[121]

[19] باب ما أظهر أبو بكر وعمر من الندامة على غصب الخلافة عند الموت

 1 - قال أبو الصلاح قدس الله روحه في تقريب المعارف (1): لما طعن عمر جمع بني عبد المطلب وقال: يا بني عبد المطلب ! أراضون أنتم عني ؟.
فقال رجل من أصحابه: ومن ذا الذي يسخط عليك ؟.
فأعاد الكلام ثلاث مرات، فأجابه رجل بمثل جوابه، فانتهره عمر وقال: نحن أعلم بما أشعرنا قلوبنا، إنا والله أشعرنا قلوبنا م.
نسأل الله أن يكفينا شره، وإن بيعة أبي بكر كانت فلتة نسأل الله أن يكفينا شره.
وقال لابنه عبد الله - وهو مسنده إلى صدره -: ويحك ! ضع رأسي بالارض، فأخذته الغشية، قال: فوجدت من ذلك، فقال: ويحك ! ضع رأسي بالارض، فوضع رأسه بالارض فعفر بالتراب، ثم قال: ويل لعمر ! وويل لامه ! إن لم يغفر الله له.
وقال - أيضا - حين حضره الموت: أتوب إلى الله من ثلاث: من اغتصابي هذا الامر أنا وأبو بكر من دون الناس، من استخلافي عليهم، ومن تفضيلي

(1) لم نعثر عليه في القسم الاول المطبوع، وأما القسم الثاني المربوط بهذا الموضوع فلم يطبع.

[122]

المسلمين بعضهم على بعض.
وقال - أيضا -: أتوب إلى الله من ثلاث: من ردي رقيق اليمن، ومن رجوعي أن جيش أسامة بعد أن (1) أمره رسول الله صلى الله عليه [وآله] علينا، ومن تعاقدنا على أهل البيت إن قبض رسول الله أن لا نولي منهم أحد.
ورووا عن عبد الله بن شداد بن الهاد، قال: كنت عند عمر - وهو يموت - فجعل يجزع، فقلت: يا أمير المؤمنين ! أبشر بروح الله وكرامته، فجعلت كلما رأيت جزعه قلت هذا، فنظر إلي فقال: ويحك ! فكيف بالممالاة على (2) أهل بيت محمد صلى الله عليه [وآله].
انتهى ما أخرجناه من التقريب (3).
وقال الزمخشري في ربيع الابرار (4): لما حضرت عمر بن الخطاب الوفاة قال لبنيه ومن حوله: لو أن لي مل ء الارض من صفراء أو بيضاء لافتديت به من أهوال ما أرى.
2 - ل (5): المظفر العلوي، عن ابن العياشي، عن أبيه، عن محمد بن
(1) لا توجد: ان في (ك)، وبدلا منها: إذ، ووضع عليها رمز نسخة بدل.
(2) قال في مجمع البحرين 1 / 399: وفي حديث علي عليه السلام: ما قتلت عثمان ولا ملات عليه.
أي ما ساعدت ولا عاونت.
أقول: استعمال الملاء مع كلمة (على) يفيد معنى المساعدة والمعاونة على ضرر شخص، وعليه تكون الممالاة مساوقة للمعاداة.
(3) مرت مصادر جملة من هذه النصوص، وستأتي لبعضها الآخر مصادر من طريق العامة.
(4) ربيع الابرار للزمخشري: والرواية قد حذفت من الطبعة الحديثة مع مراجعتنا لكل مجلدات الكتاب أكثر من مرة، نعم، فيه قوله لعمر: لو استقبلت من أمري ما استدبرت ما استعملت أحدا من الطلقاء.
4 / 219، وقولة أيضا: لو كان لنا مع إسلامنا أخلاق آبائنا لكنا ! ! 2 / 38، وفيه قصة مفصلة عندما قيل لعمر: لو أخذت حلي الكعبة فجهزت به جيوش المسلمين. . وقد سأل فيها عليا وقال في آخرها له سلام الله عليه: لولاك لافتضحن.
4 / 26، ونهج البلاغة 4 / 65، وغيره.
وجاء في 1 / 828 قول رسول الله صلى الله عليه وآله: علي مع الحق والحق مع علي ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض.
(5) الخصال للشيخ الصدوق 1 / 171 - 173 باب الثلاثة حديث 288 مع تفصيل في السند.

[123]

حاتم، عن عبد الله بن حماد وسليمان بن معبد، هما عن عبد الله بن صالح، عن الليث بن سعد، عن علوان بن داود بن صالح، عن صالح بن كيسان، عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، قال: قال أبو بكر في مرضه الذي قبض فيه: أما اني لا آسى من الدنيا إلا على ثلاث فعلتها، وددت (1) أني تركتها، وثلاث تركتها وددت (2) أني فعلتها، وثلاث وددت أني كنت سألت عنهن رسول الله صلى الله عليه وآله، أما التي وددت أني تركتها، فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وإن كان علق (3) علي الحرب، ووددت أني لم أكن حرقت (4) الفجاءة وإني قتلته سريحا (5) أو أطلقته نجيحا (6)، ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الامر في عنق أحد الرجلين - عمر أو أبي عبيدة - فكان أميرا وكنت وزير.
وأما التي تركتها (7): فوددت أني يوم أتيت بالاشعث أسيرا كنت ضربت عنقه، فإنه يخيل إلي أنه لم ير صاحب شر إلا أعانه، ووددت أني حين سيرت خالدا إلى أهل الردة كنت قدمت إلى قربه (8) فإن ظفر المسلمون ظفروا وإن هزموا (9) كنت بصدد لقاء أو مدد، ووددت أني كنت إذ وجهت خالدا إلى الشام قذفت المشرق
(1) في المصدر: ووددت.
(2) في المصدر: وددت.
(3) في (ك) نسخة بدل: اعلق، وفي المصدر: اعلن، وجاء في هامشه: اغلق، وفي النسخة المطبوعة: علق.
(4) في المصدر وفي (ك): احرقت.
(5) كتب في حاشية (س) هنا: أي سريع.
وهو معنى السريح كما في القاموس 1 / 228.
وانظر قصة الفجاءة ذيل الخصال، وفصلها شيخنا الاميني في غديره 7 / 156 - 158.
(6) قال في القاموس 1 / 251: النجيح: الصواب من الرأي.
(7) في نسخة على المصدر: فوددت أني فعلته.
(8) في المصدر: قرية.
(9) في الخصال زيادة لفظ: كيد.

[124]

بعمر بن الخطاب، فكنت بسطت يدي - يميني وشمالي - في سبيل الله.
وأما التي وددت أني كنت سألت عنهن رسول الله صلى الله عليه وآله: فوددت أني كنت سألته فيمن هذا الامر فلم ننازعه أهله، ووددت أني كنت سألته هل للانصار في هذا الامر نصيب، ووددت أني كنت سألته عن ميراث الاخ والعم، فإن في نفسي منها حاجة (1).
قال الصدوق رضي الله عنه (2): إن يوم غدير خم لم يدع لاحد عذرا، هكذا قالت سيدة النسوان فاطمة عليها السلام لما منعت من فدك وخاطبت الانصار فقالوا: يا بنت محمد ! لو سمعنا هذا الكلام منك قبل بيعتنا لابي بكر ما عدلنا بعلي أحد.
فقالت: وهل ترك أبي يوم غدير خم لاحد عذرا ؟ ! 3 - ل (3): أبي، عن المؤدب، عن أحمد الاصبهاني، عن الثقفي، عن يحيى ابن الحسن بن الفرات، عن هارون بن عبيدة، عن يحيى بن عبد الله بن الحسن (4) ابن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام قال: قال عمر حين حضره الموت: أتوب إلى الله من ثلاث: اغتصابي هذا الامر أنا وأبو بكر من دون الناس، واستخلافي عليهم، وتفضيلي المسلمين بعضهم على بعض.
4 - ل (5): بالاسناد إلى الثقفي، عن المسعودي، عن الحسن بن حماد
(1) ذكر القصة جمهور علماء العامة، ونص عليها الطبري في تاريخه 4 / 52، وابن قتيبة في الامامة والسياسة 1 / 18، والمسعودي في مروج الذهب 1 / 414، وابن عبد البر في العقد الفريد 2 / 254، وأبو عبيدة في الاموال: 131، وغيرهم، والاسناد صحيح رجاله كلهم ثقات عندهم أربعة منهم من رجال الصحاح الست، كما نص على ذلك شيخنا الاميني في الغدير 7 / 170 - 171، فراجع.
وانظر حول الكشف عن بيت فاطمة سلام الله عليها - غير ما مر - تاريخ ابن جرير 2 / 619، وميزان الاعتدال 2 / 215، وغيرهم.
(2) الخصال 1 / 173.
(3) الخصال 1 / 170 باب الثلاثة حديث 225، بتفصيل في السند.
(4) وضع على: الحسن، في (ك) رمز نسخة بدل.
(5) الخصال 1 / 171، باب الثلاثة حديث 226، باختلاف يسير.

[125]

الطائي، عن زياد بن المنذر، عن عطية - فيما يظن -، عن جابر بن عبد الله، قال: شهدت عمر عند موته يقول: أتوب إلى الله من ثلاث: من ردي رقيق اليمن، ومن رجوعي عن جيش أسامة بعد أن أمره رسول الله صلى الله عليه وآله علينا، ومن تعاقدنا على أهل هذا البيت إن قبض الله رسوله لا نولي منهم أحد.
5 - ل (1): بالاسناد إلى الثقفي، عن محمد بن علي، عن الحسين بن سفيان، عن أبيه، عن فضل بن الزبير، عن أبي عبيدة الحذاء، قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: لما حضر عمر الموت قال: أتوب إلى الله من رجوعي من جيش أسامة، وأتوب إلى الله من عتقي سبي اليمن، وأتوب إلى الله من شئ كنا أشعرناه قلوبنا نسأل الله أن يكفينا ضره، وأن بيعة أبي بكر كانت فلته.
بيان: قال في النهاية في حديث عمر: (إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها)، أراد بالفلتة: الفجأة، ومثل هذه البيعة جدير (2) بان تكون مهيجة للشر والفتنة، فعصم الله عن ذلك ووقى، والفلتة: كل شئ فعل من غير روية وإنما يورد (3) بها خوف انتشار الامر، وقيل: اراد بالفلتة: الخلسة.
أي ان الامامة يوم السقيفة مالت إلى توليها الانفس ولذلك كثر (4) فيها التشاجر، فما (5) قلدها أبو بكر إلا انتزاعا من الايدي واختلاسا، وقيل: الفلتة آخر ليلة من الاشهر الحرم، فيختلفون (6) أمن الحل هي ام من الحرام (7) ؟ فيتسارع الموتود (8) إلى درك الثار
(1) الخصال 1 / 171، باب الثلاثة حديث 227، مع تفصيل في الاسناد.
(2) في المصدر وفي اللسان: جديرة.
(3) في المصدر وفي اللسان: بودر.
(4) لا توجد: كثر، في (س).
(5) وضع على: فما في (ك) رمز نسخة بدل.
(6) في النهاية واللسان: فيختلفون فيه.
(7) في المصدر واللسان: ام من الحرم.
(8) في اللسان وفي المصدر: فيسارع الموتور، وهو الصحيح.

[126]

فيكثر الفساد ويسفك (1) الدماء، فشبة ايام النبي صلى الله عليه وآله (2) بالاشهر الحرم ويوم موته بالفلتة في (3) وقوع الشر من ارتداد العرب وتخلف الانصار عن الطاعة، ومنع من منع الزكاة، والجري على عادة العرب في ان لا يسود (4) القبيلة إلا رجل منها (5).
انتهى.
ولا يخفى ضعف تلك التأويلات على عاقل، وسيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى (6).
6 - جا (7): الجعابي، عن العباس بن المغيرة، عن أحمد بن منصور، عن سليمان بن حرب، عن حماد بن بريد (8)، عن يحيى بن سعيد، عن عاصم، عن (9) عبيد الله بن (10) عبد الرحمن بن أبان بن عثمان، عن أبيه، عن عثمان بن عفان، قال: كنت آخر (11) الناس عهدا بعمر بن الخطاب، دخلت عليه ورأسه في حجر ابنه عبد الله وهو يولول (12)، فقال له: ضع خدي بالارض، فأبي عبد الله، فقال له: ضع خدي بالارض لا أم لك، فوضع خده على الارض، فجعل يقول:
(1) في النهاية ولسان العرب: وتسفك.
(2) في المصدر: عليه الصلاة والسلام، بدل التصلية.
(3) في النهاية: من، وفي اللسان: في، كما في المتن.
(4) كتب في المصدر: مدغما - ألا يسود - وما في اللسان كالمتن.
(5) النهاية 3 / 467 - 468 وفيه: وفي صفة مجلس رسول الله صلى الله عليه [وآله] وسلم: لا تثنى فلتاته.
الفلتات: الزلات، جمع فلتة.
أي لم يكن في مجلسه زلات فتحفظ وتحكى.
ومثل النهاية ما في لسان العرب 2 / 67 - 68، وقال في القاموس 1 / 154: وفلتات المجلس: هفواته وزلآته.
(6) في (ك): فيه، بعد كلمة: تعالى: بتقديم وتأخير.
(7) مجالس (أمالي) الشيخ المفيد: 50 حديث 10، بتفصيل في الاسناد.
(8) في المصدر: بن زيد.
(9) في المصدر: بن، بدلا من: عن، وهو الظاهر.
(10) في الامالي: عن، بدلا من: بن، وهو الظاهر.
(11) في المجالس: أنا آخر.
(12) جاءت في حاشية المصدر، وفي متنه: ملول.

[127]

ويل أمي ! ويل أمي ! إن لم تغفر لي.
فلم يزل يقولها حتى خرجت نفسه.
7 - إرشاد القلوب (1): - بحذف الاسناد - مرفوعا إلى عبد الرحمن بن غنم الازدي - ختن معاذ بن جبل (2) - وحين مات (3) كانت ابنته (4) تحت معاذ بن جبل، وكان أفقه (5) أهل الشام وأشدهم اجتهادا، قال: مات معاذ بن جبل بالطاعون، فشهدت يوم مات - والناس متشاغلون بالطاعون -، قال: وسمعته حين احتضر وليس (6) في البيت غيري - وذلك في خلافة (7) عمر بن الخطاب -، فسمعته يقول: ويل لي ! ويل لي (8) !.
فقلت في نفسي: أصحاب الطاعون يهذون ويقولون الاعاجيب.
فقلت له: أتهذي ؟.
قال: لا، رحمك الله (9).
قلت: فلم تدعو بالويل والثبور ؟.
قال: لموالاتي عدو الله على ولي الله.
فقلت له: من هم (10) ؟.
قال: موالاتي عتيقا وعمر على خليفة رسول الله ووصيه علي بن أبي طالب عليه السلام.
فقلت: إنك لتهجر !.
فقال: يا بن غنم ! والله ما أهجر، هذان، رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي بن أبي طالب عليه السلام يقولان لي: يا معاذ ! أبشر بالنار
(1) إرشاد القلوب 2 / 183 - 186 [2 / 391 - 394] تحت عنوان فيما قاله معاذ بن جبل حين موته.
باختلاف يسير أشرنا لبعضه.
(2) لا يوجد: ختن معاذ بن جبل، في المصدر.
(3) في إرشاد القلوب: حين مات معاذ بن جبل، ووضع على: حين مات، رمز نسخة بدل في (ك).
(4) في (س): ابنة - بلا ضمير -.
(5) جاء في المصدر:.
الازدي حين مات معاذ بن جبل وكان أفقه.
(6) في الارشاد: وليس معه.
(7) في المصدر: في زمن خلافة.
(8) في (ك): وويل لي، ووضعه على الواو رمز نسخة بدل.
وفي (س) جاءت الجملة مشوشة.
(9) وضع على: رحمك الله، رمز نسخة بدل في مطبوع البحار.
(10) من قوله: فقلت في نفسي.
إلى هنا لا يوجد في إرشاد الديلمي المطبوع، وفيه: فقلت له: مم ؟.
قال: من موالاتي.

[128]

أنت (1) وأصحابك.
أفليس قلتم إن مات رسول الله صلى الله عليه وآله أو قتل (2) زوينا الخلافة عن علي بن أبي طالب (ع) فلن تصل إليه، فاجتمعت أنا وأبو بكر وعمر وأبو عبيدة وسالم (3)، قال: قلت: متى يا معاذ ؟.
قال: في حجة الوداع، قلنا: نتظاهر على علي (ع) فلا ينال الخلافة ما حيينا، فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله قلت لهم: أنا (4) أكفيكم قومي الانصار فاكفوني قريشا، ثم دعوت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى (5) هذا الذي تعاهدنا عليه بشر بن سعيد وأسيد (6) بن حصين فبايعاني على ذلك، فقلت: يا معاذ ! إنك لتهجر، فألصق خده بالارض فلما (7) زال يدعو بالويل والثبور حتى مات.
فقال ابن غنم: ما حدثت بهذا الحديث يا بن قيس بن (8) هلال أحدا إلا ابنتي امرأة معاذ ورجلا آخر، فإني فزعت مما رأيت وسمعت من معاذ.
قال: فحججت ولقيت الذي غمض أبا عبيدة وسالما فأخبراني أنه حصل لهما ذلك (9) عند موتهما، لم يزد فيه حرفا ولم ينقص حرفا، كأنهما قالا مثل ما قال معاذ بن جبل فقلت: أو لم يقتل سالم يوم التهامة ؟.
قال: بلى، ولكنا احتملناه وبه رمق (10).
قال سليم: فحدثت بحديث ابن غنم هذا كله محمد بن أبي بكر، فقال
(1) لا توجد: أنت، في المصدر.
(2) أو قتل.
لا توجد في الارشاد.
(3) في المصدر: وسالم مولى حذيفة.
(4) لا توجد: أنا، في المصدر.
(5) في الارشاد: على، بدلا من: إلى.
(6) في (س): اسد.
(7) في المصدر: فم.
وهو الظاهر.
(8) في إرشاد الديلمي: ما حدثت غير قيس بن.
(9) في (س): كذلك، وفي المصدر: نحو ذلك.
(10) من قوله: فقلت أو لم.
إلى هنا لا يوجد في المطبوع من المصدر.

[129]

لي: اكتم علي واشهد أن أبي قد قال عند موته مثل مقالتهم، فقالت: عائشة: إن أبي يهجر (1).
قال محمد: فلقيت عبد الله بن عمر في خلافة عثمان وحدثته بما سمعت من أبي عند موته فأخذت عليه العهد والميثاق ألا يكتم (2) علي.
فقال لي ابن عمر: اكتم علي، فو الله لقد قال أبي مثل ما قال أبوك وما زاد (3) ولا نقص، ثم تداركها ابن عمر بعد وتخوف أن أخبر بذلك علي بن أبي طالب عليه السلام لما علم من حبي له وانقطاعي إليه، فقال: إنما كان يهجر.
فأتيت أمير المؤمنين عليه السلام فأخبرته بما سمعته من أبي وما حدثني به ابن عمر.
فقال علي (4): قد حدثني بذلك عن أبيه وعن أبي عبيدة وسالم وعن معاذ من هو أصدق منك ومن ابن عمر.
فقلت: ومن ذاك يا أمير المؤمنين ؟.
فقال: بعض (5) من حدثني.
فعرفت ما عنى، فقلت: صدقت، إنما ظننت إنسانا حدثك، وما شهد أبي - وهو يقول ذلك - غيري.
قال سليم: قلت لابن غنم: مات معاذ بالطاعون فبما مات أبو عبيدة ؟.
قال: مات بالدبيلة (6)، فلقيت محمد بن أبي بكر فقلت: هل شهد موت أبيك غيرك وأخيك (7) عبد الرحمن وعائشة وعمر ؟.
قال: ل.
قلت: وهل (8) سمعوا (9) منه ما
(1) في المصدر: يهجو.
ولا معنى له.
(2) في المصدر: ليكتم علي.
وما في المتن هو الظاهر.
(3) في المصدر: فو الله لقد قال مثل مقالة أبيك ما زاد.
(4) في الارشاد: قال عليه السلام.
(5) خط على: بعض، في (ك)، ولا توجد في المصدر.
(6) قال في القاموس 3 / 373: ودبيل مبالغة وكجهينة: الداهية، وداء في الجوف.
وقال في مجمع البحرين 5 / 369: الدبيلة: الطاعون، وخراج، ودمل يظهر في الجوف ويقتل صاحبه غالب.
(7) في المصدر: وغير أخيك.
(8) وضع رمز نسخة بدل على: هل، في المطبوع من البحار.
(9) لا توجد: سمعوا، في (س).

[130]

سمعت ؟.
قال: سمعوا منه طرفا فبكو.
وقال: هو يهجر، فأما كل ما سمعت أنا فلا، قلت: فالذي سمعوا ما هو ؟.
قال: دعا بالويل والثبور، فقال له عمر: يا خليفة رسول الله ! لم تدعو بالويل والثبور ؟ !.
قال: هذا رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه علي بن أبي طالب يبشراني بالنار، ومعه الصحيفة التي تعاهدنا عليها في الكعبة، وهو يقول: قد وفيت بها وظاهرت على ولي الله (1) فأبشر أنت وصاحبك بالنار في أسفل السافلين، فلما سمعها عمر خرج وهو يقول: إنه ليهجر ! قال: لا والله لا أهجر (2) أين تذهب ؟.
قال عمر: كيف لا تهجر وأنت ثاني اثنين إذ هما (3) في الغار ؟ ! قال: الآن أيضا ! أو لم أحدثك أن محمدا - ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وآله - قال لي وأنا (4) معه في الغار: إني أرى سفينة جعفر وأصحابه تعوم (5) في البحر، فقلت: أرنيها، فمسح يده على وجهه (6) فنظرت إليها، وأضمرت عند ذلك أنه ساحر، وذكرت لك ذلك بالمدينة، فأجمع (7) رأيي ورأيك أنه ساحر، فقال عمر: يا هؤلاء ! إن أباكم (8) يهجر فاكتموا ما تسمعون عنه (9) لئلا يشمت بكم أهل هذا البيت، ثم خرج وخرج أخي وخرجت عائشة ليتوضؤا للصلاة، فأسمعني من قوله ما لم يسمعوا، فقلت له - لما خلوت به: يا أبة ! (10) قل: لا إله إلا
(1) في (ك) هنا زيادة: وأصحابك.
(2) في المصدر: ما أهجر.
(3) لا يوجد: إذ هما، في المصدر.
(4) في (ك): قال لي أن.
(5) أي تسبح وتسير، قاله في القاموس 4 / 155.
(6) في المصدر: وجهي، وهو الظاهر.
(7) في إرشاد الديلمي: وذكرت ذلك لك بالمدينة فاجتمع.
(8) في المصدر: إن أبا بكر.
(9) في المصدر: منه، بدلا من: عنه.
(10) في المطبوع من البحار وضع على: يا أبة، رمز نسخة بدل، ولا توجد في المصدر.

[131]

الله، قال: لا أقولها (1) ولا أقدر عليها أبدا حتى أرد النار فأدخل التابوت، فلما ذكر التابوت ظننت أنه يهجر، فقلت له: أي تابوت ؟.
فقال: تابوت من نار مقفل بقفل من نار فيه اثنا عشر رجلا، أنا وصاحبي هذا، قلت: عمر ؟.
قال: نعم، وعشرة في جب من جهنم على صخرة إذا أراد الله أن يسعر جهنم رفع الصخرة.
قلت: أتهذي ؟.
قال: لا والله (2) ما أهذي، ولعن الله ابن صهاك هو الذي أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني فبئس القرين، ألصق خدي بالارض، فألصقت خده بالارض (3)، فما زال يدعو بالويل والثبور حتى غمضته، ثم دخل عمر علي، فقال: هل قال (4) بعدنا شيئا (5) ؟ فحدثته (6).
فقال: يرحم الله خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله، اكتم ! هذا كله هذيان، وأنتم أهل بيت يعرف لكم الهذيان في موتكم ؟.
قالت عائشة: صدقت، ثم قال لي عمر: إياك أن يخرج منك شيئا مما سمعت به إلى علي بن أبي طالب (ع) (7) وأهل بيته.
قال: قال سليم (8): قلت لمحمد: من تراه حدث أمير المؤمنين عليه السلام عن هؤلاء الخمسة بما قالوا، فقال: رسول الله صلى الله عليه وآله، إنه يراه في (9)
(1) في المصدر: لا قلتها ولا أقوله.
(2) في الارشاد:.
من جهنم عليه صخرة، قلت: هل تهذي ؟ قال: والله.
(3) في المصدر: ثم ألصق خده بالارض فما زال.
(4) في المصدر: هل حدث.
(5) لا توجد كلمة: شيئا، في (س).
(6) في (ك) والمصدر: فحدثتهم.
(7) في المصدر: مما سمعت ويشمت به ابن أبي طالب.
(8) وضع على: قال سليم، في المطبوع من البحار رمز نسخة بدل، ولا توجد في المصدر.
(9) لا توجد في المصدر: في.

[132]

كل ليلة في المنام وحديثه إياه (1) في المنام مثل حديثه (2) إياه في اليقظة والحياة، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا لا يتمثل بي في نوم ولا يقظة (3) ولا بأحد من أوصيائي إلى يوم القيامة.
قال سليم (4): فقلت لمحمد: فمن حدثك بهذا ؟.
قال: علي (5).
فقلت: قد سمعت أنا أيضا منه كما سمعت أنت، قلت لمحمد: فلعل ملكا من الملائكة حدثه.
قال: أو (6) ذاك ؟ قلت: فهل تحدث الملائكة إلا الانبياء ؟ !.
قال: أما تقرأ كتاب الله: * (وما أرسلنا من قبلك من رسول ولا نبي) * (7) ولا محدث.
قلت أنا: أمير المؤمنين (8) محدث.
قال: نعم، وفاطمة محدثة، ولم تكن نبية، ومريم محدثة ولم تكن نبية، وأم موسى محدثة ولم تكن نبية، وسارة امرأة ابراهيم قد (9) عاينت الملائكة ولم تكن نبية، فبشروها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب.
قال سليم: فلما قتل محمد بن أبي بكر بمصر وعزينا (10) أمير المؤمنين، جئت إلى أمير المؤمنين عليه السلام (11) وخلوت به فحدثته بما أخبرني به محمد بن أبي بكر وبما حدثني به ابن غنم.
(1) في (س): أباه، وفي المصدر: وحدثه أباه.
(2) في الارشاد: مثل ما حدثه.
(3) في المصدر: في النوم ولا في اليقظة.
(4) لا توجد في المصدر: قال سليم، وهي نسخة في المطبوع من البحار.
(5) في الارشاد: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام.
(6) في المصدر: الواو، بدلا من: أو.
(7) الحج: 52.
(8) في المصدر: قلت فأمير المؤمنين عليه السلام.
(9) في إرشاد الديلمي: وسارة امرأة ابراهيم محدثة قد.
(10) لعلها تقرأ في مطبوع البحار: غوينا، أو غزينا، إلا أنها في المصدر: ونعي فعزيت.
(11) لا توجد: جئت إلى أمير المؤمنين عليه السلام.
في المصدر.

[133]

قال: صدق محمد رحمه الله، أما انه شهيد حي مرزوق، يا سليم ! إني وأوصيائي أحد عشر رجلا من ولدي أئمة هدى مهديون محدثون.
قلت: يا أمير المؤمنين ! ومن هم ؟ (1).
قال: ابني الحسن والحسين، ثم ابني هذا - وأخذ بيد علي بن الحسين عليهم السلام وهو رضيع - ثم (2) ثمانية من ولده واحدا بعد واحد، وهم الذين أقسم الله (3) بهم فقال: * (ووالد وما ولد) * (4)، فالوالد رسول الله صلى الله عليه وآله وأنا، وما ولد يعني هؤلاء الاحد عشر وصيا صلوات الله عليهم (5).
قلت: يا أمير المؤمنين ! يجتمع إمامان ؟.
قال: لا، إلا و (6) أحدهما صامت لا ينطق حتى يهلك الاول.
8 - أقول: وجدت الخبر في كتاب سليم (7) عن أبان عن سليم عن عبد الرحمن بن غنم.
وذكر الحديث مثله سواء.
بيان: هذا الخبر أحد الامور التي صارت سببا للقدح في كتاب سليم، لان محمدا ولد في حجة الوداع - كما ورد في أخبار الخاصة والعامة - فكان له عند موت أبيه سنتان وأشهر، فكيف كان يمكنه التكلم بتلك الكلمات، وتذكر تلك الحكايات ؟.
ولعله مما صحف فيه النساخ أو الرواة، أو يقال إن ذلك كان من معجزات
(1) في المصدر: قلت: من هم يا أمير المؤمنين.
(2) هنا زيادة: قال.
في المصدر.
(3) في المصدر: الله تبارك وتعالى.
(4) البلد: 3.
(5) في المصدر: أوصياء عليهم السلام واللعنة على أعدائهم أبد الآبدين.
(6) لا يوجد: إلا و، في المصدر.
(7) كتاب سليم بن قيس: 222 - 227، وانظر: معالم الزلفي: 429.

[134]

أمير المؤمنين عليه السلام ظهر فيه.
وقال بعض الافاضل: رأيت فيما وصل إلي من نسخة هذا الكتاب أن عبد الله بن عمر وعظ أباه عند موته.
والحق ان بمثل هذا لا يمكن القدح في كتاب معروف بين المحدثين اعتمد عليه الكليني والصدوق وغير هما من القدماء، وأكثر أخباره مطابقة لما روي بالاسانيد الصحيحة في الاصول المعتبرة، وقل كتاب من الاصول المتداولة يخلو عن مثل ذلك.
قال النعماني في كتاب الغيبة (1) - بعدما أورد من كتاب سليم أخبارا كثيرة ما هذا لفظه -:. . كتابه أصل من الاصول (2) التي رواها أهل العلم وحملة حديث أهل البيت عليهم السلام وأقدمها، لان جميع ما اشتمل عليه هذا الكتاب (3) إنما هو عن رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام والمقداد وسلمان الفارسي وأبي ذر ومن جرى مجراهم ممن شهد رسول الله وأمير المؤمنين عليهما السلام وسمع منها، وهو من الاصول التي ترجع الشيعة إليها وتعول عليه.
انتهى (4).
9 - وقال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (5): المبرد في الكامل (6)، عن عبد الرحمن بن عوف، قال: دخلت على أبي بكر أعوده في مرضه الذي مات فيه، فسلمت وسألته (7) فاستوى جالسا، فقلت: لقد أصبحت بحمد الله بارئ.
فقال:
(1) غيبة الشيخ النعماني: 101 - 102، باختلاف يسير تحت عنوان: ما روي في أن الائمة اثنا عشر إمام.
(2) في المصدر: من أكبر كتب الاصول.
(3) في الغيبة: هذا الاصل.
(4) انظر مقدمة كتاب سليم بن قيس إذ نقل أقوال العلماء والقدماء حول الكتاب وجامعه.
(5) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 2 / 45 - 47.
(6) الكامل للمبرد - شرح المرصقي - 1 / 54 - 55، وجاء في تاريخ الطبري 3 / 234 وما بعده.
(7) في المصدر: وسألته كيف به.

[135]

أما إني على ما ترى لوجع، وجعلتم لي - معشر المهاجرين - شغلا مع وجعي، جعلت لكم عهدا من بعدي، واخترت لكم خيركم في نفسي، فكلكم ورم لذلك أنفه رجاء أن يكون الامر له، ورأيتم الدنيا قد أقبلت، والله لتتخذن ستور الحرير ونضائد الديباج، وتألمون ضجائع الصوف الازدري (1)، كأن أحدكم على حسك السعدان، والله لئن يقدم أحدكم فيضرب عنقه في غير حد لخير له من أن يسبح في غمرة الدنيا، وإنكم غدا لاول صال بالنار (2)، تجودون (3) عن الطريق يمينا وشمالا، يا هادي الطريق جرت، إنما هو البحر (4) أو الفجر.
فقال له عبد الرحمن: لا تكثر على ما بك فيهيضك، والله ما أردت إلا الخير (5)، وأنا (6) صاحبك لذو خير، وما الناس إلا رجلان، رجل رأى ما رأيت فلا خلاف عليك منه (7)، ورجل رأى غير ذلك، وإنما يشير عليك برأيه، فسكن وسكت هنيئة، فقال عبد الرحمن: ما أرى بك بأسا، والحمد لله، فلا تأس (8) على الدنيا، فو الله إن علمناك إلا صالحا مصلح.
فقال: أما إني لا آسى إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني لم أفعلهن، وثلاث لم أفعلهن وددت أني فعلتهم، وثلاث وددت (9) أني سألت رسول الله صلى الله عليه وآله عنهن.
(1) في (ك): الازري، وفي المصدر: الاذربي، وسيتعرض المصنف رحمه الله مفصلا في بيانه الآتي، فراجع.
(2) في (ك) نسخة بدل: بالناس.
وفي المصدر: لاول ضال بالناس.
(3) في المصدر: تجورون، وهو الصحيح، وسيتعرض لها في بيانه.
(4) في المصدر: البجر، والعبارة تختلف في الكامل وتعرض لها المصنف رحمه الله في بيانه الآتي.
(5) في المصدر: خير.
والى هنا رواية المبرد في الكامل.
(6) في شرح النهج: وإن هي نسخة جاءت في (ك).
(7) في (ك): فيه.
(8) في المصدر: فلا بأس.
(9) جاءت نسخة في (ك): ودت.

[136]

فأما الثلاث التي فعلتها ووددت أني لم أكن فعلتها، فوددت أني لم أكن كشفت عن بيت فاطمة (ع) وتركته ولو أغلق على حرب، ووددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الامر في عنق أحد الرجلين، عمر أو أبي عبيدة، فكان أميرا وكنت وزيرا، ووددت أني إذ أتيت بالفجاءة (1) لم أكن أحرقته (2).
وأما الثلاث التي لم أفعلها (3) ووددت أني فعلتها، فوددت أني يوم أتيت بالاشعث أسيرا (4) كنت ضربت عنقه، فإنه يخيل إلي أنه لا يرى شرا إلا أعان عليه، ووددت أني حيث وجهت خالدا إلى أهل الردة أقمت بذي القصة (5)، فإن ظفر المسلمون (6) وإلا كنت ردءا لهم (7)، ووددت حيث وجهت خالدا إلى الشام كنت وجهت عمر إلى العراق، فأكون قد بسطت كلتا يدي - اليمين والشمال - في سبيل الله.
وأما الثلاث اللواتي وددت أني كنت سألت رسول الله صلى الله عليه [وآله] عنهن، فوددت أني سألته فيمن هذا الامر، فكنا لا ننازعه أهله ؟ ووددت أني سألته هل للانصار في هذا الامر نصيب ؟ ووددت أني سألته عن ميراث العمة وابنة
(1) الفجاءة: هو اياس بن عبد الله بن عبد ياليل السلمي، وكان قد استعرض الناس يقتلهم ويأخذ أموالهم، فأمر أبو بكر بأحراقة، انظر: تاريخ الطبري 3 / 234، تاريخ ابن كثير 6 / 319، الكامل لابن الاثير 2 / 146، الاصابة 2 / 322، وغير ه.
(2) في المصدر زيادة: وكنت قتلته بالحديد أو أطلقته.
(3) في المصدر: التي تركتها، بدلا من: لم أفعله.
(4) لا توجد: أسيرا، في شرح النهج.
(5) ذو القصة، موضع بينه وبين المدينة اربعة وعشرون ميلا، وهو طريق الربذة، وقد ورد أن أبا بكر خرج إليه - وهو على بريد من المدينة تلقاء نجد - قطع الجنود فيه وعقد فيه ألوية، انظر: معجم البلدان 4 / 366، ومراصد الاطلاع 3 / 1102، ولا حظ القاموس 2 / 313.
(6) فإن ظفر المسلمون، خط عليها في (س).
(7) وضع على: لهم، في المطبوع من البحار رمز نسخة بدل.

[137]

الاخ (1) فإن في نفسي منهما حاجة.
توضيح: قوله: ورم انفه (2).
اي امتلا وانتفخ من ذلك غضبا، وخص الانف بالذكر لانه موضع الانفة والكبر، كما يقال: شمخ بأنفه، ومنه قول الشاعر: ولا يهاج إذا ما أنفه ورما (3).
.
.
.
.
. . وفي النهاية، في حديث ابي بكر: لتتخذن نضائد الديباج.
أي الوسائد، واحدتهما (4) نضيدة (5) والآزري: نسبة إلى آزر، وهي - كهاجر -: ناحية بين الاهواز ورامهرمز (6).
وفي النهاية: الازربي (7)، قال: في حديث أبي بكر: لتأملن (8) النوم على الصوف الازربي كما يألم أحدكم أن نوم على حسك السعدان.
الازربي منسوب إلى اذربيجان - على غير قياس - هكذا تقوله العرب، والقياس ان تقول ازري - بغير باء (9) - كما يقال في النسب إلى رامهرمز: وامي (10) وهو مطرد في النسب إلى الاسماء
(1) في المصدر: الاخت، وهي نسخة في (ك).
(2) قال في النهاية 5 / 177: ومنه حديث أبي بكر: وليت أموركم خيركم فكلكم ورم أنفه على أن يكون الامر له من دونه.
(3) نص عليه في النهاية 5 / 177، ولسان العرب 12 / 634.
(4) في المصدر: واحدتها، وهو الصحيح.
(5) النهاية 5 / 71، ومثله في لسان العرب 3 / 424، وغيره.
(6) صرح به في القاموس 1 / 363.
(7) كذا، والظاهر أن تكون العبارة هكذا: والاذربي في النهاية قال.
أي جائت الاذربي في النهاية.
وجاء في النهاية: اذرب (س [ه‍]) في حديث.
وكل ما ذكره المصنف - طاب ثراه - جاء في المصدر بالذال المجمعة.
(8) في المصدر: لتألمن، وكذا في اللسان.
(9) في (س): بغير ياء، وهو سهو.
(10) كذا، والظاهر: رامي، كما جاءت في المصدر.

[138]

المركبة (1)، والسعدان: نبت ذو شوك يشبه حلمة الثدي (2)، والحسك جمع الحسكة - بتحريكهما -: وهي شوكة صلبة (3).
والجور: الميل عن الطريق (4).
وقال ابن الاثير - في حديث أبي بكر -: (انما هو الفجر أو البجر) البجر - بالفتح والضم -: الداهية والامر العظيم.
اي ان انتظرت حتى يضئ الفجر ابصرت الطريق، وان خبطت (5) الظلماء افضت بك إلى المكروه، ويروى البحر - بالحاء - يريد غمرات الدنيا، شبهها بالبحر لتبحر اهلها فيها (6).
والهيض - بالفتح -: الكسر بعد الجبر وهو اشد ما يكون من الكسر، يقال هاضه الامر يهيضه (7).
ولا تأس.
اي لا تحزن (8).
تذييل: اعلم أن ما اشتمل عليه هذا الخبر أحد المطاعن المشهورة لابي بكر ذكره الاصحاب، قالوا: إن قوله: ليتني كنت سألت رسول الله صلى الله عليه وآله هل للانصار في هذا الامر حق ؟ يدل على شكه في صحة بيعته، وقوله ليتني تركت بيت فاطمة عليها السلام لم أكشفه، وليتني في ظلة بني ساعدة كنت ضربت على يد أحد الرجلين.
يدل على ما روي من إقدامه على بيت فاطمة عليها
(1) النهاية 1 / 33، ومثله في لسان العرب 1 / 207.
(2) ذكره في الصحاح 2 / 488، والقاموس 1 / 302، ولسان العرب 3 / 215.
(3) قاله في النهاية 1 / 386، وانظر: مجمع البحرين 5 / 262، والقاموس 3 / 298.
(4) كما في النهاية 1 / 313، وانظر: مجمع البحرين 3 / 251، والقاموس 2 / 394.
(5) تقرأ الكلمة في (س): خطت، وفي المصدر ولسان العرب: خبطت، كالمتن.
(6) النهاية 1 / 97، ومثله في لسان العرب 4 / 41.
(7) نص عليه في نهاية ابن الاثير 5 / 288، ومثله في لسان العرب 7 / 249، وانظر: مجمع البحرين 4 / 233، والقاموس 2 / 348.
(8) ذكره في مجمع البحرين 1 / 27، والصحاح 6 / 2269، والقاموس 4 / 299.

[139]

السلام عند اجتماع علي عليه السلام والزبير وغيرهما فيه، وعلى أنه كان يرى الفضل لغيره لا لنفسه.
وقوله: وددت أني سألت فيمن هذا الامر فكنا لا ننازعه أهله.
كالصريح في أنه لم يكن أهلا للامامة.
وقوله: وددت أني سألت عن ميراث العمة والخالة.
اعتراف بجهله بأحكام الدين.
وأجاب عنه قاضي القضاة في المغني (1) بأن قوله: ليتني.
لا يدل على الشك فيما تمناه (2)، وقول ابراهيم عليه السلام: * (رب أرني كيف تحيي الموتي قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) * (3) أقوى في الشبهة من ذلك (4)، ثم حمل تمنيه على أنه أراد سماع شئ مفصل، أو (5) أراد ليتني سألته عند الموت لقرب العهد، لان ما قرب عهده لا ينسى، ويكون أردع للانصار عما حاولوه (6).
ثم قال: على أنه ليس في ظاهره أنه تمنى أن يسأل (7) هل له حق للامامة أم لا ؟ لان الامامة قد يتعلق بها حقوق سواها، ثم دفع الرواية المتعلقة ببيت فاطمة عليها السلام، وقال: فأما (8) تمنيه أن يبايع غيره، فلو ثبت لم يكن ذما، لان من اشتد التكليف عليه فهو يتمنى خلافه (9).
(1) المغني 20 / 341، باختلاف وتصرف.
(2) هنا بياض في المصدر بعد كلمة: فيم.
ولا توجد: تمناه.
(3) البقرة: 260، وقد ذكر في المصدر القسم الاول منها إلى قوله تعالى: الموتى.
(4) في المغني: أقوم من ذلك في الشبهة.
(5) في (س): واو، بدلا من: أو.
(6) من قوله: ثم حمل.
إلى هنا نقل بالمعنى عن المصدر.
(7) في المغني: ان يشك.
(8) في (س): فقال فأم.
وفي المصدر: وقال وأم.
(9) إلى هنا كلام قاضي القضاة في المغني.