[301]
اليوم ، وأدرك من الائمة أربعة أو خمسة ، وقال السيد في الانوار : كان من الورع
بمكان لايدانى فيه ، وكذلك من الفضل ، ولزم أخاه موسى بن جعفر عليه السلام وقال
بامامته وإمامة الرضا والجواد عليهم السلام .
وكان إذا رأى الجواد عليه السلام مع الصبيان يقوم إليه من المسجد من
بين جماعة الشيعة ، وينكب على أقدامه ويمسح شيبته على تراب رجليه ويقول :
قد رأى الله هذا الصبي أهلا للامامة فجعله إماما ولم ير شيبتي هذه أهلا للامامة
لان جماعة من الشيعة كانوا يقولون له : أنت إمام فادع الامامة وكان رضوان
الله عليه لايقبل منهم قولا .
وروي أن الجواد عليه السلام إذا أراد أن يفصد أخذ الدم يقول علي بن جعفر
للفصاد افصدني حتى أذق حرارة الحديد قبل الجواد انتهى .
وله مشاهد ثلاثة ، الاول في قم ، وهو المعروف ، وهو في خارج الدم ، وله
صحن وسيع ، وقبة عالية ، وآثار قديمة ، منها اللوح الموضوع على المرقد
المكتوب فيه اسمه واسم والده ، وتاريخ الكتابة سنة 74 .
قال المجلسي رحمه الله في البحار : من جملة من هو معروف بالجلالة
والنبالة علي بن جعفر عليه السلام مدفون في قم وجلالته أشهر من أن يذكر .
وأما كون مدفنه في قم فلم يذكر في الكتب المعتبرة ، لكن أثر القبر
الشريف الموجود قديم ، وعليه مكتوب اسمه انتهى .
وفي تحفة الزائر : يوجد مزار في قم ، وفيه قبر كبير ، وعلى القبر مكتوب
قبر علي بن جعفر الصادق عليه السلام ومحمد بن موسى ، ومن تاريخ بناء ذلك القبر إلى
هذا الزمان قريب من أربعمائة سنة انتهى .
وقال الفقيه المجلسي الاول في شرح الفقيه في ترجمة علي بن جعفر
عليه السلام بعد ذكر نبذة من فضائله : وقبره في قم مشهور ، قال : سمعت أن
أهل الكوفة استدعوا منه أن يأتيهم من المدينة ، ويقيم عندهم ، فأجابهم إلى ذلك
ومكث في الكوفة مدة وحفظ أهل الكوفة منه أحاديث ، ثم استدعى منه أهل
[302]
قم النزول إليهم فأجابهم إلى ذلك وبقي هناك إلى أن توفي وله ذرية منتشرة في
العالم وفي إصفهان قبر بعضهم منهم قبر السيد كمال الدين في قرية سين برخوار
وهو مزار معروف انتهى .
وظني القوي أن محمد بن موسى المدفون معه ، هو من ذرية الامام موسى
ابن جعفر عليه السلام وهو محمد بن موسى بن إسحاق بن إبراهيم العسكري بن
موسى بن إبراهيم بن موسى بن جعفر عليه السلام قال صاحب تاريخ قم : ولد من
أبي محمد موسى بن إسحاق ولد وبنت ، ولكن لم يذكر اسم الولد ، وذكر صاحب
العمدة أنه أعقب موسى بن إسحاق بن إبراهيم العسكري أبا جعفر محمد الفقيه بقم
وأبا عبدالله إسحاق الخ .
الثاني في خارج قلعة سمنان في وسط بستان نضرة مع قبة وبقعة وعمارة
نزهة ، ولكن المنقول عن المجلسي أنه قال : لم يعلم أن ذلك قبره ، بل
المظنون خلافه .
الثالث في العريض بالتصغير على بعد فرسخ من المدينة ، اسم قرية كانت
ملكه ومحل سكناه وسكنى ذريته ولهذا كان يعرف بالعريضي وله فيها قبر وقبة
وهو الذي اختاره المحدث النوري في خاتمة المستدركات ، مع بسط تام وهو
الظاهر ولعل الموجود في قم هو لاحد أحفاده .
* * *
وأما العباس بن جعفر فقد قال في الارشاد : كان فاضلا نبيلا .
تتميم : لايخفى أنه يوجد على ضفة نهر كربلاء المشرفة المعروفة
بالحسينية مقام يعرف بمقام جعفر الصادق عليه السلام على لسان سواد أهل تلك
البلدة ، ولعله هو الذي عبر عنه الصادق عليه السلام في حديث صفوان الذي نقله
المجلسي في تحفة الزائر عن مصباح الشيخ الطوسي رحمه الله الوارد لتعليمه إياه
آداب زيارة جده الحسين عليه السلام وفيه : فاذا وصلت إلى نهر الفرات يعني شريعة
( سماها ) الصادق بالعلقمي فقل كذا ، والتفسير من الشيخين وظاهره أن المقام
المقدس كان منسوبا إلى الصادق عليه السلام في عصرهما .
[303]
ولد له سبع وثلاثون ، وقيل : تسع وثلاثون ولدا ذكرا وانثى : علي بن موسى
الرضا عليه السلام وإبراهيم ، والعباس ، والقاسم ، لامهات أولاد ، وإسماعيل وله مزار
في تويسر كان من بلاد إيران ، وجعفر ، وهارن ، والحسن ، لام ولد وأحمد
ومحمد ، وحمزة ، لام ولد ، وعبدالله وإسحاق وعبيد الله ، وزيد ، والحسن ، والفضل
وقبره في بهبهان معروف يزار ، ويعرف بشاه فضل ، والحسين ، وسليمان ، لامهات
أولاد ، وفاطمة الكبرى ، وفاطمة الصغرى ، ورقية ، وحكيمة ، وام أبيها ، ورقية
الصغرى ، وكلثوم ، وام جعفر ، ولبابة ، وزينب ، وخديجة ، وعلية ، وآمنة ، و
حسنة ، وبريهة ، وعائشة ، وام سلمة ، وميمونة ، لامهات شتى .
أما إبراهيم فقد قال المفيد رحمه الله في الارشاد والطبرسي في إعلام الورى :
كان إبراهيم بن موسى شجاعا كريما وتقلد الامرة على اليمن في أيام المأمون من قبل
محمد بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليه السلام الذي بايعه أبوالسرايا
بالكوفة ، ومضى إليها ففتحها ، وأقام بها مدة إلى أن كان من أمر أبي السرايا ما
كان ، وأخذه له الامان من المأمون ، وصرحا بن لكل من ولد أبي الحسن موسى
عليه السلام فضل ومنقبة مشهورة .
وفي وجيزة المجلسي : إبراهيم بن موسى بن جعفر ممدوح ، وفي الكافي في
باب أن الامام متى يعلم أن الامر قد صار إليه بسنده عن علي بن أسباط قال : قلت
-بحار الانوار مجلد: 44 من ص 303 سطر 19 الى ص 311 سطر 18
للرضا عليه السلام : إن رجلا عني أخاك إبراهيم فذكر له أن أباك في الحياة وأنت
[304]
تعلم من ذلك ما ( لا ) يعلم ؟ فقال : سبحان الله يموت رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يموت
موسى ؟ قد والله مضى كما مضى رسول الله صلى الله عليه وآله ، ولكن الله تبارك وتعالى لم يزل
منذ قبض نبيه صلى الله عليه وآله هلم جرا يمن بهذا الدين على أولاد الاعاجم ، ويصرفه عن
قرابة نبيه ، هلم جرا ، فيعطي هؤلاء ويمنع هؤلاء .
لقد قضيت عنه في هلال ذي
الحجة ألف دينار بعد أن أشفى على طلاق نسائه وعتق مماليكه ، ولكن قد سمعت
مالقي يوسف من إخوته .
قال جدي الصالح في شرح اصول الكافي : قوله " عنى " بمعنى قصد وأراد و
في بعض النسخ عزا أخاك ، قيل ذلك الرجل أخوهما العباس ، قوله " فذكر له "
فاعل ذكر راجع إلى الرجل ، وضمير له إلى إبراهيم ، قوله " وأنت تعلم " أي
ذكر أيضا أنك تعلم مالايعلم من مكانه ، ولفظة لا غير موجودة في بعض النسخ ، و
معناه واضح .
قوله " على أولاد الاعاجم " كسلمان وغيره ، وفيه مدح عظيم للعجم ، و
تفضيلهم على العرب ، وكتب أبوعامر بن حرشنة كتابا في تفضيل العجم على العرب
وكذلك إسحاق ابن سلمة وكيف ينكر فضلهم وفي الاخبار مايدل على أنهم من
أعوان القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف وأنهم أهل تأييد الدين .
قال النبي صلى الله عليه وآله : أسعد الناس بهذا الدين فارس رواه الشيخ أبومحمد جعفر
ابن أحمد بن علي القمي نزيل الري في كتاب جامع الاحاديث ، مع أنهم في
تأييد الدين وقبول العلم ، أحسن وأكثر من العرب ، يدل على ذلك قوله تعالى :
" ولو نزلناه على بعض الاعجمين فقرأه عليهم ماكانوا به مؤمنين " ( 1 ) قال علي بن
إبراهيم : قال الصادق عليه السلام : لو نزل القرآن على العجم ماآمنت به العرب .
وقد نزل على العرب ، فآمنت به العجم ، فهي فضيلة للعجم .
وقال عند تفسير قوله تعالى " وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم
___________________________________________________________________
( 1 ) الشعراء : 198 .
[305]
عند الله أتقيكم " ( 1 ) الشعوب من العجم ، والقبائل من العرب ، والاسباط من
بني إسرائيل ، قال : وروي ذلك عن الصادق عليه السلام .
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله يوم فتح مكة : ياأيها الناس إن الله قد أذهب عنكم
بالاسلام نخوة الجاهلية وتفاخرها بآبائها إن العربية ليست بآب والد ، وإنما هو
لسان ناطق فمن تكلم به فهو عربي ألا إنكم من آدم ، وآدم من التراب .
وهذا
صريح في أن التكلم بلغة العرب وحده لا فخر فيه بل المناط هو التقوى .
وفي الفتوحات المكية في الباب السادس والستين وثلاثمائة أن وزراه
المهدي عليه السلام من الاعاجم ، مافيهم عربي لكن لايتكلمون إلا بالعربية
لهم حافظ ، ليس من جنسهم انتهى .
بل المستفاد من خطبة أمير المؤمنين فيما يتعلق بإخباره عن القائم عليه السلام حيث
يقول فيها : " وكأني أسمع صهيل خيلهم وطمطمة رجالهم " أنهم يتكلمون بالفارسية
قال في البحار : الطمطمة اللغة العجمية ، ورجل طمطمي في لسانه عجمة أشار عليه السلام
بذلك إلى أن عسكرهم من العجم انتهى ولا ينافي ماذكره صاحب الفتوحات إذ
لعل التكلم بالعربي لوزرائه خاصة دون بقية الجيش .
وفي حياة الحيوان عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : رأيت
غنما سودا دخلت فيها غنم كثير بيض ، قالوا فما أولته يارسول الله ؟ قال قال : العجم
يشركونكم في دينكم وأنسابكم ، قالوا : العجم يارسول الله ؟ قال : لو كان الايمان
متعلقا بالثريا لناله رجال من العجم وسبب المن والاعطاء والصرف والمنع في رواية
الكافي هو استعمال الاستعداد الفطري وقبوله ، وإبطاله والاعراض عنه ، فلا
يلزم الجبر .
قوله " لقد قضيت عنه " قال الفاضل الامين الاسترابادي : أي قضيت عن الذي
عزا إبراهيم - وكأنه عباس أخوهما - ألف دينار بعد أن أشرف وعزم على طلاق نسائه
وعتق مماليكه ، وعلى أن يشرد من الغرماء ، وكان قصده من الطلاق والعتق أن
___________________________________________________________________
( 1 ) الحجرات : 13 .
[306]
لايأخذ الغرماء مماليكه ويختموا بيوت نسائه وقيل : عزمه على ذلك لفقره وعجزه
من النفقة ، قوله : " قد سمعت مالقي يوسف " يعني أنهم يقولون ذلك افتراء و
ينكرون حقي حسدا انتهى .
وفي بصائر الدرجات أنه ( 1 ) ألح إلى أبي الحسن عليه السلام في السؤال فحك
بسوطه الارض فتناول سبيكة ذهب فقال : استغن بها واكتم مارأيت ، وبالجملة
قال جدي بحر العلوم رحمه الله ماذكره المفيد رحمه الله وغيره من الحكم بحسن
حال أولاد الكاظم عموما محل نظر ، وكذا في خصوص إبراهيم كما هو ظاهر
الرواية المتقدمة .
وكيف كان فابراهيم هذا هو جد السيد المرتضى والرضي رحمهما الله
فانهما ابنا أبي أحمد النقيب ، وهو الحسين بن موسى بن محمد بن موسى بن إبراهيم
ابن موسى بن جعفر عليه السلام .
وظاهر المفيد في الارشاد والطبرسي في إعلام الورى ، وابن شهر آشوب في
المناقب ، والاربلي في كشف الغمة أن المسمى بابراهيم من أولاد أبي الحسن عليه السلام
رجل واحد ولكن عبارة صاحب العمدة تعطي أن إبراهيم من ولده اثنان : إبراهيم
الاكبر وإبراهيم الاصغر ، وأنه يلقب بالمرتضى ، والعقب منه ، وامه ام ولد
نوبية اسمها نجية ، والظاهر التعدد ، فان علماء النسب أعلم من غيرهم بهذا الشأن
والظاهر أن المسؤل عن أبيه والمخبر بحياته هو إبراهيم الاكبر ، وأن الذي هو
جد المرتضى والرضي هو الاصغر كما صرح به جدي بحر العلوم ، وقد ذكرنا
أنه مدفون في الحائر الحسيني خلف ظهر الحسين عليه السلام .
وكيف كان ففي شيراز بقعة تنسب إلى إبراهيم بن موسى واقعة في محلة
لب آب بناها محمد زكي خان النوري من وزراء شيراز سنة 1240 ولكن لم أعثر على
مستند قوي يدل على صحة النسبة ، بل يبعدها ماسمعت من إرشاد المفيد من
___________________________________________________________________
( 1 ) يعنى ابراهيم بن موسى عليه السلام رواه الصفار في البصائر ص 374 من
الطبعة الحديثة .
[307]
أنه كان واليا باليمن ، بل ذكر صاحب أنساب الطالبيين أن إبراهيم الاكبر
ابن الامام موسى عليه السلام خرج باليمن ، ودعا الناس إلى بيعة محمد بن إبراهيم
طباطبا ، ثم دعى الناس إلى بيعة نفسه ، وحج في سنة 202 وكان المأمون يومئذ
في خراسان ، فوجه إليه حمدويه بن علي وحاربه فانهزم إبراهيم ، وتوجه إلى
العراق ، وآمنه المأمون ، وتوفي في بغداد .
وعلى فرض صحة ماذكرناه فالمتيقن أنه أحد المدفونين في صحن الكاظم
عليه السلام لان هذا الموضع كان فيه مقابر قريش من قديم الزمان ، فدفن إلى
جنب أبيه .
وأما أحمد بن موسى ففي الارشاد : كان كريما جليلا ورعا وكان أبوالحسن
موسى يحبه ويقدمه ووهب له ضيعته المعروفة باليسيرة ، ويقال : إنه رضي الله عنه
أعتق ألف مملوك قال : أخبرني أبومحمد الحسن بن محمد بن يحيى قال : حدثنا جدي
سمعت إسماعيل بن موسى عليه السلام يقول : خرج أبي بولده إلى بعض أمواله بالمدينة
فكنا في ذلك المكان فكان مع أحمد بن موسى عشرون من خدام أبي وحشمه ، إن
قام أحمد قاموا ، وإن جلس جلسوا معه ، وأبي بعد ذلك يرعاه ويبصره مايغفل
عنه ، فما انقلبنا حتى تشيخ أحمد بن موسى بيننا انتهى .
وكانت امه من الخواتين المحترمات ، تدعى بام أحمد ، وكان الامام موسى
شديد التلطف بها ، ولما توجه من المدينة إلى بغداد ، أودعها ودايع الامامة وقال
لها : كل من جاءك وطالب منك هذه الامامة في أي وقت من الاوقات فاعلمي
بأني قد استشهدت وأنه هو الخليفة من بعدي والامام المفترض الطاعة عليك وعلى
سائر الناس ، وأمر ابنه الرضا عليه السلام بحفظ الدار .
ولما سمه المأمون في بغداد جاء إلى الرضا عليه السلام وطالبها بالامانة ، فقالت
له ام أحمد : لقد استشهد والدك ؟ فقال : بلى ، والآن فرغت من دفنه ، فأعطني
الامانة التي سلمها إليك أبي حين خروجه إلى بغداد ، وأنا خليفته والامام بالحق
[308]
على تمام الجن والانس ، فشقت أم أحمد جيبها ، وردت عليه الامانة وبايعته
بالامامة .
فلما شاع خبر وفاة الامام موسى بن جعفر عليه السلام في المدينة اجتمع أهلها
على باب ام أحمد ، وسار أحمد معهم إلى المسجد ولما كان عليه من الجلالة ، ووفور
العبادة ونشر الشرايع ، وظهور الكرامات ظنوا به أنه الخليفة والامام بعد أبيه
فبايعوه بالامامة ، فأخذ منهم البيعة ثم صعد المنبر وأنشأ خطبة في نهاية البلاغة ، و
كمال الفصاحة ، ثم قال : أيها الناس كما أنكم جميعا في بيعتي فاني في بيعة أخي
علي بن موسى الرضا واعلموا أنه الامام والخليفة من بعد أبي ، وهو ولي الله و
الفرض علي وعليكم من الله ورسوله طاعته ، بكل مايأمرنا .
فكل من كان حاضرا خضع لكلامه ، وخرجوا من المسجد ، يقدمهم أحمد
ابن موسى عليه السلام وحضروا باب دار الرضا عليه السلام فجددوا معه البيعة ، فدعا له الرضا
عليه السلام وكان في خدمة أخيه مدة من الزمان إلى أن أرسل المأمون إلى
الرضا عليه السلام وأشخصه إلى خراسان وعقد له خلافة العهد .
وهو المدفون بشيراز المعروف بسيد السادات ، ويعرف عند أهل شيراز بشاه
جراغ ، وفي عهد المأمون قصد شيراز مع جماعة وكان م ن قصده الوصول إلى أخيه
الرضا عليه السلام فلما سمع به قتلغ خان عامل المأمون على شيراز توجه إليه خارج
البلد في مكان يقال له : خان زينان ، على مسافة ثمانية فراسخ من شيراز ، فتلاقى
الفريقان ووقع الحرب بينهما ، فنادى رجل من أصحاب قتلغ إن كان تريدون ثمة
الوصول إلى الرضا فقد مات ، فحين ماسمع أصحاب أحمد بن موسى ذلك تفرقوا عنه
ولم يبق معه إلا بعض عشيرته وإخوته ، فلما لم يتيسر له الرجوع توجه نحو شيراز
فاتبعه المخالفون وقتلوه حيث مرقده هناك .
وكتب بعض في ترجمته أنه لما دخل شيراز اختفى في زاوية ، واشتغل
بعبادة ربه ، حتى توفي لاجله ، ولم يطلع على مرقده أحد إلى زمان الامير
مقرب الدين مسعود بن بدر الدين الذي كان من الوزراء المقربين لاتابك أبي -
[309]
بكر بن سعد بن زنكي فانه لما عزم على تعمير في محل قبره حيث هو الآن ، ظهر
له قبر وجسد صحيح غير متغير وفي أصبعه خاتم منقوش فيه " العزة لله .
أحمد بن
موسى " فشرحوا الحال إلى أبي بكر فبنى عليه قبة ، وبعد مدة من السنين آذنت
بالانهدام ، فجددت تعميرها الملكة تاشى خواتون ام السلطان الشيخ أبي إسحاق
ابن السلطان محمود ، وبنت عليه قبة عالية ، وإلى جنب ذلك مدرسة ، وجعلت
قبرها في جواره ، وتاريخه يقرب من سنة 750 هجرية .
وفي سنة 1243 جعل السلطان فتح علي شاه القاجاري عليه مشبكا من الفضة
الخالصة ، ويوجد على قبره نصف قرآن بقطع البياض بالخط الكوفي الجيد على
ورق من رق الغزال ، ونصفه الآخر بذلك الخط في مكتبة الرضا عليه السلام وفي
آخره : كتبه علي بن أبوطالب ( 1 ) فلذلك كان الاعتقاد بأنه خطه عليه السلام .
وأورد بعض أن مخترع علم النحو لا يكتب المجرور مرفوعا والذي ببالي
أن غير واحد من النحاة وأهل العربية صرح بأن الاب والابن إذا صارا علمين
يعامل معهما معاملة الاعلام الشخصية في أحكامها ، وصرح بذلك صاحب التصريح
وقال أبوالبقا في آخر كتابه الكليات : ومما جرى مجرى المثل الذي لايغير علي
ابن أبيطالب حتى ترك في حالي النصب والجر على لفظه في حالة الرفع لانه اشتهر
في ذلك وكذلك معاوية بن أبي سفيان وأبوامية انتهى .
وظني القوي أن القرآن بخط علي عليه السلام لا يوجد إلا عند الحجة عليه السلام
وأن ( كاتب ) القرآن المدعى كونه بخطه عليه السلام هو علي بن أبيطالب المغربي ، و
كان معروفا بحسن الخط الكوفي ، ونظيرها هذا القرآن بذلك الرقم بعينه يوجد في
مصر مقام رأس الحسين عليه السلام كما ذكرنا أنه كان يوجد نظيره أيضا في المرقد
العلوي المرتضوي ، وأنه احترق فيما احترق هذا وربما ينقل عن بعض أن مشهد
السيد أحمد المذكور في بلخ ، والله العالم .
___________________________________________________________________
( 1 ) ولعله من سوء القراءة فان الواو اذا كان آخرا يشبه في الخط الكوفي بالنون .
[310]
وفي بيرم من أعمال شيراز ، مشهد ينسب إلى آخ السيد أحمد يعرف عندهم
بشاه علي أكبر ، ولعله هو الذي عده صاحب العمدة من أولاد موسى بن جعفر
عليه السلام وسماه عليا .
وأما القاسم بن موسى عليه السلام كان يحبه أبوه حبا شديدا ، وأدخله في وصاياه
وفي باب الاشارة والنص على الرضا من الكافي في حديث أبي عمارة يزيد بن سليط
الطويل قال أبوإبراهيم : اخبرك ياأبا عمارة إني خرجت من منزلي فأوصيت إلى
إبني فلان يعني عليا الرضا عليه السلام وأشركت معه بني في الظاهر ، وأوصيته
في الباطن فأفردته وحده ، ولو كان الامر إلي لجعلته في القاسم ابني لحبي إياه و
رأفتي عليه ، ولكن ذلك إلى الله عزوجل يجعله حيث يشاء .
ولقد جائني بخبره رسول الله صلى الله عليه وآله وجدي علي عليه السلام .
ثم أرانيه ، وأراني من يكون معه ، وكذلك لايوصى إلى أحد منا حتى يأتي
بخبره رسول الله صلى الله عليه وآله وجدي علي عليه السلام .
ورأيت مع رسول الله خاتما ، وسيفا ، وعصا ، وكتابا ، وعمامة ، فقلت : ما
هذا يارسول الله ؟ فقال لي : أما العمامة فسلطان الله عزوجل ، وأما السيف فعز الله
تبارك وتعالى ، وأما الكتاب فنور الله تبارك وتعالى ، وأما العصا فقوة الله عزوجل
وأما الخاتم فجامع هذه الامور ، ثم قال لي : والامر قد خرج منك إلى غيرك
فقلت : يارسول الله أرنيه أيهم هو ؟ فقال رسول الله : مارأيت من الائمة أحدا أجزع
على فراق هذا الامر منك ، ولو كانت الامامة بالمحبة لكان إسماعيل أحب إلى
أبيك منك ، ولكن من الله .
وفي الكافي أيضا بسنده إلى سليمان الجعفري قال : رأيت أبا الحسن عليه السلام
يقول لابنه القاسم : قم يابني فاقرأ عند رأس أخيك والصافات صفا حتى تستتمها
فقرأ فلما بلغ " أهم أشد خلقا أم من خلقنا " قضى الفتى فلما سجي وخرجوا
أقبل عليه يعقوب بن جعفر فقال له : كنا نعهد الميت إذا نزل به الموت يقرأ عنده