[291]
اقول : أوردنا بعض أحوالهم في باب وصية موسى عليه السلام وباب أحوال عشائر
الرضا عليه السلام وسيأتي بعض أحوال عبدالله بن موسى في باب مكارم أخلاق أبي جعفر
الجواد عليه السلام .
تم المجلد الحادي عشر من كتاب بحار الانوار على يد مؤلفه
أدام الله ظله العالي في شهر شوال المكرم من شهور
سنة سبع وسبعين بعد الالف من الهجرة النبوية
والحمد لله أولا وآخرا وصلى الله على محمد
وأهل بيته الطاهرين .
___________________________________________________________________
تم - ولله الحمد والمنة - توشيح الجزء الحادى عشر من بحار الانوار حسب تجزئة
المصنف وهو الجزء الثامن والاربعون حسب تجزئة سياة الناشر المحترم بما تيسر
لنا من مراجعة في تصحيحه على مصادره ، وتعيين موضع النص وغير ذلك مما اقتضاه المقام
وذلك من نعم الله تعالى على العبد الفقير إلى ربه المعترف بالعصيان محمد مهدى السيد
حسن الموسى الخرسان في 25 شهر شعبان المعظم سنة 1385 هجرية .
[293]
[295]
فيما يتعلق بأحوال اخوانه وأخواته
( عليه الصلاة والسلام )
كان له عليه السلام ستة إخوة وثلاثة أخوات وهم :
إسماعيل ، وعبدالله الافطح ، وام فروة : اسمها عالية امهم فاطمة بنت
الحسين بن علي بن الحسين عليه السلام ونقل عن ابن إدريس رحمه الله أنه قال ام
إسماعيل فاطمة بنت الحسين الاثرم ابن الحسين بن أبي طالب عليه السلام .
وإسحاق
لام ولد والعباس وعلي ومحمد وأسماء وفاطمة لامهات أولاد شتى .
وكان إسماعيل أكبر أولاد الصادق عليه السلام وهو جد الخلفاء الفاطميين في
المغرب ومصر ، ومصر الجديد من بنائهم .
وفي بغداد قبران مذمومان أحدهما علي بن إسماعيل بن الصادق عليه السلام
ويعرف عند البغداديين بالسيد سلطان علي ، والآخر أخوه محمد بن إسماعيل جد
الفاطميين ويعرف عندهم بالفضل ، والمحلة التي فيها محلة الفضل .
وكان الامام الصادق عليه السلام شديد المحبة لاسماعيل والبر به والاشفاق
عليه وكان قوم من الشيعة يظنون أنه القائم بعد أبيه ، والخليفة له ، لما ذكرنا
من كبر سنه ، وميل أبيه إليه وإكرامه له ، ولما كان عليه من الجمال والكمال
الصوري والمعنوي توفي في حياة أبيه ، وحين ماحمل إلى البقيع للدفن كان
أبوه الصادق عليه السلام يضع جنازته على الارض ، ويرفع عن وجهه الكفن بحيث
يراه الناس ، فعل ذلك في أثناء الطريق ثلاث مرات ليري الناس موته ، وأنه
-بحار الانوار مجلد: 44 من ص 295 سطر 19 الى ص 303 سطر 18
لم يغب كما كان يظن به ذلك ، ولما تحقق موته رجع الاكثرون عن القول
بامامته ، وفرض طاعته .
[296]
وقال قوم : إنه لم يمت ، وإنما لبس على الناس في أمره ، وقالت فرقة :
إنه مات ، ولكن نص على ابنه محمد ، وهو الامام بعد جعفر ، وهم المسمون
بالقرامطة والمباركة ، وذهب جماعة إلى أنه نص على محمد جده الصادق دون
إسماعيل ، ثم يسحبون الامامة في ولده إلى آخر الزمان .
قال جدي الامجد السيد محمد جد جدنا بحر العلوم : وسخافة مذهبهم ، و
بطلانه أظهر من أن يبين ، مع أنه مبين بما لا مزيد عليه في محله .
وقبر إسماعيل ليس في البقيع نفسه ، بل هو في الطرف الغربي من قبة
العباس في خارج البقيع ، وتلك البقعة ركن سور المدينة من جهة القبلة والمشرق
وبابه من داخل المدينة ، وبناء تلك البقعة قبل بناء السور ، فاتصل السور به ، وهو
من بناء بعض الفاطميين من ملوك مصر .
وقبر المقداد بن أسود الكندي في البقيع أيضا فانه مات بالجرف يبعد عن
المدينة بفرسخ وحمل إلى المدينة ، فما عليه سواد أهل شهروان من أن فيه قبر
مقداد بن أسود هذا اشتباه ، ومن المحتمل قويا كما في الروضات أن المشهد الذي
في شهروان هو للشيخ الجليل الفاضل المقداد ( 1 ) صاحب المصنفات من أجل
علماء الشيعة .
___________________________________________________________________
( 1 ) قال في الروضات : ومن جملة مايحتمل عندى قويا هو أن يكون البقعة الواقعة
في برية شهروان بغداد والمعروفة عند أهل تلك الناحية بمقبرة مقداد ، مدفن هذا الرجل
الجليل الشأن يعنى الشيخ جمال الدين المقداد بن عبدالله السيورى المعروف بالفاضل
المقداد بناء على وقوع وفاته رحمه الله في ذلك المكان أو ايصائه بأن يدفن هناك لكونه
على طريق القافلة الراحلة إلى العتبات العاليات .
قال : والا فالمقداد بن أسود الكندى رحمه الله الذي هو من كبار أصحاب النبى صلى
الله عليه وآله مرقده المنيف في أرض بقيع الغرقد الشريف لما ذكره المؤرخون المعتبرون
من أنه رضى الله عنه توفى في أرضه بالجرف ، وهو على ثلاثة أميال من المدينة ، فحمل
على الرقاب حتى دفن بالبقيع ، انتهى .
[297]
وذكر علماء السير والتواريخ فيما يتعلق بتاريخ المدينة المنورة أن أكثر
أصحاب النبي دفنوا في البقيع وذكر القاضي عياض في المدارك أن المدفونين من
أصحاب النبي هناك عشرة آلاف ولكن الغالب منهم مخفي الآثار عينا وجهة ، و
سبب ذلك أن السابقين لم يعلموا القبور بالكتابة والبناء مضافا إلى أن تمادي
الايام يوجب زوال الآثار .
نعم إن من يعرف مرقده من بني هاشم عينا وجهة قبر إبراهيم ابن النبي
صلى الله عليه وآله في بقعة قريبة من البقيع وفيها قبر عثمان بن مظعون من أكابر
الصحابة ، وهو أول من دفن في البقيع .
وفيه أيضا قبر أسعد بن زرارة وابن مسعود ورقية وام كلثوم بنات رسول الله
صلى الله عليه وآله وفي الروايات من العامة والخاصة أنه لما توفت رقية ودفنها
صلى الله عليه وآله قال : الحقي بسلفنا الصالح عثمان بن مظعون .
قال السمهودي : إن الظاهر أن بنات النبي صلى الله عليه وآله كلهن مدفونات عند
عثمان بن مظعون لانه صلى الله عليه وآله لما وضع حجرا على قبر عثمان قال :
بهذا اميز قبر أخي وأدفن معه كل من مات من ولدي .
وروى الدولابي المتوفى سنة 310 في كتاب الكنى أنه لما مات عثمان بن
مظعون قالت امرأته : هنيئا لك ياأبا السائب الجنة ، وإنه أول من تبعه إبراهيم
___________________________________________________________________
قلت : لكنه من عجيب الاحتمال حيث ان المسمين بالمقداد كثيرون ، وليس لنا أن
نقول بأن المقبرة المشهورة عندهم لما لم يكن للمقداد بن أسود الكندى فليكن للمقداد بن
عبدالله الفاضل السبورى ، مع أن الفاضل المقداد رحمه الله كان قاطنا في النجف
الاشرف وليس شهروان في طريق النجف الاشرف إلى كربلاء ولا إلى الكاظمية ولا سامراء .
بل الفاضل السيورى قد توفى بالمشهد الغروى النجف الاشرف على ساكنه آلاف الثناء
والتحف ضحى نهار الاحد السادس والعشرين من جمادى الاخرة سنة 826 ه ودفن بمقابر
المشهد المذكور كما صرح به تلميذه الشيخ حسن بن راشد الحلى .
راجع الذريعة ج 1
ص 429 و 365 .
[298]
ولد رسول الله صلى الله عليه وآله .
وبالجملة فما يقال من أن قبر عثمان بن عفان هناك غلط ، فان قبره خارج
البقيع قال ابن الاثير في النهاية في " حشش " : ومنه حديث عثمان أنه دفن في حش
كوكب ، وهو بستان بظاهر المدينة خارج البقيع انتهى .
وقبر عقيل بن أبي طالب ، ومعه في القبر ابن أخيه عبدالله الجواد ابن جعفر
الطيار وقريب من قبة عقيل بقعة فيها زوجات النبي وقبر صفية بنت عبدالمطلب
عمة النبي صلى الله عليه وآله على يسار الخارج من البقيع ، وفي طرف القبلة من
البقعة قبر متصل بجداد البقعة ، عليه ضريح ، والعامه يعتقدون أنه قبر الزهراء
عليها السلام وأن قبر فاطمة بنت أسد هو الواقع في زاوية المقبرة العمومية للبقيع
في الطرف الشمالي من قبة عثمان ، وهو اشتباه : فان من المحقق أن قبر فاطمة
الزهراء عليها السلام إما في بيتها ، أو في الروضة النبوية على مشرفها آلاف الثناء
والتحية ، وأن القبر الواقع في الطرف القبلي من البقعة هو قبر فاطمة بنت أسد
ام أمير المؤمنين عليه السلام كما في بعض الاخبار أن الائمة عليهم السلام الاربعة
نزلوا إلى جوار جدتهم فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف ، وأن القبر الواقع
في المقبرة العمومية هو مشهد سعد بن معاذ الاشهلي أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وآله
كما ذكره في تلخيص معالم الهجرة .
وممن عين قبر فاطمة بنت أسد حيث ماذكرنا السيد علي السمهودي ( 1 )
في وفاء الوفاء بأخبار دار المصطفى .
ولنختم الكلام في أمر البقيع بما روي عن سلمان الفارسي أنه رجفت قبور
البقيع في عهد عمر بن الخطاب فضج أهل المدينة في ذلك فخرج عمر وأصحاب
رسول الله صلى الله عليه وآله يدعون بسكون الرجفة ، فما زالت تزيد إلى أن تعدى
ذلك إلى حيطان المدينة ، وعزم أهلها إلى الخروج عنها ، فعند ذلك قال عمر :
___________________________________________________________________
( 1 ) سمهود قرية كبيرة غربى نيل مصر ، والسمهودى هو السيد نور الدين علي بن
عبدالله بن أحمد الحسنى الشافعي نزيل المدينة محدث المدينة ومؤرخها توفي سنة 911 .
[299]
علي بأبي الحسن علي بن أبي طالب ، فحضر ، فقال : ياأبا الحسن ألا ترى إلى
قبور البقيع ورجيفها حتى تعدى ذلك إلى حيطان المدينة وقدهم أهلها بالرحلة
منها ؟ .
فقال علي عليه السلام : علي بمائة رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله
من البدريين ، فاختار من المائة عشرة ، فجعلهم خلفه ، وجعل التسعين من ورائهم
ولم يبق بالمدينة ثيب ولا عاتق إلا خرجت ، ثم دعا بأبي ذر وسلمان والمقداد وعمار
فقال لهم : كونوا بين يدي حتى توسط البقيع ، والناس محدقون به ، فضرب
الارض برجله ثم قال : مالك ثلاثا فسكنت ، فقال : صدق الله وصدق رسوله صلى
الله عليه وآله فقد أنبأني بهذا الخبر ، وهذا اليوم ، وهذه الساعة ، وباجتماع
الناس له ، إن الله تعالى يقول في كتابه : " إذا زلزلت الارض زلزالها * وأخرجت
الارض أثقالها * وقال الانسان مالها " وأخرجت لي أثقالها ثم انصرف الناس
معه ، وقد سكنت الرجفة هذا .
وكان عبدالله أكبر إخوته بعد أخيه إسماعيل ، ولم تكن منزلته عند أبيه عليه السلام
منزلة غيره من إخوته في الاكرام ، وكان متهما في الخلاف على أبيه في الاعتقاد
ويقال إنه كان يخالط الحشوية ، ويميل إلى مذهب المرجئة ، وادعى بعد أبيه
الامامة محتجا بأنه أكبر أولاده الباقين بعده ، فاتبعه جماعة من أصحاب الصادق
ثم رجع أكثرهم عن هذا القول ، ولم يبق عليه إلا نفر يسير منهم ، وهم الطائفة
الملقبة بالفطحية لان عبدالله كان أفطح الرجلين ، ويقال إنهم لقبوا بذلك لان
رئيسهم وداعيهم إلى هذا المذاهب يقال له عبدالله بن أفطح .
وأما إسحاق فقد قال في الارشاد : وكان إسحاق بن جعفر عليه السلام من أهل
الفضل ، والصلاح ، والورع ، والاجتهاد ، وروى عنه الناس الحديث والآثار .
[300]
وكان ابن كاسب إذا حدث عنه يقول : حدثني الثقة الرضي إسحاق بن
جعفر عليه السلام وكان يقول بامامة أخيه موسى بن جعفر ، وروى عن أبيه النص
على إمامته .
وقال في العمدة : ويكنى أبا محمد ، ويلقب المؤتمن ، وولد بالعريض ، وكان
من أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وامه ام أخيه موسى الكاظم عليه السلام
وكان محدثا جليلا ، وادعت طائفة من الشيعة فيه الامامة ، وكان سفيان بن
عيينة إذا روى عنه يقول : حدثني الثقة الرضي إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي
ابن الحسين عليهم السلام .
وكان محمد بن جعفر عليه السلام سخيا شجاعا وكان يصوم يوما ، ويفطر يوما
وكان يصرف في مطبخه كل يوم شاتا ، وكان يرى رأى الزيدية في الخروج
بالسيف ، وخرج على المأمون في سنة 199 بمكة ، وتبعه الجارودية فوجه عليه
المأمون جندا بقيادة عيسى الجلودي فكسره وقبض عليه ، وأتى به إلى المأمون
فأكرمه المأمون ولم يقتله ، وأصحبه معه إلى خراسان وقبره في بسطام ، وهو الذي
ذكرنا سابقا أن قبره في جرجان فان جرجان اسم لمجموع الناحية المعينة
المشتملة على المدينة المدعوة بالاستراباد وغيرها مثل مصر والقاهرة والعراق
والكوفة .
قال في مجلس المؤمنين في ضمن أحوال يايزيد البسطامي : إن السلطان
اولجا يتوخان أمر ببناء قبة على تربته وقد ذهب إلى إمامته بعد أبيه قوم من الشيعة
يقال لهم السمطية : لنسبتهم إلى رئيس لهم يقال له يحيى بن أبي السمط .
وكان علي بن جعفر كثير الفضل ، شديد الورع ، سديد الطريق ، راوية
للحديث من أخيه موسى عليه السلام وهو المعروف بعلي بن جعفر العريضي نشأ في
تربية أخيه موسى بن جعفر عليه السلام ومن أهل التضييف بأيدي الشيعة إلى هذا