الصفحة السابقة

شرح إحقاق الحق (ج12)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 437

ومن كلامه (ع) كفر النعمة داعية المقت ، ومن جازاك بالشكر فقد أعطاك أكثر مما أخذ منك . رواه في (الفصول المهمة) (ص 257 ط الغري) . ورواه في (نور الأبصار) (ص 221 العثمانية بمصر) . ومن كلامه (ع) أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه لأن لهم أجرهم وفخره وذكره ، فما اصطنع الرجل من معروف فإنما يبدأ فيه بنفسه . رواه في (الفصول المهمة) (ص 255 ط الغري) . ورواه في (نور الأبصار) (ص 220 ط العثمانية بمصر) . ومن كلامه (ع) عنوان صحيفة السعيد حسن الثناء عليه . رواه في (الفصول المهمة) (ص 255 ط الغري) . ورواه في (نور الأبصار) (ص 220 ط العثمانية بمصر) . ومن كلامه (ع) الصبر على المصيبة مصيبة للشامت . رواه في (الفصول المهمة) (ص 256 ط الغري) . ورواه في (نور الأبصار) (ص 221 ط العثمانية بمصر) .

ص 438

ومن كلامه (ع) ثلاث يبلغن بالعبد رضوان الله تعالى : كثرة الاستغفار ، ولين الجانب ، وكثرة الصدقة . وثلاث من كن فيه لم يندم : ترك العجلة ، والمشورة ، والتوكل على الله عند العزم . رواه في (الفصول المهمة) (ص 256 ط الغري) . ورواه في (نور الأبصار) (ص 221 ط العثمانية بمصر) . ومن كلامه (ع) ثلاث خصال تجلب بهن المروة : الانصاف في المعاشرة ، والمواساة في الشدة والانطواء على قلب سليم . رواه في (الفصول المهمة) (ص 256 ط الغري) . ورواه في (نور الأبصار) (ص 221) لكنه ذكر بدل كلمة المروة : المودة . ومن كلامه (ع) من انقطع إلى غير الله وكله الله إليه ، ومن عمل على غير علم أفسد أكثر مما يصلح . رواه في (الفصول المهمة) (ص 254 ط الغري) . ومن كلامه (ع) أنه من وثق بالله أراه السرور ومن توكل على الله كفاه الله الأمور ، والثقة بالله حصن لا يتحصن فيه إلا المؤمن ، والتوكل على الله نجاة من كل سوء وحرز

ص 439

من كل عدو ، والدين عز ، والعلم كنز ، والصمت نور ، وغاية الزهد الورع ، ولا هدم للدين مثل البدع ، ولا أفسد للرجال من الطمع ، وبالراعي تصلح الرعية ، وبالدعاء تصرف البلية ، ومن ركب مركب العمر اهتدى إلى مضمار النصر ، ومن شتم أجيب ، ومن غرس أشجار التقى اجتنى أثمار المنى . رواه في (الفصول المهمة) (ص 255 ط الغري) . ورواه في (نور الأبصار) (ص 221) لكنه ذكر بدل قوله أنه من وثق بالله إلى قوله من كل سوء : ومن وثق بالله وتوكل على الله نجاه الله من كل سوء . ومن كلامه (ع) كيف يضيع من الله كافله ، وكيف ينجو من الله طالبه ، ومن انقطع إلى غير الله وكله الله إليه ، ومن عمل على غير علم أفسد أكثر مما يصلح . وقال فيما رواه غيره في جواب رجل قال له أوصني بوصية جامعة مختصرة فقال له : صن نفسك عن عار العاجلة ونار الأجلة ، رواه في (وسيلة المآل) نقلا عن (تذكرة ابن حمدون) .

ص 441

الإمام العاشر علي بن محمد الهادي عليه السلام

ص 442

تاريخ ميلاده وشهادته (ع) بسم المتوكل

رواه جماعة من أعلام القوم : منهم العلامة الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) (ج 12 ط 57 ط القاهرة) قال : أخبرني الأزهري أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن محمد بن عرفة قال : وفي هذه السنة - يعني سنة أربع وخمسين ومأتين - توفي علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بسر من رأى في داره التي ابتاعها من دليل بن يعقوب النصراني . أخبرني التنوخي أخبرني الحسن بن الحسين النعالي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الذارع ، حدثنا حرب بن محمد ، حدثنا الحسين بن محمد العمى البصري . وحدثنا أبو سعيد الأزدي سهل بن زياد . قال : ولد أبو الحسن العسكري - علي بن محمد - (1) في رجب سنة مأتين وأربع عشرة من الهجرة ، وقضى في يوم الاثنين لخمس بقين من جمادى الآخرة سنة مأتين وأربع وخمسين من الهجرة .

(هامش)

(1) قال العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 264 ط الغري) قال بعض أهل العلم : فضل أبي الحسن علي بن محمد الهادي قد ضرب على الحرة قبابه ومد على نجوم السماء أطنابه ، فما تعد منقبة إلا وإليه نحيلتها ، ولا تذكر كريمة إلا وله فضيلتها ، ولا تورد محمدة إلا وله تفضيلها وجملتها ، ولا تستعظم حالة سنية إلا وتظهر عليه أدلتها ، استحق بذلك بما في جوهر نفسه من كرم تفرد بخصائصه ومجد حكم فيه على طبعه الكريم بحفظه من الشرب حفظ الراعي لقلايصته ، فكانت نفسه مهذبة وأخلاقه مستعذبة وسيرته عادلة وخلاله فاضلة وميازه إلى العفاة واصله وزموع المعروف بوجود وجوده عامرة آهلة = (*)

ص 443

ومنهم العلامة الگنجي الشافعي في (كفاية الطالب) (ص 312 ط الغري) قال : وهو الإمام بعد الجواد ، مولده بصريا من المدينة للنصف من ذي الحجة سنة اثنتي عشرة ومأتين ، وتوفي بسر من رأى في رجب سنة أربع وخمسين ومأتين وله يومئذ إحدى وأربعون سنة ودفن في داره بسر من رأى ، وخلف من الولد أبا محمد العسكري . ومنهم العلامة محمد بن طلحة في (مطالب السؤول) (ص 88 ط طهران) . أما مولده (أي علي بن محمد الهادي) ففي رجب من سنة مأتين وأربع عشرة سنة للهجرة ، وأما نسبه فأبو أبو جعفر محمد القانع بن علي الرضا بن موسى . وأما عمره فإنه مات في جمادى الآخرة لخمس ليال بقين منه من سنة أربع وخمسين ومأتين للهجرة فيكون عمره أربعين سنة غير أيام ، كان مقامه مع أبيه ست سنين وخمسة أشهر . ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 259 ط الغري) . قال : قال ابن الخشاب في كتابه مواليد أهل البيت (ع) : ولد أبو الحسن علي العسكري في رجب سنة أربع عشر ومائتين من الهجرة ، وأما نسبه فهو علي الهادي ابن محمد الجواد ، بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب (ع) إلى أن قال : وأما كنيته فأبو الحسن لا غير ، وأما ألقابه فالهادي والمتوكل والناصح والمتقي والمرتضى والفقيه

(هامش)

= جرى من الوقار والسكون والطمأنينة والعفة والنزاهة والخمول في النباهة على وتيرة نبوية وشنشنة علوية ونفس زكية وهمة علية لا يقاربها أحد من الأنام ولا يدانيها ، وطريقة حسنة لا يشاركه فيها خلق ولا يطمع فيها . (*)

ص 444

والأمين والطيب ، وأشهرها الهادي . وفي (ص 265) . قبض أبو الحسن علي الهادي (ع) المعروف بالعسكري ابن محمد الجواد بسر من رأى في يوم الاثنين الخامس والعشرين من جمادى الآخر سنة أربع وخمسين ومائتين ودفن في داره بسر من رأى وله يومئذ من العمر أربعون سنة وكان المتوكل قد أشخصه من المدينة النبوية إلى سر من رأى مع يحيى بن هرثمة بن أعين في سنة ثلاث وأربعين ومائتين كما قدمنا بها حتى مضى لسبيله إحدى عشر سنة وكانت مدة إمامته ثلاث وثلاثين سنة . ومنهم العلامة محب الدين أمين بن فضل الله الحموي الحنفي المتوفى سنة 1111 في (جنى الجنتين في تمييز نوعي المثنين) (ص 78 ط مكتبة القدسي بدمشق) قال : وكان مولدهما (أي العسكريين) بالمدينة ونقلا إلى عسكر المعتصم سامرا ، فنسبا إليه ، فأما علي فإنه أقام بسامراء عشرين سنة ثم مات في رجب سنة أربع وخمسين ومأتين . ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في (التذكرة) (ص 375 ط الغري) قال : وتوفي علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا في جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين ومائتين بسر من رأى ومولده في رجب سنة أربع عشر ومائتين وكان سنه يوم مات أربعين سنة وكانت وفاته في أيام المعتز بالله ودفن بسر من رأى أنه مات مسموما . ومنهم العلامة ابن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة) (ص 124 ط عبد اللطيف بمصر) قال :

ص 445

وتوفي رضي الله عنه بسر من رأى في جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين ومأتين ودفن بداره ، وعمر أربعون ، وكان المتوكل أشخصه من المدينة إليها سنة ثلاث وأربعين ، فأقام بها إلى أن قضى عن أربعة ذكور وأنثى أجلهم . ومنهم العلامة المعاصر السيد محمد عبد الغفار الهاشمي الحنفي في (أئمة الهدى) (ص 136 ط القاهرة) قال : فلما زاعت شهرته (أي الهادي (ع)) استدعاه الملك المتوكل من المدينة المنورة حيث خاف على ملكه وزوال دولته إليه بماله من علم كثير ، وعمل صالح وسداد رأي ، وقول حق وأسكنه بدار ملكه بالعراق في عاصمة (سامراء) وأخيرا دس له السم وتوفي منه يوم الاثنين في 25 من جمادى الآخرة سنة 254 وكان عمره إذ ذاك الوقت 40 سنة ومدة إمامته 30 سنة ودفن بداره في (سامراء) التي هي خربة الآن إلا من فئة قليلة من العرب وعلى مرقده قبة جميلة رضي الله عنه وعليه السلام . ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 224 ط العثمانية بمصر) ذكر ما تقدم ثانيا عن (الفصول المهمة) إلى قوله وكان المتوكل ثم قال : ودفن في داره بسر من رأى يقال أنه مات مسموما والله أعلم . ومنهم العلامة السيد عباس المكي في (نزهة الجليس) (ج 2 ص 83) قال : وكانت ولادته (أي على الهادي) يوم الأحد الثالث عشر رجب وقيل : يوم عرفة سنة أربع ، وقيل : ثلاثة عشرة ومأتين ، ولما كثرت السعاية في حقه عند المتوكل أخرجه من المدينة ، وكان مولده بها وأقره بسر من رأى وهي مدينة بناها المعتصم ، وقد تقدم ذكرها ، فأقام بها الإمام علي الهادي عشرين سنة وسبعة أشهر ، وتوفي بها يوم الاثنين لخمس بقين من جمادى الآخرة ، وقيل : لأربع بقين ، وقيل :

ص 446

في رابعها ، وقيل : في ثالث رجب سنة أربع وخمسين ومأتين ، ودفن في داره والله أعلم بغيبه وأحكم ، وأما فضائل الإمام علي الهادي عليه وعلى آبائه السلام ، فليس لها حد ومعجزاته لا يحصرها العد .

النص على إمامته عن أبيه محمد بن علي (ع)

رواه القوم : منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 259 ط الغري) روي عن إسماعيل بن مهران قال : لما خرج أبو جعفر محمد الجواد من المدينة إلى بغداد بطلبة المعتصم قلت له عند خروجه : جعلت فداك إني أخاف عليك من هذا الوجه فإلى من الأمر بعدك ؟ فبكى حتى بل لحيته ثم التفت إلي فقال : الأمر من بعدي ولدي علي .

فضله وسماحته (ع)

ومما يشهد لذلك ما رواه جماعة من أعلام القوم : منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 260 ط الغري) قال : فمن ذلك أن أبا الحسن كان قد خرج يوم من سر من رأى إلى قرية له لمهم عرض له فجاء رجل من بعض الأعراب يطلبه في داره فلم يجده وقيل له : إنه ذهب إلى الموضع الفلاني فقصده إلى موضعه فلما وصل إليه قال له : ما حاجتك ؟ فقال له : أنا رجل من أعراب الكوفة المستمسكين بولاء جدك أمير المؤمنين علي

ص 447

ابن أبي طالب (ع) وقد ركبتني ديون فادحة أثقل ظهري حملها ولم أر من أقصده لقضائها سواك فقال له أبو الحسن : كم دينك ؟ فقال : نحو العشرة آلاف درهم فقال : طب نفسا وقر عينا يقضى دينك إنشاء الله تعالى ، ثم أنزله فلما أصبح قال له : يا أخا العرب أريد منك حاجة لا تعصاني فيها ولا تخالفني والله الله فيما آمرك به وحاجتك تقضى إنشاء الله تعالى فقال الأعرابي : لا أخالفك في شيء مما تأمرني به فأخذ أبو الحسن ورقة وكتب فيها بخطه دينا عليه للأعرابي المذكور وقال : خذ هذا الخط معك فإذا حضرت سر من رأى فتراني أجلس مجلسا عاما فإذا حضر الناس واحتفل المجلس فتعال إلي بالخط وطالبني وأغلظ علي في القول ولا عليك والله الله أن تخالفني في شيء مما أوصيك به ، فلما وصل أبو الحسن إلى سر من رأى جلس مجلسا عاما وحضر عنده جماعة من وجوه بالناس وأصحاب لخليفة المتوكل وأعيان البلد وغيرهم ، فجاء ذلك الأعرابي وأخرج الخط وطالبه بالمبلغ المذكور وأغلظ عليه في الكلام فجعل أبو الحسن يعتذر إليه ويطيب نفسه بالقول ويعده بالخلاص عن قريب وكذلك الحاضرون وطلب منه المهلة ثلاثة أيام ، فلما انفك المجلس نقل ذلك الكلام إلى الخليفة المتوكل فأمر لأبي الحسن على الفور بثلاثين ألف درهم ، فلما حملت إليه تركها إلى أن جاء الأعرابي فقال له : خذ هذا المال فاقض منه دينك واستعن بالباقي على وقتك والقيام على عائلتك فقال الأعرابي فقال له : يا ابن رسول الله والله في العشرة آلاف بلوغ مطلبي ونهاية إربي وكفاية لي فقال أبو الحسن : والله لتأخذن ذلك جميعه وهو رزقك الذي ساقه الله إليك ولو كان أكثر من ذلك ما نقصناه ، فأخذ الأعرابي الثلاثين ألف درهم وانصرف وهو ويقول : الله أعلم حيث يجعل رسالته . منهم العلامة محمد بن طلحة الشافعي المتوفى سنة 654 في (مطالب السؤول) (ص 88 ط تهران) .

ص 448

روي الحديث بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة) بتلخيص يسير لا يضر بالمعنى غير أنه بدل ذكر قوله : كتب فيها بخطه دينا عليه الأعرابي : فكتب له الأعرابي مالا عينه فيها يرجح على دينه . ومنهم العلامة الشيخ سليمان البلخي القندوزي في (ينابيع المودة) (ج 3 ص 13 ط العرفان) . روي الحديث ملخصا مع التحفظ بذكر أصل الواقعة . ومنهم العلامة ابن حجر في (الصواعق) (ص 123 ط البابي بحلب) . روي الحديث ملخصا مع التحفظ بذكر أصل الواقعة . ومنهم العلامة المولوي محمد مبين الهندي في (وسيلة النجاة) (ص 401 ط لكهنو) . روي الحديث بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة) .

زهده وعبادته عليه السلام

رواه القوم : منهم العلامة خواجه پارساي البخاري في (فصل الخطاب) على ما في الينابيع ص 386 ط اسلامبول) قال : وكان أبو الحسن علي الهادي عابدا فقيها إماما قيل للمتوكل إن في منزله أسلحة يطلب الخلافة ، فوجه إليه رجالا هجموا عليه فدخلوا داره فوجدوه في بيته وعليه مدرعة من شعر على رأسه الشريف ملحفة من صوف وهو مستقبل القبلة وليس بينه وبين الأرض بساط إلا الرمل والحصى وهو يترنم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد ، فحملوه إليه على ألبسته المذكورة فلما رآه عظمه

ص 449

أجلسه إلى جنبه فكلمه فبكى المتوكل بكاء طويلا ثم قال : يا أبا الحسن عليك دين ؟ قال : نعم أربعة آلاف دينار فأمر المتوكل بدفعها إليه ثم رده إلى منزله مكرما .

جوابه (ع) عن مسألة عجز الفقهاء عنها

رواه جماعة من أعلام القوم : منهم الحافظ الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) (ج 12 ص 56 ط السعادة بمصر) قال : أخبرني الأزهري حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد المقري ، حدثنا محمد ابن يحيى النديم ، حدثنا الحسين بن يحيى . قال : إعتل المتوكل في أول خلافته ، فقال : لئن برئت لأتصدقن بدنانير كثيرة ، فلما برء جمع الفقهاء فسألهم عن ذلك فاختلفوا ، فبعث إلى علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر فسأله فقال : يتصدق بثلاث وثمانين دينارا فعجب قوم من ذلك ، وتعصب قوم عليه ، وقالوا تسئله يا أمير المؤمنين من أين له هذا ؟ فرد الرسول إليه فقال له : قل لأمير المؤمنين في هذا الوفاء بالنذر ، لأن الله تعالى قال (لقد نصركم الله في مواطن كثيرة) فروى أهلنا جميعا أن المواطن في الوقايع والسرايا والغزوات كانت ثلاثة وثمانين موطنا ، وأن يوم حنين كان الرابع والثمانين ، وكلما زاد أمير المؤمنين في فعل الخير كان أنفع له ، وأجر عليه في الدنيا والآخرة . ومنهم العلامة الشيخ عبد الرحمان الصفوري البغدادي في (نزهة المجالس) (ج 1 ص 226 ط القاهرة) . روي الحديث بعين ما تقدم عن (تاريخ بغداد) لكنه ذكر ثمانين ولم يزد عليه ثلاثا .

ص 450

ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في (التذكرة) (ص 374 ط الغري) . روي الحديث بعين ما تقدم عن (تاريخ بغداد) ملخصا ثم قال : فعجب المتوكل والفقهاء من هذا الجواب . ومنهم العلامة المولوي محمد مبين الهندي في (وسيلة النجاة) (ص 400 ط لكهنو) . روى الحديث بعين ما تقدم عن (تاريخ بغداد) .

جوابه (ع) عن مسألة يحيى ابن أكثم بعد عجز الفقهاء عنها

رواه القوم : منهم الحافظ أبو بكر البغدادي في (تاريخ بغداد) (ج 12 ص 56 ط السعادة بمصر) قال : أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق ، أخبرنا محمد بن الحسن بن زياد المقري النقاش ، حدثنا الحسين بن حماد المقري - بقزوين - حدثنا الحسين بن مروان الأنباري ، حدثني محمد بن يحيى المعاذي قال : قال يحيى بن أكثم في مجلس الواثق - والفقهاء بحضرته - من حلق رأس آدم حين حج ؟ فتعايى القوم عن الجواب ، فقال الواثق : أنا أحضركم من ينبئكم بالخبر ، فبعث إلى علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب فأحضر فقال : يا أبا الحسن من حلق رأس آدم ؟ فقال سئلتك (بالله) يا أمير المؤمنين إلا أعفيتني ، قل : أقسمت عليك لتقولن قال : أما إذ أبيت فإن أبي حدثني عن جدي ، عن أبيه ، عن جده . قال : قال رسول الله (ص) : (أمر جبريل أن ينزل بياقوتة من الجنة ، فهبط بها فمسح بها رأس آدم فتناثر الشعر منه ، فحيث بلغ نورها صار حراما) .

ص 451

إخباره عن المغيبات

رواه القوم : منهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 153 ط مصر) قال : عن الأسباطي قال : قدمت على أبي الحسن علي بن محمد المدينة الشريفة من العراق فقال لي ما خبر الواثق عندك ؟ فقلت : خلفته في عافية وأنا من أقرب الناس به عهدا وهذا مقدمي من عنده وتركته صحيحا فقال : إن الناس يقولون إنه قد مات فلما قال لي : إن الناس يقولون إنه قد مات فهمت أنه يعني نفسه فسكت ثم قال : ما فعل ابن الزيات ؟ قلت : الناس معه والأمر أمره فقال : أما إنه شؤم عليه ثم قال : لا بد أن تجري مقادير الله وأحكامه يا جيران مات الواثق وجلس جعفر المتوكل وقتل ابن الزيات فقلت : متى ؟ قال : بعد مخرجك بستة أيام فما كان إلا أيام قلائل حتى جاء قاصد المتوكل إلى المدينة فكان كما قال . ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 261 ط الغري) . روى الحديث عن الوشاء ، عن جبران الأسباطي بعين ما تقدم عن (نور الأبصار) وذكر جبران بالباء الموحدة .

ومن كراماته (ع)

رواها القوم : منهم العلامة الشيخ سليمان البلخي القندوزي المتوفى سنة 1293 في كتابه (ينابيع المودة) (ج 3 ص 14 ط مطبعة العرفان ببيروت) قال : ونقل المسعودي أن المتوكل أمر بثلاثة من السباع فجئ بها في صحن

ص 452

قصره ثم دعا الإمام علي النقي فلما دخل أغلق باب القصر فدارت السباع حوله وخضعت له وهو يمسحها بكمه ثم صعد إلى المتوكل وتحدث معه ساعة ثم نزل ففعلت السباع معه كفعلها الأول حتى خرج فاتبعه المتوكل بجائزة عظيمة فقيل للمتوكل إن ابن عمك يفعل بالسباع ما رأيت فافعل بها ما فعل ابن عمك قال : أنتم تريدون قتلي ثم أمرهم أن لا يفشوا ذلك توفي في سر من رأى في جمادى الأخيرة سنة أربع وخمسين ومأتين .

صبره (ع) على إيذاء المتوكل

ومما يشهد لذلك ما رواه العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 263 ط الغري) قال : وعن علي بن إبراهيم الطايفي قال : مرض المتوكل من خراج خرج بحلقه فأشرف على الهلاك ولم يحسن أحد أن يمسه بحديد فنذرت أم المتوكل لأبي الحسن علي بن محمد إن عوفي ولده من هذه العلة لتعطينه مالا جليلا من مالها ، فقال الفتح بن خاقان للمتوكل : لو بعثت إلى هذا الرجل يعني أبا الحسن فسألته فربما كان على يده فرج لك فقال : ابعثوا إليه فمضى إليه رسول المتوكل فقال : خذوا كسب الغنم وديفوه بماء الورد وضعوه على الجراح ينفتح من ليلته بأهون ما يكون ويكون في ذلك شفائه إنشاء الله تعالى ، فلما عاد الرسول وأخبرهم بمقالته جعل من يحضر المتوكل من خواصه يهزء من هذا الكلام فقال الفتح : وما يضر تجربة ذلك فإني والله لأرجو به الصلاح فعملوه ووضعوه على الجراح فانفتح من ليلته وخرج كلما فيه فشفي المتوكل من الألم الذي كان يجده فأخذت أم المتوكل عشرة آلاف دينار من مالها ووضعتها في كيس وختمت عليه وبعثت به إلى أبي الحسن (ع) فأخذها وبعث إليه المتوكل بفضله كيسا فيه

ص 453

خمسمأة دينار ثم بعد ذلك بمدة طويلة كبيرة سعى شخص يقال له البطحاني لعنه الله بأبي الحسن (ع) إلى المتوكل وقال : عنده أموال وسلاح وعدد ولا آمن خروجه عليك فتقدم المتوكل إلى سعيد الحاجب بأن يهجم عليه ليلا داره في جماعة من الرجال الشجعان ويأخذ جميع ما يجده عنده من الأموال والسلاح ويحمله إليه ، قال إبراهيم بن محمد قال لي سعيد الحاجب : سرت إلى دار أبي الحسن ليلا بعد أن هجع الناس في جماعة من الرجال الأنجاد ومعي الأعوان بالسلالم فصعدنا إلى سطح داره وفتحنا الباب وهجمنا بالشموع والسرج والنيران وفتشنا الدار جميعا أعلاها وأسفلها موضعا موضعا ومكانا مكانا فلم نجد فيها شيئا ما سعى به عليه غير كيسين أحدهما كبير ملآن مختوم والآخر صغير فيه فضلة وسيف واحد في جفير خلق معلق ووجدنا أبا الحسن قائما يصلي على حصير وعليه جبة صوف وقلنسوة ولم يرتع لشيء مما نحن فيه ولا اكترث فأخذت الكيسين والسيف وسرت إلى المتوكل فدخلت عليه وقلت : هذا الذي وجدنا من المال والسلاح وأخبرته بما فعلت وبما رأيت من أبي الحسن فوجد على الكيس الملآن ختم أمه فطلبها وسئلها عنه فقالت : كنت نذرت في علتك إن عافاك الله منها لأعطين أبا الحسن عشرة آلاف دينار من مالي فحملتها إليه في هذا الكيس وهذا ختمي عليها فأضاف المتوكل خمسمأة دينار أخرى إلى الخمسمأة التي كانت في الكيس الصغير من قبل وقال لسعيد الحاجب : أردد الكيسين والسيف واعتذر لنا فيه مما كان منا إليه قال سعيد : فرددت ذلك إليه وقلت له : أمير المؤمنين يعتذر إليك مما جرى منه وقد زادك خمسمأة دينار على الخمسمأة دينار التي كانت في الكيس من قبل وأشتهي منك يا سيدي أن تجعلني أنا الآخر في حل فإني عبد مأمور ولا أقدر على مخالفة أمير المؤمنين فقال لي يا سعيد : (وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون) - . وما رواه العلامة المولوي محمد مبين الهندي في (وسيلة النجاة) (ص 405 ط لكهنو) .

ص 454

روي الحديث بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة) . وما رواه العلامة ابن الجوزي في (التذكرة) (ص 374 ط الغري) قال : وذكر أبو الحسن المسعودي في كتاب مروج الذهب قال : نم إلى المتوكل بعلي بن محمد إن في منزله كتبا وسلاحا من شيعته من أهل قم وأنه عازم على الوثوب بالدولة فبعث إليه جماعة من الأتراك فهجموا داره ليلا فلم يجدوا شيئا ووجدوه في بيت مغلق وعليه مدرعة من صوف وهو جالس على الرمل والحصى وهو متوجه إلى الله تعالى يتلو آيا من القرآن فحمل على حاله تلك إلى المتوكل ، وقالوا للمتوكل لم نجد في بيته شيئا ووجدناه يقرء القرآن مستقبل القبلة ، وكان المتوكل جالسا في مجلس الشراب فأدخل عليه والكأس في يد المتوكل فلما رآه هابه وعظمه وأجلسه إلى جانبه وناوله الكأس التي كانت في يده فقال : ما خامر لحمي ودمي قط فاعفني فأعفاه فقال له : أنشدني شعرا فقال علي أنا قليل الرواية للشعر فقال لا بد فأنشد علي (ع) : باتوا على قلل الأجبال تحرسهم * * غلب الرجال فما أغنتهم القلل واستنزلوا بعد عز من معاقلهم * * وأسكنوا حفرا يا بئس ما نزلوا ناداهم صارخ من بعد دفنهم * * أين الأساور والتيجان والحلل أين الوجوه التي كانت منعمة * * من دونها تضرب الأستار والكلل فأصبح القبر عنهم حين سائله * * تلك الوجوه عليها الدود تنتقل قد طال ما أكلوا دهرا وما شربوا * * فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا فبكى المتوكل حتى بلت لحيته دموع عينه وبكى الحاضرون ودفع إلى علي أربعة آلاف درهم ثم رده إلى منزله مكرما . وما رواه العلامة السيد عباس المكي في (نزهة الجليس) (ج 2 ص 82) روى القصة المذكورة بمعنى ما تقدم عن (التذكرة) مع تغيير في بعض ألفاظ

ص 455

الأبيات بما لا يضر بالمعنى . وما رواه العلامة المولوي محمد مبين الهندي في (وسيلة النجاة) (ص 402 ط لكهنو) روى الحديث بعين ما تقدم عن (مروج الذهب) .

ومن كلامه (ع)

من اتقى الله يتقى ، ومن أطاع الله يطاع . ومن كلامه (ع) أيضا من أطاع الله لم يبال بسخط المخلوق . رواهما العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) (ص 213 نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق) .

ص 457

الإمام الحادي عشر الحسن بن علي العسكري عليه السلام

ص 458

تاريخ ميلاده وشهادته (ع)

ذكره جماعة من أعلام القوم : منهم العلامة الخطيب البغدادي في (تاريخ بغداد) (ج 7 ص 366 ط السعادة بمصر) قال : وكان مولده (أي الحسن العسكري) على ما أخبرني علي بن أبي علي ، حدثنا الحسن بن الحسين النعالي ، أخبرنا أحمد بن عبد الله الذارع ، حدثنا حرب بن محمد ، حدثنا الحسن بن محمد العمي البصري ، حدثنا أبو سعيد سهل بن زياد الأزدي قال : ولد أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى في سنة إحدى وثلاثين ومأتين ، وتوفي في يوم الجمعة قال بعض الرواة : في يوم الأربعاء لثمان خلون من ربيع الأول سنة مأتين وستين . ومنهم العلامة محمد بن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول) (ص 88 ط تهران) قال : مولده سنة إحدى وثلاثين ومأتين للهجرة ، وأما نسبه فأبوه أبو الحسن علي المتوكل بن محمد القانع (أي علي بن محمد الجواد (ع)) . ومنهم العلامة ابن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة) ص 124 ط عبد اللطيف بمصر) قال : أبو محمد الحسن الخالص وجعل ابن خلكان هذا هو العسكري ولد سنة اثنتين وثلاثين ومأتين . ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 266 ط الغري) . قال : ولد أبو محمد الحسن بالمدينة لثمان خلون من ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين

ص 459

ومائتين للهجرة ، أما نسبه أبا وأما فهو الحسن الخالص ابن علي الهادي ابن محمد الجواد ابن علي الرضا بن موسى جعفر بن محمد بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي ابن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين . ومنهم العلامة الشهير أبو سيعد عبد الكريم بن محمد السمعاني النيسابوري الشافعي المتوفى سنة 562 في (الأنساب) (ص 785 ط ليدن) قال : فمن عسكر سامرا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر ابن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب العسكري العلوي كان يسكن سامرا . وكانت ولادته في سنة 231 ووفاته في شهر ربيع الأول سنة ستين ومأتين بسر من - رأى ودفن بجنب أبيه . ومنهم العلامة سبط ابن الجوزي في (التذكرة) (ص 376 ط الغري) قال : الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى الرضا بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب وأمه أم ولد اسمها سوسن وكنيته أبو محمد ويقال له العسكري أيضا ولد سنة إحدى وثلاثين ومأتين بسر من رأى وتوفي بها سنة ستين ومأتين في خلافة المعتمد على الله وكان سنة تسعا وعشرين سنة . ومنهم العلامة الگنجي الشافعي في (كفاية الطالب) (ص 312 ط الغري) قال : وهو الإمام بعد الهادي ، مولده بالمدينة في شهر ربيع الآخر سنة اثنين وثلاثين ومأتين وقبض يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومأتين له يومئذ ثمان وعشرون سنة ودفن في داره بسر من رأى في البيت الذي دفن فيه أبوه ، وخلف ابنه وهو الإمام المنتظر .

ص 460

ومنهم العلامة السيد عباس المكي في (نزهة الجليس) (ج 2 ص 120) . ترجمة أبي محمد (ع) الإمام الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد ابن علي الرضا بن موسى الكاظم - وبقية نسبه أشهر من القمر ، ليلة أربعة عشر يعرف هو أبوه بالعسكري لأن المعتصم لما بنى مدينة سر من رأى انتقل إليها بعسكره ، فقيل لها : العسكرية ، فنسب إلى الحسن وأبوه وكانت ولادة الحسن العسكري يوم الخميس في بعض شهور وإحدى وثلاثين ومأتين ، وقيل سادس ربيع الأول ، وقيل ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومأتين ، وتوفي يوم الجمعة ، وقيل : الأربعاء لثمان خلون من شهر ربيع الأول ، وقيل : جمادى الأولى سنة ستين ومأتين بسر من - رأى ، ودفن بجنب قبر أبيه ، وأما فضائل الإمام ، فلا يحصرها الألسن . ومنهم العلامة عبد الغفار الهاشمي في (أئمة الهدى) (ص 138 ط مصر) توفي (أي الحسن العسكري (ع)) في يوم الجمعة في ثمان من شهر ربيع الأول سنة 260 وقد كان عمره في ذلك الوقت 28 سنة ومدة إمامته 6 سنوات ودفن في قبر أبيه . ومنهم العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) (ج 3 ص 113 ط العرفان ببيروت) . نقل عن (الصواعق) ما تقدم عنه بلا واسطة . ومنهم العلامة محب الدين محمد أمين الحموي الدمشقي المتوفى سنة 1111 في (جنى الجنتين) (ص 78 ط دمشق) قال : أما الحسن فإنه مات بسامرا أيضا في سنة ستين ومأتين ودفنا (أي مع أبيه) بسامرا وقبراهما ومشهد المنتظر بسامراء معروفة تزار . ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 224 ط العثمانية بمصر) ذكر في ميلاده ما تقدم عن (الفصول المهمة) وقال في (ص 227) وكانت وفاة

ص 461

أبي محمد الحسن بن علي يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومأتين وخلف ابنه محمدا (1) .

(هامش)

(1) قال العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 272 ط الغري) مناقب سيدنا أبي محمد الحسن العسكري دالة على أنه السري ابن السري ، فلا يشك في إمامته أحد ولا يمتري ، واعلم أنه يبعث مكرمة فسواه بايعها وهو المشتري ، واحد زمانه من غير مدافع ويسبح وحده من غير منازع وسيد أهل عصره إمام أهل دهره ، أقواله سديدة وأفعاله حميدة وإذا كانت أفاضل زمانه قصيدة فهو في بيت القصيدة ، وإن انتظموا عقدا كان مكان الواسطة الفريدة فارس العلوم الذي لا يجارى ومبين غوامضها فلا يحاول ولا يمارى ، كاشف الحقايق بنظره الصائب مظهر الدقائق بفكره الثاقب في سره بالأمور الخفيات الكريم الأصل والنفس والذات ، تغمده الله برحمته وأسكنه فسيح جناته بمحمد صلى الله عليه وآله آمين . وفي (ص 266 ط الغري) . قال صاحب الارشاد : الإمام القائم بعد أبي الحسن علي بن محمد ابنه أبو محمد الحسن لاجتماع خلال الفضل فيه وتقدمه على كافة أهل عصره فيما يوجب له الإمامة ويقضي له بالمرتبة من العلم والورع والزهد وكمال العقل وكثرة الأعمال المقربة إلى الله تعالى ، ثم لنص أبيه عليه وإشارته الخلافة إليه . وقال العلامة محمد بن طلحة في (مطالب السؤول) (ص 88 ط طهران) في شأنه عليه السلام : إعلم أن المنقبة العلياء والمزية الكبرى التي خصه الله بها وقلده فريدها ومنحه تقليدها وجعلها صفة دائمة لا يبلى الدهر جديدها ولا تنسى الألسنة تلاوتها وترديدها ، إن المهدي محمدا نسله المخلوق منه ولده المنتسب إليه بضعته المنفصلة عنه .

ص 462

وقال العلامة السيد عباس المكي في (نزهة الجليس) (ج 2 ص 121) قد ذكر بعض فضائله ابن الحر الشيخ محمد بن الحسن في أرجوزة طويلة منها قوله : (قتله بسمه المعتمد * * بقوة يرق منها الجلمد) (وعمره تسع وعشرون وقد * * قيل : ثمان بعد عشرين فقد) (وعاش من بعد أبيه خمسا * * وقيل : ستا ثم حل الرمسا) (ودفنه عند أبيه ظاهر * * لقبره الاشرف نور زاهر) (ولده المهدي صلى الله * * عليهما وقيل : وسواه) (نص عليه والد وجد * * وعلمه وفضله والمجد) (آياته والمعجزات جمة * * نقلها الرواة والأئمة) (أخبر بالحوادث العظام * * قبل وقوع حادث الأيام) (وكم أجاب سائلا وما سئل * * وكم أجاز سائلا وما سئل) (ذلت له الدواب والصعاب * * ومجده الأشرف لا يعاب) (علومه كثيرة غزيرة * * كعلمه بالألسن الكثيرة) (أخبر بالقتل وبالممات * * لجملة من طالبي الآيات) (ذلت له الأعداء والسباع * * وغيرت لأجله الطباع) (كم استجاب الله من دعاء * * له وأردى أكبر الأعداء) (أخبر أقواما بما قد أضمروا * * ولم يكونوا نطقوا وأظهروا) (دعى لأعمى ، فشفاه الله * * وكم شفى الأمراض إذ دعاه) (واستخرج اللؤلؤ من بحر السما * * وغاص في الأرض وفضله سما) (وفي حديث الراهب النصراني * * معجزة من أوضح البرهان) (إذ كان في الحبس فصار جدب * * وكان سؤل المسمين الخصب) (فخرجوا يدعون للاستسقا * * ثلاثة والأرض ليست تسقى)

ص 463

(فخرج الراهب والنصارى * * يستمطرون الصيب المدرارا) (فجاءهم غيث غزير هاطل * * وكلما دعوا أجاب الوابل) (فافتتن الناس وراموا الردة * * لما رأوا من فرج وشدة) (فطلبوا الإمام حتى خرجا * * ثم دعا الله فنال الغرجا) (وعندما أراد يدعو الراهب * * وقرب الغيث وفاز الطالب) (أمر عبده الإمام فأخذ * * من يده عظما فعند ما نبذ) (انقشع الغيم وزال المطر * * وزال عن دين الإله الخطر) (قال الإمام إنه عظم نبي * * فليس بما رأيتم بعجب) (إذ كلما أظهر للسماء * * أمطرت الغيث بلاء دعاء) (وطبع الحصاة حتى انطبع * * كأنه لما دعاها استمعت) (كن ثلاث حصيات طبعا * * فيهن كالآباء فأعجب واسمعا) (وضرب الأرض وأخرج الذهب * * فغنم السائل والفقر ذهب) (ذلت له السباع إذ رموه * * وخضعت والناس قد رأوه) (كذلك الوحوش والأطيار * * واشتهرت بذلك الأخبار) (وكان يكتب الكتاب ومضى * * إلى الصلاة عن كتاب معرضا) (فمر في قرطاسه قلمه * * يكتب الكتاب بل يختمه) (بلا أصابع بإذن الله مع * * حضور بعض من رآه واستمع) (كلمه الذئب وذاك عجب * * لكن قبوله علينا يجب) (أنبع عين عسل ولبن * * في داره فاعجب لفعل حسن) (ومثل هذا ثابت في النقل * * وليس بالمحال عند العقل) (*)

ص 464

النص على إمامته (ع) من أبيه

رواه القوم : منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 266 ط الغري) قال : وعن يحيى بن يسار العنبري قال : أوصى أبو الحسن علي بن محمد إلى ابنه أبي محمد الحسن قبل موته أربعة أشهر وأشار إليه بالأمر من بعده وأشهدني على ذلك وجماعة من الموالي .

نبذة من كراماته عليه السلام

إخباره عن وجود عظم نبي على يد الراهب حين يدعو بالسقى فيستجاب له

رواه القوم : منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 269 ط الغري) . قال أبو هاشم : ثم لم تطل مدة أبي محمد الحسن في الحبس إلا أن قحط الناس بسر من رأى قحطا شديدا فأمر الخليفة المعتمد على الله ابن المتوكل بخروج الناس إلى الاستسقاء فخرجوا ثلاثة أيام يستسقون ويدعون فلم يسقوا ، فخرج الجاثليق في اليوم الرابع إلى الصحراء وخرج معه النصارى والرهبان وكان فيهم

ص 465

راهب كلما مد يده إلى السماء ورفعها هطلت بالمطر ثم خرجوا في اليوم الثاني وفعلوا كفعلهم أول يوم فهطلت السماء بالمطر وسقوا سقيا شديدا حتى استعفوا فعجب الناس من ذلك وداخلهم الشك وصفا بعضهم إلى دين النصرانية فشق ذلك على الخليفة ، فأنفذ إلى صالح بن يوسف أن أخرج أبا محمد الحسن بن علي من السجن وائتني به ، فلما حضر أبو محمد الحسن عند الخليفة قال له : أدرك أمة محمد فيما لحق بعضهم في هذه النازلة فقال أبو محمد : دعهم يخرجون غدا اليوم الثالث قال : قد استعفى الناس من المطر واستكفوا فما فايدة خروجهم قال : لأزيل الشك عن الناس وما وقعوا فيه من هذه الورطة التي أفسدوا فيها عقولا ضعيفة ، فأمر الخليفة الجاثليق والرهبان أن يخرجوا أيضا في اليوم الثالث على جاري عادتهم ، وأن يخرجوا الناس فخرج النصارى وخرج لهم أبو محمد الحسن ومعه خلق كثير فوقف النصارى على جاري عادتهم يستسقون إلا ذلك الراهب مد يديه رافعا لهما إلى السماء ورفعت النصارى والرهبان أيديهم على جاري عادتهم فغيمت السماء في الوقت ونزل المطر فأمر أبو محمد الحسن القبض على يد الراهب وأخذ ما فيها فإذا بين أصابعه عظم آدمي فأخذه أبو محمد الحسن ولفه في خرقة وقال استسق ، فانكشف السحاب وانقشع الغيم وطلعت الشمس فعجب الناس من ذلك وقال الخليفة : ما هذا يا أبا محمد ؟ فقال : عظم نبي من أنبياء الله عز وجل ظفر به هؤلاء من بعض قبور الأنبياء وما كشف عظم نبي تحت السماء إلا هطلت بالمطر ، واستحسنوا ذلك فامتحنوه فوجدوه كما قال ، فرجع أبو محمد الحسن إلى داره بسر من رأى وقد أزال عن الناس هذه الشبهة وقد سر الخليفة والمسلمون بذلك وكلم أبو محمد الحسن الخليفة في أخراج أصحابه الذين كانوا معه في السجن فأخرجهم وأطلقهم له وأقام أبو محمد الحسن بسر من رأى بمنزله معظما مكرما مبجلا وصارت صلات الخليفة وأنعامه تصل إليه في منزله إلى أن قضى ، تغمده الله برحمته .

ص 466

ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 225 طبع العثمانية بمصر) روى الحديث بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة) . ومنهم العلامة السمهودي في (جواهر العقدين) (على ما في ينابيع المودة ص 396 ط اسلامبول) . روى الحديث بتغيير يسير في بعض العبارات بما لا يضر بالمعنى . ومنهم العلامة ابن حجر الهيتمي في (الصواعق) (ص 124 ط البابي بحلب) . روى الحديث بمعنى ما تقدم عن (الفصول المهمة) . ومنهم العلامة القندوزي في (ينابيع المودة) (ج 3 ص 14 ط العرفان ببيروت) . روى الحديث نقلا عن (الصواعق) بعين ما تقدم عنه ورواه عن المسعودي بمعناه . ومنهم العلامة المحدث الحافظ البدخشي في كتابه (مفتاح النجا) (ص 189 مخطوط) . روى الحديث بمعنى ما تقدم عن (جواهر العقدين) . ومنهم العلامة السيد أبو بكر بن شهاب الدين العلوي الحسيني الحضرمي الشافعي شيخ شيخنا في الرواية في (رشفة الصادي) (ص 196 ط مصر) . روى الحديث بمعنى ما تقدم عن (جواهر العقدين) .

ص 467

إخباره لرجل قد سأله أن يدعو له بالغنى أنه صار غنيا في الحال

رواه القوم : منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 267 ط الغري) قال : وعن محمد بن حمزة الدوري قال : كتبت على يدي أبي هاشم داود بن القاسم وكان لي مواخيا ، إلى أبي محمد الحسن أسأله أن يدعو الله لي بالغنى وكنت قد بلغت وقلت ذات يدي وخفت الفضيحة ، فخرج الجواب على يده : أبشر فقد أتاك الغنى غنى الله تعالى مات ابن عمك يحيى بن حمزة وخلف مأة ألف درهم ولم يترك وراثا سواك وهي واردة عليك بالاقتصاد وإياك والإسراف ، فورد على المال والخبر بموت ابن عمي كما قال عن أيام قلائل وزال عني الفقر فأديت حق الله تعالى وبررت إخواني وتماسكت بعد ذلك وكنت مبذرا . ومنهم العلامة أحمد بن يوسف القرماني في (أخبار الدول وآثار الأول) (ص 117 ط بغداد) روى الحديث بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة) بتلخيص . ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 226 ط العثمانية بمصر) روى الحديث بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة) .

ص 468

إخباره أن سيولد له ولد يملأ الأرض قسطا وعدلا

رواه القوم : منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 270 ط الغري) قال : محمد علي بن إبراهيم بن هاشم عن أبيه ، عن عيسى بن الفتح قال : لما دخل علينا أبو محمد الحسن السجن قال لي : يا عيسى لك من العمر خمس وستون سنة وشهر ويومان قال : وكان معي كتاب فيه تاريخ ولادتي فنظرت فيه فكان كما قال ثم قال لي : هل أرزقت ولدا فقلت : لا ، قال : أللهم أرزقه ولدا يكون له عضدا فنعم العضد الولد ثم أنشد : من كان ذا عضد يدرك ظلامته * * إن الذليل الذي ليس له عضد فقلت له : يا سيدي وأنت لك ولد ؟ فقال والله سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطا وعدلا وأما الآن فلا ثم أنشد متمثلا : لعلك يوما أن تراني كأنما * * بنى حوالي الأسود اللوابد فإن تميما قبل أن تلد العصا * * أقام زمانا وهو في الناس واحد (1)

(هامش)

(1) ومن حالاته في السجن : ما رواه العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 268 ط الغري) كان الحسن (أي العسكري) يصوم في السجن فإذا أفطر أكلنا معه من طعامه وكان يحمله إليه غلامه في جونة مختومة . (*)

ص 469

ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 226 ط العثمانية بمصر) . روى الحديث بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة) .

(هامش)

قال أبو هاشم : فكنت أصوم معه فلما كان ذات يوم ضعفت من الصوم فأمرت غلامي فجائني بكعك فذهبت إلى مكان خال في الحبس فأكلت وشربت ثم عدت إلى مجلسي مع الجماعة ولم يشعر بي أحد فلما رآني تبسم وقال : أفطرت فخجلت فقال : لا عليك يا أبا هاشم إذا رأيت أنك قد ضعفت وأردت القوة فكل اللحم فإن الكعك لا قوة فيه وقال عزمت عليك أن تفطر ثلاثا فإن البنية إذا أنهكها الصوم لا تتقوى إلا بعد ثلاث . (*)

ص 470

إخباره عن دفن رجل مأتي دينار وقد أقسم بأنه لا يملك شيئا وأنه يفقدها

رواه القوم : منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 268 ط الغري) قال : وعن إسماعيل بن محمد بن علي بن إسماعيل بن علي بن عبد الله بن العباس قال : قعدت لأبي محمد الحسن على باب داره حتى خرج فقمت في وجهه وشكوت إليه الحاجة والضرورة وأقسمت إني لا أملك الدرهم فما فوقه فقال : تقسم وقد دفنت مأتي دينار وليس قولي هذا دفعا لك عن العطية اعطه يا غلام ما معك فأعطاني الغلام مأة دينار فشكرت الله تعالى ووليت فقال : ما أخوفني أن تفقد مأتي دينار أحوج ما تكون إليها ، فذهبت إليها فافتقدتها فإذا هي في مكانها فنقلتها إلى موضع آخر ودفنتها من حيث لا يطلع أحد ثم قعدت مدة طويلة فاضطررت إليها فجئت أطلبها في مكانها فلم أجدها فجئت وشق ذلك علي فوجدت ابنا لي قد عرف مكانها وأخذها وأبعدها ولم يحصل لي شيء فكان كما قال . ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 226 ط العثمانية بمصر) روى الحديث بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة) .

ص 471

إخباره (ع) لأهل السجن أن فيهم رجلا قد دس كتابا في ثيابه يريد إيصاله إلى الخليفة

رواه القوم : منهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 268 ط الغري) . قال : حدث أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري قال : كنت في الحبس الذي بالجوشق أنا والحسن بن محمد العتيقي ومحمد بن إبراهيم العمري وفلان وفلان خمسة ستة من الشيعة إذ دخل علينا أبو محمد الحسن بن علي العسكري (ع) وأخوه جعفر فخففنا بأبي محمد وكان المتولي لحبسه صالح بن الوصيف الحاجب وكان معنا في الحبس رجل جمعي ، فالتفت إلينا أبو محمد وقال لنا : سرا لولا أن هذا الرجل فيكم لأخبرتكم متى يفرج عنكم وترى هذا الرجل فيكم قد كتب فيكم قصته إلى الخليفة يخبره فيها بما تقولون فيه وهي مدسوسة معه في ثيابه يريد أن يوسع الحيلة في إيصالها إلى الخليفة من حيث لا تعلمون فاحذروا شره ، قال أبو هاشم فما تمالكنا أن تحاملنا جميعا على الرجل ففتشناه فوجدنا القصة مدسوسة معه بين ثيابه وهو يذكرنا فيها بكل سوء فأخذناها منه وحذرناه . ومنهم العلامة الشبلنجي في (نور الأبصار) (ص 268 ط الغري) . روى الحديث عن أبي هاشم بعين ما تقدم عن (الفصول المهمة) .

ص 472

إخباره (ع) عن قتل المعتز قبل وقوعه بأيام

رواه القوم : منهم العلامة المؤرخ الشيخ أحمد بن يوسف بن أحمد بن سنان الدمشقي الشهير بالقرماني التوفي سنة 1019 في (أخبار الدول وآثار الأول) (ص 117 طبع بغداد) قال : عن الهيثم بن عدي قال : لما أمر المعتز بحمل أبي محمد الحسن إلى الكوفة كتب إليه ما هذا الخبر الذي بلغنا فغمنا فكتب بعد ثلاث يأتيكم الفرج إنشاء الله تعالى ، فقتل المعتز في اليوم الثالث - . ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 267 ط الغري) . روى الحديث عن أبي الهيثم بن عدي بعين ما تقدم عن (أخبار الدول وآثار الأول) .

ص 473

كلامه (ع) لبهلول في أيام صباوته ينبئ عن شدة خوفه من ربه

رواه القوم : منهم العلامة ابن حجر في (الصواعق) (ص 124 ط البابي بحلب) قال : ووقع لبهلول معه (أي الحسن بن علي (ع)) أنه رأي وهو صبي يبكي والصبيان يلعبون ، فظن أنه يتحسر على ما في أيدهم ، فقال : أشتري لك ما تلعب به ، فقال : يا قليل العقل ما للعب خلقنا ، فقال له : فلماذا خلقنا ، قال : للعلم والعبادة ، فقال له : من أين لك ذلك ، قال : من قول الله عز وجل ، أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون ، ثم سأله أن يعظه ، فوعظه بأبيات ثم خر الحسن مغشيا عليه ، فلما أفاق قال له : ما نزل بك وأنت صغير لا ذنب لك ، فقال : إليك عني يا بهلول إني رأيت والدتي توقد النار بالحطب الكبار ، فلا تتقد إلا  بالصغار وإني أخشى أن أكون من صغار حطب نار جهنم . ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في (وسيلة المآل) (ص 213 مخطوط) روي الحديث نقلا عن (روض الرياحين) لليافعي بمعنى ما تقدم عن (الصواعق) إلى آخر الآية ثم قال : فقلت : يا بني أراك حكيما فعظني وأوجز فأنشأ يقول : أرى الدنيا تجهز بانطلاق * * مشمرة على قدم وساق فلا الدنيا بباقية لحي * * ولا حي على الدنيا بباق كأن الموت والحدثان فيها * * إلى نفس الفتى فرسا سباق فيا مغرور بالدنيا رويدا * * ومنها خذ لنفسك بالوثاق

ص 474

حديث سلسلة الذهب عنه (ع)

رواه القوم : منهم العلامة البدخشي في (مفتاح النجا) (ص 188 مخطوط) قال : وروي أيضا بإسناده عن الحافظ أبو محمد أحمد بن محمد البلاذري قال : حدثنا الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى إمام عصره عند الإمامية بمكة قال : حدثني أبي علي بن بن محمد المفتي قال : حدثني أبي محمد بن علي سيد المحجوب قال : حدثني أبي علي بن موسى الرضا قال : حدثني أبي موسى بن جعفر المرتضى قال : حدثني أبي جعفر بن محمد الصادق قال : حدثني أبي محمد بن علي الباقر قال : حدثني أبي علي بن الحسين السجاد زين العابدين قال : حدثني أبي الحسين بن علي سيد شباب أهل الجنة قال : حدثني أبي علي بن أبي طالب سيد الأوصياء قال : حدثني محمد بن عبد الله سيد الأنبياء قال : حدثني جبرئيل سيد الملائكة قال : قال الله عزو جل سيد السادات : إني أنا الله لا إله إلا أنا فمن أقر لي بالتوحيد دخل حصني ومن دخل حصني أمن من عذابي .

(شهادته (ع) بسم المعتمد وما وقع) (في سامراء من الارتجاج بسببها)

نذكر فيها كلام جماعة من أعلام القوم : منهم العلامة الشيخ سليمان القندوزي في (ينابيع المودة) (ج 3 ص 113 ط العرفان في بيروت) قال : ويقال : إنه مات بسم ولم يخلف غير ولده أبي القاسم محمد الحجة .

ص 475

ومنهم العلامة المعاصر محمد بن عبد الغفار الهاشمي الحنفي في (أئمة الهدى) (ص 138 ط القاهرة) قال : وكثر أتباعه ، وذاع صيته ، واتجهت إليه الأنظار ، ودس له المعتمد العباسي سما فتوفي منه . ومنهم العلامة ابن الصباغ المالكي في (الفصول المهمة) (ص 270 ط الغري) قال : عن الحسن بن محمد الأشعري ، عن عبد الله بن خاقان قال : لقد ورد على الخليفة المعتمد على الله أحمد بن المتوكل في وقت وفاة أبي محمد الحسن بن علي العسكري ما تعجبنا منه ولا ظننا أن مثله يكون من مثله ، وذلك أنه لما اعتل أبو محمد ركب خمسة من دار الخليفة من خدام أمير المؤمنين وثقاته وخاصته كل منهم نحرير فقه وأمرهم بلزوم دار أبي الحسن وتعرف خبره ومشاركهم له بحاله وجميع ما يحدث له في مرضه وبعث إليه من خدام المتطببين بملازمته وبعث الخليفة إلى القاضي بن بختيار أن يختار عشرة ممن يثق بهم وبدينهم وأمانتهم يأمرهم إلى دار أبي محمد الحسن وبملازمته ليلا ونهارا ، فلم يزالوا هناك إلى أن توفي بعد أيام قلائل ، ولما رفع خبر وفاته ارتجت سر من رأى وقامت ضجة واحدة وعطلت الأسواق وغلقت أبواب الدكاكين وركب بنو هاشم والكتاب والقواد والقضاة والمعدلون وسائر الناس إلى أن حضروا إلى جنازته فكانت سر من رأى في ذلك شبيها بالقيامة ، فلما فرغوا من تجهيزه بعث الخليفة إلى عيسى بن المتوكل أخيه بالصلاة عليه ، فلما وضعت الجنازة للصلاة دنى عيسى منه وكشف عن وجهه وعرضه على بني هاشم من العلوية والعباسية وعلى القضاة والكتاب والمعدلين فقال : هذا أبو محمد العسكري مات حتف أنفه على فراشه وحضره من خدام أمير المؤمنين فلان وفلان ثم غطى وجهه وصلى عليه وأمر بحمله ودفنه ، وكانت وفاة أبي محمد

ص 476

الحسن بن علي بسر من رأى في يوم الجمعة لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومائتين للهجرة ودفن في البيت الذي دفن فيه أبوه بدارهما من سر من رأى وله يومئذ من العمر ثمان وعشرون سنة وكانت مدة إمامته سنتين . وفي (ص 272) خلف أبو محمد الحسن من الولد ابنه الحجة القائم المنتظر لدولة الحق ، وكان قد أخفى مولده وستر أمره لصعوبة الوقت وخوف السلطان وتطلبه للشيعة وحبسهم والقبض عليهم . ومن كلامه (ع) إن في الجنة بابا يقال له المعروف لا يدخل منه إلا أهل المعروف ، فحمدت الله في نفسي وفرحت بما أتكلف من حوائج الناس فنظر إلي وقال : يا أبا هاشم مد على ما أنت عليه فإن أهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة . رواه في (نور الأبصار) (ص 226 ط مصر) عن أبي هاشم قال : سمعت أبا محمد الحسن بقوله . ومن كلامه (ع) بسم الله الرحمن الرحيم أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها . رواه في (نور الأبصار) (ص 226 ط العثمانية بمصر) عن أبي هاشم قال : سمعت أبا محمد يقوله.

 

الصفحة السابقة

شرح إحقاق الحق (ج12)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب