يدي أبيه. وجرت البرد بينه وبين معاوية فأحدث بينه وبين معاوية صلحا بعد خلافة دامت ستة أشهر وخمسة أيام (لعل اللّه أن يصلح به بين فئتين من المسلمين). فذلك قول جده عليه الصلاة والسلام.
ودخل المتصالحان الكوفة. فسمى البعض عامهما هذا عام الجماعة. وأسماه الجاحظ (عام فرقة وقهر وجبرية وغلبة).
حدث الشعبي قال: شهدت خطبة الحسن رضي اللّه عنه حين صالح معاوية وخلع نفسه فحمد اللّه وأثنى عليه ثم قال (أما بعد فإن أكيس الكيس التقي. وإن هذا الأمر الذي اختلفت أنا ومعاوية فيه، إن كان له فهو أحق به مني، وإن كان لي فقد تركته إرادة لإصلاح الأمة وحقن دماء المسلمين. وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين).
ورجع الحسن إلى المدينة. وعوتب على صلحه فقال (اخترث ثلاثا على ثلاث. الجماعة على الفرقة وحقن الدماء على سفكها والعار على النار).
وليس بغير هذا يتكلم الحسن. فلقد كان رجل عبادة وسلام للناس. خرج من ماله مرتين. وقاسم اللّه ماله ثلاث مرات. وحج عشرين حجة ماشيا من المدينة إلى مكة.
وفي ربيع الأول سنة 49 هـ شعر بالسم يسرى في جسده لتبدأ به سلسلة أئمة أهل البيت الذين يموتون مسمومين على أيدي بني أمية وبني العباس. فأوصى للحسين. وقال: (إذا مت فادفني مع جدي ما وجدت لذلك سبيلا).
لكن مروان بن الحكم والي معاوية على المدينة منع من تنفيذ الوصية، فدفن الحسن بالبقيع. وسيدفن معه في قبره أئمة أهل البيت الرابع والخامس والسادس. فأكرم به قبرا: فيه أميرالمؤمنين الحسن، وعلي زين العابدين - بن الحسين - وابنه محمد الباقر وابن الباقر: «جعفر الصادق».