكون إلا للعربي.
ومنه حديث علي [عليه السلام] في خطبة له: تلك شقشقة هدرت ثم قرت.
ومثله في مجمع البحرين 5 / 195.
وقال في الصحاح 4 / 1503: والشقشقة - بالكسر -: شئ كالرئة يخرجه البعير من فيه إذا هاج.
ومثله في القاموس 3 / 251 وزاد فيه: والخطبة الشقشقية العلوية لقوله لابن عباس.
إلى آخره.

[548]

تفسير الشقشقة - بالكسر -.
وهدير الجمل: ترديده الصوت في حنجرته (1) وإسناده إلى الشقشقة تجوز.
وقرت.
أي سكنت (2).
وقيل: في الكلام إشعار بقلة الاعتناء بمثل هذا الكلام إما لعدم التأثير في السامعين كما ينبغي، أو لقلة الاهتمام بأمر الخلافة من حيث إنها سلطنة، أو للاشعار بانقضا مدته عليه السلام، فإنها كانت في قرب شهادته عليه السلام، أو لنوع من التقية أو لغيره.
قال ابن عباس: فوالله ما أسفت على كلام قط كأسفي على ذلك الكلام أن لا يكون أمير المؤمنين عليه السلام بلغ منه حديث أراد.
الاسف - بالتحريك -: اشد الحزن، والفعل كعلم (3)، وقط من الظروف الزمانية بمعنى ابدا (4).
وحكى ابن أبي الحديد، عن ابن الخشاب (5) أنه قال: لو سمعت ابن عباس يقول هذا لقلت له: وهل بقي في نفس ابن عمك أمر لم يبلغه لتتأسف (6) ؟ ! والله ما رجع عن الاولين ولا عن الآخرين (7).
أقول: إنما أطنبت الكلام في شرح تلك الخطبة الجليلة لكثرة جدواها وقوة الاحتجاج بها على المخالفين، وشهرتها بين جميع المسلمين، وإن لم نوف في كل فقرة حق شرحها حذرا من كثرة الاطناب، وتعويلا على ما بينته في سائر الابواب.
(1) كما في مجمع البحرين 3 / 518، والصحاح 2 / 853، وفيهما: البعير، بدلا من: الجمل.
(2) جاء في مجمع البحرين 3 / 456، والقاموس 2 / 115، وغيرهم.
(3) كما جاء في القاموس 3 / 117 وغيره.
(4) قال في الصحاح 3 / 1153: وقط معناها: الزمان، يقال ما رأيته قط.
وقال في المصباح المنير 2 / 191: ما فعلت ذلك قط.
أي في الزمان الماضي.
(5) ابن الخشاب، وهو أبو محمد عبد الله بن احمد.
(6) في المصدر: لم يبلغه في هذه الخطبة للتأسف أن لا يكون بلغ من كلامه ما أراد.
(7) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 1 / 205، وجاء في ذيل كلامه:.
ولا بقي في نفسه أحد لم يذكره إلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
!.

[549]

6 - شف (1): من كتب احمد (2) بن محمد الطبري المعروف بالخليلي، عن احمد (3) بن محمد بن ثعلبة الخماني، عن مخول (4) بن ابراهيم، عن عمرو بن شمر، عن جابر، عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام قال: قال ابن عباس: كنت أتتبع (5) غضب أمير المؤمنين عليه السلام إذا ذكر شيئا أو هاجه خبر، فلما كان ذات يوم كتب إليه بعض شيعته من الشام يذكر في كتابه أن معاوية وعمرو بن العاص وعتبة بن أبي سفيان والوليد بن عقبة ومروان اجتمعوا عند معاوية فذكروا أمير المؤمنين فعابوه وألقوا في أفواه الناس أنه ينتقص أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ويذكر كل واحد منهم ما هو أهله، وذلك لما أمر أصحابه (6) بالانتظار له بالنخيلة فدخلوا الكوفة فتركوه (7)، فغلظ ذلك عليه وجاء هذا الخبر فأتيته (8) بابه في الليل، فقلت: يا قنبر ! أي شئ خبر أمير المؤمنين ؟ قال: هو نائم، فسمع كلامي.
فقال (ع): من هذا ؟ قال (9): ابن عباس يا أمير المؤمنين.
قال: ادخل ! فدخلت، فإذا هو قاعد ناحية عن فراشه في ثوب جالس (10)
(1) كشف اليقين: 100 - 104، باختلاف في الاسناد والمتن نذكرهم.
(2) في المصدر: فيما نذكره عن احمد.
(3) في كشف اليقين: بالخليلي المقدم ذكره من كتابه المشار إليه من تسمية مولانا علي عليه السلام أمير المؤمنين في حياة النبي (ص) وأمره بالتسليم عليه بذلك، فقال ما هذا لفظه: أخبرنا احمد بن محمد ابن الطبري المعروف ب‍: الخليلي قال: أخبرنا احمد.
(4) في المصدر: الحماني، قال: حدثنا محول.
أي كلا اللفظين بالحاء المهملة.
(5) في كشف اليقين: اتبع.
(6) في المصدر: اخوانه، بدلا من: أصحابه.
(7) في المصدر ونسخة على (ك): وتركوه.
(8) في كشف اليقين: فأتيت.
(9) في المصدر: فقال.
(10) في المصدر: جائس، وهو بمعنى الطالب كما في كتب اللغة مثل مجمع البحرين 4 / 60، والصحاح 3 / 915، وغيرهم.

[550]

كهيئة المهموم، فقلت: ما لك يا أمير المؤمنين الليلة ؟.
فقال: ويحك يا بن عباس ! وكيف تنام عينا (1) قلب مشغول، يا بن عباس ! ملك جوارحك قلبك فإذا أرهبه (2) أمر طار النوم عنه، ها أنذا (3) كما ترى مذ أول (4) الليل اعتراني الفكر و (5) السهر لما تقدم من نقض عهد أول هذه الامة المقدر عليها نقض عهدها، إن رسول الله صلى الله عليه وآله أمر من أمر من (6) أصحابه بالسلام علي في حياته بإمرة المؤمنين فكنت أوكد أن أكون كذلك بعد وفاته.
يابن عباس ! أنا أولى الناس بالناس بعده ولكن امور اجتمعت على (7) رغبة الناس في الدنيا وأمرها ونهيها وصرف قلوب أهلها عني، وأصل ذلك ما قال الله تعالى في كتابه (8): [أم يحسدون الناس على ما آتهم الله من فضله فقد ءاتيناء ال إبراهيم الكتاب والحكمة وءاتينا هم ملكا عظيما] (9)، فلو لم يكن ثواب ولا عقاب لكان يتبليغ (10) الرسول صلى الله عليه وآله فرض على الناس اتباعه، والله عزوجل يقول: [ماءاتبكم الرسول فخذوه وما نهبكم عنه فانتهوا] (11)، أتراهم نهوا عني فأطاعوه (12) ! والذي فلق الحبة وبرأ النسمة وغدا (13) بروح أبي القاسم صلى الله
(1) قوله: تنام عين.
تنام فعل مبني للفاعل، وعينا فاعل مضاف، والقلب مضاف إليه.
(2) في المصدر: أدهاه، بدلا من: أرهبه.
(3) كذا، ولعله: أنا ذا - بألف بعد النون -.
(4) في المصدر: من أول.
(5) لا توجد الواو في المصدر.
(6) في المصدر: أمر أصحابه.
، والظاهر سقوط كلمة: من، منه، ومن (ك).
(7) كلمة: على هنا بمعنى: مع.
(8) في المصدر: قال الله عزوجل في كتابه.
(9) النساء: 54.
(10) في كشف اليقين: لكان تبليغ.
(11) الحشر: 7.
(12) في المصدر: فأطاعوا - بلا ضمير -.
(13) قال في مجمع البحرين 1 / 314: وغدا غدوا - من باب قعد -: ذهب غدوة، هذا أصله، ثم كثر =

[551]

