الإمام جعفر الصادق

الفصاحة أو السياسة، ولكن بالدم الذي يتكلم، فتكون له بلاغة الشهادة بين يدي اللّه سبحانه. فأصبحوا عنوانا على العدل المفتقد، والأمل المنتظر، وبابا للرجاء في عدل السماء، لتتدارك المسلمين برحمتها ومغفرتها.
2 - أن المسلمين يضيفون إلى حساب الحسين، من حساب بني أمية وعمالهم وسفاحيهم، إذ أرادوا السلطة والمال وشفاء صدور قوم مبطلين. فقطعوا صلتهم باللّه يوم قطعوا رأس ابن بنت رسول اللّه. وفي حين يتراءى قتلة أمير المؤمنين علي «خوارج» كما تضافرت الأمة على وصفهم. أو «بغاة» كما سماهم أمير المؤمنين نفسه، إذ لم يخرجوا عليه إلا لفهم مخالف من أجل الدين، يتدلى قتلة الحسين إلى أدنى درك في جهنم، سفاحين أجراء. وتتعالى بطولات الحسين قدر ما تتعمق الحسرة من أجل استشهاده. فتبرز في إجماع المسلمين عليه بطلا، وفي الفكر الشيعي، حيث يضاف جهاده إلى الوصية له بالإمامة.
فهذا يوم للحسين وحده. ناله بحقه. وفيه سند لإمامة الأئمة من أبنائه: علي زين العابدين. فمحمد الباقر. فجعفر الصادق. فالباقين من الأئمة.
ظلت شجرة العدل، والعلم، والأمل، تسقى بدماء الشهداء كلما رأت السماء مصلحة للأمة. فلم تلبث الكوفة بعد نحو عام واحد من وقعة الحرة أو ثلاثة أعوام من يوم كربلاء أن هز ضميرها تقصيرها. فقامت من الفور حركة التوابين سنة 64(1) بين أهل الكوفة الندامى على ما فرط منهم من تقصير. فقتلوا قتلة الحسين وقواد جيش عبيد اللّه ابن زياد. ولم تنته الندامة بقتل المختار بن عبيد زعيم التوابين سنة 67،


(1) تزعمها المختار بن عبيد اللّه الثقفي قائد عمر لفتح العراق. وكان المختار بن عبيد اللّه ممن قدموا مع مسلم بن عقيل رسول الحسين إلى الكوفة فحبس ثم شفع له صهره عبد اللّه بن عمر فقبل ابن زياد الشفاعة فيه إذ لم يخف خطره. ولما خرج المختار أعلن أنه يحارب باسم محمد بن الحنفية (أخى الحسين لأبيه) ثأراً لدم الحسين. وانتصر المختار على جيوش بني أمية. ثم قتله مصعب بن الزبير سنة 67. وأعلنت عليه حرب الدعايات فاتهموه بادعاء النبوة وأن من اتباعه من ينتظرون رجعته.

اللاحق   السابق   فهرست الكتاب   كتب متفرقة