محل الشرف ؟ وأخبرني عن الاربعة الذين كشف مالك عنهم طبقا من أطباق النار فكلمو نبيك ؟ وأخبرني عن الملك الذي زاحم نبيك ؟ وأخبرني عن منزل نبيك في الجنة ؟. فقال عليه عليه السلام: أما أول حرف كلم الله عزوجل نبينا صلى الله عليه وآله به فهو قوله تعالى * (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه) * (1). فقال: ليس هذا أردت، ولا عنه سألت. فقال: إن الامر الذي تريد مستور. فقال: أخبرني بالذي هو، وإلا فما أنت هو ؟. فقال له: إذا أنبأتك تسلم ؟. قال: نعم. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما رجع عن (2) محل الشرف والكرامة ليلة الاسراء رفع له الحجاب قبل أن يصير إلى مقام جبرئيل عليه السلام ونادى ملك: يا محمد [صلى الله عليه وآله] ! إن الله يقرئك السلام ويقول لك: اقرأ على السيد المولى مني السلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: من السيد المولى ؟. فقال: علي بن أبي طالب [ع]. فقال اليهودي: صدقت إني لاجده مكتوبا في كتاب داود عليه السلام.
فقال: وأما الاربعة الذين كشف عنهم مالك طبق النار فهم: قابيل، ونمرود، وهامان، وفرعون. فقالوا: يا محمد [صلى الله عليه وآله] ! اسأل ربك يردنا إلى الدنيا حتى نعمل صالحا، فغضب جبرئيل عليه السلام وأخذ الطبق برشية من جناحه ورده عليهم. وأما الملك الذي زاحم نبيا صلى الله عليه وآله فإنه ملك الموت، جاء من
(1) البقرة: 285. (2) جاء على مطبوع البحار نسخة بدل: من.
[101]
عند جبار من ملوك الدنيا قد تكلم عند موته بكلام عظيم فغضب لله (1) فزاحم نبيا ولم يعرفه لغيظه. فقال جبرئيل عليه السلام: يا ملك الموت ! هذا محمد بن عبد الله رسول الله وحبيبه. فقال: إني أتيت من عند ملك جبار قد تكلم بكلام عظيم عند موته فغضبت لله عزوجل ولم أعرفك، فعذره رسول الله صلى الله عليه وآله. وأما منزل رسول الله، فإن مسكنه جنة عدن ومعه فيها أوصياؤه الاثنا عشر، وفوقها منزل يقال له: الوسيلة، وليس في الجنة شبهه ولا أرفع منه، وهو منزل رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال الداودي: والله لقد رأيته في كتاب داود عليه السلام، ولقد صدقت، وإنا متوارثوه واحد عن واحد حتى وصل إلي، فأخرج كتابا فيه مسطور ما ذكر. ثم (2) قال: مد يدك أجدد إسلامي، ثم قال: والله إنك خير هذه الامة بعد نبيها وأكرمها على الله تعالى. وعلمه دينه وشرائع الاسلام، وقد أسلم وحسن إسلامه. 6 - نبه (3): روي عن ابن عباس أنه حضر مجلس (4) عمر بن الخطاب يوما - وعنده كعب الاحبار - إذ قال عمر: يا كعب ! أحافظ أنت للتوراة (5) ؟. قال
كعب: إني لاحفظ منها كثير. فقال رجل من جنبه (6): يا أمير المؤمنين ! سله أين
(1) في (ك): الله. (2) لا توجد: ثم، في (س). (3) تنبيه الخواطر ونزهة النواظر (مجموعة ورام) 2 / 5، فيما جرى بين كعب الاحبار وعمر. (4) في المصدر: في مجلس. (5) في المطبوع: التورية، وكذا تكتب التوراة في إملاء القدماء وجاء بعدهما في المصدر: فقال كعب. (6) في المصدر زيادة: في المجلس (*).
[102]
كان الله جل جلاله (1) قبل أن يخلق عرشه ؟ ومم خلق الماء الذي جعل عليه عرشه (2) ؟ فقال عمر: يا كعب ! هل عندك من هذا علم ؟. فقال كعب: نعم يا أمير المؤمنين ! نجد في الاصل الحكيم أن الله تبارك وتعالى كان قديما قبل خلق العرش، وكان على صخرة بيت المقدس في الهواء، فلما أراد أن يخلق عرشه تفل تفلة كانت منها البحار الغامرة واللجج الدائرة، فهناك خلق عرشه من بعض الصخرة التي كانت تحته، وآخر ما بقي منها لمسجد قدسه. قال ابن عباس: وكان علي بن أبي طالب عليه السلام حاضر. فعظم ربه (3) وقام على قديمه، ونفض ثيابه، فأقسم عليه عمر عاد إلى مجلسه، ففعل، قال عمر: غص عليها يا غواص، ما يقول (4) أبو حسن فما علمتك إلا مفجرا للغم ؟. فالتفت علي عليه السلام إلى كعب فقال: غلط أصحابك وحرفوا كتب الله، وقبحوا (5) الفرية عليه، يا كعب ! ويحك !: إن الصخرة التي زعمت لا تحوي جلاله، ولا تسع عظمته، والهواء الذي ذكرت لا يجوز (6) أقطاره، ولو كانت الصخرة والهواء قديمين معه لكانت لهما قدمته، وعز الله وجل أن يقال له مكان
يومى إليه، والله ليس كما يقول (7) الملحدون، ولا كما يظن الجاهلون، ولكن كان ولا مكان بحيث لا تبلغه الاذهان، وقولي: (كان) لتعريف كونه، وهو (8) مما علم من اللبيان، يقول الله عزوجل (9): * (خلق الانسان * علمه البيان) * (10)، فقولي له
(1) في (ك): ثناؤه، وكتبت في حاشية (س) من دون رمز نسخة بدل. (2) في تنبيه الخواطر: جعل عرشه عليه - بتقديم وتأخير -. (3) في المصدر: على ربه. وما هنا أظهر. (4) جاء في (س) زيادة: منها، قبل: يقول، ووضع عليها رمز الزيادة في (ك). (5) في المصدر: وفتحو. (6) جاء في (س): لا يجود، وفي المصدر: لا يجوز، وهو الظاهر، وما في المتن نسخة في المصدر. (7) في (س): يقال. (8) جاء في المصدر: وقولي: كان، محدث كونه وهو. (9) لا توجد في المصدر: عزوجل. (10) الرحمن: 3 - 4.
[103]
كان مما علمني البيان (1) لانطق بحجة عظمة المنان، ولم يزل ربنا مقتدرا على ما يشاء، محيطا بكل الاشياء، ثم كون ما أراد بلا فكرة حادثة له (2) أصاب، ولا بشبهة (3) دخلت عليه فيما أراد، وإنه عزوجل خلق نورا ابتدعه من غير شئ، ثم خلق منه ظلمة وكان قديرا أن يخلق الظلمة لا من شئ، كما خلق النور من غير شئ، ثم خلق من الظلمة نورا وخلق من النور ياقوتة غلظها كغلظ سبع سماوات وسبع أرضين، ثم زجر الياقوتة فما عت (4) لهيبته فصارت مارا مرتعدا، ولا يزال مرتعدا إلى يوم القيامة، ثم خلق عرشه من نوره، وجعله على الماء، وللعرش عشرة آلاف لسان يسبح الله كل لسان منها بعشرة آلاف (5)، ليس فيها لغة تشبه الاخرى، وكان العرش على الماء من دونه حجب الضباب (6)، وذلك قوله: * (وكان
عرشه على الماء ليبلوكم. ) * (7)، يا كعب ! ويحك ! إن من كانت البحار تفلته - على قولك - كان أعظم من أن تحويه صخرة بيت المقدس، أو يحويه (8) الهواء الذي أشرت إليه أنه حل فيه. فضحك عمر بن الخطاب، وقال: هذا هو الامر، وهكذا يكون العلم لا (9) كعلمك يا كعب، لا عشت إلى زمان لا أرى فيه أبا حسن. 7 - كا (10): العدة، عن البرقي، عن أبيه، عن عبد الله بن القالسم، عن
(1) في مجموعة ورام: من البيان. (2) لا توجد في المصدر: له. (3) في التنبيه: ولا شبهة. (4) أي سالت وذابت كما في المصباح المنير 2 / 807 - 808 وغيره. (5) في المصدر: بعشرة آلاف لغة. (6) قال في المجمع البحرين 1 / 104: والضباب - كسحاب - جمع ضبابة - كسحابة - وهو ندى يغشى الارض بالغدوات، وجاء في الصحاح 1 / 168: الضبابة: سحابة تغشي الارض كالدخان. (7) هود: 7. (8) في المصدر: تحوية. (9) جاءت في مجموعة ورام زيادة: يكون، بعد: ل. (10) أصول الكافي 1 / 444 - 445 حديث 5 باب 125 من كتاب الحجة [1 / 529 - 530 الطبعة = = الثلاثة من الاسلامية] باختصار في الاسناد علي دأبه.
[104]
حنان بن السراج (1)، عن داود بن السليمان الكسائي (2)، عن أبي الطفيل، قال: شهدت جنازة أبي بكر يوم مات، وشهدت عمر حين بويع وعلي عليه السلام جالس ناحية، فأقبل غلام يهودي جميل الوجه، بهي، عليه ثياب حسان - وهو من
ولد هارون - حتى قام على رأس عمر، فقال: يا أمير المؤمنين ! أنت أعلم هذه الامة بكتابهم وأمر نبيهم ؟. قال: فطأطأ عمر رأسه، فقال: إياك أعني. وأعاد عليه القول، فقال له عمر: لم ذاك ؟. قال إني جئتك مرتادا لنفسي، شاكا في ديني. فقال: دونك هذا الشاب، قال: ومن هذا الشاب ؟. قال: هذا على بن أبي طالب ابن عم رسول الله عليه وآله، وهذا أبو الحسن والحسين ابني رسول الله صلى الله عليه وآله، وهذا زوج فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله، فأقبل اليهودي على علي عليه السلام فقال: أكذلك (3) أنت ؟ !. فقال: نعم. قال: إني أريد أن أسألك عن ثلاث وثلاث وواحدة. قال: فتبسم أمير المؤمنين عليه السلام من غير تبسم، فقال (4) يا هاروني ! ما منعك أن تقول سبعا ؟. قال: أسألك عن ثلاث، فإن أجبتني سألت عما بعدهن، وإن لم تعلمهن علمت أنه ليس فيكم عالم. قال علي السلام: فإني أسألك بالاله الذي تعبده لئن أنا أجبتك في كل ما تريد لتدعن دينك ولتدخلن في ديني ؟. قال: ما جئت إلا لذاك. قال: فسل ؟.
(1) الاظهر - كما صرح به المجلسي - رحمه الله - في مرآة العقول -: أن يكون: حيان السراج، فراجع. (2) نسخة جاءت في (ك): الكتاني. (3) في الكافي: أكذاك. (4) في المصدر: وقال.
[105]
قال: أخبرني عن أول قطرة دم قطرت على وجه الارض، أي قطرة هي ؟ وأول عين فاضت على وجه الارض، أي عين هي ؟ وأول شئ اهتز على وجه الارض، أي شئ هو ؟. فأجابه أمير المؤمنين عليه السلام فقال (1): أخبرني عن ثلاث الاخر،
أخبرني عن محمد كم له من امام عادل ؟. وفي أي جنة يكون ؟ ومن يساكنه (2) معه في جنته (3) ؟. قال: يا هاروني ! إن لمحمد صلى الله عليه وآله اثني عشر امام عدل لا يضرهم خذلان من خذلهم، ولا يستوحشون بخلاف من خلافهم، وإنهم في الدين أرسب من الجبال الرواسي في الارض، ومسكن محمد في جنته، معه اولئك الاثنا عشر الامام العدل. فقال: صدقت والله الذي لا إله إلا هو، إني لاجدها في كتب أبي هارون، كتبه (4) بيده وأملاه موسى عمي عليه السلام. قال: فأخبرني عن الواحدة ؟ أخبرني عن وصي محمد كم يعيش من بعده ؟ وهل يموت أو يقتل ؟. قال: يا هاروني ! يعيش بعبده ثلاثين سنة لا يزيد يوما ولا ينقص يوما، ثم يضرب ضربته هاهنا - يعني على قرنه - فيخضب (5) هذه من (6) هذا قال: فصاح الهاروني وقطع كستيجه، وهو يقول: أشهد أن لا أله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله وعليه وآله، وأنك
(1) في (ك) زيادة كلمة: قال، ووضع عليها رمز نسخة بدل. (2) في الكافي: ساكنه. (3) في (ك): جنة. (4) لا توجد: كتبه، في (س). (5) في المصدر: فتخضب. (6) في (س): عن.
[106]
وصيه، ينبغي أن تفوق ولا تفاق، وأن تعظم ولا تستضعف.
قال: ثم (1) مضى به علي عليه السلام إلى منزله فعلمه معالم الدين. بيان: في القاموس (2): جبل راسب. أي ثابت، وكذا الراسي بمعنى الثابت (3). 8 - كا (4): محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن مسعدة بن زياد، عن أبي عبد الله عليه السلام. ومحمد بن الحسين، عن ابراهيم، عن (5) ابن أبي يحيى المديني، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: كنت حاضرا لما هلك (6) أبو بكر واستخلف عمر، أقبل يهودي من عظماء يهود يثرب، ويزعم (7) يهود المدينة أنه أعلم أهل زمانه حتى رفع إلى عمر، فقال له: يا عمر ! إني جئتك أريد الاسلام فإن أخبرتني عما أسألك عنه فأنت أعلم أصحاب محمد بالكتاب والسنة وجميع ما أريد أن أسأل عنه. قال: فقال له عمر: إني لست هناك، لكني أرشدك إلى من هو أعلم أمتنا بالكتاب والسنة وجميع ما قد تسأل عنه، وهو ذاك، فأومى إلى علي عليه السلام. فقال له اليهودي: يا عمر ! إن كان هذا كما تقول فما لك ولبيعة الناس، وإنما
(1) في (س): ثم قال: بتقديم وتأخير. (2) القاموس 1 / 73، وقال في مجمع البحرين 2 / 70: وفي الحديث: أئمة العدل أرسب من الجبال الرواسي. أي أثقل. (3) نص عليه في القاموس 4 / 334، مجمع البحرين 1 / 183، وغيرهم. (4) أصول الكافي 1 / 446 حديث 8، باب 125 كتاب الحجة [1 / 531 في طبعة أخرى من الاسلامية] باختصار في الاسناد، وتلاحظ بقية روايات الباب. (5) وضع على كلمة: عن، في المطبوع من البحار رمز نسخة بدل.
(6) في (ك): قال لما هلك. (7) في المصدر: يهود يثرب وتزعم.
[107]
ذاك أعلمكم، فزبره عمر. ثم إن اليهودي قام إلى علي عليه السلام فقال: أنتم كما ذكر عمر ؟. فقال (1): وما قال عمر ؟. فأخبره. قال: فأن كنت كما قال: سألتك عن أشياء أريد أن أعلم هل يعلمه أحد منكم فأعلم أنكم في دعواكم خير الامم وأعلمها صادقين، ومع ذلك أدخل في دينكم الاسلام. فقال أمير المؤمنين عليه السلام: نعم، أنا كما ذكر لك عمر، سل عما بدا لك أخبرك به إن شاء الله تعالى (2). قال: أخبرني عن ثلاث وثلاث وواحدة. فقال له علي عليه السلام: يا يهودي ! و (3) لم لم تقل أخبرني عن سبع ؟. فقال له اليهودي: إنك إن أخبرتني بالثلاث، سألتك عن البقية وإلا كففت، فإن أنت أجبتني في هذه السبع فأنت أعلم أهل الارض وأفضلهم وأولى الناس بالناس. فقال له: سل عما بدا لك أخبرك به إن شاء الله تعالى (4). قال: أخبرني عن أول حجر وضع على وجه الارض ؟ وأول شجرة غرست على وجه الارض ؟ وأول عين نبعت على وجه الارض ؟. فأخبره أمير المؤمنين عليه السلام. ثم قال له اليهودي: أخبرني عن هذه الامة كم لها من امام هدى ؟ وأخبرني عن نبيكم محمد اين منزله في الجنة ؟ وأخبرني من معه في الجنة ؟.
فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: إن لهذه الامة اثنا عشر إمام هدى من
(1) خ. ل: قال: جاءت على المطبوع من البحار. (2) لا توجد: تعالى، في المصدر. (3) لا توجد: الواو في (ك). (4) في الكافي المطبوع لا توجد: أخبرك به إن شاء الله تعالى، وفيه: يا يهودي.
[108]
ذرية نبيها وهم مني. وأما منزل نبينا في الجنة ففي أفضلها وأشرفها: جنة عدن، وأما من معه في منزله فيها فهؤلاء الاثنا عشر من ذريته، وأمهم وجدتهم أم (1) أمهم وذراريهم لا يشركهم فيها أحد. 9 - كا (2): محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن الحسن بن علي، عن زكريا المؤمن، عن ابن مسكان، عن بعض أصحابنا، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: إن رجلا أتى بامرأته إلى عمر، فقال: إن امرأتي هذه سوداء وأنا أسود وإنها ولدت غلاما أبيض. فقال لمن بحضرته: ما ترون ؟. قالوا: نرى أن ترجمها فإنها سوداء وزوجها أسود وولدها أبيض. قال: فجاء أمير المؤمنين عليه السلام وقد وجه بها لترجم، فقال: ما حالكما ؟. فحدثاه. فقال للاسود: أتتهم امرأتك ؟ !. فقال: ل. قال: فأتيتها وهي طامث ؟. قال: قد قالت لي في ليلة من الليالي إني طامث، فظننت أنها تتقي البرد فوقعت عليه. فقال للمرأة: هل أتاك وأنت طامث ؟.
قالت: نعم، سله، قد حرجت عليه وأبيت. قال: فانطلقا فإنه ابنكما، وإنما غلب الدم النطفة فابيض، ولو قد تحرك اسود. فلما أيفع اسود. بيان: التحريج: التضييق، ذكره الجوهري (3)، وقال: ايفع الغلام. أي
(1) في المصدر: وأم. (2) الكافي: 5 / 566 حديث 46، كتاب النكاح، باب النوادر. (3) في الصحاح 1 / 306، ومثله في القاموس 1 / 183.
[109]
ارتفع (1). 10 - مشارق الانوار (2): قال: إن رجلا حضر مجلس أبي بكر فادعى أنه لا يخاف الله، ولا يرجو الجنة، ولا يخشى النار، ولا يركع ولا يسجد، ويأكل الميتة والدم، ويشهد بما لا يرى (3)، ويحب الفتنة، ويكره الحق، ويصدق اليهود والنصارى، وأن عنده ما ليس عند الله، وله ما ليس لله، واني (4) أحمد النبي، واني (5) علي وأنا ربكم، فقال له عمر: ازددت كفرا على كفرك ؟ !. فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: هون عليك يا عمر ! فإن هذا رجل من أولياء الله لا يرجو الجنة ولكن يرجو الله، ولا يخاف النار ولكن يخاف ربه، ولا يخاف الله من ظلم ولكن يخاف عدله، لانه حكم عدل، ولا يركع ولا يسجد في صلاة الجنازة، ويأكل الجراد والسمك، ويحب الاهل والولد، ويشهد بالجنة والنار ولم يرهما، ويكره الموت وهو الحق، ويصدق اليهود والنصارى في تكذيب بعضهما (6) بعضا، وله ما ليس لله، لان له ولدا وليس لله ولد، وعنده ما ليس عند الله (7)، فإنه يظلم نفسه وليس عند الله ظلم، وقوله أنا (8) أحمد النبي صلى الله عليه وآله. أي أنا أحمده على تبليغ (9) الرسالة عن ربه، وقوله: أنا علي. يعني علي في قولي،
وقوله: أنا ربكم. أي رب كم بمعني (10) لي كم أرفعها وأضعها، ففرح عمر،
(1) نص عليه الجوهري في صحاحه 3 / 1310، وقال في القاموس 3 / 102: يفع الجبل - كمنع - صعده، والغلام: راهق العشرين، كأيفع وهو يافع. (2) مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين (ع): 78. (3) في المصدر: لم ير - بلا ياء -. (4) في المصدر: وأن. (5) في المشارق: وأن. (6) في المصدر: بعضهم. (7) في المشارق: من عند الله. (8) لا توجد: أنا، في المصدر (9) في المصدر: تبليغه. (10) لا توجد: رب كم من بمعنى، في المصدر.
[110]
وقام وقبل رأس أمير المؤمنين، وقال: لا بقيت بعدك يا أبا الحسن. بيان: هون عليك. أي سهل (1) على نفسك بالسؤال أو بالانتظار ليتبين الحق، أو المعنى ما أهون عليك. أي ليس فيه اشكال، ولعل المراد بدم دم السمك، أو مطلق الدم المتخلف، وتركه عليه السلام للظهور، والمراد بالميتة ما لم يذبح، كما ورد: في البحر تحل ميتته (2). 11 - كنز (3): محمد بن العباس، عن احمد بن هوزة (4)، عن النهاوندي، عن عبد الله بن حماد، عن نصر بن يحيى، عن المقتبس بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن جده، قال: كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله مع عمر
ابن الخطاب فأرسله في جيش فغاب ستة أشهر ثم قدم، وكان مع أهله ستة أشهر فعلقت منه فجاءت بولد لستة أشهر فأنكره، فجاء بها إلى عمر فقال: يا أمير المؤمنين ! كنت في البعث الذي وجهتني فيه، وتعلم أني قدمت (5) ستة أشهر، وكنت مع أهلي وقد جاءت بغلام وهو ذا، وتزعم أنه مني ؟. فقال لها عمر: ماذا تقولين أيتها المرأة ؟. فقالت: والله ما غشيني رجل غيره، وما فجرت، وإنه لابنه، وكان اسم الرجل: الهيثم. فقال لها عمر: أحق ما يقول زوجك ؟. قالت: قد صدق يا أمير المؤمنين !. فأمر بها عمر أن ترجم، فحفر لها حفيرة
(1) كما في القاموس 4 / 278، لسان العرب 13 / 439، وغيرهم. قال الثاني: والهون مصدر هان عليه الشئ. أي خف، وهونه عليه. أي سهله وخففه، وشئ هين على فيعل - أي سهل. (2) وسائل الشيعة 16 / 296 - 297 باب 31، انظر روايات الباب فانها مختلفة. ولا حظ: المحاسن للبرقي: 475 و 480، والتهذيب 4 / 31، وغيره. (3) تأويل الآيات الظاهرة 2 / 581 - 582 حديث 6، مع اختصار في الاسناد. (4) في المصدر: هوذة الباهلي. (5) هنا في المصدر زيادة: منذ. وهو الظاهر.
[111]
ثم أدخلها فيه، فبلغ ذلك عليا عليه السلام، فجاء مسرعا حتى أدركها وأخذ بيديها فسلها (1) من الحفيرة. ثم قال لعمر: اربع على نفسك (2) إنها قد صدقت، إن الله عزوجل يقول في كتابه: * (حمله وفصاله ثلاثون شهرا) * (3)، وقال في الرضاع: * (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) * (4)، فالحمل والرضاع ثلاثون شهرا، وهذا الحسين ولد لستة أشهر.
فعندها قال عمر: لولا علي لهلك عمر (5). 12 - ما (6) المفيد، عن علي بن خالد، عن محمد بن الحسين بن صالح، عن محمد بن علي بن زيد، عن محمد بن تسنيم، عن جعفر بن محمد الخثعمي، عن ابراهيم بن عبد الحميد، عن رقية بن مصقلة بن عبد الله بن جوية (7) العبدي، عن أبيه، عن جده (8)، قال: أتى عمر بن الخطاب رجلان يسألان عن طلاق الامة، فالتفت إلى خلفه فنظر إلى علي بن أبي طالب عليه السلام، فقال: يا أصلع ! ما ترى في طلاق الامة ؟. فقال بإصبعيه. هكذا، وأشار بالسبابة والتي تليها، فالتفت اليهما عمر وقال (9): ثنتان.
(1) في الكنز: وسله. (2) قال في مجمع البحرين 4 / 331: واربع على نفسك. أي ارفق بنفسك وكف وتمكث ولا تعجل. (3) الاحقاف: 15. (4) البقرة: 232. (5) وأورده أيضا في البحار 40 / 232 حديث 12، وجاء في المناقب مختصرا: 2 / 187، وحكاه بعينه في تفسير البرهان 4 / 174 حديث 11. (6) أمالي الشيخ الطوسي 1 / 243، باختصار في الاسناد. (7) في المصدر: خوذعة. (8) كذا، ولعله: عن أبيها عن جده. (9) في (س): فقال.
[112]
فقال: سبحان الله ! جئناك وأنت أمير المؤمنين فسألناك فجئت إلى رجل سألته، والله ما كلمك.
فقال عمر (1): تدريان من هذا ؟. قالا: ل. قال: هذا علي بن أبي طالب، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لو أن السماوات السبع والارضين السبع وضعتا في كفة ووضع إيمان علي في كفة لرجح إيمان علي (ع). 13 - عدة (2): روى الحكم بن مروان، عن جبير بن حبيب، قال: نزل بعمر بن الخطاب نازلة قام لها وقعد، وترنح لها (3) وتقطر. ثم قال: يا (4) معشر المهاجرين ! ما عندكم فيها ؟. قالا: يا أمير المؤمنين ! أنت المفزع والمنزع، فغضب، ثم قال (5): * (يأيها الذين ءامنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا) * (6) أما والله إنا وإياكم لنعرف ابن بجدتها، والخبير به. قالوا: كأنك أردت ابن أبي طالب ؟. قال: وأنى يعدل بي عنه، وهل طفحت حرة (7) بمثله. قالوا: فلو بعثت إليه. قال: هيهات ! هناك شمخ من هاشم ولحمة من الرسول (ص)، واثرة من
(1) لا توجد: عمر في (س). (2) عدة الداعي: 101 - 102 باب 2 في ذم الدنيا وبينونتها من الآخرة. (3) ما في المتن نسخة في المصدر، وفي متنه: تربح له. (4) لا يوجد حرف النداء في العدة. (5) في المصدر: وقال. (6) الاحزاب: 70. (7) في المصدر: طفحت جرة، ونسخة فيه: نفحت حرة. (*)
[113]
علم يؤتى لها ولا يأتي، امضوا إليه فاقصفوا نحوه، وافضوا إليه، وهو في حائط له و (1) عليه تبان يتركل على مسحاته وهو (2) يقول: * (أيحسب الانسان أن يترك سدى * ألم يك نطفة من مني يمنى * ثم كان علقة فخلق فسوى) * (3) ودموعه تهمي (4) على خديه، فأجهش (5) القوم لبكائه، ثم سكن وسكنوا، وسأله عمر عن مسألته فأصدر إليه جوابها، فلوى عمر يديه. ثم قال: أما والله لقد أرادك الحق ولكن أبى قومك !. فقال عليه السلام له: يا أبا حفص ! خفض (6) عليك من هنا ومن هنا * (إن يوم الفصل كان ميقاتا) * (7). فانصرف وقد اظلم وجهه وكأنما ينظر من (8) ليل. بيان: قال الجوهري: ترنح: تمايل من السكر وغيره، ورنح عليه ترنيحا - على بناء ما لم يسم فاعله -. أي غشي عليه، أو (9) اعتراه وهن في عظامه فتمايل، وهو مرنح (10).
(1) لا توجد الواو في المصدر. (2) وضع على: هو، في (ك) رمز نسخة بدل. (3) القيامة: 36 - 38. (4) قال في القاموس 4 / 404: همى الماء والدمع يهمي هميا وهميا وهميانا، والعين: صبت دمعه. (5) قال في مجمع البحرين 4 / 131: في حديث فاطمة عليها السلام: فاجهشت. ويروى: فجهشت. والمعنى واحد، والجهش: أن يفزع الانسان إلى غيره وهو مع ذلك يريد البكاء كالصبي يفزع إلى أمه وقد تهيأ للبكاء. ونحوه في القاموس 2 / 266. (6) في (س): حفص.
(7) النبأ: 17. (8) في المصدر: ينظر إليه من. (9) في (ك) ولسان العرب جاءت الواو بدلا من: أو. (10) الصحاح 1 / 367، ونحوه في لسان العرب 2 / 454 - 455، والقاموس 1 / 224، وغيرهم.
[114]
وفي القاموس: تقطر: تهيأ للقتال ورمى بنفسه من علو، والجذع (1). انجعف (2). أي انقلع (3). وقال (4): هو ابن بجدتها: للعالم بالشئ، وللدليل الهادي، ولمن لا يبرح عن قوله، وعنده بجدة ذلك. أي علمه. وقال (5): طفحت - كمنع - بالولد: ولدته لتمام. وقال (6): شمخ الجبل: علا وطال، والرجل بأنفه: تكبر. ونية شمخ - محركة -: بعيدة. ، والشامخ: الرافع انفه عز. ولاثرة: البقية من العلم يؤثر (7). وقال: في الحديث: أنا والنبيون فراط القاصفين (8): هم المزدحمون كأن بعضهم يقصف بعضا لفرط الزحام، وتزاحمهم بدارا (9) إلى الجنة. اي نحن متقدمون في الشفاعة لقوم كثيرين متدافعين. ، والقصفة من القوم: تدافعهم وتزاحمهم، ورقة الارطى وقد اقصف (10). وقال: التبان - كرمان -: سراويل صغير يستر العورة المغلظة (11). وقال: تركل بمسحاته: ضربها برجله لتدخل في الارض (12).
(1) في (س): انجدع. (2) القاموس 2 / 119، وعينه جاء في لسان العرب 5 / 107، ومثله في الصحاح 2 / 769. (3) كما جاء في لسان العرب 9 / 27، والقاموس 3 / 123، وغيرهم.
(4) في القاموس 1 / 275، ونظيره في لسان العرب 3 / 77، ولا توجد في (س): علمه. (5) في القاموس 1 / 237، وقارن ب: تاج العروس 2 / 190. وفي (س) لتمامه - بالضمير -. (6) في القاموس 1 / 262، ونحوه في لسان العرب 3 / 30، وغيره. (7) نص عليه في القاموس 1 / 362، وفيه: تؤثر، بدلا من: يؤثر. (8) في المصدر ولسان العرب: لقاصفين. (9) في (س): بدار. ولا توجد في المصدر: وتزاحمهم. (10) القاموس 3 / 185، وانظر لسان العرب 9 / 283 - 284. وفي (س): الاوطى، بدل الارطى. (11) في القاموس 4 / 205، ومثله في لسان العرب 13 / 72، وغيرهم. (12) في القاموس 3 / 386، وبعينه في لسان العرب 11 / 294.
[115]
وقال: سحا الطين يسحيه ويسحوه ويسحاه سحيا: قشره وجرفه، والمسحاة - بالكسر - ما سحي به (1). وقال: خفض القول يا فلان: لينه، والامر: هونه (2). قوله: من هنا ومن هن. أي من اول الامر حيث منعتني الخلافة ومن هذا الوقت حيث تقر لي بالفضل، ويمكن أن يقرأ (من) بالفتح فيهم. أي من كان المانع في اول الامر ومن القائل في هذا الوقت، أي لا تناسب بينهما، وعلى الاول يحتمل أن يكون أحدهما اشارة إلى الدنيا والآخر إلى العقبى (3).
(1) نص عليه في القاموس 4 / 341، ومثله في لسان العرب 14 / 327. (2) ذكره في القاموس 2 / 330، وانظر: لسان العرب 7 / 145 - 146. وفي (ك) نسخة: هينة، بدلا من: هونه. (3) أقول: نظير هذا ما جاء عن طريق العامة كثيرا وسيأتي في مطاعن الثلاثة منه جملة، ونذكر منه ما أورده أبو إسحاق الثعلبي المتوفى سنة 427 ه في كتابه العرائس: 232 - 239 في قصة مفصلة،
نذكر منها صدرها ويكشف منه استمرار خبطهم وجهلهم، قال: لما ولي. . عمر بن الخطاب الخلافة أتاه قوم من أحبار اليهود فقالوا: يا عمر ! أنت ولي الامر بعد محمد (ص) وصاحبه، وإنا نريد أن نسألك عن خصال إن أخبرتنا بها علمنا أن الاسلام حق وأن محمدا كان نبيا، وإن لم تخبرنا به علمنا أن الاسلام باطل وأن محمدا لم يكن نبي. فقال: سلوا عما بدا لكم ؟. قالوا: أخبرن. . قال: فنكس عمر رأسه في الارض ثم قال: لا عيب بعمر إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم، وأن يسئل عما لا يعلم. فوثبت اليهود وقالوا: نشهد أن محمدا لم يكن نبيا وأن الاسلام باطل !. فوثب سلمان الفارسي وقال لليهود: قفوا قليل. ثم توجه نحو علي بن أبي طالب كرم الله وجهه حتى دخل عليه، فقال: يا أبا حسن ! أغث الاسلام. فقال: وما ذاك ؟. فأخبره الخبر، فأقبل يرفل في بردة رسول الله (ص)، فلما نظر إليه عمر وثب قائما فاعتنقه، وقال: يا أبا الحسن ! أنت لكل معضلة وشدة تدعى. فدعا علي كرم الله وجهه اليهود فقال: سلوا عما بدا لكم فإن النبي (ص) علمني ألف باب من العلم فتشعب لي من كل باب ألف باب، فسألوه عنه، فقال علي كرم الله وجهه: إن لي عليكم شريطة إذا أخبرتكم كما في توراتكم دخلتم في ديننا وآمنتم ؟. فقالوا: نعم. فقال: سلوا عن خصلة. خصلة. قالوا: أخبرنا عن أقفال السماوات ما هي ؟. =
[116]
= قال: أقفال السماوات، الشرك بالله، لان العبد والامة إذا كانا مشركين لم يرتفع لهما عمل. قالوا: فأخبرنا عن مفاتيح السماوات ما هي ؟. قال: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله. فجعل بعضهم ينظر إلى بعض ويقولون: صدق الفتى. قالوا: فأخبرنا بقبر سار بصاحبه ؟.
فقال: ذلك الحوت الذي التقم يونس بن متى فسار به في البحار السبع [كذا]. فقالوا: أخبرنا عمن أنذر قومه لا هو من الجن ولا هو من الانس ؟. قال: هي نملة سليمان بن داود، قالت: * (يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون) *. قالوا: فأخبرنا عن خمسة مشوا على الارض ولم يخلقوا في الارحام ؟. قال: ذلكم: آدم، وحواء، وناقة صالح، وكبش ابراهيم، وعصى موسى. قالوا: فأخبرنا ما يقول الدراج في صياحه ؟. قال: يقول: الرحمن على العرش استوى. قالوا: فأخبرنا ما يقول الديك في صراخه ؟. قال: يقول: اذكروا الله يا غافلين. قالوا: أخبرنا ما يقول الفرس في صهيله ؟. قال: يقول إذا مشى المؤمنون إلى الكافرين إلى الجهاد: اللهم انصر عبادك المؤمنين على الكافرين. قالوا: فأخبرنا ما يقول الحمار في نهيقه ؟. قال: يقول: لعن الله العشار. وينهق في أعين الشياطين. قالوا: فأخبرنا ما يقول الضفدع في نقيقه ؟. قال: يقول: سبحان ربي المعبود المسبح في لجج البحار. قالوا: فأخبرنا ما يقول القنبر في صفيره ؟. قال: يقول: اللهم العن مبغضي محمد وآل محمد. وكان اليهود ثلاثة نفر، قال اثنان منهم: نشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، ووثب الحبر الثالث فقال: يا علي ! لقد وقع في قلوب أصحابي ما وقع من الايمان والتصديق، وقد بقي خصلة واحدة أسألك عنها ؟.
فقال: سل عما بدا لك. =
[117]
= فقال: أخبرني عن قوم في أول الزمان ماتوا ثلاثمائة وتسع سنين ثم أحياهم الله فما كان من قصتهم ؟. قال علي رضي الله عنه: يا يهودي ! هؤلاء اصحاب، وقد أنزل الله على نبينا قرآنا فيه قصتهم ؟، وإن شئت قرأت عليك قصتهم. فقال اليهودي: ما أكثر ما قد سمعنا قراءتكم، إن كنت عالما فأخبرني بأسمائهم، وأسماء آبائهم، وأسماء مدينتهم، واسم ملكهم، واسم كلبهم، واسم جبلهم، واسم كهفهم ؟ وقصتهم من أولها إلى آخرها ؟. فاحتبى علي ببردة رسول الله (ص) ثم قال:. . وأورد قصة أصحاب الكهف بطولها، ونقلها شيخنا الاميني طاب ثراه في غديره 6 / 148 - 155. ومنها: ما جاء عن طريق العامة - كما أورده الحافظ العاصمي في كتابه زين الفتى في شرح سورة هل أتى (خطي) -. وحكاه عنه في الغدير 6 / 242 - 243، وفيه: قدم أسقف نجران على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في صدر خلافته فقال: يا أمير المؤمنين ! إن أرضنا باردة. إلى أن قال: فقال له الاسقف: يا عمر ! أتقرؤون في كتابكم: وجنة عرضها كعرض السماء والارض، فأين تكون النار ؟. فسكت عمر وقال لعلي: أجبه أنت. فقال له علي: أنا أجيبك يا أسقف، أرأيت إذا جاء الليل اين يكون النهار ؟. وإذا جاء النهار اين يكون الليل ؟. فقال الاسقف: ما كنت أرى عن أحد ليجيبني عن هذه المسألة. من هذا الفتى يا عمر ؟. فقال: علي بن أبي طالب، ختن رسول الله (ص) وابن عمه، وهو أبو الحسن والحسين. فقال الاسقف: فأخبرني يا عمر ! عن بقعة من الارض طلع فيها الشمس مرة واحدة ثم لم تطلع قبلها ولا بعدها ؟. فقال عمر: سل الفتى، فسأله.
فقال: أنا أجيبك، هو البحر حيث انفلق لبني اسرائيل ووقعت فيه الشمس مرة واحدة لم تقع قبلها ولا بعدها ؟. فقال الاسقف: أخبرني عن شئ في أيدي الناس شبه بثمار الجنة ؟. فقال عمر: سل الفتى. فسأله. فقال علي: أنا أجيبك، هو القرآن، يجتمع عليه أهل الدنيا فيأخذون منه حاجتهم فلا ينقص منه شئ فكذلك ثمار الجنة. فقال الاسقف: صدقت. قال: أخبرني هل للسماوات من قفل ؟. =
[118]
= فقال علي: قفل السماوات الشرك بالله. فقال الاسقف: وما مفتاح ذلك القفل ؟. قال: شهادة أن لا إله إلا الله، لا يحجبها شئ دون العرش. فقال: صدقت. فقال: أخبرني عن أول دم وقع على وجه الارض ؟. فقال علي: أما نحن فلا نقول كما يقولون: دم الخشاف، ولكن أول دم وقع على وجه الارض مشيمة حواء حيث ولدت هابيل بن آدم. قال: صدقت، وبقيت مسألة واحدة. أخبرني: أين الله ؟. فغضب عمر. فقال علي: أنا أجيبك، وسل عما شئت، كنا عند رسول الله (ص) إذا أتاه ملك فسلم، فقال له رسول الله (ص) من أين أرسلت ؟. فقال: من السماء السابعة من عند ربي، ثم أتاه آخر فسأله، فقال: أرسلت من الارض السابعة من عند ربي، فجاء ثالث من الشرق، ورابع من المغرب فسألهما فأجابا كذلك، فالله عزوجل ههنا وههنا، في السماء إله وفي الارض إله. ونظيره أورده الفضل بن شاذان في كتابه الروضة: 145، والفضائل: 202، وحكاه عنهما
العلامة المجلسي في بحاره 10 / 58 - 60، عن أنس بن مالك، وهناك روايات عديدة في هذا الباب. ومنها: ما أخرجه أحمد بن حنبل - امام الحنابلة - في الفضائل بإسناده عن ابن المسيب قال: كان عمر بن الخطاب يقول: أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن. قال ابن المسيب: ولهذا القول سبب وهو: ان ملك الروم كتب إلى عمر يسأله عن مسائل فعرضها على الصحابة فلم يجد عندهم جوابا، فعرضها على أمير المؤمنين فأجاب عنها في أسرع وقت بأحسن جواب. وذكر الكتاب بطوله، ثم قال: فقرأ علي (ع) الكتاب وكتب في الحال خلفه: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد، فقد وقفت على كتابك أيها الملك، وأنا أجيبك بعون الله وقوته وبركته وبركة نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم: أما الشئ الذي لم يخلقه الله تعالى، فالقرآن، لانه كلامه وصفته، وكذا كتب الله المنزلة، والحق سبحانه قديم وكذا صفاته. وأما الذي لا يعلمه الله، فقولكم: له ولد وصاحبة وشريك، ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من اله لم يلد ولم يولد. =
[119]
= وأما الذي ليس عند الله، فالظلم، وما ربك بظلام للعبيد. وأما الذي كله فم، فانار، تأكل ما يلقى فيه. وأما الذي كله رجل، فالماء. وأما الذي كله عين، فالشمس. وأما الذي كله جناح، فالريح. وأما الذي لا عشيرة له، فآدم. وأما الذي لم يحمل بهم رحم، فعصى موسى، وكبش ابراهيم، وآدم وحواء.
وأما الذي يتنفس من غير روح، فالصبح، لقوله تعالى: * (والصبح إذا تنفس) *. وأما الناقوس، فإنه يقول: طقا طقا، حقا حقا، مهلا مهلا، عدلا عدلا، صدقا صدقا، إن الدنيا قد غرتنا واستهوتنا، تمضي الدنيا قرنا قرنا، ما من يوم يمضي عنا إلا أوهى منا ركنا، إن الموتى [كذا] قد أخبرنا انا نرحل فاستوطن. وأما الظاعن، فطور سيناء لما عصت بنو إسرائيل وكان بينه وبين الارض المقدسة أيام فقلع الله منه قطعة وجعل لها جناحين من نور فنتقه عليهم، فذلك قوله: * (وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا أنه واقع بهم) *. وقال لبني إسرائيل: إن لم تؤمنوا وإلا أوقعته عليكم، فلما تابوا رده إلى مكانه. وأما المكان الذي لم تطلع عليه الشمس إلا مرة واحدة، فأرض البحر لما فلقه الله لموسى (ع) وقام الماء أمثال الجبال ويبست الارض بطلوع الشمس عليها، ثم عاد ماء البحر إلى مكانه. وأما الشجرة التي يسير الراكب في ظلها مائة عام، فشجرة طوبى، وهي سدرة المنتهى في السماء السابعة، إليها ينتهي أعمال بني آدم، وهي من أشجار الجنة، ليس في الجنة قصر ولا بيت إلا وفيه غصن من أغصانها، ومثلها في الدنيا الشمس أصلها واحد وضوئها في كل مكان. وأما الشجرة التي نبتت من غير ماء، فشجرة يونس، وكان ذلك معجزة له، لقوله تعالى: * (وأنبتنا عليه شجرة من يقطين) *. وأما غذاء أهل الجنة، فمثلهم في الدنيا الجنين في بطن أمه، فإنه يغتذي من سرتها ولا يبول ولا يتغوط. وأما الالوان في القصعة الواحدة، فمثلها في الدنيا البيضة فيها لونان: أبيض وأصفر ولا يختلطان. وأما الجارية التي تخرج من التفاحة، فمثلها في الدنيا الدودة تخرج من التفاحة ولا تتغير. وأما الجارية التي تكون بين اثنين، فالنخلة التي تكون في الدنيا لمؤمن مثلي ولكافر مثلك، وهي لي في الآخرة دونك، لانها في الجنة وأنت لا تدخله. وأما مفاتيح الجنة، فلا إله إلا الله، محمد رسول الله. =
[120]
= قال ابن السميب: فلما قرأ قيصر الكتاب قال: ما خرج هذا الكلام إلا من بيت النبوة. ثم سأل عن المجيب، فقيل له: هذا جواب ابن عم محمد (ص)، فكتب إليه: (سلام عليك، أما بعد، قد وقفت على جوابك، وعلمت أنك من أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة، وأنت موصوف بالشجاعة والعلم، وأؤثر أن تكشف لي عن مذهبكم، والروح التي ذكرها الله في كتابكم في قوله: * (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي) *). فكتب إليه أمير المؤمنين عليه السلام: أما بعد، فالروج نكتة لطيفة، ولمعة شريفة، من صنعة بارئها، وقدرة منشئها، أخرجها من خزائن ملكه وأسكنها في ملكه، فهي عنده لك سبب، وله عندك وديعة، فإذا أخذت ما لك عنده أخذ ما له عندك، والسلام. وقد نص على القصة بطولها الحافظ العاصمي في زين الفتى في شرح سورة هل أتى، وتذكرة خواص الامة، لسبط ابن الجوزي الحنفي: 87.