عليه وآله إلى الجنة لقد قرنت (1) برسول الله صلى الله عليه وآله حيث يقول عز وجل: [إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا] (2)، ولقد طال - يا بن عباس - فكري وهمي وتجرعي غصة بعد غصة لامر (3) أو قوم على معاصي الله وحاجتهم (4) إلي في حكم الحلال والحرام حتى إذا أتاهم من الدنيا (5) أظهروا الغنى عني، كأن لم يسمعوا الله عزوجل يقول: [ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الامر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم] (6).
ولقد علموا أنهم احتاجوا إلي ولقد غنيت عنهم [أم على قلوب أقفالها] (7) فمضى من مضى قال علي بضغن القلوب وأورثها (8) الحقد علي، وما ذاك (9) إلا من أجل طاعته في قتل الاقارب مشركين فامتلوا غيظا واعتراضا، ولو صبروا في ذات الله (10) لكان خيرا لهم (11)، قال الله عزوجل: [لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوآدون من حاد الله ورسوله] (12) فابطنوا من ترك الرضا (13) بأمر الله، ما أورثهم النفاق !،
= حتى استعمل في الذهاب والانطلاق أي وقت كان.
(1) في (ك) نسخة: قربت.
(2) الاحزاب: 33.
ولم يذكر في المصدر ذيل الآية: " ويطهركم تطهيرا ".
(3) في (ك): لاصر.
(4) في المصدر: تقديم وتأخير واختلاف، والعبارة جاءت فيه هكذا: ورد قوم على معاصي الله وتجرعي غصة بعد غصة وحاجتهم.
(5) في كشف اليقين: أمن الدني.
(6) النساء: 83.
وفي المصدر بعد لفظ: منهم، توجد كلمة: الآية.
(7) سورة محمد (س): 24.
(8) في المصدر: واوريه.
أقول: لعلها من وري الزند.
أي خرجت ناره، والمراد من قوله عليه السلام: أنه أوقد نار الحقد علي في القلوب.
(9) في كشف اليقين: وما ذلك.
(10) وضع في مطبوع البحار على: ذات الله، رمز نسخة بدل.
(11) لا توجد: لكان خيرا لهم، في المصدر.
(12) المجادلة: 22.
وتوجد في المصدر اضافة كلمة الآية بعد: ورسوله.
(13) في المصدر: الرضى.
أقول: أي جعلوا من ترك الرضى بأمر الله بطانة، ما أورثهم النفاق ؟ !.

[552]

وألزمهم بقلة الرضا الشقاء (1) ! وقال الله عزوجل: [فلا تعجل عليهم إنما نعد لهم عدا] (2) فالآن - يا بن عباس - قرنت بابن آكلة الاكباد وعمرو وعتبة والوليد ومروان وأتباعهم (3)، فمتى اختلج في صدري والقي في روعي أن الامر ينقاد إلى دنيا (4) يكون هؤلاء فيها رؤساء (5) يطاعون فهم (6) في ذكر أولياء الرحمن يثلبونهم (7) ويرمونهم بعظائم الامور من أنك (8) مختلف (9)، وحقد قد سبق وقد علم المستحفظون (10) ممن بقي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله ان عامة أعدائي ممن أجاب الشيطان (11) علي وزهد الناس في، وأطاع هواه فيما يضره (12) في آخرته وبالله عزوجل الغنى، وهو الموفق للرشاد والسداد.
يابن عباس ! ويل لمن ظلمني، ودفع حقي، وأذهب عظيم منزلتي، اين كانوا اولئك وأنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وآله صغيرا لم يكتب علي صلاة وهم عبدة الاوثان، وعصاة الرحمن، وبهم توقد (13) النيران ؟ ! فلما قرب إصعار الخدود، واتعاس الجدود (14)، أسلموا كرها، وأبطنوا غير ما أظهروا، طمعا في أن
(1) في (س) نسخة: الشقاق، وفي المصدر: الشفاق.
(2) مريم: 84.
(3) في المصدر زيادة: وصار معهم في الحديث.
(4) في كشف اليقين: ان الانقياد إلى ربنا، بدلا من: ان الامر.
إلى آخره.
(5) لا توجد: رؤساء، في المصدر.
(6) في المصدر: فيهم.
(7) في كشف اليقين: يسلبونهم.
(8) كذا، والصحيح: إفك.
(9) خ.
ل: مختلق، كذا في المصدر.
(10) في المصدر: من انك مختلق وعقد قد سبق ولقد علم المحفوظون.
(11) في كشف اليقين: ومن حارب الشيطان.
أقول: الظاهر زيادة الواو وكون الشيطان منصوبا بنزع الخافض.
أي من حارب للشيطان علي.
(12) في المصدر: في نصرته.
(13) في كشف اليقين: ولهم يوقد.
(14) في كشف اليقين: واصغار الحدود.

[553]

يطفئوا نور الله (1) وتربصوا انقضاء أمر (2) الرسول وفناء مدته، لما أطمعوا أنفسهم في قتله، ومشورتهم في دار ندوتهم، قال الله عزوجل: [ومكروا ومكر الله والله خير الماكرين] (3)، وقال (4): [يريدون أن يطفؤا نور الله بأفواههم ويأبى الله إلا أن يتم نوره] (5) ولو كره المشركون.
يابن عباس ! ندبهم (6) رسول الله صلى الله عليه وآله في (7) حياته بوحي من الله يأمرهم بموالاتي، فحمل القوم ما حملهم مما حقد على أبينا آدم من حسد (8) اللعين له، فخرج من روح الله ورضوانه، وألزم اللعنة لحسده (9) لولي الله، وما ذاك بضاري إن شاء الله شيئ.
يا بن عباس ! أراد كل امرئ أن يكون رأسا مطاعا يميل (10) إليه الدنيا والى أقاربه فحمله هواه ولذة (11) دنياه واتباع الناس إليه أن يغصب (12) ما جعل لي (13)، ولولا اتقاي (14) على الثقل الاصغر أن ينبذ (15) فينقطع شجرة العلم وزهرة الدنيا وحبل الله المتين، وحصنه الامين، ولد رسول رب العالمين لكان طلب الموت
(1) في المصدر: نور الله بأفواههم.
(2) في المصدر: انقضاء عمر.
(3) آل عمران: 54.
(4) لا توجد: قال، في المصدر.
(5) سورة التوبة، آية: 32.
(6) في كشف اليقين: هداهم.
(7) لا توجد: في، في المصدر.
(8) في المصدر: جسد - بالجيم - وهو اشتباه.
(9) في (س): لجسده - بالجيم - وهو أيضا سهو.
(10) في المصدر: تميل.
(11) في كشف اليقين: ولدة.
قال في القاموس 1 / 347: واللدة: الترب، وهو الذي ولد معك أو تربى معك.
(12) في المصدر: ان نوزعت.
(13) في (ك): ولي، والواو زائدة.
(14) في المصدر: اتقائي، وهو الظاهر.
(15) في كشف اليقين: ان يبيد.

[554]

والخروج إلى الله عزوجل الذ عندي من شربة ظمآن ونوم وسنان، ولكني صبرت وفي المصدر (1) بلابل (2)، وفي النفس وساوس، [فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون] (3)، ولقديما ظلم الانبياء، وقتل الاولياء قديما في الامم الماضية والقرون الخالية [فتربصوا حتى يأتي الله بأمره] (4)، وبالله أحلف - يابن عباس - انه كما فتح بنا يختم بنا، وما أقول لك إلا حق.
يابن عباس ! إن الظلم يتسق (5) لهذه الامة ويطول الظلم، ويظهر الفسق، وتعلو كلمة الظالمين، ولقد أخذ الله على أولياء الدين أن لا يقاروا أعداءه (6)، بذلك أمر الله في كتابه على لسان الصادق رسول الله صلى الله عليه وآله فقال: [تعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان] (7).
يابن عباس ! ذهب الانبياء فلاترى نبيا، والاوصياء ورثتهم، عنهم أخذوا (8) علم الكتاب، وتحقيق الاسباب، قال الله عزوجل: [وكيف تكفرون وأنتم تتلى عليكم آيات الله وفيكم رسوله] (9)، فلا يزال الرسول باقيا ما نفدت (10) أحكامه، وعمل بسنته، وداروا حول أمره (11) ونهيه، وبالله أحلف - يابن عباس - لقد نبذ الكتاب، وترك قول الرسول إلاما لا يطيقون تركه من حلال وحرام، ولم
(1) في المصدر: وفي الصدور.
(2) ذكر في مجمع البحرين 5 / 325 ان البلابل بمعنى الهموم والاحزان.
(3) يوسف: 18.
(4) التوبة: 24.
(5) الاتساق: الانتظام، كما نص عليه في الصحاح 4 / 1566 وغيره.
(6) قال في الصحاح 2 / 790: قاره: قر معه وسكن.
(7) المائدة: 2.
وفي المصدر زيادة: الآية، بعد كلمة: العدوان.
(8) لا يوجد لفظ: أخذوا، في المصدر.
(9) آل عمران: 101.
ولم تذكر الواو في أول الآية، في المصدر.
(10) كذا، ولعل الاظهر بالذال المعجمة.
(11) في المصدر: ودار أحوال أمره.

[555]

يصبروا (1) على كل أمر (2) نبيهم (3): [وتلك الامثال نضربها للناس وما يعقلها إلا العالمون] (4) [افحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون] (5)، فبيننا وبينهم المرجع إلى الله: [وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون] (6).
يابن عباس ! عامل الله في سره وعلانيته (7) تكن من الفائزين، ودع من [اتبع هواه وكان امره فرطا] (8)، ويحسب معاوية ما عمل وما يعمل به من بعده، وليمده ابن العاص في غيه، فكأن عمره قد انقضى، وكيده قد هوى، وسيعلم الكافر لمن عقبى الدار.
وأذن المؤذن فقال: الصلاة ! يا بن عباس لا تفت، استغفر الله لي ولك وحسبنا الله ونعم الوكيل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.
قال ابن عباس: فغمني انقطاع الليل وتلهفت (9) على ذهابه.
بيان: ثلبه: تنقصه وصرح بعيبه (10).
قوله عليه السلام: وبهم توقد النيران.
أي نيران الفتن والحروب.
وفي القاموس: صعر خده تصعيرا وصاعره واصعره: اماله عن النظر إلى الناس تهاونا من كبر وربما يكون خلقة (11).
وقال: التعس: الهلاك والعثار والسقوط والشر والبعد
(1) في كشف اليقين: ولم يصبر.
(2) في (س): أمر كل.
بتقديم وتأخير.
(3) في المصدر: بينهم، بدلا من: نبيهم.
(4) العنكبوت: 43.
(5) المؤمنون: 115.
(6) الشعراء: 227.
(7) في المصدر: وعلانية - بدون ضمير -.
(8) الكهف: 28.
قال في مجمع البحرين 4 / 264: وامر فرط: مجاوز فيه الحد.
(9) لهف يلهف لهفا: حزن وتحسر، وكذلك التلهف على الشئ، قاله في صحاح اللغة 4 / 1429، وغيره.
(10) صرح به في الصحاح 1 / 94، ولسان العرب 1 / 241، وغيرهم.
(11) القاموس 2 / 69، وانظر: لسان العرب 3 / 456، وغيرهم.

[556]

والانحطاط والفعل: كمنع وسمع، وتعسه الله واتعسه (1).
انتهى.
والجدود - جمع الجد بالفتح - وهو الحظ والبخت، أو بالكسر وهو الاجتهاد في الامور (2)، فيمكن أن يكون اصعار الخدود من المسلمين كناية عن غلبتهم، واتعاس الجدود للكافرين، أو كلاهما للكافرين.
أي اجتمع فيهم التكبر والاضطرار، ويكون المراد بالاصعار (3) صرف وجوههم عما قصدوه على وجه الاجبار، والاول أظهر.
والوسنان عن غلبة النوم (4).
قوله عليه السلام: فلا يزال الرسول.
يدل على عدم الختصاص الآية بزمن الرسول صلى الله عليه وآله.
قوله: يحسب معاوية.
أي يكفيه، وفي بعض النسخ بالباء الموحدة فتكون زائدة، قال في النهاية: في قوله صلى الله عليه [وآله]: يحسبك ان تصوم في (5) كل شهر ثلاثة أيام.
أي يكفيك، ولو روي (بحسبك ان تصوم].
أي كفايتك أو كافيك كقولهم بحسبك قول السوء، والباء زائدة لكان وجها (6) انتهى.
والامر في قوله وليمده للتهد يد (7).
7 - شا (8): روى العباس بن عبد الله العبدي، عن عمرو بن شمر، عن رجاله قال: قالوا: سمعنا أمير المؤمنين عليه السلام يقول: ما رأيت منذ بعث الله
(1) القاموس 2 / 203، وقريب منه في لسان العرب 6 / 32.
(2) ذكره في مجمع البحرين 3 / 21، والصحاح 2 / 452.
(3) لا توجد: بالاصعار، في (س).
(4) قال في القاموس 4 / 275: الوسن: شدة النوم، أو اوله، أو النعاس، ووسن - كفرح - فهو وسن ووسنان.
وقال في لسان العرب 13 / 449 بعد ذكره ما في القاموس -: وسن فلان: إذا أخذته سنة النعاس.
ووسن الرجل فهو وسن.
أي غشي عليه من نتن البئر مثل: أسن.
(5) في المصدر: من، بدلا من: في.
(6) النهاية 1 / 381، وانظر: لسان العرب 1 / 312.
(7) يحتمل - قويا - أن يكون قوله: وليمده.
اخبارا لا إنشاء، وتكون اللام فيه لام الابتداء والتأكيد، أي والحال يمده في غيه.
(8) ارشاد الشيخ المفيد: 151.

[557]

محمدا (1) صلى الله عليه وآله رخاءا، والحمد لله، والله لقد خفت صغيرا (2) وجاهدت كبيرا، أقاتل المشركين وأعادي المنافقين حتى قبض الله نبيه صلى الله عليه وآله فكانت الطامة (3) الكبرى فلم أزل حذرا رجلا أخاف (4) أن يكون ما لا يسعني معه المقام - فلم أر - بحمد الله - إلا خيرا، والله ما زلت أضرب بسيفي صبيا حتى صرت شيخا، وإنه ليصبرني على ما أنا فيه ان ذلك كله في الله (5)، وأنا أرجو أن يكون الروح عاجلا قريبا، فقد رأيت أسبابه.
قالوا: فما بقي بعد هذه المقالة إلا يسيرا حتى أصيب عليه السلام.
8 - شا (6): روى عبد الله بن بكير الغنوي، عن حكيم بن جبير، قال: حدثنا من شهد عليا بالرحبة يخطب، فقال فيما قال: أيها الناس ! إنكم قد أبيتم إلا أن أقول ! أما ورب السماوات والارض لقد عهد إلي خليلي أن الامة ستغدر بك (7).
9 - شا (8): روى نقلة الآثار أن رجلا من بني أسد وقف على أمير المؤمنين علي عليه السلام فقال (9): يا أمير المؤمنين (ع) ! العجب منكم (10) يا بني هاشم، كيف عدل هذا (11) الامر عنكم وأنتم الاعلون نسبا (12) ونوطا بالرسول صلى الله عليه
(1) في المصدر: محمد.
- بالرفع - وهو سهو.
(2) في (ك): خفت الله صغير.
(3) الطامة: الداهية، كما في مجمع البحرين 6 / 107، والقاموس 4 / 145.
(4) في المصدر: وجلا اخاف، وهو أظهر.
(5) في المصدر: في الله ورسوله.
(6) ارشاد الشيخ المفيد: 151.
(7) في المصدر: بك من بعدي.
(8) ارشاد الشيخ المفيد: 156.
(9) في المصدر: وقف على أمير المؤمنين عليه السلام فقال له.
(10) في الارشاد: العجب فيكم.
(11) في المصدر: عدل بهذ.
(12) في الارشاد: نسبا وسبب.

[558]

وآله، وفهما للكتاب ؟ !.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: يا بن دودان ! إنك لقلق الوضين، ضيق المخزم، ترسل من غير (1) ذي مسد، لك ذمامة (2) الصهر وحق المسألة، وقد استعلمت فاعلم، كانت اثرة سخت بها نفوس قوم وشحت عليها نفوس آخرين (فدع عنك نهبا صيح في حجراته) وهلم الخطب في أمر ابن أبي سفيان، فلقد أضحكني الدهر بعد إبكائه، ولا غرو، بئس (3) القوم - والله - من خفضني وهيني (4) وحاولوا الادهان في ذات الله، هيهات ذلك مني (5) ! فإن تنحسر عنا محن البلوى أحملهم من الحق على محضه، وإن تكن (6) الاخرى [فلا تذهب نفسك عليهم حسرات] و [لا تأس على القوم الفاسقين] (7).
10 - د (8): في كتاب الارشاد لكيفية الطلب في أئمة العباد تصنيف محمد ابن الحسن الصفار، قال: وقد كفانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه المؤنة (9) في خطبة خطبها، أودعها من البيان والبرهان ما يجلي الغشاوة عن أبصار متأمليه، والعمى عن عيون متدبريه، وحلينا هذا الكتاب بها (10) ليزداد المسترشدون في هذا الامر بصيرة، وهي منه الله جل ثناؤه علينا وعليهم يجب شكره.
خطب صلوات الله عليه فقال: ما لنا ولقريش ! وما تنكر منا قريش غير أنا أهل بيت شيد الله فوق بنيانهم بنياننا، وأعلى فوق رؤوسهم رؤوسنا، واختارنا الله عليهم، فنقموا على الله
(1) في المصدر: ضيق المخرم ترسل غير.
(2) في (س): زمانة.
(3) في المصدر: ويئس، بدلا من: بئس.
(4) في المصدر: من حفضي ومنيتي.
وفي (ك): من خفضي وهنيتي، وتقرأ ما في (ك): وهينتي.
قال في القاموس 2 / 328: حفضه: ألقاه وطرحه من يديه.
والعود: حناه وعطفه.
(5) في المصدر: وهيهات ذلك مني وقد جدحوا بيني وبينهم شربا وبيئ.
(6) في (ك): وإن لم تكن.
(7) فاطر: 8، المائدة: 6، وفي المصدر: فلا تأس.
(8) العدد القوية: 189 - 199، حديث 19.
(9) في المصدر: المؤونة.
والمعنى واحد.
(10) في (ك) توجد تحت كلمة (بها) لفظة: خطبة.
ولعلها لبيان مرجع الضمير.

[559]

أن اختارنا عليهم، وسخطوا ما رضي (1) الله، وأحبوا ما كره الله (2)، فلما اختارنا الله (3) عليهم شركناهم في حريمنا، وعرفناهم الكتاب والنبوة، وعلمنا هم الفرض والدين (4)، وحفظناهم الصحف والزبر، وديناهم الدين والاسلام، فوثبوا علينا، وجحدوا فضلنا، ومنعونا حقنا، والتونا أسباب أعمالنا وأعلامنا، اللهم فإني استعديك على قريش فخذ لي بحقي منها، ولا تدع مظلمتي لديها، وطالبهم - يا رب - بحقي، فإنك الحكم العدل، فإن قريشا صغرت عظيم أمري (5)، واستحلت المحارم مني، واستخفت بعرضي وعشيرتي، وقهرتني على ميراثي من ابن عمي (6) وأغروا بي (7) أعدائي، ووتروا بيني وبين العرب والعجم، وسلبوني ما مهدت لنفسي من لدن صباي بجهدي وكدي (8)، ومنعوني ما خلفه أخي وجسمي (9) وشقيقي، وقالوا: إنك لحريص متهم ! أليس بنا اهتدوا من متاه (10) الكفر، ومن عمى الضلالة وعي (11) الظلماء (12)، أليس أنقذتهم (13) من الفتنة الصماء، والمحنة العمياء ؟ ويلهم (14) ! ألم أخلصهم من نيران الطغاة، وكرة العتاة،
(1) في المصدر: ما رض.
(2) لا يوجد لفظ الجلالة في (س).
(3) لا يوجد لفظ الجلالة في (س).
(4) في (ك): الفرائض والسنن والدين.
(5) في (ك) نسخة: قدري.
(6) في (س) نسخة: وأبي، وخط عليها في (ك)، وهو الظاهر.
(7) في المصدر: واعزوا بي.
وفي (س): واغزو.
(8) في (س): ووكدي.
(9) في نسخة في (ك): وحميمي.
(10) جاء رمز نسخة بدل على كلمة: متاه.
وتعرض المصنف رحمه الله لها في بيانه الآتي.
(11) العي: التحير في الكلام، كما في مجمع البحرين 1 / 311.
وقال في القاموس 4 / 368: عي بالامر: لم يهتد لوجه مراده أو عجز عنه ولم يطق أحكامه.
وعيي في المنطق عيا: حصر.
(12) نسخة في (ك): الجهالة.
(13) في (س) الكلمة مشوشة، ولعلها انقذتهم أيض.
(14) في المصدر: وبلهم.
كذ.