الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج19)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 101

كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقبل فاطمة في فيها

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة العالم الفاضل المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في أهل البيت (ص 121 ط مطبعة السعادة بالقاهرة) قال: وروى الحاكم في المستدرك وصححه بسنده عن جميع بن عمير قال: دخلت مع أمي على عائشة فسمعتها من وراء الحجاب وهي تسألها عن علي، فقالت: تسأليني عن رجل والله ما أعلم رجلا كان أحب إلى رسول الله صلّى عليه وآله وسلم من علي ولا في الأرض امرأة كانت أحب إلى رسول الله صلّى عليه وآله وسلم من فاطمة، وكان صلى الله عليه وسلم يقبلها في فيها ويمصها بلسانه. ومنهم العلامة السيد عبد الله بن إبراهيم ميرغني الحسيني الحنفي في كتابه الدرة اليتيمة في فضائل السيدة العظيمة (ص 5 نسخة المكتبة الظاهرية بدمشق) قال: إن النبي صلى الله عليه وآله كان يقبلها في فيها ويمصها لسانه وما دخلت

ص 102

عليه قط إلا قام إليها وقبلها ورحب بها. ومنهم العلامة الشيخ محمد بن علي الحنفي المصري في اتحاف أهل الإسلام (ص 71 نسخة المكتبة الظاهرية دمشق) روى الحديث عن أبي هريرة بعين ما تقدم عن ضوء الشمس .

ص 103

إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة (فداك أبوك)

قد تقدم نقله منا عن جماعة من أعلام القوم في (ج 10 ص 185) وننقله ههنا عمن لم ننقل عنه هناك: فمنهم العلامة الشيخ محمد بن علان الصديقي الشافعي في الفتوحات الربانية (ج 1 ص 222 ط المكتبة الإسلامية في بيروت) قال: وفي فتح الباري: أخرج ابن أبي عاصم من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لفاطمة: فداك أبوك.

ص 104

من سلم على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى فاطمة (ثلاثة أيام دخل الجنة)

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة ابن المغازلي في المناقب (ص 363 ط طهران) قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عثمان، أخبرنا محمد بن زيد بن مروان إذنا، حدثنا علي بن أحمد العجلي، حدثنا أبو طاهر محمد بن تسنيم الوراق، حدثنا محمد بن حسين بن زيد الهمداني، عن محمد بن إسماعيل القرشي، عن محمد بن أيوب، عن صالح بن عقبة، عن يزيد بن عبد الملك النوفلي، عن أبيه، عن جده قال: دخلت على فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال: فبدأتني بالسلام. قال: وقالت قال أبي وهو ذا حي: من سلم علي وعليك ثلاثة أيام فله الجنة. قلت لها: ذا في حياته وحياتك أو بعد موته وموتك؟ قالت: في حياتنا وبعد وفاتنا.

ص 105

إذا خرج النبي إلى سفر كانت فاطمة آخر الناس عهدا وإذا قدم من سفر كانت فاطمة أول الناس عهدا

قد تقدم نقله منا عن جماعة من أعلام القوم في (ج 10 ص 233 إلى ص 236) وننقله ههنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منهم الحافظ أحمد بن حنبل في مسنده (ج 5 ص 275 ط الميمنية بمصر) قال: حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا عبد الصمد، حدثني أبي، ثنا محمد بن حجارة، حدثني حميد الشامي، عن سليمان الميهني، عن ثوبان مولى رسول الله صلّى عليه وآله وسلم قال: كان رسول الله صلّى عليه وآله وسلم إذا سافر آخر عهده بانسان من أهله فاطمة، وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة. قال: فقدم عن غزاة له فأتاها فإذا هو بمسح على بابها ورأى على الحسن والحسين قلبين من فضة فرجع ولم يدخل عليها، فلما رأت فاطمة ظنت أنه لم يدخل عليها من أجل ما رأى، فهتكت الستر ونزعت القلبين من الصبيين فقطعتهما،

ص 106

فبكى الصبيان فقسمته بينهما فانطلقا إلى رسول الله صلّى عليه وآله وسلم وهما يبكيان، فأخذه رسول الله صلّى عليه وآله وسلم منهما فقال: يا ثوبان اذهب بهذا إلى بني فلان أهل بيت بالمدينة واشتر لفاطمة قلادة من عصب وسوارين من عاج فإن هؤلاء أهل بيتي ولا أحب أن يأكلوا طيباتهم في حياتهم الدنيا. ومنهم الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله بن سلام بن سعد المنذري المولود سنة 581 والمتوفى سنة 656 في كتابه مختصر سنن أبي داود (ج 6 ص 108 ط المحمدية بالقاهرة) روى الحديث عن ثوبان بعين ما تقدم عن المسند إلى قوله: من عاج. ومنهم العلامة المولوي محمد زمان الهندي في خير المواعظ (ص 643 ط حيدرآباد الدكن) روى الحديث بعين ما تقدم عن مختصر سنن أبي داود . ومنهم العلامة الشيخ علي بن سلطان محمد القاري في مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح (ج 11 ص 373 طبع ملتان) قال: وفي الذخائر عن ثوبان قال: كان رسول الله صلّى عليه وآله وسلم إذا سافر آخر عهده إتيان فاطمة وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة (أخرجه أحمد). ومنهم العلامة الشيخ عبد الحق في أشعة اللمعات في شرح المشكاة (ج 3 ص 623 ط نول كشور في لكهنو) روى الحديث عن ثوبان بعين ما تقدم عن مختصر سنن أبي داود .

ص 107

ومنهم العلامة المولوي محب الله السهالوي في وسيلة النجاة (ص 226 ط كلشن فيض في لكهنو) روى الحديث بعين ما تقدم عن المسند . ومنهم العلامة المولوي عبد الله بن عبد العلي الحنفي في تفريح الأحباب (ص 410 ط دهلي) روى الحديث عن ثوبان بعين ما تقدم عن مختصر سنن أبي داود . ومنهم العلامة المولوي ولي الله اللكنهوئي في مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين (ص 183) قال: في الاستيعاب كان رسول الله ص إذا قدم عن غزو أو سفر بدء بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم يأتي فاطمة ثم يأتي أزواجه. ومنهم الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في أهل البيت (ص 120 ط مطبعة السعادة بالقاهرة) روى عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: إن النبيّ صلّى عليه وآله وسلم كان إذا سافر كان آخر الناس عهدا به فاطمة، وإذا قدم من سفر كان أول الناس به عهدا فاطمة رضي الله تعالى عنها.

ص 108

قالت عائشة (كانت فاطمة أصدق الناس بعد رسول الله)

قد تقدم نقله منا عن جماعة من أعلام القوم في (ج 10 ص 259 إلى ص 261) وننقله ههنا عن لم ننقل عنهم هناك: منهم الحافظ الشيخ شهاب الدين أبي الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني في المطالب العالية (ج 4 ص 70 ط الكويت) روى من طريق أبي يعلى عن عمرو بن دينار قال: قالت عائشة: ما رأيت أحدا قط أصدق من فاطمة غير أبيها، وكان بينهما شيء فقالت: يا رسول الله سلها فإنها لا تكذب. ومنهم الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في أهل البيت (133 ط مطبعة السعادة بالقاهرة) روي عن عمرو بن دينار قال: قالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيت أحدا

ص 109

قط أصدق من فاطمة غير أبيها. قال: وكان منها شيء فقالت عائشة: يا رسول الله سلها فإنها لا تكذب. وفي الاستيعاب بسنده قالت عائشة: ما رأيت أحدا كان أصدق لهجة من فاطمة إلا أن يكون الذي ولدها. ومنهم العلامة المولوي ولي الله اللكنهوئي في مرآة المؤمنين (ص 185) روى عن عائشة بعين ما تقدم ثانيا عن أهل البيت .

ص 110

صبرها على مرارة الدنيا

قد تقدم نقله منا عن جماعة من أعلام القوم في (ج 10 ص 262 إلى ص 271) وننقله ههنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منهم العلامة الشيخ علاء الدين علي المتقي الحنفي الهندي المتوفى 957 في كنز العمال (ج 14 ص 69 ط حيدرآباد الدكن) روى من طريق ابن لال وابن مردويه وابن النجار والديلمي عن جابر أن رسول الله صلّى عليه وآله وسلم رأى على فاطمة كساء من أوبار الإبل وهي تطحن، فبكى وقال: يا فاطمة اصبري على مرارة الدنيا لنعيم الآخرة غدا ونزلت ولسوف يعطيك ربك فترضى . ومنهم العلامة الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في أهل البيت (ص 61 ط مطبعة السعادة بالقاهرة) روى الحديث عن جابر بعين ما تقدم عن كنز العمال .

ص 111

ومنهم العلامة المولوي محمد مبين الهندي الفرنگي محلي الحنفي ابن المولوي محب الله السهالوي المتوفى سنة 1225 في كتابه وسيلة النجاة (طبع مطبعة گلشن فيض الكائنة في لكهنو ص 225) روى الحديث بعين ما تقدم عن كنز العمال . ومنهم حياة الصحابة (ج 2 ص 555 ط حيدرآباد الدكن) قال: أخرج أبو نعيم في الحلية (ج 3 ص 312) عن عطاء قال: إن كانت فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلّى عليه وآله وسلم لتعجن وإن قصتها لتكاد أن تضرب الجفنة.

ص 112

شدة اهتمام فاطمة عليها السلام لرضى علي

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة الشيخ عثمان بن حسن بن أحمد الخوبري في درة الناصحين (ص 49 ط بمبئي) روى عن سلمان الفارسي أنه قال: دخلت فاطمة رضي الله عنها على رسول الله ص فلما نظرت إليه دمعت عيناها وتغير لونها، فقال عليه السلام: مالك يا بنتي. قالت: يا رسول الله كان بيني وبين علي البارحة مزاح ونشأ من الكلام أن غضب علي بكلمة خرجت من في، فلما رأيت أن عليا قد غضب ندمت وغممت فقلت له: يا حبيبي ارض عني وطفت حوله اثنتين وسبعين مرة حتى رضي عني وضحك في وجهي مع الرضا وأنا خائفة من ربي. فقال لها النبي ص : يا بنتي والذي بعثني بالحق نبيا إنك لومت قبل أن ترضي عليا لم أصل عليك. ثم قال: يا بنتي أما علمت أن رضى الزوج هو رضى الله وغضب الزوج هو غضب الله، يا بنت أيما امرأة عبدت كعبادة مريم بنت عمران ثم لم يرض

ص 113

عنها زوجها ألا يقبل الله تعالى منها، يا بنت أفضل أعمال النساء طاعة الزوج وبعده ليس لها عمل أفضل من الغزل، يا بنت جلوس ساعة عند الغزل خير لهن من عبادة سنة ويكتب لهن بكل طاعة - أي بكل نوع من الثياب - من غزلهن ثواب شهيد، يا بنت إن المرأة إذا غزلت حتى تكسو زوجها وصبيانها وجبت لها الجنة وأعطاها الله بكل تسر بل من أثوابها مدينة في الجنة.

ص 114

تصدق فاطمة بقميصها ليلة عرسها

قد تقدم نقله منا عن جماعة من أعلام القوم في (ج 10 ص 401) وننقله ههنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منهم العلامة توفيق أبو علم في أهل البيت (ص 138) قال: ذكر ابن الجوزي: أن النبيّ صلّى عليه وآله وسلم صنع لفاطمة رضي الله عنها قميصا جديدا ليلة عرسها وزفافها، وكان لها قميص مرقوع وإذا بسائل على الباب يقول: أطلب من بيت النبوة قميصا خلقا، فأرادت أن تدفع إليه القميص المرقوع فتذكرت قوله تعالى (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) فدفعت إليه القميص الجديد، فلما قرب الزفاف أتاها جبرئيل عليه السلام بقميص من سندس أخضر، فما رأته نساء يهوديات حضرن الزفاف حتى أسلمن وأسلم بعدهن أزواجهن.

ص 115

إعطاء فاطمة عقدها إلى السائل

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في أهل بيت (ص 139 ط مطبعة السعادة بالقاهرة) من كتاب بشارة المصطفى لأبي جعفر الطبري، عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلّى عليه وآله وسلم صلاة، فلما انفتل جلس في قبلته والناس حوله، فبينما هم كذلك إذ أقبل شيخ من مهاجرة العرب وهو لا يكاد يتمالك ضعفا وكبرا، فأقبل رسول الله صلّى عليه وآله وسلم يستجليه الخبر فقال الشيخ: يا نبي الله أنا جائع الكبد فأطعمني، وعار الجسد فاكسني، وفقير قأورثني. فقال: ما أجد لك شيئا، ولكن الدال على الخير كفاعله، انطلق إلى منزل من يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ويؤثر الله على نفسه، انطلق إلى حجرة فاطمة. وكان بيتها ملاصقا بيت رسول الله صلّى عليه وآله وسلم الذي ينفرد به لنفسه من أزواجه. يا بلال قم فقف به على منزل فاطمة.

ص 116

فانطلق الأعرابي مع بلال، فلما وقف على باب فاطمة نادى بأعلى صوته: السلام عليكم يا أهل بيت النبوة ومختلف الملائكة ومهبط جبريل الروح الأمين بالتنزيل من عند رب العالمين. فقالت فاطمة: من أنت يا هذا؟ قال: شيخ من العرب أقبلت على أبيك سيد البشر مهاجرا من شقة بعيدة، وأنا يا بنت محمد عاري الجسد جائع الكبد فواسني يرحمك الله تعالى. وكان لفاطمة وعلي رضي الله عنهما ورسول الله صلّى عليه وآله وسلم، على تلك الحال ثلاث ليال ما طعموا فيها طعام، وقد علم رسول الله صلّى عليه وآله وسلم ذلك من شأنهما، فعمدت فاطمة إلى جلد كبش مدبوغ بالقرظ كان ينام عليه الحسن والحسين، فقالت: خذ هذا أيها الطارق فعسى الله أن يتيح لك ما هو خير منه. فقال الأعرابي: يا بنت محمد شكوت إليك الجوع فناولتيني جلد كبش فماذا أنا صانع به مع ما أجده من سغب؟. قال: فعمدت فاطمة رضي الله عنها لما سمعت هذا من قوله إلى عقد كان في عنقها أهدتها إياه فاطمة بنت عمها حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ونزعته من عنقها ودفعت به إلى الأعرابي العقد وانطلق إلى مسجد رسول الله صلّى عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله لقد أعطتني فاطمة بنت محمد هذا العقد وقالت: فعسى الله أن يعوضك ما هو خير منه. فبكى رسول الله صلّى عليه وآله وسلم، فقام عمار بن ياسر رضي الله عنهما فقال: يا رسول الله أتاذن لي بشراء هذا العقد؟ فقال صلى الله عليه وسلم: اشتره يا عمار، فلو اشترك فيه الثقلان ما عذبهم الله بالنار. فقال عمار للأعرابي: بكم تبيع هذا العقد يا أعرابي؟ قال: بشبعة من الخبز واللحم أذهب بها جوعتي، وبردة يمانية أستر بها عورتي وأصلي فيها لربي، ودينار يبلغني إلى أهلي.

ص 117

وكان عمار قد باع سهمه الذي نفله رسول الله صلّى عليه وآله وسلم ولم يبق منه شيئا فقال: لك عشرون دينارا ومائتا درهم وبردة يمانية وراحلتي تبلغك إلى أهلك وشبعة من خبز البر واللحم. فقال الأعرابي: ما أسخاك بالمال أيها الرجل. وانطلق به عمار رضي الله عنه فوفاه ما ضمن له، وعاد الأعرابي إلى رسول الله صلّى عليه وآله وسلم فقال له رسول الله: أشبعت واكتسيت؟ فقال الأعرابي: نعم يا رسول الله واستغنيت بأبي أنت وأمي. فقال رسول الله صلّى عليه وآله وسلم: فأجز فاطمة بصنيعتها. فقال الأعرابي: اللهم إنك إله ما استحدثناك ولا إله لنا نعبده سواك وأنت في كل حين، اللهم اعط فاطمة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت. فأمن رسول الله صلّى عليه وآله وسلم على دعائه وأقبل على أصحابه فقال: إن الله قد أعطى فاطمة في الدنيا ذلك، فأنا أبوها وما أحد من العالمين مثلي، وعلي بعلها ولو لا علي ما كان لفاطمة كفؤ أبدا، وأعطاها الحسن والحسين وما للعالمين مثلهما سيدا شباب أسباط الأنبياء وسيدا شباب أهل الجنة. وكان بأزائه المقداد وابن عمر وعمار وسلمان رضي الله عنهما، فقال: وأزيدكم؟ فقالوا: نعم يا رسول الله. فقال: أتاني الروح الأمين جبريل وقال إنها إذا قبضت ودفنت يسألها الملكان في قبرها: من ربك؟ فتقول: الله ربي. فيقولان: من نبيك؟ فتقول: أبي، ألا وأزيدنكم من فضلها، إن الله عز وجل وكل بها رعيلا من الملائكة يحفظونها من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن شمالها، وهم معها في حياتها وعند قبرها وبعد موتها يكثران الصلاة عليها وعلى أبيها وعلى بعلها وبنيها، فمن زارني بعد وفاتي فكأنما زارني في حياتي ومن زار فاطمة فكأنما زارني، ومن زار عليا فكأنما زار فاطمة، ومن زار الحسن والحسين فكأنما زار عليا، ومن زار ذريتهما فكأنما زارهما. فعمد عمار إلى العقد وطيبه بالمسك ولفه في بردة يمانية، وكان له عبد اسمه

ص 118

سهم ابتاعه من ذلك السهم الذي أصابه بخيبر، فدفع العقد إلى المملوك وقال له: خذ هذا العقد فادفعه إلى رسول الله صلّى عليه وآله وسلم وأنت له. فأخذ العقد فأتى به رسول الله صلّى عليه وآله وسلم وأخبره بقول عمار، فقال النبيّ صلّى عليه وآله وسلم: انطلق إلى فاطمة فادفع إليها العقد وأنت لها. فجاء المملوك بالعقد وأخبرها بقول رسول الله صلّى عليه وآله وسلم، فأخذت فاطمة رضي الله عنها العقد وأعتقت المملوك، فضحك الغلام، فقالت فاطمة رضي الله عنها: ما يضحكك يا غلام؟ فقال: أضحكني عظم بركة هذا العقد، أشبع جائعا، وكسى عريانا، وأغنى فقيرا، وأعتق عبدا، ورجع إلى ربته.

ص 119

إعطاء فدك لفاطمة عليها السلام

قد تقدم نقله منا عن جماعة من أعلام القوم في (ج 3 ص 549) وننقله ههنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منهم العلامة الكاندهلوي الهندي في حياة الصحابة (ج 2 ص 519 ط حيدرآباد الدكن) قال: وأخرج الحاكم في تاريخه وابن النجار عن أبي سعيد قال: لما نزلت وآت ذا القربى حقه قال النبيّ صلّى عليه وآله وسلم: يا فاطمة لك فدك. قال الحاكم: تفرد به إبراهيم بن محمد بن ميمون عن علي بن عابس. ومنهم العلامة الحافظ الشيخ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني في المطالب العالية (ج 3 ص 367 ط الكويت) روى عن طريق أبي يعلى قال: لما نزلت وآت ذا القربى حقه دعا رسول الله صلّى عليه وآله وسلم فاطمة فأعطاها فدكا.

ص 120

دخل النبي على فاطمة في مصلاها (ووجد خلفها رزقا من عند الله)

قد تقدم نقله منا عن جماعة من أعلام القوم في (ج 10 ص 323 إلى ص 324) وننقله ههنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منهم الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في أهل البيت (ص 122 ط مطبعة السعادة بالقاهرة) روى عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سأل علي فاطمة ذات يوم: هل عندك شيء تغذينيه؟ قالت: لا والذي أكرم أبي بالنبوة ما أصبح عندي شيء أغذيكه ولا أكلنا بعد شيئا، ولا كان لنا شيء بعدك منذ يومي إلا شيء أوثرك به على بطني، وعلى ابني هذين. قال: يا فاطمة ألا أعلمتيني حتى أبغيكم شيئا. قالت: إني استحيى من الله أكلفك ما لا تقدر عليه. فخرج من عندها واثقا بالله تعالى حسن الظن به، فاستقرض دينارا، فبينما الدينار في يده أراد أن يبتاع لهم ما يتيح لهم إذ عرض له المقداد في يوم شديد

ص 121

الحر قد لوحته الشمس من فوقه وآذته من تحته، فلما رآه أنكره فقال: يا مقداد ما أزعجك من رحلك هذه الساعة؟ قال: يا أبا الحسن خل سبيلي ولا تسألني عما ورائي. وقال: يا بن أخي إنه لا يحل لك أن تكتمني حالك. قال: أما إذا أبيت فوالذي أكرم محمدا بالنبوة ما أزعجني من رحلي إلا الجهد، ولقد تركت أهلي يبكون جوعا، فلما سمعت بكاء العيال لم تحملني الأرض، فخرجت مغموما راكبا رأسي فهذه حالتي وقصتي. فهملت عينا علي بالبكاء حتى بلت دموعه لحيته، ثم قال: أحلف بالذي حلفت به ما أزعجني غير الذي أزعجك ولقد اقترضت دينارا فهاك، وأوثرك به على نفسي. فدفع له الدينار ورجع حتى دخل على النبيّ صلّى عليه وآله وسلم فصلى الظهر والعصر والمغرب، فلما قضى النبيّ صلّى عليه وآله وسلم صلاة المغرب مر بعلي في الصف الأول فغمزه برجله فسار خلف النبيّ صلّى عليه وآله وسلم حتى لحقه عند باب المسجد، ثم قال: يا أبا الحسن هل عندك شيء تعيشنا به؟ فأطرق علي لا يحر جوابا حياءا من النبيّ صلّى عليه وآله وسلم وقد عرف الحال الذي خرج عليها، فقال له النبيّ صلّى عليه وآله وسلم: إما أن تقول لا فنصرف عنك أو نعم فنجئ معك، فقال له: حبا وتكريما اذهب بنا وكان الله سبحانه وتعالى قد أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وسلم أن تعش. فأخذ الرسول بيده فانطلقا حتى دخلا على فاطمة عليها السلام في مصلاها وخلفها جفنة تفور دخانا، فلما سمعت كلام النبيّ صلّى عليه وآله وسلم خرجت من المصلى فسلمت عليه، وكانت أعز الناس عليه، فرد عليها السلام ومسح بيده علي رأسها وقال: كيف أمسيت عشينا غفر الله لك وقد فعل. فأخذت الجفنة فوضعتها بين يديه، فلما نظر علي ذلك وشم ريحه، رمى فاطمة ببصره رميا شميما فقالت: ما أشح نظرك وأشده، سبحان الله هل أذنبت فيما بيني وبينك

ص 122

ما أستوجب به السخطة. قال: وأي ذنب أعظم من ذنب أصبته اليوم، أليس عهدي بك اليوم وأنت تحلفين بالله مجتهدة ما طعمت طعاما يومين. فنظرت إلى السماء فقالت: إلهي يعلم ما في سمائه ويعلم ما في أرضه أني لم أقل إلا حقا. قال: فأنى لك هذا الذي لم أر مثله ولم أشم رائحته ولم آكل أطيب منه. فوضع الرسول صلى الله عليه وسلم كفه المباركة بين كتفي علي ثم هزها وقال: يا علي هذا ثواب الدنيا، وهذا جزاء الدنيا، هذا من عند الله يرزق من يشاء بغير حساب. ثم استعبر النبيّ صلّى عليه وآله وسلم باكيا وقال: الحمد لله كما لم يخرجكما من الدنيا حتى يجريك يا علي في المجرى الذي فيه زكريا ويجريك يا فاطمة في المجرى الذي أجرى فيه مريم، كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال: يا مريم أنى لك هذا.

ص 123

تزويج فاطمة من علي عليه السلام (بأمر الله جل جلاله وما وقع من الاكرام لها عند التزويج)

قد تقدم نقله منا عن جماعة من أعلام القوم في (ج 6 ص 592 إلى ص 623 وج 4 ص 460 وص 472 إلى ص 474 وج 10 ص 326 إلى ص 348) وننقله ههنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منهم العلامة المتقي الهندي في كنز العمال (ج 12 ص 105 ط حيدرآباد الدكن) روى من طريق البيهقي والخطيب وابن عساكر عن أنس قال: كنت عند النبي ص فغشيه الوحي فلما سرى عنه قال: أنس أتدري ما جاءني به جبريل من عند صاحب العرش؟ قال: إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي. ومنهم العلامة السيد محمد أبو الهدى في ضوء الشمس (ص 97) عن أنس رضي الله تعالى عنه: بينما النبي صلى الله تعالى عليه وسلم

ص 124

جالس أنه قال لعلي رضي الله عنه: هذا جبرئيل أخبرني بأن الله تعالى قد زوجك فاطمة وأشهد على تزويجها أربعين ألف ملك وأوحى إلى شجرة طوبى أن انثري عليهم الدر والياقوت والحلي والحلل، فنثرت ما تبدر الحور العين يلتقطن في الأطباق الدر والياقوت والحلي والحلل، فهم يتهادونه إلى يوم القيامة. وفي رواية قال: أبشر يا أبا لحسن فإن الله تعال يقد زوجك في السماء قبل أن أزوجك في الأرض. ومنهم العلامة ابن المغازلي الشافعي في المناقب (ص 346 ط طهران) قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن أحمد بن عثمان، أخبرنا أبو محمد عبيد الله بن محمد بن عابد الخلال، حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد البرائي، حدثنا الحسن ابن حماد سجادة، حدثنا يحيى بن معلى، حدثنا سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن الحسن، عن أنس أن أبا بكر خطب فاطمة إلى النبي صلى الله عليه وآله فلم يرد إليه جوابا، ثم خطبها عمر فلم يرد إليه جوابا، ثم جمعهم فزوجها علي ابن أبي طالب. وقيل: أقبل على أبي بكر وعمر فقال: إن الله عز وجل أمرني أن أزوجها من علي ولم يأذن لي في افشائه إلى هذا الوقت، ولم أكن لأفشي ما أمر الله عز وجل به. وروى في (ص 341) بسنده عن أم أيمن: قالت: بكيت وقلت: يا رسول الله لأني دخلت منزل رجل من الأنصار وقد زوج ابنته رجلا من الأنصار فنثر على رؤوسهم لوزا وسكرا، فذكرت تزويجك فاطمة من علي ولم تنثر عليها شيئا. فقال النبيّ صلّى عليه وآله وسلم:

ص 125

لا تبكي يا أم أيمن فوالذي بعثني بالكرامة واستخصني بالرسالة! ما أنا زوجته ولكن الله تبارك وتعالى زوجه من فوق عرشه ما رضيت حتى رضي علي، وما رضي علي حتى رضيت، وما رضيت حتى رضيت فاطمة، وما رضيت فاطمة حتى رضي الله رب العالمين. يا أم أيمن لما زوج الله تبارك وتعالى فاطمة من علي أمر الملائكة المقربين أن يحدقوا بالعرش وفيهم جبرئيل وميكائيل وإسرافيل فأحدقوا بالعرش. وأمر الحور العين أن يتزين وأمر الجنان أن يزخرف فكان الخاطب الله تبارك وتعالى والشهود الملائكة. ثم أمر الله شجرة طوبى أن تنثر عليهم فنثرت اللؤلؤ الرطب مع الدر الأخضر، مع الياقوت الأحمر، مع الدر الأبيض فتبادرت الحور العين يلتقطن من الحلي والحلل ويقلن: هذا من نثار فاطمة بنت محمد عليها السلام. وروى في (ص 343، الطبع المذكور) بسنده عن جابر: لما تزوج علي فاطمة زوجة الله إياها من فوق سبع سماوات، وكان الخاطب جبرئيل وكان ميكائيل وإسرافيل في سبعين ألفا من شهودها فأوحى الله تعالى إلى شجرة طوبى أن انثري ما فيك من الدر والجوهر ففعلت، وأوحى الله تعالى إلى الحور العين أن القطن فلقطن فهن يتهادين بينهن إلى يوم القيامة. وروى بسنده عن جابر بن عبد الله قال: لما زوج النبيّ صلّى عليه وآله وسلم عليا من فاطمة أتت قريش فقالوا: يا رسول الله زوجت فاطمة عليا بمهر خسيس فقال النبي صلى الله عليه وآله: ما زوجت فاطمة من علي ولكن الله زوجها عند شجرة طوبى وحضر تزويجها الملائكة وأمر الله شجرة طوبى لتنثرين ما عليك من الثمار. فنثرت الدر والياقوت والزبرجد الأخضر. وابتدر الحور العين يلتقطن فهن يتهادين ويتفاخرن به إلى يوم القيامة ويقلن: هذا من نثار فاطمة

ص 126

بنت رسول الله صلى الله عليه وآله. فلما كان ليلة زفافها أمر رسول الله بقطيفة فثناها على بغلته وأمر فاطمة أن تركب البغلة وأمر سلمان أن يقود البغلة وأمر بلالا أن يسوق البغلة، فبينما هم في الطريق إذ سمعوا حسا، فالتفت النبي صلى الله عليه وآله فإذا هو بجبرئيل وميكائيل عليهما السلام مع سبعين ألفا من الملائكة. فقال لهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ما الذي أحدركم؟ قالوا: جئنا لنزف فاطمة بنت رسول الله إلى زوجها علي بن أبي طالب، فكبر جبرئيل وكبر ميكائيل وكبرت الملائكة وكبر رسول الله صلى الله عليه وآله فوقع التكبير على العرائس من تلك الليلة. وفي (ص 345، الطبع المذكور): عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: كنت ذات يوم في المسجد أصلي إذ هبط علي ملك له عشرون رأسا فوثبت لأقبل رأسه، فقال: مه يا محمد أنت أكرم على الله من أهل السماوات وأهل الأرضين أجمعين، وقبل رأسي ويدي فقلت: حبيبي جبرئيل ما هذه الصورة التي لم تهبط علي في مثلها قط؟ قال: ما أنا بجبرئيل ولكن أنا ملك يقال لي محمود بين كتفي مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله بعثني الله أزوج النور بالنور. قلت: ما النور؟ قال: فاطمة من علي، وهذا جبرئيل وإسرافيل وإسماعيل صاحب السماء الدنيا وسبعون ألف ملك من الملائكة قد حضروا. فقال النبي صلى الله عليه وآله: يا علي قد زوجتك على ما زوجك الله من فوق سبع سماواته. ثم التفت النبي صلى الله عليه وآله إلى محمود فقال: مذ كم كتب هذا بين كتفيك؟ فقال: من قبل أن يخلق الله آدم بألفي عام، وناوله جبرئيل قدحا فيه خلوق من الجنة وقال: حبيبي مر فاطمة أن يلطخ رأسها... فكانت فاطمة عليها السلام إذا حكت رأسها شم أهل...

ص 127

ومنهم العلامة محمد مبين الهندي في وسيلة النجاة (ص 217 ط لكنهو) قال: وقال الشيخ الإمام الأجل أبو نصر محمد بن عبد الرحمن الهمداني رحمة الله عليه في السبعات في المجلس السابع في يوم الجمعة: فلما بلغت فاطمة مبلغ النساء كان رسول الله ص يغتم لأجلها ويقول: ليست لها والدة تربيها وتهئ أسباب تزويجها. فنزل جبرئيل وقال: الجبار يقرئك السلام ويقول: يا محمد لا تغتم في أمر تزويجها فإنها أحب إلي منك ففوض أمر تزويجها منك إلي فإني أزوجها ممن أحب، سجد رسول الله سجدة الشكر ثم رجع جبرئيل، فلما كان يوم الجمعة جاء جبرئيل إلى رسول الله ص وبيده طبق وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل عليهم السلام بيد كل واحد منهم طبق مغطى بمنديل وعند كل واحد منهم ألف ملك ووضعوا الأطباق بين يدي رسول الله، فقال: ما هذا يا جبرئيل؟. قال: فإن الله يقول: إني زوجت فاطمة من علي بن أبي طالب صلوات الله على نبينا وعليه وهذا أثواب الجنان وأثمارها البس عليها الثياب وانثر عليها الثمار، فسجد رسول الله ثم رفع رأسه فقال: يا جبرئيل فاطمة ترضى بما أرضى وإني أحب منك هذه الهدايا والعطايا في دار البقاء لا في دار الفناء، ولكن يا جبرئيل أخبرني كيف كان تزويج فاطمة في السماء. قال جبرئيل: يا محمد إن الله تعالى أمرنا بأن نفتح أبواب الجنان ونغلق أبواب النيران فغلقت، ثم زين العرش والكرسي وشجرة طوبى وسدرة المنتهى ثم أمر الله تعالى الولدان والغلمان بأن ينصبوا في كل قصر خيم وكل غرفة حجلة وليجلسوا لوليمة عرس فاطمة، وأمر ملائكة السماوات المقربين والروحانيين بأن يجتمعوا تحت شجرة طوبى، ثم أرسل الله تعالى الريح المثيرة فهب في

ص 128

الجنان فأسقطت من أشجارها الكافور والمسك والعنبر على الملائكة، ثم أمر الله تعالى طيور الجنة بأن تغني، فرقصت الحور العين ونثرت الأشجار الحلي والجواهر عليهن وجنت الولدان والغلمان، ثم نادى الخليل جل جلاله وأثنى على نفسه وقال: إني زوجت سيدة نساء العالمين فاطمة من علي بن أبي طالب صلوات الله على نبينا وعليه. وقال: يا جبرئيل كنت خليفة علي وأنا خليفة رسولي محمد فزوجها إليه وقبلها من علي، فهذا عقد نكاح فاطمة في السماء فاعقد أنت يا محمد في الأرض. فأخبر رسول الله علي بن أبي طالب ثم فاطمة وجمع أصحابه في المسجد فنزل جبرئيل وقال: إن الله تعالى أمر عليا بأن يقرأ الخطبة بنفسه، فقرأ خطبة: الحمد لله المتوحد بالجلال المتفرد بالكمال خالق بريته ومحسن صفات خليقته، الذي ليس كمثله شيء ولا يكون كمثله إلا هو، خلق العباد في البلاد فألهمهم بالثناء فسبحوا بحمده وقدسوا، وهو الله الذي لا إله إلا هو أمر عباده بالنكاح فأجابوه، والحمد لله على نعمائه وأياديه. أشهد أن لا إله إلا الله شهادة تبلغه وترضيه وتنجي قائلها وتقيه يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه، وصلى الله على محمد النبي الذي اجتباه بوجهه ومرتضيه صلاة تبلغه الزلفى وتحظيه ورحمة الله على آله وأصحابه ومحبيه. والنكاح منا قضاء الله تعالى وأذن فيه، وإني عبده وابن عبده وابن أمته الراغب إلى الله والخاطب خير نساء العالمين، وقدرت لها من الصداق أربعمائة درهم عاجلة غير آجلة فهل زوجتها يا أيها الرسول النبي الأمي على سنة من مضى من المرسلين . وقال النبي: قد زوجت فاطمة منك يا علي وزوجك ورضيك واختارك. قال علي: قبلتها من الله ومنك يا رسول الله.

ص 129

فلما سمعت فاطمة بأن أباها زوجها وجعل الدراهم مهرها قالت: يا أبت إن بنات سائر الناس تزوجهن على الدراهم والدنانير وزوجتني على الدراهم والدنانير، فما الفرق بين بنتك وبين سائر الناس أن يجعل مهري، فاسأل الله أن يجعل مهري شفاعة عصاة أمتك. فنزل جبرئيل من ساعته وبيده حرير وفيه مكتوب جعل الله مهر فاطمة الزهراء بنت محمد المصطفى صلى الله عليه وآله شفاعة أمته العاصين . فأوصت فاطمة وقت خروجها من الدنيا بأن يجعل ذلك الحرير في كفنها وقالت: إذا حشرت يوم القيامة أرفع هذا الحرير وأشفع عصاة أمة النبي. إنتهى كلامه. ومنهم العلامة الشيخ أبو نصر محمد بن عبد الرحمن الحنفي الهندي في السبعيات (ص 78 ط جمال أفندي في اسلامبول) قال: روي أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم كان يحب فاطمة لأنها كانت زاهدة عابدة وحب الولد الزاهد مباح ولأنها كانت تذكرة له من خديجة رضي الله عنها وكانت لها أمومة الحسن والحسين قرتا عيني رسول الله عليه السلام وكانت لها أسماء تدعى بها * أولها بتولة * والثانية زهراء الثالثة * وطاهرة * والرابعة مطهرة * والخامسة فاطمة. وكانت قد بلغت مبلغ النساء وكان رسول الله عليه السلام يغتم لأجلها ويقول: ليست لها والدة لتربيها وتهئ لها أسباب تزويجها. فنزل جبرائيل عليه السلام وقال: الجبار يقرؤك السلام ويقول يا محمد لا تغتم لأجلها فإني أحبها أكثر من حبك فوض أمر تزويجها إلي فإني أزوجها ممن أحب. فسجد رسول الله عليه السلام عند ذلك سجدة الشكر ثم رجع جبرائيل عليه السلام. فلما كان يوم الجمعة جاء إلى رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم وبيده

ص 130

طبق وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل صلوات الله عليهم أجمعين وبيد كل واحد منهم طبق مغطى بمنديل مع كل واحد منهم ألف ملك ووضعوا الأطباق بين يدي رسول الله عليه السلام فقال: ما هذا يا جبرائيل؟ فقال: إن الله تعالى يقول إني زوجت فاطمة من علي بن أبي طالب وهذه أثواب الجنان وأثمارها ألبسها الثياب وانثر عليها هذه النثار فسجد رسول الله عليه السلام. ثم قال: يا جبرائيل إن فاطمة ترضى بما أرضى فإني أحب أن يكون هذه النثار والهدايا والعطايا في دار البقاء ولكن يا جبرائيل أخبرني كيف كان تزويج فاطمة في السماء. فقال: يا محمد إن الله تعالى أمر بأن تفتح أبواب الجنان ففتحت وتغلق أبواب النيران فغلقت ثم زين الله تعالى العرش والكرسي وشجرة طوبى وسدرة المنتهى ثم أمر الولدان والغلمان بأن ينصبوا في كل قصر وفي كل خيمة وفي كل غرفة حجلة ويجلسوا لوليمة عرس فاطمة، وآمر ملائكة السماوات المقربين والروحانيين والكروبيين أن يجتمعوا تحت شجرة طوبى. ثم أرسل الله تعالى الريح المنثرة فهبت في الجنان فأسقطت من أشجارها الكافور والمسك والعنبر على الملائكة، ثم أمر الله تعالى طيور الجنة بأن تغني فتغنت ورقصت الحور العين ونثرت الأشجار الحلل والجواهر عليهن وجمعت الولدان والغلمان، ثم نادى الجليل جل جلاله وأثنى على نفسه وقال: زوجت سيدة نساء العالمين فاطمة من علي بن أبي طالب، وقال لي: يا جبرائيل كن أنت خليفة علي وكنت أنا خليفة رسولي فزوجها الله تعالى وقبلتها أنا لعلي فهذا عقد نكاح فاطمة في السماوات. فاعقد أنت يا محمد في الأرض فأخبر رسول الله عليه السلام عليا بأمر فاطمة رضي الله تعالى عنهما، وجمع أصحابه في المسجد فنزل جبرائيل عليه السلام وقال: إن الله تعالى يأمر عليا بأن يقرأ الخطبة بنفسه فأمره رسول الله عليه

ص 131

السلام أن يقرأ الخطبة فقرأ الخطبة فقال: الحمد لله المتوحد بالجلال المتفرد بالكمال خالق بريته ومحسن صفات خليقته الذي ليس كمثله شيء ولا يكون كمثله إلا هو خالق العباد والبلاد، وألهمهم بالثناء عليه فسبحوه بحمده وقد سوه وهو الله الذي لا إله إلا هو أمر عباده بالنكاح فأجابوه، والحمد لله على نعمه وأياديه، وأشهد أن لا إله إلا الله شهادة تبلغه وترضيه وتميز قائله وتقيه يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه وصلى الله على النبي محمد وآله الذي اجتباه لوحيه ويرتضيه، صلاة تبلغه زلفى وتعطيه، ورحمة الله على آله وأصحابه ومحبيه، والنكاح مما قضاه الله تعالى وأذن فيه، وإني عبد الله وابن أمته الراغب إلى الله الخاطب فاطمة خير نساء العالمين، وقد بذلت لها من الصداق أربعمائة درهم عاجلة غير آجلة فهل تزوجنيها يا أيها الرسول النبي الأمي على سنتك وسنة من مضى من المرسلين. فقال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قد زوجت فاطمة منك يا علي وزوجك الله تعالى ورضيك واختارك. فقال علي رضي الله تعالى عنه: قد قبلتها من الله ومنك يا رسول الله. فلما سمعت فاطمة رضي الله تعالى عنها بأن أباها زوجها وجعل الدراهم لها مهرا فقالت: يا أبت إن بنات سائر الناس يزوجن على الدراهم والدنانير فما الفرق بينك وبين سائر الناس فاسأل من الله تعالى أن يجعل مهري شفاعة عصاة أمتك. فنزل جبرائيل عليه السلام من ساعته وبيده حريرة فيها مكتوب: جعل الله تعالى مهر فاطمة الزهراء ابنة محمد المصطفى صلى الله تعالى عليه وسلم شفاعة أمته العصاة، وأوصت فاطمة وقت خروجها من الدنيا أن يجعل ذلك الحرير في كفنها وقالت: إذا حشرت يوم القيامة ارفع هذا إلى يدي وأشفع في عصاة أمة أبي

ص 132

ومنهم العلامة توفيق أبو علم في أهل البيت (ص 148 ط السعادة بمصر) قال: وعنه (أي عن ابن عباس) أيضا قال: بينما نحن عند رسول الله صلّى عليه وآله وسلم إذ أقبلت فاطمة وهي تبكي، فقال: ما يبكيك يا فاطمة؟ قالت: يا رسول الله عيرتني نساء قريش آنفا زعمن أنك زوجتني رجلا معدما لا مال له. قال: لا تبكي يا فاطمة فوالله ما زوجتك حتى زوجك الله تعالى من فوق عرشه وأشهد على ذلك جبريل وميكائيل. وفي (ص 148): وعن بلال بن حمامة قال: طلع علينا النبيّ صلّى عليه وآله وسلم ذات يوم ووجهه مشرق كدارة القمر، فقام عبد الرحمن بن عوف فقال: يا رسول الله ما هذا النور؟ فقال: بشارة أتتني من ربي في أخي وابن عمي وابنتي، فإن الله زوج عليا من فاطمة وأمر رضوان خازن الجنان فهز شجرة طوبى فحملت رقاعا - يعني صكاكا - بعدد محبي أهل بيتي، وأنشأ من تحتها ملائكة من النور ودفع إلى كل ملك صكا، فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلائق فلا تلقى محبا لنا أهل البيت إلا دفعت له صكا فيه فكاكه من النار، فأخي وابن عمي وابنتي بهم فكاك رقاب رجال ونساء من أمتي من النار. وفي ليلة الزفاف أتى الرسول صلى الله عليه وسلم ببغلته الشهباء وثنى عليها قطيفة وقال لفاطمة اركبي، فأركبها وأمر سلمان أن يقود بها ومشى صلى الله عليه وسلم خلفها وعمه حمزة وعقيل وبنو هاشم مشهرين سيوفهم، وأمر بنات عبد المطلب ونساء المهاجرين والأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة وأن يفرحن

ص 133

ويرجزن ويكبرن ويحمدن ولا يقلن ما لا يرضي الله، ونساء النبيّ صلّى عليه وآله وسلم معها، فأنشأت أم سلمة ترجز وتقول:

سرنا بعون الله جاراتي * وأشكرنه في كل حالات

واذكرن ما أنعم رب العلى * من كشف مكروه وآفات

فقد هدانا بعد كفر وقد * أنعشنا رب السماوات

وسرن مع خير نساء الورى * تفدى بعمات وخالات

يا بنت من فضله ذو العلى * بالوحي منه والرسالات

ثم قالت عائشة:

يا نسوة استرن بالمعاجر * واذكرن ما يحسن في المحاضر

واذكرن رب الناس إذ يخصنا * بدينه مع كل عبد شاكر

والحمد لله على أفضاله * والشكر لله العزيز القادر

سرن بها فالله أعلى ذكرها * وخصها منه بطهر طاهر

ثم قالت حفصة رضي الله عنها:

فاطمة خير نساء البشر * ومن لها وجه كوجه القمر

فضلك الله على كل الورى * بفضل من خص بآي الزمر

زوجك الله فتى فاضلا * أعني عليا خير من في الحضر

فسرن جاراتي بها فإنها * كريمة عند عظيم الخطر

ثم قالت معاذة واسمها كبشة بنت رافع وهي أم سعد بن معاذ الأنصاري الأوسي رضي الله عنهما:

أقول قولا فيه ما فيه * وأذكر الخير وأبديه

محمد خير بني آدم * ما فيه من كبر ولاتيه

ص 134

بفضله عرفنا رشدنا * فالله بالخير يجازيه

ونحن مع بنت نبي الهدى * ذو شرف قد مكنت فيه

في ذروة شامخة أصلها * فما أرى شيئا يدانيه

ومنهم العلامة السمهودي في الاتحاف في فضل الأشراف (ص 60 مخطوط) قال: روى ابن داود السجستاني بسنده من طريق قتادة عن الحسن عن أنس رضي لله عنه قال: أتى أبو بكر النبيّ صلّى عليه وآله وسلم فجلس بين يديه فقال: يا رسول الله قد علمت نصيحتي وقدمي في الإسلام وأني وأني. قال: وما ذاك؟ قال: تزوجني، فأعرض عنه فأتى عمر فقال: هلكت وأهلكت. قال: وما ذاك، قال: خطبت فاطمة إلى النبيّ صلّى عليه وآله وسلم فأعرض. قال: فانتظر حتى آتيه فأسأل مثل ما سألت، فأتى عمر وأبا بكر فقال: ينتظر أمر الله فيها. قال علي رضي الله عنه: فأتياني وأنا أغرس فسألا فقالا لي: هذه ابنة عمك تخطب وأنت جالس هاهنا. قال: فهيأني إلى أمر لم أكن أذكره. قال: فقمت أجر ردائي أحد طرفيه على عاتقي والآخر أجره حتى جلست بين يدي رسول الله صلّى عليه وآله وسلم. فقلت: يا رسول الله قد علمت نصيحتي وقدمي في الإسلام وأني. قال: وما داك. قلت: تزوجني فاطمة. قال: وعندك شيء. قلت: فرسي وبدني يعني درعه. قال: أما فرسك فلا بد لك منه وأما بدنك فبعها وأئتني بها. قال: فانطلقت فبعتها بأربعمائة وثمانين، ثم جئت بها فوضعتها في حجره، قال: فقبض منها قبضة وقال: أين بلال أبغنا بها طيبا، ثم أمرهم أن يجهزوها، فعمل لها سرير في شريط ووسادة من أدم حشوها ليف وملئ البيت كثيبا - يعني رملا - وأمر أم

ص 135

أيمن أن تنطلق إلى ابنته، وقال لعلي: لا تعجل حتى آتيك. قال: فانطلق النبيّ صلّى عليه وآله وسلم فأتاهم، فقال لأم أيمن: هاهنا أخي. قالت: أخوك وتزوجه ابنتك. قال: نعم، فدخل على فاطمة ودعا بماء فأتيته بقعب فيه ماء فمج ثم نضح على رأسها وبين ثدييها وقال اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم . ثم قال لعلي: أئتني بماء فعلمت ما يريد، فملأت القعب فأتيت به فنضح منه على رأسي وبين كتفي، وقال اللهم إني أعيذه بك وذريته من الشيطان الرجيم ، ثم قال: أدخل بأهلك على اسم الله تعالى وبركته. قال أبو داود: وسألت أحمد بن حنبل عن هذا الحديث فقال: هو عن سعيد بن أبي يزيد المديني. وفي رواية رواها الجمال الزرندي بغير سند ولا عزو، ثم قال النبيّ صلّى عليه وآله وسلم: يا أسماء ايتيني بالمخضب فاملئيه، فأتيته ملأنا فمج النبيّ صلّى عليه وآله وسلم وغسل وجهه وقدميه، ثم دعا فاطمة فأخذ كفا من ماء فضرب به رأسها وكفا بين ثدييها ثم رش جلد علي وجلدها ثم التزمهما، فقال: اللهم إنهما مني وأنا منهما، اللهم كما أذهبت عني الرجس وطهرتني فطرهما، ثم دعا بمخضب آخر فصنع بعلي كما صنع بها ثم قال: قوموا إلى بيتكما جمع الله بينكما، فأغلق عليهما بابه بيده. ومن رواية أحمد: ودعا بماء فقال فيه ما شاء الله أن يقول، ثم نضح على وجه علي، ثم دعا فاطمة فقامت تعثر في ثوبها أو قال مرطها من الحياء فنضح عليها أيضا وقال لها: إني أنكحتك أحب أهلي إلي. قال ابن عباس: فأخبرتني أسماء أنها رمقت رسول الله صلى الله عليه

ص 136

وسلم فلم يزل يدعو لهما خاصة لا يشرك في دعائه لهما أحدا حتى توارى في حجره. عن عبد الكريم بن سليط البصري عن ابن بريدة هو عبد الله عن أبيه رضي الله عنه: إن فقراء الأنصار قالوا لعلي رضي الله عنه: لو كانت عندك فاطمة، فدخل علي رضي الله عنه على النبيّ صلّى عليه وآله وسلم - يعني ليخطبها - فسلم عليه فقال: ما حاجة ابن أبي طالب. فقال: ذكرت فاطمة بنت رسول الله صلّى عليه وآله وسلم. قال رسول الله صلّى عليه وآله وسلم: مرحبا وأهلا، فخرج إلى الرهط من الأنصار وكانوا ينتظرونه فقالوا: ما وراك. قال: ما أدري غير أنه قال لي مرحبا وأهلا. قال: يكفيك من رسول الله صلّى عليه وآله وسلم أحدهما قد أعطاك الأهل وأعطاك الرحب، فلما كان بعد ما زوجه قال: يا علي لا بد للعرس من وليمة. قال سعيد رضي الله عنه: عندي كبش، وجمع له رهط من الأنصار أصوعا من ذرة، فلما كان ليلة البناء بها قال: يا علي لا تحدث شيئا حتى تلقاني. فدعا النبيّ صلّى عليه وآله وسلم بماء فتوضأ منه ثم أفرغه على علي وفاطمة رضي الله عنهما فقال: اللهم بارك فيهما وبارك عليهما وبارك لهما في نسلهما. ورواها النسائي في عمل اليوم والليلة وعبد الكريم مقبول وابن بريدة ثقة. وكذا رواه الروياني في مسنده من هذا الوجه، وفي رواية خرجها سمويه في فوائده اللهم بارك لهما في شملهما . قال أبو الحسن: والشمل الجماع. وفي رواية للدولابي قال في شبليهما ، والشبل ولد الأسد، فيكون ذلك إن صح كشفا واطلاعا منه صلى الله عليه وسلم، فأطلق ذلك على الحسن والحسين وهما كذلك. إنتهى. وليس ببعيد أن يطلعه الله على ذلك.

ص 137

ومنهم العلامة المولوي ولي الله اللكنهوئي في مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين قال: وهم خوارزمي از ابن عباس روايت كرده كه شبيكه فرستاده شد فاطمه زهرا بسوى علي مرتضى بود از انحضرت پيش رو وجبرئيل از يمين وميكائيل از يسار وهفتاد هزار فرشته از پشت او تسبيح ميكردند الله تعالى را وتقديس مى نمودند تا آنكه طالع شد فجر.

ص 138

خطبة عقد فاطمة عليهما السلام

رواها جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة المولوي محمد مبين الهندي الفرنگي محلى الحنفي ابن المولوي محب الله السهالوي المتوفى سنة 1225 في كتابه وسيلة النجاة (ص 214 طبع مطبعة گلشن فيض الكائنة في لكهنو) قال: وفي المواهب اللدنية خطب النبي وقال: الحمد لله المحمود بنعمته المعبود بقدرته، المطاع بسلطانه، المرهوب من عذابه وسطوته، النافذ أمره في سمائه وأرضه، الذي خلق الخلق بقدرته وميزهم بأحكامه وأعزهم بدينه وأكرمهم بنبيه محمد. إن الله تبارك اسمه وتعالى عظمته جعل المصاهرة سببا لاحقا وأمرا مفترضا أوشج به الأرحام وألزمها الأنام، فقال عز من قائل وهو الذي خلق من الماء بشرا فجعله نسبا وصهرا وكان ربك قديرا ولكل أجل كتاب يمحو الله ما يشاء ويثبت عنده أم الكتاب . ثم إن الله أمرني أن أزوج فاطمة من علي بن أبي طالب صلوات الله على نبينا وعليه - الخ.

ص 139

وفي الصواعق قال رسول الله صلّى عليه وآله وسلم: فاشهدوا أني قد زوجته على أربعمائة مثقال فضة إن رضي بذلك علي. ثم دعى صلى الله عليه وسلم بطبق من بسر، ثم قال: انتهبوا، ودخل علي فتبسم النبي صلى الله عليه وآله في وجهه ثم قال: إن الله عز وجل أمرني أن أزوجك فاطمة على أربعمائة مثقال فضة رضيت بذلك؟ قال: قد رضيت بذلك يا رسول الله. فقال صلى الله عليه وسلم: جمع الله شملكما وأعز جدكما وبارك عليكما وأخرج منكما الكثير الطيب. ومنهم العلامة المولوي ولي الله اللكنهوئي في مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين (ص 166) روى الخطبة بعين ما تقدم عن وسيلة النجاة . ومنهم العلامة البدخشي في مفتاح النجاة (ص 31 مخطوط) روى الخطبة بعين ما تقدم عن الوسيلة لكنه زاد بعد قوله المرهوب من عذابه : المرغوب إليه فيما عنده. وذكر بدل قوله وميزهم بأحكامه وميزهم بحكمته وأحكمهم بعزته. وبدل قوله سببا : نسبا. ومنهم الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في أهل البيت (ص 147 ط مطبعة السعادة بالقاهرة) روى حديث تزويج الزهراء من علي وفيه خطبة النبي ص بعين ما تقدم عن وسيلة النجاة .

ص 140

ومنهم العلامة الشيخ علي بن سلطان محمد القاري في مرقاة المفاتيح في شرح مشكاة المصابيح (ج 11 ص 350 ط ملتان) روى حديث تزويج الزهراء وفيه خطبة النبي ص بعين ما تقدم عن وسيلة النجاة .

ص 141

دعاء النبي لهما عند التزويج

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة النقشبندي في مناقب العشرة (ص 20) روى حديث تزويج الزهراء وفيه: فجاءت أم أيمن في جانب البيت وأنا في جانب، وجاء رسول الله صلّى عليه وآله وسلم فقال: ههنا أخي. قالت أم أيمن: أخوك وقد زوجته ابنتك. قال: نعم، ودخل رسول الله صلّى عليه وآله وسلم البيت فقال لفاطمة: أيتيني بماء. فقامت إلى قعب في البيت فأتت فيه بماء، فأخذه النبيّ صلّى عليه وآله وسلم ومج فيه ثم قال: تقدمي، فتقدمت ونضح بين ثدييها وعلى رأسها وقال: اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم. ثم قال: أدبري فأدبرت فصب بين كتفيها وقال: اللهم إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم. ثم قال رسول الله صلّى عليه وآله وسلم: ايتوني بماء. قال علي: فعلمت الذي يريد، فقمت فملأت القعب ماء وأتيته به، فأخذه ومج فيه ثم قال لي: تقدم فصب على رأسي وبين ثديي ثم قال: اللهم إني أعيذه بك وذريته من الشيطان الرجيم. ثم قال: أدبر، فأدبر فصبه بين كتفي اللهم إني أعيذه.

ص 142

بك وذريته من الشيطان الرجيم. ثم قال لعلي: أدخل بأهلك بسم الله والبركة. ومنهم العلامة ابن المغازلي الشافعي في المناقب (ص 347 ط طهران) روى الحديث بسنده بعين ما تقدم عن مناقب العشرة . ومنهم العلامة المولوي ولي الله اللكنهوئي في مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين (ص 166) روى الحديث بعين ما تقدم عن مناقب العشرة ملخصا. ومنهم العلامة ابن المغازلي في مناقب علي بن أبي طالب (ص 346 ط المكتبة الإسلامية بطهران) روى أن عليا عليه السلام لما خطب فاطمة عليها السلام قال النبيّ صلّى عليه وآله وسلم: مرحبا وأهلا اللهم بارك له وبارك عليها. ومنهم العلامة الشيخ محمد بن علان الصديقي في الفتوحات الربانية (ج 2 عن 50 ط بيروت) روى أنه خطبها قبل علي جمع من الصحابة وإن تزويجها من علي كان بوحي من الله، ودعا لهما النبيّ صلّى عليه وآله وسلم حين اجتمعا فقال: جمع الله شملكما وأسعد جدكما وبارك عليكما وأخرج منكما كثيرا طيبا.

ص 143

ومنهم العلامة المولوي ولي الله اللكنهوئي في مرآة المؤمنين في مناقب أهل بيت سيد المرسلين (ص 167) قال: أخرج النسائي بسند صحيح أن نفرا من الأنصار قالوا لعلي رضي الله عنه: لو كانت عندك فاطمة. فدخل على النبي ص يعني ليخطبها، فسلم عليه فقال: ما حاجة ابن أبي طالب؟ قال: فذكرت فاطمة. فقال صلى الله عليه وسلم: مرحبا وأهلا، فخرج والرهط من الأنصار ينتظرونه فقالوا: ما وراك. قال: ما أدري غير أنه قال مرحبا وأهلا. قال: يكفيك من رسول الله ص أحدهما قد أعطاك الأهل وأعطاك الرحب قل ما كان بعد ما زوجه. قال: إنه لا بد للعرس من وليمة. قال سعد: عندي كبش، وجمع له رهط من الأنصار أصوعا من ذرة، فلما كان ليلة البناء قال: يا علي لا تحدث شيئا حتى تلقاني، فدعا النبي ص بماء فتوضأ ثم أفرغه على علي وفاطمة رضي الله عنهما. دعا النبي لعلي وفاطمة وقال: اللهم بارك عليهما وبارك لهما في نسلهما. وفي رواية: في شملهما.

ص 144

جهاز فاطمة عليهما السلام

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة النقشبندي في مناقب العشرة (ص 39) روى عن أبي سويد المدني قال: لما أهديت فاطمة إلى علي رضي الله عنهما لم يجد عنده إلا رملا مبسوطا ووسادة وجرة وكوزا - القصة. وعن علي رضي الله عنه: أن رسول الله صلّى عليه وآله وسلم لما زوجه فاطمة بعث معها بخميلة ووسادة من أدم حشوها ليف ورخامتين وسقاء وجرتين. ومنهم العلامة القاضي حسين الدياربكري في تاريخ الخميس (ج 1 ص 411 ط مصر) روى عن أنس قال: لما تزوج علي بفاطمة قال رسول الله صلّى عليه وآله وسلم لأسماء بنت عميس: اذهبي فهيئي منزلهما، فجاءت أسماء إلى البيت

ص 145

فعملت فراشا من رمل والثاني من أدم حشوها ليف ومرقعة من أدم حشوها ليف، فلما صلى رسول الله ص العشاء الآخرة انصرف إلى بيت فاطمة، فنظر إليها ودعا لها بالبركة، فانصرف فبعث بفاطمة إلى علي في ذلك البيت. وروى عن الحسن البصري قال: كان لعلي وفاطمة رضي الله عنهما قطيفة إذا لبساها بطول انكشفت ظهورهما وإذا لبساها بالعرض انكشفت رؤوسهما. وفي رواية: أنه بنى بها بعد تسع وعشرين ليلة من النكاح وكان جهازها في هذه الرواية فراشين من خبوش، أحدهما محشو بليف، والآخر بحذو الحذائين وأربع وسائد وسادتين من ليف وثنتين من صوف. وروى عن جابر قال: حضرنا عرس علي وفاطمة، فما رأينا عرسا كان أحسن منه حسنا هيأ لنا رسول الله زيتا وتمرا، فأكلنا وكان فراشهما ليلة عرسهما أهاب كبش. ومنهم العلامة الشيخ عبد العظيم الشافعي المنذري في الترغيب والترهيب (ج 6 ص 44 ط بيروت) روى الحديث عن جابر بعين ما تقدم أخيرا عن تاريخ الخميس . وروى عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: لما جهز رسول الله صلّى عليه وآله وسلم فاطمة إلى علي بعث معها بخميل - قال عطاء: ما الخميل قال قطيفة ووسادة من أدم حشوها ليف - وأذخر وقربة كانا يفترشان الخميل ويلتحفان بنصفه. رواه الطبراني من رواية عطاء بن السائب، ورواه ابن حبان في صحيحه عن عطاء بن السائب أيضا عن أبيه عن علي رضي الله عنه قال: جهز رسول الله صلّى عليه وآله وسلم فاطمة في خميلة ووسادة أدم حشوها ليف.

ص 146

ومنهم العلامة باكثير الحضرمي في وسيلة المآل (ص 140 مخطوط) روى الحديث بعين ما تقدم عن مناقب العشرة . ومنهم العلامة الشيخ أبو الفرج عبد الرحمان بن الجوزي الحنبلي البغدادي المتوفى سنة 597 في كتابه التبصرة (ج 1 ص 449 طبع عيسى الحلبي بالقاهرة) قال: كان أبو بكر رضي الله عنه قد خطب فاطمة من رسول الله صلّى عليه وآله وسلم فقال: انتظر بها القضاء. فذكر ذلك لعمر فقال: ردك يا أبا بكر، فخطبها عمر فقال له مثل ما قال لأبي بكر، فقال أهل علي لعلي: اخطب فاطمة. فأتى رسول الله صلّى عليه وآله وسلم فسلم عليه فقال: ما حاجتك؟ فقال: ذكرت فاطمة. فقال: مرحبا وأهلا. فخرج فأخبر الناس بما قال، فقالوا: قد أعطاك الأهل والرحب. ثم قال له: ما تصدقها؟ قال: ما عندي ما أصدقها. قال: فأين درعك الحطيمة. قال: عندي. قال: أصدقها إياها، فتزوجها فأهديت إليه ومعها خميلة ومرفقة من أدم حشوها ليف وقربة ومنخل وقدح ورحى وجرابان، ودخلت عليه وما لها فراش غير جلد كبش ينامان عليه بالليل وتعلف عليه الناضح بالنهار، وكانت هي خادمة نفسها، تالله ما ضرها ذلك. ومنهم العلامة الشيخ محمد بن أبي بكر في عدة الصابرين (ص 168 ط دار الكتب في بيروت) قال: وقال أحمد حدثنا أبو سعيد، حدثنا أبو زائدة، حدثنا عطاء عن أبيه، عن علي قال: جهز رسول الله صلّى عليه وآله وسلم فاطمة في خميل وقربة ووسادة من أدم حشوها ليف، والخميل الكساء الذي خمل.

ص 147

قول النبي صلى الله عليه وآله لها (فداك أبي وأمي)

رواه جماعة من أعلام القوم: منهم العلامة ابن شاهين في رسالة في مناقب سيدتنا فاطمة (ص 2 نسخة المكتبة الظاهرية بدمشق) قال: حدثنا العباس بن العباس بن المغيرة، ثنا يعقوب بن إسحاق العلوي، ثنا يحيى بن حماد، ثنا أبو عوانة ثنا العلاء بن المسيب عن إبراهيم بن قيس عن نافع عن ابن عمر أن النبيّ صلّى عليه وآله وسلم كان إذا خرج كان آخر عهده فاطمة وكان إذا رجع كان أول عهده فاطمة عليها السلام، فلما رجع من غزوة تبوك ومعه علي وقد اشترت (لم يقرء) وعلقت على بابها سترا وألقت في بيتها بساطا فلما رأى ذلك النبيّ صلّى عليه وآله وسلم رجع فأتى المنزل ودخل فيه، فأرسلت إلى بلال فقالت اذهب فانظر ما رده عن بابي فأخبرني، فأخبره فقال: إني رأيتها صنعت كذا وكذا، فأتاها فأخبرها فهتكت الستر وكل شيء أحدثته وألقت ما عليها

ص 148

ولبست أطمارها فأخبره فجاء حتى دخل عليها فقال: كذلك فكوني فداك أبي وأمي (1).

(هامش)

(1) ونستدرك على الكتب التي نقلنا عنها حديث السفرجلة كتاب الدرة اليتيمة نسخة مكتبة الظاهرية بدمشق أورد ما روي عن النبي صلى الله عليه وآله: أتاني جبرئيل بسفرجلة من الجنة فأكلتها ليلة أسري بي فعلقت خديجة بفاطمة فكنت إذا اشتقت إلى رائحة الجنة شممت رقبة فاطمة. ثم ذكر في رد من استشكل في صحة هذا الحديث بأن فاطمة ولدت قبل النبوة فضلا عن الإسراء: أن قيل إن هذا الإسراء غير الإسراء المعهود بأن كان مناميا أو روحيا أو معنويا، وعليه فلا وضع ولا خفض ولا رفع. فتدبر. (*)

ص 149

جملة من كراماتها عليها السلام

منها ما تقدم نقلها عن جماعة من أعلام القوم في (ج 10 ص 314 إلى ص 315) وننقله ههنا عمن لم ننقل عنهم هناك: منهم الفاضل المعاصر الشيخ محمد علي الأنسي اللبناني في الدرر واللئالي في بدايع الأمثال (ص 207 ط بيروت) قال: روى أن فاطمة رضي الله تعالى عنها أهدت لرسول الله صلّى عليه وآله وسلم رغيفين وبضعة لحم، فرجع بها إليها وقال: هلمي يا بنية، فكشفت عن الطبق فإذا هو مملوء خبزا ولحما، فقال لها: أنى لك هذا؟ فقالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب. ومنهم الفاضل العالم المعاصر الأستاذ توفيق أبو علم في أهل البيت (ص 143 ط مطبعة السعادة بالقاهرة) قال: وروى الزمخشري في الكشاف عند قصة زكريا ومريم عليها السلام، عن

ص 150

النبيّ صلّى عليه وآله وسلم أنه جاع في زمن قحط، فأهدت له فاطمة رغيفين وبضعة لحم آثرته بها فرجع بها إليها، وقال: هلمي يا بنية، وكشف عن الطبق فإذا هو مملوء خبزا ولحما، فبهتت وعلمت أنها نزلت من الله سبحانه تعالى. فقال لها: أنى لك هذا؟ قالت: هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب. فقال: الحمد لله الذي جعلك شبيهة مريم سيدة بني إسرائيل، ثم جمع رسول الله صلّى عليه وآله وسلم علي بن أبي طالب والحسن والحسين وجميع أهل بيته رضي الله عنهم حتى شبعوا وبقي الطعام كما هو وأوسعت فاطمة جيرانها 1.

(هامش)

1) قال العلامة الشيخ عثمان بن حسين بن أحمد الخوبوي في درة الناصحين (ص 66 ط بمبئي): عن كعب الأحبار أنه قال: مرضت فاطمة رضي الله عنها فجاء علي إلى منزلها فقال: يا فاطمة ما يريد قلبك من حلاوات الدنيا. فقالت: يا علي أشتهي رمانا، فتفكر ساعة لأنه ما كان معه شيء، ثم قام وذهب إلى السوق واستقرض درهما واشترى به رمانة، فرجع إليها فرأى شخصا مريضا مطروحا على قارعة الطريق، فوقف علي فقال له: ما يريد قلبك يا شيخ، فقال: يا علي خمسة أيام هنا وأنا مطروح ومر الناس علي ولم يلتفت أحد إلي يريد قلبي رمانا، فتفكر في نفسه ساعة فقال لنفسه: اشتريت رمانة واحدة لأجل فاطمة فإن أعطيتها لهذا السائل بقيت فاطمة محرومة وإن لم أعطه خالف قوله تعالى وأما السائل فلا تنهر والنبي عليه السلام قال: لا تردوا السائل ولو كان على فرس، فكسر الرمانة فأطعم الشيخ فعوفي في الساعة وعوفيت فاطمة رضي الله تعالى عنها، وجاء علي وهو مستحي فلما رأته فاطمة رضي الله عنها قامت إليه وضمته إلى = (*)

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج19)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب