فكان في أواخر بني مروان. وكذلك كان خروج عبد اللّه بن معاوية ابن عبد اللّه بن جعفر سنة 127، بعد عامين من استشهاد يحيى بن زيد. ولقد سلم عبد اللّه نفسه لأبي مسلم الخراساني بعد أن انهزم نصر بن سيار والي خراسان لبني مروان. فقضى أبو مسلم عليه بعد أن استسلم.
بهذا يمكن القول إن زين العابدين وابنه محمدا الباقر عاشا أكثر من نصف قرن في سلام مع السلطة. وبهذا السلام تبوءآ الذروة من الاحترام والطمأنينة اللذين يمهدان للعلم أن ينتشر، وللقدوة الصالحة أن يشيع هداها، كالشعاع ينشر النور في المدينة ويحمل الدفء إلى الأفئدة الوافدة من شتى الأقطار.
2 - كان الأمراء على المدينة إما أقرباء للخلفاء في دمشق والأنبار والكوفة، وإما صنائع لهم. لكنهم كانوا - عدا عمر بن عبد العزيز - مستضعفين من الجميع، يعزلون، ويقامون للناس، ليتخذوهم سخريا أو ينكلوا بهم.
وفي أواخر أيام بني مروان سخر الناس منهم علانية، واشتجروا معهم، إذا مسوا أمير المؤمنين عليا بسوء.
وكان عبد الملك قد أوصى عامله على المدينة بقوله (جنبني دماء بني هاشم فإني رأيت آل حرب لما تهجموا عليهم لم ينصروا) - وهو الباطش، الذي تولى له بالعراق الحجاج، وبخراسان المهلب بن أبي صفرة، وبمصر هشام بن إسماعيل وابنه عبد اللّه، وباليمن محمد أخو الحجاج، وبالجزيرة محمد بن مروان (أخو عبد الملك). وكل من هؤلاء ظالم فاتك.
ولما سئل عبد اللّه بن المبارك: أبو مسلم خير أم الحجاج؟ أجاب (لا أقول أبو مسلم خير من أحد، لكن الحجاج شر منه)
3 - أما في عهد العباسيين - أبناء العمومة - فقد هبت على بني علي ريح صرصر، من الطغيان المدمر، لتنزل بهم وبأحفاد الصحابة والتابعين الفزع الأكبر، كهيئة ما صنع بنو أمية في كربلاء والحرة. وطبائع الطغيان واحدة.