[301]
من حديد فلا يصدع رأسه أبدا ، ولولا ذلك لما جاء في الحديث ، إن الدنيا لا تساوي
عند الله عزوجل جناح بعوضة ، ولولا ذلك ما سقى كافرا منها شربة من مآء ، ولولا
ذلك لما جاء في الحديث : لو أن مؤمنا على قلة جبل لا بتعث الله له كافرا أو منافقا
يؤذيه ولولا ذلك لما جاء في الحديث : إنه إذا أحب الله قوما أو أحب عبدا صب عليه
البلاء صبا ، فلا يخرج من غم إلا وقع في غم .
ولولا ذلك لما جاء في الحديث ، ما من جرعتين أحب إلى الله عزوجل أن
يجرعهما عبده المؤمن في الدنيا ، من جرعة غيظ كظم عليها ، وجرعة حزن عند
مصيبة ، صبر عليها بحسن عزاء واحتساب ، ولولا ذلك لما كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه واله
يدعون على من ظلمهم بطول العمر وصحة البدن وكثرة المال والولد ، ولولا ذلك
ما بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه واله كان إذا خص رجلا بالترحم عليه والاستغفار استشهد
فعليكم ياعم وابن عم وبني عمومتي وإخوتي بالصبر والرضا والتسليم والتفويض إلى
الله عزوجل والرضا بالصبر على قضائه ، والتمسك بطاعته ، والنزول عند أمره
أفرغ الله علينا وعليكم الصبر ، وختم لنا ولكم بالاجر والسعادة ، وأنقذنا وإياكم
من كل هلكة ، بحوله وقوته إنه سميع قريب ، وصلى الله عليه صفوته من خلقه محمد
النبي وأهل بيته ( 1 ) .
أقول : وهذا آخر التعزية بلفظها من أصل صحيح ، بخط محمد بن علي بن
مهجناب البزاز تاريخه في صفر سنة ثمان وأربعين وأربعمائة ، وقد اشتملت هذه التعزية
على وصف عبدالله بن الحسن بالعبد الصالح ، والدعاء له وبني عمه بالسعادة ، وهذا
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 301 سطر 19 الى ص 309 سطر 18
يدل على أن الجماعة المحمولين كانوا عند مولانا الصادق عليه السلام معذورين وممدوحين
ومظلومين ، وبحبه عارفين .
أقول : وقد يوجد في الكتب أنهم كانوا للصادقين عليهم السلام مفارقين ، وذلك
محتمل للتقية لئلا ينسب إظهارهم لانكار المنكر إلى الائمة الطاهرين .
ومما يدل عليه ما رويناه بإسنادنا إلى أبي العباس أحمد بن نصر بن سعد من
___________________________________________________________________
( 1 ) الاقبال ص 49 - 51 .
[302]
كتاب الرجل مما خرج منه ، وعليه سماع الحسين بن علي بن الحسن ، وهو نسخة
عتيقة بلفظه قال : أخبرنا محمد بن عبدالله بن سعيد الكندي قال : هذا كتاب غالب بن
عثمان الهمداني وقرأت فيه ، أخبرني خلاد بن عمير الكندي مولى آل حجر بن
عبدي قال ، دخلت على أبي عبدالله عليه السلام قال : هل لكم علم بآل الحسن الذين خرج
بهم مما قبلنا ؟ وكان قد اتصل بنا عنهم خبر ، فلم نحب أن نبدأه به ، فقلنا :
نرجو أن يعافيهم الله ، فقال : وأين هم من العافية ؟ ثم بكى عليه السلام حتى على صوته
وبكينا .
ثم قال : حدثني أبي عن فاطمة بنت الحسين قالت : سمعت أبي صلوات
الله عليه يقول : يقتل منك أو يصاب منك نفر بشط الفرات ما سبقهم الاولون ولا
ويدركهم الآخرون ، وإنه لم يبق من ولدها غيرهم .
أقول : وهذه شهادة صريحة من طرق صحيحة بمدح المأخوذين من بني
الحسن عليه وعليهم السلام ، وأنهم مضوا إلى الله جل جلاله بشرف المقام والظفر
بالسعادة والاكرام .
ومن ذلك ما رواه أبوالفرج الاصفهاني ( 1 ) عن يحيى بن عبدالله - الذي سلم
من الذين تخلفوا في الحبس من بني الحسن - فقال : حدثنا عبدالله بن فاطمة
الصغرى ، عن أبيها عن جدتها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله قالت : قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله : يدفن من ولدي سبعة بشط الفرات ، لم يسبقهم الاولون ولم يدركهم
الآخرون ، فقلت : نحن ثمانية ؟ فقال : هكذا سمعت ، فلما فتحو الباب وجدوهم
موتى وأصابوني وبي رمق ، وسقوني ماءا وأخرجوني فعشت .
ومن الاخبار الشاهدة بمعرفتهم بالحق ما وراه أحمد بن إبراهيم الحسيني
في كتاب المصابيح بإسناده أن جماعة سألوا عبدالله بن الحسن وهو في المحمل الذي
حمل فيه إلى سجن الكوفة ، فقلنا : يا ابن رسول الله محمد ابنك المهدي ؟ فقال :
يخرج محمد من ههنا - وأشار إلى المدينة - فيكون كلحس الثور أنفه حتى يقتل ، ولكن
___________________________________________________________________
( 1 ) مقاتل الطالبيين ص 193 .
[303]
إذا سمعتم " بالمأثور " وقد خرج بخراسا فهو صاحبكم .
أقول : لعلها بالموتور وهذا صريح أنه عارف بما ذكرناه .
ومما يزيدك بيانا ما رويناه بإسنادنا إلى جدي أبي جعفر الطوسي ، عن
جماعة ، عن هارون بن موسى التلعكبرى ، عن ابن همام ، عن جميل ، عن القاسم بن
إسماعيل ، عن أحمد بن رياح ، عن أبي الفرج أبان بن محمد المعروف بالسندي نقلناه
من أصله قال : كان أبوعبدالله عليه السلام في الحج في السنة التي قدم فيها أبوعبدالله عليه السلام
تحت الميزاب وهو يدعو ، وعن يمينه عبدالله بن الحسن وعن يساره حسن بن حسن
وخلفه جعفر بن الحسن ، قال : فجاءه عباد بن كثير البصري فقال له : يا أبا عبدالله
قال : فسكت عنه حتى قالها ثلاثا ، قال : ثم قال له : يا جعفر ، قال : فقال له :
قل ما تشاء يا أبا كثير ، قال : إني وجدت في كتاب لي علم هذه البنية رجل ينقضها
حجرا حجرا ، قال : فقال : كذب كتابك يا أبا كثير ولكن كأني والله
بأصفر القدمين ، حمش الساقين ، ضخم البطن ، رقيق العنق ، ضخم الرأس على
هذا الركن - وأشار بيده إلى الركن اليماني - يمنع الناس من الطواف
حتى يتذعروا منه ، ثم يبعث الله له رجلا مني وأشار بيده إلى صدره ، فيقتله قتل
عاد وثمود وفرعون ذي الاوتاد ، قال : فقال له عند ذلك عبدالله بن الحسن : صدق
والله أبوعبدالله عليه السلام حتى صدقوه كلهم جميعا .
أقول : فهل تراهم إلا عارفين بالمهدي وبالحق اليقين .
ومما يزيدك بيانا أن بني الحسن عليه السلام ما كانوا يعتقدون فيمن خرج منهم
أنه المهدي ، وإن تسموا بذلك ، إن أولهم خروجا وأولهم تسميا بالمهدي محمد بن
عبدالله بن الحسن ، وقد ذكر يحيى بن الحسين الحسنى ، في كتاب الامالي باسناده
عن طاهر بن عبيد ، عن إبراهيم بن عبدالله بن الحسن أنه سئل عن أخيه محمد أهو
المهدي الذي يذكر ؟ فقال : إن المهدي عدة من الله تعال لنبيه صلوات الله
عليه ، وعده أن يجعل من أهله مهديا ، لم يسم بعينه ولم يوقت زمانه ، وقد قام
أخي الله بفريضة عليه في الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فان أراد الله تعالى
[304]
أن يجعله المهدي الذي يذكر ، فهو فضل الله يمن به على من يشاء من عباده ، وإلا
فلم يترك أخي فريضة الله عليه لانتظار ميعاد لم يؤمر بانتظاره .
وروى في حديث قبله بكراريس من الامالي ، عن أبي خالد الواسطي ، أن
محمد بن عبدالله بن الحسن قال : يا أبا خالد إني خارج وأنا والله مقتول ، ثم ذكر
عذره في خروجه مع علمه أنه مقتول ، وكل ذلك يكشف عن تمسكهم بالله و
الرسول صلى الله عليه وآله .
وروي في حديث علم محمد بن عبدالله بن الحسن أنه يقتل أحمد بن إبراهيم
في كتاب المصابيح في الفصل المتقدم .
هذا آخر ما أخرجناه من كتاب الاقبال ( 1 ) .
26 - كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن إسماعيل ، عن عبدالله بن عثمان
أبي إسماعيل السراج ، عن عبدالله بن وضاح ، وعلي بن أبي حمزة ، عن إسماعيل بن
الارقط وامه ام سلمة اخت أبي عبدالله عليه السلام قال : مرضت في شهر رمضان مرضا
شديدا حتى ثقلت ، واجتمعت بنو هاشم ليلا للجنازة وهم يرون أني ميت فجزعت
امي علي ، فقال لها أبوعبدالله عليه السلام خالي : اصعدي إلى فوق البيت فابرزي إلى السماء
وصلي ركعتين فاذا سلمت قولي : اللهم إنك وهبته لي ولم يك شيئا ، اللهم وإني
أستوهبكه مبتدئا فأعرنيه ، قال : ففعلت فأفقت وقعدت ، ودعوا بسحور لهم هريسة
فتسحروابها وتسحرت معهم ( 2 ) .
أقول : روى أبوالفرج الاصفهاني ( 3 ) بأسانيده المتكثرة ال حسين بن زيد
قال : إني لواقف بين القبر والمنبر إذا رأيت بني حسن يخرج بهم من دار مروان
مع أبي الازهر بهم الربذة ، فأرسل إلي جعفر بن محمد فقال : ما وراك ؟ قلت :
___________________________________________________________________
( 1 ) الاقبال ص 51 .
( 2 ) الكافى ج 3 ص 478 .
( 3 ) مقاتل الطالبيين ص 219 وفيه تفاوت .
[305]
رأيت بني الحسن يخرج بهم في محامل فقال : اجلس ، فجلست قال : فدعا غلاما
له ، ثم دعا ربه كثيرا ثم قال لغلامه : اذهب فإذا حملوا فأت فأخبرني ، قال :
فأتاه الرسول فقال : قد اقبل بهم ، فقام جعفر عليه السلام فوقف وراء ستر شعر أبيض
من ورائه فطلع بعبدالله بن الحسن وإبراهيم بن الحسن وجميع أهلهم ، كل واحد
منهم معادله مسود ، فلما نظر إليهم جعفر بن محمد عليهما السلام هملت عيناه ، حتى جرت
دموعه على لحيته ، ثم أقبل علي فقال : يا أبا عبدالله ، والله لا تحفظ لله حرمة بعد
هذا ، والله ما وفت الانصار ولا أبنآء الانصار لرسول الله صلى الله عليه وآله بما أعطوه من البيعة
على العقبة .
ثم قال جعفر عليه السلام : حدثني أبي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي
ابن أبي عليه السلام : أن النبي صلى الله عليه وآله قال له : خذ عليهم البيعة بالعقبة فقال : كيف
آخذ عليهم ؟ قال : خذ عليهم يبايعون الله ورسوله ، قال ابن الجعد في حديثه :
على أن يطاع الله فلا يعصى ، وقال الآخرون : على أن يمنعوا رسول الله وذريته
مما يمنعون منه أنفسهم وذراريهم قال : فوالله ما وفوا له حتى خرج من بين أظهرهم
ثم لا أحد يمنع يد لامس اللهم فاشدد وطأتك على الانصار .
وبإسناده إلى علي بن إسماعيل أن عيسى بن موسى لما قدم قال جعفر بن
محمد عليه السلام : أهو هو ؟ قيل : من تعني يا أبا عبدالله ؟ قال : المتلعب بدمائنا والله لا يحلا
منها بشئ ( 1 ) .
وبإسناده إلى سعيد الرومي مولى جعفر بن محمد قال : أرسلني جعفر بن محمد
عليه السلام أنظر ما يصنعون ، فجئته فأخبرته أن محمدا قتل وأن عيسى قبض على عين
أبي زياد ، فنكس طويلا ثم قال : ما يدعو عيسى إلى أن يسئ بنا ، ويقطع أرحامنا ؟
فوالله لا يذوق هو ولا ولده منها شيئا ( 2 ) .
___________________________________________________________________
( 1 ) مقاتل الطالبيين ص 272 بتفاوت يسير وحلاء عن الحوض صد ومنع من وروده
( 2 ) نفس المصدر ص 273 .
وفيه " فأبلس " بدل " فنكس " وزيادة قوله " أبدا "
في آخره .
[306]
وروي باسناده عن مخول بن إبراهيم قال : شهد الحسين بن زيد حرب محمد
وإبراهيم ابني عبدالله بن الحسن بن الحسن ، ثم توارى ، وكان مقيما في منزل
جعفر بن محمد عليه السلام ، وكان جعفر رباه ، ونشأ في حجره منذ قتل أبوه ، وأخذ عنه
علما كثيرا .
وباسناده عن عباد بن يعقوب قال : كان الحسن بن زيد يلقب ذا الدمعة لكثرة
بكائه ( 1 ) .
27 - ن : حدثنا أبوالحسين أحمد بن محمد بن الحسين البزاز ، قال : حدثنا
أبومنصور المطرز قال : سمعت الحاكم أبا أحمد محمد بن محمد بن إسحاق الانماطي
النيسابوري يقول باسناد متصل ذكره محمد : أنه لما بنى المنصور الابنية ببغداد
جعل يطلب العلوية طلبا شديدا ويجعل من ظفر به منهم في الاسطوانات
المجوفة المبنية من الجص والآجر ، فظفر ذات يوم بغلام منهم حسن الوجه ف ، عليه
شعر أسود من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام فسلمه إلى البناء الذي كان
يبني له ، وأمره أن يجعله في جوف اسطوانة ويبني عليه ، ووكل به من ثقاته من
يراعي ذلك ، حتى يجعله في جوف اسطوانة بمشهده ، فجعله البناء في جوف
اسطوانة ، فدخلته رقة عليه ورحمة له ، فترك في الاسطوانة فرجة يدخل منها
الروح ( 2 ) وقال للغلام : لا بأس عليك ، فاصبر فاني ساخرجك من جوف هذه
الاسطوانة إذا جن الليل .
ولما جن الليل جاء البناء في ظلمته وأخرج ذلك العلوي من جوف تلك
الاسطوانة ، وقال له : اتق الله في دمي ودم الفعلة الذين معي ، وغيب شخصك
فاني إنما أخرجتك في ظلمة هذه الليلة من جوف هذه الاسطوانة لاني خفت إن
تركتك في جوفها أن يكون جدك رسول الله صلى الله عليه وآله يوم القيامة خصمي بين يدي الله
عزوجل ثم أخذ شعره بآلات الجصاصين كما أمكن ، وقال له : غيب شخصك وانج
___________________________________________________________________
( 1 ) المصدر السابق ص 287 .
( 2 ) الروح : نسيم الريح .
[307]
بنفسك ، ولا ترجع إلى امك قال الغلام : فان كان هذا هكذا فعرف امي أني
قد نجوت هربت ، لتطيب نفسها ، ويقل جزعها وبكاؤها إن لم يكن لعودي إليها
وجه ، فهرب الغلام ، ولا يدري أين قصد من أرض الله ، ولا إلى أي بلد وقع ، قال
ذلك البناء : وقد كان الغلام عرفني مكان امه ، وأعطاني العلامة شعره ، فانتهيت إلهيا
في الموضع الذي كان دلني عليه ، فسمعت دويا كدوي النحل من البكاء ، فعلمت
أنها امه ، فدنوت منها وعرفتها خبر ابنها ، وأعطيتها شعره ، وانصرفت ( 1 ) .
28 - قل : إنا روينا دعاء النصف من رجب عن خلق كثير قد تضمن ذكر
أسمائهم كتاب الاجازات ، وسوف أذكر كل رواياته ، فمن الروايات في ذلك أن
المنصور لما حبس عبدالله بن الحسن وجماعة من آل أبي طالب ، وقتل ولديه محمدا
وإبراهيم ، أخذ داود بن الحسن بن الحسن ، وهو ابن داية أبي عبدالله جعفر بن
محمد الصادق عليه السلام ، لان ام داود أرضعت الصادق عليه السلام منها بلبن ولدها داود ، وحمله
مكبلا بالحديد ، قالت ام داود : فغاب عني حينا بالعراق ، ولم أسمع له خبرا
ومل أزل أدعو وأتضرع إلى الله جل اسمه وأسأل إخواني من أهل الديانة ، والجد
والاجتهاد ، أن يدعوا الله تعالى ، وأنا في ذلك كله لا أرى في دعائي الاجابة .
فدخلت على أبي عبدالله جعفر بن محمد صلوات عليهما يوما أعوده في علة وجدها
فسألته عن حاله ، ودعوت له ، فقال لي : يا ام داود ! وما فعل داود ؟ وكنت قد
أرضعته بلبنه فقلت : يا سيدي وأين داود ؟ وقد فارقني منذ مدة طويلة ، وهو
محبوس بالعراق ، فقال : وأين أنت عن دعاء الاستفتاح ، وهو الدعاء الذي تفتح
له أبواب السمآء ، ويلقى صاحبه الاجابة من ساعته ، وليس لصاحبه عند الله تعالى
جزاء إلا الجنة ؟ فقلت له : كيف ذلك يا ابن الصادقين ؟ فقال لي : يا ام داود قد
دنا الشهر الحرام العظيم شهر رجب ، وهو شهر مسموع فيه الدعآء ، شهر الله الاصم
وصومي الثلاثة الايام البيض ، وهو يوم الثالث عشر ، والرابع عشر ، والخامس عشر
، واغتسلي في يوم الخامس عشر وقت الزوال ( 2 ) .
___________________________________________________________________
( 1 ) عيون أخبار الرضا " ع " ج 1 ص 111 .
( 2 ) الاقبال ص 147 - 148 .
[308]
ثم علمها عليه السلام دعاء وعملا مخصوصا سيأتي شرحهما في موضعه ( 1 ) .
ثم قال السيد رضي الله عنه : فقالت ام جدنا داود رضوان الله عليه : فكتبت هذا
الدعآء وانصرفت ، ودخل شهر رجب وفعلت مثل ما أمرني به - يعني الصادق عليه السلام -
ثم رقدت تلك الليلة ، فلما كان في آخر الليل رأيت محمدا صلى الله عليه وآله وسلم وكل من صليت
عليهم من الملائكة والنبيين ، ومحمد صلى الله عليه وعليهم يقول : يا ام داود ابشري
وكل من ترين من إخواتك ، وفي رواية أعوانك وإخوانك ، وكلهم يشفعون لك
ويبشرونك بنجح حاجتك ، وابشري فان الله تعالى يحفظك ويحفظ ولدك ، ويرده
عليك قالت : فانتبهت ، فما لبثت إلا قدر مسافة الطريق من العراق إلى المدينة
للراكب المجد المسرع المعجل ، حتى قدم علي داود ، فسألته عن حاله ، فقال :
إني كنت محبوسا في أضيق حبس ، وأثقل حديد ، وفي رواية وأثقل قيد إلى يوم
النصف من رجب .
فلما كان الليل رأيت في منامي كأن الارض قد قبضت لي ، فرأيتك على
حصير صلاتك ، وحولك رجال رؤوسهم في السمآء ، وأرجلهم في الارض ، يسبحون الله
تعالى حولك ، فقال لي قائل منهم ، حسن الوجه ، نظيف الثوب ، طيب الرائحة
خلته جدي رسول الله صلى الله عليه وآله : ابشريا ابن العجوزة الصالحة ، فقد استجاب الله لامك
فيك دعاءها فانتبهت ، ورسل المنصور على الباب ، فادخلت عليه في جوف الليل
فأمربفك الحديد عني ، والاحسان إلي ، وأمر لي بعشرة آلاف درهم ، وحملت على
نجيب ، وسوقت بأشد السير وأسرعه ، حتى دخلت المدينة ، قالت ام داود : فمضيت
به إلى أبي عبدالله فقال عليه السلام : إن المنصور رأى أمير المؤمنين عليا عليه السلام في
المنام ، يقول له : أطلق ولدي ، وإلا القيك في النار ، ورأى كأن تحت قدميه
النار ، فاستيقظ وقد سقط في يديه ، فأطلقك يا داود ( 2 ) .
___________________________________________________________________
( 1 ) ذكرها الشيخ المجلسى في كتاب الدعاء ج 20 ص 345 ونقلهما عن الاقبال
ص 149 - 152 .
( 2 ) الاقبال ص 153 .
[309]
بيان : سقط في يديه على بناء المجهول أي ندم ، ومنه قوله تعالى " ولما سقط
في أيديهم " ( 1 ) .
29 - كتاب الاستداراك باسناده إلى الاعمش أن المنصور حيث طلبه ، فتطهر
وتكفن وتحنط ، قال له : حدثني بحديث سمعته أنا وأنت من جعفر بن محمد في
بني حمان قال : قلت له : أي الاحاديث ؟ قال : حديث أركان جهنم ، قال : قلت :
أو تعفيني ؟ قال : ليس إلى ذلك سبيل قال : قلت : حدثنا جعفر بن محمد عن آبائه
عليهم السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال : لجهنم سبعة أبواب ، وهي
الاركان ، لسبعة فراعنة ، ثم ذكر الاعمش : نمرود بن كنعان ، فرعون الخليل
ومصعب بن الوليد ، فرعون موسى ، وأبا جهل بن هشام ، والاول ، والثاني ، و
السادس يزيد قاتل ولدي ، ثم سكت ، فقال لي : الفرعون السابع ؟ قلت : رجل
من ولد العباس يلي الخلافة يلقب بالدوانيقي اسمه المنصور ، قال : فقال لي :
صدقت هكذا حدثنا جعفر بن محمد عليه السلام قال : فرفع رأسه ، وإذا على رأسه غلام
أمرد ، ما رأيت أحسن وجها منه ، فقال : إن كنت أحد أبواب جهنم ، فلم أستبق
هذا ؟ وكان الغلام علويا حسينيا ، فقال له الغلام : سألتك يا أمير المؤمنين بحق
آبائي إلا عفوت عني ، فأبي ذلك ، وأمر المرزبان به ، فلما مد يده ، حرك شفتيه
بكلام لم أعلمه ، فاذا هو كأنه طير قد طار منه ، قال الاعمش : فمر علي بعد أيام
فقلت : أقسمت عليك بحق أمير المؤمنين لما علمتني الكلام فقال : ذاك دعاء المحنة
لنا أهل البيت ، وهو الذي دعا به أمير المؤمنين عليه السلام لما نام على فراش رسول الله
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 309 سطر 19 الى ص 317 سطر 18
صلى الله عليه وآله ، ثم ذكر الدعآء قال الاعمش : وأمر المنصور في رجل بأمر غليظ
فجلس في بيت لينفذ فيه أمره ، ثم فتح عنه فلم يوجد ، فقال المنصور : أسمعتموه يقول
شيئا ؟ فقال الموكل : سمعته يقول : يا من لا إله غيره فأدعوه ، ولارب سواه فأرجوه
نجني الساعة ، فقال : والله لقد استغاث بكريم فنجاه .
أقول : مضت الاخبار المناسبة للباب في باب أسماء الملوك عند الائمة عليهم السلام .
___________________________________________________________________
( 1 ) سورة الاعراف ، الاية : 149 .
[310]
1 - ما : الفحام ، عن المنصوري ، عن عم أبيه ، عن علي بن محمد العسكري
عن آبائه ، عن موسى جعفر عليه السلام قال : كنت عند سيدنا الصادق عليه السلام إذ دخل
عليه أشجع السلمي ( 1 ) يمدحه ، فوجده عليلا فجلس وأمسك ، فقال له سيدنا
___________________________________________________________________
( 1 ) الاشجع السلمى : هو ابن عمرو ، أبوالوليد او أبوعمرو من ولد الشريد بن
مطرود السلمى ، كان شاعرا مفلقا مكثرا سائر الشعر معدودا في فحول الشعراء في طبقة
أبى نواس وأبى العتاهية وبشار وأمثالهم مدح الخلفاء وولاة العهود والوزراء والامراء
وغيرهم وأخذ جوائزهم وحظى عندهم ، ودخل على الامام الصادق عليه السلام فمدحه كما في
الاصل وأجازه الامام عليه السلام وقدرثى الامام الرضا عليه السلام بقصيدة عصماء ذكرها أبوالفرج الاصبهاني في مقاتله ص 568 أولها :
يا صاحب العيس يحدى في أزمتها * اسمع وأسمع غدا يا صاحب العيس
اقرا السلام على قبر بطوس ولا * تقرا السلام ولا النعمى على طوس
إلى آخر ما ذكره من أبياتها وهى 22 بيتا ، قال أبوالفرج هكذا انشدنيها على
ابن الحسين بن علي بن حمزة عن عمه - محمد بن علي بن حمزة العلوى - وذكر
انها لما شاعت غير أشجع ألفاظها فجعلها في الرشيد .
وقال ايضا : هذه القصيدة ذكر محمد
ابن علي بن حمزة انها في علي بن موسى الرضاعليه السلام .
وقد اورد الصولى في كتاب الاوراق ابياتا من هذه القصيدة في رثاء الرضا عليه السلام ولما شاعت غير
الاشجع ألفاظها فجعلها في الرشيد .
وتجد في الاغانى ج 17 - ص 30 إلى 51 مفصل اخباره واشعاره ، كما تجد له ذكرا
في الاغانى ج 4 ص 185 وج 6 ص 73 وج 21 ص 84 وفي تاريخ بغداد ج 7 ص 45
وتاريخ ابن عساكر ج 3 ص 59 - 63 وذكره ابن شهر آشوب في معالم العلماء ص 142 في
شعراء اهل البيت المتكلفين وذلك انه عدهم اربع طبقات : المجاهرون والمتصدون والمتقون
والمتكلفون .
فعد من المتكلفين الاشجع السلمى .
وقد ترجمه سيد الاعيان في كتابه ج 12 ص 346 إلى ص 399 .