[401]

3 - قب : قال أبوعبيدة المعتزلي لهشام بن الحكم الدليل على صحة معتقدنا وبطلان معتقدكم كثرتنا وقلتكم مع كثرة أولاد علي وادعائهم فقال هشام : لست إيانا أردت بهذا القول إنما أردت الطعن على نوح عليه السلام حيث لبث في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى النجاة ليلا ونهارا ، وما آمن معه إلا قليل .
وسأل هشام بن الحكم جماعة من المتكلمين فقال : أخبروني حيث بعث الله محمد صلى الله عليه وآله بعثه بنعمة تامة أو بنعمة ناقصة ؟ قالوا : بنعمة تامة قال : فأيما أتم أن يكون في أهل بيت واحد نبوة وخلافة ؟ أو يكون نبوة بلا خلافة ؟ قالوا : بل يكون نبوة وخلافة ، قال : فلما ذا جعلتموها في غيرها ، فاذا صارت في بني هاشم ضربتم وجوههم بالسيوف فافحموا ( 1 ) .
4 - جا الجعابي ، عن ابن عقدة ، عن علي بن الحسن التيملي ، قال : وجدت في كتاب أبي : حدثنا محمد بن مسلم الاشجعي ، عن محمد بن نوفل قال : [ كنت عند الهيثم بن حبيب الصيرفي ف ] ( 2 ) دخل علينا أبوحنيفة النعمان بن ثابت فذكرنا أمير المؤمنين عليه السلام ودار بيننا كلام فيه فقال أبوحنيفة : قد قلت لاصحابنا : لا تقروا لهم بحديث غديرخم فيخصموكم ، فتغير وجه الهيثم بن حبيب الصيرفي و قال له : لم لا يقرون به أما هو عندك يا نعمان ؟ قال : هو عندي وقد رويته قال : فلم لا يقرون به وقد حدثنا به حبيب بن أبي ثابت عن أبي الطفيل عن زيد بن أرقم أن عليا عليه السلام نشد الله في الرحبة من سمعه ؟ فقال أبوحنيفة : أفلا ترون أنه قد جرى في ذلك خوض حتى نشد علي الناس لذلك ؟ فقال الهيثم : فنحن كذب عليا أو نرد قوله ؟ فقال أبوحنيفة : ما نكذب عليا ولا نرد قولا قاله ، ولكنك تعلم أن الناس قد غلا فيهم قوم .
فقال الهيثم : يقوله رسول الله صلى الله عليه وآله ويخطب به ونشفق نحن منه ونتقيه لغلو غال أو قال قائل ، ثم جآء من قطع الكلام بمسألة سأل عنها ودار الحديث

___________________________________________________________________
( 1 ) المناقب ج 1 ص 236 - 237 .
( 2 ) ما بين القوسين زيادة من المصدر .

[402]

بالكوفة ، وكان معنا في السوق حبيب بن نزار بن حسا فجاء إلى الهيثم فقال له قد بلغني مادار عنك في علي وقوله - وكان حبب مولى بني هاشم - فقال له الهيثم : النظر يمر فيه أكثر من هذا فخفض الامر ، فحججنا بعد ذلك ومعنا حبيب فدخلنا على أبي عبدالله جعفر بن محمد عليهما السلام فسلمنا عليه فقال له حبيب : يا أبا عبدالله كان من الامر كذا وكذا ، فتبين الكراهية فز وجه أبي عبدالله عليه السلام فقال له حبيب : هذا محمد بن نوفل حضر ذلك ، فقال له أبوعبدالله عليه السلام : أي حبيب كف ، خالقوا الناس بأخلاقهم وخالفوهم بأعمالكم ، فان لكل امرئ ما اكتسب ، وهو يوم القيامة مع من أحب ، لا تحملوا الناس عليكم وعلينا ، وادخلوا في دهماء الناس فان لنا أياما ودولة يأتي بها الله إذا شاء ، فسكت حبيب فقال : أفهمت يا حبيب ؟ لا تخالفوا أمري فتندموا ، قال : لن اخالف أمرك ، قال أبوالعباس : سألت علي بن الحسن ، عن محمد بن نوفل فقال : كوفي ، قلت : ممن ؟ قال : أحسبه مولى لبني هاشم ، وكان حبيب بن نزار بن حسان مولى لنبي هاشم ، وكان الخبر فيما جرى بينه وبين أبي حنيفة حين ظهر أمر بني العباس ، فلم يمكنهم إظهار ما كان عليه آل محمد عليهم السلام ( 1 ) .
5 - كش : محمد بن قولويه ، عن سعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن أبي كهمس قال : دخلت على أبي عبدالله فقال لي : شهد محمد بن مسلم الثقفي القصير عند ابن أبي ليلى بشهادة فرد شهادته ؟ فقلت : نعم ، فقال : إذا صرت إلى الكوفة فأتيت ابن أبي ليلى ، فقل له : أسألك عن ثلاث مسائل لا تفتني فيها بالقياس ولا تقول قال أصحابنا ، ثم سله عن الرجل يشك في الركعيتن الاوليين من الفريضة ، وعن الرجل يصيب جسده أو ثيباه البول كيف يغسله ؟ وعن الرجل يرمي الجمار بسبع حصيات فيسقط منه واحدة كيف يصنع ؟ فاذا لم يكن عنده فيها شئ فقل له : يقول لك جعفر بن محمد : ما حملك على أن رددت شهادة رجل أعرف بأحكام الله منك ، وأعلم بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله منك .

___________________________________________________________________
( 1 ) أمالى المفيد ص 14 .

[403]

قال أبوكهمس : فما قدمت أتيت ابن أبي ليلى قبل أن أصير إلى منزلي فقلت له : أسألك عن ثلاث مسائل لا تفتني فيها بالقياس ، ولا تقول قال أصحابنا قال : هات ؟ قال : قلت : ما تقول في رجل شك في الركعتين الاوليين من الفريضة ؟ فأطرق ثم رفع رأسه إلى فقال : قال أصحابنا ، فقلت : هذا شرطي عليك ألا تقول قال أصحابنا ، فقال : ما عندي فيها شئ ، فقلت له : ما تقول في الرجلين يصيب جسده أو ثيابه البول كيف يغسله ؟ فأطرق ثم رفع رأسه فقال : قال أصحابنا فقلت هذا شرطي عليك فقال : ما عندي فيها شئ ، فقلت : رجل رمى الجمار بسبع حصيات فسقطت منه حصاة كيف يصنع فيها ؟ فطأفطأ رأسه ، ثم رفعه فقال : قال أصحابنا فقلت : أصلحك الله هذا شرطي عليك فقال : ليس عندي فيها شئ ، فقلت يقول لك جعفر بن محمد : ما حملك على أن رددت شهادة رجل أعرف منك بأحكام الله وأعرف منك بسيرة رسول الله صلى الله عليه وآله ؟ فقال لي : ومن هو ؟ فقلت : محمد بن مسلم الطائفي القصير ، قال فقال : والله إن جعفر بن محمد عليهما السلام قال لك هذا ؟ فقلت : والله إنه قال لي جعفر هذا ، فأرسل إلى محمد بن مسلم فدعاه فشهد عنده بتلك الشهادة فأجاز شهادته ( 1 ) .
6 - ختص : أحمد بن هارون ، وجعفر بن الحسين ، عن ابن الوليد ، عن الصفار ، وسعد ، عن ابن عيسى ، عن ابن فضال ، عن علي بن عقبة أو غيره ، عن أبي كهمس مثله ( 2 ) .
7 - كش : ابن قتيبة ، عن الفضل ، عن أبيه ، عن غير واحد من أصحابنا ، عن محمد بن حكيم وصاحب له - قال أبومحمد : قد كان درس اسمه في كتاب أبي - قالا رأينا شريكا واقفا في حائط من حيطان فلان - قد كان درس اسمه أيضا في الكتاب - قال أحدنا لصاحبه : هل لك في خلوة من شريك ؟ فأتيناه فسلمنا عليه فرد علينا السلام فقلنا يا أبا عبدالله مسألة فقال : في أي شئ ؟ فقلنا : في الصلاة : فقال : سلوا عما بدالكم ، فقلنا : لا نريد أن تقول قال فلان وقال فلان ، إنما نريد أن تسنده إلى

___________________________________________________________________
( 1 ) رجال الكشى ص 109 .
( 2 ) الاختصاص ص 202 .

[404]

النبي صلى الله عليه وآله فقال : أليس في الصلاة ؟ فقلنا : بلى فقال : سلوا عما بدالكم ، فقلنا : في كم يجب التقصير ؟ قال : كان ابن مسعود يقول : لا يغرنكم سوادنا هذا ، وكان يقول : فلان .
قال قلت : إنا استثنينا عليك ألا تحدثنا إلا عن نبي الله صلى الله عليه وآله قال : والله إنه لقبيح لشيخ يسأل عن مسألة في الصلاة عن النبي لا يكون عنده فيها شئ ، وأقبح من ذلك أن أكذب على رسول صلى الله عليه وآله .
قلت : فمسألة اخرى فقال : أليس في الصلاة ؟ قلنا : بلى ، قال : سلوا عما بدالكم ، قلنا : على من تجب صلاة الجمعة ؟ قال : عادت المسألة جذعة ما عندي في هذا عن رسول الله صلى الله عليه وآله شئ ، قال : فأردنا الانصراف قال : إنكم لم تسألوا عن هذا إلا وعندكم منه علم ، قال : قلت : نعم أخبرنا محمد بن مسلم الثقفي ، عن محمد بن علي عن أبيه ، عن جده عن النبي صلى الله عليه وآله فقال : الثقفي الطويل اللحية ؟ فقلنا : نعم قال : أما إنه لقد كان مأمونا على الحديث ، ولكن كانوا يقولون إنه خشبي ثم قال : ماذا روى ؟ قلنا : روى عن النبي صلى الله عليه وآله أن التقصير يجب في بريدين ، وإذ اجتمع خمسة أحدهم الامام فلهم أن يجمعوا ( 1 ) .
بيان : قوله : جذعة أي شابة طرية أي عادت الحالة السابقة المسألة الاولى حيث لا أعملها .
قوله : إنه خشبي قال السمعاني في الانساب : ( 2 ) الخشبي بفتح الخاء والشين المعجمتين وفي آخرها الباء الموحدة هذه النسبة إلى جماعة من الخشبة وهم طائفة من الروافض يقال لكل واحد منهم الخشبي ، ويحكى عن منصور بن المعتمر قال : إن كان من يحب علي بن أبي طالب يقال له خشبي فاشهدوا أني ساجه ( 3 ) وقال في النهاية في حديث ابن عمر : أنه كان يصلي خلف الخشبية ، هم أصحاب المختار بن

___________________________________________________________________
( 1 ) رجال الكشى ص 111 .
( 2 ) انساب السمعانى ظهر ورقة 199 طبع ليدن ولا حظ اللباب في تهذيب الانساب لابن الاثير ج 1 ص 272 .
( 3 ) مراده بالساج هو الخشب المعروف بالعظم والصلابة ، ووجه النكتة فيه ظاهر .

[405]

أبي عبيد ، ويقال لضرب من الشيعة : الخشبية ، قيل : لانهم حفظوا خشبة زيد بن علي حين صلب ، والوجه : الاول ، ولان صلب زيد بعد ابن عمر بكثير ( 1 ) .
8 - كش : محمد بن مسعود ، عن إسحاق بن محمد البصري ، عن أحمد بن صدقة الكاتب ، عن أبي مالك الاحمسي ، عن مؤمن الطاق - واسمه محمد بن علي بن النعمان أبوجعفر الاحول - قال : كنت عند أبي عبدالله عليه السلام فدخل زيد بن علي فقال لي : يا محمد بن علي أنت الذي تزعم أن في آل محمد إماما مفترض الطاعة معروفا بعينه ؟ قال : قلت : نعم فكان أبوك أحدهم قال : ويحك فما كان يمنعه من أن يقول لي فوالله لقد كان يؤتى بالطعام الحار فيقعدني على فخذه ويتناول البضعة فيبردها ثم يلقمنيها أفتراه كان يشفق علي من حر الطعام ولا يشفق علي من حر النار ؟ ! قال : قلت : كره أن يقول فتكفر فيجب من الله عليك الوعيد ، ولا يكون له فيك شفاعة فتركك مرجئا لله فيك المشية وله فيك الشفاعة .
قال : وقال أبوحنيفة لمؤمن الطاق - وقد مات جعفربن محمد عليه السلام - : يا أبا جعفر إن إمامك قد مات ! فقال أبوجعفر : لكن إمامك من المنظرين إلى يوم الوقت المعلوم ( 2 ) .
9 - كش : محمد بن مسعود ، عن أبي يعقوب إسحاق بن محمد ، عن أحمد بن صدقة ، عن أبي مالك الاحمسي قال : خرج الضحاك الشاري بالكوفة فحكم وتسمى بامرة المؤمنين ، ودعا الناس إلى نفسه ، فأتاه مؤمن الطاق فلما رأته الشراة وثبوا في وجهه فقال لهم جانح قال : فاتي به صاحبهم فقال له مؤمن الطاق : أنا رجل على
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 405 سطر 19 الى ص 414 سطر 8 بصيرة من ديني وسمعتك تصف العدل فأحببت الدخول معك فقال الضحاك لاصحابه : إن دخل هذا معكم نفعكم .
قال : ثم أقبل مؤمن الطاق على الضحاك فقال : لم تبر أتم من علي بن أبي طالب واستحللتم قتله وقتاله ؟ قال : لانه حكم في دين الله ، قال : وكل من حكم

___________________________________________________________________
( 1 ) النهاية لابن الاثير ج 1 ص 294 .
( 2 ) رجال الكشى ص 123 .

[406]

في دين الله استحللتم قتله وقتاله والبراءة منه ؟ قال : نعم ، قال فأخبرني عن الدين الذي جئت اناظرك عليه لادخل معك فيه إن غلبت حجتي حجتك أو حجتك حجتي من يوقف المخطئ على خطائه ويحكم للمصيب بصوابه ؟ فلا بدلنا من إنسان يحكم بيننا ، قال : فأشار الضحاك إلى رجل من أصحابه فقال : هذا الحكم بيننا فهو عالم بالدين قال : وقد حكمت هذا في الدين الذي جئت اناظرك فيه ؟ قال : نعم فأقبل مؤمن الطاق على أصحابه فقال : إن هذا صاحبكم قد حكم في دين الله فشأنكم به فضربوا الضحاك بأسيافهم حتى سكت ( 1 ) .
بيان : جانح أي أنا مائل إليكم من قوله تعالى " وإن جنحوا للسلم فاجنح لها " ( 2 ) .
وفي بعض النسخ صالح .
10 - كش : محمد بن مسعود ، عن الحسين بن أشكيب ، عن الحسن بن الحسين عن يونس ، عن أبي جعفر الاحول قال : قال ابن أبي العوجاء مرة : أليس من صنع شيئا وأحدثه حتى يعلم أنه من صنعته فهو خالقه ؟ قلت : بلى ، قال : فأخلني شهرا أو شهرين ثم تعال حتى اريك ، قال : فحججت فدخلت على أبي عبدالله عليه السلام فقال : أما إنه قد هيألك شاتين وهو جاء معه بعدة من أصحابه ثم يخرج لك الشاتين قد امتلئا دودا ويقول لك هذا الدود يحدث من فعلي فقل له : إن كان من صنعك وأنت أحدثته فميز ذكوره من إناثه ، وأخرج إلي الدود فقلت له : ميز الذكور من الاناث فقال : هذه والله ليست من إبرازك ، هذه التي حملتها الابل من الحجاز .
ثم قال : ويقول لك : أليس تزعم أنه غني فقل : بلى ، فيقول : أيكون الغني عندك من المعقول في وقت من الاوقات ليس عنده ذهب ولافضة ؟ فقل له : نعم فانه سيقول لك كيف يكون هذا غنيا ؟ فقل : إن كان الغنى عندك أن يكون الغني غنيا من قبل فضته وذهبه وتجارته فهذا كله مما يتعامل الناس به فأي القاس أكثر وأولى بأن يقال غني من أحدث الغنى فأغنى به الناس قبل أن يكون شئ وهو وحده

___________________________________________________________________
( 1 ) رجال الكشى ص 124 وفيه صالح بدل جانح .
( 2 ) سورة الانفال الاية : 61 .

[407]

أو من أفاد مالا من هبة أو صدقة أو تجارة ؟ قال : فقلت له ذلك ، قال فقال : وهذه والله ليست من إبرازك ، هذه والله مما تحلمها الابل .
وقيل : إنه دخل على أبي حنيفة يوما فقال له أبوحنيفة : بلغني عنكم معشر الشيعة شئ ؟ فقال : فما هو ؟ قال : بلغني أن الميت منكم إذا مات كسرتم يده اليسرى لكي يعطى كتابه بيمينه ، فقال : مكذوب علينا يا نعمان ولكني بلغني عنكم معشر المرجئة أن الميت منكم إذا مات قمعتم في دبره قمعا فصببتم فيه جرة من ماء لكي لا يعطش يوم القيامة فقال أبوحنيفة : مكذوب علينا وعليكم ( 1 ) .
11 - كش : محمد بن مسعود ، عن علي بن محمد بن يزيد ، عن الاشعري ، عن إبراهيم بن هاشم ، عن محمد بن حماد ، عن الحسن بن إبراهيم ، عن يونس بن عبد الرحمان ، عن يونس بن يعقوب ، عن هشام بن سالم قال : كنا عند أبي عبدالله عليه السلام جماعة من أصحابه ، فورد رجل من أهل الشام فاستأذن فأذن له ، فلما دخل سلم فأمره أبوعبدالله عليه السلام بالجلوس .
ثم قال له : ما حاجتك أيها الرجل ؟ قال بلغني أنك عالم بكل ما تسأل عنه فصرت إليك لاناظرك فقال أبوعبدالله عليه السلام فيما ذا ؟ قال : في القرآن وقطعه و إسكانه وخفضه ونصبه ورفعه فقال أبوعبدالله عليه السلام : يا حمران دونك الرجل .
فقال الرجل : إنما اريدك أنت لاحمران فقال أبوعبدالله عليه السلام : إن غلبت حمران فقد غلبتني فأقبل الشامي يسأل حمران حتى ضجر ومل وعرض وحمران يجيبه ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : كيف رأيت يا شامي ؟ ! قال : رأيته حاذفا ما سألته عن شئ إلا أجانبي فيه ، فقال أبوعبدالله عليه السلام : يا حمران سل الشامي ، فما تركه يكشر فقال الشامي : أرأيت يا أبا عبدالله اناظرك في العربية فالتفت أبوعبدالله عليه السلام فقال : يا أبان بن تغلب ناظاره فناظره فما ترك الشامي يكشر ، قال : اريد أن اناظرك في الفقه فقال أبوعبدالله عليه السلام : يا زرارة ناظره فما ترك الشامي يكشر قال : اريد أن اناظرك في الكلام ، فقال : يا مؤمن الطاق ناظره فناظره فسجل الكلام

___________________________________________________________________
( 1 ) رجال الكشى ص 125 .

[408]

بينهما ، ثم تكلم مؤمن الطاق بكلامه فغلبه به .
فقال : اريد أن اناظرك في الاستطاعة فقال للطيار : كلمه فيها قال : فكلمه فما ترك يكشر ، فقال اريد اناظرك في التوحيد فقال لهشام بن سالم : كلمه فسجل الكلام بينهما ثم خصمه هشام ، فقال اريد أن أتكلم في الامامة فقال : لهشام بن الحكم كلمه يا أبا الحكم فكلمه ما تركه يرتم ولا يحلي ولا يمر ، قال : فبقي يضحك أبوعبدالله عليه السلام حتى بدت نواجده .
فقال الشامي : كانك أردت أن تخبرني أن في شيعتك مثل هؤلاء الرجال ؟ قال : هو ذلك ، ثم قال يا أخا أهل الشام أما حمرن فحرفك فحرت له فغلبك بلسانه وسألك عن حرف من الحق فلم تعرفه ، وأما أبان بن تغلب فمغث حقا بباطل فغلبك .
وأما زرارة فقاسك فغلب قياسه قياسك ، وأما الطيار فكان كالطير يقع ويقوم وأنت كالطير المقصوص [ لا نهوض لك ] ( 1 ) وأما هشام بن سالم قام حبارى يقع ويطير وأما هشام بن الحكم فتكلم بالحق فما سوغك بريقك ، يا أخا أهل الشام إن الله أخذ ضغثا من الحق وضغثا من الباطل فمغثهما ثم أخرجهما إلى الناس ، ثم بعث أنبياء يفرقون بينهما ، فعرفها الانبياء والاوصياء فبعث الله الانبياء ليفرقوا ذلك وجعل الانبياء قبل الاوصياء ليعلم الناس من فضل الله ومن يختص ، ولو كان الحق على حدة والباطل على حدة كل واحد منهما قائم بشأنه ما احتاج الناس إلى نبي ولا وصي ، ولكن الله خلطهما وجعل يفرقهما الانبياء والائمة عليهم السلام من عباده .
فقال الشامي : قد أفلح من جالسك فقال أبوعبدالله عليه السلام : كان رسول الله صلى الله عليه وآله يجالسه جبرائيل وميكائيل وإسرافيل يصعد إلى السمآء فيأتيه الخبر من عند الجبار ، فإن كان ذلك كذلك فهو كذلك ، فقال الشامي : اجعلني من شيعتك و علمني فقال أبو عبدالله عليه السلام لهشام : علمه فإني احب أن يكون تلماذا لك .
قال علي بن منصور وأبومالك الخضرمي : رأينا الشامي عند هشام بعد موت

___________________________________________________________________
( 1 ) مابين القوسين زيادة من المصدر .

[409]

أبي عبدالله عليه السلام ويأتي الشامي بهدايا أهل الشام وهشام يرده هدايا أهل العراق قال علي بن منصور وكان الشامي ذكي القلب ( 1 ) .
بيان : قوله عرض أي تعب ووقف من قولهم عرضت الناقة بالكسر ، أي أصابها كسر ، أو عن قولهم عرض الشاء بالكسر أيضا أي انشق من كثرة العشب وكشر عن أسنانه يكشر أبدى ، والكشر التبسم ، وقال الجزري السجل الدلو الملاى ماء ويجمع على سجال ، ومنه الحديث : والحرب بيننا سجال أي مرة لنا ومرة علينا ، وقال : يقال سجلت الماء سجلا إذا صببته صبا متصلا ( 2 ) ويقال : ما رتم فلان بكلمة : ما تكلم بها ذكره الجوهري ( 3 ) .
وقال : يقال ما أمر ولا أحلى : إذا لم يقل شيئا ، والمغث المرس في الماء والمزج وقوله عليه السلام ماسوغك بريقك أي ما ترك ريقك سيوغ ويدخل حلقك .
12 - كش : محمد بن مسعود ، عن جعفر بن أحمد ، عن العمركي ، عن أحمد بن شيبه ، عن يحيى بن المثنى ، عن علي بن الحسن بن رباط ، عن حريز قال : دخلت على أبي حنيفة وعنده كتب كادت تحول فيما بيننا وبينه فقال لي : هذه الكتب كلها في الطلاق وأنتم - وأقبل يقلب بيده - قال : قلت : نحن نجمع هذا كله في حرف قال : وماهو ؟ قلت : قوله تعالى " يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة " ( 4 ) فقال لي : وأنت لا تعلم شيئا إلا برواية ؟ قلت : أجل ، فقال لي : ما تقول في مكاتب كانت مكاتبته ألف درهم فأدى تسعمائة وتسعة وتسعين درهما ثم أحدث - يعني الزنا - كيف تحده ؟ فقلت : عندي بعينها حديث حدثني محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليهما السلام أن عليا عليه السلام كان يضرب بالسوط وبثلثه وبنصفه وببعضه بقدر أدائه ، فقال لي : أما إني أسألك عن مسألة لا يكون فيها شئ ، فما تقول في

___________________________________________________________________
( 1 ) رجال الكشى ص 187 .
( 2 ) النهاية ج 2 ص 148 .
( 3 ) الصحاح ج 5 ص 1927 طبع دار الكتاب العربى بمصر .
( 3 ) سورة الطلاق الاية 1 .

[410]

جمل اخرج من البحر فقلت : إن شاء فليكن جملا وإن شاء فليكن بقرة إن كان عليه فلوس أكلناه وإلا فلا ( 1 ) .
13 - ختص : جعفر بن الحسين المؤمن ، عن حيدر بن محمد بن نعمى ، وحدثنا ابن قولويه عن ابن العياشي ، عن جعفر بن أحمد مثله ( 2 ) .
14 - كش : حمدويه ، عن محمد بن عيسى ، عن ابن فضال ، عن ابن بكير ، عن محمد بن مسلم ، قال : إني لنائم ذات ليلة على سطح إذ طرق الباب طارق ، فقلت : من هذا ؟ فقال : شريك يرحمك الله ، فأشرفت فاذا امرأة فقالت لي بنت عروس ضربها الطلق ، فما زالت تطلق حتى ماتت ، والولد يتحرك في بطنها ، ويذهب ويجئ فما أصنع ؟ فقلت : يا أمة الله سئل محمد بن علي بن الحسين الباقر عليهم السلام عن مثل ذلك فقال : يشق بطن الميت ويستخرج الولد ، يا أمة الله افعلي مثل ذلك ، أنا يا أمة الله رجل في ستر ، من وجهك إلي ؟ قال : قالت لي : رحمك الله جئت إلى أبي حنيفة صاحب الرأي فقال لي : ما عندي فيها شئ ، ولكن عليك بمحمد بن مسلم الثقفي ، فانه يخبرك ، فما أفتاك به من شئ فعودي إلي فأعلمنيه ، فقلت لها : امضي بسلامة ، فلما كان الغد خرجت إلى المسجد وأبوحنيفة يسأل عنها أصحابه فتنحنحت فقال : اللهم غفرا دعنا نعيش ( 3 ) .
15 - قب : عن محمد بن مسلم مثله ( 4 ) .
16 - ختص : أحمد بن محمد بن يحيى ، عن سعد ، عن أحمد بن محمد ، عن ابن فضال مثله ( 5 ) .
بيان : الغفر الستر .

___________________________________________________________________
( 1 ) رجال الكشى ص 244 .
( 2 ) الاختصاص ص 206 .
( 3 ) رجال الكشى ص 108 .
( 4 ) المناقب ج 3 ص 331 .
( 5 ) الاختصاص ص 203 .

[411]

17 - كا : علي رفعه قال : سأل أبوحنيفة أبا جعفر محمد بن النعمان صاحب الطاق فقال له : يا أبا جعفر ما تقول في المتعة أتزعم أنها حلال ؟ قال : نعم ، قال : فما منعك أن تأمر نساءك أن يستمتعن ، ويكتسبن عليك ؟ فقال له أبوجعفر : ليس كل الصناعات يرغب فيها ، وإن كانت حلالا ، وللناس أقدار ومراتب ، يرفعون أقدارهم ، ولكن ما تقول يا أبا حنيفة في النبيذ أتزعم أنه حلال ؟ قال : نعم ، قال : فما يمنعك أن تقعد نساءك في الحوانيت نباذات فيكسبن عليك ؟ فقال أبوحنيفة : واحدة بواحدة ، وسهمك أنفذ ، ثم قال له : يا أبا جعفر إن الآية التي في سأل سائل تنطق بتحريم المتعة ، والرواية عن النبي صلى الله عليه وآله قد جاءت بنسخها ، فقال له أبوجعفر عليه الصلاة والسلام : يا أبا حنيفة إن سورة سأل سائل مكية ، وآية المتعة مدنية وروايتك شاذة ردية ، فقال له أبوحنيفة : وآية الميراث أيضا تنطق بنسخ المتعة .
فقال أبوجعفر عليه السلام : قد ثبت النكاح بغير ميراث ، قال أبوحنيفة : من أين قلت ذاك ؟ فقال أبوجعفر : لو أن رجلا من المسلمين تزوج امرأة من أهل الكتاب ، ثم توفي عنها ما تقول فيها ؟ قال : لا ترث منه قال : فقد ثبت النكاح بغير ميراث ثم افترقا ( 1 ) .
18 - كا : الحسين بن محمد ، عن السياري قال : روي عن ابن أبى ليلى أنه قدم إليه رجل خصما له فقال : إن هذا باعني هذه الجارية فلم أجد على ركبها حين كشفتها شعرا ، وزعمت أنه لم يكن لهاقط ، قال : فقال له ابن أبي ليلى : إن الناس ليحتالون لهذا بالحيل ، حتى يذهبوا به ، فما الذي كرهت ؟ قال : أيها القاضي إن كان عيبا فاقض لي به قال : اصبر حتى أخرج إليك فإني أجد أذى في بطني ، ثم دخل وخرج من باب آخر ، فأتى محمد بن مسلم الثقفي فقال له : أي شئ تروون عن أبي جعفر في المرأة لا يكون على ركبها شعر ، أيكون ذلك عيبا فقال له محمد بن مسلم : أما هذا نصا فلا أعرفه ، ولكن حدثني أبوجعفر عن أبيه ، عن

___________________________________________________________________
( 1 ) الكافى ج 5 ص 450 .

[412]

آبائه ، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال : كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب فقال له ابن أبي ليلى : حسبك ، ثم رجع إلى القوم ، فقضى لهم بالعيب ( 1 ) .
19 - ما : جماعة ، عن أبي المفضل ، عن إبراهيم بن حفص العسكري ، عن عبيد بن الهيثم ، عن الحسن بن سعيد ابن عم شرى ، عن شريك بن عبدالله القاضي قال : حضرت الاعمش في علته التي قبض فيها فبينا أنا عنده إذ دخل عليه ابن شبرمة وابن أبي ليلى وأبوحنيفة ، فسألوه عن حاله ، فذكر ضعفا شديدا ، وذكر ما يتخوف من خطيئاته ، وأدركته رنة فبكى ، فأقبل عليه أبوحنيفة فال : يا أبا محمد اتق الله وانظر لنفسك ، فإنك في آخر يوم من أيام الدنيا ، وأول يوم من أيام الآخرة وقد كنت تحدث في علي بن أبي طالب عليه السلام بأحاديث لو رجعت عنها كان خيرا لك قال الاعمش : مثل ماذا يا نعمان ؟ قال : مثل حديث عباية أنا قسيم النار ، قال : أو لمثلي تقول يا يهودي ، أقعدوني سندوني ، أقعدوني .
حدثني والذي إليه مصيري موسى بن طريف ، ولم أر أسديا كان خيرا منه قال : سمعت عباية بن ربعي إمام الحي قال : سمعت عليا أمير المؤمنين عليه السلام يقول : أنا قسيم النار ، أقول هذا وليي دعيه ، وهذا عدوي خذيه .
وحدثني أبوالمتوكل الناجي في امرأة الحجاج ، وكان يشتم عليا عليه السلام شتما مقذعا - يعني الحجاج لعنه الله - عن أبي سعيد الخدري - ره - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : إذا كان يوم القيامة يأمر الله عزوجل فأقعد أنا وعلي على الصراك ، و يقال : لنا أدخلا الجنة من آمن بي وأحبكما ، وأدخلا النار من كفربي و أبغضكما ، قال أبوسعيد : قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ما آمن بالله من لم يؤمن بي ، ولم يؤمن بي من لم يتول - أو قال : لم يحب - عليا .
وتلا " ألقيا في جهنم كل كفار عنيد " ( 2 ) .

___________________________________________________________________
( 1 ) نفس المصدر ج 5 ص 215 .
( 2 ) سورة ق ، الاية 24 .

[413]

قال : فجعل أبوحنيفة إزاره على رأسه وقال : قوموا بنا لا يجيئا أبومحمد بأطم من هذا ، قال الحسن بن سعيد : قال لي شريك بن عبدالله : فما أمسى يعني الاعمش حتى فارق الدنيا رحمه الله ( 1 ) .

___________________________________________________________________
( 1 ) أمالى ابن الشيخ الطوسى ص 43 وفيه ذكر خصوصيات السند .
تمت - ولله الحمد والمنة - مراجعة هذا الجزاء المختص بأحوال سيدنا الامام أبي عبدالله الصادق عليه السلام على جل مصادره مما وقع بيدى وتيسرت لى مراجعته ونسأل الله التوفيق لا كمال الجزء المختص بأحوال سيدنا الامام أبى الحسن موسى بن جعفر عليه السلام كما نرجو منه سبحانه القبول والاثابة انه ولى ذلك ، وأنا الاقل محمد مهدى السيد حسن الموسوى الخرسان .

[414]

بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين وله الحمد الحد لله رب العالمين والصلاة والسلام على عباده الذين اصطفى محمد وآله الطيبين الطاهرين واللعنة الدائمة على أعدائهم أجمعين .
وبعد فقد تم بحمدالله ومنه شرف مراجعة الجزء السادس والاربعين - حسب تجزئة سيادة الناشر المحترم - من موسوعة بحار الانوار الجليلة ، وكان مختصا بأحوال الامامين الهمامين أبي محمد علي بن الحسين وابنه أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليهما السلام ، وقد بذلت جهدي في تيسير ما يعين القراي من شرح ما يحتاج إلى بيان ، وتعيين صفحات المصادر ، ولما كان سيادة الناشر المحترم في ايران وأنا في
-بحار الانوار مجلد: 43 من ص 414 سطر 9 الى ص 416 سطر 10 النجف الاشرف ، فقد عهد بتصحيحه المطبعي إلى بعض مصححيه ، فأضاف ذلك من عنده بعض الحواشي ورمز لها - مشكورا - برمزه الخاص ، فكان منها ما هو في غير محله ، لذلك أحببت التنويه بذلك ، ليكون كل مسؤولا عما كتب .
أما الآن ونحن على أبواب هذا الجزء - السابع والاربعين حسب تجزئة سيادة الناشر المحترم - ولا أظن بحاجة ماسة إلى تعريف المؤلف أو المؤلف بعد أن سبق التعريف بكل منهما في بعض الاجزاء السابقة ، كما أراني في غنى عن التقديم لموضوع هذا الجزاء الذي يضم بين دفتيه سيرة سيد من أكابر سادات أهل البيت وهو سادس أئمة المسلمين المعصومين وخلفاء الله في العالمين ، ومن أذعن بفضله خصومه فضلا عن مواليه ، وأثنى عليه أئمة المذاهب الاسلامية الاخرى معترفين بفضله عليهم ، وأخذهم عنه ، كما تجده مفصلا في هذا الجزء .

[415]

أما اسلوبنا في مراجعته فهو لا يختلف عما سبق في سالفه ، وإني لاعترف بكبير الفضل الذي أولانيه سماحة آية الله سيدي الوالد دام ظله فيما كنت أسترشده وأستعينه في إنجاز هذا العمل المضني لتشتت مصادره وتشعب موارده فطالما سهر ليله وأجهد نفسه في تيسير بعض ما صعب علي كشفه ، فجزاه الله عن الاسلام وأهله خيرا الجزاء .
كما لا يفوتني التنويه بجهود العلامة الاخ السيد محمد رضا الخرسان سلمه الله حيث شارك في انجاز عملي هذا وأرجو من الله تعالى وحده ان يتولى جزاء الجميع فمنه التوفيق ومنه العون وهو ولي ذلك انه سميع مجيب .
محمد مهدي السيد حسن الخرسان النجف الاشرف 10 رجب المرجب سنة 1385

[416]

بسمه تعالى شأنه إلى هنا انتهى الجزاء السابع والاربعون من كتاب بحار الانوار من هذه الطبعة النفيسة ، وهو الجزاء الثاني من المجلد الحادي عشر ، يحتوي على تاريخ الامام أبي عبدالله جعفر الصادق عليه الصلاة والسلام .
ولقد بذلنا جهدنا في تصحيحه ومقابلته عند الطباعة وبالغنا في ذلك ، والله المن على توفيقه لذلك ، وهو الموفق والمعين .
السيد ابراهيم الميانجى محمد الباقر البهبودى