back page fehrest page  

و منها ما روى عن نسيم خادم أبي محمد (عليه السلام) : دخلت على صاحب الزمان (عليه السلام) بعد مولده بعشر ليال فعطست عنده فقال لي يرحمك الله قال ففرحت بذلك

[466]

فقال أ لا أبشرك في العطاس قلت بلى يا سيدي قال هو أمان من الموت ثلاثة أيام .

و منها ما روى عن حكيمة قالت : دخلت على أبي محمد (عليه السلام) بعد أربعين يوما من ولادة نرجس فإذا مولانا صاحب الزمان (عليه السلام) يمشي في الدار فلم أر لغة أفصح من لغته فتبسم أبو محمد (عليه السلام) فقال إنا معاشر الأئمة ننشأ في يوم كما ينشأ غيرنا في السنة قالت ثم كنت بعد ذلك أسأل أبا محمد (عليه السلام) عنه فقال استودعناه الذي استودعت أم موسى ولدها .

و منها ما روى عن يوسف بن أحمد الجعفري : حججت سنة ست و ثلاثمائة ثم جاورت بمكة ثلاث سنين ثم خرجت عنها منصرفا إلى الشام فبينا أنا في بعض الطريق قد فاتتني صلاة الفجر فنزلت من المحمل و تهيأت للصلاة فرأيت أربعة نفر في محمل فوقفت أعجب منهم فقال لي أحدهم مم تعجب تركت صلاتك فقلت و ما علمك بذلك مني فقال تحب أن ترى صاحب زمانك

[467]

قلت نعم فأومأ إلى أحد الأربعة فقلت إن له دلائل و علامات فقال أيما أحب إليك أن ترى الجمل صاعدا إلى السماء أو ترى المحمل صاعدا فقلت أيهما كان فهي دلالة فرأيت الجمل و ما عليه يرتفع إلى السماء و كان الرجل أومأ إلى رجل به سمرة و كان لونه الذهب بين عينيه سجادة .

و منها ما روى الشيخ المفيد عن أبي عبد الله الصفواني قال : رأيت القاسم بن العلاء و قد عمر مائة سنة و سبعة عشر سنة منها ثمانون سنة صحيح العينين لقي العسكريين (عليه السلام) و حجب بعد الثمانين و ردت عليه عيناه قبل وفاته بسبعة أيام و ذلك أني كنت بمدينة أران من أرض آذربيجان و كان لا تنقطع توقيعات صاحب الأمر (عليه السلام) عنه على يد أبي جعفر العمري و بعده على يد أبي القاسم بن روح فانقطعت عنه المكاتبة نحوا من شهرين و قلق لذلك .

فبينا نحن عنده نأكل إذ دخل البواب مستبشرا فقال له فيج العراق ورد و لا يسمى بغيره فسجد القاسم ثم دخل كهل قصير يرى أثر الفيوج عليه و عليه جبة مضربة و في رجله نعل محاملي و على كتفه مخلاة فقام إليه القاسم

[468]

فعانقه و وضع المخلاة و دعا بطشت و ماء و غسل يده و أجلسه إلى جانبه فأكلنا و غسلنا أيدينا فقام الرجل و أخرج كتابا أفضل من نصف الدرج فناوله القاسم فأخذه و قبله و دفعه إلى كاتب له يقال له أبو عبد الله بن أبي سلمة ففضه و قرأه و بكى حتى أحس القاسم ببكائه فقال يا أبا عبد الله خير خرج في شي‏ء مما يكره .

قال لا قال فما هو قال ينعى الشيخ إلي نفسه بعد ورود هذا الكتاب بأربعين يوما و أنه يمرض اليوم السابع بعد وصول الكتاب و أن الله يرد عليه عينيه بعد ذلك و قد حمل إليه سبعة أثواب .

فقال القاسم على سلامة من ديني قال في سلامة من دينك .

فضحك و قال ما أؤمل بعد هذا العمر فقام الرجل الوارد فأخرج من مخلاته ثلاثة أزر و حبرة يمانية حمراء و عمامة و ثوبين و منديلا فأخذه القاسم و كان عنده قميص خلعه عليه علي النقي (عليه السلام) .

و كان للقاسم صديق في أمور الدنيا شديد النصب يقال له عبد الرحمن بن محمد الشيزي وافى إلى الدار فقال القاسم اقرءوا الكتاب عليه فإني أحب هدايته .

قالوا هذا لا يحتمله خلق من الشيعة فكيف عبد الرحمن فأخرج إليه القاسم

[469]

الكتاب و قال اقرأه فقرأه عبد الرحمن إلى موضع النعي فقال للقاسم يا أبا عبد الله اتق الله فإنك رجل فاضل في دينك و الله يقول وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ ما ذا تَكْسِبُ غَداً وَ ما تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ و قال عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً قال القاسم فأتم الآية إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ مولاي هو المرضي من الرسول ثم قال أعلم أنك تقول هذا و لكن أرخ اليوم فإن أنا مت بعد هذا اليوم أو مت قبله فاعلم أني لست على شي‏ء و إن أنا مت في ذلك اليوم فانظر لنفسك فورخ عبد الرحمن اليوم و افترقوا و حم القاسم يوم السابع و اشتدت العلة به إلى مدة و نحن مجتمعون يوما عنده إذ مسح بكمه عينه و خرج من عينه شبه ماء اللحم ثم مد بطرفه إلى ابنه فقال يا حسن إلي و يا فلان إلي فنظرنا إلى الحدقتين صحيحتين .

و شاع الخبر في الناس فانتابه الناس من العامة ينظرون إليه .

و ركب القاضي إليه و هو أبو السائب عتبة بن عبيد الله المسعودي و هو قاضي

[470]

القضاة ببغداد فدخل عليه و قال له يا أبا محمد ما هذا الذي بيدي و أراه خاتما فصه فيروزج فقربه منه فقال عليه ثلاثة أسطر لا يمكنني قراءتها و قد قال لما رأى ابنه الحسن في وسط الدار قاعدا اللهم ألهم الحسن طاعتك و جنبه معصيتك قاله ثلاثا ثم كتب وصيته بيده .

و كانت الضياع التي بيده لصاحب الأمر (عليه السلام) كان أبوه وقفها عليه .

و كان فيما أوصى ابنه أن أهلت إلى الوكالة فيكون قوتك من نصف ضيعتي المعروفة بفرجيدة و سائرها ملك لمولانا (عليه السلام) .

فلما كان يوم الأربعين و قد طلع الفجر مات القاسم فوافاه عبد الرحمن يعدو في الأسواق حافيا حاسرا و هو يصيح يا سيداه فاستعظم الناس ذلك منه فقال لهم اسكتوا فقد رأيت ما لم تروا و تشيع و رجع عما كان عليه .

فلما كان بعده مدة يسيرة ورد كتاب على الحسن ابنه من صاحب الزمان يقول فيه ألهمك الله طاعته و جنبك معصيته و هو الدعاء الذي دعا لك به أبوك .

و منها ما روي عن ابن أبي سورة عن أبيه و كان أبوه من مشايخ الزيدية بالكوفة قال : كنت خرجت إلى قبر الحسين (عليه السلام) أعرف عنده فلما كان وقت العشاء الآخرة صليت و قمت فابتدأت أقرأ الحمد و إذا شاب حسن الوجه عليه

[471]

جبة سيفية فابتدأ أيضا قبلي و ختم قبلي .

فلما كان الغداة خرجنا جميعا من باب الحائر فلما صرنا إلى شاطئ الفرات قال لي الشاب أنت تريد الكوفة فامض .

فمضيت في طريق الفرات و أخذ الشاب طريق البر .

قال أبو سورة ثم أسفت على فراقه فاتبعته فقال لي تعال فجئنا جميعا إلى أصل حصن المسناة فنمنا جميعا و انتبهنا و إذا نحن على الغري على جبل الخندق فقال لي أنت مضيق و لك عيال فامض إلى أبي طاهر الزراري فسيخرج إليك من داره و في يده الدم من الأضحية فقل له شاب من صفته كذا و كذا يقول لك أعط هذا الرجل صرة الدنانير التي عند رجل السرير مدفونة .

قال فلما دخلت الكوفة مضيت إليه و قلت ما ذكر لي الشاب .

فقال سمعا و طاعة و على يده دم الأضحية .

و عن جماعة عن أبي ذر أحمد بن أبي سورة و هو محمد بن الحسن بن عبيد الله التميمي نحو ذلك و زادوا قال و مشينا ليلتنا فإذا نحن على مقابر مسجد السهلة فقال هو ذا منزلي .

ثم قال لي تمر أنت إلى ابن الزراري علي بن يحيى فتقول له يعطيك المال بعلامة أنه كذا و كذا و في موضع كذا و مغطى بكذا .

فقلت من أنت قال أنا محمد بن الحسن .

ثم مشينا حتى انتهينا إلى النواويس في السحر فجلس و حفر بيده فإذا الماء قد خرج و توضأ ثم صلى ثلاث عشرة ركعة فمضيت إلى الزراري فدققت الباب .

فقال من أنت فقلت أبو سورة فسمعته يقول ما لي و لأبي سورة .

[472]

فلما خرج و قصصت عليه القصة صافحني و قبل وجهي و وضع يده بيدي و مسح بها وجهه ثم أدخلني الدار و أخرج الصرة من عند رجل السرير فدفعها إلي فاستبصر أبو سورة و برئ من الزيدية .

و منها ما روي عن محمد بن هارون الهمداني قال : كان للناحية علي خمسمائة دينار فضقت بها ذرعا ثم قلت في نفسي لي حوانيت اشتريتها بخمسمائة دينار و ثلاثين دينارا قد جعلتها للناحية بخمسمائة دينار و لا و الله ما نطقت بذلك فكتب (عليه السلام) إلى محمد بن جعفر اقبض الحوانيت من محمد بن هارون بخمسمائة دينار التي لنا عليه .

و منها ما روي عن أبي الحسن المسترق الضرير : كنت يوما في مجلس

[473]

الحسن بن عبد الله بن حمدان ناصر الدولة فتذاكرنا أمر الناحية قال كنت أزري عليها إلى أن حضرت مجلس عمي الحسين يوما فأخذت أتكلم في ذلك فقال يا بني قد كنت أقول بمقالتك هذه إلى أن ندبت لولاية قم حين استصعبت على السلطان و كان كل من ورد إليها من جهة السلطان يحاربه أهلها فسلم إلي جيش و خرجت نحوها .

فلما بلغت إلى ناحية طزر خرجت إلى الصيد ففاتتني طريدة فاتبعتها و أوغلت

[474]

في أثرها حتى بلغت إلى نهر فسرت فيه و كلما أسير يتسع النهر فبينما أنا كذلك إذ طلع علي فارس تحته شهباء و هو متعمم بعمامة خز خضراء لا أرى منه إلا عينيه و في رجليه خفان أحمران فقال لي يا حسين فلا هو أمرني و لا كناني فقلت ما ذا تريد قال لم تزري على الناحية و لم تمنع أصحابي خمس مالك و كنت الرجل الوقور الذي لا يخاف شيئا فأرعدت منه و تهيبته و قلت له أفعل يا سيدي ما تأمر به .

فقال إذا مضيت إلى الموضع الذي أنت متوجه إليه فدخلته عفوا و كسبت ما كسبته تحمل خمسه إلى مستحقه فقلت السمع و الطاعة .

فقال امض راشدا و لوى عنان دابته و انصرف فلم أدر أي طريق سلك و طلبته يمينا و شمالا فخفي علي أمره و ازددت رعبا و انكفأت راجعا إلى عسكري و تناسيت الحديث .

فلما بلغت قم و عندي أني أريد محاربة القوم خرج إلي أهلها و قالوا كنا نحارب من يجيئنا بخلافهم لنا فأما إذا وافيت أنت فلا خلاف بيننا و بينك ادخل البلدة فدبرها كما ترى .

فأقمت فيها زمانا و كسبت أموالا زائدة على ما كنت أقدر ثم وشى القواد بي

[475]

إلى السلطان و حسدت على طول مقامي و كثرة ما اكتسبت فعزلت و رجعت إلى بغداد فابتدأت بدار السلطان و سلمت عليه و أتيت إلى منزلي و جاءني فيمن جاءني محمد بن عثمان العمري فتخطى الناس حتى اتكأ على تكأتي فاغتظت من ذلك و لم يزل قاعدا ما يبرح و الناس داخلون و خارجون و أنا أزداد غيظا .

فلما تصرم الناس و خلا المجلس دنا إلي و قال بيني و بينك سر فاسمعه فقلت قل فقال صاحب الشهباء و النهر يقول قد وفينا بما وعدنا .

فذكرت الحديث و ارتعت من ذلك و قلت السمع و الطاعة فقمت فأخذت بيده ففتحت الخزائن فلم يزل يخمسها إلى أن خمس شيئا كنت قد أنسيته مما كنت قد جمعته و انصرف و لم أشك بعد ذلك و تحققت الأمر .

فأنا منذ سمعت هذا من عمي أبي عبد الله زال ما كان اعترضني من شك .

و منها ما روي عن أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه قال : لما وصلت

[476]

بغداد في سنة تسع و ثلاثين و ثلاثمائة للحج و هي السنة التي رد القرامطة فيها الحجر إلى مكانه من البيت كان أكبر همي الظفر بمن ينصب الحجر لأنه يمضي في أثناء الكتب قصة أخذه و أنه ينصبه في مكانه الحجة في الزمان كما في زمان الحجاج وضعه زين العابدين (عليه السلام) في مكانه فاستقر .

فاعتللت علة صعبة خفت منها على نفسي و لم يتهيأ لي ما قصدت له فاستنبت المعروف بابن هشام و أعطيته رقعة مختومة أسأل فيها عن مدة عمري و هل تكون المنية في هذه العلة أم لا و قلت همي إيصال هذه الرقعة إلى واضع الحجر في مكانه و أخذ جوابه و إنما أندبك لهذا .

[477]

قال فقال المعروف بابن هشام لما حصلت بمكة و عزم على إعادة الحجر بذلت لسدنة البيت جملة تمكنت معها من الكون بحيث أرى واضع الحجر في مكانه و أقمت معي منهم من يمنع عني ازدحام الناس فكلما عمد إنسان لوضعه اضطرب و لم يستقم فأقبل غلام أسمر اللون حسن الوجه فتناوله و وضعه في مكانه فاستقام كأنه لم يزل عنه و علت لذلك الأصوات و انصرف خارجا من الباب فنهضت من مكاني أتبعه و أدفع الناس عني يمينا و شمالا حتى ظن بي الاختلاط في العقل و الناس يفرجون لي و عيني لا تفارقه حتى انقطع عن الناس فكنت أسرع السير خلفه و هو يمشي على تؤدة و لا أدركه .

فلما حصل بحيث لا أحد يراه غيري وقف و التفت إلي فقال هات ما معك .

فناولته الرقعة فقال من غير أن ينظر فيها قل له لا خوف عليك في هذه العلة و يكون ما لا بد منه بعد ثلاثين سنة .

قال فوقع علي الزمع حتى لم أطق حراكا و تركني و انصرف .

قال أبو القاسم فأعلمني بهذه الجملة فلما كان سنة تسع و ستين اعتل أبو القاسم فأخذ ينظر في أمره و تحصيل جهازه إلى قبره و كتب وصيته و استعمل الجد في ذلك .

فقيل له ما هذا الخوف و نرجو أن يتفضل الله تعالى بالسلامة فما عليك مخوفة .

[478]

فقال هذه السنة التي خوفت فيها فمات في علته .

و منها ما روي عن علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه عن عيسى بن صبيح قال : دخل الحسن العسكري (عليه السلام) علينا الحبس و كنت به عارفا فقال لي لك خمس و ستون سنة و شهر و يومان .

و كان معي كتاب دعاء عليه تاريخ مولدي و إني نظرت فيه فكان كما قال .

و قال هل رزقت ولدا قلت لا .

فقال اللهم ارزقه ولدا يكون له عضدا فنعم العضد الولد ثم تمثل (عليه السلام)

من كان ذا عضد يدرك ظلامته *** إن الذليل الذي ليست له عضد

قلت أ لك ولد .

قال إي و الله سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطا و عدلا فأما الآن فلا ثم تمثل :

لعلك يوما أن تراني كأنما *** بني حوالي الأسود اللوابد

[479]

فإن تميما قبل أن يلد الحصى *** أقام زمانا و هو في الناس واحد

و منها ما روى عن أبي غالب الزراري : تزوجت بالكوفة امرأة من قوم يقال لهم بنو هلال خزازون و حصلت لها منزلة من قلبي فجرى بيننا كلام اقتضى خروجها عن بيتي غضبا و رمت ردها فامتنعت علي لأنها كانت في أهلها في عز و عشيرة فضاق لذلك صدري و تجهزت إلى السفر فخرجت إلى بغداد أنا و شيخ من أهلها فقدمناها و قضينا الحق في واجب الزيارة و توجهنا إلى دار الشيخ أبي القاسم بن روح و كان مستترا من السلطان فدخلنا و سلمنا فقال إن كان

[480]

لك حاجة فاذكر اسمك هاهنا و طرح إلي مدرجة كانت بين يديه فكتبت فيها اسمي و اسم أبي و جلسنا قليلا ثم ودعناه و خرجت إلى سرمن‏رأى للزيارة و زرنا و عدنا و أتينا دار الشيخ فأخرج المدرجة التي كنت كتبت فيها اسمي و جعل يطويها على أشياء كانت مكتوبة فيها إلى أن انتهى إلى موضع اسمي فناولنيه فإذا تحته مكتوب بقلم دقيق أما الزراري في حال الزوج أو الزوجة فسيصلح الله أو فأصلح الله بينهما و كنت عند ما كتبت اسمي أردت أن أسأله الدعاء لي بصلاح الحال مع الزوجة و لم أذكره بل كتبت اسمي وحده فجاء الجواب كما كان في خاطري من غير أن أذكره ثم ودعنا الشيخ و خرجنا من بغداد حتى قدمنا الكوفة فيوم قدومي أو من غده أتاني إخوة المرأة فسلموا علي و اعتذروا إلي مما كان بيني و بينهم من الخلاف و الكلام و عادت الزوجة على أحسن الوجوه إلى بيتي و لم يجر بيني و بينها خلاف و لا كلام مدة صحبتي لها و لم تخرج من منزلي بعد ذلك إلا بإذني حتى ماتت .

و منها : أن أبا محمد الدعلجي كان له ولدان و كان من خيار أصحابنا و كان قد سمع الأحاديث و كان أحد ولديه على الطريقة المستقيمة و هو أبو الحسن كان يغسل الأموات و ولد آخر يسلك مسالك الأحداث في فعل الحرام و دفع إلى أبي محمد حجة يحج بها عن صاحب الزمان (عليه السلام) و كان ذلك عادة الشيعة وقتئذ

[481]

فدفع شيئا منها إلى ابنه المذكور بالفساد و خرج إلى الحج .

فلما عاد حكى أنه كان واقفا بالموقف فرأى إلى جانبه شابا حسن الوجه أسمر اللون بذؤابتين مقبلا على شأنه في الدعاء و الابتهال و التضرع و حسن العمل فلما قرب نفر الناس التفت إلي و قال يا شيخ ما تستحي قلت من أي شي‏ء يا سيدي قال يدفع إليك حجة عمن تعلم فتدفع منها إلى فاسق يشرب الخمر يوشك أن تذهب عينك هذه .

و أومأ إلى عيني و أنا من ذلك إلى الآن على وجل و مخافة .

و سمع أبو عبد الله محمد بن محمد بن النعمان ذلك قال فما مضى عليه أربعون يوما بعد مورده حتى خرج في عينه التي أومأ إليها قرحة فذهبت .

و منها ما روي عن سعد بن عبد الله الأشعري قال : ناظرني مخالف فقال أسلم أبو بكر و عمر طوعا أو كرها ففكرت في ذلك و قلت إن قلت كرها فقد كذبت إذ لم يكن حينئذ سيف مسلول و إن قلت طوعا فالمؤمن لا يكفر بعد إيمانه فدفعته عني دفعا بالراح لطيفا و خرجت من ساعتي إلى دار أحمد بن إسحاق أسأله عن ذلك فقيل لي إنه خرج إلى سرمن‏رأى اليوم فانصرفت إلى بيتي و ركبت دابتي و خرجت خلفه حتى وصلت إليه في المنزل فسألني عن حالي

[482]

فقلت أجي‏ء إلى حضرة أبي محمد (عليه السلام) فعندي أربعون مسألة قد أشكلت علي فقال خير صاحب و رفيق .

فمضينا حتى دخلنا سرمن‏رأى و أخذنا بيتين في خان و سكن كل واحد منا في واحد و خرجنا إلى الحمام و اغتسلنا غسل الزيارة و التوبة .

فلما رجعنا أخذ أحمد بن إسحاق جرابا و لفه بكساء طبري و جعله على كتفه و مشينا و كنا نسبح الله و نهلله و نكبره و نستغفره و نصلي على محمد و آله إلى أن وصلنا إلى باب الدار فاستأذن أحمد بن إسحاق فأذن بالدخول .

فلما دخلنا و إذا أبو محمد (عليه السلام) على طرف الصفة قاعد و كان على يمينه غلام قائم كفلقة قمر فسلمنا فأحسن الجواب و أكرمنا و أقعدنا فوضع أحمد الجراب بين يديه و كان أبو محمد (عليه السلام) ينظر في درج طويل في الاستفتاء ورد عليه من ولاية فجعل يقرأ و يكتب تحت كل مسألة التوقيع فالتفت إلى الغلام و قال هذه هدايا موالينا و أشار إلى الجراب .

فقال الغلام هذا لا يصلح لنا لأن الحلال مختلط بالحرام فيه .

فقال أبو محمد (عليه السلام) أنت صاحب الإلهام أفرق بين الحلال و الحرام .

ففتح أحمد الجراب فأخرج صرة فنظر إليها الغلام و قال هذا بعثه فلان بن فلان من محلة كذا و كان باع حنطة خاف على الزراع في مقاسمتها و هي كذا دينارا و في وسطها خط مكتوب عليه كميته و فيها صحاح ثلاث إحداها آملي و الأخرى ليس عليها سكة و الأخرى فلاني أخذها من نساج غرامة من غزل سرق من عنده ثم أخرج صرة فصرة فجعل يتكلم على كل واحدة بقريب من ذلك ثم قال اشدد الجراب على الصرر حتى توصلها عند وصولك إلى أصحابها

[483]

هات الثوب الذي بعثت العجوز الصالحة و كانت امرأة بقم غزلته بيدها و نسجته فخرج أحمد ليجي‏ء بالثوب فقال لي أبو محمد (عليه السلام) ما فعلت مسائلك الأربعون سل الغلام عنها يجبك فقال لي الغلام ابتداء هلا قلت للسائل ما أسلما طوعا و لا كرها و إنما أسلما طمعا فقد كانا يسمعان من أهل الكتاب منهم من يقول هو نبي يملك المشرق و المغرب و تبقى نبوته إلى يوم القيامة .

و منهم من يقول يملك الدنيا كلها ملكا عظيما و ينقاد له أهل الأرض .

فدخلا كلاهما في الإسلام طمعا في أن يجعل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كل واحد منهما والي ولاية فلما أيسا من ذلك دبرا مع جماعة في قتل محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ليلة العقبة فكمنوا له و جاء جبرئيل (عليه السلام) و أخبر محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم) بذلك فوقف على العقبة و قال يا فلان يا فلان يا فلان اخرجوا فإني لا أمر حتى أراكم كلكم قد خرجتم و قد سمع ذلك حذيفة .

و مثلهما طلحة و الزبير فهما بايعا عليا (عليه السلام) بعد قتل عثمان طمعا في أن يجعلهما كليهما علي بن أبي طالب (عليه السلام) واليا على ولاية لا طوعا و لا رغبة و لا إكراها و لا إجبارا فلما أيسا من ذلك من علي (عليه السلام) نكثا العهد و خرجا عليه و فعلا ما فعلا و أجاب عن مسائلي الأربعين قال و لما أردنا الانصراف قال أبو محمد (عليه السلام) لأحمد بن إسحاق إنك تموت السنة فطلب منه الكفن قال يصل إليك عند الحاجة .

قال سعد بن عبد الله فخرجنا حتى وصلنا حلوان حم أحمد بن إسحاق و مات في الليل بحلوان فجاء رجلان من عند أبي محمد (عليه السلام) و معهما أكفانه

[484]

فغسلاه و كفناه و صليا عليه .

قال و قد كنا عنده من أول الليل فلما مضى وهن منه قال لي انصرف إلى البيت فإني ساكن فمضيت و نمت فلما كان قرب السحر أتى الرجلان إلى باب بيتي و قالا آجرك الله في أحمد بن إسحاق فقد غسلناه و كفناه و صلينا عليه فقمت و رأيته مفروغا منه في الأكفان فدفناه من الغد بحلوان رحمة الله عليه

تم المجلد الاول من كتاب الخرائج و الجرائح ويليه المجلد الثاني

back page fehrest page