الإمام جعفر الصادق

وسيموت في حبس الرشيد كذلك عبد اللّه بن الحسن (الأفطس). قتله جعفر بن برمك وزير الرشيد. وسيموت في حبسه محمد بن يحيى بن محمد بن عبد اللّه بن الحسن، والعباس بن محمد بن عبد اللّه، وكذلك الحسين ابن . عبد اللّه بن جعفر(1).
وفي عهد المأمون وجه إلى جماعة من آل أبي طالب. فحملوا إليه في مرو عاصمة خراسان وفيهم الإمام علي الرضا (بن الكاظم بن الصادق) فخاطبه في أن يكون ولي عهده. فأبى. فتهدده بقوله. (إن عمر جعل الشورى في ستة آخرهم جدك. وقال من خالف فاضربوا عنقه. ولابد من قبول ذلك) فقبل. وبايع له المأمون والعباس بن المأمون.
ثم دعاه المأمون للخطبة فأوجز، وكأنه يتوقع وجازة أيامه. فاكتفى بعد أن حمد اللّه بقوله (إن لنا عليكم حقا برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله. ولكم علينا حق فإذا أديتم إلينا ذلك وجب علينا الحق لكم). لكنه مات بعد قليل في ظروف مبهمة لا يستبعد منها دس السم كما تؤكد الشيعة، فموت علي الرضا كان حلا لإشكالات بني العباس سواء من يحبون المأمون، أو الكارهين للرضا، أو للمأمون ذاته(2).


(1) وتستمر عجلات الطغيان في الدوران. وتتوالى مقاتل الطالبين توالي الخلفاء العباسيين - ففي بدء عهد المأمون يقتل بالعراق: الحسن بن الحسين بن زيد عند قنطرة الكوفة مع أبي السرايا. والحسن بن اسحق بن علي في وقعة السوس مع أبي السرايا. ومحمد بن الحسن بن الحسين يقتل باليمن في أيام أبي السرايا وعلي بن عبد اللّه بن محمد يقتل باليمن في أيام أبي السرايا ومحمد بن إبراهيم بن إسماعيل (وهو ابن طباطبا) الخارج مع أبي السرايا سنة 199 مطالبين بالبيعة (للرضا من آل محمد). وقد انهزموا بجيش هرثمة بن أعين قائد المأمون سنة 200. وقتلى العلويين على يد هذا الجيش كثيرون.
(2) وفي عهد المعتصم خرج محمد بن القاسم بن علي بالطالقان فقبض عليه عبد اللّه بن طاهر وبعث به إلى الخليفة. وحبس المعتصم عبد اللّه بن الحسن بن جعفر حتى مات في مخبئه. فلما جاء الواثق أمن العلويون بضع سنين. إذ جمعوا ثم حبسوا، عن الانطلاق خارج العاصمة سامرا، فتطامنوا وأطمأنت السلطة. ثم هبت عليهم في أيام المتوكل ريح عاتية من جنون الفزع.
فلقد أزال قبر الحسين وحرثه حتى لا يزار. وشتت شمل شيعته وفرقهم في النواحي. فمنهم من حبسوا ومنهم من تواروا حتى ماتوا في مهربهم - وتناقل الناس أشعاراً منسوبة إلى ابن السكيت عالم النحو الكبير، وكان يعلم ولدي المتوكل. وفي هذه الأشعار:


تاللّه إن كانت أمية قد أتت


قتل ابن بنت نبيها مظلوما


فلقد أتاه بنو أبيه بمثله


هذا لعمرك قبره مهدوما =

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة