الإمام جعفر الصادق

ولا يضيقون صدرا بالإرسال من الثقات، بغير معارض، فلقد تقرأ (صحيح فلان عن بعض أصحابنا عن الصادق عليه السلام)(1).
ويمكن القول إجمالا إن الحديث عندهم صحيح وحسن وموثق وضعيف.
فالحديث الصحيح هو الذي ينقله العدل الضابط عن مثله في جميع الطبقات حتى الإمام المعصوم.
والحديث الحسن هو المتصل السند بالإمام المعصوم. فإن انقطع السند لم يعد حسنا. ويشترط أن يكون الراوي ممدوحاً من غير معارضة ذم وإن لم تثبت العدالة. فلو ثبتت لكان صحيحا.
ولا يمكن أن تصل رواية غير الإمامي إلى إحدى هاتين الدرجتين مهما كانت منزلته من التقى والفقه.
والحديث الموثق هو ما دخل في طريقه غير إمامي إذا كان الأصحاب الإمامية يوثقونه. وهنا لا يشترط الاتصال بالإمام المعصوم. وهناك من يشترط أن يتوسط غير الإمامي إماميين. وهناك من يرفضه.
والحديث الضعيف غير هذه الأقسام الثلاثة :
وما لا يبلغ حد التواتر يسمى خبر الواحد. فوصف الواحد يراد به عدم التواتر، وقد يكون عن متعددين. فالخبر المستفيض والمشهور نوع من خبر الواحد. المستفيض ما رواه أكثر من اثنين. والمشهور ما اشتهر على الألسن وفي الكتب، وإن كان رواية واحد(2) .


(1) والإرسال لا يمنع قبول الحديث عند أهل السنة.
كان إبراهيم النخعي يروي الحديث مرسلا. فيقول له الأعمش إذا رويت لي حديثا فأسنده فيجيب: إذا قلت حدثني فلان عن ابن مسعود فهو الذي رواه . وإذا قلت قال عبد الله فغير واحد. والحسن البصري يقول (إذا قلت لكم حدثني فلان فهو حديثه ومتى قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فعن سبعين).
(2) الخبر الذي يحصل العلم بصدوره من قرائن داخلية أو غيرها مطابقة لظاهر القرآن أو معانيه أو لأدلة العقل، حجة معتبرة، لا للشهرة أو الاستفاضة أو التواتر أو أي شيء آخر، بل العلم بصدوره الذي هو حجة بنفسه - فالخبر المتواتر أو المعلوم بصدوره لا حاجة لشروط في روايته وإنما الشروط في خبر الواحد.
وقد يعملون بالضعيف إذا اشتهر العمل به بين الأقدمين - أما علامات وضع الحديث فهي كمثلها عند أهل السنة تقريبا.
وليس عجيبا أن تكون السنة التي يتمسك بها الشيعة في مجموعها هي السنة التي يتمسك بها أهل السنة. فخلافات الروايات واسنادها أو إضافة مصدر الأئمة، لم تدخل في التراث النبوي العظيم ما يغيره.
ومشايخ الإمامية يوثقون الإمامية المخطئين في الاعتقاد. والإمام الصادق إذ يقول (خذوا ما رووا. وذروا ما رأوا) يقصد أراءهم .
ولقد طالما رفض مجتهدوهم أحاديث ذكرت في كتبهم، وأخذوا بما جاء في صحيحي البخاري ومسلم لتفحصهم أحوال رجالهما.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة