ولقد أوصى(1) النبي لعلي أن يغسله صلى الله عليه وسلم ويجهزه ويدفنه ويفي دينه وينجز وعده، ويبرئ ذمته ويبين للناس ما اختلفوا فيه. وما ذلك إلا لأن عليا منه ومن أهل بيته حيث هو.
من هذه المكانة لعلي كان معه في صفين ثمانون من الصحابة الأحياء كلهم بدري، وهؤلاء من أهل الجنة.
أما معاوية فمعه الواهمون أو أهل الدنيا الذين يعدهم ويمنيهم، لتصير الأمور إلى ما انتهت إليه في أيامه و ما بعد أيامه.
وأما الأمة فجعلت مكان معاوية من علي، مثلا سائراً في اللسان العربي. (وأين معاوية من علي).
يقول الأحنف بن قيس: دخلت على معاوية فقدم إلي الحار والبارد والحلو والحامض مما كثر تعجبي منه. ثم قدم لونا لم أعرف ما هو. فقلت ما هذا ؟ قال: هذا مصارين البط محشوة بالمخ.. قد قلي بدهن الفستق. وذر عليه بالطبرزد ! فبكيت. فقال ما يبكيك؟ قلت: ذكرت عليا..: بينا أنا عنده وحضر وقت الطعام وإفطاره (إذ كان صائما) وسألني المقام. فجيء له بجراب مختوم. فقلت ما في الجراب؟ .
قال: سويق شعير. قلت: خفت عليه أن يؤخذ أو بخلت به؟
قال: لا. ولا أحدهما. ولكني خفت أن يلته الحسن والحسين بسمن أو زيت. فقلت: محرم هو يا أمير المؤمنين؟
(1) ومن نصوص وصية النبي الصريحة بالإمامة لعلي: عن محمد بن حميد الرازي - وقد وثقه الأئمة: أحمد ويحيى، وابن جرير الطبري، والبغوي، عن أبي بريدة (لكل نبي وصي ووارث وإن وصيي ووارثي علي بن أبي طالب) ومثله- بالمعنى مروي عن سلمان الفارسي. وقال عليه الصلاة والسلام لفاطمة (يا فاطمة أما ترضين أن الله عز وجل اطلع إلى أهل الأرض فاختار اثنين أحدهما ابوك والآخر بعلك) وعن ابن عباس أن الرسول قال لها؟ أما ترضين أني زوجتك أول المسلمين إسلاما وأعلمهم علما وأنك سيدة نساء أمتي كما سادت مريم نساء قومها. أما ترضين يا فاطمة أن الله اطلع إلى أهل الأرض فاختار رجلين فجعل أحدهما أباك والآخر بعلك؟)
ومنها أن النبي يقول عن الحسين (ابني هذا إمام ابن إمام أخو إمام أبو أئمة تاسعهم قائمهم).