الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج3)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 1

إحقاق الحق وإزهاق الباطل

تأليف

العلامة في العلوم العقلية والنقلية متكلم الشيعة نابغة الفضل والأدب القاضي

السيد نور الله الحسيني المرعشي التستري الشهيد في بلاد الهند

سنة 1019

الجزء الثالث

مع تعليقات نفيسة هامة

للعلامة الحجة آية الله العظمى

السيد شهاب الدين الحسيني المرعشي النجفي دام ظله الوارف

باهتمام السيد محمود المرعشي

ص 2

بسم الله الرحمن الرحيم

قال المصنف رفع الله درجته

الرابعة قوله تعالى : قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى (1)

روي (2) الجمهور في الصحيحين وأحمد بن حنبل في مسنده والثعلبي في تفسيره (1) الشورى : الآية 20 . (2) وهم عدة كثيرة من المفسرين والمتكلمين والمحدثين ونحن نورد أسماء جماعة من أرباب التفسير ومشاهير علوم القرآن الشريف : وقد آلينا الجهود في الاستقصاء والتنقيب فنقول : (منهم) الحافظ أحمد بن حنبل المتوفى سنة 241 في (فضائل الصحابة) (ص 218 مخطوط تظن كتابتها في المأة السادسة) حرب بن الحسن الطحان ، قال : حدثنا حسين الأشقر عن قيس عن الأعمش عن سعيد بن

ص 3

(هامش)

جبير عن عامر قال : لما نزلت قل لا أسئلكم أجرا إلا المودة في القربى ، قالوا يا رسول الله : من قرابتك من هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : علي وفاطمة وابنهما عليهم السلام وقالها ثلاثا . (ومنهم) الحافظ البخاري المتوفى سنة 253 وقيل 256 في (صحيحه) (ج 6 ص 29 ط مصر المأخوذ من الأميرية) حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال : سمعت طاووسا عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن قوله : إلا المودة في القربى ، فقال سعيد بن جبير قربى آل محمد (ص) (ومنهم) الحافظ المؤرخ المفسر المتكلم أبو جعفر محمد ابن جرير الطبري المتوفى سنة 310 في (تفسيره) المشهور (ج 25 ص 15 و14 ط الميمنية بمصر) حدثني يعقوب ، قال : ثنا مروان عن يحيى بن كثير عن أبي العالية عن سعيد عن جبير في قوله تعالى : قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ، قال : هي قربى رسول الله (ص) حدثني محمد بن عمارة الأسدي ومحمد بن خلف قالا : ثنا عبيد الله ، قال : أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق قال : سألت عمر وبن شعيب عن قول الله عز وجل : قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ، قال : قربى النبي (ص) حدثني محمد بن عمارة ، قال ثنا إسماعيل بن أبان قال ثنا الصباح بن يحيى المري عن السدي عن أبي الديلم ، قال لما جئ بعلي بن الحسين رضي الله عنهما فأقيم على درج دمشق قام رجل من أهل الشام فقال : الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم وقطع قرني الفتنة فقال له علي بن الحسين رضي الله عنه : أقرأت القرآن ؟ قال نعم ، قال : أقرأت ال حم ؟ قال : قرأت القرآن ولم أقرأ ال حم ، قال : أوما قرأت قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ، قال : وإنكم لأنتم هم ، قال : نعم . (ومنهم) العلامة الحاكم في (المستدرك) المتوفى سنة 405 (ج 3 ص 172 ط حيدر آباد الدكن) حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى ابن أخي طاهر العقيقي الحسني ، ثنا إسماعيل

ص 4

(هامش)

ابن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين ، حدثني عمي علي بن جعفر ابن محمد حدثني الحسين بن زيد عن عمر بن علي عن أبيه بن الحسين ، قال : خطب الحسن بن علي الناس حين قتل علي فحمد الله وأثنى إلى أن قال : وأنا من أهل البيت الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، وأنا من أهل البيت الذي افترض الله مودتهم على كل مسلم ، فقال تبارك وتعالى لنبيه (ص) : قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ، ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ، فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت . الحافظ الذهبي في تلخيص المستدرك . (ج 3 ص 172 بهامش المستدرك الطبع المذكور) أورد الحديث المتقدم عن المستدرك . (ومنهم) العلامة الزمخشري المتوفى سنة 528 في (تفسير الكشاف) (ج 3 ص 402 ط مصر مصطفى محمد) وروي أنها لما نزلت ، قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال علي وفاطمة وابنهما . وروي عن علي رضي الله عنه شكوت إلى رسول الله (ص) حسد الناس لي فقال : أما ترضى أن تكون رابع أربعة ، أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين الخ رواه الكريمي عن ابن عائشة بسنده عن علي رضي الله ، ورواه الطبراني من حديث أبي رافع تخريج الكاشف وعن النبي (ص) : حرمت الجنة على من ظلم ، أهل بيتي وآذاني في عترتي (رواه الثعلبي من حديث علي رضي الله عنه - تخريج الكاشف) وقال رسول الله من مات على حب آل محمد مات شهيدا إلى آخر ما نقلنا سابقا في المجلد الثاني من الكتاب . (رواه الثعلبي أخبرنا عبد الله بن محمد بن علي البلخي حدثنا يعقوب ابن يوسف بن إسحاق حدثنا محمد بن أسلم حدثنا بعلي بن عبيد عن إسماعيل بن قيس عن جرير - تخريج الكشاف) (ومنهم) أبو المؤيد الموفق بن أحمد المكي أخطب خوارزم المتوفى سنة 568 في كتابه (مقتل الحسين) (ص 1 ط النجف)

ص 5

روى نزول الآية في الخمسة بعين العبارة المتقدمة عن ابن عباس (ومنهم) العلامة ابن الأثير المتوفى سنة 606 في (جامع الأصول) (ج 2 ص 415 ط مصر) أخرج البخاري والترمذي عن ابن عباس . سئل عن قوله تعالى إلا المودة في القربى ، فقال سعيد بن جبير قربى آل محمد . (ومنهم) العلامة فخر الدين الرازي المتوفى سنة 606 في تفسيره (ج 27 ص 166 ط مصر التزام عبد الرحمن محمد) روى صاحب الكشاف : أنها لما نزلت هذه الآية ، قيل يا رسول الله : من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ فقال : علي وفاطمة وابناهما . وروي الحديث المتقدم عن (الكشاف) من مات على حب آل محمد الخ . ثم قال : وأنا أقول : آل محمد (ص) هم الذين يؤول أمرهم إليه ، فكل من كان أمرهم إليه أشد وأكمل كانوا هم الأول ، ولا شك أن فاطمة وعليا والحسن والحسين كان التعلق بينهم وبين رسول الله (ص) أشد التعلقات وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر ، فوجب أن يكونوا هم الآل (إلى أن قال :) قال رسول الله (ص) : فاطمة بضعة مني يؤذيني من يؤذيها وثبت بالنقل المتواتر عن محمد (ص) أنه كان يحب عليا والحسن والحسين وإذا ثبت ذلك وجب على كل الأمة مثله لقوله : (واتبعوه لعلكم تهتدون) ولقوله تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ، ولقوله سبحانه : لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة . (الثاني) أن الدعاء للآل منصب عظيم ولذلك جعل هذا الدعاء خاتمة التشهد في الصلاة وهو قوله : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد وارحم محمد وآل محمد ، وهذا التعظيم لم يوجد في غير الآل ، فكل ذلك يدل على أن حب آل محمد واجب ، وقال الشافعي رضي الله عنه . يا راكبا قف بالمحصب من منى * واهتف بساكن خيفها والناهض سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضا كما نظم الفرات الفائض إن كان رفضا حب آل محمد * فاليشهد الثقلان أني رافضي

ص 6

(ومنهم) العلامة ابن بطريق (في العمدة) من علماء المأة السادسة (ص 23 ط تبريز) من مسند أحمد ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه أحمد ، قال : وفيما كتب إلينا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي يذكر أن الحارث بن الحسن الطحان حدثه ، قال حدثنا حسين الأشقر عن قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس نزول الآية في الخمسة بعين العبارة المتقدمة . ومن تفسير الثعلبي ، أخبرني الحسين بن محمد الثقفي العدل حدثنا برهان بن علي الصوفي حدثنا محمد بن عبد الله بن علي بن سليم الحضرمي حدثنا حرب بن الحسن الطحان حدثنا حسين الأشقر عن قيس عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس نزول الآية في الخمسة بعين العبارة المتقدمة . وأنبأني عقيل بن محمد ، أخبرني المعافي بن المبتلى ، حدثنا محمد بن عمارة ، حدثنا إسماعيل بن أبان ، حدثنا الصباح بن يحيى المري عن السدي عن أبي الديلم ، روى حديث علي بن الحسين (ع) بعين العبارة المتقدمة المتضمنة لنزول الآية في أهل البيت عليهم السلام . ( ومنهم) العلامة الجليل الشيخ كمال الدين محمد بن طلحة الشافعي المتوفى سنة 654 في كتاب (مطالب السؤول) (ص 8 ط طهران) قال ما لفظه : أما كونهم ذوي القربى فقد صرح نقلة الأخبار المقبولة وأوضح حملة الآثار المنقولة في مسانيد ما صححوه وأساليب ما أوضحوه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس لما نزل قوله تعالى قل لا أسئلكم الخ قالوا يا رسول الله من هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم قال (ص) على وفاطمة وابناهما ، ومن جملة من نقل ذلك : الإمامان الثعلبي والواحدي ، وكل واحد منهما رفعة بسنده . روى الثعلبي أن رسول الله نظر إلى علي وفاطمة والحسن والحسين فقال : أنا حرب لمن حاربتم وسلم لمن سالمتم . (ومنهم) صدر الحفاظ أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد القرشي الكنجي المتوفى سنة 658 في (كفاية الطالب) في الباب الحادي عشر ص 31 قال ما لفظه : أخبرنا يوسف ، ابن

ص 7

أبي زيد ، أخبرنا محمود ، أخبرنا ابن فاذ شاه ، حدثنا الطبراني ، حدثنا محمد بن عبد الله ، حدثنا حرب بن الحسن ، حدثنا حسين الأشقر ، عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما نزلت ، الحديث وأخرجه الطبراني في (معجمه الكبير) في ترجمة الحسن كما أخرجناه سواء . (1) أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي بالموصل ، أخبرنا أبو طاهر حيدر بن زيد بن محمد البخاري ، ببغداد سنة إحدى وتسعين وأربعمأة قدم حاجبا قيل له : أخبرك أبو علي حسن بن محمد جوانشير ، حدثنا أبو زيد علي بن محمد بن الحسين ، حدثنا أبو عمر بن مهدي ، حدثنا أبو عباس حدثنا أبو العباس أحمد بن عقدة الحافظ ، حدثنا علي بن الحسين ابن عبيد ، حدثنا إسماعيل بن أبان عن سلام بن أبي عمرة عن معروف عن أبي الطفيل قال خطب الحسن بن علي (ع) بعد وفاة أبيه ، وذكر أمير المؤمنين أباه (ع) ، ومن كلامه عليه السلام في هذه الخطبة : وأنا من أهل البيت الذين افترض الله عز وجل مودتهم وولايتهم ، فقال فيما أنزل على محمد (ص) قل لا أسئلكم . الآية ، (ومنهم) القاضي ناصر الدين أبو سعيد عبد الله بن عمر الشيرازي البيضاوي المتوفى سنة 683 في تفسيره (ج 4 ص 123 ط مصر بمطبعة مصطفى محمد) روى أنها لما نزلت إلى آخر ما قدمنا نقله عن ابن عباس . (ومنهم) العلامة محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري المتوفى سنة 694 في كتاب (ذخائر العقبي) (ص 25 ط مصر منشور مكتبة القدسي) عن ابن عباس نقل نزول الآية في الخمسة بعين العبارة المتقدمة . وروى أنه (ص) قال : إن الله جعل أجري عليكم المودة في أهل بيتي وأني سائلكم غدا عنه ، أخرجه الملا في سيرته . (ومنهم) العلامة النسفي المتوفى سنة 701 في تفسيره (ص 95 بهامش تفسير الخازن) . روى أنه لما نزلت ، قيل : يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : علي وفاطمة وابناهما (ومنهم) العلامة الحمويني المتوفى سنة 723 (كما في كفاية الخصام

(هامش)

(1) أخبرنا العلامة حجة العرب أبو البقاء يعيش بن علي بحلب (*)

ص 8

ص 396 ط طهران) روى بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس نزول الآية في الخمسة . (ومنهم) صاحب مناقب الفاخرة في العترة الطاهرة (ص 396 كما في كفاية الخصام ط طهران) روى بسنده عن ابن عباس ، نزول الآية في الخمسة . (ومنهم) نظام الدين الحسن بن محمد ين حسين القمي النيسابوري المتوفى سنة 728 في (تفسيره المطبوع بهامش تفسيره الطبري ج 25 ص 31 ط مصر بمطبعة الميمنية) عن سعيد بن جبير لما نزلت هذه الآية ، قالوا : يا رسول الله من هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم لقرابتك ؟ فقال علي وفاطمة وابناهما . وقد ذكر في ذيل هذه الآية أحاديث نذكرها تتميما للفائدة فقال : إن عليا رضي الله عنه شكا إلى رسول الله (ص) حسد الناس فيه فقال : أما ترضى أن تكون رابع أربعة أول من يدخل الجنة أنا وأنت والحسن والحسين وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا وذرياتنا خلف أزواجنا . وعنه (ص) : حرمت الجنة على من ظلم أهل بيتي وآذاني في عترتي الحديث وكان يقول : فاطمة بضعة مني يؤذيني ما يؤذيها (أيضا ج 25 ص 49) وثبت بالتواتر أنه كان يحب عليا والحسن والحسين قال بعض المذكرين : إن النبي (ص) قال : مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجا ومن تخلف عنها غرق (ومنهم) العلامة أبو حيان المتوفى سنة 754 في تفسيره (البحر المحيط) (ج 7 ص 516 ط مصر بمطبعة السعادة) قال ابن عباس : قيل يا رسول الله من قرابتك الذين أمرتنا بمودتهم ؟ فقال علي وفاطمة وابناهما . (ومنهم) العلامة الحافظ ابن كثير الدمشقي المتوفى سنة 774 في تفسيره (ج 4 ص 112 ط مطبعة مصطفى محمد بمصر) قال ابن أبي حاتم حدثنا علي بن الحسين حدثنا رجل سماه حدثنا حسين الأشقر عن قيس

ص 9

عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنه قال : لما نزلت هذه الآية (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قالوا يا رسول الله من هؤلاء الذين أمر الله بمودتهم ؟ قال : فاطمة وولدها رضي الله عنهم . وقال أبو إسحاق السبيعي سألت عمر وبن شعيب عن قوله تبارك وتعالى قل لا أسئلكم الآية فقال : قربى النبي (ص) قال السدي عن أبي الديلم قال : لما جئ بعلي بن الحسين رضي الله عنه : أسيرا فأقيم على درج دمشق قام رجل من أهل الشام فقال : الحمد لله الذي قتلكم واستأصلكم وقطع قرن الفتنة فقال له علي بن الحسين رضي الله عنه : أقرأت القرآن ؟ قال : نعم : قال : أقرأت ال حم ؟ قال : قرأت القرآن ولم أقرء ال حم قال : ما قرأت قل لا أسئلكم ؟ الآية قال وإنكم لأنتم هم ؟ قال : نعم . وقد ذكر في ذيل هذه الآية فضائل ونحن ننقلها وقال الإمام أحمد حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أبي حيان التيمي حدثني يزيد بن حيان قال انطلقت أنا وحسين بن ميسرة وعمر بن مسلم إلى زيد بن أرقم رضي الله عنه فلما جلسنا إليه ، قال حصين : لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا ، رأيت رسول الله (ص) وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت معه . حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله (ص) فقال يا ابن أخي كبر سني وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله (ص) فما حدثتكم فاقبلوه ومال ا فلا تكلفونيه ، ثم قال رضي الله عنه : قام رسول الله (ص) يوما خطيبا فينا بماء يدعى خما بين مكة والمدينة فحمد الله وأثنى عليه وذكر ووعظ ثم قال (ص) : أما بعد أيها الناس إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول الله ربي فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين أولهما كتاب الله تعالى فيه الهدي والنور فخذوا بكتاب الله فاستمسكوا به فحث على كتاب الله ورغب فيه وقال (ص) وأهل بيتي أذكركم الله في أهل بيتي الخ وقال أبو عيسى الترمذي حدثنا علي بن المنذر الكوفي حدثنا محمد بن فضيل حدثنا الأعمش عن عطية عن أبي سعيد والأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن زيد بن أرقم رضي الله

ص 10

عنه قال قال رسول الله (ص) إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض الآخر عترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا على الحوض فانظروا كيف تخلفوني فيهما . وقال الترمذي أيضا حدثنا نصر بن عبد الرحمن الكوفي حدثنا زيد عن جعفر بن محمد بن الحسن عن أبيه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال : رأيت رسول الله (ص) في حجته يوم عرفة وهو على ناقته القصواء يخطب فسمعته يقول : أيها الناس إني تارك فيكم ما أن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي . قال الترمذي أيضا : ثنا أبو داود سليمان الأشعث حدثنا يحيى بن معين حدثنا هشام بن يوسف عن عبد الله بن سليمان النوفلي عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده عبد الله بن عباس رضي الله عنهم قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أحبوا الله تعالى لما يغذوكم من نعمه ، وأحبوني بحب الله وأحبوا أهل بيتي بحبي . وقال الحافظ أبو يعلى ، حدثنا سويد بن سعيد حدثنا مفضل بن عبد الله عن أبي إسحاق عن حنش قال سمعت أبا ذر رضي الله عنه وهو آخذ بحلقة الباب يقول : يا أيها الناس من عرفني فقد عرفني ومن أنكرني فأنا أبو ذر سمعت رسول الله (ص) يقول : إنما مثل أهل بيتي فيكم كمثل سفينة نوح عليه الصلاة والسلام من دخلها نجا ، ومن تخلف عنها هلك . (ومنهم) العلامة الحافظ نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي المتوفى سنة 807 في (مجمع الزوائد) (ج 9 ص 168 ط مصر سنة 1353) روى الطبراني عن ابن عباس قال : لما نزلت (قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) قالوا يا رسول الله ومن قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : على وفاطمة وابناهما . وروى أيضا عن الطبري عن ابن عباس (ج 7 ص 103 ، الطبع المذكور) (ومنهم) العلامة الشيخ علاء الدين على بن أحمد المهايمي الهندي النائتي الكوكني المتوفى سنة 835 في (تفسير تبصير الرحمان ج 2 ص 247 ط مصر سعادة حسين بك)

ص 11

روى أنها لما نزلت قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء قال : علي وفاطمة وابناهما . (ومنهم) أحمد بن علي بن حجر العسقلاني المتوفى سنة 854 في (الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف) (ص 145 ط مصر مصطفى محمد) أخرج الطبراني وابن أبي حاتم والحاكم في مناقب الشافعي من رواية حسين الأشقر عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قيل يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : علي وفاطمة والحسن والحسين وابناهما . (ومنهم) العلامة علي بن محمد بن أحمد ابن الصباغ المالكي المتوفى سنة 855 في (الفصول المهمة) (ص 11 النجف) روى الإمام أبو الحسين البغوي في تفسيره يرفعه بسنده إلى ابن عباس نزول الآية في الخمسة ع بعين العبارة المتقدمة . (ومنهم) العلامة السيوطي في تفسير (الدر المنثور) المتوفى سنة 911 (ج 6 ص 7 ط) أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير نزول الآية في الخمسة ع بعين العبارة المتقدمة . وأخرج ابن جرير عن أبي الديلم حديث على بن الحسين المتقدم . وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس ومن يقترف حسنة قال : المودة لآل محمد . وأخرج أبو نعيم والديلمي من طريق مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله (ص) : لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى أن تحفظوني في أهل بيتي وتود وهم بي . (ومنهم) العلامة المذكور أيضا في كتاب الاكليل (ص 190 ط مصر) روى نزول الآية في الخمسة عن ابن أبي حاتم بسنده المنتهي إلى ابن عباس .

ص 12

(هامش)

وأخرج مسلم والترمذي والنسائي عن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أذكركم الله في أهل بيتي وأخرج الترمذي وحسنه وابن الأنباري في المصاحف عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال : قال رسول الله (ص) : إني تارك فيكم ما أن تمسكتم به لن تضلوا بعدي ، أحدهما أعظم من الآخر كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي ولن يفترقا حتى يردا على الحوض ، فانظروا كيف تخلفوني فيهما . وأخرج الترمذي وحسنه والطبراني والحاكم والبيهقي في الشعب عن ابن عباس قال : قال رسول الله (ص) : أحبوا الله لما يغذوكم به من نعمه وأحبوني لحب الله وأحبو أهل بيتي لحبي . وأخرج البخاري عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال : ارقبوا محمدا (ص) في أهل بيته . وأخرج ابن عدي عن ابن سعيد قال : قال رسول الله (ص) : من أبغضنا أهل البيت فهو منافق . وأخرج الطبراني عن الحسن بن علي قال رسول الله صلى الله وسلم : لا يبغضنا أحد ولا يحسدنا أحد إلا ذيد يوم القيامة بسياط من نار . وأخرج أحمد وابن حبان والحاكم عن أبي سعيد قال قال (ص) : والذي نفسي بيده لا يبغضنا أهل البيت رجل إلا أدخله الله النار . وأخرج الخطيب من طريق أبي الضحى عن ابن عباس قال : جاء العباس إلى رسول الله (ص) وقال يا رسول الله إنا لنعرف الضغائن في أناس من قومنا من وقائع أوقعناها فقال : أما والله أنهم لن يبلغوا خيرا حتى يحبوكم لقرابتي نرجو سليم شفاعتي ولا يرجوها بنو عبد المطلب . (ومنهم) العلامة المذكور في كتاب (إحياء الميت) (ص 110 ، المطبوع بهامش الاتحاف ط مصر بمطبعة البابي الحلبي) . (*)

ص 13

(هامش)

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه في تفاسيرهم والطبراني في المعجم الكبير عن ابن عباس نزول الآية في الخمسة ع بعين العبارة المتقدمة (ومنهم) المؤرخ الشهير غياث الدين بن همام المعروف بخواند مير المتوفى سنة 942 في (حبيب السير) (ص 11 ط مطبعة الحيدري بطهران) روى عن ابن عباس أنه سئل بعد نزول قوله تعالى : قل لا أسئلكم ، عن المراد من القربى فذكر الخمسة ع . (ومنهم) ابن حجر الهيتمي المتوفى سنة 974 في كتاب (الصواعق المحرقة) ص 101 ط مصر 1213) أخرج أحمد والطبراني وابن أبي حاتم والحاكم عن ابن عباس نزول الآية في الخمسة بعين العبارة المتقدمة . وروى أبو الشيخ وغيره عن علي ما تقدم بعين العبارة وأخرج البزار والطبراني من الحسن خطبته بعين العبارة المتقدمة . (ومنهم) العلامة الشيخ الخطيب الشربيني المتوفى سنة 977 في تفسيره المسمى (بالسراج المنير) (ج 3 ص 463 ط مصر بمطبعة الخيرية) وروى الكلبي عن ابن عباس في حديث : ونزول قوله تعالى : قل لا أسئلكم عليه الخ ، أي على الايمان أجرا إلا المودة في القربى أي لا تؤذوا قرابتي وعترتي واحفظوني فيهم . (ومنهم) العلامة العارف المولى محمد بن پير علي الشهير بالبركوي المتوفى سنة (981) من علماء الدولة العثمانية في شرح كتابه الأربعين حديثا ص 402 فراجع (ومنهم) العلامة المير محمد صالح الكشفي الترمذي في (مناقب مرتضوي) (ص 49 ط بمبئي) بمطبعة محمدي . روى عن كشف الغمة وفصل الخطاب وهداية السعداء نزول الآية في الخمسة ، (*)

ص 14

(هامش)

(ومنهم) العلامة حميد بن أحمد المحلى في كتاب (الحدائق الوردية) (في أوائله مخطوط) وروينا عن ابن عباس نزول الآية في الخمسة ع بعين العبارة المتقدمة وعن ابن عباس في قوله تعالى سلام على آل يس قال : على آل محمد ، وعنه في قوله ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ، قال : الموالاة لآل محمد (ص) (ومنهم) العلامة المولى حسين الكاشفي في (روضة الشهداء) في مخاطبة الرجل الشامي مع على بن الحسين عند المسجد الجامع بعين ما تقدم في السابق . (ومنهم) العلامة المذكور في كتاب (المواهب) (درج 2 ص 243) روى نزول الآية في الخمسة . (ومنهم) الشيخ عبد الله بن محمد بن عامر الشبراوي المتوفى سنة 1172 في كتاب (الاتحاف) ص 5 ط مصر بمطبعة الحلبي . أخرج الإمام أحمد والطبراني والحاكم عن ابن عباس نزولها في الخمسة الطاهرين . وروى البزاز والطبراني خطبة الحسن عليه السلام وفيها نزول الآية فيهم وفي رواية عن ابن عباس ، لما نزلت هذه الآية ، قالوا يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت مودتهم علينا ، إلى آخر ما تقدم (ص 13) (ومنهم) العلامة الشيخ محمد الصبان المتوفى سنة 1206 في كتاب (إسعاف الراغبين) (ص 115 ، المطبوع بهامش نور الأبصار . ط مصر بمطبعة العامرة العثمانية) روى الطبراني وابن أبي حاتم وابن مردويه عن ابن عباس إنما لما نزلت إلى آخر الحديث المتقدم عنه . (ومنهم) القاضي محمد بن علي بن محمد الشوكاني اليماني (*)

ص 15

(هامش)

الصنعاني المتوفى سنة 1250 في تفسير (فتح القدير) (ج 4 ص 522 بمطبعة مصطفى البابي) أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس نزول الآية في الخمسة ع بعين العبارة المتقدمة . وأخرج أبو نعيم والديلمي من طريق مجاهد عن ابن عباس قال رسول الله (ص) : قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى : أي تحفظوني في أهل بيتي تودونهم بي . (ومنهم) العلامة شهاب الدين السيد محمد الآلوسي المتوفى سنة 1270 في تفسير (روح المعاني) (ج 25 ص 29 ط مصر) أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه من طريق ابن جبير عن ابن عباس قال ، لما نزلت هذه الآية : قل لا أسئلكم الخ قالوا يا رسول الله من قرابتك الذين وجبت مودتهم ؟ قال ، علي وفاطمة وولدها . أخرج ابن جرير عن أبي الديلم قال : لما جئ بعلي بن الحسين إلى آخر ما نقلناه عن تفسير الطبري . ثم قال : إلى غير ذلك مما لا يحصى كثرة من الأخبار إلى أن قال : قال مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركب فيها نجى ومن تخلف عنها هلك . (ومنهم) صاحب كتاب (أرجح المطالب) (ص 57) بسنده عن زاذان وغيره عن علي قال : فينا أهل البيت في حم آية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن ثم قرء قل لا أسئلكم الآية (ومنهم) العلامة الشيخ سليمان القندوزي في (ينابيع المودة) (ص 106 ط اسلامبول) أخرج أحمد في مسنده بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما نزول الآية في الخمسة . وأخرج الطبراني في معجمه الكبير أيضا نزول الآية في الخمسة (*)

ص 16

(هامش)

وأخرج ابن أبي حاتم أيضا في تفسيره نزول الآية في الخمسة . وأخرج الحاكم في المناقب أيضا نزول الآية في الخمسة . وأخرج الواحدي في الوسيط أيضا نزول الآية في الخمسة . وأخرج أبو نعيم الحافظ في حلية الأولياء أيضا نزول الآية في الخمسة . وأخرج الثعلبي في تفسيره أيضا نزول الآية في الخمسة . وأخرج الحمويني في فرائد السمطين نزول الآية في الخمسة . (ومنهم) الحافظ جمال الدين البرزندي (على ما في فلك النجاة ص 37 ط لاهور) أنه لما نزلت الآية سأل الأصحاب عن النبي من هم ؟ فأجاب إنهم علي وفاطمة وابناهما . (ومنهم) الطبراني (على ما فيه أيضا ص 47) روى بذلك المضمون . (ومنهم) أحمد بن حنبل في كتاب المناقب (على ما فيه أيضا ص 47) (ومنهم) ابن أبي حاتم في التفسير (على ما فيه أيضا ص 47) بهذا المضمون (ومنهم) الحاكم في المناقب (على ما فيه أيضا ص 47) بهذا المضمون (ومنهم) الواحدي النيسابوري في الوسيط (على ما فيه أيضا ص 47) بهذا المضمون . (ومنهم) صاحب تفسير جامع البيان (على ما فيه أيضا ص 46) بهذا المضمون . (ومنهم) صاحب تفسير جامع البيان (على ما فيه أيضا ص 46) ( ومنهم) الحقاني (على ما فيه أيضا ص 46) (ومنهم) العلامة الشبلنجي المدعو بمؤمن في كتاب (نور الأبصار) (ص 105 ط مصر بمطبعة العامرة العثمانية) قال : روى أنها لما نزلت ، الحديث . (*)

ص 17

(هامش)

(ومنهم) العلامة السيد صديق حسن خان الحسيني الهندي أمير بهوبال في كتابه (هداية السائل في أدلة المسائل) (ص 75) روى عن أبي الشيخ وابن حبان بسندهما عن علي أنه قال فينا : قل لا أسئلكم عليه الخ وكذا في كتابه (الفرع النامي من الأصل السامي) (ص 2 ط بهويال) ما لفظه : في (خطبة الصلاة) : وعلى آله الذين سأل الله عن عباده مودتهم وجعل ركن الايمان محبتهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا واختارهم لشفاعة يوم كان شره مستطيرا . (ومنهم) العلامة أبو بكر بن شهاب الدين العلوي الحسيني الشافعي الحضرمي في كتاب (رشفة الصادي) (ص 21 ط مصر سنة 1303) . أخرج الملا في (سيرته) حديث أن الله جعل أجري عليكم المودة في القربى وإني سائلكم عنهم غدا . أخرج أحمد في المناقب والطبراني في الكبير وغيرهما . وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزلت هذه الآية قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قالوا يا رسول الله من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال علي وفاطمة وابناهما . ونقل البغوي في تفسيره والثعلبي وجزم به عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لما نزل قوله تعالى : قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قال قوم في نفوسهم : ما يريد إلا أن يحثنا على أقاربه فأخبر جبريل النبي (ص) أنهم اتهموه فأنزل : أم يقولون افترى على الله كذبا الآية ، فقال القوم يا رسول الله نشهد أنك صادق فنزل وهو الذي يقبل التوبة عن عباده . أخرج الطبراني في الأوسط والكبير عن أبي الطفيل خطبة الحسن (ع) وفيها : وأنا من أهل البيت الذين افترض الله سبحانه مودتهم وولايتهم فقال فيما أنزل على محمد (ص) قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى . (*)

ص 18

(هامش)

وفي رواية وأنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم وأنزل فيهم : قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ، ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا ، واقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت . وروى السدى عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى : ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا قال : المودة لآل محمد (ص) (ومنهم) محمد محمود الحجازي في تفسيره الواضح (ج 25 ص 19 ط مصر بمطبعة دار الكتاب محمد حلمي) قال ما لفظه : وقيل : هم علي وفاطمة وابناهما ، إلى أن قال : وروى هذا المعنى عن رسول الله وهو المبين عن الله عز وجل . (ومنهم) الفاضل المعاصر عبد الكافي الحسني التونسي في كتابه (السيف المسلول) أو الصارم البتار ص 9 طبع مصر يظهر منه تسلم نزول الآية في حق الخمسة فراجع (ومنهم) العلامة السيد علوي بن طاهر بن عبد الله الهدار الحداد العلوي في كتاب (القول الفصل) (ج 1 ص 482 ط جاوا) روى أبو الشيخ في الثواب من حديث أبي هشام الرماني وهو من رجال الصحيحين روى له الستة وقال ابن عبد البر : أجمعوا على أنه ثقة عن زاذان أبي عبد الله ، روى له البخاري في الأدب المفرد ومسلم في صحيحه والأربعة عن علي كرم الله وجهه قال : فينا في ال حم آية لا يحفظ مودتنا إلا كل مؤمن ثم قرء : قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى . وأخرج الطبراني في الأوسط والكبير باختصار والبزاز ونحوه وبعض طرقهما حسان عن أبي الطفيل خطبة الحسن بن علي بن أبي طالب عليهما السلام وقد تقدم نقلهما فيما مر رواه الحافظ جمال الدين الزرندي عن أبي الطفيل وجعفر بن حبان . ورواه أبو بشر الدولابي من طريق الحسن بن زيد بن حسن بن علي عن أبيه . وأخرجه الحاكم في مستدركه . وأخرج ابن جرير والطبراني عن أبي الديلم عن علي بن الحسين (ع) قد مر متنه فيما مر . (*)

ص 19

عن ابن عباس رحمه الله قال : لما نزلت : قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى قالوا يا رسول الله (ص) من قرابتك الذين وجبت علينا مودتهم ؟ قال : علي وفاطمة وابناهما ، ووجوب المودة يستلزم وجوب الطاعة (إنتهى) . قال الناصب خفضه الله أقول : اختلفوا في معنى الآية فقال بعضهم : الاستثناء (1) منقطع ، والمعنى : لا أسئلكم

(هامش)

وأخرج أحمد والطبراني في الكبير وابن حاتم في تفسيره وقد التزم أن يخرج أصح ما ورد ، والحاكم في مناقب الشافعي والواحدي في الوسيط وابن مردويه كلهم من رواية حسين الأشقر عن قيس بن الربيع عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بنزول الآية في الخمسة . (1) ما ذكره من المعنى للآية على تقدير كون الاستثناء منقطعا غلط واضح لم يذكر أحد من المفسرين ، فإن المستثنى عند كون الاستثناء منقطعا وإن كان غير مخرج عن المستثنى منه إلا أنه يثبت له خلاف ما ثبت للمستثنى منه من الحكم ، فمعنى الآية على ما ذكره الناصب قل لا أسئلكم عليه أجرا وأسألكم سعيي واجتهادي في هدايتكم وتبليغ الرسالة ، فيلزم سؤاله عن فعل نفسه (منه) هذا ما وجد بخط مولينا القاضي الشهيد في هامش الكتاب وأقول : إعلم أن ما اشتهر بين القوم من كون المستثنى المنقطع غير داخل في المستثنى منه لا يتلقاه النظر الصحيح بالقبول على إطلاقه توضيحه : أن المستثنى إن لم يكن داخلا في المذكور كان استثنائه عنه لغوا غير صالح لأن يذكر في كلام العقلاء ، فالمستثنى عند انقطاع الاستثناء أيضا داخل في المذكور بنحو من الدخول ، وليس الاستثناء إلا إخراج ما لولاه لدخل ومعلوم أن الاخراج فرع الدخول بالضرورة العقلية والبداهة الأولية . فالاستثناء في قولهم : جائني القوم إلا حمارا لأجل شمول الحكم بالمجئ على توابع القوم فإن القوم والقبيلة إذا جاءوا يكون معهم مراكبهم ومواليهم أيضا لا محالة فهي (*)

ص 20

على تبليغ الرسالة أجرا لكن المودة في القربى حاصل بيني وبينكم ، فلهذا أسعى واجتهد في هدايتكم وتبليغ الرسالة إليكم ، وقال بعضهم : الاستثناء متصل ، والمعنى لا أسئلكم عليه أجرا من الأجور إلا مودتكم في قرابتي ، وظاهر الآية على هذا المعنى شامل لجميع قرابات النبي (ص) ولو خصصناه بمن ذكر لا يدل على خلافة علي (ع) بل يدل على وجوب مودته ، ونحن نقول : إن مودته واجبة على كل المسلمين ، والمودة تكون مع الطاعة ، ولا كل مطاع يجب أن يكون صاحب الزعامة الكبرى

(هامش)

توابع القوم والحكم عليهم بالمجئ حكم عليها أيضا بالتبع فاستثناء الحمار عنهم إخراج عن الحكم بالمجئ بعد شموله عليه بالتبع ، والذي هو الفارق بين المتصل والمنقطع من الاستثناء بعد اشتراكهما في دخول المستثنى في المستثنى منه دخوله فيه على نحو الحقيقة في المتصل وبنحو من أنحاء الدخول غير الدخول على نحو الحقيقة في المنقطع وفتحصل أن مصحح الاستثناء دخول المستثنى في المستثنى منه بنحو الدخول وإلا فلا يسوغ في قانون المحاورات العرفية استثنائه عنه فلا بد لمن يريد فهم مفاد كريمة : قل لا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ، بحسب المحاورات العرفية أن يحاول التفهم والتفحص عن مصحح استثناء المودة في القربى عن أجر الرسالة . والذي لا ينكره ذو نظر سليم وفهم مستقيم غير منحرف عن جادة الانصاف أنه بعد قيام القرائن الخارجية على أن النبي (ص) لا يطالب من الناس أجرا لرسالته لكون تحمله لاعباء الرسالة خالصا لوجه الله الكريم ومرضاته إن المصحح لاستثناء المودة في القربى عن أجر الرسالة دخولها في أجر الرسالة شانا ، وإن المودة في قربى رسول الله (ص) أجر لرسالته لولا إن الرسالة لاتقبل الأجر عن الناس فتبين أن مفاد الآية أن أجر الرسالة لولا كون مقام الرسالة أجل من أن يؤدي الشاكرون ما يحذيها من العوض ، وكون مقام النبي (ص) أرفع من سؤال الأجر على تحمل الرسالة وأسنى من تنزيل شأن الرسالة إلى حيث يقابلها الناس بشيئ مما يقدرون عليه من الأعواض والأبدال ، وبنى الأمر على ما هو (*)

ص 21

والعجب من هذا الرجل أنه يستدل على المطلوب وكلامه في غاية البعد من الاستدلال وهو لا يفهم هذا (إنتهى) . أقول الظاهر أن دعوى الاختلاف اختلاف من الناصب الذي ليس له خلاق لما تقرر عند المحققين من أهل العربية والأصول أن الاستثناء المنقطع مجاز واقع على خلاف الأصل ، وأنه لا يحمل على المنقطع إلا لتعذر المتصل ، بل ربما عدلوا عن ظاهر اللفظ الذي

(هامش)

طريقة العقلاء من مطالبة الأعواض بإزاء المنافع الواصلة منهم إلى الناس ، لا يكون مما طلبه النبي (ص) بإزاء رسالته إلا المودة في قرباه . وقد أمره الله بهذه المطالبة تنبيها لجماعة المسلمين على أمرين : الأول أن الاهتمام بالمودة في قربى رسول الله (ص) أشد عند الله من سائر الحسنات طرا بحيث كانت هي التي تنبغي مطالبتها أجرا للرسالة . الثاني بيان شدة محبة النبي (ص) لقرباه بحيث لو بنى على مطالبته من الناس أجرا على رسالته لم يطالب عنهم أجرا إلا المودة في قرباه والاحسان إليهم فتبا ثم تعسا لفريق قد ارتكبوا في حق ذراري رسول الله (ص) من المظالم ما لو عكس في مسؤوله وأمر ببغض القربى وعداوتهم لم يأتوا بأكثر منها وهذه المظلمة الخطيرة باقية بين اتباعهم في الأعصار المتتالية عصرا بعد عصر . وهل تكون مظلمة أشد من استقرار سيرتهم على رفض عترة رسول الله (ص) وعلومه المودعة عندهم والأخذ بعنديات جماعة نسبوا أنفسهم العلم والفقه مستندين إلى الأقيسة والآراء والاستحسان والمصالح المرسلة مع أنه قد تواتر عنه (ص) : إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي لن تضلوا ما تمسكتم بهما (وقوله (ص) : مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلف عنها غرق) ثم اعلم أنه تعالى شأنه العزيز جعل أجر الرسالة شيئا مقدورا لكافة البرية ولم يجعله من الأعواض والعروض حتى تختص القدرة عليها بالأغنياء والمثرين فلا عذر لمن (*)

ص 22

هو المتبادر إلى الذهن مخالفين له لفرض الحمل على المتصل الذي هو الظاهر من الاستثناء كما صرح به الشارح العضدي (1) حيث قال : واعلم أن الحق أن المتصل أظهر ، فلا يكون مشتركا (2) ولا للمشترك (3) بل حقيقة فيه ومجاز في المنقطع ، ولذلك لم يحمله علماء الأمصار على المنفصل إلا عند تعذر المتصل ، حتى عدلوا للحمل على المتصل عن الظاهر وخالفوه ، ومن ثم قالوا في قوله : له عندي مأة درهم إلا ثوبا وله على إبل إلا شاة : معناه إلا قيمة ثوب أو قيمة شاة فيرتكبون الاضمار وهو خلاف الظاهر ليصير متصلا ، ولو كان في المنقطع ظاهرا لم يرتكبوا مخالفة ظاهر حذرا عنه (إنتهى) وأما ما ذكره من أن ظاهر الآية على هذا المعنى شامل لجميع قرابات النبي (ص) فمسلم لكن الحديث الصحيح خصصها بعلي وفاطمة وابناهما عليهم آلاف التحية والثناء كما مر (4) بلا حاجة أحدنا إلى تكلف التخصيص بمجرد الاحتمال فقول الناصب : ولو خصصناه اه ليس على ما ينبغي فافهم .

(هامش)

لا وداد له بالنسبة إلى ذوي القربى قرناء الكتاب وقد ظهر مما تلي عليك أن أصحابنا شيعة آل الرسول (ص) هم الذين نالوا هذه الشرافة واستسعدوا بها وهم الذين لم يهلكوا بالبغض لهم ولا بالغلو في حقهم هم الذين تمسكوا بالثقلين ولم يتركوهما هم الذين ركبوا سفينة النجاة هم الذين لم يعرفوا غير أبوابهم هذا ما وفقنا الله تعالى لذكره في المقام وهناك مباحث ومسائل حول الآية الشريفة كالبحث عن أقسام المودة وأنواعها ودرجاتها وكذا الأجر قد طوينا عنه كشحا روما للاختصار ولضيق المجال ونسأل الله سبحانه حسن الخاتمة وأن يديم لنا توفيق ودادهم عليهم السلام إنه القدير على ذلك . (1) قد مرت ترجمته (ج 1 ص 47) . (2) لفظا . (3) معنا . (4) وقد أسلفنا ذكر الأحاديث المخصصة قريبا . (*)

ص 23

وأما ما ذكره : من أنه لا يدل على خلافة علي (ع) ، فجهالة صرفة ، أو تجاهل محض ، لظهور دلالة الآية على أن مودة علي (ع) واجبة بمقتضى الآية حيث جعل الله تعالى أجر الارسال إلى ما (1) يستحق به الثواب الدائم مودة ذوي القربى ، وإنما يجب ذلك مع ، عصمتهم ، إذ مع وقوع الخطاء عنهم يجب ترك مودتهم لقوله تعالى : لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله (2) الآية وغير علي (ع) ليس بمعصوم بالاتفاق ، فتعين أن يكون هو الإمام ، وقد روى (3) ابن حجر (4) في الباب الحادي عشر من صواعقه عن إمامه الشافعي شعرا في وجوب ذلك برغم أنف الناصب وهو قوله : (شعر) يا أهل بيت رسول الله حبكم * فرض من الله في القرآن أنزله كفاكم من عظيم القدر إنكم * من لم يصل عليك لا صلاة له على أن إقامة الشيعة للدليل على إمامة علي (ع) على أهل السنة غير واجب بل تبرعي ، لاتفاق أهل السنة معهم على إمامته بعد رسول الله (ص) ، غاية الأمر أنهم ينفون الواسطة وأهل السنة يثبتونها ، والدليل على المثبت دون النافي كما تقرر في موضعه ، إلا أن يرتكبوا خرق الاجماع بإنكار إمامته مطلقا فحينئذ يجب على الشيعة إقامة الدليل والله الهادي سواء السبيل . قال المصنف رفع الله درجته

الخامسة قوله تعالى : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله (5)

(هامش)

(1) والأنسب بما يستحق . (2) المجادلة الآية 22 . (3) (ص 146 ط مصر سنة 1375) . (4) قد مرت ترجمته (ج 2 ص 222) . (5) البقرة . الآية 207 . (*)

ص 24

قال الثعلبي (1) : رواه ابن عباس أنها نزلت في علي (ع) لما هرب النبي (ص)

(هامش)

(1) روى نزولها في شأن أمير المؤمنين (ع) عدة من أعلام القوم غير الثعلبي ونحن نذكر ما وقفنا عليها من مؤلفيهم ونتبعها ما ننقلها بالواسطة . (فمنهم) أحمد بن حنبل في مسنده (ج 1 ص 331 ط الأول بمصر) قال : حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، ثنا يحيى بن حماد ثنا أبو عوانة ، ثنا أبو بلج ، ثنا عمرو ابن ميمون ، قال : إني لجالس إلى ابن عباس : إذ أتاه تسعة رهط فقالوا يا أبا عباس : إما أن تقوم معنا وإما أن تخلونا هؤلاء قال فقال ابن عباس : بل أقوم معكم ، قال : وهو يومئذ صحيح قبل أن يعمى ، قال فابتدئوا فتحدثوا فلا ندري ما قالوا ، قال : فجاء ينفض ثوبه ويقول : أف وتف وقعوا في رجل له عشر فعد العشرة وقال : وشرى على نفسه لبس ثوب النبي (ص) ، ثم نام مكانه ، قال : وكان المشركون يرمون رسول الله (ص) فجاء أبو بكر وعلي نائم ، قال : وأبو بكر يحسب أنه نبي الله ، قال : فقال يا نبي الله ، قال : فقال له علي : إن نبي الله قد انطلق نحو بئر ميمون فادركه ، قال : فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار ، قال : وجعل علي يرمى بالحجارة كما كان يرمى نبي الله وهو يتضور قد لف رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح ، ثم كشف عن رأسه ، فقالوا إنك للئيم كان صاحبك نراميه فلا يتضور وأنت تتضور وقد استنكرنا ذلك الحديث . (ومنهم) العلامة الطبري في تفسيره (ج 9 ص 140 ط الميمنية بمصر) قال : حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : ثنا : محمد بن ثور عن معمر عن قتادة ومقسم في قوله تعالى : وإذ يمكر بك الذين كفروا ، الآية قالا تشاوروا فيه ليلة وهم بمكة ، فقال بعضهم : إذا أصبح فأوثقوه بالوثاق ، وقال بعضهم : بل اقتلوه ، وقال بعضهم بل أخرجوه فلما أصبحوا رأوا عليا رضي الله عنه فرد الله مكرهم . حدثنا الحسن بن يحيى ، قال أخبرنا عبد الرزاق ، قال : أخبرني أبي عن عكرمة ، قال لما خرج النبي (ص) وأبو بكر إلى الغار أمر علي بن أبي طالب فنام في (*)

ص 25

(هامش)

مضجعه ، فبات المشركون يحرسونه فإذا رأوه نائما حسبوه أنه النبي (ص) فتركوه ، فلما أصبحوا ثاروا إليه وهم يحسبون أنه النبي (ص) ، فإذا هم بعلي فقالوا أين صاحبك قال لا أدري ، قال فركب الصعب والذلول في طلبه . حدثني المثنى ، قال : حدثنا عبد الرزاق عن معمر قال : أخبرني العثمان الجريري أن مقسما مولى ابن عباس أخبره عن ابن عباس في قوله إلى أن قال فاطلع الله نبيه على ذلك فبات على رضي الله عنه على فراش النبي (ص) تلك الليلة الحديث . حدثني محمد بن الحسين ، قال ثنا أحمد بن مفضل ، قال ، ثنا أسباط عن السدي وإذ يمكر بك الذين كفروا الآية قال اجتمعت مشيخة قريش يتشاورون في النبي صلى الله عليه وسلم بعد ما أسلمت الأنصار وفرقوا أن يتعالى أمره إذ وجد ملجا لجا إليه فجاء إبليس في صورة رجل من أهل بجد فدخل معهم في دار الندوة ، فلما أنكروا قالوا : من أنت فوالله ما كل قومنا أعلمناهم مجلسنا هذا ؟ قال : أنا رجل من أهل نجد أسمع من حديثكم وأشير عليكم ، فاستحيوا فخلوا عنه فقال بعضهم خذوا محمدا إذا اضطجع على فراشه فاجعلوه في بيت يتربص به ريب المنون ، إلى أن قال : قال أبو جهل وكان أولاهم بطاعة إبليس : بل نعمد إلى كل بطن من بطون قريش فنخرج منهم رجلا فنعطيهم السلاح فيشدون على محمد جميعا فيضربونه ضربة رجل واحد فلا تستطيع بنو عبد المطلب أن يقتلوا قريشا فليس لهم إلا الدية ، قال إبليس : صدق وهذا الفتى هو أجودكم رأيا فقاموا على ذلك ، وأخبر الله رسوله (ص) فنام على الفراش وجعلوا عليه العيون فلما كان في بعض الليل انطلق هو وأبو بكر إلى الغار ونام علي بن أبي طالب على الفراش الحديث . (ومنهم) العلامة الحافظ الحاكم في المستدرك (ج 3 ص 4 حيدر آباد الدكن) قال : قد حدثنا بكر بن محمد الصيرفي بمرو ، ثنا عبيد بن قنفذ البزار ، ثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني ، ثنا قيس بن الربيع ، ثنا حكيم بن جبير عن علي بن الحسين قال : (*)

ص 26

(هامش)

إن أول شرى نفسه ابتغاء مرضاة الله علي بن أبي طالب ، وقال علي عند مبيته على فراش رسول الله (ص) : وقيت بنفسي خير من وطئ الحصى * ومن طاف بالبيت العتيق وبالحجر رسول الله خاف أن يمكروا به * فنجاه ذو الطول الإله من المكر وبات رسول الله في الغار آمنا * موقى وفي حفظ الإله وفي ستر وبت أراعيهم ولم يتهمونني * وقد وطنت نفسي على القتل والأسر الذهبي في تلخيص المستدرك (ج 3 ص 4 ط حيدر آباد الدكن) أورد الحديث المتقدم عن المستدرك . (ومنهم) العلامة الثعلبي في تفسيره على ما في اللوامع (ج 2 ص 376 ط لاهور) . وكما في العمدة للعلامة ابن بطريق ص 124 وكما في مناقب الكاشي المخطوط روى بإسناده عن السدي ، قال ابن عباس . ومن الناس من يشري نفسه ، الآية نزلت في علي بن أبي طالب حين هرب النبي من المشركين إلى الغار مع أبي بكر ونام علي على فراش النبي (ص) وروى بإسناده أن رسول الله (ص) لما أراد الهجرة خلف علي بن أبي طالب بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده وأمره ليلة الخروج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار ، ونام على فراشه فقال يا علي اتشح ببرد الحضرمي ثم نم على فراشي فإنه لا يخلص إليك مكروه إن شاء الله وفعل ذلك علي رضي الله عيه ، فأوحى الله عز وجل إلى جبرئيل وميكائيل إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر وأيكم يؤثر صاحبه بالحياة فاختار كلاهما الحياة ، فأوحى الله إليهما ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه وبين محمد (ص) فنام على فراشه يفديه بنفسه ويؤثر بالحياة اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه ، فكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجله ، فقال جبرئيل بخ بخ من مثلك يا بن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة ، فأنزل الله تعالى على رسوله وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي : ومن الناس من يشري نفسه الآية . (*)

ص 27

(هامش)

(ومنهم) العلامة الحافظ أبو نعيم الأصفهاني في كتاب (ما نزل في شأن علي) (على ما في تفسير اللوامع ج 2 ص 375) روى بإسناده عن ابن عباس قال : بات علي بن أبي طالب ليلة خرج النبي (ص) إلى الغار على فراشه ونزلت ومن الناس من يشري نفسه الآية (ومنهم) العلامة قدوة العرفاء والأخلاقيين الشيخ أبو حامد محمد الغزالي المتوفى سنة 505 في كتاب (إحياء العلوم ج 3 ص 224) قال : إن ليلة بات علي بن أبي طالب ، فساق الحديث بنحو ما تقدم عن الثعلبي . (ومنهم) العلامة موفق بن أحمد خطيب خوارزم (على ما في اللوامع ج 2 ص 375 ط لاهور) روى بإسناده عن علي بن الحسين : إن أول من شرى نفسه ابتغاء رضوان الله علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ، وقال علي عند مبيته على فراش رسول الله : وقيت بنفسي إلى آخر ما تقدم . وروى بإسناد آخر قريبا من ذلك ، (ومنهم) العلامة فخر الدين الرازي في تفسيره (ج 5 ص 223 ط البهية بمصر) أورد نزول الآية في علي حيث بات على فراش رسول الله (ص) ليلة خروجه إلى الغار . ويروي أنه نام على فراشه قام جبرئيل ع عند رأسه وميكائيل عند رجليه وجبريل ينادي : بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة ونزلت الآية . (ومنهم) العلامة عز الدين الجزري المعروف بابن الأثير في (أسد الغابة) (ج 4 ص 25 ط جمعية المعارف بمصر) قال : أنبأنا أبو العباس أحمد بن عثمان بن أبي علي الدزدارى بإسناده إلى الأستاذ أبي (*)

ص 28

(هامش)

إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي المفسر قال : رأيت في بعض الكتب أن رسول الله (ص) لما أراد الهجرة خلف علي بن أبي طالب بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده وأمره ليلة خرج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار أن ينام على فراشه وقال له : اتشح ببردي الحضرمي الأخضر فإنه لا يخلص إليك منهم مكروه إن شاء الله تعالى ففعل ذلك فأوحى الله إلى جبرئيل وميكائيل ع إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة ، فاختار كلاهما الحياة فأوحى الله عز وجل إليهما أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه وبين نبي محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثر بالحياة اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه ، فنزلا فكان جبرئيل عند رأس علي وميكائيل عند رجليه وجبرئيل ينادي بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله عز وجل بك الملائكة فأنزل الله عز وجل على رسوله وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله (ومنهم) العلامة السبط بن الجوزي في (التذكرة) (ص 208 ط النجف) أورد خطبة الحسن ع قال : وبات أمير المؤمنين يحرس رسول الله (ص) من المشركين وفداه بنفسه ليلة الهجرة حتى أنزل الله فيه : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله . (ومنهم) الكنجي الشافعي في (كفاية الطالب) (ص 14 ط الغري) قال : ذكر الثعلبي في تفسير قوله تعالى : ومن الناس الآية : أن النبي لما أراد الهجرة إلى المدينة خلف علي بن أبي طالب بمكة لقضاء ديونه وأداء الودائع التي كانت عنده وآمر ليلة خرج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار أن ينام على فراشه وقال له : اتشح ببردي الحضرمي الأخضر ونم على فراشي فإنه لا يصل منهم إليك مكروه إن شاء الله (*)

ص 29

تعالى ففعل ذلك على (ع) فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل : إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة فاختار كلاهما الحياة فأوحى الله تعالى إليهما : أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه وبين محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه ، فنزلا فكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه وجبرئيل ينادي بخ بخ من مثلك يا علي بن أبي طالب يباهي الله تبارك وتعالى بك الملائكة ، فأنزل الله على رسوله وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي (ع) ومن الناس من يشري ، الآية قال ابن عباس نزلت في علي حين هرب النبي (ص) من المشركين إلى الغار مع أبي بكر ونام على فراش النبي هذا لفظ الثعلبي في تفسيره . وذكره ابن جرير بطرق شتى إنها نزلت في علي (ع) على ما ذكره . ورواه الطبراني أن عليا (ع) نام على فراش النبي حين هرب إلى الغار وفداه بنفسه . ورواه ابن سبع المغربي في شفاء الصدور في بيان شجاعة علي (ع) . وقال : إن علماء العرب أجمعوا على أن نوم علي (ع) على فراش رسول الله أفضل من خروجه معه ، وذلك أنه وطن نفسه على مفاداته لرسول الله وآثر حياته على حياته وأظهر شجاعته بين أقرانه . أخبرنا القاضي العلامة مفتي الشام أبو نصر محمد بن هبة الله بن قاضي القضاة شرقا وغربا أبي نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن مميل الشيرازي قال : أخبرنا الحافظ أبو القاسم على بن الحسن ، أخبرنا الشيخ أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني ، أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد التميمي ، أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان القطيعي ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن أحمد بن حنبل ، حدثني أبي ، حدثنا أبو عوانة ، حدثنا أبو بلج ، حدثنا عبد عمرو وبن ميمون قال : إني جالس إلى ابن عباس إذ أتاه تسعة رهط فذكر ابن عباس لهم عشرة فضائل لعلي ومنها قال : وشرى علي (ع) نفسه (*)

ص 30

(هامش)

لبس ثوب النبي ثم نام مكانه إلى آخر الحديث . (ومنهم) العلامة القرطبي في (الجامع لأحكام القرآن) (ج 3 ص 21 ط مصر سنة 1376) . نقل نزولها في علي رضي الله عنه حين تركه النبي (ص) في فراشه ليلة خرج إلى الغار (ومنهم) العلامة الحمويني على ما في اللوامع (ج 2 ص 377 ط لاهور) . روى عن علي بن الحسين : إن أول من شرى نفسه ابتغاء رضوان الله وأنشد عند مبيته على فراشه وقيت بنفسي خير من وطئ الحصى علي بن أبي طالب (ع) (ومنهم) العلامة النيشابوري في (تفسيره) (ج 2 ص 208 بهامش تفسير الطبري الميمنة بمصر) قال : يروى أنه لما نام على فراشه قام جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه وجبريل ينادي بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب يباهي الله بك الملائكة ونزلت : ومن الناس من يشري الآية . (ومنهم) العلامة أبو حيان المغربي الأندلسي المتوفى سنة 754 في كتاب (البحر المحيط) (ج 2 ص 118 ط مطبعة السعادة بمصر) قال : نزلت في علي حين خلفه رسول الله (ص) بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع وأمره بمبيته على فراشه ليلة خرج مهاجرا (ص) (ومنهم) العلامة الشيخ محمد الكازروني في (السيرة المحمدية) (مخطوط عند التعرض لواقعة الهجرة) قال : وأورد الإمام حجة الإسلام أبو حامد محمد الغزالي في كتاب (إحياء العلوم) أن ليلة بات علي بن أبي طالب رضي الله عنه على فراش رسول الله (ص) أوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل ، وساق الحديث بنحو ما قدمنا عن الثعلبي والاحياء . (*)

ص 31

(هامش)

(ومنهم) العلامة ابن صباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 30 ط النجف) قال : أورد الإمام حجة الإسلام أبو حامد محمد الغزالي في كتاب (إحياء العلوم) أن ليلة الحديث . (ومنهم) العلامة ملا معين الدين الكاشفي في (معارج النبوة في مدارج الفتوة) (ج 4 ص 4 ط لكهنو) قال : أنزلها الله تعالى في حق علي (ع) وذكر جبرئيل وميكائيل وبخبختهما له بنحو ما تقدم . (ومنهم) العلامة القسطلاني في (المواهب اللدنية) إلى ما في تفسير اللوامع (ص 377 ط لاهور) قال : فلما كان الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام فيثبوا عليه فأمر عليا فنام مكانه وتغطى ببرد أخضر ، فكان أول من شرى وفي ذلك يقول : وقيت بنفسي الخ . (ومنهم) صاحب كتاب المجمع والمباني (على ما في اللوامع ج 2 ص 377 ط لاهور) . روى عن ابن عباس نزلت هذه الآية في علي بن أبي طالب حين هرب النبي عن المشركين إلى الغار ونام علي على فراش النبي ونزلت الآية بين مكة والمدينة . وروى أنه لما نام علي على فراشه ، قام جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه وجبرئيل ينادي بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب حين يباهي الله بك الملائكة . (ومنهم) المؤرخ الشهير غياث الدين همام المعروف بخواند مير في (حبيب السيرة) (ج 2 ص 11 ط طهران) قال ذكر في كثير من كتب التواريخ والسير نزول قوله تعالى : ومن الناس (*)

ص 32

(هامش)

من يشرى نفسه ، في علي (ع) حيث على فراش النبي (ص) الخ . (ومنهم) العلامة شاه عبد الحق الدهلوي في كتاب (مدارج النبوة) (ص 79 ط لكنهو) . أورد نزول الآية في علي ليلة المبيت . (ومنهم) العلامة المير محمد صالح الكشفي الترمذي في (مناقب المرتضوي) (ص 33 ط محمدي بمبئي) . حيث نقل نزول الآية في حق علي (ع) بعد ما نام على فراش النبي وأسنده إلى كتاب ابن الأثير الجامع بين الكاشف والكشاف وإلى تفسير الثعلبي بأسانيدهما عن عبد الله بن عباس بالمضمون الذي قد مر في نقل كلام الخطيب الكازروني في السيرة المحمدية فراجع . (ومنهم) العلامة الآلوسي في (روح المعاني) (ج 2 ص 83 ط المنيرية بمصر) قال : قال الإمامية وبعض منا أنها نزلت في علي كرم الله وجهه حين استخلفه النبي على فراشه بمكة لما خرج إلى الغار . (ومنهم) العلامة السيد أحمد زيني دحلان في (السيرة النبوية) (ج 1 ص 306 ط مصر بهامش السيرة الحلبية) . أورد تفصيل الحديث فقال : فكان علي رضي الله عنه أول من شرى نفسه ابتغاء مرضات الله وأورد الأبيات المذكورة (ومنهم) العلامة الشيخ السيد سليمان الرضوي النسب الحنفي المذهب القندوزي الأصل في ينابيع المودة (ص 92 ط اسلامبول) روى موفق بن أحمد بسنده عن حكيم بن جبير عن علي بن الحسين رضي الله عنه قال : إن أول من شرى نفسه ابتغاء مرضاة الله علي بن أبي طالب . روى الحمويني أيضا بعينه . (*)

ص 33

(هامش)

روى الثعلبي عن ابن عباس وأبو نعيم الحافظ بسنده عن ابن عباس قال : بات علي على فراش رسول الله ليلة خروجه من مكة ، ونزلت : ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله . وروى الثعلبي في تفسيره وابن عقبة في ملحمته وأبو السعادات في فضائل العترة الطاهرة والغزالي في الإحياء بأسانيدهم عن ابن عباس وأبي رافع وعن هند بن أبي هالة ربيب النبي (ص) أمه خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها قالوا : قال رسول الله (ص) أوحى إلى جبرئيل وميكائيل بعين ما تقدم فيما مر إلى أن قال : فأنزل الله : ومن الناس من يشري . الآية . (ومنهم) الشيخ عز الدين عبد الرزاق المتحدث الحنبلي (على ما في البحار ج 9 ص 91 ط كمپاني قال) : نزلت في مبيت علي (ع) على فراش رسول الله (ص) (ومنهم) صاحب كتاب (فضائل الصحابة) (على ما في البحار ج 9 ص 92 ط أمين الضرب) روى عن عبد الملك العكبري وعن أبي المظفر السمعاني بإسنادهما عن علي بن الحسين عليه السلام قال : أول من شرى نفسه لله على بن أبي طالب الحديث (ومنهم) ابن عقب في (الملحمة) (على ما في البحار ج 9 ص 92 ط كمپاني) . أورد نزول الآية في علي (ع) (ومنهم) أبو السعادات في (فضائل العترة) (كما في البحار ج 9 ص 92 طبع أمين الضرب) . أورد نزول الآية في علي (ع) هذا ما وفقنا لإيراده في المقام من كلمات القوم في نزول هذه الآية الكريمة ولا تسئل (*)

ص 34

من المشركين إلى الغار خلفه لقضاء ديونه ورد ودايعه ، فبات على فراشه وأحاط المشركون بالدار ، فأوحى الله تعالى إلى جبرئيل (ع) وميكائيل إني قد آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر ، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة ؟ فاختار كل منهما الحياة ، فأوحى الله تعالى إليهما ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب ؟ آخيت بينه وبين محمد (ص) فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثر بالحياة ، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه ، فنزلا وكان جبرئيل (ع) عند رأسه وميكائيل (ع) عند رجليه فقال جبرئيل : بخ بخ من مثلك يا ابن أبي طالب ، يباهي الله تعالى بك الملائكة (1) (إنتهى) .

(هامش)

عما حل بنا من المتاعب في البحث والتنقيب والمراجعة إلى المآت من كتبهم على تنوعها واختلاف شئونها . وليت شعري هل بعد ذلك لإخواننا السنة عذر يوم الحشر لدى النبي الأكرم (ص) كلا ثم كلا كيف وهذه أحاديث صراح في الدلالة صحاح في السند كما هو واضح لمن راجع كتبهم التي ألفوها في الرجال والأسانيد والبحث عن حال الرواة من الصحابة التابعين وكذا ما زبروها في التراجم وأرجو من سماحة علمائهم أن يمنعوا النظر في ذلك ويتركوا تقليد السلف من غير رواية وأن لا يطفئوا سراج الفطنة الوقادة التي هي وديعة الله سبحانه في بني آدم أعاذنا الله وإياهم من ذلك والسلام على من اتبع الهدى . (1) إعلم أن إدراك كنه الفضيلة التي تنبئ عنها القرآن في هذه الكريمة النازلة في شأن أمير المؤمنين علي (ع) يتوقف على تعيين مراتب غايات أفعال الانسان بحسب الشرف والخسة ، ومراتب نفس تلك الأفعال بحسب كثرة ما يبذله من نفسه في إيجاده وقلته ونحن نتعرض له إجمالا : تعين مراتب غايات الأفعال إن غايات أفعال العقلاء التي هي محط أغراضهم إصدارها وهي المائز بين أفعالهم (*)

ص 35

(هامش)

وأفعال السفهاء والمجانين على مراتب بحسب الشرف والضعة ونحن نتعرض لتعيينها باديا من الأخس إلى الأشرف ومن الأدنى إلى الأعلى على الترتيب ليعلم نسبة كل مرتبة مع مرتبة أخرى ودرجات الفرق . بينهما . ولا يخفى عليك أن ما نتصدى له من التعيين إنما هو بحسب ملاحظة كل واحدة من المراتب بنفسها استقلالا من دون ملاحظة ما يقترن بها في الوجود بالملازمة أو اتفاقا وإلا فقد تترقى درجتها لوقوعها في طريق الوصول إلى مرتبة أعلى منها أو تتنزل لمنافاتها للوصول إلى مرتبة أخرى بل قد تتنزل عن اخس المراتب وتصل إلى ما دونها (المرتبة الأولى) تحصيل النسب الاعتبارية بينه وبين سائر الموجودات وهي نسب عادمة للحقيقة قائمة بالقوة المتخيلة وليس بحذائها شيئ في الخارج ، وعمدتها التي تتعلق بها الغرض غالبا أمران : المالكية ، وهي نسبة اعتبارية بينه وبين غيره من الأشياء لا توجد بها أية نسبة حقيقية بين المالك والمملوك تحصل بها مزية حقيقية خارجية تختص بالمالك دون غيره من الأشخاص ولهذا القسم أنواع متكثرة متصاعدة متنازلة قد طوينا عن ذكرها كشحا إحالة إلى مظان التحقيق في ذلك ، والرئاسة وهي نسبة اعتبارية بينه وبين سائر الأشخاص ، وتلك المرتبة الاعتبارية أخس أغراض الانسان وغاياته في شئون أفعاله وأعماله إذا لوحظت بذاتها من دون ما يقارنها أحيانا (المرتبة الثانية) تحصيل نسب نفسانية في نفوس غيره من أفراد الانسان كتوليد اعتقاد الفضل والفضلية في حقه ، وهذه المرتبة فوق المرتبة المتقدمة لكون متعلق القصد فيها أمورا حقيقية نفسانية وإن كانت أخس من غيرها لكون النسب المذكورة إذا لوحظت بما هي مع قطع النظر عن أثر يترتب عليها ليست نفعا عائدا إلى من يقوم به ولا فضلا واقعيا بالنسبة إلى من يعتقد الفضل في حقه بل مجرد تصوره في حقه الحاصل من نفوس الناس وليس الفضل والفضلية إلا هي التي تكون له واقعا سواء اعتقد غيره بوجودها فيه أم لاء (*)

ص 36

(هامش)

(المرتبة الثالثة) سوق النفس إلى مقتضى فطرة الحب والبغض لبعض الأشياء بذاتها من دون ملاحظة جر النفع إلى نفسه أو غيره ولا دفع الشر عنهما (المرتبة الرابعة) تحصيل ما يتوقف عليه تلذاذته الجسمانية (المرتبة الخامسة) (تحصيل ما يتوقف عليه دفع الآلام الجسمانية عنه (المرتبة السادسة) إيجاد صفات تميل إليها الانسان وتستحسنها نفسه بمقتضى ما جبلت في فطرته الطبيعية كالجمال (المرتبة السابعة) إيصال النفع إلى الغير بمقتضى بعض الفطريات كفطرة الرحم . وهذه المرتبة أعلى من المراتب السابقة لكون الانسان في هذه المرتبة من عوامل الخير ويخرج بها وجوده عن حد الاستواء مع العدم بالنسبة إلى غيره من الموجودات . (المرتبة الثامنة) تحصيل ما يستحسنها العقل من الأوصاف الكمالية التي ترتقى بها النفس إلى ذروة الكمال في هذه النشأة كالعلم وسائر الملكات الفاضلة ، وثبوت هذه المرتبة لها إنما هي إذا كانت قد أرادها في هذه النشأة بما هي فقط وإلا فلو أريد بها الوصول إلى الكمال في الحياة الدائمة فترقى مرتبتها إلى إحدى المراتب العالية منها . هذه مراتب الأغراض الدنيوية وهي على اختلاف درجاتها يشترك جميعها في أنها متعلقة بالحياة الزائلة التي لا تبقى إلا مدة يسيرة . فهي أخس لا محالة من مراتب الغايات والأغراض الأخروية التي تتعلق بالحياة الدائمة التي همها لا ينفد ونعيمها لا يزول وتلك الأغراض الأخروية لها ثلاث مراتب نذكرها على حذو المراتب السابقة من الأدنى إلى الأعلى حتى تنتهي إلى غاية هي أعلى الغايات وغرض هو أسنى الأغراض ( المرتبة التاسعة) جلب اللذائذ في النشأة الآخرة والحياة الأبدية والوصول إلى النعم الدائمة الغير الزائلة . (المرتبة العاشرة) دفع الآلام في تلك النشأة والتحرز عن العذاب الأبدي . (المرتبة الحادي عشر) تحصيل مرضاة الرب جلت عظمته والقرب إلى جنابه ، وهذا (*)

ص 37

(هامش)

غاية كمال الممكن ولا كمال أعلى له من القرب إلى الواجب تعالى شأن الذي ذات الممكن عين التعلق له والتعلق له هو حيثية وجوده ، كما هو المقرر في العلوم العقلية ولا لذة ألذ للمخلوق من التحبب إلى خالقه وتحصيل مرضاته ، وهذه المرتبة هي الغاية القصوى من أغراض الانسان ومقاصده ، وهي التي ملأت قلب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه وأفرغته عن غيرها من مراتب أغراض البشر بحذافيرها وقطع العلائق عن قلبه حتى الوصول إلى نعيم الجنة والتحرز عن عذاب الآخرة وجعلها معلقة إلى مرضاة ربه وعقدها بمحبة مولاه . قال عليه السلام في دعائه المعروف بعد كلام طويل له مع مولاه : هبني صبرت على حر نارك فكيف أصبر على فراقك ، وبالجملة على اشتاقت الجنة إليه وزفت له . وهو قد اشتاق إلى وجه الله الكريم ولم يعبد الله إلا خالصا لوجهه قال (ع) : ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك بل وجدتك أهلا للعبادة تعيين مراتب الأفعال وأما تعيين مراتب ما يبذله الانسان لتحصيل تلك الغايات فنقول إنها على ست مراتب : (المرتبة الأولى) بذل متعلقاته الاعبتارية أعني ما أضيف إليه اعتبارا من غير ربط حقيقي بينهما : وهو بذل المال وما يحذوه من المتعلقات الاعتبارية . (المرتبة الثانية) بذل متعلقاته الحقيقية ، أعني ما أضيف إليه حقيقة وحصل بينهما ربط حقيقي وإضافة حقيقة ، ومن هذا القبيل بذل الولد والأخ وما يحذو حذوهما وهذه المرتبة أشق عليه من المرتبة المتقدمة (المرتبة الثالثة) بذل الصفات والأعراض الجسمانية كبذل استقامة مزاجه وصحة بدنه (المرتبة الرابعة) بذل شيئ من أجزائه كاليد والرجل وغيرهما من أعضائه . (المرتبة الخامسة) بذل شيئ من الصفات النفسانية (*)

ص 38

قال الناصب خفضه الله أقول : اختلف المفسرون فيمن من ؟ قال كثير منهم : نزلت في صهيب الرومي (1)

(هامش)

(المرتبة السادسة) بذل النفس وإفنائها في طريق الغاية وهي أعظم ما يبذله الانسان في طريق الوصول إلى مقصده بل لا يبقى هناك باذل يبذل لكون المبذول هو نفس الباذل وعينه إذا عرفت مراتب الغايات ومراتب ما يبذله الانسان في طريق الوصول إليها من شؤونه تقف على ما يحصل هناك من المراتب بحسب تلفيق كل مرتبة من مراتب الغايات مع كل مرتبة من مراتب ما يبذله الانسان في طريق وصولها ، وأعلى جميع تلك المراتب المتكثرة الذي لا يتصور فوقه مرتبة هو ملفقة المرتبة العليا من كلا الطرفين أعني بذل النفس لمجرد تحصيل مرضاة الله وهي مرتبة شامخة لا يرقى إليها الطير وينحدر عنها السيل ينبئ عنها كلام الباري سبحانه ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله في حق إمام المسلمين وسيد العابدين وقدوة الموحدين أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام ، وقد أعرض عن الدنيا وأعراضها الدنية حتى أنه عليه السلام كما في الاستيعاب (ج 2 ص 465) كان يقول على المنبر من يشتري مني سيفي هذا فلو كان عندي ثمن إزار ما بعته فقام إليه رجل فقال نسلفك ثمن إزار قال عبد الرزاق وكانت بيده الدنيا كلها إلا ما كان من الشام ، وكان تورعه عن أهواء الملك بحيث قال لابن عباس حين خضعت له الرقاب وذلت له إمارة المسلمين وقد أشار إلى نعله حين يصلحه بيده : ما تعدل إمارتكم عندي نعلي هذه (إنتهى) ، وقد جاهد في الله لله ولم يجعل لشيئ من الأغراض إلى نياته سبيلا وكان الله نصب عينيه في جميع أحواله وقد روي أنه لما جلس على صدر عمرو بن عبد ود يوم الخندق ليقتله ألقى عمرو البصاق على وجهه الشريف قام عن صدره وتنحى عنه ثم عاد إلى أن يقتله فسئله عمرو عن ذلك قال (ع) لقد هاج في نفسي شيئ فخفت أن يختلط ما أردت من مرضاة الله بشيئ من هويها . هذا ما جرى به القلم حال التحرير ، وللكلام في هذا المضمار شؤون وما أوردناه نبذ يسير من ذلك ، ونعتذر من القراء الكرام حيث خرجنا عن وضع التعليقة والعذر لديهم مقبول . (1) هو أبو يحيى النمري سبته الروم فابتاعته (كلب) فقدمت به مكة فابتاعته ابن جدعان (*)

ص 39

وأنه كان رجلا غريبا بمكة ، فلما هاجر رسول الله (ص) قصد الهجرة ، فمنعه قريش من الهجرة ، فقال : يا معشر قريش إنكم تعلمون أني كثير المال ، وإني تركت لكم أموالي فدعوني أهاجر في سبيل الله ولكم مالي فلما هاجر وترك الأموال أنزل الله هذه الآية فلما دخل صهيب على رسول الله (ص) وقرء عليه الآية قال له نربح البيع وأكثر المفسرين على أنها نزلت في الزبير (1) بن عوام ومقداد بن الأسود (2)

(هامش)

التيمي فأعتقه وهو صحابي مشهور ، شهد بدرا ، مات سنة ثمان وثلاثين وقيل ثمان وثمانين 88 هكذا في الاستيعاب (ج 1 ص 314 طبع حيدر آباد) وفي خلاصة الخزرجي (ص 148 طبع القاهرة) (1) هو ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي أبو عبد الله أمه صفية بنت عبد المطلب بن هاشم عمة رسول الله (ص) هكذا في الاستيعاب (ج 1 ص 201 طبع حيدر آباد) وقال : إنه أسلم وهو ابن خمس عشرة سنة قال سنة 36 في منصرفه من وقعة الجمل وقبره بوادي السباع من البصرة كما في خلاصة الخزرجي ص 103 . (2) هو المقداد بن الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة الزهري وقيل في نسبه المقداد بن عمر وبن ثعلبة بن مالك بن ربيعة بن ثمامة بن مطرود بن عمرو بن سعد البهراوي من بهراء بن عمرو بن الحاف بن قضاعة ، وقيل بل هو كندي من كندة ، وقال أحمد بن صالح المصري : المقداد حضرمي وحالف أبوه كندة فينسب إليها وحالف هو بني زهرة هكذا في الاستيعاب (ج 1 ص 279 طبع حيدر آباد) إلى أن قال : إن أول من أظهر الإسلام سبعة منهم المقداد ، وكان من الفضلاء النجباء الكبار الخيار من أصحاب النبي (ص) ونقل بسنده عنه (ص) أنه قال إنه لم يكن نبي إلا أعطى سبعة نجباء ووزراء ورفقاء وإني أعطيت أربعة عشر وعد منهم المقداد ، شهد المقداد فتح مصر ومات في أرضه بالجرف ، فحمل إلى المدينة ودفن بها سنة 33 ، روى عنه من كبار التابعين ، طارق بن شهاب وعبيد الله بن عدي بن الخيار وعبد الرحمن بن أبي ليلي إلى (*)

ص 40

لما بعثهما رسول الله (ص) لينزلوا خبيب بن عدي (1) من خشبة

(هامش)

أن قال : وروى سليمان وعبد الله ابنا بريدة عن أبيهما قال : قال رسول الله (ص) : إن الله عز وجل أمرني بحب أربعة من أصحابي وأخبرني أنه يحبهم ، فقيل يا رسول الله من هم ؟ قال : علي والمقداد وسلمان وأبو ذر الخ ، وقال الخزرجي في (الخلاصة) (ص 341 ط مصر) ما ملخصه : إنه كان فارس المسلمين يوم بدر وهاجر إلى الحبشة وشهد المشاهد الخ قال العلامة الرجالي الميرزا محمد الاسترآبادي في (الرجال الوسيط) ما لفظه قال : قال أبو جعفر عليه السلام : ارتد الناس إلا ثلاثة نفر ، سلمان وأبو ذر والمقداد إلى أن قال : والروايات في جلالة قدره أكثر من أن يسعها المقام وفضله بين الخواص والعوام أشهر من أن يحتاج إلى البيان انتهى وبالجملة أمر الرجل في النبالة والتثبت فوق ما تحوم حوله العبادة وقد عده جماعة من أرباب الرجال والتراجم من حواري مولانا أمير المؤمنين وأخصائه ، وله عقب مبارك فيهم العلماء والشعراء والمحدثون والفقهاء قد ذكر بعضهم في كتب الرجال ومعاجم التراجم ، وقد أوردنا مشجرة بعض ذراريه في كتابنا المعد لذكر أنساب غير العلويين فليراجع . (1) هو خبيب بالخاء المعجمة ابن عدي الأنصاري من بني عوف بن عمر وبن عوف قال في الاستيعاب (ج ص 162 ط حيدر آباد) ما لفظه شهد بدرا واسر يوم الرجيع في السرية التي خرج فيها مرثد بن أبي مرثد وعاصم بن ثابت وخالد بن البكير فقتلوا وذلك في سنة ثلاث ، واسر خبيب وزيد بن الدثنة فانطلق المشركون بهما إلى مكة فباعوهما ، فاشترى خبيبا بنو الحارث بن عامر وكان خبيب قد قتل الحارث بن عامر يوم بدر إلى أن قال : ثم خرجوا به من الحرم ليقتلوه فقال : دعوني أصلي ركعتين فكان أول من صلى ركعتين عند القتل ، ثم قال : اللهم أحصهم عددا ، ثم قال : (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج3)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب