الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج22)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 1

بسم الله الرحمن الرحيم

(وبه نستعين)

مستدرك الآيات النازلة في شأن سيدنا وإمامنا يعسوب الدين أمير المؤمنين سيد الوصيين أبي الأئمة الطاهرين علي بن أبي طالب أرواح العالمين له الفداء.

قد تقدم ذكر الآيات النازلة في حقه عليه السلام في المجلدات الماضية من هذا السفر الشريف - المجلد الثاني والمجلد الثالث والمجلد الرابع عشر والمجلد العشرين - وروينا الأخبار المأثورة عن النبي صلى الله عليه وآله في تبيين هذه الآيات الكريمة وتفسيرها في شأن سيدنا الأمير عن الكتب التي ألفها علماء العامة مع ذكر أسماء الكتب ومؤلفيها وضبط عدد الصفحات وتعيين محل الطبع وسنته أحيانا. ونستدرك في هذا المجلد - وهو المجلد الثاني بعد العشرين - من المصادر التي لم نرو عنها قبل من تآليف العامة، وأشرنا أيضا إلى صفحات المجلدات السالفة ليكون كالفهرس عليها. ونحمد الله تعالى ونشكره على ما هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

ص 2

الآية الأولى قوله تعالى:

(إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (سورة الأحزاب: 33).

 قد تقدم ما ورد في نزولها من الأحاديث الشريفة في شأن سيدنا الأمير علي بن أبي طالب عليه السلام عن كتب أعلام العامة في ج 2 ص 501 إلى ص 562 وج 3 ص 513 إلى ص 531 وج 9 ص 1 إلى ص 85 وج 14 ص 40 إلى 105 وج 18 ص 359 إلى ص 383، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها في ما مضى. منهم العلامة أبو بكر أحمد بن مروان بن محمد الدينوري المتوفى سنة 330 في كتابه (المجالسة وجواهر العلم) (ص 520 طبع معهد العلوم العربية في فرانكفورت) قال: حدثنا أحمد، نا أبو يوسف الفلوسي، نا سليمان بن داود، نا عمار بن محمد، نا سفيان الثوري، عن أبي الحجاف، عن أبي شعبة قال: نزلت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) في خمسة: في رسول الله وعلي وفاطمة والحسن

ص 3

والحسين رضوان الله عليهم أجمعين. ومنهم العلامتان الشريف عباس أحمد صقر وأحمد عبد الجواد في القسم الثاني من (جامع الأحاديث) (ج 4 ص 470 ط دمشق) قالا: عن واثلة قال: أتيت فاطمة أسألها عن علي رضي الله عنه فقالت: توجه إلى رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلم فجلس، فجاء رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلم ومعه علي وحسن وحسين رضي الله عنهم كل واحد منهما بيده حتى دخل، فأدنى عليا وفاطمة رضي الله عنهما فأجلسهما بين يديه، وأجلس حسنا وحسينا كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه - أو قال: كسأه ثم تلا هذه الآية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت)، ثم قال اللهم إن هؤلا أهل بيتي، وأهل بيتي أحق. فقلت: يا رسول الله وأنا من أهلك. فقال: وأنت من أهلي. قال واثلة: إنها لمن أرجى ما أرجو (ش، كر). عن واثلة رضي الله عنه: إن رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلم جمع فاطمة وعليا والحسن والحسين رضي الله عنهم تحت ثوبه وقال: اللهم قد جعلت صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، اللهم إن هؤلا مني وأنا منهم فاجعل صلواتك ورحمتك ومغفرتك ورضوانك علي وعليهم. قال واثلة: وكنت على الباب، فقلت: وعلي يا رسول الله بأبي أنت وأمي! قال: اللهم وعلى واثلة (الديلمي). وقالا أيضا في ص 477: عن أم سلمة رضي الله عنها: إن رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها: ائتيني بزوجك وابنيك، فجاءت بهم، فألقى عليهم رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلم كسأ كان تحتي خيبريا أصبناه من خيبر، ثم رفع يديه فقال:

ص 4

اللهم إن هؤلا آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلم من يدي وقال: إنك على خير (ع، كر). عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: اعتنق رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلم عليا وفاطمة بيده، وحسنا وحسينا رضي الله عنهما بيده، وعطف عليهم خميصة كانت عليهم سوداء، وقبل عليا وقبل فاطمة ثم قال: اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي. قلت: وأنا. قال: وأنت (طب). وقالا أيضا في ص 478: عن أنس رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر ببيت فاطمة رضي الله عنها ستة أشهر إذا خرج إلى الفجر فيقول: الصلاة يا أهل البيت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهلا البيت ويطهركم تطهيرا) (ش). وقالا أيضا في ج 6 ص 134: عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم عداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود، فجاء الحسن فأدخله معه، ثم جاء الحسين فأدخله معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (ش). وقالا أيضا في ص 167: عن أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلم قال لفاطمة: ائتيني بزوجك وابنيك، فجاءت بهم، فألقى عليهم رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلم كساء كان تحتي خيبريا أصبناه من خيبر، ثم رفع يديه فقال: اللهم إن هؤلاء آل محمد فجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه رسول الله صلى الله عليه

ص 5

وسلم من يدي وقال: إنك على خير (ع، كر). وقالا أيضا في ص 289: عن زينب بنت أبي سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمكان عند أم سلمة، فجعل الحسن من شق والحسين من شق وفاطمة رضي الله عنهم في حجره فقال: رحمة الله وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد. وأنا وأم سلمة نائمتين، فبكت أم سلمة فنظر إليها رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمفقال: ما يبكيك؟ فقالت: خصصتهم وتركتني وابنتي. فقال: أنت وابنتك من أهل البيت (كر). عن أم سلمة رضي الله عنها: إن رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمكان عندها، فجاءت الخادم فقالت: علي وفاطمة بالسدة، فقال: تنحي لي عن أهل بيتي، فتنحيت في ناحية البيت، فدخل علي وفاطمة وحسن وحسين رضي الله عنهم، فوضعهما في حجره، وأخذ عليا بإحدى يديه فضمه إليه، وأخذ فاطمة باليد الأخرى فضمها إليه وقبلها، وأغدف خميصة سوداء ثم قال: اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي! فناديته فقلت: وأنا يا رسول الله. قال: وأنت (ش). عن أم سلمة رضي الله عنها: أن رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمقال لفاطمة رضي الله عنها: ائتيني بزوجك وابنيك، فجاءت بهم، فألقى عليهم رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمكساء كان تحتي خيبريا أصبناه من خيبر، ثم رفع يديه فقال: اللهم إن هؤلا آل محمد، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. فرفعت الكساء لأدخل معهم: فجذبه رسول الله صلى الله عليه وسم من يدي وقال: إنك على خير (ع، كر). وقالا أيضا في ص 290: عن أنس رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر ببيت فاطمة ستة

ص 6

أشهر إذا خرج إلى الفجر فيقول: الصلاة يا أهل البيت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) (ش). ومنهم العلامة الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق ابن موسى الاصبهاني الشافعي في (ما نزل من القرآن في علي عليه السلام) (ص 175 ط طهران) قال: حدثنا أحمد بن علي بن الحارث المرهبي وزيد بن علي المقرئ، قالا حدثنا القاسم ابن محمد بن حماد الدلال، قال حدثنا مخول بن إبراهيم، قال حدثنا عبد الجبار ابن العباس الشبامي الشيباني، عن عمار الدهني، عن عمرة بنت أفعى، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: نزلت هذه الآية في بيتي (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وفي البيت سبعة جبرئيل وميكائيل عليهما السلام ورسول الله صلى الله عليه وآله وعلي والحسن والحسين وفاطمة عليهم السلام وأنا على باب البيت فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال: أنت على خير، إنك من أزواج النبي صلى الله عليه وآله، وما قال: إنك من أهل البيت. وفي ص 178 قال: حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني، قال حدثنا الحسين بن إسحاق، قال حدثنا عثمان بن أبي شيبة، قال حدثنا جرير، عن الأعمش، عن جعفر بن عبد الرحمن، عن حكيم بن سعد، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: نزلت هذه الآية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) في رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلى الله عليهم أجمعين. [قال المؤلف: وهذا الحديث] حدثنا [به سليمان بن أحمد] في [كتابه] المعجم الكبير.

ص 7

وفي ص 179: حدثنا سليمان بن أحمد، قال حدثنا ابن زهير التستري، قال حدثنا عبد الرحمن ابن محمد بن منصور بن أبي الأسود، قال حدثنا الأعمش، عن حبيب بن أبي ثابت عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أخذ ثوبا فجلله على علي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ثم قرأ هذه الآية: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). ومنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن المعدني خبون المغربي القاسي المالكي المتوفى بعد سنة 1278 في كتابه (الدرر المكنونة في النسبة الشريفة الصونة) (ط دار الطباعة بالمغرب) قال: قال الله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) أكثر المفسرين كما قال ابن حجر الهيتمي في (الصواعق المحرقة) على أنها نزلت في علي وفاطمة والحسن والحسين. وقال أيضا في ص 180: حدثنا أبو بكر بن خلاد، قال حدثنا محمد بن عثمان، قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن ميمون، قال حدثنا علي بن عابس، عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف، عن عطية، عن أبي سعيد. و[عن] الأعمش، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري قال: نزلت هذه الآية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) في خمسة في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين صلى الله عليهم. وقال أيضا في ص 181: حدثنا صالح بن يوسف الأنباري، قال حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة،

ص 8

قال حدثنا عبد الملك، قال حدثنا عبد الرحيم بن هارون، قال حدثنا هارون بن سعد، قال حدثنا عطية، قال سألت أبا سعيد [الخدري] عن أهل البيت الذين قال الله عز وجل فيهم (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) الآية، فذكر النبي صلى الله عليه وآله عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. ومنهم العلامة الشيخ جمال الدين أبو حجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن بن يوسف الكلبي المزني المتوفى سنة 742 في كتابه (تهذيب الكمال) (ج 2 ص 81) قال: بإسناده عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة قالت: إن النبي صلى الله عليه وسلم جلل عليا وحسنا وحسينا وفاطمة كساء ثم قال: اللهم هؤلا أهل بيتي وخاصتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. قالت أم سلمة: قلت: يا رسول الله أنا منهم؟ قال: إنك إلى خير. ومنهم العلامة المفسر الشيخ أبو إسحاق أحمد بن محمد بن إبراهيم النيسابوري الثعلبي المتوفى سنة 434 وقيل 427 في تفسيره (الكشف والبيان) (في تفسير سورة طه) قال: وقال جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه: طه طهارة أهل بيت محمد صلى الله عليه وسلم (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). ومنهم العلامة شمس الدين محمد بن عثمان الذهبي الدمشقي الشافعي المتوفى سنة 748 في (سير أعلام النبلاء) (ط مؤسسة الرسالة في بيروت ج 3 ص 385) قال: صدقة بن خالد، حدثنا زيد بن واقد، عن بسر بن عبيد الله، عن واثلة، قال:

