ص 41
التي صلب عليه ، فكان صلب بمكة وحوله أربعون من المشركين ، ففديا بنفسهما حتى
أنزلاه فنزل الله الآية ولو كان نازلا في شأن أمير المؤمنين علي (ع) فهو يدل على
فضله واجتهاده في طاعة النبي (ص) ، وبذل الروح له وكل هذه مسلمة (1) ، لا كلام لأحد
فيه ، ولكن ليس (2) هو بنص في إمامته كما لا يخفى (إنتهى) .
(هامش)
شعر فلست أبالي حين اقتل مسلما * على أي جنب كان في الله مصرعي وذلك في ذات الإله
وأن يشا * يبارك على أوصال شلو ممزل وصلب بالتنعيم ، وكان الذي تولى صلبه عقبة بن
الحارث وأبو هبيرة العبدري ، إلى أن قال : وروى عمرو بن أمية الضمري قال : بعثني
رسول الله (ص) إلى خبيب بن عدي لأنزله من الخشبة ، فصعدت خشبته ليلا ، فقطعت عنه
وألقيته فسمعت وجبة خلفي ، فالتفت فلم أر شيئا ، إلى آخر ما قال . (1) فبالله عليك
أيها المصنف أفبعد تسليم هذه الفضائل واجتماعها في شخص هل يبقى ريب وشك في زعامته
وتقدمه وإنه ممن جعله الله تعالى خليفة لرسوله ونائبا عنه في إبقاء شرعه كلا ثم كلا
. (2) إعلم أن دلالة الآيات النازلة في شأن أمير المؤمنين علي (ع) على إمامته
الإلهية وزعامته الربانية من وجهين ، فإنها مضافا إلى دلالة خاصة في بعضها تختص بها
في الدلالة على الإمامة دلالة عامة عليها بنسق واحد في جميع الآيات ، وهي دلالتها
على صغرى البرهان الذي نبه المصنف (قده) لكبريها عند الشروع في البحث ، أعني دلالة
بديهة العقول على قبح تقديم المفضول على الفاضل وقد اتفقت عليه قاطبة العقلاء ولم
يخالفهم في ذلك إلا من انسلخ عن الفطرة العقلانية وقام بإنكار حكم العقل بالحسن
والقبح في العالم رأسا ، وقد تقدم بسط الكلام في توضيح الكبرى المذكور متنا وهامشا
فلم يبق (*)
ص 42
أقول روى (1) فخر الدين الرازي (2) ونظام الدين النيشابوري (3) في تفسيريهما : أن
الآية نزلت في شأن علي (ع) كما رواه المصنف ، ورووا أيضا نزوله في شأن صهيب عن سعيد
بن المسيب (4) هو شقي فاسق من أعداء أهل البيت عليهم السلام كما يستفاد من كتب
الجمهور أيضا ، ومن جملة آثار عداوته ما روى أنه لم يصل على جنازة علي بن الحسين
عليه آلاف التحية والثناء ، مع أخبار غلامه له بذلك ، خطاب الشقي إياه على وجه منكر
مذكور في موضعه ، مع أنه لا ارتباط لهذه الرواية بمدلول الآية ، لأن مدلولها بذل
النفس والروح ، ومدلول الرواية بذل المال ، وأين هذا من ذاك ؟ وهذا أيضا من جملة
أمارات عداوة الشقي ، حيث لم يرض بصرف الرواية المتضمنة لمنقبة علي (ع) إني حر قرشي
بل صرفها عنه إلى عبد سود رومي ، علم أنه أيضا من أعداء أهل البيت عليهم السلام ،
ولعل الناصب لما تفطن بعدم الارتباط وضعها من تلقاء نفسه في شأن الزبيد والمقداد
على وجه يرتبط بالمراد والله الهادي للسداد .
(هامش)
في البين إلا ضم الصغرى إليها ، أعني فضيلة علي (ع) على غيره وهي التي تتكفل الآيات
المفسرة بفضائله (ع) لإثباتها وأما الدليل على ذلك من السنة والأخبار النبوية التي
تحتوي عليها كتب القوم فسيجيئ أنها أكثر من أن تحصى ، وبما نبهناك عليه في المقام
يسقط ما أورده الناصب على الاستدلال بالآيات في ذيل كثير منها (فراجع ما تقدم من
الأخبار التي نقلناها في ذيل الآية الشريفة . (2) قد تقدمت ترجمته (ج 1 ص 110) (3)
قد تقدمت ترجمته (ج 2 ص 233) (4) هو أبو محمد سعيد بن المسيب بن حزن ابن أبي وهب بن
عمرو بن عابد بن مخزوم (*)
ص 43
وأما قوله : ولكن ليس هو بنص في إمامته ، فمكابرة صريحة لأنه إذا قال له جبرئيل في
هذه القضية : من مثلك يا بن أبي طالب ؟ وقد دل هذا على انتفاء مثل له في العالم ولا
أقل في أصحاب النبي (ص) ، فقد صار نصا في تعيينه للإمامة دون من لا يماثله في شيئ
كما هو صريح الكلام ، وتفضيل المفضول باطل كما مر بيانه ، ولنعم ما أشار
(هامش)
المخزومي المدني الأعور ، قال الخزرجي في الخلاصة (ص 121 ط مصر) إنه ولد سنة 15
ومات سنة 93 وعن الواقدي سنة 94 ، يروي عن أبي هريرة وغيره ، وهو من مشاهير
التابعين . وفي الرجال الوسيط للعلامة الثبت الثقة الرجالي مولانا الميرزا محمد
الاسترآبادي نقلا عن شيخنا العلامة أبي عمر والكشي أن سعيدا كان من حواري علي بن
الحسين عليهما السلام قال الفضل بن شاذان أنه رباه أمير المؤمنين إلى أن قال : وأما
سعيد بن المسيب فنجا من ذلك أي القتل وذلك أنه كان يفتي بقول العامة إلى آخره وقال
في الوسيط أيضا : روى عن بعض السلف أنه لما مر بجنازة علي بن الحسين انجفل الناس أي
مضوا ، فلم يبق في المسجد إلا سعيد بن المسيب ، فوقف عليه خشرم مولا إشجع فقال يا
أبا محمد ألا تصلي على هذا الرجل الصالح في البيت الصالح ؟ قال أصلي ركعتين في
المسجد أحب إلى أن أصلي على هذا الرجل الصالح في البيت الصالح الخ وروى مولانا آية
الله العلامة الحلي في (الخلاصة) رواية الحواريين وقال فيها توقف وقال شيخنا السعيد
العلامة الشهيد الثاني (قده) في (تعليقته) على المقام ما لفظه : أما من حيث السند
فظاهر وأما المتن فلبعد هذا الرجل من مقام الولاية لزين العابدين فضلا عن أن يكون
من حواريه ، وإني لأعجب من ادخاله في في القسم الأول مع ما هو المعلوم من حاله
وسيرته ومذهبه في الأحكام الشرعية المخالفة لأهل البيت ، ولقد كان بطريقة أبي هريرة
أشبه وحاله بروايته أدخل ، ولقد روى الكشي في كتابه له أقاصيص ومطاعن وقال المفيد :
وأما ابن المسيب فليس يدفع نصبه ، وما اشتهر عنه من الرغبة عن الصلاة (*)
ص 44
بعض فضلاء شعرائنا إلى تفصيل فضيلة تمكن علي (ع) على فراش النبي (1) (ص) في تلك
الليلة بقوله شعر نيست در بحث امامت قول فضول درشب هجرت كه خوابيد است درجاي رسول ؟
(هامش)
علي زين العابدين ، وروى عن مالك أنه كان خارجيا أباضيا انتهى . (1) وتفصيل قصة
المبيت على الفراش على ما في كتاب (الخرائج والجرائح) : أنه لما كانت الليلة التي
خرج فيها رسول الله (ص) إلى الغار ، كانت قريش اختارت خمسة عشر رجلا من خمسة عشر
بطنا كان فيهم أبو لهب من بني هاشم ليفترق دمه (ص) في بطون قريش فلا يمكن لبني هاشم
أن يأخذوا بطنا واحدا فيرضون عند ذلك بالدية فيعطون عشر ديات فقال النبي (ص)
لأصحابه : لا يخرج ليلة أحد من داره ، فلما نام الرسول (ص) قصدوا باب عبد المطلب ،
فقال لهم أبو لهب : يا قوم في هذه الدار نساء بني هاشم وبناتهم ولا نأمن أن تقع يد
خاطئة إذا وقعت الصبحة عليهن ، فبقي ذلك علينا مسبة وعارا إلى آخر الدهر في العرب ،
ولكن اقعدوا بنا جميعا على الباب نحرس محمد في مرقده ، فإذا طلع الفجر تواثبنا إلى
الدار فضربناه ضربة رجل واحد وخرجنا فإلى أن يجتمع الناس قد أضاء الصبح فيزول عنا
العار عند ذلك ، فقعدوا بالباب يحرسونه قال علي (ع) فدعاني رسول الله (ص) ، فقال إن
قريشا دبرت كيت وكيت في قتلي فنم على فراشي حتى أخرج من مكة فقد أمرني الله بذلك
فقلت له السمع والطاعة فنمت على فراشه وفتح رسول الله (ص) الباب وخرج عليهم وهم
جميعا جلوس ينتظرون الفجر وهو يقول : وجعلنا من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سدا
فأغشيناهم فهم لا يبصرون ، ومضى وهم لا يرونه . فلما طلع الفجر تواثبوا إلى الدار
وهم يظنون أني محمد (ص) فوثبت في وجوههم وصحت بهم ، فقالوا : علي ، قلت : نعم ،
قالوا : وأين محمد قلت خرج من بلدكم ، قالوا ، (*)
ص 45
(هامش)
وإلى أين خرج قلت : الله أعلم فتركوني رغما لأنوفهم وخرجوا ، وقال صاحب كتاب مطالب
السؤول : إنه بات علي (ع) في المضجع والمشركون مجمعون على أخذه وقتله ولم يضطرب ذلك
قلبه ولا اكترث بهم ، فلما أصبح ثاروا إليه فرد الله كيدهم فقالوا أين صاحبك ، قال
: لا أدري : وأقام بعد رسول الله (ص) بمكة ثلاث ليال بأيامها يرد الودائع التي كانت
عند رسول الله (ص) حتى إذا فرغ منها ولم يبق بمكة من المسلمين أحد في الإسلام سواه
إلا من هو معذب محبوس عليه ثم خرج علي عليه السلام طالبا أن يلتحق بالنبي (ص) وحده
فأقام وحده بمكة بينهم ثم خرج وحده من مكة مع شدة عداوتهم وطلب المدينة فوصلها فنزل
مع رسول الله (ص) على كلثوم بن هرم فلو لم يكن الله تعالى قد خص قلبه بقوة وجنانه
بثبات ونفسه بشهامة لاضطرب في هذا المقام وإن كان آمنا من أذاهم في مبيته لقول
النبي (ص) لم يخلص (يصل خ ل) إليك منهم أمر تكرهه ، فإن النفوس البشرية قد يتيقن
عدم الخوف والأذى ومع ذلك يظهر عليها الخوف والاضطراب من رؤية المخوف فإن موسى (ع)
مع درجة النبوة وقد أخبره الله تعالى بأن اختاره ولما أمره بإلقاء عصاه فألقاها
فلما صارت حية خاف وولى مدبر فقال الله تعالى : أقبل لا تخف سنعيدها سيرتها الأولى
، فلم يمكنه أن يخالف الأمر وكان عليه كساء فلف طرف الكساء على يده ليأخذها فقال
مالك يا موسى ؟ أرأيت لو أذن الله تعالى لها في أذاك أراد عنك كسائك فقال : لا ،
ولكني ضعيف ومن ضعف خلقت ، فالنفس البشرية هذا طبعها وكذلك أم موسى عليه السلام لما
أمرها الله تعالى بإلقاء ولدها في اليم ونهاها عن الخوف والحزن وأخبرها أنه يرد
إليها فلما ألقته في اليم داخلها الاضطراب في النفس البشرية حتى كادت لتبدي به
وتفضح أمرها لولا أن ربط الله على قلبها فلم ينطق مع اضطراب القلب ، فلولا أن الله
تعالى منح عليا (ع) قلبا متصفا بالقوة الثابتة التي هي الشجاعة لكان مع امتثال أمر
النبي (ص) وأمنه من تطرق الذي إليه لقول النبي (ص) يضطرب بالنفس البشرية فإن مبيع
واحد بين الزمر من الأعداء قاصدين الفتك به معاندين لدينه مظهرين عداوته ثم إقامته
بينهم (*)
ص 46
قال المصنف رفع الله درجته
السادسة آية المباهلة (1) 
أجمع المفسرون (2) على أن
أبنائنا إشارة إلى الحسن والحسين عليهما السلام ونسائنا إشارة إلى فاطمة عليها
السلام ، وأنفسنا إشارة إلى علي (ع) فجعله الله تعالى نفس محمد (ص) والمراد
المساواة : ومساوي الأكمل
(هامش)
بعد خروج النبي (ص) ثلاث ليال بأيامهن ثم خروجه من بلدتهم في شعابها وطرقاتها بين
جبالها المختلفة مقدما على مسيره في أراضي الأعداء وحده مع كثرتهم من أوضح الأدلة
وأرجح الحجج على شجاعته وقد خصه الله بها وشهامة منحه الله تعالى إياها (منه قده)
(1) آل عمران . الآية 61 . (2) لا يخفى أن نزول آية المباهلة في حق الخمسة الأطهار
الميامين الغرر مما لا يحوم حوله الشك والارتياب بل هو في الوضوح والاشتهار بمثابة
كادت تعد في الضروريات الأولية فكم من مفسر ومحدث ومؤرخ وفقيه ذكروه في أسفارهم
وزبرهم وأرسلوه إرسال المسلمات حتى ببالي إني وقفت على كتاب لبعض علماء القوم في
خصوص هذا الشأن وقد استوفى الكلام فيه وأشبع ونحن نسرد ما وقفنا عليه من المدارك
والمآخذ وما لم نقف عليه اكتفينا بالنقل عنها بالواسطة ، ومن راجعنا كتابه ووقفنا
على مقا له جم غفير من مشاهير القوم وأثباتهم . (منهم) الحافظ أبو عبد الله مسلم بن
حجاج النيسابوري في صحيحه (ج 7 ص 120 ط محمد على صبيح بمصر) حدثنا قتيبة بن سعيد
ومحمد بن عباد (وتقاربا في اللفظ) قالا حدثنا حاتم (وهو ابن إسماعيل) عن بكير بن
مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه ، قال أمر معاوية بن أبي سفيان سعدا فقال
ما منعك أن تسب أبا التراب ، فقال : أما ما ذكرت ثلاثا قالهن له رسول الله (ص) فلن
أسبه لأن تكون لي واحدة أحب إلى من حمر النعم إلى أن قال ولما نزلت هذه الآية : فقل
تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم دعا رسول الله (*)
ص 47
(هامش)
(ص) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي (ومنهم) الحافظ أحمد بن حنبل
في كتاب (المسند) (ج 1 ص 185 ط مصر) حدثنا عبد الله ، حدثني أبي ، حدثنا قتيبة بن
سعيد ، ثنا حاتم بن إسماعيل عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه قال سمعت رسول
الله يقول له وخلفه في بعض مغازيه إلى أن قال : ولما نزلت هذه الآية قال : ندع
أبنائنا وأبنائكم دعا رسول الله (ص) عليا وفاطمة إلى آخر ما تقدم . (ومنهم) العلامة
الطبري في تفسيره (ج 3 ص 192 ط الميمنية بمصر) حدثنا ابن حميد قال : ثنا عيسى بن
فرقد عن أبي الجارود عن زيد بن علي في قوله : تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ، الآية
قال ، كان النبي (ص) وعلي وفاطمة والحسن والحسين . حدثنا محمد بن الحسين قال : ثنا
أحمد بن المفضل ، قال : ثنا أسباط عن السدي فمن حاجك فيه من بعد ما جائك من العلم ،
الآية فأخذ النبي (ص) بيد الحسن والحسين وفاطمة وقال لعلي : اتبعنا فخرج معهم فلم
يخرج يومئذ النصارى الحديث . حدثنا الحسن بن يحيى ، قال : أخبرنا عبد الرزاق ، قال
أخبرنا معمر عن قتادة في قوله : فمن حاجك . الآية ، قال قتادة لما أراد النبي (ص)
أهل نجران أخذ بيد حسن وحسين وقال لفاطمة : اتبعينا فلما رآى أعداء الله رجعوا .
حدثني يونس ، قال : أخبرنا ابن وهب ، قال : ثنا ابن زيد ، قال : قيل لرسول الله (ص)
: لولا عنت القوم بمن كنت تأتي حين قلت : أبنائنا وأبنائكم ، قال : حسن وحسين .
حدثني محمد بن سنان ، قال : ثنا أبو كريب الحنفي ، قال : ثنا المنذر بن ثعلبة ، قال
ثنا علباء بن أحمر اليشكري ، قال : لما نزلت هذه الآية ، قل تعالوا ندع أبنائنا
وأبنائكم ونسائنا ونسائكم ، الآية ، قال : أرسل رسول الله (ص) إلى علي وفاطمة
وابنيهما الحسن والحسين ودعا اليهود ليلا عنهم ، فقال شاب من اليهود : ويحكم أليس
(*)
ص 48
(هامش)
عهدكم بالأمس من إخوانكم الذين مسخوا قردة وخنازير لا تلاعنوا فانتهوا . (ومنهم)
العلامة أبو بكر الجصاص المتوفى سنة 370 في كتاب (أحكام القرآن ج 2 ص 16) فإنه نقل
إن رواة السير ونقلة الأثر لم يختلفوا في أن النبي (ص) أخذ بيد الحسن والحسين وعلي
وفاطمة رضي الله عنهم ودعا النصارى الذين حاجوه إلى المباهلة إلى آخر ما قال .
(ومنهم) العلامة الحافظ الحاكم في (المستدرك) (ج 3 ص 150 ط حيدر آباد الدكن) قال :
أخبرني جعفر بن محمد بن نصير الخلدي ببغداد ، ثنا موسى بن هارون ، ثنا قتيبة ابن
سعيد ثنا حاتم بن إسماعيل عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه قال : لما نزلت
هذه الآية ندع أبنائنا وأبنائكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم دعا رسول الله (ص)
عليا وفاطمة وحسنا وحسينا رضي الله عنهم فقال : اللهم هؤلاء أهلي هذا حديث صحيح على
شرط الشيخين . وكذا الحافظ العلامة المذكور في كتاب (معرفة علوم الحديث ص 50 ط مصر)
حدثنا علي بن عبد الرحمان بن عيسى الدهقان بالكوفة ، قال حدثنا الحسين بن حكم
الحبري قال : ثنا الحسن بن الحسين العرني قال : ثنا حبان بن علي العنزي عن الكلبي
عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله عز وجل : قل تعالوا . الآية نزلت على رسول الله
(في رسول الله خ ل ظ) وعلى نفسه ونسائنا ونسائكم في فاطمة وأبنائنا وأبنائكم في حسن
وحسين والدعاء على الكاذبين نزلت في العاقب والسيد وعبد المسيح وأصحابهم ، ثم قال
ما لفظه : قال الحاكم وقد تواترت الأخبار في التفاسير عن عبد الله بن عباس وغيره أن
رسول الله (ص) أخذ يوم المباهلة بيد علي وحسن وحسين وجعلوا فاطمة ورائهم ، ثم قال :
هؤلاء أبنائنا وأنفسنا ونسائنا فهلموا أنفسكم وأبنائكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله
على الكاذبين (*)
ص 49
(هامش)
(ومنهم) العلامة الثعلبي في تفسيره كما في (العمدة) لابن بطريق (ص 95 ط تبريز) قال
ما لفظه : ومن تفسير الثعلبي قال : قال مقاتل والكلبي لما قرا رسول الله (ص) هذه
الآية على وفد نجران ودعاهم إلى المباهلة ، قالوا له حتى نرجع وننظر في أمرنا
ونأتيك غدا ، فخلا بعضهم إلى بعض إلى أن قال فأتى رسول الله (ص) محتضنا الحسن وأخذ
بيد الحسين وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها وهو يقول لهم : إذا أنا دعوت فأمنوا فقال
أسقف نجران : يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه
لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة الحديث
. (ومنهم) الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الإصبهاني في كتاب (دلائل النبوة) (ص
297 ط حيدر آباد) روى عن سليمان بن أحمد قال ثنا أحمد بن داود المكي ومحمد بن زكريا
الغلابي قالا ثنا بشر بن مهران الخصاف قال ثنا محمد بن دينار عن داود بن أبي هند عن
الشعبي عن جابر قال قدم على النبي العاقب والطيب إلى أن قال فغدا رسول الله فأخذ
بيد علي وفاطمة إلى آخر ما تقدم وروى أيضا عن إبراهيم بن أحمد قال ثنا أحمد بن فرج
قال ثنا أبو عمر الدوري قال ثنا محمد بن مروان عن محمد بن السائب الكلبي (النسابة
الشهير) عن أبي صالح عن ابن عباس أن وفد نجران من النصارى قدموا إلى آخر ما تقدم (ص
298 ط حيدر آباد) (ومنهم) العلامة الواحدي النيسابوري في (أسباب النزول) (ص 74 ط
الهندية بمصر) أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن محمد الرهجائي ، أخبرنا أحمد بن جعفر
بن مالك ، حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل ، حدثنا أبي ، قال حدثنا أبي قال حدثنا
حسين ، قال حدثنا حماد بن سلمة عن يونس عن الحسن ، قال : جاء راهبا نجران إلى النبي
إلى أن قال : ونزل القرآن ذلك (*)
ص 50
(هامش)
نتلوه عليك ، إلى قوله : تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ، فدعاهما رسول الله (ص) إلى
الملاعنة وقال : وجاء بالحسن والحسين وفاطمة وأهله وولده الحديث . أخبرني عبد
الرحمن بن الحسن الحافظ فيما أذن لي في روايته ، حدثنا أبو حفص عمر ابن أحمد الواعظ
، حدثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الأشعث ، حدثنا يحيى بن حاتم العسكري ، حدثنا بشر
بن مهران ، حدثنا محمد بن دينار عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن جابر بن عبد الله
، قال قدم وفد نجران على النبي (ص) العاقب والسيد فدعاهما إلى الإسلام فدعاهما إلى
الملاعنة فواعداه على أن يغدياه بالغداة فغدا رسول الله (ص) ، فأخذ بيد علي وفاطمة
وبيد الحسن والحسين فأقرا له بالخراج ، فقال النبي (ص) : والذي بعثني بالحق لو فعلا
لمطر الواري نارا ، قال جابر : فنزلت هذه الآية : قل تعالوا الآية قال الشعبي :
أبنائنا الحسن والحسين ، ونسائنا فاطمة ، وأنفسنا في بن أبي طالب (ومنهم) العلامة
ابن المغازلي الواسطي كما في العمدة للعلامة ابن بطريق (ص 96 ط تبريز) قال ما لفظه
: أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن إسماعيل الوراق قال :
حدثنا أبو بكر بن أبي داود قال : حدثنا يحيى ابن حاتم العسكري قال : حدثنا بشر بن
مهران قال : حدثنا محمد بن دينار عن داود بن أبي سعيد عن الشعبي عن جابر بن عبد
الله قال : قد وفد نجران على النبي (ص) العاقب والطيب فدعاهم إلى الإسلام الحديث .
(ومنهم) العلامة البغوي صاحب معالم التنزيل قال فيه (ج 1 ص 302) أبنائنا الحسن
والحسين ، ونسائنا فاطمة ، وأنفسنا عني نفسه وعليا إلى أن قال : فأتوا (نصارى
نجران) إلى آخر الرواية . (ومنهم) العلامة المذكور في كتاب (مصابيح السنة ج 2 ص 204
ط المطبعة الخيرية) قال : من الصحاح عن سعد بن أبي وقاص (رض) قال : لما نزلت هذه
الآية : ندع أبنائنا وأبنائكم ، دعا رسول الله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال :
اللهم (*)
ص 51
(هامش)
هؤلاء أهل بيتي . (ومنهم) العلامة الزمخشري في تفسير (الكشاف) (ج 1 ص 193 ط مصطفى
محمد) روى أنهم لما دعاهم إلى المباهلة ، إلى أن قال : وإني رسول الله (ص) قد غدا
محتضنا الحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي وهو يقول : إذا أنا دعوت
فأمنوا ، فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو شاء الله أن يزيل
جبلا من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى
يوم القيامة ، إلى أن قال : والذي نفسي بيده إن الهلاك قد تدلى على أهل نجران ولو
لاعنوا لمسخوا قردة وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي نارا ولاستأصل الله نجران وأهله
حتى الطير على رؤوس الشجرة ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا . (ومنهم)
العلامة الحافظ أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن أحمد المعروف بابن
العربي المعاقري الأندلسي المالكي المتوفى سنة 542 في كتاب (أحكام القرآن) (ج 1 ص
115 ط مطبعة السعادة بمصر) روى المفسرون أن النبي (ص) ناظر أهل نجران حتى ظهر عليهم
بالدليل والحجة ، فأبوا الانقياد والاسلام فأنزل الله هذه الآية ، فدعا حينئذ عليا
وفاطمة والحسن والحسين ثم دعا النصارى إلى المباهلة . (ومنهم) العلامة فخر الدين
الرازي في تفسيره (ج 8 ص 85 ط البهية بمصر) روى أنه (ع) لما أورد الدلائل على نصارى
نجران قال (ع) : إن الله أمرني إن لم تقبلوا الحجة أن أباهلكم إلى أن قال : وكان
رسول الله (ص) خرج وعليه مرط من شعر أسود وكان قد احتضن الحسين وأخذ بيد الحسن
وفاطمة تمشي خلفه وعلي رضي الله عنه خلفها ، وهو يقول : إذا دعوت فأمنوا ، فقال
أسقف نجران إني لأرى وجوها لو سألوا الله (*)
ص 52
(هامش)
أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى على وجه الأرض
نصراني إلى يوم القيامة إلى أن قال : قال رسول الله : ولو لاعنوا لمسخوا قردة
وخنازير ولاضطرم عليهم الوادي نارا ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على رؤوس
الشجر ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى يهلكوا . (ومنهم) العلامة مبارك بن
الأثير في (جامع الأصول) (ج 9 ص 470 ط مطبعة السنة المحمدية بمصر) أخرج مسلم
والترمذي : لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله (ص) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال :
اللهم هؤلاء أهلي . وكذا هو فيه أيضا (ج 10 ص 100 الطبع المذكور) الحديث . (ومنهم)
الحافظ شمس الدين الذهبي في تلخيصه (المطبوع في ذيل مستدرك الحاكم ج 3 ص 150 ط حيدر
آباد) روى بسنده عن حاتم بن إسماعيل عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه بعين
ما تقدم نقله عن الحاكم . (ومنهم) الشيخ محمد بن طلحة الشامي في (مطالب السؤول ص 7
ط طهران) قال ما لفظه : أما آية المباهلة فقد نقل الرواة الثقاة والنقلة الاثبات
نزولها في حق علي وفاطمة والحسن والحسين إلى آخر ما قال . (ومنهم) العلامة الحافظ
عز الدين أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري الشهير بابن الأثير في كتاب
(أسد الغابة) (ج 4 ص 25 ط الأول بمصر) حدثنا قتيبة حدثنا حاتم بن إسماعيل عن بكير
بن مسمار عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال أمر معاوية سعدا فقال ما يمنعك أن
تسب أبا تراب إلى أن قال سعد وأنزلت هذه الآية قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم
ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم دعا (*)
ص 53
(هامش)
رسول الله (ص) عليا وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي . (ومنهم) العلامة سبط بن
الجوزي في (التذكرة) (ص 17 ط النجف) قال جابر بن عبد الله فيما رواه عنه أهل السير
: قدم وفد نجران على رسول الله إلى آخر ما تقدم عن الكشاف . وذكر أبو إسحاق الثعلبي
في تفسيره أن رسول الله (ص) غدا محتضنا فذكر ما تقدم إلى إن قال : وقال رسول الله
(ص) إذا دعوت فأمنوا ، فقال أسقف نجران : يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو سألوا
الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا ولا يبقى على الأرض إلا
مسلم الخ . (ومنهم) العلامة القرطبي في (الجامع لأحكام القرآن) (ج 4 ص 104 ط مصر
سنة 1936) قال : إن النبي (ص) جاء بالحسن والحسين وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها وهو
يقول لهم : إن أنا دعوت فأمنوا . الخ . (ومنهم) العلامة البيضاوي في تفسيره (ج 2 ص
22 ط مصطفى محمد بمصر) روى أنهم لما دعوا إلى المباهلة قالوا حتى ننظر إلى أن قال :
فأتوا رسول الله (ص) وقد غدا محتضنا الحسين آخذ بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي
رضي الله عنه خلفها وهو يقول : إذا دعوت فأمنوا ، فقال أسقفهم يا معشر النصارى إني
لأرى وجوها لو سألوا الله تعالى أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تباهلوا فتهلكوا
، فأذعنوا لرسول الله (ص) وبذلوا له الجزية ألفي حلة حمراء وثلاثين درعا من حديد
فقال عليه الصلاة والسلام : والذي نفسي بيده لو تباهلوا لمسخوا قردة وخنازير
ولاضطرم عليهم الواري نارا ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر .
(ومنهم) العلامة محب الدين الطبري في (ذخائر العقبي) (ص 25 ط مصر سنة 1356) روى عن
أبي سعيد رضي الله عنه لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله إلى آخر ما تقدم ، (*)
ص 54
(هامش)
أخرجه مسلم والترمذي . ( ومنهم) العلامة المذكور في (الرياض النضرة) (ص 188 ط محمد
أمين الخانجي بمصر) أخرج مسلم والترمذي : لمال نزلت هذه الآية دعا رسول الله صلى
الله عليه وسلم عليا وفاطمة إلى آخر ما تقدم . (ومنهم) العلامة النسفي في تفسيره (ج
1 ص 161 ط عيسى الحلبي بمصر) روى أنه (ع) لما دعاهم إلى المباهلة قالوا حتى ننظر
إلى أن قال : وقد غدا رسول الله (ص) محتضنا للحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه
وعلي خلفها وهو يقول : إذا دعوت فأمنوا إلى آخر ما تقدم . (ومنهم) العلامة المهايمي
في (تبصير الرحمن وتيسير المنان) (ج 1 ص 114 ط مطبعة بولاق بمصر) روى أنه (ص) قرء
الآية على وفد نجران ودعاهم إلى المباهلة إلى أن قال : فأتوا رسول الله (ص) وقد غدا
محتضنا الحسين وآخذ بيد الحسن إلى آخر الحديث . (ومنهم) العلامة الخطيب التبريزي في
(مشكاة المصابيح) (ص 568 ط الدهلي) روى مسلم عن سعد بن وقاص قال لما نزلت هذه الآية
دعا رسول الله (ص) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهل بيتي . (ومنهم)
العلامة الخطيب الشيريني في تفسير (سراج المنير) (ج 1 ص 182 ط مصر) (ومنهم) العلامة
النيشابوري في تفسيره (ج 3 ص 206 بهامش تفسير الطبري ط الميمنية بمصر) روى أنه (ص)
لما أورده الدلائل على نصارى نجران ثم إنهم أصروا على جهلهم (*)
ص 55
(هامش)
إلى أن قال : وقد خرج وعليه (ص) مرط من شعر أسود وكان (ص) قد احتضن الحسين وأخذ بيد
الحسن وفاطمة تمشي خلفه صلى الله عليه وسلم وعلي عليه السلام خلفها وهو يقول : إذا
دعوت فأمنوا ، فقال أسقف نجران يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو دعت الله أن يزيل
جبلا من مكانه لأزاله بها فلا تباهلوا فتهلكوا ولا يبقى في وجه الأرض نصراني إلى
يوم القيامة . الحديث . وذكر في ذيل هذه الآية كلام محمود بن الحسن الحمصي وأقره
عليه ويؤكد ما يروي المخالف والموافق أنه (ص) قال من أراد أن يرى آدم في علمه ونوحا
في طاعته وإبراهيم في خلته وموسى في قربته وعيسى في صفوته فلينظر إلى علي بن أبي
طالب . (ومنهم) العلامة الخازن المتوفى سنة 41 في تفسير الشهير (ج 1 ص 302 ط مصر)
أورد نزول الآية في الخمسة . (ومنهم) العلامة الأديب ، الشهير بأبي حيان الأندلسي
المغربي المتوفى سنة 754 حيث أورد نزول الآية الشريفة في حق النبي وعلي فاطمة
والحسن والحسين سلام الله عليهم البحر المحيط (ج 2 ص 479 ط مطبعة السعادة بمصر)
وأورد أيضا نزوله في كتابه المسمى بالنهر الماد من البحر في شأن الخمسة المذكورين
سلام الله عليهم أجمعين في هامش تلك الصة . (ومنهم) الحافظ عماد الدين أبو الفداء
إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي في تفسيره (ج 1 ص 370 ط مصطفى محمد بمصر بعد أن
أجال القلم في شأن نزول الآية في حق أصحاب الكساء قال ما لفظه : قال أبو بكر بن
مردويه : حدثنا سليمان بن أحمد ، حدثنا أحمد بن داود المكي ، حدثنا بشر بن مهران ،
حدثنا محمد بن دينار عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن جابر نزول الآية في حق الخمسة
إلى أن قال : قال جابر (أنفسنا وأنفسكم) رسول الله وعلي بن أبي طالب (وأبنائنا)
الحسن والحسين (ونسائنا) فاطمة . (*)
ص 56
(هامش)
ثم نقل ما أورده الحاكم في (المستدرك) . ونقل عن البيهقي في (دلائل النبوة) أيضا .
(ومنهم) الحافظ المذكور في كتاب (البداية والنهاية) (ج 5 ص 53 ط مصر) روى عن
البيهقي أنبأنا أبو عبد الله الحافظ وأبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل ، قالا : ثنا
أبو العباس محمد بن يعقوب ، ثنا أحمد بن عبد الجبار ، ثنا يونس بن بكير عن سلمة ابن
يسوع عن أبيه عن جده نزول الآية في الخمسة . (ومنهم) العلامة المولى عز الدين عبد
اللطيف بن عبد العزيز الشهير بابن الملك المتوفى سنة 797 في كتابه (مبارق الأزهار)
في شرح مشارق الأنوار للصغاني (ج 2 ص 503 مصطفى محمد بمصر) وأخرج الترمذي بسند قوي
عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه فذكر الحديث إلى أن قال : وأنزلت هذه الآية :
قل تعالوا ندع أبنائنا وأبنائكم ، دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا وفاطمة
وحسنا وحسينا الخ . (ومنهم) الحافظ المذكور في كتابه (الكاف الشاف في تخريج أحاديث
الكشاف) (ص 26 ، المطبوع في آخر الكشاف ط مصطفى محمد) قال : أخرج أبو نعيم في
(الدلائل النبوة) من طريق محمد بن مروان السدي عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس
الحديث المتقدم نقله عن الكشاف . وأخرج أبو نعيم نحوه عن الشعبي مرسلا . (ومنهم)
العلامة ابن الصباغ في (الفصول المهمة ص 108 ط النجف) (*)
ص 57
(هامش)
نقل نزول الآية في الخمسة . (ومنهم) العلامة المفسر المولى حسين الكاشفي في تفسير
(المواهب) (ج 1 ص 17 ط طهران) روى الحديث بنحو ما تقدم . (ومنهم) العلامة ملا معين
الدين الكاشفي في كتاب (معارج النبوة) (ج 1 ص 315 ط لكنهو) أورد قصة المباهلة إلى
أن قال : قال رسول (ص) : لو لاعنوا لمسخوا خنازير ولأضرم الوادي عليهم نارا .
(ومنهم) العلامة السيوطي في (الدر المنثور) (ج 2 ص 38 ط مصر) أخرج البيهقي في
(الدلائل) من طريق سلمة بن عبد يشوع عن أبيه عن جده : أن رسول الله (ص) كتب إلى أهل
نجران إلى أن قال : فلما أصبح رسول الله (ص) الغد بعد ما أخبرهم الخبر أقبل مشتملا
على الحسن والحسين في خميلة له وفاطمة تمشي خلف ظهره للملاعنة وله يومئذ عدة نسوة ،
فقال شرحبيل لصاحبيه : إني أرى أمرا مقبلا إن كان هذا الرجل نبيا مرسلا فلاعناه لا
يبقى على وجه الأرض منا شعر ولا ظفر إلا هلك ، فقالا له : ما رأيك ؟ فقال رأيي أن
أحكمه ، فإني أرى رجلا لا يحكم شططا أبدا . فقالا له : أنت وذاك ، فتلقى شرحبيل
رسول الله (ص) ، فقال إني رأيت خيرا من ملاعنتك ، قال : وما هو ؟ قال : حكمك اليوم
إلى الليل وليلتك إلى الصباح فمهما حكمت فينا فهو جائز الخ . وأخرج الحاكم وصححه
وابن مردويه وأبو نعيم عن جابر قال : قدم رسول الله (ص) العاقب والسيد إلى آخر ما
تقدم عن المستدرك . وأخرج الحاكم وصححه عن جابر أن وفد نجران أتوا النبي فقالوا :
ما تقول في عيسى إلى آخر ما تقدم عن المستدرك . وأخرج أبو نعيم في (الدلائل) من
طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس أن وفد (*)
ص 58
(هامش)
نجران من النصارى قدموا على رسول الله (ص) وهم أربعة عشر رجلا من أشرافهم إلى آخر
ما تقدم من الدلائل . وأخرج ابن أبي شيبة وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير
وأبو نعيم عن الشعبي ، قال : كان أهل نجران أعظم قوم من النصارى قولا في عيسى بن
مريم ، فكانوا يجادلون النبي (ص) فيه ، فأنزل الله هذه الآيات في سورة آل عمران إن
مثل عيسى عند الله إلى قوله فنجعل لعنة الله على الكاذبين ، فأمر بملاعنتهم ،
فواعدوه لغد ، فغدا النبي (ص) ومعه الحسن والحسين وفاطمة فأبوا أن يلاعنوهم وصالحوه
على الجزية الخ . وأخرج مسلم والترمذي وابن المنذر والحاكم والبيهقي في سننه عن سعد
بن أبي وقاص قال : لما نزلت هذه الآية : قل تعالوا . الآية دعا رسول الله (ص) عليا
وفاطمة وحسنا وحسينا فقال : اللهم هؤلاء أهلي وأخرج ابن جرير عن علباء بن أحمر
اليشكري ، قال لما نزلت هذه الآية : قل تعالوا الآية ، أرسل رسول الله (ص) إلى علي
وفاطمة وابنيهما الحسن والحسين ودعا اليهود ليلا عنهم فقال شاب من اليهود : ويحكم
أليس عهدكم بالأمس إخوانكم الذين مسخوا قردة وخنازير لا تلاعنوا ، فانتهوا .
(ومنهم) العلامة المذكور في تاريخ الخلفاء (ص 115 ط لاهور) أخرج مسلم عن سعد بن أبي
وقاص قال : لما نزلت هذه الآية : ندع أبنائنا إلى آخر ما تقدم (ومنهم) العلامة
المذكور في كتاب (الاكليل ص 53 ط مصر) قال ما لفظه : قوله تعالى ، قل تعالوا ،
الآية ، فيه مشروعية المباهلة وإن الحسن والحسين أبناء رسول الله ، ويستفاد منه
تسلم إرادة الحسنين من الأبناء في الآية . (ومنهم) العلامة المذكور في تفسير
(الجلالين) (ج 1 ص 33 ط مصر) روى نزول الآية في الخمسة عليهم السلام . (ومنهم)
العلامة أحمد بن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة) (*)
ص 59
(هامش)
(ص 119 ط المحمدية بمصر) أخرج مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال : لما نزلت هذه الآية
دعا رسول الله إلى آخر ما تقدم (ومنهم) العلامة أبو السعود أفندي شيخ الإسلام في
الدولة العثمانية المتوفى سنة 982 في تفسيره الشهير (ج 2 ص 143 ط مصر) روى نزول
الآية في الخمسة عليهم السلام . (ومنهم) العلامة الحلبي في كتاب (السيرة المحمدية)
(ج 3 ص 35 ط مصر) نقل الحديث ونزول الآية في الخمسة . (ومنهم) العلامة المفسر
الشهير أبو السعود محمد أفندي العمادي المتوفى سنة 982 في تفسيره المعروف (ج 1
الطبع الجديد) وفي المطبوع بهامش تفسير الرازي (ج 2 ص 143) . (ومنهم) العلامة الشاه
عبد الحق الدهلوي في كتاب (مدارج النبوة ص 500 ط بمبئي) أورد نزول الآية في الخمسة
المذكورة . (ومنهم) العلامة المير محمد صالح الكشفي الترمذي في كتاب (مناقب مرتضوي)
(ص 44 ط بمبئي بمطبعة محمدي) روى عن الصواعق المحرقة والكشاف أن المراد من الآية
الخمسة الطاهرين بعين المضمون المتقدم . (ومنهم) العلامة الشبراوي في (الاتحاف بحب
الأشراف ص 5 ط مصطفى الحلبي) قال الزمخشري : لا دليل أقوى من هذا على فضل أصحاب
الكساء وهم ، علي وفاطمة والحسنان ، ولأنها لما نزلت دعاهم النبي صلى الله عليه
وسلم فاحتضن الحسين وأخذ بيد الحسن إلى آخر ما تقدم . (ومنهم) العلامة الشوكاني في
(فتح القدير) (ج 1 ص 316 ط مصطفى الحلبي بمصر) . (*)
ص 60
(هامش)
وأخرج الحاكم وصححه وابن مردويه وأبو نعيم في (الدلائل) عن جابر قال : قدم على
النبي العاقب والسيد ، فدعاهما إلى الإسلام ، فقالا : أسلمنا يا محمد ، فقال :
كذبتما إن شئتما أخبرتكما إلى أن قال : فغدا رسول الله (ص) وأخذ بيد علي وفاطمة
والحسن والحسين ثم أرسل إليهما فأبيا أن يجيباه وأقرا له فقال : والذي بعثني بالحق
لو فعلا لأمطر الوادي عليهما نارا ، قال جابر : فيهم نزلت تعالوا ندع أبنائنا الآية
: قال جابر : أنفسنا وأنفسكم رسول الله (ص) وعلي ، وأبنائنا الحسن والحسين ،
ونسائنا فاطمة أخرج مسلم والترمذي وابن المنذر والحاكم والبيهقي عن سعد بن أبي وقاص
قال : لما نزلت هذه الآية : قل تعالوا ، الآية دعا رسول الله عليا وفاطمة وحسنا
وحسينا ، فقال اللهم هؤلاء أهلي . (ومنهم) العلامة الآلوسي في (تفسير روح المعاني)
(ج 3 ص 167 ط المنيرية بمصر) أخرج في الدلائل من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن
عباس أن وفد نجران من النصارى قدموا ، إلى أن قال : وقد كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم خرج ومعه علي والحسن والحسين وفاطمة الحديث . وروى أن أسقف نجران لما رأى
رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا ومعه علي وفاطمة والحسنان قال : يا معشر
النصارى إني لأرى وجوها لو سألوا الله تعالى أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا
تباهلوا وتهلكوا . (ومنهم) العلامة الطنطاوي في تفسيره الجواهر (ج 2 ص 120 ط مصطفى
البابي الحلبي بمصر) روى أنهم لما دعوا إلى المباهلة إلى أن قال : فأتوا رسول الله
(ص) وقد غدا محتضنا الحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي رضي الله عنه
خلفها وهو يقول : إذا دعوت فأمنوا ، فقال أسقفهم يا معشر النصارى : إني لأرى وجوها
لو سألوا الله تعالى أن (*)
ص 61
(هامش)
يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تباهلوا فتهلكوا الحديث . (ومنهم) السيد أبو بكر
العلوي الحضرمي في (رشفة الصادي) (ص 25 ط الاعلامية بمصر قال ما لفظه : قال العلامة
الرازي في تفسير هذه الآية الكريمة : روى أنه عليه الصلاة والسلام إلى آخر الحديث
كما مر تفصيله إلى أن قال : وقال في (الكشاف) : لا دليل أقوى من هذا على فضل أصحاب
الكساء لأنها لما نزلت دعاهم (ص) إلى آخر الحديث كما مر تفصيله سابقا . (ومنهم)
العلامة المعاصر الشيخ في كتاب (التاج الجامع للأصول) (ج 3 ص 329 ط مصر على ما في
كتاب المباهلة) روى الحديث عن سعد بن الوقاص في نزول الآية في الخمسة . (ومنهم)
الفاضل المعاصر الشيخ محمد محمود الحجازي في تفسير الواضح (ج 3 ص 58 طبع مصر) يظهر
منه تسليم نزول الآية في حق الخمسة الأطهار عندهم (ومنهم) العلامة ابن المغازلي في
(المناقب) (كما في كفاية الخصام ص 388 ط طهران) روى بسنده عن جابر بن عبد الله
الأنصاري : نزول آية المباهلة في الخمسة . وروى أيضا عن عامر بن سعد عن أبيه .
(ومنهم) العلامة السيد صديق حسن خان في كتاب (حسن الأسوة) (ص 32 الجوائب بقسطنطنية)
روى مسلم والترمذي : لما نزلت هذه الآية دعا النبي فاطمة إلى آخر ما تقدم . (ومنهم)
العلامة السيد أحمد زيني دحلان الشافعي مفتي مكة المكرمة في (*)
ص 62
والأولى بالتصرف ، أولى وأكمل وأولى بالتصرف ، وهذه الآية من أدل دليل على علو
مرتبة مولينا أمير المؤمنين (ع) لأنه تعالى حكم بالمساواة لنفس رسول الله (ص) وأنه
تعالى عينه في استعانة النبي (ص) في الدعاء وآي فضيلة أعظم من أن يأمر الله تعالى
نبيه بأن يستعين به على الدعاء إليه والتوسل به ولمن حصلت هذه المرتبة ؟ إنتهى .
قال الناصب خفضه الله أقول : كان عادة أرباب المباهلة أن يجمعوا أهل بيتهم
وقراباتهم لتشمل البهلة ساير أصحابهم ، فجمع رسول الله (ص) أولاده ونسائه ، والمراد
بالأنفس ههنا الرجال كأنه أمر بأن يجمع نسائه وأولاده ورجال أهل بيته ، فكان النساء
فاطمة والأولاد والحسن والحسين ، والرجال رسول الله (ص) ، وعلي ، وأما دعوى
المساواة التي ذكرها فهي باطلة قطعا ، وبطلانها من ضرورات الدين ، لأن غير النبي
(ص) من
(هامش)
(السيرة النبوية) (المطبوعة بهامش السيرة الحلبية ج 3 ص 4 ط مصر) أورد فيه الحديث
ونزول الآية في الخمسة . (ومنهم) السيد محمد رشيد رضا في تفسيره (المنار) (ج 3 ص
321 ط مصر) أورد الحديث ونزول الآية في الخمسة . هذا ما ساعدتنا سواعد التوفيق
الإلهي في نقلها من كتبهم ومآخذهم في فنون العلوم الإسلامية ومن تأملها وحكم
الانصاف رأى تلك الأحاديث متواترة معنوية لو لم ندع التواتر اللفظي بحسب السند
صريحة الدلالة واضحة المؤدى والمفاد جلية المداليل بحيث لا يرتاب فيها إلا من انسلك
في السوفسطائية المنكرين للضروريات فيا إخواني أفبعد اجتماع الشروط المعتبرة في
الخبر من الصدور والظهور وجهة الصدور وعدم المعارض شك لا ورب الثاقبات وداحي
المدحوات فما عذركم يوم تلتف الساق بالساق وإلى ربك المساق متى هذا التعصب وحتى متى
الغميضة في حق العترة البررة اللهم إني أتممت عليهم الحجة وأوضحت لهم المحجة فمن
شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر . (*)
ص 63
الأمة لا يساوي النبي أصلا ، ومن ادعى هذا فهو خارج عن الدين ، وكيف يمكن المساواة
؟ والنبي (ص) نبي مرسل خاتم الأنبياء أفضل أولي العزم ، وهذه الصفات كلها مفقودة في
علي (ع) نعم لأمير المؤمنين علي (ع) في هذه الآية فضيلة عظيمة وهي مسلمة ، ولكن لا
تصير دالة على النص بإمامته (إنتهى) . أقول يتوجه عليه وجوه من الكلام منها أنه إذا
كان عادة أرباب المباهلة أن يجمعوا أهل بيتهم وقرابتهم لتشمل البهلة سائر أصحابهم
كما اعترف به الناصب دون من يعتقد مزيد عناية الله تعالى فيهم فلم يخالف النبي (ص)
هذه العادة ولم يجعل البهلة شاملة لجميع قراباته وأصحابه من بني هاشم قاطبة ؟ بل خص
من النساء ، ومن الرجال عليا (ع) ومن الأولاد سبطيه ، حيث خالف العادة المألوفة وخص
الأربعة بالبهلة ، وعلم أن الباقي من قراباته لم يكونوا في مكان القرب من الله
ومزيد عناية فيهم ، وأيضا لو كانت العادة والشمول والتعميم كما ذكره الناصب الزنيم
(1) ، لاعتراض عليه النصارى الذين كانوا طرف المباهلة بمخالفته لما جرت عليه العادة
، ولاحتجوا عليه بذلك وأما قوله : والرجال رسول الله وعلي عليهما السلام ، فقد قصد
فيه حمل لفظ الأنفس على حقيقة الجمع عند بعضهم ، ولم يعلم أن النبي (ص) في مثل هذا
الخطاب لا يدخل تحت الأمر كما تقرر في الأصول ومنهم أن ما ذكر من أن مساواة الولي
للنبي (ص) خروج عن الدين خروج عن الحق واليقين ، وذهول عن معونة معرفة أمير
المؤمنين (2) وسيد الوصيين وأخي سيد المرسلين ، وأما ما تمسك
(هامش)
(1) الزنيم قد جاء بمعان ، والمراد به ههنا اللئيم المعروف بلومه أو شره . (2) روى
شيخنا العلامة الطبرسي في كتاب الاحتجاج عن محمد بن عمر (أبي عمير خ ل) الكوفي عن
عبد الله بن الوليد السمان قال : قال أبو عبد الله عليه السلام ، ما يقول الناس في
أولي العزم وصاحبكم أمير المؤمنين عليه السلام ؟ قال : قلت : ما يقدمون على أولي
العزم أحدا ، فقال (*)
ص 64
به في الاستبعاد عن ذلك من أنه كيف يمكن المساواة والنبي (ص) نبي مرسل خاتم
الأنبياء أفضل أولي العزم ؟ ففيه أن هذا كناية عن غاية الاختصاص والقرب والمحبة ،
لأنه إذا كملت المحبة بين اثنين يقال : إنهما متحدان معنى وإن افترقا صورة ، وغاية
ما يلزم من ذلك ، المساواة في الدرجة لا في النبوة ، ومن البين أنه لو لم يكن لعلي
(ص) مداناة ومقاربة على الحد المذكور لما أجرى الله تعالى عليه أنه نفس الرسول ،
ولما كان علي (ع) وولداه الصغيران عليهم السلام أولى من أخيه جعفر وعقيل مثلا
لتساويهما في القرابة ، فاندفع بهذا أيضا ما ذكره الناصب : من أن عادة أرباب
المباهلة أن يجتمعوا أهل بيتهم وقراباتهم اه والحاصل أن النبي (ص) لما كان عارفا
بجلال الله سبحانه خائفا منه غاية الخوف استعان في المباهلة التي هي الدعاء من
الجانبين بهلاك الآخر وبالعبد عن رحمة الله تعالى بجماعة تيقن بهم فضيلة ومنزلة عند
الله تعالى لدعائهم في المباهلة ، فإن كثرة الأفاضل أدخل في الاستجابة كما علم من
سنة النبي (ص) أيضا ، فترك دعوة من يساويهم في الفضل عند الله تعالى من النبي (ص)
إخلال بشدة الاهتمام في أمر الدين والنبي (ص) منزه عند ومما يدل على استعانته بهم
في المباهلة قوله : ثم نبتهل ، بصيغة الجمع وما ذكره (1) القاضي البيضاوي (2) في
تفسيره وغيره في غيره من أن رسول الله (ص)
(هامش)
أبو عبد الله عليه السلام : إن الله تبارك وتعالى قال لموسى عليه السلام : وكتبنا
له في الألواح من كل شيئ موعظة ولم يقل كل شيئ ، وقال لعيسى عليه السلام : وليبين
لكم بعض الذي تختلفون فيه ، ولم يقل كل شيئ وقال لصاحبكم أمير المؤمنين علي عليه
السلام : قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم ومن عنده علم الكتاب وقال الله عز وجل :
ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين وعلم هذا الكتاب عنده . (1) ذكرة في (ج 2 ص 22 ط
معمر) وكذا ابن حجر في الصواعق (الطبع الجديد بمصر ص 153 (2) قد مرت ترجمة (ج 1)
(*)
ص 65
قد غدا محتضنا (1) بالحسين (الحسين خ ل) ، آخذا بيد الحسن ، وفاطمة تمشي خلفه وعلي
رضي الله عنه خلفها ، وهو يقول : إذا أنا دعوت فأمنوا . وكذا ما قال أسقف (2)
النصارى وهو المسمى بأبي الحارثة حين تقدم رسول الله (ص) وجثى على ركبتيه والله جثا
الأنبياء للمباهلة ، يا معشر النصارى ، إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا
من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا ، إلى آخر ما رواه القاضي وغيره ، ويؤيد دلالة الآية
على أفضلية علي (ع) ما في كتاب الصواعق (3) المحرقة لابن حجر رواية عن الدار (4)
قطني : إن عليا (ع) يوم الشورى احتج على أهلها
(هامش)
(1) حضن حضنا وحضانة واحتضن الصبي : رباه وضمه إلى صدره . المنجد (2) الأسقف عالم
النصارى ورئيسهم في الدين وهو فوق القسيس ودون المطران ، جمعه أساقفة وأساقف وأسقفة
كما يستفاد من القاموس . وقال العلامة ابن أثير الجزري في كتاب (أسد الغابة) (ج 1 ص
74 ط القديم بمصر) في ترجمة ما لفظه : أن أسقف نجران قال أبو موسى لا أدري أسلم أم
لا : روى صلة بن زفر عن عبد الله قال : إن أسقف نجران جاء إلى النبي (ص) فقال :
ابعث معي رجلا أمينا حق أمين ، فقال النبي (ص) : لا بعثن معك رجلا أمينا حق أمين
فاستشرف لها أصحاب محمد (ص) فقال النبي (ص) لأبي عبيدة بن الجراح اذهب معه ، قلت :
قوله أبي موسى : أسقف نجران فجعله اسما عجيب ، فإنه ليس باسم ، إنما هو منزلة من
منازيل النصرانية كالشمس والقس والمطران والبترك والأسقف ، واسمه أبو حارث بن علقمة
، أحد بني بكر بن وائل ولم يسلم ذكر ذلك ابن إسحاق . إنتهى ما رمنا نقله من أسد
الغابة . (3) راجع إلى الصواعق (ص 154 ط عبد الوهاب عبد اللطيف بالقاهرة) (4) هو
العلامة الحافظ المحدث المفسر علي بن عمر بن أحمد بن مهدي البغدادي الدار قطني
الشافعي عنه أبو بكر برقاني وأبو طالب الطبري وأبو نعيم وله تآليف منها : السنن (*)
ص 66
فقال لهم : أنشدكم الله هل فيكم أحد أقرب إلى رسول الله (ص) في الرحم مني ومن جعله
نفسه وابناه ابناه ونسائه نساءه غيري ؟ قالوا : اللهم لا ، الحديث ، وأيضا نقول :
ليس المراد من النفسية حقيقة الاتحاد ، بل المراد المساواة فيما يمكن المساواة فيه
من الفضائل والكمالات ، لأنه أقرب المعاني المجازية إلى المعنى الحقيقي ، فيحمل
عليها عند تعذر الحقيقة على ما هو قاعدة الأصول ، ولا شك أن الرسول (ص) أفضل الناس
اتفاقا ومساوي الأفضل أفضل ، ويمكن أن يقال أيضا : إن مراد المصنف بالمساواة
المساواة في الصفات النفسية ، وحينئذ نقول : أن أراد الناصب يكون نبينا (ص) نبيا
مرسلا خاتم النبوة بعثه على الوجه المذكور فظاهر أن هذا ليس من صفات النفس كما صرح
به الغزالي (1) في المنخول حيث قال : ليست الأحكام للأفعال صفات ذاتية ، وإنما
معناها ارتباط خطاب الشارع بها أمرا ونهيا حثا وزجرا ، فالمحرم هو المقول فيه : لا
تفعلوه ، والواجب هو المقول فيه : لا تتركوه ، وهو كالنبوة ليست ذاتية نفسية للنبي
(ص) ، ولكنها عبارة عن اختصاص شخص بخطاب التبليغ (إنتهى) وإن أراد به الصفة الكاملة
النفسية التي تنبعث عنه البعث على الوجه المذكور ويقضي المساواة في الدرجة ، فلا
يمتنع أن تكون تلك الصفة وتلك الدرجة حاصلة لأمير المؤمنين (ع) ، غاية الأمران
خصوصية خاتمية نبينا (ص) منعت عن بعثه على الوجه المخصوص وعن إطلاق الاسم عليه شرعا
، كما قيل بمثله في منع إطلاق اسم الجوهر بمعنى الموجود لا في موضوع على الله
سبحانه ، وليس هذا بأبعد ما يرويه أصحاب هذا الناصب الشقي
(هامش)
المعروف (بسنن الدار قطني) طبع بهند ومنها (المختلف والمؤتلف) وغيرها من الآثار ،
توفي سنة (285) ببغداد ودفن في جوار قبر الكرخي العارف المعروف فراجع الريحانة (ج 2
ص 6) . (1) قد مرت ترجمته في (ج 1 ص 145) وكتابة المنخول معروف قد طبع مرات (*)
ص 67
في شأن أبي بكر : من أن النبي (ص) قال : أنا وأبو بكر كفرسي (1) رهان ، وفي شأن عمر
أنه قال (ص) : لو كان بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب رواه في المشكاة عن الترمذي .
وأما ما ذكره الناصب : من أن هذه الآية ليست دالة على النص بإمامته ، فمردود بأن
المصنف لم يحصر مطالب هذا الباب في النص على خلافة علي (ع) بل المدعى كما صرح به
سابقا في عنوان ما نحن فيه من البحث الرابع ، إقامته الدليل على الإمامة أعم من أن
يكون دالا على نفسها ، أو شرائطها ولوازمها من العصمة والأفضيلة واستجماع الفضائل
على وجه لا يلحقه غيره فيه ، وقد علم ذلك صاحب المواقف (2) حيث قال : (3) ولهم أي
الشيعة في بيان أفضلية علي (ع) مسلكان ، الأول ما يدل على كونه أفضل إجمالا وهو
وجوه الأول آية المباهلة ، والثاني خبر الطير (4) اه المسلك الثاني ما يدل على كونه
أفضل تفصيلا : وهو أن فضيلة المرء على غيره ، إنما
(هامش)
(1) كما سيجئ في أوائل هذا الجزء في ذيل آية النجوى أن الكلام المذكور من الموضوعات
على ما صرح القاموس وابن الجوزي والفتنى الهندي وصاحب المغني وغيرهم فليراجع . (1
مكرر) هو من الأمثال السائرة الدائرة قال الميداني في مجمع الأمثال ص 511 طبع طهران
يقال كفرسي رهان للمتناصيين . (2) قد مرت ترجمته في (ج 1 من الكتاب ص 247) (3)
أورده في المواقف (طبع الاستانة ص 614) ونقل مولينا القاضي كلامه ممزوجا بكلام
الشرح فراجع . (4) هو الخبر المستفيض بل المتواتر معنا بين الفريقين ، وقد أورده
الحاكم في المستدرك (ص 130 و131 و132 من ج 3 حيدر آباد) وسننقل إن شاء الله عند ذكر
المصنف لذلك الخبر الشريف عدة مصادر كثير له . (*)
ص 68
يكون بما له من الكمالات وقد اجتمع في علي منها ما تفرق في الصحابة وهي أمور :
الأول : العلم وهو أعلم الصحابة لأنه كان غاية الذكاء اه نعم كابر صاحب المواقف بعد
ذلك وقال في الجواب عن المسلكين : بأنه يدل على الفضيلة ، وأما الأفضلية فلا ، كيف
؟ ! ومرجعها إلى كثرة الثواب والكرامة عند الله ، وذلك يعود إلى الاكتساب للطاعات
والاخلاص فيها ، وما يعود إلى نصرة الإسلام ومآثرهم في تقوية الدين ، ومن المعلوم
في كتب السير : أن أبا بكر لما أسلم اشتغل بالدعوة إلى الله فأسلم على يده عثمان بن
عفان وطلحة بن عبد الله والزبير وسعد بن وقاص وعثمان بن مظعون ، فتقوى بهم الإسلام
وكان دائما في منازعة الكفار وإعلاء دين الله في حياة النبي (ص) وبعد وفاته ، واعلم
أن مسألة الأفضلية لا طمع فيها في الجزم واليقين إذ لا دلالة للعقل بطريق الاستقلال
على الأفضلية بمعنى أكثرية الثواب ، بل مستندها النقل وليست هذه المسألة مسألة
يتعلق بها عمل ، فيكتفي فيها الظن الذي هو كاف في الأحكام العملية ، بل هي مسألة
علمية يطلب فيها اليقين ، والنصوص المذكورة بعد معارضتها لا تفيد القطع على ما لا
يخفى على مصنف ، لأنها بأسرها إما آحاد أو ظنية الدلالة ، مع كونها متعارضة أيضا ،
وليس الاختصاص بكثرة الثواب موجبا للزيادة قطعا ، بل ظما ، لأن الثواب تفضل من الله
كما عرفته فيما سلف فله أن لا يثيب المطيع ويثيب غيره ، وثبوت الإمامة وإن كان
قطيعا لا يفيد القطع بالأفضلية بل غايته الظن ؟ ! ولا قطع بأن إمامة المفضول لا يصح
معه وجود الفاضل ، لكنا وجدنا السلف قالوا بأن الأفضل أبو بكر ، ثم عمر ، ثم عثمان
، ثم علي ، وحسن ظننا بهم يقتضي بأنهم لو لم يعرفون ذلك لما أطبقوا عليه فوجب علينا
اتباعهم في ذلك القول ، وتفويض ما هو الحق إلى الله تعالى ، وقال الآمدي (1) :
(هامش)
هو سيف الدين علي بن محمد بن سالم الشافعي أو الحنبلي الآمدي المتوفى 631 له تصانيف
أشهرها كتاب الاحكام في أصول الأحكام ، وكتاب أبكار الأفكار وخلاصة (*)
ص 69
وقد يراد بالتفضيل اختصاص أحمد الشخصين عن الآخر ، أما بأصل فضيلة لا وجود لهما في
الآخر ، كالعالم والجاهل ، وأما بزيادة فيها ككونه أعلم مثلا ، وذلك أيضا غير مقطوع
به فيما بين الصحابة ، إذ ما من فضيلة تبين اختصاصه بواحد منهم إلا ويمكن بيان
مشاركة غيره له فيها ، وبتقدير عدم المشاركة فقد يمكن بيان اختصاص الآخر بفضيلة
أخرى ، ولا سبيل إلى الترجيح بكثرة الفضائل لاحتمال أن يكون فضيلة واحدة أرجح من
فضائل كثيرة أما لزيادة شرفها في نفسها أو لزيادة كميتها ، فلا جزم في الأفضلية
بهذا المعنى أيضا (إنتهى) . وقال شارح العقايد النفسية (1) : وأما نحن فقد وجدنا
دلائل الجانبين متعارضة ، ولم نجد هذه المسألة مما يتعلق به شيئ من الأعمال ، أو
يكون التوقف فيه مخلا بشيئ من الواجبات ، وكان السلف كانوا متوقفين في تفضيل عثمان
حيث جعلوا من علامات السنة والجماعة تفضيل الشيخين ومحبة الختنين
(هامش)
الابريز وغاية المرام في علم الكلام وغيرها تلمذ لدى الشيخ أبي القاسم بن فضلان
الشافعي والشيخ أسعد الميهني والشيخ شهاب الدين السهروردي والشيخ أبي الفتح نصر بن
فتيان وابن المنى وغيرهم ، ومن شعره قوله : حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه * فالقوم
أعداء له وخصوم كضرائر الحسنا قلن لوجهها * حسدا وبغضا إنه لذميم فراجع الريحانة (ج
1 ص 29 ط طهران) أقول وكتابه الذي سماه بالأحكام في أصول الفقه ، وكان مدار الإفادة
والاستفادة في الأعصار السابقة ، وقد شرحه جل من علماء الخاصة والعامة وعلقوا عليه
تعاليق ، ولكن اليوم انصرفت الأفئدة عنه وعن شرح المختصر للعضدي ، ثم الآمدي نسبة
إلى بلدة آمد بكسر الميم وهي من ديار بكر ، ومن الناس من ضبطه بضم الميم فراجع
معاجم أسماء البلدان وكتب الجغرافيا . (1) هو المحقق التفتازاني وقد مرت ترجمته في
الجزء الأول . (*)
ص 70
والانصاف أنه ، إن أريد بالأفضلية كثرة الثواب فللتوقف جهة ، وإن أريد كثرة ما يعده
ذوو العقول من فضائل فلا (إنتهى) وأقول : في الكل نظر ، أما ما ذكره صاحب الموقف ،
فلأنه لا يخفى على من له أدنى عقل وتميز أن الكرامة والثواب الذي هو عوض عن العبادة
على وجه التعظيم ، ليس غير الفضائل والكمالات التي لا شك في أنها أكثر تحققا في علي
(ع) وبعضها كان مخصوصا به ، فلا معنى لأن يكون لغيره وعزة وكرامة وثواب أكثر أو
مساو ، وأما ما ذكره من أن أبا بكر لما أسلم اشتغل بالدعوة وأسلم على يده عثمان اه
ففيه أن جميع من أسلم قبل الهجرة لم يزيدوا على أربعين رجلا أكثرهم قد أسلموا بدعوة
رسول الله (ص) نفسه وعلى تقدير إسلام هؤلاء الخمسة بيد أبي بكر ، كيف يقال : إنه
اشتغل بالدعوة ؟ فإن هذا إنما يقال إذا أجاب دعوة الشخص جماعات كثيرة من الناس لا
خمسة أو ستة بل لو صرح أحد بذلك لااستهزئ به [لاستهزئ به ظ] ، وعلى تقدير تسليم
استقامة ذلك فقد أسلم على يد علي (ع) ألوف من العرب والعجم ومنها طوائف همدان (1)
من أهل يمن بأسرها حتى روي
(هامش)
قال القلقشندي في النهاية (ص 397 ط بغداد) ما لفظه : بنو همدان بإسكان الميم بطن من
كهلان من القحطانية وهم بنو همدان بن مالك بن زيد بن عوس بن ربيعة بن الجبار بن زيد
كهلان إلى أن قال : قال في العبر : وديار همدان لم تزل باليمن من شرقية ولما جاء
الإسلام تفرق من تفرق وبقي من بقي باليمن ، قال : وكانت همدان شيعة أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب رض عند وقوع الفتن بين الصحابة قال البيهقي : ولم يبق لهم قبيلة
بعد تفرقهم إلا باليمن الخ . أقول : وآل همدان ممن اشتهروا بالتشيع والتفاني في حب
أهل البيت ومن مشاهيرهم الحارث الهمداني الذي خوطب بهذه الأبيات الشريفة : يا حار
همدان من يمت يرنى * من مؤمن أو منافق قبلا الخ (*)
ص 71
(1) : أنه لما وصل خبر علي (ع) إلى رسول الله (ص) بإسلام همدان سر جدا (خر ساجدا خ
ل) ووقع في السجود شكر الله تعالى قائلا : السلام على همدان ، السلام على همدان
مكررا . وأما ما ذكره من منازعة أبي بكر للكفار فهو مجرد عبارة لأن المنازعة إنما
تطلع فيما أمكن لكل من الطرفين مقاومة ، وكان أمر أبي بكر (2) قبل الهجرة أن يربط
الكفار بحبل ، ويضرب أو يصفع وينتف لحيته كما سيجئ نقلا عن أوليائه ، وبعد الهجرة
نجا من ذلك ، لكن لم يبارز أحدا قط في شيئ من غزوات النبي (ص) ، بل مداره الفرار عن
الزحف ، فأين ما نسب إليه من منازعة الكفار وإعلاء الدين ؟ وأما ما ذكره : من أنه
لا مطمع في الجزم بالأفضلية بمعنى كثرة الثواب ، فغير مسلم لما عرفت ، وعلى تقدير
التسليم غير مفيد في مقصوده إذ كيف يتصور من العاقل أن يذهب إلى عدم أولوية إمامة
من يكون متصفا بهذه الصفات الكاملة بمجرد احتمال أن يكون غيره أفضل في الواقع ، إذ
من الظاهر أن العاقل يقول : إن الآن في نظرنا هذا الشخص أفضل وأحق وأولى بالإمامة ،
إلى أن يثبت في غيره ، ضرورة أنه لا معنى لأن يقال : إن أخذ العلم مثلا ممن لا يكون
علمه معلوما أولى وأحسن ممن يكون ذلك معلوما منه ، وهذا ظاهر جدا عند العقل ، وقد
ورد في النقل من القرآن والحديث أيضا كقوله تعالى : أفمن يهدي إلى الحق أحق أن يتبع
أمن لا يهدي إلا أن يهدى فما لكم كيف تحكمون (3) ، يعني هل الذي يكون صاحب هداية
(هامش)
وإليه ينتهي نسب شيخنا العلامة بهاء الدين العاملي الشهير وغيره من النوابغ في
العلوم . (1) كما في كتاب البداية والنهاية لابن كثير (ج 5 ص 105 ط مصر) وتاريخ
الطبري (ج 2 ص 390 ط مصر) وذخائر العقبي لمحب الدين الطبري (ص 109 ط مصر) والكامل
لابن الأثير (ج 2 ص 205 ط مصر) (2) وسنذكر هناك مستند ما يذكره مولانا القاضي في
هذا الشأن . (3) يونس . الآية 35 . (*)
ص 72
وعلم بالحق أحق وأولى بأن يهتدي به الخلق ويقتبس الحق من أنوار هدايته وعمله ، أو
الذي لا هداية له ولا علم إلى أن يتعلم العلم والهداية عن غيره فكيف تحكمون أنتم
أيها العقلاء ؟ يعني من المعلوم أن العقل نحكم بأن الأول أحق وأولى بمتابعة الخلق
له اهتدائهم (به) واقتدائهم بله خلافه مكابرة وعناد لا يخفى على أولي النهى . وأما
ما ذكره من أن هذه المسألة ليست مسألة يتعلق بها عمل اه ففيه أنه كيف ينكر تعلق
العمل بها مع إمكان تأديتها إلى الوقوع في تفضيل المفضول وتقديمه وتأخيره من هو
متقدم في نفس الأمر وهو إن لم يكن كفرا لا أقل من أن يكون فسقا ، لقوله تعالى : ومن
كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وضل سبيلا (1) ، والعمى هو عدم تعلم الحق كما
فسر وبالجملة كيف يحكم بأنه مما لا يتعلق به شيئ من الأعمال مع أن أكثر المخالفات
بين الشيعة وجمهور أهل السنة بحيث يلعن بعضهم بعضا وقع من هذا ، فحينئذ وجب تحقيق
هذه المسألة وتحصيل اليقين فيها ، ليعلم من يجب اتباعه ومن لا يجب حتى لا يقع في
سخط الله تعالى . وأما ما ذكره من أن النصوص متعارضة ، فغير مسلم لما بينا سابقا :
من أن النصوص الواردة في شأن علي (ع) مما اتفق عليه الفريقان ، بخلاف ما روي في شأن
غيره من الثلاثة ، نعم ما روي في مطاعن الثلاثة معارض بما روي من مناقبهم فافهم (2)
. وأما ما ذكره : من أنه ليس الاختصاص بكثرة الثواب موجبا لزيادته قطعا بل ظنا ،
لأن الثواب تفضل من الله تعالى كما عرفته فيما سلف ، فله أن لا يثيب المطيع ويثيب
غيره ، فمدفوع بما أصلناه وأثبتناه سابقا : من قاعدة الحسن والقبح العقليين . وأما
ما ذكره من أن ثبوت الإمامة وإن كان قطعيا ، لا يفيد القطع بالأفضلية اه فمدفوع
بأنه على تقدير عدم جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل ، كما يقتضيه
(هامش)
(1) الإسرى . الآية 72 . (2) أصله إشارة إلى أن ما روي من مناقبهم غير نقي السند .
(*)
ص 73
العقل السليم ، تكون صحة الخلافة مبنية على الاتصاف بالأفضلية ، فالظن فيها يستلزم
الظن فيه قطعا ، وأما قوله : ولأقطع بأن إمامة المفضول لا يصح مع وجود الفاضل ، فهو
مكابرة على ما يقطع به العقل السليم ، بناء على الألف بتحسين ما فعله السلف : من
مخالفة مقتضى العقل في مسألة الإمامة ، فلا يلتفت إليه . وأما ما ذكره بقوله : لكنا
وجدنا السلف قالوا إلى آخره ، فمردود بأن ذلك السلف كانوا ممن لا يرحمهم الله ، ولا
يزكيهم ولهم عذاب أليم (1) ، بالتزام التقليد الذميم الذي رد الله عليه في كتابه
الكريم معاتبا للكفار بقوله حكاية عنهم : إنا وجدنا آبائنا على أمة وإنا على آثارهم
مقتدون (2) ، وحسن الظن بهم لم ينشأ إلا من قلة الفطن وضيق العطن وأنه من قبيل ، إن
بعض الظن (3) مع أن مجرد حسن الظن بهم ، لا يقتضي وجوب متابعتهم كما لا يخفى ،
وبالجملة : أنهم بنوا الأفضلية ، على الترتيب الوجودي في الخلافة ، ولا طائل في ذلك
، لأنا نعلم أنهم لو جعلوا خمسين من الصحابة خلفاء قبل أمير المؤمنين عليه آلاف
التحية والسلام لفضلوا جميع هؤلاء عليه ، وكيف يوجب الترتيب الوجودي في الخلافة
الصوري مرتبة وفضيلة ، مع أن هؤلاء لكونهم صفر اليد عن الفضائل والعدد ، كانت
نسبتهم إلى علي (ع) نسبة الأصفار إلى العدد ، فلا يورث تقدمهم الصوري عليه (ع) ،
إلا زيادة ما كان له من المرتبة والمقام كما قال الشاعر (ره) : از رتبة صوري خلافت
مقصود * جز عرض كمال اسد الله نبود گرگشت رقم سه صفر پيش از الفى پيد است كه در
رتبة كمال كه فزود ؟ (كدامين افزود) وكان القوم مع جهلهم بعلم المنطق وحكمهم
بتحريمه شبهوا أمير المؤمنين (ع) بالشكل
(هامش)
(1) مقتبس من قوله تعالى في سورة البقرة الآية 174 (2) الزخرف . الآية 22 . (3)
مقتبس من قوله تعالى في سورة الحجرات الآية 12 . (*)
ص 74
الرابع ، حيث أسقطه بعضهم (1) عن درجة الاعتبار ، لمخالفته الأول ، واعتبر جمهورهم
الثاني بعد الأول لموافقته معه في أشرف المقدمتين عندهم ، وهم غصب الخلافة عن أهل
البيت عليهم السلام ولهذا سميا بالعمرين ثم اعتبروا الثالث (2) لموافقته معه في
مقدمة أخرى وهي ترويج أحكام الأولين واقتفاء سيرتهما ، واعتبروا عليا (ع) في
المرتبة الرابعة لأن طبعه (ع) كان مخالفا للأول والثاني أصلا ورأسا ، ولهذا لما قال
له عبد الرحمن بن عوف يوم الشورى : (3) أمدد يدك أبايعك بسيرة الشيخين ، امتنع (ع)
عن ذلك ، وقال : بل بمقتضى الكتاب والسنة ، فعدل عنه (ع) إلى عثمان بالشرط المذكور
فقبل منه ذلك . وأما ما ذكره الآمدي بقوله : إذ ما من فضيلة تبين اختصاصها بواحد
منهم إلا ويمكن بيان مشاركة غيره له فيها ، ففيه نظر ظاهر ، إذ بعد ما فرض اختصاص
فضيلة بواحد منهم ، كيف يمكن بيان مشاركة له غيره فيها اللهم إلا أن يراد الاشتراك
في أصل أنواع تلك الفضائل ، لكن على نحو أن يدعى اشتراك الصبي القاري لصرف الزنجاني
ونحوه مع معلمه المتبحر في العلوم العقلية والنقلية ، أو يدعى اشتراك من قلع باب
خيبر وقتل عمر وبن عبدود وأمثاله ، مع من قلع باب بيته ، أو قتل نحو الضب والفأرة
في العلم والشجاعة ، وهذا في غاية الوهن والشناعة . وأما ما ذكره : من أنه لا سبيل
إلى الترجيح بكثرة الفضائل لاحتمال أن يكون الفضيلة الواحدة أرجح من فضائل كثيرة ،
فمدخول بما مر من أنا لا نحتاج في تعيين الإمام إلا إلى الفحص عن حال من استجمع فيه
شرايط الإمامة والرياسة من الفضائل
(هامش)
كالخوارج والنواصب . (2) أي ولأن اعتبار الثالث لموافقته مع الأولين في اقتفاء
سيرتهما واعتبار الرابع لمخالفته طبعه لهما لما قال الخ منه (قده) (3) ذكره ابن حجر
في الصواعق (ص 104 ط الجديد بمصر) (*)
ص 75
والكمالات الظاهرة ، وأنه لا التفات للعاقل إلى احتمال كون غيره ممن لم يظهر منه
شيئ من هذه الفضايل ربما كان أفضل عند الله وفي نفس الأمر ، بل لو اعتبر مثل هذا
الخيال الفاسد لتعذر الأمر على الناس في تعيين الرئيس والإمام ، لاحتمال أن يكون كل
حائك وحجام وسوقي ومجهول نشاء في شاهق جبل أو بر وبحر ، أفضل من إشراف قوم مشهورين
بالفضل والكرامة ، فينسد باب تعيين المتصف بالإمامة وليقل أولياء الآمدي الذين
يفرون كفراره من محال إلى محال ، ويطيرون من غصن إلى غصن ، أن اختيار من اختار أبا
بكر للإمامة ، هل وقع بشيئ ممتاز عموا فيه من الفضائل الظاهرة التي نسبوها إليه في
الأحاديث الموضوعة في شانه ، أو لاطلاعهم على ما كان فيه من الفضائل الباطنية التي
لم يظهر على أحد ، أو وقع في ذلك بمجرد البخت ولاتفاق ومحض الشهوة والارتفاق من غير
ملاحظة اتصافه بشيئ من الفضائل الظاهرية والباطنية ، بل كان عبد أبي بكر مساويا معه
في نظرهم في استحقاق الخلافة فالثالث إزراء بجلالة قدر أبي بكر عندهم والثاني ملحق
بالمحال ، فتعين الأول وهو اعتبار العاقل في ذلك كثرة الفضائل ولم تتحقق الكثرة إلا
في علي (ع) كما علم وسيعلم بعون الله الملك العلام . وأما ما ذكره شارح العقايد
فأكثر مقدماته مشترك مع ما نقلناه عن صاحب المواقف وأبطلناه إلا ما ذكره من
المحاكمة المدلول عليها بقوله : والانصاف إنه إن أريد : وهذا مردود بأن الثواب الذي
كانوا بسبب تحصيلهم له أفضل إن كان في مقابلة الطاعة كما نطق به الكتاب والسنة
وبيناه سابقا فلا شك إن من طاعته أكثر فثوابه أكثر فحينئذ من تأمل في أحوال الصحابة
علم بديهة إن طاعة علي (ع) كان أكثر بمراتب لأنه عبد الله تعالى مدة عمره ولم يقع
منه عصيان قط ، وإن غيره إنما عبد الله تعالى بعد مضي أكثر عمره وزمانه في كفره
وعصيانه كما قال أبو سعيد النيلي ره (1)
(هامش)
(1) هو سعيد بن أحمد المكي النيلي من مشاهير الأدباء والشعراء وأكثر منظوماته (*)
ص 76
(شعر) عبد الآله وغيره من جهله * ما زال معتكفا على أصنامه (الأصنام خ ل)
وإن لم يكن
مقابلا للطاعة ، فليس بثواب ولا يدل على التعظيم والتفضيل ، لأن كونه في مقابلة
الطاعة هو الفارق بين الثواب والتفضيل ، فحينئذ أيضا لا يكون لتوقفه جهة فتوجه ،
فإنه غاية الشوط في هذا المضمار ، والله أعلم بحقايق الأسرار . قال المصنف رفع الله
درجته
السابعة قوله تعالى : فتلقى آدم من ربه كلمات (1) 
روى (2) الجمهور عن ابن
عباس ، قال : سئل رسول الله (ص) عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه . قال
سئل بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين إلا تبت علي ، فتاب عليه (إنتهى) .
(هامش)
في مديح أهل البيت ، توفي سنة 562 وقيل 592 ، والنيلي إلى النيل بالحلة ، فراجع
الريحانة (ج 4 ص 264) . (1) البقرة . الآية 37 وقال مولانا القاضي الشهيد في الهامش
ما هذا لفظه : قال المصنف في منهاج الكرامة : البرهان العاشر قوله تعالى : فتلقى
آدم من ربه كلمات فتاب عليه روى الفقيه ابن المغازلي الشافعي بإسناده عن ابن عباس
قال : سئل النبي (ص) عن الكلمات التي تلقاها آدم من ربه فتاب عليه قال : سأله بحق
محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ، إلا تبت علي فتاب عليه وهذه فضيلة
لم يلحقه أحد من أصحابه فيها . فيكون هو الإمام لمساواته للنبي (ص) في التوسل إلى
الله تعالى (منه قده) (2) روى الحديث في شأن الآية الكريمة جماعة من أعاظم القوم
فهاك كلمات بعضهم التي وفقنا عليها حال التحرير (فمنهم) العلامة البيهقي في دلائل
النبوة (على ما في تفسير اللوامع ج 1 ص 215 ط لاهور) روى عن عمر بن الخطاب قال آدم
أسئلك بحق محمد وآله إلا غفرت لي إلى قوله (ع) (*)
ص 77
قال الناصب خفضه الله أقول : اختلف المفسرون في هذه الكلمات ، فقال بعضهم ، هو
التسبيح والتهليل والتحميد ، وقال بعضهم : وهي مناسك الحج فيها غفر ذنوب آدم ، وقال
بعضهم : هي الخصال العشر التي سميت خصال الفطرة ، وقد أمر آدم بالعمل بها ليتوب
الله عليه ، ولو صح ما رواه الجمهور ، ولا نعرف هذا الجمهور لدل على فضيلة كاملة
لعلي (ع) ونحن نقل بها ، ونعلم أن التوسل بأصحاب العباء من أعظم الوسايل وأقرب
الذرايع إلى الله تعالى ، ولكن لا يدل على نص الإمامة ، فخرج الرجل من مدعاه ويقيم
الدلائل على فضائل علي (ع) من نص القرآن ، كل هذه الفضائل مسلمة (إنتهى) . أقول .
يتوجه عليه أن موافقة بعض المفسرين من جمهور أهل السنة مع الشيعة في أمثال ذلك يكفي
في قيام الحجة للشيعة على الكل كما مر بيانه وللإشارة إلى هذه النكتة مع روم
الاختصار اعتمادا على الاشتهار ، ترى المصنف قدس سره ربما يقتصر بقوله روى الجمهور
، ويطوي ذكر اسم الراوي . ثم القول : بأن المراد من الكلمات مناسك الحج وكذا القول
: بأنها هي الخصال العشرة ، مع خفاء صدق الكلمات عليها غير مذكورة
(هامش)
لولا هو ما خلقتك (ومنهم) العلامة ابن عساكر في كلا مسنديه على تفسير اللوامع (ج 1
ص 215 ط لاهور) روى عن عمر بن الخطاب قال قال آدم أسألك بحق محمد وآله إلا غفرت لي
إلى قوله (ع) ولولا هو ما خلقتك (ومنهم) العلامة ابن المغازلي في المناقب على ما في
(تفسير اللوامع ج 1 ص 215 ط لاهور) روى عن ابن عباس قال سئل رسول الله (ص) عن
الكلمات التي تلقاها آدم ، فقال (*)