الإمام جعفر الصادق

ولا نستطرد للسرد. فليس في تاريخ البشرية، كلها، أسرة شردت وجردت، وذاقت العذاب والاسترهاب، مثل أهل بيت النبي صلى اللّه عليه وسلم.
بدأ بهم تاريخ الإسلام مجده. واستمر فيهم بعبرته وعظمتها. قدم أبوهم للبشرية أسباب خلاصها بكتاب اللّه وسنة الرسول. وقدم أهل بيته أرواحهم في سبيل القيم التي نزل بها القرآن وجاءت بها السنة. كانت مصابيحهم تتحطم لكن شعلتهم لا تنطفئ، لتخلد الجهاد والاستشهاد والإرشاد، بالمثل العالي الذي كانوه، والضوء الذي لم تمنع الموانع من انتشاره ، وعلم فيه أبناء النبي أمته بعض علومه : أن الاستشهاد حياة ، للمستشهدين وللأحياء جميعا(1).



أسفوا على ألا يكونوا شاركوا


في قتله فتتبعوه رميما

وربما أراد المتوكل أن يتيقن من صدور هذا الشعر أو من ولاء العالم حين سأله:
أيهما أحسن: ولداي (المؤيد والمعتز) أم الحسن والحسين ؟ . ولم يرضه جوابه. فأمر بقتله فقتلوه. ولم يلبث المتوكل إلا قليلا حتى قتله ابنه « المنتصر » في مؤامرة
وإنما كانت فظاعة الجريمة الأخيرة قصاصاً عجلت به السماء لمقتل عالم آثر الصدق.
ولم يصلح للعلويين بال إلا أشهرا بعد مصرع المتوكل. ليعود البطش بهم إلى عنفوانه في أيام المستعين. فمنهم من خرج وخرج الناس معه، كيحى بن عمر خرج فقتل. ومنهم من خرج ولم يخرج الناس معه، فحبس ليموت سنة 271. وهو الحسن بن محمد المعروف بالحرون. ومنهم محمد بن جعفر خرج وحبس حتى مات في سامراء ليتتابع سجل الشهداء.
(1) نقف عن السرد، عند أبيات لابن الرومي(321 - 384) من جيميته في رثاء يحيى بن عمر بعد مقتله إذ خرج على بني العباس في القرن الرابع من جراء ظلمهم:

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة