[141]
بحق جدك المصطفى أن تقول بم دعوت لي ؟ فقال عليه السلام قلت : اللهم كما رأيته
ذل معصيته ، فأره عز طاعتي ، فشفاه الله من ساعته ( 1 ) .
توضيح : المغص تقطيع في المعا ، ووجع ، والجليد مايسقط على الارض
من الندى فيجمد .
18 قب : الفضل بن الربيع ورجل آخر قالا : حج هارون الرشيد وابتدأ
بالطواف ، ومنعت العامة من ذلك ، لينفرد وحده ، فبينما هو في ذلك إذا ابتدر أعرابي
البيت ، وجعل يطوف معه .
فقال الحاجب : تنح ياهذا عن وجه الخليفة ، فانتهرهم الاعرابي وقال :
إن الله ساوى بين الناس في هذا الموضع فقال " سواءا العاكف فيه والباد " ( 2 )
فأمر الحاجب بالكف عنه ، فكلما طاف الرشيد طاف الاعرابي أمامه ، فنهض إلى
الحجر الاسود ليقبله فسبقه الاعرابي إليه والتثمه ، ثم صار الرشيد إلى المقام
ليصلي فيه فصلى الاعرابي أمامه .
فلما فرغ هارون من صلاته ، استدعى الاعرابي فقال الحجاب : أجب
أمير المؤمنين فقال : مالي إليه حاجة فأقوم إليه بل إن كانت الحاجة له فهو بالقيام
إلي أولى قال : صدق فمشى إليه وسلم عليه فرد عليه السلام فقال هارون : أجلس
ياأعرابي ؟ فقال : ما الموضع لي فتستأذنني فيه بالجلوس ، إنما هو بيت الله نصبه
لعباده ، فان أحببت أن تجلس فاجلس ، وإن أحببت أن تنصرف فانصرف .
فجلس هارون وقال : ويحك ياأعرابي مثلك من يزاحم الملوك ؟ قال : نعم
وفي مستمع قال : فاني سائلك فان عجزت آذيتك قال : سؤالك هذا سؤال متعلم
أو سؤال متعنت ؟ قال : بل سؤال متعلم قال : اجلس مكان السائل من المسؤول وسل
وأنت مسؤول .
___________________________________________________________________
( 1 ) المصدر السابق ج 3 ص 422 .
( 2 ) سورة الحج الاية : 25 .
[142]
فقال هارون : أخبرني مافرضك ؟ قال : إن الفرض رحمك الله واحد وخمسة
وسبعة عشر ، وأربع وثلاثون ، وأربع وتسعون ، ومائة وثلاثة وخمسون ، على سبعة
عشر ، ومن اثني عشر واحد ، ومن أربعين واحد ، ومن مأتين خمس ، ومن الدهر
كله واحد ، وواحد بواحد .
قال : فضحك الرشيد وقال : ويحك أسألك عن فرضك ، وأنت تعد علي
الحساب ! ؟ قال : أما علمت أن الدين كله حساب ، ولو لم يكن الدين حسابا لما
اتخذ الله للخلائق حسابا ، ثم قرأ " وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها و
كفى بنا حاسبين " ( 1 ) قال : فبين لي ماقلت ؟ وإلا أمرت بقتلك بين الصفا
والمروة .
فقال الحاجب : تهبه الله ولهذا المقام قال : فضحك الاعرابي من قوله ، فقال
الرشيد : مما ضحكت ياأعرابي ؟ قال : تعجبا منكما ، إذ لا أدري من الاجهل
منكما ، الذي يستوهب أجلا قد حضر ، أو الذي استعجل أجلا لم يحضر .
فقال الرشيد : فسر ما قلت ؟ قال : أما قولي الفرض واحد : فدين الاسلام
كله واحد ، وعليه خمس صلوات ، وهي سبع عشر ركعة وأربع وثلاثون سجدة وأربع
وتسعون تكبيرة ، ومائة وثلاث وخمسون تسبيحة ، وأما قولي من اثني عشر واحد :
فصيام شهر رمضان من اثني عشر شهرا ، وأما قولي : من الاربعين واحد فمن ملك
أربعين دينار أوجب الله عليه دينارا ، وأما قولي : من مائتين خمسة فمن ملك مائتي
درهم أوجب الله عليه خمسة دراهم .
وأما قولي فمن الدهر كله واحد فحجة الاسلام ، وأما قولي واحد من واحد
فمن أهرق دما من غير حق وجب إهراق دمه قال الله تعالى : " النفس بالنفس " ( 2 )
فقال الرشيد : لله درك ، وأعطاه بدرة فقال : فبم استوجبت منك هذه البدرة ياهارون
بالكلام ؟ أو بالمسألة ؟ قال : بالكلام قال : فإني سائلك عن مسألة فان أتيت بها
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة الانبياء الاية : 47 .
( 2 ) سورة المائدة الاية : 45 .
[143]
كانت البدرة لك تصدق بها في هذا الموضع الشريف ، وإن لم تجبني عنها أضفعت
إلى البدرة بدرة اخرى لاتصدق بها على فقراء الحي من قومي ، فأمر بإيراد
اخرى وقال : سل عما بدا لك .
فقال : أخبرني عن الخنفسآء تزق ؟ أم ترضع ولدها ؟ فحرد ( 1 ) هارون و
قال : ويحك ياأعرابي مثلي من يسأل عن هذه المسألة ؟ ! فقال : سمعت ممن سمع
من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول : من ولي أقواما وهب له من العقل كعقولهم ، وأنت
إمام هذه الامة يجب أن لاتسأل عن شئ من أمر دينك ، ومن الفرايض ، إلا أجبت
عنها ، فهل عندك له الجواب ؟ .
قال هارون : رحمك الله لا فبين لي ما قلته ، وخذ البدرتين فقال : إن الله
تعالى لما خلق الارض خلق دبابات الارض الذي من غير فرث ، ولا دم ، خلقها من
التراب ، وجعل رزقها وعيشها منه ، فاذا فارق الجنين امه لم تزقه ولم ترضعه وكان
عيشها من التراب .
فقال هارون : والله ما ابتلى أحد بمثل هذه المسألة ، وأخذ الاعرابي البدرتين
وخرج ، فتبعه بعض الناس ، وسأله عن اسمه فإذا هو موسى بن جعفر بن محمد عليهما السلام
فاخبر هارون بذلك فقال : والله لقد كان ينبغي أن تكون هذه الورقة من تلك
الشجرة ( 2 ) .
قوله عليه السلام : وفي مستمع أي علم يجب أن يستمع إليه .
19 الشريف المرتضى في الغرر ( 3 ) والديلمي في أعلام الدين عن أبي عبدالله
-بحار الانوار مجلد: 44 من ص 143 سطر 19 الى ص 151 سطر 18
باسناده عن أيوب الهاشمي أنه حضر باب الرشيد رجل يقال له : نفيع الانصاري
وحضر موسى بن جعفر عليه السلام على حمار له ، فتلقاه الحاجب بالاكرام ، وعجل له
___________________________________________________________________
( 1 ) فحرد هارون : أى فغضب .
( 2 ) المناقب ج 3 ص 427 .
( 3 ) الغرر والدرر أمالى المرتضى ج 1 ص 275 وأخرجه ابن شهر آشوب في
المناقب ج 3 ص 431 ، والطبرسى في اعلام الورى ص 297 .
[144]
بالاذن فسأل نفيع عبدالعزيز بن عمر من هذا الشيخ ؟ قال : شيخ آل أبي طالب
شيخ آل محمد ، هذا موسى بن جعفر قال : مارأيت أعجز من هؤلاء القوم يفعلون
هذا برجل يقدر أن يزيلهم عن السرير أما إن خرج لاسوءنه .
فقال له عبدالعزيز : لاتفعل ، فإن هؤلاء أهل بيت قل ماتعرض لهم أحد
في الخطاب إلا وسموه في الجواب سمة يبقي عارها عليه مدى الدهر قال : وخرج
موسى وأخذ نفيع بلجام حماره وقال : من أنت ياهذا ؟ .
قال : ياهذا إن كنت تريد النسب أنا ابن محمد حبيب الله ابن إسماعيل ذبيح الله
ابن إبراهيم خليل الله ، وإن كنت تريد البلد فهو الذي فرض الله على المسلمين ، و
عليك إن كنت منهم الحج إليه ، وإن كنت تريد المفاخرة فوالله مارضوا مشركوا قومي
مسلمي قومك أكفاء لهم حتى قالوا : يامحمد أخرج إلينا أكفآءنا من قريش ، و
إن كنت تريد الصيت والاسم فنحن الذين أمر الله بالصلاة علينا في الصلوات
المفروضة تقول : اللهم صل على محمد وآل محمد ، فنحن آل محمد ، خل عن الحمار
فخلى عنه ويده ترعد ، وانصرف مخزيا فقال له عبد العزيز : ألم أقل لك ؟ ! ( 1 ) .
20 قب : في كتاب أخبار الخلفاء أن هارون الرشيد كان يقول لموسى بن
جعفر : خذ فدكا حتى أردها إليك ، فيأبى حتى ألح عليه فقال عليه السلام لا آخذه
إلا بحدودها قال : وماحدودها ؟ قال : إن حدددتها لم تردها قال : بحق جدك
إلا فعلت ؟ قال : أما الحد الاول فعدن ، فتغير وجه الرشيد وقال : ايها ، قال :
والحد الثاني سمرقند ، فاربد وجهه قال : والحد الثالث افريقية فاسود وجهه
وقال : هيه قال : والرابع سيف البحر مما يلي الجزر وارمينة قال الرشيد :
فلم يبق لنا شئ ، فتحول إلى مجلسي ، قال موسى : قد أعلمتك أنني إن حددتها
لم تردها فعند ذلك عزم على قتله .
وفي رواية ابن أسباط أنه قال : أما الحد الاول : فعريش مصر ، والثاني
دومة الجندل ، والثالث : احد والرابع : سيف البحر ، فقال هذا كله ، هذه الدنيا
___________________________________________________________________
( 1 ) المناقب ج 3 ص 431 .
[145]
فقال عليه السلام هذا كان في أيدي اليهود بعد موت أبي هالة فأفاءه الله على رسوله ، بلا
خيل ولا ركاب ، فأمره الله أن يدفعه إلى فاطمة عليها السلام ( 1 ) .
بيان : قال الفيروزآبادي ( 2 ) إيه بكسر الهمزة والهاء وفتحها ، وتنون
المكسورة ، كلمة استزادة واستنطاق ، وقال : ( 3 ) هيه بالكسر كلمة استزادة
وقال : ( 4 ) الربدة بالضم لون إلى الغبرة وقد اربد وارباد .
21 نجم : من كتاب نزهة الكرام وبستان العوام تأليف ممد بن الحسين
ابن الحسن الرازي وهذا الكتاب خطه بالعجمية تكلفنا من نقله إلى العربية فذكر
في أواخر المجلد الثاني منه ماهذا لفظ من أعربه .
وروي أن هارون الرشيد أنفذ إلى موسى بن جعفر عليه السلام فأحضره ، فلما
حضر عنده قال : إن الناس ينسبونكم يابني فاطمة إلى علم النجوم ، وإن معرفتكم
بها معرفة جيدة ، وفقهآء العامة يقولون : إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : إذا ذكرني
أصحابي فاسكنوا ، وإذا ذكروا القدر فاسكتوا ، وإذا ذكروا النجوم فاسكتوا
وأمير المؤمنين عليه السلام كان أعلم الخلائق بعلم النجوم وأولاده وذريته الذين يقول
الشيعة بامامتهم كانوا عارفين بها .
فقال له الكاظم صلوات الله عليه : هذا حديث ضعيف ، وأسناده مطعون فيه
والله تبارك وتعالى قد مدح النجوم ، ولولا أن النجوم صحيحة ما مدحها الله عزوجل
والانبياء عليهم السلام كانوا عالمين بها ، وقد قال الله تعالى في حق إبراهيم خليل الرحمن
صلوات الله عليه " وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والارض وليكون من
الموقنين ( 5 ) " .
___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 3 ص 435 .
( 2 ) القاموس ج 4 ص 280 .
( 3 ) نفس المصدر ج 4 ص 296 .
( 4 ) المصدر السابق ج 1 ص 293 .
( 5 ) سورة الانعام الاية : 75 .
[146]
وقال في موضع آخر " فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم " ( 1 ) فلو لم يكن
عالما بعلم النجوم ما نظر فيها ، وما قال إني سقيم ، وإدريس عليه السلام كان أعلم أهل
زمانه بالنجوم ، والله تعالى قد أقسم بمواقع النجوم " وإنه لقسم لو تعلمون عظيم " ( 2 )
وقال في موضع " والنازغات غرقا " إلى قوله " فالمدبرات أمرا " ( 3 ) يعني بذلك
انثي عشر برجا ، وسبعة سيارات ، والذي يظهر بالليل والنهار بأمر الله عزوجل ، و
بعد علم القرآن ما يكون أشرف من علم النجوم ، وهو علم الانبياء والاوصياء ، و
ورثة الانبياء الذين قال الله عزوجل " وعلامات وبالنجم هم يهتدون " ( 4 ) ونحن
نعرف هذا العلم وما نذكره .
فقال له هارون : بالله عليك ياموسى هذا العلم لاتظهره عند الجهال وعوام
الناس ، حتى لايشنعوا عليك وانفس عن العوام به ، وغط هذا العلم ، وارجع إلى
حرم جدك .
ثم قال له هارون وقد بقي مسألة اخرى بالله عليك أخبرني بها قال له : سل
فقال : بحق القبر والمنبر ، وبحق قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وآله أخبرني أنت تموت
قبلي ؟ أو أنا أموت قبلك ؟ لانك تعرف هذا من علم النجوم فقال له موسى عليه السلام :
آمني حتى اخبرك فقال : لك الامان فقال : أنا أموت قبلك ، وما كذبت ولا
أكذب ، ووفاتي قريب ، فقال لها هارون : قد بقي مسألة تخبرني بها ولا تضجر
فقال له : سل فقال : خبروني أنكم تقولون إن جميع المسلمين عبيدنا ، و
جوارينا ، وأنكم تقولون من يكون لنا عليه حق ولا يوصله إلينا فليس بمسلم ؟
فقال له موسى عليه السلام ؟ كذب الذين زعموا أننا نقول ذلك ، وإذا كان الامر
كذلك ، فكيف يصح البيع والشراء عليهم ، ونحن نشتري عبيدا وجواري ونعتقهم
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة الصافات الاية : 89 .
( 2 ) سورة الواقعة الاية : 76 .
( 3 ) سورة النازعات الاية : 1 5 .
( 4 ) سورة النحل الاية : 16 .
[147]
ونقعد معهم ، ونأكل معهم ، ونشتري المملوك ، ونقول له : يابني وللجارية يا
بنتي ، ونقعدهم يأكلون معنا تقربا إلى الله سبحانه فلو أنهم عبيدنا وجوارينا ، ما
صح البيع والشراء وقد قال النبي صلى الله عليه وآله لما حضرته الوفاة : الله الله في الصلاة وما
ملكت أيمانكم ، يعني : صلوا وأكرموا مماليككم ، وجواريكم ، ونحن نعتقهم
وهذا الذي سمعته غلط من قائله ، ودعوى باطلة ، ولكن نحن ندعي أن ولاء جميع
الخلائق لنا ، يعني ولاء الدين ، وهؤلاء الجهال يظنونه ولاء الملك ، حملوا
دعواهم على ذلك ، ونحن ندعي ذلك لقول النبي صلى الله عليه وآله يوم غدير خم : من كنت
مولاه فعلي مولاه ، وما كان يطلب بذلك إلا ولاء الدين ، والذي يوصلونه إلينا
من الزكاة والصدقة ، فهو حرام علينا مثل الميتة والدم ولحم الخنزير .
وأما الغنائم والخمس من بعد موت رسول الله صلى الله عليه وآله فقد
منعونا ذلك ونحن محتاجون إلى ما في يد بني آدم ، الذين لنا ولاؤهم بولاء
الدين ليس بولاء الملك فإن نفذ إلينا أحد هدية ولا يقول إنها صدقة نقبلها لقول
النبي صلى الله عليه وآله لو دعيت إلى كراع لاجبت ، ولو اهدي لي كراع لقبلت
والكراع اسم القرية ، والكراع يد الشاة وذلك سنة إلى يوم القيامة ، ولو
حملوا إلينا زكاة وعلمنا أنها زكاة رددناها ، وإن كانت هدية قبلناها ، ثم إن هارون
أذن له في الانصراف فتوجه إلى الرقة ثم تقولوا عليه أشيآء فاستعاده هارون
وأطعمه السم فتوفي صلى الله عليه ( 1 ) .
بيان : إذا ذكرني أصحابي فاسكنوا بالنون أي فاسكنوا إلى قولهم وفي
الآخرين فاسكتوا بالتاء إما على بنآء المجرد أو على بنآء الافعال ، قوله : وانفس
العوام به أي لاتعلمهم ، من قولهم نفست عليه الشئ نفاسة إذا لم تره له أهلا ، قوله
فكيف يصح البيع والشراء عليهم أي كيف يصح بيع الناس العبيد لنا ، وشراؤنا
منهم .
___________________________________________________________________
( 1 ) فرج المهموم ص 107 .
[148]
22 كشف : قال محمد بن طلحة : ( 1 ) نقل عن الفضل بن الربيع أنه أخبر
عن أبيه أن المهدي لما حبس موسى بن جعفر ففي بعض الليالي رأى المهدي في منامه
علي بن أبي طالب عليه السلام وهو يقول له : يا محمد " فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في
الارض وتقطعوا أرحامكم " ( 2 ) قال الربيع : فأرسل إلي ليلا فراعني وخفت
من ذلك وجئت إليه ، وإذا هو يقرأ هذه الآية وكان أحسن الناس صوتا فقال : علي
الآن بموسى بن جعفر ! فجئته به فعانقه وأجلسه إلى جانبه وقال : ياأبا الحسن
رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام في النوم فقرأ علي كذا فتؤمنني أن تخرج
علي أو على أحد من ولدي ، فقال : والله لا فعلت ذلك ولا هو من شأني ، قال : صدقت
ياربيع أعطه ثلاثة آلاف دينار وزوده إلى أهله إلى المدينة .
قال الربيع : فأحكمت أمره ليلا فما أصبح إلا وهو في الطريق خوف
العوايق ، ورواه الجنابذي وذكر أنه وصله بعشرة آلاف دينار .
وقال الحافظ عبدالعزيز : حدث أحمد بن إسماعيل قال : بعث موسى بن
جعفر عليهما السلام إلى الرشيد من الحبس برسالة كانت : إنه لن ينقضي عني يوم من البلاء
إلا انقضى عنك معه يوم من الرخاء ، حتى نقضي جميعا إلى يوم ليس له انقضاء يخسر
فيه المبطلون ( 3 ) .
23 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن البرقي ، عن محمد بن يحيى
عن حماد بن عثمان قال : بينا موسى بن عيسى في داره التي في المسعى تشرف على
المسعى إذ رأى أبا الحسن موسى عليه السلام مقبلا من المروة على بغلة ، فأمر ابن هياج
رجلا من همدان منقطعا إليه أن يتعلق بلجامه ويدعي البغلة ، فأتاه فتعلق
باللجام وادعى البغلة ، فثنى أبوالحسن عليه السلام رجله فنزل عنها وقال لغلمانه : خذوا
___________________________________________________________________
( 1 ) مطالب السؤول ص 83 طبع ايران ملحقا بتذكرة الخواص وأخرج الحديث
سبط ابن الجوزى في تذكرته ص 197 .
( 2 ) سورة محمد الاية : 22 .
( 3 ) كشف الغمة ج 3 ص 3 .
[149]
سرجها وادفعوها إليه ، فقال : والسرج أيضا لي ، فقال له أبوالحسن عليه السلام : كذبت
عندنا البينة بأنه سرج محمد بن علي ، وأما البغلة فأنا اشتريتها منذ قريب وأنت
أعلم وما قلت ( 1 ) .
24 كا : أبوعلي الاشعري ، عن بعض أصحابنا ، وعلي ، عن أبيه جميعا ، عن
ابن البطائني ، عن أبيه ، عن علي بن يقطين قال : سأل المهدي أبا الحسن عليه السلام عن
الخمر هل هي محرمة في كتاب الله عزوجل ؟ فان الناس إنما يعرفون النهي
عنها ولا يعرفون التحريم لها ، فقال له أبوالحسن عليه السلام : بل هي محرمة في كتاب
الله عزوجل ياأمير المؤمنين ، فقال له : في أي موضع هي محرمة في كتاب الله
عزوجل ياأبا الحسن ؟ فقال : قول الله عزوجل " إنما حرم ربي الفواحش ما
ظهر منها وما بطن والاثم والبغي بغير الحق " ( 2 ) .
فأما قوله ماظهر منها يعني الزنا المعلن ، ونصب الرايات التي كانت ترفعها
الفواجر للفواحش في الجاهلية ، وأما قوله عزوجل " ومابطن " يعني مانكح الآباء
لان الناس كانوا قبل أن يبعث النبي صلى الله عليه وآله إذا كان للرجل زوجة ومات عنها تزوجها
ابنه من بعده إذا لم تكن امه ، فحرم الله عزوجل ذلك .
وأما الاثم فانها الخمرة بعينها ، وقد قال الله تبارك وتعالى في موضع آخر
" يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس " ( 3 ) فأما الاثم
في كتاب الله فهي الخمر والميسر وإثمهما كبير كما قال الله عزوجل قال : فقال المهدي
ياعلي بن يقطين هذه والله فتوى هاشمية قال : فقلت له : صدقت والله ياأمير المؤمنين
الحمد لله الذي لم يخرج هذا العلم منكم أهل البيت ، قال : فوالله ماصبر المهدي
أن قال لي : صدقت يارافضي ( 4 ) .
___________________________________________________________________
( 1 ) الكافى ج 8 ص 86 .
( 2 ) سورة الاعراف الاية 33 .
( 3 ) سورة البقرة الاية : 219 .
( 4 ) الكافى ج 6 ص 406 .
[150]
25 مهج : أبوعلي الحسن بن محمد بن على الطوسي ، وعبدالجبار بن عبدالله
ابن علي الرازي ، وأبوالفضل منتهى بن أبي زيد الحسيني ، ومحمد بن أحمد بن شهريار
الخازن جميعا ، عن محمد بن الحسن الطوسي ، عن ابن الغضايري وأحمد بن عبدون
وأبي طالب بن العزور وأبي الحسن الصفار ، والحسن بن إسماعيل بن أشناس جميعا
عن أبي المفضل الشيباني ، عن محمد بن يزيد بن أبي الازهر ، عن أبي الوضاح محمد
ابن عبدالله النهشلي ، عن أبيه قال : سمعت الامام أبا الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام
يقول : التحدث بنعم الله شكر ، وترك ذلك كفر ، فارتبطوا نعم ربكم تعالى بالشكر
وحصنوا أموالكم بالزكاة ، وادفعوا البلاء بالدعاء ، فإن الدعاء جنة منجية ترد
البلاء وقد ابرام إبراما .
قال أبوالوضاح : وأخبرني أبي قال : لما قتل الحسين بن علي صاحب فخ
وهو الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن ( بن الحسن ) بفخ وتفرق الناس
عنه حمل رأسه والاسرى من أصحابه إلى موسى بن المهدي فلما بصر بهم أنشأ
يقول متمثلا :
بني عمنا لاتنطقوا الشعر بعد ما دفنتم بصحراء الغميم القوافيا
فلسنا كمن كنتم تصيبون نيله فنقبل ضيما أو نحكم قاضيا
ولكن حكم السيف فينا مسلط فنرضى إذا ماأصبح السيف راضيا
وقد ساءني ماجرت الحرب بيننا بني عمنا لو كان أمرا مدانيا
فان قلتم إنا ظلمنا فلم نكن ظلمنا ولكن قد أسأنا التقاضيا ( 1 )
___________________________________________________________________
( 1 ) نسب أبوتمام في حماسته هذا الشعر إلى الشميذر الحارثى ، وذكر الخطيب
التبريزي في شرح الحماسة ج 1 ص 119 عن البرقى أنه لسويد بن صميع المرثدى من
بنى الحرث ، وكان قتل أخوه غيلة ، فقتل قاتل أخيه نهارا في بعض الاسواق من الحضر
وذكر الجاحظ في البيان والتبيين ج 2 ص 186 الابيات وتردد في نسبتها إلى سويد المراثد
الحارثى أو غيره ، كما ان ابن قتيبة ذكرها واكتفى بنسبتها إلى بعض الشعراء وفي كل
هذه المصادر تفاوت في ألفاظ الشعر وعدد الابيات فليلاحظ .