فهرس الكتاب

مكتبة الإمام الصادق (ع)

 

حُسن الجوار

مِن أدب المرء ورجحان نهاه حُسن الجوار، وهو خُلق فاضل يدعو اليه

{ 66 }

العقل، وكانت العرب تتفاخر فيه وتناضل عن الجار ما استطاعت، وقد أقرَّ الاسلام تلك السجيّة النبيلة، وزاد في تقديرها والحثّ عليها، فكانت وصايا النبي صلّى اللّه عليه وآله متوالية فيه، حتّى قال أمير المؤمنين عليه السلام : ما زال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله يوصينا بالجار حتّى ظننا أنه سيورّثه.

وعلى هذا المنوال نسج بنوه فقال صادقهم عليه السلام في وصيّة له : عليكم بتقوى اللّه - إِلى أن قال - وحُسن الخُلق وحُسن الجوار(1).

وتكرّرت منه هذه الوصيّة في عدَّة مواطن حتّى عَيّر تاركيه، فقال عليه السلام : أما يستحي الرجل منكم أن يعرف جارُه حقّه ولا يعرف حقّ جاره(2).

بل أخرج عنهم من لم يُحسن مجاورة جاره، فقال عليه السلام من حديث : وليس منّا من لم يُحسن مجاورة من جاوره(3).

______________________________

(1) الوسائل، باب وجوب عشرة الناس : 11/156/8.

(2) المصدر السابق : 8/399/4.

(3) الوسائل، باب استحباب حسن المعاشرة : 8/489/5.

 

قبول النصح

إِن رجاحة عقل الفتى تُعرف بالإصغاء للنُّصح، والأخذ بقول الناصح، لأن الجاهل تأخذه الحميّة فلا يستمع للنُّصح، ظنّاً منه أن الناصح يكشف له عن عيوبه، ولا يرضى الجاهل أن يقف على نقص في نفسه، وقد فاته أن انكشاف عيوبه لديه يحثّه على سترها بالإصلاح، ولذا قال الصادق عليه السلام - تعليماً لنا وإِلا فهو المنزَّه عن النقص - :

أحبّ اخواني إِليّ من أهدى إِليّ عيوبي(4).

_____________________________

(4) الوسائل، باب استحباب قبول النصح : 8/413/2.

{ 67 }

أقول : وكيف لا يكون أحبّهم اليه، وهو يريد به أن يتخلّى عن الرذيلة ويتحلّى بالفضيلة، والحُسن تلك الخِلّة من الأخ جعل ذلك الكشف عن العيوب هديّة، وهذه هي الغاية القصوى بالترغيب في هذه الخلّة للاخوان وتبادلها بينهم.

وقد جعل قبول النُّصح للمؤمن أمراً لا غنى عنه، فقال عليه السلام : لا يستغني المؤمن عن خِصلة به، والحاجة الى ثلاث خِصال : توفيق من اللّه عزّ وجلّ، وواعظ من نفسه، وقبول من ينصحه(1).

_____________________________

(1) الوسائل : 8/413/3.

 

المشاورة

إِن مَن يشاور ذوي البصائر تتجلّى له أوجه المداخل والمخارج، وينكشف له الحجاب عن سُبُل النجاح، وينحاد عن مزالق الأخطار، وقد كشف لنا أبو عبد اللّه عليه السلام عن هذه الحقيقة فقال : «لن يهلك امرؤ عن مشورة»(2) وأرشدنا الى المستشار في الغوامض من العوارض فقال : «ما يمنع أحدكم اذا ورد عليه ما لا قِبل له به أن يستشير رجلاً عاقلاً له دين وورع»(3).

وزاد في شروط الاستشارة والمستشار فقال عليه السلام : إِن المشورة لا تكون إِلا بحدودها فمن عرفها بحدودها وإِلا كانت مضرَّتها على المستشير اكثر من منفعتها، فأوّلها أن يكون الذي تشاوره عاقلاً، والثانية أن يكون حُرّاً متديّناً، والثالثة أن يكون صديقاً مواخياً، والرابعة أن تطلعه على سرّك فيكون علمه به كعلمك بنفسك، ثمَّ يسرّ لك ويكتمه، فإنه اذا كان عاقلاً انتفعت بمشورته،

______________________________

(2) الوسائل، باب استحباب مشاورة أهل الرأي 8/424/4.

(3) نفس المصدر، باب استحباب مشاورة التقيّ العاقل الورع : 8/426/7.

{ 68 }

واذا كان حُرّاً متديّناً أجهد في النصيحة لك، واذا كان صديقاً مواخياً كتم سرّك اذا اطلعته عليه، واذا اطلعته على سرّك فكان علمه به كعلمك به، تمّت المشورة، وكملت النصيحة(1).

وحذَّر عليه السلام من مخالفة المستشار اذا كان جامعاً للشروط فقال : استشر العاقل من الرجال الورع، فإنه لا يأمر إِلا بخير، وإِيّاك والخلاف فإن مخالفة الورع العاقل مفسدة في الدين والدنيا(2).

وألزم المستشار بالنصح وحذَّره المغبّة إِن لم ينصح فقال عليه السلام : من استشار أخاه فلم ينصحه محض الرأي سلبه اللّه عزّ وجلّ رأيه(3).

وهذه طُرف ممّا اتحف به المستشير والمستشار، اكتفينا بها عن الكثير من كلامه في هذا الباب.

_____________________________

(1) الوسائل : 8/426/8.

(2) الوسائل : 8/426/5.

(3) الوسائل، باب وجوب نصح المستشير 8/427/2.

 

الإكثار من الاخوان

إِن المرء كثير بأخيه، لأنه عون في النوائب، ومُواسٍ في البأساء وأنيسٌ في الوحشة، وأليفٌ في الغربة، ومُشيرٌ عند الحيرة، ومسدّد عند السقطة، حافظْ عند الغيبة، الى ما يعجز القلم عن العدّ لفوائده، ولهذا أمر الصادق عليه السلام بالإكثار منهم، وأشار الى الجدوى من اتخاذهم، فقال عليه السلام :

اكثر من الأصدقاء في الدنيا فإنهم ينفعون في الدنيا والآخرة، أمّا الدنيا فحوائج يقومون بها، وأمّا الآخرة فإن أهل جهنم قالوا : فما لنا من شافعين ولا صديق حميم(4).

______________________________

(4) الوسائل، باب استفادة الاخوان والأصدقاء : 8/407/5.

{ 69 }

ولعلّ قصده عليه السلام من النفع في الآخرة أن الصديق في اللّه صاحب العقل والدين لا يرشد صديقه إِلا إِلى صالح الدارين، فيستنقذه بالهداية والنُّصح من العطب، وأيّ نفع في الآخرة اكبر من هذا.

أو لأنه يستفيد من دعائه لاُخراه كما قال في حديث آخر : استكثروا من الاخوان فإن لكلّ مؤمن دعوة مستجابة.

أو لأنه يستشفع به كما قال عليه السلام : استكثروا من الاخوان فإن لكلّ مؤمن شفاعة، وقال عليه السلام : اكثروا من مؤاخاة المؤمنين فإن لهم عند اللّه يداً يكافيهم بها يوم القيامة(1).

بل إِن الأخ المؤمن جدير بأن يجمع هذه الخلال كلّها في هذه الدانية وتلك الباقية.

_____________________________

(1) الوسائل : 8/408/7.

 

الإغضاء عن الاخوان

إِن العصمة لا تكون في البشر كلّهم، فمَن الذي لا يخطأ ولا يسهو ولا يغفل ولا ينسى، فيستحيل أن تظفر بصديقٍ خالٍ من عيب أو رفيقٍ منزَّه عن سقطة، فمَن أراد الاكثار من الأصدقاء لا بدّ له من أن يتغاضى عن عيوبهم ويتغافل عن مساوئهم ومن هنا قال عليه السلام : وأنّى لك بأخيك كلّه أيّ الرجال المهذب(2) وقال : من لم يواخ من لا عيب فيه قلّ صديقه(3).

واذا أراد المرء بقاء المودّة من أخيه فلا يستقص عليه كما قال عليه السلام :

______________________________

(2) الوسائل، باب استحباب الإغضاء عن الاخوان : 8/458/1.

(3) بحار الأنوار : 78/278.

{ 70 }

الاستقصاء فرقة(1) وكما قال : لا تفتّش الناس فتبقى بلا صديق(2).

بل يجب على ذي الخبرة والتجارب أن يقنع من أخيه بما دون ذلك إِبقاءً للودّ، كما قال عليه السلام : ليس من الإنصاف مطالبة الاخوان بالإنصاف، ومَن لم يرض من صديقه إِلا بإيثاره على نفسه دام سخطه(3).

نعم إِن العتاب لا يخدش في بقاء الاُلفة والوداد، بل ربّما جلا درَن الصدور، وأزاح الحقد الكامن في القلوب، إِلا أن يكثر فينعكس الحال فلذلك قال عليه السلام : من كثر تعتيبه قلّ صديقه، وقال : ومن عاتب على كلّ ذنب دام تعتيبه(4).

______________________________

(1) بحار الأنوار : 78/253/109.

(2) الوسائل، باب استحباب الاغضاء عن الإخوان : 8/458/2.

(3) نفس المصدر : 8/458/3.

(4) بحار الأنوار : 78/278.

 

حقوق الاخوان

إِن للاخوان حقوقاً جمّة يفوت حصرها، ولا نريد الاستقصاء لما جاء عنها في هذا الصدد، ولكن نذكر حديثاً واحداً فحسب، وبه الكفاية لو عمل به الأخ في شأن أخيه، قال للمعلّى بن خنيس بعد أن ذكر أن له سبع حقوق : أيسر حقّ منها : أن تحبّ له ما تحبّ لنفسك وتكره له ما تكره لنفسك، والحقّ الثاني : أن تجتنب سخطه، وتتّبع مرضاته، وتطيع أمره، والحقّ الثالث : أن تعينه بنفسك ومالك ولسانك ويدك ورجلك، والحقّ الرابع، أن تكون عينه ودليله ومرآته، والحقّ الخامس، ألا تشبع ويجوع، ولا تروى ويظمأ، ولا تلبس ويعرى، والحقّ السادس : أن يكون لك خادم وليس لأخيك خادم فواجب أن

{ 71 }

تبعث خادمك فتغسل ثيابه وتصنع طعامه وتمهد فراشه، والحقّ السابع : أن تبرّ قسَمَه، وتجيب دعوته، وتعود مريضه، وتشهد جنازته، وإِذا علمت أنّ له حاجة تبادر إِلى قضائها، ولا تلجئه الى أن يسألكها، ولكن تبادره مبادرة، فاذا فعلت ذلك وصلت ولايتك بولايته، وولايته بولايتك(1).

أقول : وأنّى لنا بالقيام بهذه الحقوق، ولئن كنّا قادرين على أدائها وعلى العمل بها فإن النفوس لأمّارة بالسوء، وحبّ الذات والأنانيّة تحول دون الشعور بمثل هذه الفضائل فضلاً عن فعلها.

_____________________________

(1) الوسائل، باب وجوب اداء حقّ المؤمن 8/544/7.

 

مواساة الاخوان

ذكرنا في العنوان السالف حقوق الاخوان ومنها المواساة، غير أنه جاء لها ذكر خاصّ في أحاديثه فقال عليه السلام : انظر ما أصبت فعد به على اخوانك(2) وقال عليه السلام : تقرّبوا الى اللّه بمواساة إخوانكم(3).

ولمّا كانت المواساة شديدة على النفوس جدّاً قال أبو عبد اللّه عليه السلام : وإِن من أشدّ ما افترض اللّه على خلقه ثلاثاً : إِنصاف المؤمنين من نفسه حتّى لا يرضى لأخيه المؤمن من نفسه إِلا بما يرضى لنفسه، ومواساة الأخ المؤمن في المال، وذكر اللّه على كلّ حال، وليس سبحان اللّه والحمد للّه، ولكن عندما حرّم اللّه عليه فيدعه(4).

أقول : وحقاً أن تكون هذه الثلاث من أشقّ الأعمال على المرء، لأنها

______________________________

(2) الوسائل، باب استحباب مواساة الاخوان : 8/415/4.

(3) خصال الصدوق طاب ثراه، باب الواحد.

(4) الوسائل، باب استحباب مواساة الاخوان 8/415/5.

{ 72 }

تصادم أشدّ الغرائز والشهوات النفسيّة صرامة وقوّة، من نحو حبّ الذات وحبّ المال والاستعلاء، ولعظم الانصاف والمواساة جعلهما من الفرائض تنزيلاً، وإِن كانا ليسا من الفرض حقيقة.

 

البرّ بالإخوان

إِن البرّ غصن من دوحة المواساة، وقد جاء عن الصادق عليه السلام الحثّ الكثير عليه فقال في وصيّته لجميل بن درّاج : ومن خالص الايمان البرّ بالإخوان، والسعي في حوائجهم، وأن البارّ بالإخوان ليحبّه الرحمن - الى أن يقول - يا جميل اخبر بهذا غرر أصحابك، قال : قلت : جعلت فداك ومَن غرر أصحابي ؟ قال : هم البارّون بالإخوان في العسر واليسر(1).

ويقول في وصيّة لعبد اللّه بن جندب السالفة : أما أنه ما يعبد اللّه بمثل نقل الأقدام الى برّ الإخوان.

ولعظم البرّ بالإخوان عند اللّه تعالى يجهد الشيطان في الحيلولة دونه، قال عليه السلام في هذه الوصيّة : يا ابن جندب إِن للشيطان مصائد يصطاد بها فتحاموا شباكه ومصائده، قال : يا ابن رسول اللّه وما هي ؟ قال : أمّا مصائده فصدّ عن برّ الاخوان.

وما اكثر ما جاء عنه في برّ الإخوان والحثّ عليه وبما ذكرناه كفاية.
______________________________

(1) الوسائل، باب استحباب البرّ بالإخوان.

 

صدق الحديث وأداء الأمانة

كان أبو عبد اللّه عليه السلام يوصي مَن دخل عليه من أصحابه ومن فارقه

{ 73 }

بصدق الحديث وأداء الأمانة، وقد سبق بعضه.

وهاتان الخِلّتان وإِن كانتا من أفضل الصفات بذاتيهما إِلا أن لهما أثراً في الدين جليّاً، وهو المحبوبيّة في النفوس وكثرة التعامل وثقة الناس به وفي ذلك الغنى والثروة، ونذكر لذلك حادثة واحدة وكفى.

قال عليه السلام لعبد الرحمن بن سيابة وقد دخل على الصادق بعد موت أبيه وهو شاب : ألا اوصيك ؟ فقال : بلى جعلت فداك، قال : عليك بصدق الحديث وأداء الأمانة تشرك الناس في أموالهم هكذا - وجمع بين أصابعه - قال : فحفظت الحديث فزكّيت ثلاثمائة الف درهم(1).

أقول : وهذا آخر ما أردت جمعه من وصايا الصادق ونصائحه في شتّى الشؤون التي أرادها لسعادة الناس في الدارين، وفوزهم في الحياتين.

* * *

______________________________

(1) بحار الأنوار : 47/384/107.

 

4 - حِكَمُه

إِن له عليه السلام من طرائف الحِكم وشوارد الكلمات ما يسمو بالنفوس الخيّرة الى صفوف الملائكة ويجلب الناس الى الفضيلة والسعادة وذلك لمن عمل بها وتدبّرها، وقد جمعت شطراً منها مجاهداً في الجمع والانتقاء، قال عليه السلام :

1 : العقل ما عُبد به الرحمن واكتسب به الجنان.

2 : إِن الثواب على قدر العقل.

3 : أكمل الناس عقلاً أحسنهم خُلقاً.

4 : دعامة الإنسان العقل.

5 : العقل دليل المؤمن(1).

6 : كمال العقل في ثلاث : التواضع للّه، وحُسن اليقين، والصمت إِلا من خير.

7 : الجهل في ثلاث : الكبر، وشدَّة المراء(2) والجهل باللّه.

8 : أفضل طبايع العقل العبادة، وأوثق الحديث له العلم، وأجزل حظوظه

______________________________

(1) الكافي، باب العقل.

(2) الجدال.

{ 75 }

الحكمة(1).

9 : كثرة النظر في العلم يفتح العقل(2).

10 : العلم جنّة، والصدق عزّ، والجهل ذلّ، والفهم مجد، والجواد نجح، وحُسن الخُلق مجلبة للمودّة، والعالم بزمانه لا تهجم عليه اللوابس، والحزم مساءة الظن.

11 : إِن شئت أن تكرَم(3) فلِن، وإِن شئت أن تُهان فاخشن.

12 : من كرم أصله لان قلبه، ومن خشن عنصره غلظ كبده.

13 : من فرّط تورّط، ومَن خاف العاقبة تثبّت عن الدخول فيما لا يعلم.

14 : من هجم على أمر بغير علم جدع أنف نفسه(4).

15 : العلماء اُمناء، والأتقياء حصون، والأوصياء سادة(5).

16 : إِن هذا العلم عليه قفل ومفتاحه المسألة(6).

17 : العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق، لا يزيده سرعة السير إِلا بُعداً.

18 : لا يقبل اللّه عملاً إِلا بمعرفة، ولا معرفة إِلا بعمل، فمن عرف دلّته المعرفة على العمل، ومن لم يعمل فلا معرفة له، ألا إِن الايمان بعضه من بعض.

19 : لا يتمّ المعروف إِلا بثلاثة : بتعجيله، وتصغيره، وستره(7).

______________________________

(1) بحار الأنوار : 1/131/24.

(2) بحار الأنوار : 1/159/32.

(3) بالبناء للمفعول.

(4) الكافي، باب العقل.

(5) الكافي، باب صفة العلم وفضله وفضل العلماء.

(6) الكافي، باب سؤال العلم وتذاكره.

(7) حلية الأولياء، عن سفيان الثوري : 3/198.

{ 76 }

20 : ما كلّ من رأى شيئاً قدر عليه، ولا كلّ من قدر على شيء وفّق له، ولا كلّ من وفّق له أصاب موضعاً، فإذا اجتمعت النيّة والمقدرة والتوفيق والإصابة فهناك السعادة.

21 : أربعة أشياء القليل منها كثير : النار، والعداوة، والفقر، والمرض.

22 : صحبة عشرين يوماً قرابة.

23 : من لم يستحِ عند الغيب، ويرعوِ عند الشيب، ويخش اللّه بظهر الغيب فلا خير فيه.

24 : من اكرمك فاكرمه، ومن استخفّ بك فأكرم نفسك عنه.

25 : منع الجود سوء ظنّ بالمعبود.

26 : إِن عيال المرء اُسراؤه، فمن اُنعم عليه فليوسّع على اُسرائه، فإن لم يفعل يوشك أن تزول تلك النعمة عنه.

27 : ثلاثة لا يزيد اللّه بها الرجل المسلم إِلا عزّاً : الصفح عمّن ظلمه، والإعطاء لمن حرمه، والصلة لمن قطعه.

28 : المؤمن إِذا غضب لم يخرجه غضبه عن حقّ، وإِذا رضي لم يدخله رضاه في باطل.

29 : للصداقة خمسة شروط، فمن كانت فيه فانسبوه اليها، ومن لمن تكن فيه فلا تنسبوه الى شيء منها، وهي أن يكون زين صديقه زينه، وسريرته له كعلانيّته، وألا يغيره عليه مال، وأن يراه أهلاً لجميع مودّته، ولا يسلمه عند النكبات(1).

30 : أربع لا ينبغي لشريف أن يأنف منها : قيامه من مجلسه لأبيه،

______________________________

(1) نور الأبصار، للشبلنجي : 141.

{ 77 }

وخدمته لضيفه، وقيامه لدابّته ولو أن له مائة عبد، وخدمته لمن يتعلّم منه.

31 : العلماء اُمناء الرُسل ما لم يأتوا أبواب السلاطين(1).

32 : وكان يتردّد عليه رجل من أهل السواد فانقطع عنه، فسأل عنه، فقال بعض القوم : إِنّه نبطي، يريد أن يضع منه، فقال عليه السلام : أصل الرجل عقله، وحسبه دينه، وكرمه تقواه، والناس في آدم مستوون(2).

33 : المكارم عشر، فإن استطعت أن تكون فيك فلتكن فإنها تكون في الرجل ولا تكون في ولده، وتكون في الولد ولا تكون في أبيه، وتكون في العبد ولا تكون في الحر قيل : وما هي ؟ قال عليه السلام : صِدق الناس، وصدق اللسان، وأداء الأمانة، وصِلة الرحم، وإقراء الضيف، وإِطعام السائل، والمكافاة على الصنائع، والتذمّم للجار، والتذمّم للصاحب، ورأسهنّ الحياء(3).

34 : من صحّة يقين المرء المسلم ألا يُرضي الناس بسخط اللّه، ولا يلومهم على ما لم يؤته اللّه، فإن الرزق لا يسوقه حرص حريص، ولا يردّه كراهة كاره، ولو أن أحدكم فرّ من رزقه كما يفرُّ من الموت لأدركه رزقه كما يدركه الموت.

35 : إِن اللّه بعدله وقسطه جعل الروح والراحة في اليقين والرضا، وجعل الهمّ والحزن في الشكّ والسخط(4).

36 : رأس طاعة اللّه الصبر والرضا عن اللّه فيما أحبّ اللّه للعبد أو كره، ولا يرضى عبد عن اللّه فيما أحبّ أو كره، إِلا كان له خيراً فيما أحبّ أو كره.

______________________________

(1) لواقح الأنوار، للشعراني : 1/28.

(2) تذكرة الخواص، لسبط ابن الجوزي : 343.

(3) الكافي، باب المكارم.

(4) الكافي، باب فضل اليقين.

{ 78 }

37 : إِن أعلم الناس باللّه أرضاهم لقضاء اللّه(1).

38 : لا تغتبّ فتُغتب(2)، ولا تحفر لأخيك حُفرة فتقع فيها، فإنك كما تَدين تُدان(3).

39 : إِيّاكم والمزاح فإنه يذهب بماء الوجه ومهابة الرجال.

40 : لا تمار فيذهب بهاؤك، ولا تمزح فيُجترأ عليك(4).

41 : إِيّاكم والمشارَّة(5) فإنها تورث المعرَّة(6) وتظهر العورة(7).

42 : من لم يستحِ من طلب الحلال خفّت مؤونته، ونعِم أهله(8).

43 : عجبت لمن يبخل بالدنيا وهي مقبلة عليه، أو يبخل عليها وهي مُدبرة عنه، فلا الإنفاق مع الاقبال يضرّه، ولا الإمساك مع الإدبار ينفعه(9).

44 : المسجون من سجنته دنياه عن آخرته(10).

45 : لا تشعروا قلوبكم الاشتغال بما قد فات، فتشغلوا أذهانكم عن الاستعداد لما لم يأت(11).

46 : استنزلوا الرزق بالصدقة، وحصّنوا أموالكم بالزكاة، وما عال من

______________________________

(1) الكافي، باب الرضا بالقضاء.

(2) الفعل الأول بالبناء للفاعل، والثاني للمفعول.

(3) مجالس الصدوق، المجلس /65.

(4) الكافي، باب الدعابة والضحك.

(5) المخاصمة.

(6) الأمر القبيح المكروه.

(7) الكافي، باب المماراة والخصومة والمعاداة.

(8) مجالس الشيخ الطوسي، المجلس /42.

(9) مجالس الصدوق، المجلس /32.

(10) إرشاد الشيخ المفيد طاب ثراه، في أحواله عليه السلام.

(11) الكافي، باب حبّ الدنيا والحرص عليها.

{ 79 }

اقتصد، والتدبير نصف المعيشة، والتودّد نصف العقل، وقلّة العيال أحد اليسارين، ومن أحزن والديه فقد عقّهما، والصنيعة لا تكون صنيعة إِلا عند ذي حسب ودين، واللّه تعالى منزل الصبر على قدر المصيبة، ومنزل الرزق على قدر المؤونة، ومن قدر معيشته رزقه اللّه تعالى، ومن بذر معيشته حرمه اللّه تعالى(1).

أقول : وبعض هذه الفقرات منسوبة الى أمير المؤمنين في نهج البلاغة ولعلّ الصادق عليه السلام ذكرها استشهاداً.

47 : أغنى الغنى من لم يكن للحرص أسيراً(2).

48 : لا شيء أحسن من الصمت، ولا عدوّ أضرّ من الجهل، ولا داء أدوى من الكذب(3).

49 : ثلاثة لا يضرّ معهنّ شيء : الدعاء عند الكرب، والاستغفار عند الذنب، والشكر عند النعمة(4).

50 : المؤمن مألوف، ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف(5).

51 : قيل : ما حدّ حُسن الخُلق ؟ فقال عليه السلام : تلين جناحك، وتطيب كلامك، وتلقى أخاك ببشر.

52 : مَن صدق لسانه زكا عمله، ومَن حسنت نيّته زِيدَ في رزقه، ومَن حَسن برّه بأهل بيته مُدَّ له في عمره(6).

______________________________

(1) حلية الأولياء : 3/194.

(2) الكافي، باب حبّ الدنيا والحرص عليها.

(3) حلية الأولياء : 3/169.

(4) الكافي، باب الشكر.

(5) الكافي، باب حسن الخلق.

(6) الكافي، باب الصدق وأداء الامانة.

{ 80 }

53 : الحياء من الايمان.

54 : من رقّ وجهه رقّ علمه.

55 : لا إِيمان لمن لا حياء له(1).

56 : ثلاث من مكارم الدنيا والآخرة : تعفو عمّن ظلمك، وتصل من قطعك، وتحلم اذا جهل عليك(2).

57 : أيّما أهل بيت اعطوا حظّهم من الرفق فقد وسّع اللّه عليهم في الرزق، والرفق في تقدير المعيشة خير من السعة في المال، والرفق لا يعجز عنه شيء، والتبذير لا يبقى معه شيء، إِن اللّه عزّ وجلّ رفيق يحبّ الرفق.

58 : من كان رفيقاً في أمره نال ما يريد من الناس(3).

59 : من قنع بما رزقه اللّه فهو أغنى الناس.

60 : وشكا اليه رجل أنه يطلب فيصيب ولا يقنع، وتنازعه نفسه الى ما هو اكثر منه، وقال : علّمني شيئاً أنتفع به، فقال أبو عبد اللّه عليه السلام : إِن كان ما يكفيك يغنيك فأدنى ما فيها يغنيك، وإِن كان ما يكفيك لا يغنيك فكلّ ما فيها لا يغنيك(4).

61 : العدل أحلى من الماء يصيبه الظمآن.

62 : ما أوسع العدل وإِن قلّ.

63 : من أنصف الناس من نفسه رضي به حكماً لغيره(5).

______________________________

(1) الكافي، باب الحياء.

(2) الكافي، باب العفو.

(3) الكافي، باب الرفق.

(4) الكافي، باب القناعة.

(5) الكافي، باب الانصاف والعدل.

{ 81 }

64 : شرف المؤمن قيام الليل، وعزّه استغناؤه عن الناس.

65 : طلب الحوائج الى الناس استلاب للعزّ ومذهبة للحياء، واليأس ممّا في أيدي الناس عزّ للمؤمن في دينه، والطمع هو الفقر الحاضر(1).

66 : صِلة الأرحام تحسن الخُلق، وتطيب النفس، وتزيد في الرزق وتنسئ في الأجل(2).

67 : كفى بالحلم ناصراً.

68 : إِذا لم تكن حليماً فتحلَّم(3).

69 : من كفّ يده عن الناس فإنما يكفّ يداً واحدة ويكفُّون أيدي كثيرة(4).

70 : كفى بالمرء اعتماداً على أخيه أن ينزل به حاجته(5).

71 : صدقة يحبّها اللّه : إِصلاح بين الناس اذا تفاسدوا، وتقارب بينهم اذا تباعدوا(6).

72 : من عامل الناس فلم يظلمهم، وحدّثهم فلم يكذبهم، ووعدهم فلم يخلفهم، كان ممّن حرمت غيبته، وكملت مروّته، وظهر عدله، ووجبت اخوّته(7).

______________________________

(1) الكافي، باب الاستغناء عن الناس.

(2) الكافي، باب صلة الرحم.

(3) الكافي، باب الحلم، وهذه الكلمة موجودة في النهج هكذا : إن لم تكن حليماً فتحلّم فانه قلّ من تشبه بقوم إِلا أوشك أن يكون منهم.

(4) الكافي، باب المداراة.

(5) الكافي، باب السعي في حاجة المؤمن.

(6) الكافي، باب طلب الاصلاح بين الناس.

(7) الكافي، باب المؤمن وعلاماته وصفاته.

{ 82 }

73 : من طلب الرياسة هلك(1).

74 : من زرع العداوة حصد ما بذر(2).

75 : الغضب مفتاح كلّ شر.

76 : الغضب ممحقة(3) الحكيم.

77 : من لم يملك غضبه لم يملك عقله(4).

78 : إِن الحسد يأكل الايمان كما تأكل النار الحطب.

79 : آفة الدين الحسد، والعجب، والفخر(5).

80 : ما من أحد يتيه إِلا من ذلّة يجدها في نفسه(6).

81 : ما أقبح بالمؤمن تكون له رغبة تذلّه(7).

82 : إِن السفه خُلق لئيم، يستطيل على من دونه، ويخضع لمن فوقه(8).

83 : إِن ممّا أعان اللّه على الكذّابين النسيان(9).

84 : إِيّاك وسقطة الاسترسال فإنها لا تقال.

______________________________

(1) الكافي، باب طلب الرياسة.

(2) الكافي، باب المماراة والخصومة والمعاداة.

(3) مهلكة.

(4) الكافي، باب الغضب.

(5) الكافي، باب الحسد.

(6) الكافي، باب الكبر، وما أعظمها من كلمة فيها سبر لغور النفوس، فإن من يشعر في دخيلة نفسه بالذلّ والنقص يريد أن يستر هذا النقص بالتيه والكبر، على عكس من يشعر بكمالها وكرامتها فإنه غنيّ بنفسه عن الكبرياء والتعاظم، فكلّ من رأيته يتيه تجبّراً فاعلم أن في نفسه مركّب النقص يدفعه الى ذلك.

(7) الكافي، باب الطمع.

(8) الكافي، باب السفه.

(9) الكافي، باب الكذب.

{ 83 }

85 : إِن خير العباد من يجتمع فيه خمس خصال : أذا أحسن استبشر، واذا أساء استغفر، واذا اُعطي شكر، واذا ابتلي صبر، واذا ظُلم غفر.

86 : وقال له أبو حنيفة : يا أبا عبد اللّه ما أصبرك على الصلاة، فقال عليه السلام : ويحَك يا نعمان أما علمت أن الصلاة قربان كلّ تقي، وأن الحجّ جهاد كلّ ضعيف، ولكلّ شيء زكاة وزكاة البدن الصيام، وأفضل الأعمال انتظار الفرج من اللّه، والداعي بلا عمل كالرامي بلا وتر، فاحفظ هذه الكلمات يا نعمان.

87 : ثلاثة اُقسم باللّه إِنها لحق، ما نقص مال من صدقة ولا زكاة، ولا ظُلم أحد بظلامة بقدر أن يكافئ بها فكظمها إِلا أبدله اللّه مكانها عزّاً، ولا فتح عبد على نفسه باب مسألة إِلا فتح اللّه عليه باب فقر.

88 : مروّة المرء في نفسه نسب لعقبه وقبيلته(1).

89 : سبعة يفسدون أعمالهم : الرجل الحليم ذو العلم الكثير لا يُعرف بذلك ولا يُذكر به، والحكيم الذي يدير(2) ماله كلّ كاذب منكر لما يؤتى اليه، والرجل الذي يأمن ذا المكر والخيانة، والسيّد الفظّ الذي لا رحمة له، والاُمّ التي لا تكتم عن الولد السرّ وتفشي عليه، والسريع الى لائمة إخوانه، والذي لا يزال يجادل أخاه مخاصماً له(3).

90 : لا يطمع ذو الكبر في الثناء الحسن، ولا الخبّ(4) في كثرة الصديق، ولا السّيئ الأدب في الشرف، ولا البخيل في صِلة الرحم، ولا المستهزئ بالناس في

______________________________

(1) كشف الغمّة في أحواله عليه السلام عن ابن الجوزي.

(2) ولعلّها - يدبر -.

(3) خصال الصدوق، باب السبعة.

(4) بفتح وتشديد - الخداع.

{ 84 }

صدق المودّة، ولا القليل الفقه في القضاء، ولا المغتاب في السلامة، ولا الحسود في راحة القلب، ولا المعاقب على الذنب الصغير في السؤدد، ولا القليل التجربة المعجب برأيه في رياسة(1).

91 : مَن كان الحزم حارسه، والصدق جليسه، عظمت بهجته، وتمّت مروّته.

92 : جاهل سخيّ أفضل من ناسك بخيل.

93 : مَن سأل فوق حقّه استحقّ الحرمان.

94 : أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلاً من ظلم من دونه، ولم يصفح عمّن اعتذر اليه.

95 : لا تكوننّ أول مشير، وإِيّاك والرأي الفطير(2).

96 : الاستقصاء فرقة.

97 : الانتقاد عداوة.

98 : قلّة الصبر فضيحة.

99 : إِفشاء السرّ سقوط.

100 : السخاء فطنة.

101 : اللؤم تغافل.

102 : ثلاثة مَن فرَّط فيهنّ كان محروماً : استماحة جواد، ومصاحبة عالم، واستمالة سلطان.

103 : ثلاثة تورث المحبّة : الدين والتواضع والبذل.

______________________________

(1) الخصال، باب العشرة.

(2) بحار الأنوار : 78/228/105.

{ 85 }

104 : مَن برئ من ثلاثة نال ثلاثة : مَن برئ من الشرّ نال العزّ، ومَن برئ من الكبر نال الكرامة، ومَن برئ من البخل نال الشرف.

105 : ثلاثة مكسبة للبغضاء : النفاق، والعجب، والظلم.

106 : مَن لم يكن فيه خصلة من ثلاث لم يُعد نبيلاً، من لم يكن له عقل يزينه، أو جدّة تعينه، أو عشيرة تعضده.

107 : ثلاثة تزري بالمرء : الحسد، والنميمة، والطيش.

108 : ثلاثة لا تُعرف إِلا في ثلاثة مواطن : لا يُعرف الحليم إِلا عند الغضب، ولا الشجاع إِلا عند الحرب، ولا أخ إلا عند الحاجة.

109 : ثلاثة من كنّ فيه فهو منافق وإِن صام وصلّى : مَن إِذا حدَّث كذب، وإِذا وعد أخلف، وإِذا اؤتمن خان.

110 : إِحذر من الناس ثلاثة : الخائن، والظلوم، والنمّام، لأن من خان لك خانك، ومن ظلم لك سيظلمك، ومن نمَّ اليك سينمُّ عليك.

111 : لا يكون الأمين أميناً حتّى يؤتمن على ثلاثة فيؤدّيها : على الأموال، والأولاد، والفروج، وإِن حفظ اثنين وضيّع واحدة فليس بأمين.

112 : لا تشاور أحمق، ولا تستعن بكذّاب، ولا تثق بمودَّة مَلول، فإن الكذّاب يقرّب لك البعيد ويبعّد لك القريب، والأحمق يجهد نفسه ولا يبلغ ما يريد، والملول أوثق ما كنت به خذلك، وأوصل ما كنت له قطعك.

113 : أربعة لا تشبع من أربعة : أرض من مطر، وعين من نظر، واُنثى من ذكر، وعالم من علم.

114 : أربعة تهرم قبل أوان الهرم : أكل القديد(1)، والقعود على النداوة،

______________________________

(1) اللحم اليابس المجفَّف.

{ 86 }

والصعود في الدرج، ومجامعة العجوز.

115 : النساء ثلاث : واحدة لك، وواحدة لك وعليك، وواحدة عليك لا لك، فأمّا التي لك فالمرأة العذراء، وأمّا التي لك وعليك فالثيب، وأمّا التي عليك فهي المتبع(1) التي لها ولد من غيرك.

116 : ثلاثة من كنّ فيه كان سيّداً : كظم الغيظ، والصفح عن المسيء، والصلة بالنفس والمال.

117 : ثلاثة فيهنّ البلاغة : التقرُّب من معنى البُغية، والتبعُّد من حشو الكلام، والدلالة بالقليل على الكثير.

118 : الجهد في ثلاثة : في تبدّل الإخوان، والمنابذة بغير بيان، والتجسّس عمّا لا يعني.

119 : ثلاثة يحجزن عن طلب المعالي : قصر الهمّة، وقلّة الحياء، وضعف الراي.

120 : الحزم في ثلاثة : الاستخدام للسلطان، والطاعة للوالد، والخضوع للمولى.

121 : الاُنس في ثلاثة : في الزوجة الموافقة، والولد البارّ، والصديق المصافي.

122 : من رُزق ثلاثاً نال الغنى الأكبر : القناعة بما اُعطي، واليأس ممّا في أيدي الناس، وترك الفضول.

123 : ثلاثة لا يعذر المرء فيها : مشاورة ناصح، ومداراة حاسد، والتحبّب إِلى الناس.

______________________________

(1) بضم الميم وكسر الباء.

{ 87 }

124 : من لم يرغب في ثلاث ابتلي بثلاث : من لم يرغب السلامة ابتلي بالخذلان، ومن لم يرغب في المعروف ابتلي بالندامة، ومن لم يرغب في الاستكثار من الاخوان ابتلي بالخسران.

125 : ثلاث يجب على كلّ إِنسان تجنّبها : مقارنة الأشرار، ومحادثة النساء، ومجالسة أهل البدع.

126 : ثلاثة تدلًّ على كرم المرء : حُسن الخلق، وكظم الغيظ، وغضّ الطرف.

127 : من وثق بثلاثة كان مغروراً : من صدَّق بما لا يكون، وركن الى من لا يثق به، وطمع فيما لا يملك.

128 : ثلاثة من استعملها أفسد دينه ودُنياه : من ساء ظنّه، وأمكن من سمعه، واعطى قياده حليلته(1).

129 : أفضل الملوك من اُعطي ثلاث خصال : الرأفة، والجود، والعدل.

130 : وليس يجب للملوك أن يفرّطوا في ثلاثة : في حفظ الثغور، وتفقّد المظالم، واختيار الصالحين لأعمالهم.

131 : العاقل لا يستخفّ بأحد، وأحقّ من لا يُستخفّ به ثلاثة : العلماء، والسلطان، والاخوان، لأنه من استخفّ بالعلماء أفسد دينه، ومن استخفّ بالسلطان أفسد دنياه، ومن استخفّ بالاخوان أفسد مروّته.

132 : ثلاثة أشياء يحتاج اليها الناس طرّاً، الأمن، والعدل، والخصب.

133 : ثلاثة تكدر العيش : السلطان الجائر، والجار السوء، والمرأة البذيّة.

134 : لا تطيب السكنى إِلا بثلاثة : الهواء الطيّب، والماء الغزير،

______________________________

(1) زوجته.

{ 88 }

والأرض الخوّارة(1).

135 : ثلاث خِصال من رزقها كان كاملاً : العقل، والجمال والفصاحة.

136 : ثلاثة تورث الحرمان : الإلحاح في المسألة، والغيبة، والهزء.

137 : من طلب ثلاثة بغير حقّ حُرم من ثلاثة بحقّ : من طلب الدنيا بغير حقّ حُرم الآخرة بحقّ، ومَن طلب الرياسة بغير حقّ حُرم الطاعة له بحقّ، ومن طلب المال بغير حقّ حُرم بقاءه له بحقّ.

138 : ثلاثة لا ينبغي للمرء الحازم أن يقدم عليها : شرب السمّ للتجربة وإِن نجا منه، وإِفشاء السرّ للقرابة الحاسد وإِن نجا منه، وركوب البحر وإِن كان الغنى فيه.

139 : لا يستغني أهل كلّ بلد عن ثلاثة يفزع اليهم في أمر دنياهم وآخرتهم، فإن عدموا ذلك كانوا همجاً : فقيهٌ عالم وَرِع، وأمير خيّر مُطاع، وطبيب بصير ثقة.

140 : إِن يسلم الناس من ثلاثة أشياء كانت سلامة شاملة : لسان السوء، ويد السوء، وفعل السوء.

141 : إِذا لم يكن في المملوك خِصلة من ثلاث فليس لمولاه في إِمساكه راحة : دين يرشده، أو أدب يسوسه، أو خوف يردعه.

142 : إِن المرء يحتاج في منزله وعياله الى ثلاث خِلال يتكلّفها وإِن لم يكن في طبعه ذلك : معاشرة جميلة، وسعة بتقدير، وغيرة بتحصّن.

143 : ثلاثة من ابتلي بواحدة منهنّ كان طائح العقل : نعمة مولّية،

______________________________

(1) السهلة اللّيّنة.

{ 89 }

وزوجة فاسدة، وفجيعة بحيبب.

144 : جُعلت الشجاعة على ثلاث طبائع، لكلّ واحدة منهنّ فضيلة ليست للاُخرى : السخاء بالنفس، والأنفة من الذلّ، وطلب الذكر، فإن تكاملت في الشجاع كان البطل الذي لا يقام في سبيله، والموسوم بالاقدام في عصره، وإِن تفاضلت بعضها على بعض كانت شجاعته في ذلك الذي تفاضلت في اكثر.

145 : يجب للوالدين على الولد ثلاثة أشياء : شكرهما على كلّ حال، وطاعتهما فيما يأمرانه به وينهيانه عنه في غير معصية اللّه، ونصيحتهما في السرّ والعلانية.

146 : ويجب للولد على والده ثلاث خِصال : اختيار والدته، وتحسين اسمه، والمبالغة في تأديبه.

147 : السرور في ثلاث خِلال : في الوفاء، ورعاية الحقوق، والنهوض في النوائب.

148 : ثلاثة يستدلّ بها على إِصابة الرأي : حُسن اللقاء، وحُسن الاستماع، وحُسن الجواب.

149 : الرجال ثلاثة : عاقل، وأحمق، وفاجر، فالعاقل إِن كُلّم أجاب، وإِن نطق أصاب، وإِن سمع وعى، والأحمق إِن تكلّم عجل، وإِن حُدِّث ذهل، وإِن حُمل على القبيح فعل، والفاجر إِن ائتمنته خانك، وإِن حدَّثته شانك.

150 : ثلاثة ليس معهنّ غربة : حُسن الأدب، وكفّ الأذى، ومجانبة الريب.

151 : الأيّام ثلاثة : فيوم مضى لا يُدرك، ويوم الناس فيه فينبغي أن يغتنموه، وغداً إِنما في أيديهم أمله.

{ 90 }

152 : من لم يكن فيه ثلاث خِصال لم ينفعه الايمان : حلم يردّ جهل الجاهل، وورع يحجزه عن طلب المحارم، وخُلق يداري به الناس.

153 : الاخوان ثلاثة : مواس بنفسه، وآخر بماله، وهما الصادقان في الإخاء، والآخر يأخذ منك البلغة، ويريدك لبغض اللذَّة، فلا تعدّه من أهل الثقة.

154 : لا يستكمل عبد حقيقة الايمان حتّى تكون فيه خِصال ثلاث : الفقه في الدين، وحُسن التقدير في المعيشة، والصبر على الرزايا(1).

155 : اشكر من أنعم عليك، وأنعم على من شكرك، فإنه لا إِزالة للنعم اذا شكرت، ولا إِقالة(2) لها اذا كفرت.

156 : وقيل له : ما المروَّة ؟ فقال عليه السلام : ألا يراك اللّه حيث ينهاك، ولا يفقدك حيث أمرك.

157 : فوت الحاجة خير من طلبها من غير أهلها، وأشدّ من المصيبة سوء الخلف منها.

158 : قد عجز من لم يعدّ لكلّ بلاءٍ صبراً، ولكل نعمةٍ شكراً، وكلّ عُسرٍ يُسراً.

159 : لم يستزد بمحبوب بمثل الشُّكر، ولم يستنقص من مكروه بمثل الصبر.

160 : أنفع الأشياء للمرء سبقه الناس الى عيب نفسه، وأشدَّها مؤونة إِخفاء الفاقة، وأشدّ الأشياء عناءً النصيحة لمن لا يقبلها، ومجاورة الحريص، وأروح الروح اليأس من الناس.

______________________________

(1) كلّ ذلك ابتداءً من الكلمة رقم «96» أخذناه من كتاب «تحف العقول» عند ذكره لما ورد عن إِمامته عليه السلام، وقال في طليعة ما أوردناه عنه «ومن كلامه الذي سمّاه بعض الشيعة نثر الدرر».

(2) ولا اقامة في نسخة.

{ 91 }

161 : مَن وقف نفسه موقف التهمة فلا يلومنّ من أساء الظنّ به.

162 : مَن كتم سرّه كانت الخيرة في يده، وكلّ حديث جاوز اثنين فاشٍ.

163 : ضع أمر أخيك على أحسنه، ولا تظننّ بكلمة خرجت من أخيك سوءاً وأنت تجد لها في الخير محملاً.

164 : عليك بإخوان الصدق، فإنهم عدّة عند الرخاء، وجنّة عند البلاء.

165 : من زين الايمان الفقه، ومن زين الفقه الحلم، ومن زين الحلم الرفق، ومن زين الرفق اللين، ومن زين اللين السهولة.

166 : الصفح الجميل ألا تعاتب على الذنب، والصبر الجميل الذي ليس فيه شكوى.

167 : وسأله المفضّل بن عمر عن الحسَب، فقال عليه السلام : المال، قال : فالكرم، قال عليه السلام : التقوى، قال : فالسؤدد، قال عليه السلام : السخاء، ويحَك أما رأيت حاتم طيّ كيف ساد قومه وما كان بأجودهم موضعاً.

168 : المعروف زكاة النعم، والشفاعة زكاة الجاه، والعلل زكاة الأبدان والعفو زكاة الظفر، وما اُدّي زكاته فهو مأمون السلب.

169 : من أخلاق الجاهل الإجابة قبل أن يسمع، والمعارضة قبل أن يفهم، والحُكم بما لا يعلم.

170 : سرّك من دمك فلا تجره في غير أوداجك.

171 : صدرك أوسع لسرّك.

172 : مَن لم يواخِ مَن لا عيب فيه قلَّ صديقه، ومَن لم يرض من صديقه إِلا بايثاره على نفسه دام سخطه، ومَن عاتب على كلّ ذنب دام تعتيبه.

173 : لو علم السَيّئ الخُلق أنه يعذّب نفسه لتسمَّح في خلقه.

{ 92 }

174 : ما أرتجّ على امرئ، واُحجم عليه الرأي، واُعيت به الحيل إِلا كان الرفق مفتاحه.

175 : ثلاثة لا يصيبون إِلا خيراً : اُولو الصمت، وتاركو الشرّ، والمكثرون ذكر اللّه عزّ وجلّ، ورأس الحزم التواضع.

176 : امتحن أخاك عند نعمة تجدّد لك، أو نائبة تنوبك.

177 : مَن ظهر غضبه ظهر كيده، ومن قوي هواه ضعف حزمه.

178 : مَن لم يقدّم الامتحان قبل الثقة، والثقة قبل الانس، أثمرت مودَّته ندماً.

179 : لحظ الانسان طرف من خبره.

180 : المستبدّ برأيه موقوف على مداحض(1) الزلل(2).

181 : مَن لم يسأل اللّه من فضله افتقر(3).

182 : إِن الدعاء أنفذ من السنان(4).

183 : وكان عنده قوم يحدّثهم، إِذ ذكر رجل منهم رجلاً فوقع فيه وشكا منه، فقال له أبو عبد اللّه عليه السلام : وأنّى لك بأخيك كلّه، أيّ الرجال المهذب(5).

184 : التواصل بين الاخوان في الحضر التزاور، وفي السفر التكاتب(6).

185 : جبلت القلوب على حبّ من ينفعها، وبُغض من أضرّها(7).

______________________________

(1) مزالق.

(2) البحار، ج 17 ابتداءً من رقم 155.

(3) الكافي، باب فضل الدعاء والحث عليه.

(4) الكافي، باب ان الدعاء سلاح المؤمن.

(5) الكافي، باب الاغضاء.

(6) الكافي، باب التكاتب.

(7) روضة الكافي.

{ 93 }

186 : الدَّين غمُّ بالليل وذلًّ بالنهار.

187 : برّوا آباءكم يبرّكم أبناؤكم، وعفّوا عن نساء الناس تعفّ نساؤكم.

188 : المرء كثير بأخيه، ولا خير في صحبة مَن لم ير لك مثل الذي ترى لنفسه.

189 : وتخاصم رجلان بحضرته، فقال عليه السلام لهما : أما إِنه لم يظفر بخير من ظفر بالظلم، ومن يفعل السوء بالناس فلا ينكر السوء إِذا فعل به.

190 : لا عيش أهنأ من حُسن الخُلق، ولا مال أنفع من القناعة باليسير المجزي، ولا جهل أضرّ من العجب.

191 : تصافحوا فإنها تذهب السخيمة(1).

192 : اتّقِ اللّه بعض التُقى وإِن قَل، ودع بينك وبين اللّه ستراً وإِن رق.

193 : كثرة النظر بالحكمة تلقح العقل.

194 : وسئل عن صفة العدل من الرجل، فقال عليه السلام : إِذا غضَّ طرفه عن المحارم، ولسانه عن المآثم، وكفّه عن المظالم.

195 : مَن لا يعرف لأحد الفضل فهو المعجب برأيه.

196 : خِصلتان لا يجتمعان في منافق : سمت حسن، وفقه في سنّة.

197 : ليس من أحد وإِن ساعدته الاُمور بمستخلص غضارة عيش(2) إِلا من خِلال مكروه، ومن انتظر بمعاجلة الفرصة مؤاجلة الاستقصاء سلبته الأيام فرصته، لأن من شأن الأيام السلب، وسبيل الزمن الفوت(3).

______________________________

(1) الحقد.

(2) غضارة العيش : طيبه وسعته وخصبه.

(3) تحف العقول، وهذا غير ما سمّاه بنثر الدرر : 281.

{ 94 }

198 : كم من مغرور بما قد أنعم اللّه عليه وكم من مستدرج بستر اللّه عليه، وكم من مفتون بثناء الناس عليه(1).

199 : العافية نعمة خفيّة : اذا وجدت نسيت، واذا فقدت ذكرت.

200 : العافية نعمة يعجز الشكر عنها(2).

201 : الشؤم في ثلاثة : في المرأة، والدابّة، والدار، فأمّا الشؤم في المرأة فكثرة صداقها وعقوق زوجها، وأمّا الدابّة فسوء خلقها ومنعها ظهرها، وأمّا الدار فضيق ساحتها وشرّ جيرانها وكثرة عيوبها(3).

202 : وقيل له : أيّ الخِصال بالمرء أجمل ؟ فقال عليه السلام : وقار بلا مهابة، وسماح بلا طلب مكافاة، وتشاغل بغير متاع الدنيا.

203 : خمس مَن لم تكن فيه لم يكن فيه كثير مستمتع، قيل : وما هي يا ابن رسول صلّى اللّه عليه وآله ؟ فقال عليه السلام : الدين، والعقل، والحياء، وحُسن الخُلق، وحُسن الأدب. وخمس من لم تكن فيه لم يَهنَ بالعيش : الصحّة، والأمن، والغنى، والقناعة، والأنيس الموافق(4).

204 : كم من صبر ساعة قد أورثت فرحاً طويلاً، وكم من لذّة قد أورثت خزناً طويلاً(5).

205 : ليس من الإنصاف مطالبة الاخوان بالإنصاف(6).

______________________________

(1) روضة الكافي.

(2) مجالس الصدوق، المجلس / 40.

(3) مجالس الصدوق، المجلس / 42.

(4) مجالس الصدوق، المجلس / 48.

(5) مجالس الشيخ الطوسي، المجلس / 6.

(6) مجالس الشيخ الطوسي، المجلس / 10، والوسائل : 8/458/3.

{ 95 }

206 : ليس لحاقن رأي، ولا لملول صديق، ولا لحسود غنى، وليس بحازم من لم ينظر في العواقب، والنظر في العواقب تلقيح القلوب.

207 : عليك بالسخاء وحُسن الخُلق، فإنهما يزينان الرجل كما تزين الواسطة القلادة.

208 : ثلاثة من السعادة : الزوجة المواتية، والولد البارّ، والرجل يرزق معيشته يغدو على اصلاحها ويروّح الى عياله(1).

209 : النوم راحة للجسد، والنُطق راحة للروح، والسكوت راحة للعقل(2).

210 : لا تُسمّ الرجل صديقاً سمة معرفة حتّى تختبره بثلاثة : تغضبه فتنظر غضبه يخرجه من الحقّ الى الباطل، وعند الدينار والدرهم، وحتّى تسافر معه(3).

211 : كم من نعمة اللّه عزّ وجلّ على عبده في غير عمله، وكم من مؤمّل أملاً والخيار في غيره، وكم من ساع الى حتفه وهو مبطئ عن حظه(4).

212 : من الجَور قول الراكب للراجل : الطريق.

213 : من حبّ الرجل دينه حبّه إِخوانه.

214 : شرف المؤمن صلاته بالليل، وعزّه كفّ الأذى عن الناس(5).

215 : تقرّبوا الى اللّه بمواساة إِخوانكم.

216 : ضمنتُ لمن اقتصد ألا يفتقر.

217 : اصبر على أعداء النعم، فإنك لن تكافئ من عصى اللّه فيك

______________________________

(1) مجالس الشيخ الطوسي، المجلس /11.

(2) مجالس الصدوق، المجلس /68.

(3) مجالس الشيخ الطوسي، المجلس /32.

(4) بحار الأنوار : 78/191/4.

(5) مرّت هذه الكلمة مع بعض التغيير.

{ 96 }

بأفضل من أن تطيع اللّه فيه.

218 : من رضي القضاء أتى عليه القضاء وهو مأجور، ومن سخط القضاء أتى عليه القضاء وأحبط اللّه عمله.

219 : تهادوا تحابّوا، فإن الهديّة تذهب بالضغائن(1).

220 : ما عُبد اللّه بأفضل من الصمت والمشي الى بيته.

221 : أنهاك عن خِصلتين فيهما هلك الرجال : أن تدين اللّه بالباطل، أو تُفتي الناس بما لا تعلم.

222 : من حقيقة الايمان أن تؤثر الحقّ وإِن ضرَّك، على الباطل وإِن نفعك، وألا يجوز منطقك عملك.

223 : حرم الحريص خِصلتين ولزمته خِصلتان : حرم القناعة فافتقد الراحة، وحرم الرضا فافتقد اليقين(2).

224 : مع التثبّت تكون السلامة، ومع العجل تكون الندامة.

225 : من ابتدأ بعمل في غير وقته كان بلوغه في غير حينه.

226 : الرجال ثلاثة : رجل بماله، ورجل بجاهه، ورجل بلسانه، وهو أفضل الثلاثة.

227 : لا تصلح المسألة إِلا في ثلاث : في دم مقطع(3) أو غرم مثقل (4) أو حاجة مدقعة(5).

______________________________

() الخصال للصدوق، باب الواحد.

(2) الخصال للصدوق، باب الاثنين.

(3) الظاهر أنه اسم مفعول أي أنه بازائه مال يودي به.

(4) الغرم : الدين، مثقل اسم فاعل.

(5) مفقرة شديد فقرها.

{ 97 }

228 : إِن أحقّ الناس أن يتمنّى للناس الغنى البخلاء، لأن الناس إِذا استغنوا كفّوا عن أموالهم، وأحقّ الناس أن يتمنّى للناس الصلاح أهل العيوب، لأن الناس اذا صلحوا كفّوا عن تتبّع عيوب الناس، وأحقّ الناس أن يتمنّى للناس الحلم أهل السفه، الذين يحتاجون الى أن يعفى عن سفههم، فأصبح أهل البخل يتمنّون فقر الناس، وأصبح أهل العيوب يتمنّون معايب الناس، وأصبح أهل السفه يتمنّون سفه الناس، وفي الفقر الحاجة الى البخيل، وفي الفساد طلب عورة أهل العيوب، وفي السفه المكافاة بالذنوب.

229 : ثلاثة من عاداهم ذلّ : الوالد، والسلطان، والغريم(1).

230 : مطلوب الناس في الدنيا الفانية أربعة : الغنى، والدَعَة، وقلّة الاهتمام، والعزّ، فأمّا الغنى فهو موجود في القناعة، فمن طلبه في كثرة المال لم يجدها، وأمّا قلّة الاهتمام فموجودة في قلّة الشغل، فمن طلبها مع كثرته لم يجدها، وأمّا العزّ فموجود في خدمة الخالق، فمن طلبه في خدمة المخلوق لم يجده.

231 : وجدت علم الناس كلّهم في أربعة : أوّلها أن تعرف ربّك، والثاني أن تعرف ما صنع بك، والثالث أن تعرف ما أراد منك، والرابع أن تعرف ما يخرجك من دينك.

232 : اذا فشت أربعة ظهرت أربعة : اذا فشا الزنا ظهرت الزلازل، وإِذا اُمسكت الزكاة هلكت الماشية، وإِذا جار الحاكم في القضاء اُمسك القطر من السماء، وإِذا خفرت الذمّة نصر المشركون على المسلمين.

233 : إِن الصبر والبرّ والحلم وحُسن الخُلق من أخلاق الأنبياء.

234 : أربعة تذهب ضياعاً : الأكل بعد الشبع، والسراج في القمر،

______________________________

(1) الخصال، للصدوق، باب الثلاثة.

{ 98 }

والزرع في السبخة، والصنيعة عند غير أهلها.

235 : أربعة تذهب ضياعاً : مودَّة تمنحها من لا وفاء له، ومعروف عند من لا شكر له، وعلم عند من لا استماع له، وسرّ تودعه من لا حصانة له(1).

236 : خمس من خمسة محال : النصيحة من الحاسد محال، والشفقة من العدوّ محال، والحرمة من الفاسق محال، والوفاء من المرأة محال، والهيبة من الفقر محال.

237 : خمس هنَّ كما أقول : ليست لبخيل راحة، ولا لحسود لذَّة، ولا لملول وفاء، ولا لكذَّاب مروَّة، ولا يسود سفيه.

238 : خمسة لا ينامون : الهام بدم يسفكه، وذو المال الكثير لا أمين له، والقائل في الناس الزور والبهتان عن عرض من الدنيا يناله، والمأخوذ بالمال الكثير ولا مال له، والمحبّ حبيباً يتوقّع فراقه(2).

239 : مَن لم يكن له واعظ من قبله، وزاجر من نفسه، ولم يكن له قرين مرشداً، استمكن عدوّه من عنقه(3).

240 : لن يهلك امرؤ عن مشورة(4)

241 : مجاملة الناس ثلث العقل(5).

242 : من التواضع أن تُسلّم على من لقيت(6).

______________________________

(1) الخصال للصدوق، باب الأربعة ابتداء من الكلمة رقم 230.

(2) الخصال للصدوق، باب الخمسة ابتداء من رقم 236.

(3) وسائل الشيعة، باب استحباب مشاورة التقي العاقل : 8/425/1.

(4) وسائل الشيعة، باب استحباب مشاورة أصحاب الرأي : 8/424/4.

(5) وسائل الشيعة، باب استحباب مجاملة الناس : 8/434/1.

(6) وسائل الشيعة، باب استحباب افشاء السلام : 8/438/1.

{ 99 }

243 : المنّ يهدم الصنيعة(1).

244 : المعروف ابتداء، فأمّا ما أعطيته بعد المسألة فإنما كافيته بما بذل لك من وجهه(2).

245 : أفضل الصدقة ابراد كبد حرّاء(3).

246 : من استوى يوماه فهو مغبون، ومن كان يومه الذي هو فيه خيراً من أمسه الذي ارتحل عنه فهو مغبوط(4).

247 : المؤمن يداري ولا يماري(5).

248 : من لم يتفقَد النقص في نفسه دام نقصه، ومن دام نقصه فالموت خير له.

249 : من أذنب من غير عمد كان للعفو أهلاً(6).

250 : الخشية ميراث العلم، والعلم شعاع المعرفة وقلب الايمان، ومَن حرم الخشية لا يكون عالماً وإِن شقّ الشعر في متشابهات العلم(7).

251 : إِن مَن أجاب عن كلّ ما يسأل لمجنون(8).

252 : من لاحى الرجال ذهبت مروّته(9).

______________________________

(1) من لا يحضره الفقيه : 2/41/33.

(2) بحار الأنوار : 47/61/118.

(3) وسائل الشيعة، 3/58.

(4) وسائل الشيعة، كتاب زيد الزراد.

(5) يجادل.

(6) بحار الأنوار : 17/265/266.

(7) بحار الأنوار : 2/52/18.

(8) بحار الأنوار : 2/117/15.

(9) بحار الأنوار : 2/128/7.

{ 100 }

253 : لا تفتش الناس فتبقى بلا صديق.

254 : مَن لم يرض بصديقه إِلا بايثاره على نفسه دام سخطه(1).

255 : كفى بخشية اللّه علماً وكفى بالاغترار جهلاً.

هذا آخر ما تيسّر لي جمعه واختياره من طرائف حِكمه، وجوامع كلمه وعساني توفّقت لإيقاف القارئ على كنز من الحِكم لا يعادل بثمن، ولا يساوى بقيمة.

* * *

______________________________

(1) وسائل الشيعة : 2/213.

 

ولادته ووفاته .. (ولادته)

المعروف بين أهل الحديث والتأريخ أن ولادته عليه السلام كانت في السابع عشر من ربيع الأوّل، إِمّا عام 80 للهجرة، أو 83، وكلا القولين مشهوران بينهم.

ولكن تقدم أنه عليه السلام قال في بعض وقفاته أمام المنصور : «وها أنذا قد ذرفت على السبعين» أي زدت عليها، وروى عن محمّد بن الربيع حاجب المنصور لمّا جاء بالصادق ليلاً الى المنصور وقال عنه : وكان قد جاوز السبعين، وذكر المجلسي طاب ثراه في أحواله عليه السلام رواية عن محمّد بن سعيد أنه عليه السلام قُبض وهو ابن إِحدى وسبعين سنة، وهذا كما ترى لا يتفق مع القول الثاني، ولا الأوّل، لأنهم متّفقون على أن وفاته كانت عام 148، فعليه تكون ولادته قبل الثمانين بثلاث سنين أو اكثر.

وبهذا تكون الروايات في سنة وفاته ثلاثاً، وأوسطها رواية الثمانين، ولعلّها أولاها.

 

وفاته

وقيل : كانت وفاته عليه السلام في الخامس والعشرين من شّوال.

وقيل :

{ 102 }

في النصف من رجب، والأوّل هو المشهور، واتّفق المؤرّخون من الفريقين على أن وفاته كانت عام 148 كما قلنا.

كما اتّفق مؤلفو الشيعة على أن المنصور اغتاله بالسمّ على يد عامله بالمدينة، وقيل أن السّم كان في عنب كما ذكر ذلك الكفعمي في المصباح.

وذكر بعض أهل السنّة أيضاً موته بالسمّ، كما في «إِسعاف الراغبين» و«نور الأبصار» و«تذكرة الخواص» و«الصواعق المحرقة» وغيرها.

 

عند الموت

ولمّا كاد أن يلفظ النفس الأخير من حياته أمر أن يجمعوا له كلّ مَن بينه وبينهم قرابة، وبعد أن اجتمعوا عنده فتح عينيه في وجوههم فقال مخاطباً لهم : إِن شفاعتنا لا تنال مستخفّاً بالصلاة(1).

وهذا يدلّنا على عظم اهتمام الشارع الأقدس بالصلاة، فلم تشغل إِمامنا عليه السلام ساعة الموت عن هذه الوصيّة، وما ذاك إِلا لأنه الإمام الذي يهمّه أمر الاُمة وإِرشادها الى الصلاح حتّى آخر نفس من حياته، وكانت الصلاة أهم ما يوصي به ويلفت اليه.

وأحسب إِنما خصّ أقرباءه بهذه الوصيّة، لأن الناس ترتقب منهم الإصلاح والإرشاد فيكون تبليغ هذه الوصيّة على ألسنتهم أنفذ، ولأنهم عترة الرسول فعسى أن يتوهّموا أن قربهم من النبي وسيلة للشفاعة بهم وإِن تسامحوا في بعض أحكام الشريعة، فأراد الصادق أن يلفتهم الى أن القرب لا ينفعهم ما لم يكونوا

______________________________

(1) بحار الأنوار : 47/2/5، محاسن البرقي : 1/80.

{ 103 }

قائمين بفرائض اللّه.

وكانت زوجته اُمّ حميدة(1) تعجب من تلك الحال وأن الموت كيف لم يشغله عن الاهتمام بشأن هذه الوصيّة، فكانت تبكي اذا تذكّرت حالته تلك(2).

وأمر أيضاً وهو بتلك الحال لكلّ واحد من ذوي رحمه بصلة، وللحسن الأفطس(3) بسبعين ديناراً، فقالت له مولاته سالمة : أتعطي رجلاً حمل عليك بالشفرة يريد أن يقتلك ؟ قال : تريدين ألا أكون من الذين قال اللّه عزّ وجل فيهم : «والذين يصلون ما أمر اللّه به أن يوصل ويخشون ربّهم ويخافون سوء الحساب»(4) نعم يا سالمة إِن اللّه خلق الجنّة فطيّب ريحها، وإِن ريحها ليوجد من مسيرة ألفي عام، ولا يجد ريحها عاقّ ولا قاطع رحم(5).

وهذا أيضاً يرشدنا الى أهميّة صِلة الأرحام بعد الصلاة وقد كشف في بيانه عن أثر القطيعة.

وما اكتفى عليه السلام بصِلة رحمه فقط بل وصل من قطعه منهم بل مَن همّ بقتله، تلك الأخلاق النبويّة العالية.

_____________________________

(1) هي اُمّ الكاظم عليه السلام.

(2) محاسن البرقي : 1/80/6.

(3) أشرنا الى شيء من حاله في تعليقة ج 1 229.

(4) الرعد : 21.

(5) المناقب : 4/273، والغيبة للشيخ الطوسي : 128.