الإمام جعفر الصادق

ولقد دخل عليه سفيان الثوري وفيه قول القائل (ما رأيت الغنى أذل منه في مجلس الثوري ولا الفقير أعز منه في مجلس الثورى). والذين يجلون ورع الإمام أحمد بن حنبل يشبهونه فيه بسفيان الثوري. وسفيان الثوري يسمى (أمير المؤمنين في الحديث). وحسبه أن يكون من تلاميذه في الحديث ابن جريح إمام مكة والأوزاعي إمام الشام ومالك بن أنس إمام المدينة، وابن اسحق امام المحدثين في السيرة. وهو فوق كل ذلك إمام عامل. رمى كتاب المهدي له في دجلة - وفيه توليته للقضاء - وهرب من السلطان فولى شريكا بدله.
وكان سفيان كثير المغاضبة للخلفاء - ولهذا كثر ما كان الخليفة يطلب دمه، وكان يختفي عن عيونه
يستأذن سفيان على الإمام. فلا يرفض الإذن بل يدخله ليعلن له أن ظهوره في المجلس العلمي، وهو مختف، أمر غير سائغ. صيانة للمجلس العلمي من أن يكون مجلس المطلوبين، وحماية للمطلوب ذاته. وحفظا لعلاقة الإمام بالخليفة. ومع ذلك لا يضن الإمام عليه بالحكمة.
يقول ابن أبي حازم: (كنت عند جعفر الصادق يوما وإذا بسفيان الثوري بالباب فقال: إيذن لي. فدخل. فقال له جعفر: إنك رجل يطلبك السلطان في بعض الأحيان. ونحضر عنده وأنا أتقي السلطان. فاخرج عني غير مطرود.
قال سفيان: «حدثني حديثا أسمعه وأقوم».
قال الإمام (حدثني أبي عن جدي عن أبيه عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال (من أنعم اللّه عليه نعمة فليحمد اللّه. ومن استبطأ الرزق فليستغفر اللّه، ومن حزنه أمر فليقل: لا حول ولا قوة إلا باللّه)
طلب إليه سفيان يوما أن يعظه. فقال: يا سفيان لا مروءة لكذوب ولا أخ لملول. ولا راحة لحسود. ولا سؤدد لسيئ الخلق). فقال سفيان زدني. قال (يا سفيان ثق باللّه تكن مؤمنا. وارض بما قسم اللّه تكن غنيا. وأحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما. ولا تصحب

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة