[80]

من البلاء العظيم حتى تملا (1) الارض قسطا وعدلا بعد ما ملئت ظلما وجورا، ألا وقد عهد إلي رسول الله صلى الله عليه وآله أن الامر صائر إلي بعد الثلاثين من وفاته وظهور الفتن، واختلاف الامة علي، ومروقهم من دين الله، وأمرني بقتال الناكثين والمارقين والقاسطين، فمن أدرك منكم ذلك الزمان وتلك الامور وأراد أن يأخذ بحظه من الجهاد معي فليفعل، فإنه والله الجهاد الصافي، صفاه لنا كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وآله، فكونوا - رحمكم الله - من أحلاس بيوتكم إلى أوان ظهور أمرنا، فمن مات منكم كان من المظلومين، ومن عاش منكم أدرك ما تقر به عينه إن شاء الله تعالى.
ألا وإني أخبركم أنه سيحملون علي خطة جهلهم (2)، وينقضون علينا عهد نبينا صلى الله عليه وآله لقلة علمهم بما يأتون ويذرون (3)، وسيكون منكم (4) ملوك يدرس عندهم العهد، وينسون ما ذكروا به، ويحل بهم ما يحل بالامم حتى يصيروا إلى الهرج والاعتداء وفساد العهد، وذلك لطول المدة وشدة المحنة التي أمرت بالصبر عليها، وسلمت لامر الله في محنة عظيمة يكدح فيها المؤمن حتى يلقى الله (5) ربه، وواها (6) للمتمسكين بالثقلين وما يعمل بهم ! وواها لفرج (7) آل محمد صلى الله عليه وآله من خليفة متخلف عتريف مترف (8)، يقتل خلفي وخلف
(1) في المصدر: يمل.
(2) في المصدر: من جهلهم.
(3) في الارشاد: وما يذرون.
(4) في (ك): منهم، وهو الظاهر.
(5) يلقى الله، وضع عليها في المطبوع رمز نسخة بدل.
(6) قال في مجمع البحرين 1 / 466: وفي حديث علي عليه السلام مع الرجلين: واها لهما فقد نبذا الكتاب جملته.
قيل معنى هذه الكلمة: التلهف، وقد توضع موضع إلا عجاب بالشئ، يقال: واها له.
(7) خ.
ل: لفرخ، وهو الاصوب، كما ذكرها المصنف رحمه الله في بيانه.
(8) في المصدر: في خليفة مستخلف عريف مترف.

[81]

الخلف، بلى (1) اللهم لا تخلو الارض من قائم بحجة إما ظاهرا مشهورا أو باطنا مستورا لئلا تبطل حجج الله وبيناته (2)، ويكون محنة (3) لمن اتبعه واقتدى به، وأين أولئك ؟ وكم أولئك ؟ أولئك (4) الاقلون عددا، الاعظمون عند الله خطرا، بهم يحفظ الله دينه وعلمه حتى يزرعها في صدور أشباههم، ويودعها أمثالهم، هجم بهم العلم على حقيقة الايمان، واستروحوا روح اليقين، وانسوا بما استوحش منه الجاهلون، واستلانوا ما استوعر منه المترفون، وصحبوا الدنيا بأبدان أرواحها معلقة بالملا (5) الاعلى، أولئك حجج الله في أرضه، وأمناؤه على خلقه، آه.
آه شوقا إليهم (6) وإلى رؤيتهم، وواها لهم على صبرهم على عدوهم، وسيجمعنا الله وإياهم في جنات عدن ومن صلح من آبائهم وأزواجهم وذرياتهم.
قال:.
ثم بكى.
وبكى القوم معه ودعوه (7) وقالوا: نشهد لك بالوصية والامامة والاخوة، وإن عندنا لصفتك وصورتك، وسيقدم وفد بعد هذا الرجل من قريش على الملك، ولنخرجن إليهم صورة الانبياء وصورة نبيك وصورتك وصورة ابنيك الحسن والحسين (8) عليهما السلام وصورة فاطمة عليها السلام زوجتك سيدة نساء العالمين بعد مريم الكبرى البتول، وإن ذلك لمأثور عندنا ومحفوظ، ونحن راجعون إلى الملك ومخبروه بما أودعتنا من نور هدايتك وبرهانك وكرامتك وصبرك على ما أنت فيه، ونحن المرابطون لدولتك، الداعون
(1) في (ك): بل.
(2) في (ك): بنيانه.
(3) في المصدر: نحلة.
(4) اولئك، لا توجد في المصدر وجاءت نسخة في مطبوع البحار.
(5) في المصدر: بالمحل، وهي نسخة في (ك).
(6) في إرشاد القلوب: على خلقه فواشوقاه إليهم.
، وفي مطبوع البحار جعلت بين آه وآه: هاة، ووضع عليها رمز نسخة بدل.
(7) في المصدر: ثم ودعوه.
(8) وضع على: الحسن والحسين (ع)، في المطبوع من البحار رمز نسخة بدل.

[82]

لك ولامرك، فما أعظم هذا البلاء، وما أطول هذه المدة، ونسأل الله التوفيق بالثبات، والسلام عليك ورحمة الله وبركاته.
بيان: قوله: ما عظمت.
اسم كان، أو خبره، أو عطف بيان للبلاء العظيم، وعلى الاخير إن ملك الروم أحد معمولي كان، وعلى الاولين استئناف لبيان ما تقدم، أو بيان لما، أو خبر بعد خبر لكان.
قال الجوهري: الخرق - بالتحريك -: الدهش من الخوف أو الحياء، وقد خرق - بالكسر - فهو خرق.
وبالتحريك (1) أيضا مصدر الاخرق، وهو ضد الرفيق (2).
والنزق: الخفة والطيش (3).
والرعديد - بالكسر -: الجبان (4).
والناكل: الجبان (5).
قوله: وتركهم بهم.
البهم - بالضم - جمع: البهيم، وهو المجهول الذي لا يعرف، وبالفتح ويحرك، جمع: البهيمة (6)، والبهيم الاسود: الخالص الذي لم يشبه غيره، وفي الحديث: يحشر الناس بهما - بالضم - قيل: أي ليس بهم شئ مما كان في الدنيا نحو البرص والعرج، أو عراة (7).
(1) في المصدر: والخرق، بدلا من: وبالتحريك.
وقال في القاموس 3 / 226:.
فهو خرق، والخرق - بالضم وبالتحريك -: ضد الرفق.
(2) في صحاح اللغة 4 / 1468، ومثله في لسان العرب 10 / 76، وفي (ك): الرقيق، بدل: الرفيق.
(3) ذكره في الصحاح 4 / 1558، والقاموس 3 / 285، وغيرهم.
(4) نص عليه في صحاح اللغة 2 / 475، والقاموس 1 / 295.
(5) صرح به في القاموس 4 / 60، وقال في الصحاح 5 / 1835: الناكل: الجبان الضعيف.
(6) كذا، والظاهر: البهمة كما في النهاية والقاموس.
(7) جاء في النهاية 1 / 167 - 169، ولسان العرب 12 / 56 - 59، والقاموس 4 / 82.

[83]

والحاصل أنه تركهم كالبهائم لا راعي لهم أو أشباها لا تميز بينهم بالامامة والرعية.
ومرق السهم من الرمية - كنصر -: خرج من الجانب الآخر (1).
وعطب كفرح - هلك (2).
قوله عليه السلام: فكيف آسى.
أي أحزن، من الاسى - بالفتح والقصر - وهو الحزن (3).
قوله عليه السلام: وهما السبيلان.
الضمير راجع إلى ما ظهر سابقا من اتباع الوصي وعدمه.
قوله عليه السلام: بعد الثلاثين.
هذا تاريخ آخر زمان خلافته عليه السلام، ولما اجتمعت أسباب استيلائه عليه السلام على المنافقين في قرب وفاته ولم يتيسر له ذلك بعروض شهادته علق رجوع الامر بهذا الزمان، أو هذا مما وقع فيه بداء، والمراد بالامر الشهادة والاستراحة عن تلك الدار (4) الفانية وآلامها وفتنه.
وقال الجوهري (5): احلاس البيوت: ما يبسط تحت حر الثياب (6)، وفي الحديث: كن حلس بيتك.
أي لا تبرح.
والحظة - بالضم -: الامر والقصة (7).
(1) قاله في القاموس 3 / 282، ولسان العرب 10 / 341، وغيرهم.
(2) كما في لسان العرب 1 / 610، والقاموس 1 / 106.
ولا توجد: هلك في (س).
(3) نص عليه في الصحاح 6 / 2268، والقاموس 4 / 299، ومجمع البحرين 1 / 27.
(4) في (س): الزمان.
(5) الصحاح 3 / 919، ومثله في القاموس 2 / 207.
(6) في المصدر: تحت الحر من الثياب، وفي القاموس 2 / 207 كما في المتن.
(7) جاء في القاموس 2 / 358، والصحاح 3 / 1123: والخطة - بالضم -: شبه القصة والامر، وفي كليهما بالخاء المعجمة والطاء المهملة.
وما تقدمت في المتن أيضا كانت كذلك، وأما الحظة - بالحاء المهملة والظاء المعجمة - فليست بذلك المعنى.

[84]

قوله: لفرج آل محمد (ص).
في أكثر النسخ بالجيم فهو تحسر على عدم حصول الفرج بسبب المتخلف (1) العتريف، والاصوب - بالخاء المعجمة (2) - أي نسلهم وذريتهم، وقد مر وسيأتي أنه عبر عن الحسنين عليهما السلام في كتب الانبياء عليهم السلام ب‍: الفرخين المستشهدين.
ويقال: رجل عتريف.
أي خبيث فاجر جرئ ماض (3)، ولعل المراد به يزيد لعنه الله، فإنه قتل الحسين وأولاده عليهم السلام.
قوله: وسيقدم وفد بعد هذا الرجل.
أي سيقدم ويأتي إلى ملكنا بعد ذهاب أبي بكر وخلافة عمر رسل ونخرج إلى رسله تلك الصور، ويحتمل أن يكون اشارة إلى ما سيأتي أنه وقع في زمن معاوية، حيث أخرج ملك الروم صور الانبياء عليهم السلام إلى يزيد فلم يعرفها وعرفها الحسن عليه السلام، وأجاب عن مسائله بعد ما عجز يزيد - لعنه الله - عنها (4).
وقد مر شرح بعض أجزاء الخبر في كتاب التوحيد (5) وكتاب المعاد (6) وسيأتي شرح بعضها في كتاب الغيبة وغيره (7)، فإن المحدثين فرقوا أجزاءه على الابواب،
(1) في (ك): التخلف.
(2) قال في مجمع البحرين 2 / 439، والقاموس 1 / 266: الفرخ: ولد الطائر، وكل صغير من الحيوان والنبات.
(3) كما صرح به في الصحاح 4 / 1399، والقاموس 3 / 171، وزاد في الاخير: غاشم متغشرم، بعد قوله ماض.
(4) كما جاء في جملة من الروايات، انظر: تفسير القمي 2 / 269 وما بعدها في حديث طويل.
(5) بحار الانوار 3 / 333 - 334.
(6) بحار الانوار 10 / 52 - 69 كتاب الاحتجاج.
(7) بحار الانوار لم نجده في كتاب الغيبة، وقد مرت قطعة منه في بحار الانوار: 3 / 272 - 275 و 328.
وسيأتي في 41 / 308، 58 / 9 - 14 حكاه عن الكافي والمناقب وغيرهما -، ونقل بعضه العامة كما صرح بذلك العلامة الاميني في غديره 7 / 179 - 181 عن الحافظ العاصمي في كتابه: زين الفتى في شرح سورة هل أتى.

[85]

وهي مروية في الاصول المعتبرة، وهذا مما يدل على صحتها، ويؤيده أيضا أنه قال الشيخ قدس الله روحه في فهرسته (1): سلمان الفارسي رحمة الله عليه.
روى خبر الجاثليق الرومي الذي (2) بعثه ملك الروم بعد النبي صلى الله عليه وآله، أخبرنا به ابن أبي جيد، عن ابن الوليد (3)، عن الصفار والحمير (4) عمن حدثه، عن إبراهيم بن حكم الاسدي، عن أبيه، عن شريك بن عبد الله، عن عبد الاعلى الثعلبي، عن أبي وقاص، عن سلمان الفارسي، انتهى.
2 - إرشاد القلوب (5): بحذف الاسانيد، قيل: لما كان بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله دخل يهودي المسجد فقال: أين وصي رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فأشاروا إلى أبي بكر، فوقف عليه وقال: إني أريد أن أسألك عن أشياء لا يعلمها إلا نبي أو وصي نبي.
فقال أبو بكر: سل عما بدا لك ؟ فقال اليهودي: أخبرني عما ليس لله ؟ وعما ليس عند الله ؟ وعما لا يعلمه الله ؟.
فقال أبو بكر: هذه مسائل الزنادقة، يا يهودي ! أو في السماء شئ لا يعلمه الله (6) ؟ وهم به المسلمون - وكان في القوم ابن عباس - فقال: ما أنصفتم الرجل ؟ !.
قال أبو بكر: أو ما سمعت ما تكلم به ؟.
فقال ابن عباس: إن كان عندكم جواب (7) وإلا فاذهبوا به إلى من يجيبه، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول لعلي بن أبي طالب عليه السلام: اللهم اهد قلبه وثبت لسانه.
(1) الفهرست للشيخ الطوسي: 1 / 158 برقم 329 طبعة جامعة مشهد [وصفحه: 80 برقم 328].
(2) لا توجد: الذي في (س).
(3) في (س): أبي الويد، وهو غلط.
(4) في المصدر: عن الحميري.
(5) إرشاد القلوب 2 / 108 - 109 [وفي طبعة أخرى: 2 / 315].
(6) في المصدر: أو في السماء والارض شئ ليس الله [كذا] ولا يعلمه إلا الله.
(7) في المصدر: جوابه.

[86]

قال: فقام أبو بكر ومن حضر (1) من المهاجرين والانصار فأتوا (2) عليا عليه السلام، فاستأذنوا عليه، فدخلوا، فقال أبو بكر: يا أبا الحسن ! إن هذا اليهودي سألني عن مسائل الزنادقة.
قال: فقال علي عليه السلام لليهودي: ما تقول يا يهودي ؟ قال: إني أسألك عن أشياء لا يعلمها إلا نبي أو وصي نبي.
فقال عليه السلام: سل، يا يهودي ! فأنبئك به.
قال: أخبرني عما ليس لله ؟ وعما ليس (3) عند الله ؟ وعما لا يعلمه الله ؟.
قال عليه السلام: أما قولك عما (4) ليس لله، فليس لله شريك، وأما قولك عما ليس عند الله، فليس عند الله ظلم للعباد (5)، وأما قولك عما لا يعلمه الله، فذلك قولكم إن عزيرا ابن الله، والله لا يعلم أن له ولد.
فقال اليهودي: أشهد أن لا إله إلا الله (6) وأن محمدا رسول الله، وأنك وصيه.
فقام أبو بكر ومن معه من المهاجرين فقبلوا رأس علي بن أبي طالب (7) عليه السلام وقال: يا مفرج الكروب (8).
3 - إرشاد القلوب (9): - بحذف الاسانيد (10) أيضا - مرفوعا إلى ابن
(1) في المصدر: حضره.
(2) في الارشاد: حتى أتو.
(3) في المصدر: ما ليس.
(4) في المصدر: أخبرني عم.
(5) وضع في (ك) على: للعباد، رمز نسخة بدل.
(6) في (ك) زيادة:.
وحده.
(7) في المصدر: أمير المؤمنين، بدلا من: علي بن أبي طالب.
(8) في الارشاد الكرب.
(9) إرشاد القلوب 2 / 109 - 112 [وفي طبعة أخرى: 2 / 316] سؤال اليهودي أبا بكر وعجزه عن جوابه، باختلاف يسير.
(10) في المصدر: الاسناد

[87]

عباس، قال: قدم يهوديان أخوان من رؤوس (1) اليهود، فقالا: يا قوم ! إن نبينا حدثنا أنه يظهر بتهامة رجل يسفه أحلام اليهود، ويطعن في دينهم، ونحن نخاف أن يزيلنا عما كانت عليه آباؤنا، فأيكم هذا النبي ؟.
فإن كان المبشر به داود آمنا به واتبعناه، وإن كان يورد (2) الكلام على إبلاغه ويورد الشعر ويقهرنا جاهدناه (3) بأنفسنا وأموالنا، فأيكم هذا النبي ؟.
فقال المهاجرون والانصار: إن نبينا قبض.
فقالا: الحمد لله، فأيكم وصيه ؟ فما بعث الله نبيا إلى قوم إلا (4) وله وصي يؤدي من بعده ويحكم ما (5) أمره به ربه، فأومأ المهاجرون والانصار إلى أبي بكر.
فقالوا (6): هذا وصيه.
فقالا لابي بكر: إنا نلقي عليك من المسائل ما يلقى على الاوصياء، ونسألك عما يسأل الاوصياء عنه ؟.
فقال أبو بكر: ألقيا، سأخبركما عنه (7) إن شاء الله تعالى.
فقال له أحدهما: ما أنا وأنت عند الله ؟ وما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة ؟ وما قبر سار بصاحبه ؟ ومن أين تطلع الشمس وأين تغرب ؟ وأين سقطت الشمس ولم تسقط مرة أخرى في ذلك الموضع (8) ؟ وأين تكون الجنة ؟ وأين تكون النار ؟ وربك يحمل أو يحمل ؟ وأين يكون وجه ربك ؟ وما اثنان شاهدان ؟ وما اثنان غائبان ؟ وما اثنان متباغضان ؟ وما الواحد ؟ وما الاثنان ؟ وما الثلاثة ؟ وما الاربعة ؟ وما الخمسة ؟ وما الستة ؟ وما السبعة ؟ وما الثمانية ؟ وما التسعة ؟ وما العشرة ؟ وما الاحدى عشر ؟ وما الاثني عشر ؟ وما العشرون ؟ وما
(1) في المصدر: ورؤساء.
(2) في (س): يود.
(3) في الارشاد: بالبلاغة ويقول الشعر بلسانه جاهدناه.
(4) في المصدر: فما أرسل الله نبيا إل.
وفي (س): بعثه.
وهو سهو.
(5) في إرشاد القلوب: ويحكي م.
(6) في (س): فقال.
(7) بدل: عنه، مسائلكما، كذا في المصدر.
(8) جاء السؤال في المصدر هكذا: واين طلعت الشمس ولم تطلع فيه بعد ذلك ؟.

[88]

الثلاثون ؟ وما الاربعون ؟ وما الخمسون ؟ وما الستون ؟ وما السبعون ؟ (1) وما الثمانون ؟ وما التسعون ؟ وما المائة ؟ !.
قال ابن عباس: فبقي أبو بكر لا يرد جوابا، وتخوفنا أن يرتد القوم عن الاسلام، فأتيت منزل علي بن أبي طالب عليه السلام فقلت له: يا علي ! إن رؤوسا من رؤساء اليهود (2) قد (3) قدموا المدينة، ألقوا على أبي بكر مسائل، وقد بقي لا يرد جواب.
فتبسم علي عليه السلام ضاحكا، ثم قال: هو الذي وعدني به رسول الله (4) صلى الله عليه وآله.
وأخذ يمشي أمامي فما أخطأت مشيته مشية رسول الله صلى الله عليه وآله حتى قعد في الموضع الذي كان يقعد فيه (5) رسول الله صلى الله عليه وآله، ثم التفت إلى اليهوديين.
فقال: يا يهوديان ! ادنوا مني وألقيا علي ما ألقيتما على الشيخ.
فقالا: من أنت ؟.
فقال: أنا علي بن أبي طالب، أخو النبي، وزوج فاطمة، وأبو الحسن والحسين، ووصيه في خلافته كلها (6)، وصاحب كل نفيسة (7) وغزاة، وموضع سر النبي صلى الله عليه وآله.
فقال اليهودي (8): ما أنا وأنت عند الله ؟.
قال: أنا مؤمن (9) منذ عرفت نفسي، وأنت كافر منذ عرفت نفسك، وما
(1) لا توجد: وما السبعون ؟، في المصدر.
(2) في المصدر: إن رؤساء اليهود.
(3) وضع على: قد، في (ك) رمز نسخة بدل.
(4) في المصدر: هو اليوم الذي وعدني رسول الله.
(5) وضع في مطبوع البحار على: فيه رمز نسخة بدل، ولا يوجد في المصدر.
(6) في المصدر: في حالاته كله.
(7) توجد في (ك) هنا نسخة بدل: قبسة.
(8) في المصدر: فقال له أحد اليهوديين.
(9) في الارشاد: أما أنا فمؤمن.

[89]

أدري ما يحدث الله بك (1) يا يهودي بعد ذلك ؟.
قال اليهودي: فما نفس في نفس ليس بينهما رحم ولا قرابة ؟.
قال: يونس بن متى في (2) بطن الحوت.
قال: فما قبر سار بصاحبه ؟.
قال: يونس، حين طاف به الحوت في سبعة أبحر.
قال له: فالشمس (3) من أين تطلع ؟.
قال: من قرن (4) الشيطان !.
قال: فأين تغرب ؟.
قال: في عين حمئة، وقال لي حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله: لا تصل في إقبالها ولا في إدبارها حتى تصير في مقدار رمح أو رمحين.
قال: فأين سقطت الشمس ولم تسقط مرة أخرى في ذلك الموضع (5) ؟.
قال: البحر، حين فرقة الله تعالى لقوم موسى عليه السلام.
قال له: ربك يحمل أو يحمل ؟.
قال: ربي يحمل كل شئ ولا يحمله شئ.
قال: فكيف قوله: * (ويحمل عرض ربك فوقهم يومئذ ثمانية) * (6).
قال: يا يهودي ! ألم تعلم أن الله له ما في السماوات وما في الارض وما بينهما وما تحت الثرى، وكل شئ على الثرى، والثرى (7) على القدرة، والقدرة عند ربي.
(1) لا يوجد لفظ الجلالة في المصدر، وبدل: بك: فيك.
(2) في المصدر: قال: ذاك يونس عليه السلام في.
(3) لا توجد الفاء في المصدر.
(4) في الارشاد: قرني - بالتثنية -.
(5) جاء السؤال في المصدر هكذا: فأين طلعت الشمس ثم لم تطلع في ذلك الموضع ؟.
(6) الحاقة: 17.
(7) لا يوجد في المصدر قوله: وكل شئ على الثرى، والثرى.

[90]

قال: فأين تكون الجنة ؟ وأين تكون (1) النار ؟.
قال: الجنة في السماء، والنار في الارض.
قال: فأين يكون (2) وجه ربك ؟.
فقال علي عليه السلام لابن عباس: ائتني بنار وحطب فأضرمها، وقال: يا يهودي ! فأين (3) وجه هذه النار ؟.
فقال: لا أقف لها على وجه.
قال: كذلك ربي * (فأين ما تولوا فثم وجه الله) * (4).
قال: فما اثنان شاهدان ؟.
قال: السماء والارض لا يغيبان (5).
قال: فما اثنان غائبان ؟.
قال: الموت والحياة لا نقف عليهم.
قال: فما اثنان متباغضان ؟.
قال: الليل والنهار.
قال: فما نصف (6) الشئ ؟.
قال: المؤمن.
قال: فما لا شئ ؟.
قال: يهودي مثلك كافر لا يعرف ربه (7).
قال: فما الواحد ؟.
(1) واين تكون، وضع عليها في (س) رمز نسخة بدل، ولا توجد في (ك).
(2) لا يوجد: يكون، في المصدر.
(3) في (ك): واين، وفي المصدر: قال: أين وجه هذه النار.
(4) البقرة: 115.
(5) جاء السؤال والجواب في المصدر هكذا: قال: فما اثنان شاهدان لا يغيبان ؟ قال: السماء والارض.
(6) في المطبوع، نسخة بدل: وصف، ووضع بعدها في (ك) رمز الاستظهار: (ظ).
(7) سقط السؤالان في المصدر من قوله: قال: فما نصف الشئ.
إلى: لا يعرف ربه.

[91]

قال: الله عزوجل.
قال: فما الاثنان ؟.
قال: آدم وحو.
قال: فما الثلاثة ؟.
قال: كذبت النصارى على الله عزوجل، قالوا عيسى (1) بن مريم ابن الله، والله (2) لم يتخذ صاحبة ولا ولد.
قال: فما الاربعة ؟.
قال: التوراة والانجيل والزبور والفرقان (3) العظيم.
قال: فما الخمسة ؟.
قال: خمس صلوات مفترضات.
قال: فما الستة ؟.
قال: خلق الله السماوات والارض في ستة أيام ثم استوى على العرش.
قال: فما السعبة ؟.
قال: سبعة أبواب النار متطابقات.
قال: فما الثمانية ؟.
قال: ثمانية أبواب الجنة.
قال: فما التسعة ؟.
قال: * (تسعة رهط يفسدون في الارض ولا يصلحون) * (4).
قال: فما العشرة ؟.
(1) هنا سقط، وفي المصدر: فقالوا: ثالث ثلاثة عيسى.
(2) لا يوجد لفظ الجلالة في المصدر.
(3) في المصدر: القرآن، بدل: الفرقان.
(4) النمل: 48.

[92]

قال: عشرة أيام من العشر (1).
قال: فما الاحد عشر ؟.
قال: قول يوسف لابيه: * (إني لرأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين) * (2).
قال: فما الاثنا عشر ؟.
قال: شهور السنة.
قال: فما العشرون ؟.
قال: بيع يوسف بعشرين درهم.
قال: فما الثلاثون ؟.
قال: ثلاثون ليلة من شهر رمضان صيامه فرض واجب على كل مؤمن إلا من كان مريضا أو على سفر.
قال: فما الاربعون ؟.
قال: كان (3) ميقات موسى ثلاثين ليلة قضاها (4)، والعشر كانت تمامه.
قال: فما الخمسون ؟.
قال: دعا نوح قومه ألف سنة إلا خمسين عام.
قال: فما الستون ؟.
قال: قال الله: * (فإطعام ستين مسكينا) * أو * (صيام شهرين متتابعين) * (5).
قال: فما السبعون ؟.
(1) في (ك) نسخة: الشهر، وهو الظاهر، ولا توجد: من، في المصدر.
(2) يوسف: 4.
(3) في (ك) وضع على: كان، رمز نسخة بدل.
(4) كتبت كلمة: قضاها، في حاشية (ك) ووضع عليهما رمز نسخة بدل.
(5) المجادلة: 4.

[93]

قال: اختار موسى قومه (1) سبعين رجلا لميقات ربه.
قال: فما الثمانون ؟.
قال: قرية بالجزيرة يقال لها: ثمانون (2)، منها قعد نوح في السفينة واستوت على الجودي وغرق (3) الله القوم.
قال: فما التسعون ؟.
قال: الفلك المشحون اتخد يوما (4) فيها بيتا للبهائم.
قال: فما المائة ؟.
قال: كانت لداود عليه السلام ستون سنة فوهب له آدم أربعين (5)، فلما حضر آدم عليه السلام الوفاة جحده، فجحد ذريته.
فقال: يا شاب ! صف لي محمدا صلى الله عليه وآله كأني أنظر إليه حتى أؤمن به الساعة ؟.
فبكى علي عليه السلام، ثم قال: يا يهودي ! هيجت أحزاني، كان حبيبي رسول الله صلى الله عليه وآله صلت (6) الجبين، مقرون الحاجبين، أدعج (7)
(1) في المصدر: من قومه.
(2) وضع على: ثمانون في المطبوع رمز نسخة بدل، وقد تقرأ ثمانين، ولعل كل منهما نسخة.
(3) في المصدر: وأغرق.
(4) في المصدر: اتخذ نوح فيه تسعين بيت.
وهو الظاهر.
ولا توجد: يوما في (س).
(5) هنا زيادة في المصدر: سنة من عمره.
(6) جاء في حاشية (ك): أي واسعة.
نهاية.
انظر: النهاية 3 / 45.
(7) الدعج والدعجة: السواد في العين وغيره.
نهاية، كذا جاءت في حاشية (ك).
انظر: النهاية 2 / 119.

[94]

العينين، سهل الخدين، أقنى (1) الانف، دقيق (2) المسربة (3)، كث (4) اللحية، براق الثنايا، كأن عنقه إبريق فضة، كان له شعرات من لبته (5) إلى سرته متفرقة (6) كأنها قضيب كافور، لم يكن بالطويل الذاهب ولا بالقصير النزر، كان إذا مشى مع الناس غمرهم (7)، كان إذا مشى كأنه ينقلع من صخرة أو ينحدر من صبب (8)، كان مبدول (9) الكعبين، لطيف القدمين، دقيق الخصر، عمامته السحاب، سيفه ذو الفقار، بغلته الدلدل، حماره اليعفور، ناقته العضباء (10)، فرسه المبدول (1)، قضيبه الممشوق، كان أشفق الناس على الناس، وأرأف الناس بالناس، كان بين كتفيه خاتم النبوة (12) مكتوب على الخاتم سطران، أول سطر: لا إله إلا الله.
والثاني: محمد (13) رسول الله، هذه صفته يا يهودي !.
(1) حاشية جاءت في (ك): أقنى، وفي وصفه صلى الله عليه وآله: اقنى العرنين.
القنا في الانف: طوله ودقة أرنبته مع حدب في وسطه، والعرنين، الانف.
نهاية.
انظر: النهاية 4 / 116 وفيها: قنا (س) في صفته عليه الصلاة والسلام.
ورقة ارنبته.
(2) في إرشاد القلوب: رقيق.
(3) جاء في حاشية (ك) هكذا: المسربة - بضم الراء -: ما دق من شعر الصدر مائلا إلى الجوف.
نهاية.
انظر: النهاية 2 / 356 وفيه: سائلا، بدلا من: مائل.
وفي المصدر: المشربة.
(4) والكثافة في اللحية: أن تكون غير رقيقة ولا طويلة.
نهاية.
كذا جاءت في حاشية (ك).
انظر: النهاية 4 / 152.
(5) قال في الصحاح 1 / 217: واللبة: المنحر، والجمع اللبات.
(6) في المصدر: متفرقة، ولا يوجد: قضيب.
(7) جاء في حاشية (ك) ما يلي: أي كان فوق كل من كان معه.
نهاية.
انظر: النهاية 3 / 384.
وفي المصدر: غمرهم نوره وكان.
(8) في (ك): الصلب.
(9) في إرشاد القلوب: مدور.
(10) جاء في (ك): الغضباء، وهو غلط ظاهر.
(11) في المصدر: فرسه لزار.
(12) وضع في (س) على: خاتم النبوة، رمز نسخة بدل، وقد حذفت من (ك).
(13) في الارشاد: فأما أول سطر ف‍: لا إله إلا الله، وأما الثاني ف‍: محمد.

[95]

فقال اليهوديان: نشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وانك وصي محمد حق.
وأسلما وحسن إسلامهما، ولزما أمير المؤمنين عليه السلام فكانا معه حتى كان من أمر الجمل ما كان، فخرجا معه إلى البصرة، فقتل احدهما في وقعة الجمل، وبقي الآخر حتى خرج معه إلى صفين فقتل.
إيضاح: قوله عليه السلام: كل نفيسة.
أي خصلة أو منقبة يتنافس ويرغب فيه (1)، وفي بعض النسخ: قبسة.
أي اقتباس علم وحكمة (2).
قوله: فكيف قوله: ويحمل.
غرضه إنك قلت الله حامل كل شئ فكيف يكون حامل العرش غيره ؟ فأجاب عليه السلام: بأن حامل الحامل حامل، والله حامل الحامل والمحمول بقدرته.
والنزر: القليل (3)، ولعل المراد به هنا الحقير، والمبدول لم نعرف له معنى، ولعله تصحيف (4)، وقد مر شرح سائر أجزاء الخبر في أبواب صفاته وحلاه صلى الله عليه وآله (5).
4 - إرشاد القلوب (6): - بحذف الاسناد - مرفوعا إلى الصادق عليه السلام قال: لما بايع الناس عمر بعد وفاة أبي بكر أتاه رجل من شبان اليهود - وهو
(1) قال في القاموس 2 / 255، والصحاح 3 / 985: والنفيس: يتنافس فيه ويرغب.
(2) قال في مجمع البحرين 4 / 94، والقاموس 2 / 238، والصحاح 3 / 960، والنهاية 4 / 4: القبس: شعلة من نار، والاقتباس: الاستفادة.
(3) كما في مجمع البحرين 3 / 492، والقاموس 2 / 141، وغيرهم.
(4) وقد مر أن في المصدر: لزار.
(5) بحار الانوار: 16 / 147 - 148 و 155 - 171 و 182 - 184 وغيرهم.
(6) إرشاد القلوب 2 / 112 - 113 [وفي طبعة أخرى 2 / 319] في جوابه عليه السلام عن مسألة يهودي آخر باختلاف يسير، وانظر بقية روايات الباب هناك.

[96]

في المسجد - فسلم عليه والناس حوله، فقال: يا أمير المؤمنين (1) ! دلني على أعلمكم بالله وبرسوله وبكتابه وسنته ؟.
فأومأ إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال: هذ.
فتحول الرجل إلى علي عليه السلام فسأله: أنت كذلك ؟.
قال (2): نعم (3).
فقال: إني أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة.
قال: أفلا قلت عن سبع ؟.
قال: أفلا قلت عن سبع ؟.
قال اليهودي: لا (4)، إنما أسألك عن ثلاث، فإن أجبت فيهم فسألتك (5) عن ثلاث بعدها، وإن لم تصب لم أسألك.
فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أخبرني إذا أجبتك بالصواب والحق تعرف ذلك ؟ - وكان الفتى من علماء اليهود وأحبارهم، يروون (6) أنه من ولد هارون أخي موسى بن عمران -.
فقال: نعم.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: بالله الذي لا إله إلا هو لئن أجبتك بالصواب والحق لتسلمن وتدع اليهودية، فحلف له وقال: ما جئتك إلا مرتادا أريد الاسلام.
فقال: يا هاروني ! سل عما بدا لك تخبر إن شاء الله.
فقال: أخبرني عن أول شجرة نبتت على وجه الارض ؟ وعن أول عين نبعت في الارض ؟ وعن أول حجر وضع على وجه الارض ؟.
(1) في المصدر: يا عمر.
(2) خ.
ل: فقال: (3) لا توجد في المصدر: قال نعم.
(4) وضع في المطبوع رمز نسخة بدل على: ل.
(5) في إرشاد القلوب: فإن أصبت فيهن سألتك والظاهر: فيها، بدلا من: فيهم.
(6) في المصدر: يرون، وهي نسخة في مطبوع البحار.

[97]

فقال أمير المؤمنين عليه السلام: أما أول شجرة نبتت على وجه الارض، فإن أهل الرأض يزعمون أنها الزيتونة وكذبوا، وإنما هي النخلة، وهي العجوة، هبط بها آدم من الجنة فغرسها، وأصل النخل كله منها، وأما أول عين نبعت على وجه الارض، فإن اليهود يزعمون أنها العين التي في بيت المقدس تحت الحجر وكذبوا، بل هي (1) عين الحياة التي انتهي موسى وفتاه إليها فغسلا فيها السمكة فحييت (2)، وليس من ميت يصيبه ذلك الماء إلا حيى، وكان الخضر عليه السلام شرب منها ولم يجدها ذو القرنين، وأما أول حجر وضع على وجه الارض فإن اليهود يزعمون أنه الحجر الذي في بيت المقدس وكذبوا، وإنما هو الحجر الاسود هبط به آدم (ع) من الجنة فوضعه على الركن، والناس يستلمونه، وكان أشد بياضا من الثلج فاسود من خطايا بني آدم.
قال: فأخبرني كم لهذه الامة من إمام هدى هادين مهديين، لا يضرهم خذلان من خذلهم ؟ وأين منزل محمد من الجنة ؟، ومن معه من أمته في الجنة ؟.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: أما قولك: كم لهذه الامة من (3) إمام هدى ؟ واين منزل محمد في الجنة ؟ ومن معه من أمته في الجنة ؟ فإن الائمة (4) اثنا عشر، وأما منزل محمد ففي أشرف الجنان وأفضلها: جنة عدن، وأما الذين معه فهم الائمة الاثنى عشر أئمة الهدى.
قال الفتى: صدقت، فو الله الذي لا إله إلا هو إنه لمكتوب عندي بإملاء موسى وخط هارون بيده.
ثم (5) قال: أخبرني كم يعيش وصي محمد صلى الله عليه وآله بعده ؟ وهل
(1) في المصدر: إنما هي.
(2) في المصدر: السمكة المالحة فحييت.
(3) لا توجد: من، في (ك).
(4) في المصدر: فإن أئمة الهدى.
(5) لا توجد: ثم، في المصدر، وفيه: فاخبرني.

[98]

يموت موتا أو يقتل قتلا ؟.
قال له: ويحك ! أنا وصي محمد، أعيش بعده ثلاثين (1) لا تزيد يوما ولا تنقص يوما، ثم يبعث أشقاها شقيق عاقر ناقة صالح، فيضربني ضربة في مفرقي فتخضب منه لحيتي، ثم بكى عليه السلام بكاءا شديد.
قال: (2) فصرخ الفتى وقطع كستيجه (3) وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد (4) أن محمدا رسول الله صلى الله عليه وآله (5)، والحمد لله رب العالمين.
بيان: قوله عليه السلام: تعرف ذلك.
أي تصدق وتقر به (6).
قوله عليه السلام: لا تزيد يوم.
أقول: ليس هذا في أكثر الروايات، ويشكل تصحيحه، لعدم اتحاد يومي وفاتهما صلوات الله عليهما، ويمكن أن يقال بناء الثلاثين على التقريب، وقوله عليه السلام: (لا يزيد) استئناف لبيان أن الموعد الذي وعدت لك لا يتخلف، وأعلمه بحيث لا يزيد يوما ولا ينقص يوما، وقيل: الضمير راجع إلى كتاب هارون، وربما يقرأ تزيد وتنقص - على صيغة الخطاب (7) - أي أنك رأيت في كتاب أبيك هارون ثلاثين سنة فتتوهم أنه لا كسر فيها، وليس كذلك، بل هو مبني على
(1) في المصدر زيادة: سنة.
وفيه: لا أزيد. . ولا أنقص.
(2) لا توجد: قال، في (س).
(3) في المصدر: كيتجه، ولا معنى له.
(4) لا توجد: أشهد، في المصدر.
(5) هنا زيادة جاءت في المصدر وهي: وإنك وصيه وخليفة وهاد الامة ومحي السنة من بعده.
(6) قال في الصحاح 4 / 1400: وقولهم ما اعرف لاحد يصعرني.
أي ما اعترف، وقال فيه بعد صفحتين: الاعتراف بالذنب: الاقرار به،.
وربما وضعوا اعترف موضع عرف، كما وضعوا عرف موضع اعترف.
وقال في القاموس 3 / 173: وقرأ الكسائي: عرف بعضه.
أي جازي حفصة ببعض ما فعلت، أو معناه أقر ببعضه وأعرض عن بعض.
(7) في (س): الكتاب.

[99]

إتمام الكسر، ولا يخفى بعدهم.
وقال الفيروز آبادي (1): الكستيج - بالضم -: خيط غليظ يشده الذمي فوق ثيابه دون الزنار، معرب كستي.
5 - كتاب صفوة الاخبار (2): عن أبي اسماعيل، عن أبي نون، قال: لما تو في رسول الله صلى الله عليه وآله دخل المدينة رجل من أولاد داود عليه السلام على دين اليهود، فوجد الناس متفزعين مغمومين، فقال: ما شأنكم ؟.
قالوا: توفي رسول الله صلي الله عليه وآله.
فقال: أما انه توفي في اليوم الذي هو المذكور في كتابنا، ثم قال: أرشدوني إلى خليفة نبيكم.
قالوا (3): تنتظر قليلا حتى نرشدك إلى من يخبرك بما تسأل، فأقبل أمير المؤمنين عليه السلام من باب المسجد، فقالوا: عليك بهذا الغلام فإنه يخبرك عما تسأل.
فقام إليه وقال له: أأنت (4) علي بن أبي طالب عليه السلام ؟.
فقال: نعم، يرحمك الله، وأخذ بيده وأجلسه.
وقال: أردت أن أسأل هؤلاء عن أربعة حروف فأرشدوني إليك، فعن أذنك أسألك ؟.
فقال له: سل عما بدا لك، فإني أخبرك إن شاء الله تعالى.
فقال: أخبرني عن أول حرف كلم الله به نبيك لما أسري به ورجع عن (5)
(1) القاموس 1 / 205، وقارن ب‍ -: تاج العروس 2 / 91.
(2) قال في أول بحار الانوار 1 / 21 في عده لمصادره أنه: لبعض العلماء الاخيار، وقال في الفصل الثاني 1 / 40: وكتاب صفوة الاخبار ورياض الجنان مشتملان على أخبار غريبة في المناقب، وأخرجنا منهما ما وافق أخبار الكتب المعتبرة.
وينقل عنه في مدينة المعاجز بعنوان: صفوة الاخبار عن الائمة الاطهار، واحتمل بعض تلامذة المجلسي أنه وكتاب رياض الجنان كليهما لفضل الله بن محمود الفارسي، وهو شقيق الشيخ البرسي، وناقش شيخنا في الذريعة 15 / 48 ذلك، فراجع.
(3) في (ك): فقالو.
(4) في (ك): أنت - بدون همزة الاستفهام.
(5) جائت نسخة هنا على (س): من.