[371]

كتاب أبي عبدالله عليه السلام ، فقبله ووضعه على عينيه ، وقال له : ما حاجتك ؟ قال : خراج علي في ديوانك فقال له : وكم هو ؟ قال : عشرة آلاف درهم فدعا كاتبه وأمره بأدائها عنه ، ثم أخرجه منها ، وأمر أن يثبتها له لقابل ، ثم قال له : سررتك ؟ فقال : نعم جعلت فداك ، ثم أمر بركب وجارية وغلام ، وأمر له بتخت ثياب في كل ذلك يقول : هل سر رتك ؟ فيقول : نعم جعلت فداك ، فكلما قال : نعم زاده حتى فرغ ، ثم قال له : احمل فرش هذا البيت الذي كنت جالسا فيه حين دفعت إلي كتاب مولاي الذي ناولتني فيه ، وارفع إلي حوائجك قال : ففعل ، وخرج الرجل فصار إلى أبي عبدالله عليه السلام بعد ذلك ، فحدثه بالحديث على جهته ، فجعل يسر بما فعل ، فقال الرجل : يا ابن رسول الله كأنه قد سرك ما فعل بي ؟ فقال : إي والله ، لقد سر الله ورسوله ( 1 ) .
90 ختص : السيارى ، عن ابن جمهور مثله ( 2 ) .
91 كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن الحسين بن سعيد ، عن النضر بن سويد ، عن عبدالله بن سنان ، عن أبي عبدالله عليه السلام قال : قال أبوعبدالله عليه السلام قال لي إبراهيم بن ميمون : كنت جالسا عند أبي حنيفة فجاءه رجل فسأله فقال : ما ترى في رجل قد حج حجة الاسلام ، أيحج أفضل أم يعتق رقبة ؟ قال : لا بل عتق رقبة ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : كذب والله وأثم ، الحجة أفضل من عتق رقبة ورقبة حتى عد عشرا ، ثم قال : ويحه في أي رقبة طواف بالبيت ، وسعي بين الصفا والمروة ، والوقوف بعرفة ، وحلق الرأس ، ورمي الجمار ؟ لوكان كما قال : لعطل الناس الحج ، ولو فعلوا كان ينبغي للامام أن يجبرهم على الحج إن شاؤا وإن أبوا ، فإن هذا البيت إنما وضع للحج ( 3 ) .
92 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن محمد بن سنان ، عن عبدالاعلى

___________________________________________________________________
( 1 ) الكافى ج 2 ص 190 .
( 2 ) الاختصاص ص 260 .
( 3 ) الكافى ج 4 ص 259 .

[372]

قال : سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول : إنه ليست من احتمال أمرنا التصديق له والقبول ، فقط ، من احتمال أمرنا ستره ، وصيانته من غير أهله ، فأقرئهم السلام وقل لهم : رحم الله عبدا اجتر ( 1 ) مودة الناس إلى نفسه ، حدثوهم بما يعرفون واستروا عنهم ما ينكرون ، ثم قال : والله ما الناصب لنا حربا بأشد علينا مؤنة من الناطق علينا بمانكره ، فإذا عرفتم من عبد إذاعة فامشوا إليه ورد وه عنها فان قبل منكم وإلا فتحملوا عليه بمن يثقل عليه ، ويسمع منه ، فإن الرجل منكم يطلب الحاجة فيلطف فيها حتى تقضى له ، فالطفوا في حاجتي كما تلطفون في حوائجكم ، فان هو قبل منكم وإلا فادفنوا كلامه تحت أقدامكم ولا تقولوا إنه يقول ويقول ، فان ذلك يحمل علي وعليكم ، أما والله لو كنتم تقولون ما أقول لاقررت أنكم أصحابي هذا أبوحنيفة له أصحاب ، وهذا الحسن البصري له أصحاب وأنا امرؤ من قريش قد ولدني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلمت كتاب الله ، وفيه تبيان كل شئ : بدء الخلق وأمر السماء وأمر الارض ، وأمر الاولين ، وأمر الآخرين وأمرما كان وما يكون ، كأني أنظر إلى ذلك نصب عيني ( 2 ) .
93 كا : محمد بن الحسن ، وعلي بن محمد بن بندار ، عن إبراهيم بن إسحاق عن عبدالله بن حماد الانصاري ، عن سدير الصير في قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام فقلت له : والله ما يسعك القعود قال : ولم يا سدير ؟ قلت : لكثرة مواليك وشيعتك وأنصارك والله لو كان لاميرالمؤمنين مالك من الشيعة والانصار والموالي ، ما طمع فيه تيم ولا عدي فقال : يا سدير وكم عسى أن تكونوا ؟ قلت : مائة ألف قال : مائة ألف ؟ قلت : نعم ، ومائتي ألف ؟ فقال : ومائتي ألف ؟ قلت : نعم ونصف الدنيا قال : فسكت عني ثم قال : يخف عليك أن تبلغ معنا إلى ينبع ؟ قلت : نعم ، فأمر بحمار وبغل أن يسرجا ، فبادرت ، فركبت الحمار فقال : يا سدير ترى أن تؤثرني بالحمار ؟ قلت : البغل أزين وأنبل قال : الحمار أرفق بي ، فنزل فركب الحمار

___________________________________________________________________
( 1 ) اجتر : واجدر ، الشئ : جره .
( 2 ) الكافى ج 2 ص 222 .

[373]

وركبت البغل ، فمضينا فحانت الصلاة فقال : يا سدير انزل بنا نصلي ، ثم قال : هذه أرض سبخة لا يجوز الصلاة فيها ، فسرنا حتى صرنا إلى أرض حمراء ونظر إلى غلام يرعى جداءا ( 1 ) فقال : والله يا سدير لوكان لي شيعة بعدد هذه الجداء ، ما وسعني القعود ، ونزلنا وصلينا ، فلما فرغنا من الصلاة عطفت إلى الجداء فعددتها فإذاهي سبعة عشر ( 2 ) .
94 كا : محمد بن يحيى ، عن ابن عيسى ، عن محمد بن سنان ، عن عمار ابن مروان ، عن سماعة بن مهران قال : قال لي عبد صالح عليه السلام : يا سماعة أمنوا على فرشهم ، وأخافوني ، أما والله لقد كانت الدنيا وما فيها إلا واحد يعبدالله ، و لو كان معه غيره لاضافه الله عزوجل إليه حيث يقول : ( إن إبراهيم كان امة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين ) ( 3 ) فصبر بذلك ما شآءالله ، ثم إن الله آنسه باسماعيل وإسحاق فصاروا ثلاثة أما والله إن المؤمن لقليل ، وإن أهل الكفر كثير ، أتدري لم ذاك ، فقلت : لا أدري جعلت فداك فقال : صيروا انسا للمؤمنين يبثون إليهم ما في صدورهم ، فيستريحون إلى ذلك ، ويسكنون إليه ( 4 ) .
بيان : قوله عليه السلام : صيروا انسا أي إنما جعل الله تعالى هؤلاء المنافقين في صورة المؤمنين ، مختلطين بهم ، لئلا يتوحش المؤمنون لقلتهم .
95 ختص : عدة من مشايخنا ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن ابن عيسى عن ابن أبي نجران ، عن محمد بن يحيى ، عن حماد بن عثمان قال : أردت الخروج إلى مكه فأتيت ابن أبي يعفور مودعا له ، فقلت : لك حاجة ؟ قال : نعم تقرئ
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 373 سطر 19 الى ص 381 سطر 18 أبا عبدالله عليه السلام السلام قال : فقدمت المدينة ، فدخلت عليه فسألني ثم قال : ما فعل ابن أبي يعفور ؟ قلت : صالح جعلت فداك ، آخر عهدي به وقد أتيته مودعا له

___________________________________________________________________
( 1 ) الجداء : جمع جدى وهو ولد الما عزفى السنة الاولى جمع أجد وجداء وجديان : ( 2 ) الكافى ج 2 ص 242 .
( 3 ) سورة النحل ، الاية : 120 .
( 4 ) الكافى ج 2 ص 243 .

[374]

فسألني أن أقرئك السلام قال : وعليه السلام أقرئه السلام صلى الله عليه ، وقل : كن على ما عهدتك عليه ( 1 ) .
96 ختص : جعفر بن الحسين ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، عن إبراهيم ابن هاشم ، عن ابن أبي عمير ، عن سليمان الفراء ، عن عبدالله بن أبي يعفور قال : كان أصحابنا يدفعون إليه الزكاة يقسمها في أصحابه ، فكان يقسمها فيهم وهو يبكي قال سليمان : فأقول له م ما يبكيك ؟ قال : فيقول : أخاف أن يروا أنها من قبلي ( 2 ) .
97 كا : العدة ، عن البرقي ، عن علي بن الحكم ، عن معاوية وهب ، عن زكريا بن إبراهيم قال : كنت نصرانيا فأسلمت وحججت فدخلت على أبي عبدالله عليه السلام فقلت : إني كنت على النصرانية ، وإني أسلمت فقال : وأي شئ رأيت في الاسلام ؟ قلت : قول الله عزوجل ( ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء ) ( 3 ) فقال : لقد هداك الله ، ثم قال : اللهم اهده ثلاثا ، سل عما شئت يا بني فقلت : إن أبي وامي على النصرانية ، وأهل بيتي وامي مكفوفة البصر ، فأكون معهم ، وآكل من آنيتهم فقال : يأكلون لحم الخنزير ؟ فقلت : لا ولا يمسونه فقال : لا بأس ، فانظر امك فبرها ، فإذا ماتت ، فلا تكلها إلى غيرك ، كن أنت الذي تقوم بشأنها ، ولا تخبرن أحدا أنك أتيتني ، حتى تأتيني بمنى إن شاء الله ، قال : فأتيته بمنى والناس حوله ، كأنه معلم صبيان ، هذا يسأله ، وهذا يسأله ، فلما قدمت الكوفة ، ألطفت لامي ، وكنت اطعمها وافلي ثوبها ورأسها وأخدمها ، فقالت لي : يا بني ما كنت تصنع بي هذا ، وأنت على ديني ، فما الذي أرى منك منذ هاجرت ، فدخلت في الحنيفية ؟ فقلت : رجل من ولد نبينا أمرني بهذا ، فقالت : هذا الرجل هو نبي ؟ فقلت : لا ولكنه ابن نبي فقالت : يا بني هذا نبي إن هذه وصايا الانبياء فقلت يا ام إنه ليس يكون بعد

___________________________________________________________________
( 1 ) الاختصاص ص 195 .
( 2 ) نفس المصدر ص 195 .
( 3 ) سورة الشورى ، الاية : 52 .

[375]

نبينا نبي ولكنه ابنه فقالت : يا بني دينك خير دين ، اعرضه علي فعرضته عليها فدخلت في الاسلام ، وعلمتها فصلت الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء الآخرة ثم عرض بها عارض في الليل فقالت : يا بني أعد علي ما علمتني ، فأعدته عليها فأقرت به وماتت ، فلما أصبحت كان المسلمون الذين غسلوها ، وكنت أنا الذي صليت عليها ونزلت في قبرها ( 1 ) .
بيان : افلي ثوبها أي أنظر فيه لاستخرج قملها .
98 كا : العدة ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن محبوب ، عن أبي ولاد الحناط قال : اكتريت بغلا إلى قصرا بن هبيرة ( 2 ) ذاهبا وجائيا بكذا وكذا ، وخرجت في طلب غريم لي .
فلما صرت قرب قنطرة الكوفة اخبرت أن صاحبي توجه إلى النيل ( 3 ) فتوجهت نحو النيل ، فلما أتيت النيل اخبرت أن صاحبي توجه إلى بغداد ، فاتبعته وظفرت به ، وفرغت مما بيني وبينه ، ورجعنا إلى الكوفة ، وكان ذهابي ومجيئي خمسة عشر يوما ، فأخبرت صاحب البغل بعذري ، وأردت أن أتحلل منه مما صنعت وارضيه ، فبذلت خمسة عشر درهما ، فأبى أن يقبل ، فتراضينا بأبي حنيفة ، فأخبرته بالقصة وأخبره الرجل فقال لي : ما صنعت بالبغل ؟ فقلت : قد دفعته إليه سليما قال : نعم بعد خمسة عشريوما قال : فما تريد من الرجل ؟ قال : اريد كرى بغلي فقد حبسه علي خمسة عشر يوما فقال : ما أرى لك حقا لانه اكتراه إلى قصر ابن هبيرة ، فخالف وركبه إلى النيل وإلى بغداد ، فضمن قيمة البغل ، وسقط الكرى فلما رد البغل سليما وقبضته لم يلزمه الكرى ، قال : فخرجنا من عنده ، وجعل صاحب البغل يسترجع ، فرحمته مما أفتى به أبوحنيفة [ فأعطيته شيئا وتحللت منه

___________________________________________________________________
( 1 ) الكافى ج 2 ص 160 .
( 2 ) قصر ابن هبيرة : ينسب إلى يزيد بن عمر بن هبيرة والى العراق لمروان بن محمد ، بناه بالقرب من جرسورا .
( 3 ) النيل : بكسر أوله اسم لعدة مواضع منها : بليدة في سواد الكوفة ، قرب حلة بنى مزيد ، بخترقها نهر يتخلج من الفرات العظمى حفره الحجاج بن يوسف .

[376]

فحججت تلك السنة ، فأخبرت أبا عبدالله عليه السلام بما أفتى به أبوحنيفة ] ( 1 ) فقال لي في مثل هذا القضاء وشبهه تحبس السماء مآءها ، وتمنع الارض بركتها قال : فقلت لابي عبدالله عليه السلام : فما ترى أنت ؟ قال : أرى له عليك مثل كرى بغل ذاهبا من الكوفة إلى النيل ، ومثل كرى بغل راكبا من النيل إلى بغداد ، ومثل كرى بغل من بغداد إلى الكوفة توفيه إياه .
قال : فقلت : جعلت فداك قد علفته بدراهم ، فلي عليه علفه ؟ فقال : لا لانك غاصب فقلت : أرأيت لو عطب البغل ونفق أليس كان يلزمني ؟ قال : نعم قيمة بغل يوم خالفته قلت : فإن أصاب البغل كسر أو دبر أو غمز ؟ فقال : عليك قيمة ما بين الصحة والعيب ، يوم ترده ، عليه ، قلت : فمن يعرف ذلك ؟ قال : أنت وهو ، إما أن يحلف هو على القيمة ، فيلزمك ، فان رد اليمين عليك فحلفت على القيمة لزمه ذلك أو يأتي صاحب البغل بشهود يشهدون أن قيمة البغل حين أكرى كذا وكذا فيلزمك ، قلت : إن كنت أعطيته دراهم ورضي بها وحللني ؟ فقال : إنما رضي بها وحللك حين قضى عليه أبوحنيفة بالجور والظلم ، ولكن ارجع إليه فأخبره بما أفتيتك به ، فان جعلك في حل بعد معرفته فلا شئ عليك بعد ذلك ، قال أبوولاد : فلما انصرفت من وجهي ذلك لقيت المكاري فأخبرته بما أفتاني به أبوعبدالله عليه السلام وقلت له : قل ما شئت حتى اعطيكه ؟ فقال : قد حببت إلي جعفر بن محمد عليه السلام ووقع في قلبي له التفضيل ، وأنت في حل ، وإن أحببت أن أرد عليك الذي أخذته منك فعلت ( 2 ) .
99 كا : محمد بن يحيى ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال ، عن أبي عمارة الطيار قال : قلت لابي عبدالله عليه السلام : إني قد ذهب مالي وتفرق ما في يدي ، و عيالي كثير ، فقال له أبوعبدالله عليه السلام : إذا قدمت الكوفة فافتح باب حانوتك وابسط بساطك ، وضع ميزانك ، وتعرض لرزق ربك ، فلما أن قدم الكوفة

___________________________________________________________________
( 1 ) ما بين القوسين موجود في المصدر وقد سقط من مطبوعة الكمبانى .
( 2 ) الكافى ج 5 ص 290 .

[377]

فتح باب حانوته ، وبسط بساطه ، ووضع ميزانه ، قال : فتعجب من حوله بأن ليس في بيته قليل ولا كثير من المتاع ، ولا عنده شئ قال : فجاءه رجل فقال : اشتر لي ثوبا قال : فاشترى له ، وأخذ ثمنه ، وصار الثمن إليه ، ثم جاءه آخر فقال : اشتر لي ثوبا قال : فجلب له في السوق ، ثم اشترى له ثوبا ، فأخذ ثمنه فصار في يده ، وكذلك يصنع التجار يأخذ بعضهم من بعض .
ثم جاءه رجل آخر فقال له : يا با عمارة إن عندي عدلا من كتان فهل تشتريه واؤخرك بثمنه سنة ؟ فقال : نعم ، احمله وجئ به قال : فحمله إليه فاشتراه منه بتأخير سنة قال : فقام الرجل فذهب ، ثم أتاه آت من أهل السوق فقال : يا أبا عمارة ما هذا العدل ؟ قال : هذا عدل اشتريته فقال : فتبيعني نصفه و اعجل لك ثمنه ؟ قال : نعم فاشتراه منه وأعطاه نصف المتاع فأخذ نصف الثمن قال : فصار في يده الباقي إلى سنة ، قال : فجعل يشتري بثمنه الثوب والثوبين ويعرض ويشتري ويبيع ، حتى أثرى ، وعرض وجهه ، وأصاب معروفا ( 1 ) .
100 كا : علي عن أبيه ، عن اللؤلؤي ، عن صفوان ، عن عبدالرحمن بن الحجاج قال : كان رجل من أصحابنا بالمدينة فضاق ضيقا شديدا ، واشتدت حاله فقال له أبوعبدالله عليه السلام : اذهب فخذ حانوتا في السوق ، وابسط بساطا ، وليكن عندك جرة من ماء ، والزم باب حانوتك قال : ففعل الرجل فمكث ما شاء الله .
قال : ثم قدمت رفقة من مصر فألقوا متاعهم ، كل رجل منهم عند معرفته ، وعند صديقه ، حتى ملؤا الحوانيت ، وبقي رجل لم يصب حانوتا يلقي فيه متاعه فقال له أهل السوق : ههنا رجل ليس به بأس ، وليس في حانوته متاع ، فلو ألقيت متاعك في حانوته ، فذهب إليه فقال له : القي متاعي في حانوتك ؟ فقال له : نعم ، فألقى متاعه في حانوته ، وجعل يبيع متاعه ، الاول فالاول ، حتى إذا حضر خروج الرفقة بقي عند الرجل شئ يسير من متاعه ، فكره المقام عليه ، فقال لصاحبنا : اخلف هذا المتاع عندك تبيعه وتبعث إلي بثمنه ؟ قال : فقال : نعم ، فخرجت الرفقة

___________________________________________________________________
( 1 ) الكافى ج 5 ص 304 وفيه ( جئنى به ) بدل ( وجئ به ) .

[378]

وخرج الرجل معهم ، وخلف المتاع عنده ، فباعه صاحبنا ، وبعث بثمنه إليه قال : فلما أن تهيأ خروج رفقة مصر من مصر ، بعث إليه ببضاعة فباعها ، ورد إليه ثمنها ، فلما رأى ذلك منه الرجل أقام بمصر ، وجعل يبعث إليه بالمتاع ويجهز عليه قال : فأصاب وكثر ماله وأثرى ( 1 ) .
101 كتاب زيد النرسى : قال : لما ظهر أبوالخطاب بالكوفة وادعى في أبي عبدالله عليه السلام ما ادعاه دخلت على أبي عبدالله عليه السلام مع عبيدة بن زرارة فقلت له : جعلت فداك لقد ادعى أبوالخطاب وأصحابه فيك أمرا عظيما ، إنه لبى بلبيك جعفر ، لبيك معراج .
وزعم أصحابه أن أبا الخطاب اسري به إليك ، فلما هبط إلى الارض دعا إليك ، ولذا لبى بك .
قال : فرأيت أبا عبدالله عليه السلام قد أرسل دمعته من حماليق ( 2 ) عينيه وهو يقول : يا رب برئت إليك مما ادعى في الاجدع ( 3 ) عبد بني أسد ، خشع لك شعري و بشري ، عبدلك ابن عبدلك ، خاضع ذليل ، ثم أطرق ساعة في الارض كأنه يناجي شيئا ، ثم رفع رأسه وهو يقول : أجل أجل عبد خاضع خاشع ذليل لربه صاغر راغم من ربه خائف وجل ، لي والله رب أعبده لا اشرك به شيئا ، ماله أخزاه الله وأرعبه ولا آمن روعته يوم القيامة ، ما كانت تلبية الانبياء هكذا ولا تلبيتي ولا تلبية الرسل ، إنما لبيت بلبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك ، ثم قمنا من عنده فقال : يا زيد إنما قلت لك هذا لاستقر في قبري يا زيد استر ذلك عن الاعداء ( 4 ) .
أقول : وجدت في كتاب مزار لبعض قدمآء أصحابنا ، وفي كتاب مقتل لبعض

___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 5 ص 309 .
( 2 ) الحماليق : جمع حملاق وحملاق وحملوق كعصفور ، من العين : باطن أجفانها الذى يسوده الكحل أو هو ما غطته الاجفان من بياض المقلة .
( 3 ) الاجدع : مقطوع الانف .
( 4 ) أصل زيد النرسى ص 46 من الاصول الستة عشر طبع ايران .

[379]

متأخريهم خبرا أحببت إيرادة ، واللفظ للاول : قال : حدثنا جماعة عن الشيخ المفيد أبي علي الحسن بن علي الطوسي ، وعن الشريف أبي الفضل المنتهى بن أبي زيد بن كيابكي الحسيني ، وعن الشيخ الامين أبي عبدالله محمد بن شهريار الخازن ، وعن الشيخ الجليل ابن شهر آشوب ، عن المقري عبدالجبار الرازي ، وكلهم يروون عن الشيخ أبي جعفر محمد بن علي الطوسي رضى الله عنه قال : حدثنا الشيخ أبوجعفر محمد بن الحسن الطوسي بالمشهد المقدس بالغري على صاحبه السلام في شهر رمضان من سنة ثمان وخمسين وأربعمائة .
قال : حدثنا الشيخ أبوعبدالله الحسين بن عبيدالله الغضايري قال : حدثنا أبوالمفضل محمد بن عبدالله السلمي قالوا : وحدثنا الشيخ المفيد أبوعلي الحسن بن محمد الطوسي والشيخ الامين أبوعبدالله محمد بن أحمد بن شهريار الخازن قالا : جميعا حدثنا الشيخ أبومنصور محمد بن أحمد بن عبدالعزيز العكبري المعدل بها في داره ببغداد سنة سبع وستين وأربعمائة .
قال : حدثنا أبوالفضل محمد بن عبدالله الشيباني قال : حدثنا محمد بن يزيد بن أبي الازهر البوشنجي النحوي قال : حدثنا أبوالصباح محمد بن عبدالله بن زيد النهلي قال : أخبرني أبي قال : حدثنا الشريف زيد بن جعفر العلوي قال : حدثنا محمد بن وهبان الهناتي قال : حدثنا أبوعبدالله الحسين بن علي بن سفيان البزو فري قال : حدثنا أحمد بن إدريس عن محمد بن أحمد العلوى قال : حدثنا محمد بن جمهور العمي ، عن الهيثم بن عبدالله الناقد عن بشار المكاري قال : دخلت على أبي عبدالله عليه السلام بالكوفة وقد قدم له طبق رطب طبرزد ( 1 ) وهو يأكل فقال : يا بشار ادن فكل فقلت : هناك الله ، وجعلني فداك ، قد أخذتني الغيرة من شئ رأيته في طريقي ! أوجع قلبي ، وبلغ مني فقال لي : بحقي لما دنوت فأكلت قال : فدنوت فأكلت فقال لي : حديثك قلت : رأيت جلوازا ( 2 ) يضرب رأس امرأة ، ويسوقها إلى الحبس

___________________________________________________________________
( 1 ) الطبرزد : نوع من التمرسمى به لشدة حلاوته تشبيها بالسكر الطبرزد .
( 2 ) الجلواز : الشرطى الذى يحف في الذهاب والمجئ بين يدى الامير جمع جلاوزة .

[380]

وهي تنادي بأعلاصوتها : المستغاث بالله ورسوله ، ولا يغيثها أحد قال : ولم فعل بها ذلك ؟ قال : سمعت الناس يقولون إنها عثرت فقالت : لعن الله ظالميك يا فاطمة فارتكب منها ما ارتكب .
قال : فقطع الاكل ولم يزل يبكي حتى ابتل منديله ، ولحيته ، وصدره بالدموع ، ثم قال : يا بشار قم بنا إلى مسجد السهلة فندعو الله عزوجل و نسأله خلاص هذه المرأة قال : ووجه بعض الشيعة إلى باب السلطان ، وتقدم إليه بأن لا يبرح إلى أن يأتيه رسوله فان حدث بالمرأة حدث صار إلينا حيث كنا قال : فصرنا إلى مسجد السهلة ، وصلى كل واحد منا ركعتين ، ثم رفع الصادق عليه السلام يده إلى السماء وقال : أنت الله إلى آخر الدعاء قال : فخر ساجدا لا أسمع منه إلا النفس ثم رفع رأسه : فقال : قم فقد اطلقت المرأة .
قال : فخرجنا جميعا ، فبينما نحن في بعض الطريق إذ لحق بنا الرجل الذي وجهناه إلى باب السلطان فقال له عليه السلام ما الخبر ؟ قال : قد اطلق عنها قال : كيف كان إخراجها قال : لا أدري ولكنني كنت واقفا على باب السلطان ، إذ خرج حاجب فدعاها وقال لها : ما الذي تكلمت ؟ قالت : عثرت فقلت : لعن الله ظالميك يا فاطمة ، ففعل بي ما فعل قال : فأخرج مائتي درهم وقال : خذي هذه واجعلي الامير في حل ، فأبت أن تأخذها ، فلما رأى ذلك منها دخل ، وأعلم صاحبه بذلك ثم خرج فقال : انصرفي إليك بيتك فذهبت إلى منزلها .
فقال أبوعبدالله عليه السلام : أبت أن تأخذ المائتي درهم ؟ قال : نعم وهي والله محتاجة إليها قال : فأخرج من جيبه صرة فيها سبعة دنانير وقال : اذهب أنت بهذه إلى منزلها فأقرئها مني السلام وادفع إليها هذه الدنانير قال : فذهبنا جميعا فأقرأناها منه السلام فقالت : بالله أقرأني جعفر بن محمد السلام ؟ فقلت لها : رحمك الله ، والله إن جعفر بن محمد أقرأك السلام ، فشقت جيبها ووقعت مغشية عليها قال : فصبرنا حتى أفاقت ، وقالت : أعدها علي ، فأعدناها عليا حتى فعلت ذلك ثلاثا ثم قلنا لها : خذي ! هذا ما أرسل به إليك ، وأبشري بذلك ، فأخذته منا ، وقالت :