الإمام جعفر الصادق

الأصفاد، هزلهم العذاب والأيام الشداد، ثم سيقوا إلى الكوفة، ليودعوا السجن حيث حبسوا - كما يقول المسعودي في مروج الذهب - في سرداب تحت الأرض لا يعرفون الليل من النهار حتى مات أكثرهم، ثم خر عليهم، ليموت تحت أنقاضه الأحياء منهم، ويدفن الذين سبقوهم إلى الموت دون أن يعني بهم أحد.
وبقي رباح حتى خرج محمد بن عبد اللّه (النفس الزكية) على المنصور وقبض الخارجون على رباح وأدخلوه سجن المدينة هو وأخاه.
ولما انتهت الحرب عين المنصور على المدينة عبد اللّه بن الربيع الحارثي فبقي حتى سنة 147 ثم عزل. فولى مكانه جعفر بن سليمان بن سليمان ابن علي بن عبد اللّه بن عباس، فبقي واليا حتى سنة 149. وهو الذي أمر بضرب مالك بن أنس حتى انخلعت كتفه وطافوا به في المدينة.
وفي ولاية جعفر بن سليمان مات الإمام الصادق.
بهذه الوجازة العجلى لأمر الولاة في نحو قرن من الحكم الأموي والمرواني والعباسي للمدينة، عاش فيه الإمام الصادق، تتكشف أمور حسبنا أن ننبه على بعضها الآن:
1 - ففي حكم بني مروان، لم يكن لأهل البيت، بخاصة، مشكلة مع الدولة. وإنما كانت المشكلة لأهل المدينة عامة مع العاصمة. أما خروج زيد بن علي زين العابدين سنة 121 وابنه يحيى سنة 125(1)


(1) ادعى خالد بن عبد اللّه القسري مالا قبل زيد وأبناء الصحابة. فدعاهم الخليفة هشام ابن عبد الملك إلى العاصمة وسألهم فأنكروا مزاعمه. فأعادهم إلى واليه على العراق يوسف بن عمر ليستحلفهم. وقيل إن هشاما لم يرد السلام على زيد فأغلظ له زيد في الكلام. وكان زيد في الذروة من فقهاء العصر - ولما رجعوا إلى الكوفة استحلفهم يوسف فحلفوا. لكنه أبقاهم محبوسين في انتظار رأي هشام. فأمره بإخلاء سبيلهم فخرج زيد من الحبس قاصداً القادسية. واجتمع إليه شيعة الكوفة وطلبوا إليه الخروج على الخليفة وتعهدوا بنصره. فخرج إليهم، فجمعوا له أربعة آلاف رجل ثم انفضوا من حوله. فحارب حرب الأبطال حتى استشهد سنة 121. فكان منهم معه ما كان من آبائهم مع جده أي (فعلوها حسينية) كما قال.
ثم خرج ابنه يحيى فقتل سنة 125.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة