[ 91 ]
ماأقول : أي من جهة صدق ماأقول وكذبه ، أو في جملة صادقة وكاذبة .
مالايخطره الخاطرون بتقديم المعجمة على المهملة : أي مالايخطر ببال أحد
لكن في الاسناد توسع ، لان الخاطر هو الذي يخطر بالبال ، ولذا قرأ بعضهم
بالعكس أي لايمنعه المانعون ، ولا يستره الساترون : أي لايقدرون على ستره لشدة
وضوحه .
ولا يكذب فيه من كذب بالتخفيف فيهما أو بالتشديد فيهما ، أو بالتشديد في الاول
والتخفيف في الثاني ، أو بالعكس والاول أظهر ، فيحتمل وجهين : الاول : أن
المعنى من أراد أن يكذب فيما أنعم الله عليك وينكره لايقدر عليه لوضوح الامر ، و
من أنكر فباللسان دون الجنان نظير قوله تعالى " لاريب فيه " أي ليس محلا للريب
والثاني : أن يكون المراد أنه كل من يزعم أنه يفرط في مدحك فليس بكاذب
بل مقصر عما تستحقه من ذلك ، نفخت على المجهول أي نفخ فيها ، فيه قال
الجوهري نفخ فيه ونفخه أيضا لغة .
قوله فاسمه مرثا ، وفي بعض الروايات أن اسمها حنة كما في القاموس فيمكن
أن يكون أحدهما اسما والآخر لقبا ، أو يكون أحدهما موافقا للمشهور بين أهل
الكتاب ، وهو اليوم الذي هبط ، أي إلى مريم للنفخ ، أو إلى الرسول صلى الله عليه وآله للبعثة
أو أولا إلى الارض ، حجبت فيه لسانها : أي منعت عن الكلام لصوم الصمت ، اليوم
الاحدث : أي هذا اليوم فان الايام السالفة بالنسبة إليه قديمة ، وبررت أي في
تسميتك أياه بعبد الله ، أو صدقت فيما سألت وبررت في إفادة مالم أسأل ، لانه عليه السلام
تبرع بذكر اسم جدته وأبيه ، سميته على صيغة المتكلم ، أي كان اسمه جبرئيل
وسميته أنا في هذا المجلس عبدالرحمن ، بناءا على مرجوحية التسمية باسم الملائكة
أو بالخاطب بأن يكون اسم جده جبرئيل وسماه في نفسه في هذا المجلس عبدالرحمن
طلبا للمعجزة والاول أظهر .
غيلة بالكسر أي فجأة وبغتة ، قبل كنيتي كأنه كان له اسم قبل الكنية ثم
[ 92 ]
كنى واشتهر بها ، فسأل عن الاسم المشترك لمزيد اليقين ، فأبان به ضمير " به " للحق و
الباء لتقوية التعدية ، والاحمر والاسود العجم والعرب ، أو الانس والجن ، و
المراد بوليه أبوالحسن عليه السلام أو أمير المؤمنين عليه السلام أو كل أوصيائه ، صدقتي كأن
المراد بها الصليب الذي كان في عنقه أراد أن يتصدق بذهبه ويحتمل الاعم ، وهو
في نعمة : أي الهداية إلى الاسلام بعد الكفر ، حقكما أي من الصدقات ، والمراد
بالطروق هنا ما بلغ حد الطريق ذكرا كان أو انثى ، فحقك فيها أي الخمس أو
بناءا على أن الامام أولى بالمؤمنين من أنفسهم ، أنت مولى الله ( ورسوله ) أي معتقهما
لانه بهما اعتق من النار ويحتمل أن يكون بمعنى الوارد على قبيلة لم يكن منهم
أو الناصر ، وأنت في حد نسبك أي لايضر ذلك في نسبك ومنزلتك .
كا : علي بن إبراهيم وأحمد بن مهران جميعا عن محمد بن علي ، عن الحسن
ابن راشد ، عن يعقوب بن جعفر قال : كنت عند أبي إبراهيم عليه السلام وأتاه رجل من
أهل نجران اليمن من الرهبان ومعه راهبة فاستأذن لهما الفضل بن سوار فقال له :
إذا كان غدا فأت بهما عند بئر ام خير ، قال : فوافينا من الغد فوجدنا القوم قد
وافوا فأمر بخصفة بواري ثم جلس وجلسوا ، فبدأت الراهبة بالمسائل فسألت عن
مسائل كثيرة كل ذلك يجيبها ، وسألها أبوإبراهيم عليه السلام عن أشياء لم يكن عندها
فيه شئ ، ثم أسلمت ، ثم أقبل الراهب يسأله فكان يجيبه في كل مايسأله .
فقال الراهب : قد كنت قويا على ديني وما خلفت أحدا من النصارى في
الارض يبلغ مبلغي في العلم ، ولقد سمعت برجل في الهند إذا شاء حج إلى بيت
المقدس في يوم وليلة ثم يرجع إلى منزله بأرض الهند ، فسألت عنه بأي أرض هو
فقيل لي إنه بسندان وسألت الذي أخبرني فقال : هو علم الاسم الذي ظفر به آصف
صاحب سليمان لما أتى بعرش سبأ ، وهو الذي ذكره الله لكم في كتابكم ، ولنا معشر
الاديان في كتبنا .
فقال له أبوإبراهيم عليه السلام : فكم لله من اسم لا يرد ؟ فقال الراهب : الاسماء
كثيرة ، فأما المحتوم منها الذي لا يرد سائهل فسبعة ، فقال له أبوالحسن عليه السلام
[ 93 ]
فأخبرني عما تحفظ منها ؟ فقال الراهب : لا والله الذي أنزل التوراة على موسى
وجعل عيسى عبرة للعالمين وفتنة لشكر اولي الالباب ، وجعل محمدا بركة ورحمة
وجعل عليها عليه السلام عبرة وبصيرة ، وجعل الاوصياء من نسله ونسل محمد صلى الله عليه وآله
ماأدري ، ولو دريت ما احتجت فيه إلى كلامك ولا جئتك ولا سألتك .
فقال له أبوإبراهيم عليه السلام : عد إلى حديث الهندي ، فقال له الراهب : سمعت
بهذه الاسماء ولا أدري مابطائنها ولا شرائحها ، ولا أدري ماهي ، ولا كيف هي ، ولا
بدعائها فانطلقت حتى قدمت سندان الهند ، فسألت عن الرجل فقيل لي : إنه بنى ديرا
في جبل فصار لايخرج ولا يرى إلا في كل سنة مرتين ، وزعمت الهند أن الله تعالى
فجر له عينا في ديره ، وزعمت الهند أنه يزرع له من غير زرع يلقيه ، ويحرث له
من غير حرث يعمله ، فانتهيت إلى بابه ، فأقمت ثلاثا لا أدق الباب ، ولا اعالج
الباب .
فلما كان اليوم الرابع فتح الله باب ، وجاءت بقرة عليها حطب تجر ضرعها
يكاد يخرج مافي ضرعها من اللبن ، فدفعت الباب فانفتح فتبعتها ودخلت ، فوجدت
الرجل قائما ينظر إلى السماء فيبكي ، وينظر إلى الارض فيبكي ، وينظر إلى
الجبال فيبكي ، فقلت : سبحان الله ما أقل ضربك في دهرنا هذا فقال لي : والله ما أنا
إلا حسنة من حسنات رجل خلفته وراء ظهرك .
فقلت له : اخبرت أن عندك اسما من أسماء الله تعالى تبلغ به في كل يوم و
ليلة بيت المقدس وترجع إلى بيتك ، فقال لي : فهل تعرف البيت المقدس ؟ فقلت :
لا أعرف إلا بيت المقدس الذي بالشام ، فقال : ليس بيت المقدس ولكنه البيت
المقدس وهو بيت آل محمد فقلت له : أما ما سمعت به إلى يومي هذا فهو بيت المقدس
فقال لي : تلك محاريب الانبيآء ، وإنما كان يقال لها حظيرة المحاريب حتى
جاءت الفترة التي كانت بين محمد وعيسى صلى الله عليهما ، وقرب البلاء من أهل
الشرك وحلت النقمات في دور الشياطين ، فحولوا وبدلوا ونقلوا تلك الاسماء
[ 94 ]
وهو قول الله تبارك وتعالى : البطن لآل محمد والظهر مثل : " إن هي إلا أسماء
سميتموها أنتم وآباؤكم ما أنزل الله بها من سلطان " ( 1 ) .
فقلت له : إني قد ضربت إليك من بلد بعيد تعرضت إليك بحارا وغموما و
هموما وخوفا ، وأصبحت وأمسيت مؤيسا ألا أكون ظفرت بحاجتي فقال لي : ما
أرى امك حملت بك إلا وقد حضرها ملك كريم ، ولا أعلم أن أباك حين أراد الوقوع
بامك إلا وقد اغتسل وجاءها على طهر ، ولا أزعم إلا أنه كان درس السفر الرابع من
سحره ذلك فختم له بخير ، ارجع من حيث جئت ، فانطلق حتى تنزل مدينة محمد
صلى الله عليه وآله التي يقال لها طيبة ، وقد كان اسمها في الجاهلية يثرب ، ثم اعمد
إلى موضع منها يقال له البقيع ، ثم سل عن دار يقال لها دار مروان فانزلها ، وأقم
ثلاثا ، ثم سل الشيخ الاسود الذي يكون على بابها يعمل البواري ، وهي في بلادهم
اسمها الخصف فتلطف بالشيخ وقل له : بعثني إليك نزيلك الذي كان ينزل في الزاوية
في البيت الذي فيه الخشيبات الاربع ، ثم سله عن فلان بن فلان الفلاني ، وسله
أين ناديه ، وسله أي ساعة يمر فيها فليريكاه ، أو يصفه لك فتعرفه بالصفة ، وسأصفه
لك ، قلت : فاذا لقيته فأصنع ماذا ؟ فقال : سله عما كان وعما هو كائن ، وسله
عن معالم دين من مضى ومن بقي .
فقال له أبوإبراهيم عليه السلام : قد نصحك صاحبك الذي لقيت ، فقال الراهب :
مااسمه جعلت فداك ؟ قال : هو متمم بن فيروز ، وهو من أبناء الفرس ، وهو ممن
آمن بالله وحده لا شريك له ، وعبده بالاخلاص والايقان ، وفر من قومه لما خالفهم
فوهب له ربه حكما ، وهداه لسبيل الرشاد ، وجعله من المتقين وعرف بينه وبين
عباده المخلصين ، وما من سنة إلا وهو يزور فيها مكة حاجا ، ويعتمر في رأس كل
شهر مرة ، ويجي من موضعه من الهند إلى مكة فضلا من الله وعونا ، وكذلك
نجزي الشاكرين .
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة النجم الاية : 23 .
[ 95 ]
ثم سأله الراهب عن مسائل كثيرة كل ذلك يجيبه فيها وسأل الراهب عن
أشياء لم يكن عند الراهب فيها شئ فأخبره بها ، ثم إن الراهب قال : أخبرني
عن ثمانية أحرف نزلت فتبين في الارض منها أربعة ، وبقي في الهواء منها أربعة
على من منزلت تلك الاربعة التي في الهواء ومن يفسرها ؟ قال : ذلك قائمنا فينزله
الله عليه فيفسره وينزله عليه مالم ينزل على الصديقين والرسل والمهتدين .
ثم قال الراهب : فأخبرني عن الاثنين من تلك الاربعة الاحرف التي في
الارض ماهي ؟ قال : اخبرك بالاربعة كلها ، أما أولين فلا إله إلا الله وحده لا
شريك له باقيا ، والثانية محمد رسول الله مخلصا ، والثالثة نحن أهل البيت ، والرابعة
شيعتنا منا ، ونحن من رسول الله صلى الله عليه وآله ورسول الله من الله بسبب .
فقال له الراهب : أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وأن ماجاء
به من عند الله حق ، وأنكم صفوة الله من خلقه ، وأن شيعتكم المطهرون المستبدلون
ولهم عاقبة الله والحمد لله رب العالمين ، فدعا أبوإبراهيم عليه السلام بجبة خز وقميص
-بحار الانوار مجلد: 44 من ص 95 سطر 13 الى ص 103 سطر 13
قوهي وطيلسان وخف وقلنسوة فأعطاها إياه ، وصلى الظهر وقال له اختتن فقال :
قد اختتنت في سابعي ( 1 ) .
توضيح : في القاموس الخصفة الجلة تعمل من الخوص للتمر ، والثوب الغليظ
جدا ( 2 ) انتهى وكأن الاضافة إلى البواري لبيان أن المراد بها ما يعمل من الخوص
للفرش مكان البارية لا ما يعمل للتمر ، وكأن هذا هو المراد بالبواري فيما سيأتي ، و
سندان الآن غير معروف ، لا يرد أي سائله كما سيأتي أو المسئول به ، عبرة بالكسر
وهي ما يعتبر به أي ليستدلوا به على كمال قدرة الله حيث خلقه من غير أب ، وفتنة
أي امتحانا ليشكروه على نعمة إيجاد عيسى لهم كذلك فيثابوا ، ويمكن أن يقرأ
العبرة بالفتح الاسم من التعبير عما في الضمير ، كما يقال لعيسى كلمة الله وللائمة
___________________________________________________________________
( 1 ) الكافى ج 1 ص 481 .
( 2 ) القاموس ج 3 ص 134 .
[ 96 ]
عليهم السلام كلمات الله ، فانهم يعبرون عن الله .
قوله : ماأدري : جواب القسم ، والبطائن كأنه جمع البطانة بالكسر أي
سرائرها ، وشرائحها أي مايشرحها ويبينها وكأنه كناية عن ظواهرها ، وفي بعض
النسخ شرايعها أي طرق تعلمها أو ظواهرها ، ولا بدعائها ، الدراية تتعدى بنفسها و
بالباء يقال دريته ودريت به ، ماأقل ضربك أي مثلك ، رجل خلفته أي موسى عليه السلام .
قوله : ليس بيت المقدس اسم ليس ضمير مستتر للذي بالشام ، وضمير لكنه
لبيت المقدس ، والحاصل أنه ليس الذي بالشام اسمه بيت المقدس ولكن المسمى ببيت
المقدس هو البيت المقدس المطهر وهو بيت آل محمد الذين أنزل الله فيهم آية التطهير فهو
بيت المقدس ، ضمير هو للذي بالشام ، والجملة جواب أما وخبر ما ، والحاصل أي
ماسمعت إلى الآن غير الذي بالشام مسمى ببيت المقدس وتأنيث تلك باعتبار الخبر
أو بتأويل البقعة ونحوها والحظيرة : في الاصل هي التي تعمل لللابل من شجر ثم
استعمل في كل مايحيط بالشئ خشبا أو قصبا أو غيرهما ، وقرب البلاء أي الابتلاء
والافتتان والخذلان ، وهو المراد بحلول النقمات في دور شياطين الانس أو الاعم
منهم ومن الجن ، بسلب مايوجب هدايتهم عنهم ، وهو قول الله : كان الضمير لمصدر
نقلوا ، وقوله : البطن إلى قوله مثل معترضة .
وقوله إن هي الخ بيان لقول الله ، وحاصل الكلام أن آيات الشرك ظاهرها
في الاصنام الظاهرة ، وباطنها في خلفاء الجور الذين أشركوا مع أئمة الحق و
نصبوا مكانهم ، فقوله سبحانه " أفرأيتم اللات والعزى ومنواة الثالثة الاخرى " ( 1 )
اريد في بطنها باللات الاول وبالعزى الثاني ، والمبنوة الثالث ، حيث سموهم
بأمير المؤمنين وبخليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وبالصديق والفاروق وذي
النورين وأمثال ذلك .
وتوضيحه : أن الله تعالى لم ينزل القرآن لاهل عصر الرسول صلى الله عليه وآله ، و
الحاضرين في وقت الخطاب فقط ، بل يشمل سائر الخلق إلى انقضاء الدهر ، فاذا
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة النجم الاية : 19 .
[ 97 ]
نزلت آية في قصة أو واقعة فهي جارية في أمثالها وأشباهها .
فما ورد في عبادة الاصنام والطواغيت في زمان كان الغالب فيه عبادة الاصنام
لعدولهم عن الادلة العقلية والنقلية الدالة على بطلانها ، وعلى وجوب طاعة النبي
الناهي عن عبادتها ، فهو يجرى في أقوام تركوا طاعة أئمة الحق ، واتبعوا
أئمة الجور ، لعدولهم عن الادلة العقلية والنقلية ، واتباعهم الاهواء ، وعدولهم
عن النصوص الجلية ، فهم لكثرتهم ، وامتداد أزمنتهم ، كأنهم الاصل ، وكأن
ظواهر الآيات مثل فيهم ، فظواهر الآيات أكثرها أمثال ، وبواطنها هي المقصودة
بالانزال ، كما قال سبحانه " ويضرب الله الامثال للناس لعلهم يتذكرون " ( 1 ) .
وعلى ماحققنا لايلزم جريان ساير الآيات الواقعة في ذلك السياق في هذا
البطن كقوله سبحانه " ألكم الذكر وله الانثى " ( 2 ) وإن أمكن أن يكون في بطن
الآية إطلاق الانثى عليهم ، للانوثية السارية في أكثرهم ، لا سيما الثاني كما مر
في تأويل قوله تعالى " إن يدعو من دونه إلا إناثا " ( 3 ) أن كل من تسمى
بأمير المؤمنين ورضي بهذا اللقب غيره عليه السلام فهو مبتلى بالعلة الملعونة ، أو لضعف
الاناث بالنسبة إلى الذكور على سبيل الاستعارة ، فان فرارهم في أكثر الحروب
وعجزهم عن أكثر امور الخلافة وشرائطها ، يلحقهم بالاناث كما قال عمر ، كل
الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في الحجال .
ثم اعلم أنه قرأ بعضهم مثل بمضمتين أي أصنام ، وهو بعيد ، وقرأ بعضهم مثل
بالكسر وقال : المراد أن الظهر والبطن جميعا لآل محمد في جميع القرآن مثل
هذه الآية ، وهو أيضا بعيد ، تعرضت إليك : أي متوجها إليك مؤيسا ألا أكون :
الظاهر أنه بالفتح مركبا من أن ولا ، ولا زائدة كما في قوله تعالى " مامنعك ألا
تسجد " ( 4 ) .
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة ابراهيم الاية : 25 .
( 2 ) سورة النجم الاية : 21 .
( 3 ) سورة النساء الاية : 117 .
( 4 ) سورة الاعراف الاية : 12 .
[ 98 ]
أو يضمن مؤيسا معنى الخوف أي خائفا أن لا أكون ، وقيل إلا بالكسر من
قبيل سألتك إلا فعلت كذا : أي كنت في جميع الاحوال مؤيسا إلا وقت الظفر
بحاجتي ، والاول أظهر .
ولا أعلم أن أباك ، لعل كلمة أن زيدت من النساخ ، وإن أمكن توجيهه
وكان التخصيص بالسفر الرابع لكونه أفضل أسفار التوراة ، أو لاشتماله على أحوال
خاتم النبيين وأوصيآئه صلوات الله عليهم ، وأقم ثلاثا : كأنه أمره بذلك لئلا يعلم الناس
بالتعجيل مطلبه وفي القاموس ( 1 ) النزيل الضيف .
عن فلان بن فلان الفلاني : أي عن موسى بن جعفر العلوي مثلا ، والنادي
المجلس ، وأي ساعة يمر أي يتوجه إلى النادي ، وضمير فيها للساعة ، فليريكاه
بفتح اللام والالف للاشباع .
وسأصفه : الظاهر أنه وصف الامام عليه السلام بحليته له ، ولم يذكر في الخبر
ومن بقي أي امة خاتم الانبياء ، فان دينه باق إلى يوم القيامة ، ويجئ من موضعه
أي بطي الارض ، باعجازه عليه السلام .
فتبين في الارض ، أي ظهرت وعمل بمضمونها وكأن البقاء في الهواء كناية
عن عدم تبينها في الارض وعدم العمل بمضمونها لانها متعلقة بأحوال من يأتي في
آخر الزمان ، أو أنها نزلت من اللوح إلى بيت المعمور ، أو إلى السماء الدنيا أو
إلى بعض الصحف ، لكن لم تنزل بعد إلى الارض ، وتنزل عليه عليه السلام ، ويؤيده قوله
وينزل عليه ، باقيا : كأنه حال عن يقول المقدر في قوله فلا إله إلا الله أي فقولي
لا إله إلا الله حال كون ذلك القول باقيا أبد الدهر ، وكذا قوله مخلصا أو إلها
باقيا ، وأرسل حال كونه مخلصا بفتح اللام أو كسرها ، نحن أهل البيت بالرفع
على الخبرية أي نحن المعنيون بآية التطهير أو بالبدلية ، أو بالنصب على الاختصاص
فالمعنى أن الكلمة الثانية نحن فانهم كلمات الله الحسنى كما مر .
وقوله سبب : متعلق بالجمل الثلاث أي شيعتنا متعلقون منا بسبب ، وهكذا
___________________________________________________________________
( 1 ) القاموس ج 4 ص 57 .
[ 99 ]
والسبب في الاصل هو الحبل ، ثم استعير لكل مايتوصل به إلى الشئ قال تعالى
" وتقطعت بهم الاسباب " ( 1 ) أي الوصل والمودات ، والمراد هنا الدين أو الولاية
والمحبة ، والروابط المعنوية ، والمستذلون بفتح المعجمة أي الذين صيرهم
الناس أذلاء ، وفي بعض النسخ المستبدلون إشارة إلى قوله تعالى " يستبدل قوما
غيركم " ( 2 ) ولهم عاقبة الله : أي تمكينهم في الارض في آخر الزمان كما قال تعالى :
" والعاقبة للمتقين " ( 3 ) .
وفي القاموس القوهي ثياب بيض وقوهستان بالضم كورة بين نيسابور وهراة
وموضع ، وبلد بكرمان ، ومنه ثوب قوهي ، لما ينسج بها ، أو كل ثوب أشبهه يقال
له قوهي ( 4 ) في سابعي أي سابع ولادتي بأن كان أبوه مؤمنا ، أو سبعة أيام قبل
ذلك .
وروى البرسي في مشارق الارض ( 5 ) عن صفوان بن مهران قال : أمرني
سيدي أبوعبدالله عليه السلام يوما أن اقدم ناقته إلى باب الدار ، فجئت بها ، فخرج
أبوالحسن عليه السلام مسرعا وهو ابن ست سنين ، فاستوى على ظهر الناقة وأثارها
وغاب عن بصري قال : فقلت : إنا لله وإنا إليه راجعون ، وما أقول لمولاي إذا
خرج يريد الناقة قال : فلما مضى من النهار ساعة إذا الناقة قد انقضت كأنها شهاب
وهي ترفض عرقا ، فنزل عنها ، ودخل الدار ، فخرج الخادم وقال : أعد الناقة
مكانها وأجب مولاك قال : ففعلت ماأمرني ، فدخلت عليه فقال : ياصفوان إنما
أمرتك باحضار الناقة ليركبها مولاك أبوالحسن ، فقلت في نفسك كذا وكذا ، فهل
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة البقرة الاية : 166 .
( 2 ) سورة محمد الاية : 38 .
( 3 ) سورة الاعراف الاية : 128 .
( 4 ) القاموس ج 4 ص 291 .
( 5 ) مشارق الانوار ص 115 .
[100]
علمت ياصفوان أين بلغ عليها في هذه الساعة ؟ إنه بلغ ما بلغه ذو القرنين وجاوزه
أضعافا مضاعفة ، وأبلغ كل مؤمن ومؤمنة سلامي .
أقول : سيأتي الاخبار المتعلقة بهذا الباب في ساير الابواب الآتية ، وباب
النص على الرضا عليه السلام .
1 ب : محمد بن عيسى ، عن إبراهيم بن عبدالحميد قال : دخلت على
أبي الحسن الاول عليه السلام في بيته الذي كان يصلي فيه ، فاذا ليس في البيت شئ إلا
خصفة ( 1 ) وسيف معلق ، ومصحف ( 2 ) .
2 ب : علي بن جعفر قال : خرجنا مع أخي موسى بن جعفر عليه السلام
في أربع عمر يمشي فيها إلى مكة بعياله وأهله ، واحدة منهن مشى فيها ستة
وعشرين يوما ، واخرى خمسة وعشرين يوما ، واخرى أربعة وعشرين يوما
واخرى أحدا وعشرين يوما ( 3 ) .
3 ب : محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن علي بن فضال ، عن علي بن
أبي حمزة قال : كنت عند أبي الحسن عليه السلام إذ دخل عليه ثلاثون مملوكا من الحبش
___________________________________________________________________
( 1 ) الخصفة : محركة : الجلة تعمل من الخوص للتمر ، والثوب الغليظ جدا :
جمع خصف وخصاف .
( 2 ) قرب الاسناد ص 174 .
( 3 ) قرب الاسناد ص 165 .