ص 9

كما أصحاب الصفة ما منا رجل له ثوب تام، ولقد اتخذ العرق في جلودنا طرقا من الغبار، إذ أقبل علينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ليبشر فقرأ المهاجرين. الأوزاعي: حدثنا أبو عمار - رجل منا -، حدثني واثلة بن الأسقع، أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حسنا وحسينا وفاطمة ولف عليهم ثوبه وقال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) اللهم هؤلا أهلي. قال واثلة: فقلت يا رسول الله وأنا من أهلك؟ قال: وأنت مع أهلي. قال: فإنها لمن أرجى ما أرجو. هذا حديث حسن غريب. وقال أيضا في ج 10 ص 346: أنبأنا جماعة عن أسعد بن روح، أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله، أخبرنا ابن ريذة، أخبرنا سليمان بن أحمد، حدثنا أبو خليفة، حدثنا أبو الوليد الطيالسي، حدثنا عبد الحميد بن بهرام، حدثنا شهر، سمعت أم سلمة تقول: جاءت فاطمة غدية بثريد لها تحملها في طبق، حتى وضعتها بين يديه صلى الله عليه وسلم، فقال لها: أين ابن عمك؟ قالت هو في البيت. قال: ادعيه وائتيني بابني. قالت: فجاءت تقود ابنيها كل واحد منهما في يد وعلي يمشي في أثرها حتى دخلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأجلسهما في حجره وجلس علي على يمينه وجلست فاطمة عن يساره. قالت أم سلمة: فأخذت من تحتي كساء كان بساطنا على المنامة في البيت ببرمة فيها خزيرة، فجلسوا يأكلون من تلك البرمة، وأنا أصلي في تلك الحجرة، فنزلت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فأخذ فضل الكساء فغشاهم ثم أخرج يده اليمنى من الكساء وألوى بها إلى السماء ثم قال: اللهم هؤلا أهل بيتي وحامتي. قالت: فأدخلت رأسي فقلت: يا رسول الله وأنا معكم؟ قال: أنت إلى خير.

ص 10

مرتين. رواه الترمذي مختصرا، وصححه من طريق الثوري عن زبيد عن شهر بن حوشب. ومنهم العلامة الشريف أبو المعالي المرتضى الحسيني البغدادي في (عيون الأخبار في مناقب الأخيار) (ص 41 نسخة مكتبة الواتيكان) قال: أخبرنا الشيخ الصالح أبو ظاهر عبد الغفار بن محمد بن جعفر المكتب، أنبأ أحمد ابن شعيب البخاري، نبأ صالح بن محمد جررة بن حبيب بن حيان بن أبي الأشرس، حدثني معمر بن زائدة قائد الأعمش، عن الأعمش، عن حفص بن أياس، عن شهر ابن حوشب، عن أم سلمة قال: أتيتها فسألتها عن علي رضي الله عنه، فقالت: ومن مثله يسأل؟ فقلت: فكيف بمن يسبه ويسب من يحبه، فبكت وبكيت لبكائها، ثم قالت رضي الله عنها: ثكلتني أمي أيسب النبي عليه السلام وأنتم أحياء. قلت: ليس يعنون رسول الله إنما يسبون عليا. فقالت: أليس يسبون عليا ويسبون من يحبه. فقلت: بلى. فقالت: والله لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وهو يحبه ونزلت هذه الآية ورسول الله مشجى بثوب أبيض (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فأمرني ألا أدع أحدا يدخل عليه، فأغفيت فجاء الحسن والحسين حتى دخلا عليه، ثم جاء علي وفاطمة رضي الله عنهم حتى دخلا عليه، وأخذ كساء كنا نلبسه أحيانا ونبسطه أحيانا فغطاه عليهم ثم قال: رب هؤلا حامتي وأهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. فقال النبي عليه السلام باصبعه فأدارها عليهم. قلت: يا رسول الله وأنا منهم، فسكت ثم أعدتها ثلاثا، فقال: إنك إلى خير. قالت: فوالله ما زادني بعد ثالثة على أن قال: إنك إلى خير.

ص 11

وفي ص 42 قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم البزاز، أنبأ أبو بكر محمد بن علي بن إبراهيم المقرئ، نبأ موسى بن إسحق، نبأ محمد بن عبد الله بن نمير، نبأ عبيد الله ابن سعيد، عن سفيان، عن زيد، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة عن النبي عليه السلام في قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) نزلت في علي وحسن وحسين وفاطمة رضي الله عنهم. وقال أيضا: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله المعدل، أنبأ أبو علي أحمد ابن الفضل بن خزيمة، أنبأ أبو عيسى موسى بن هرون الطوسي إملاء، نبأ معاوية ابن عمر، نبأ فضيل بن مرزوق، نبأ عطية، عن أبي سعيد، عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس) الآية. قالت: وأنا جالسة على باب البيت، قالت: قلت يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ فقال عليه السلام: إنك إلى خير، إنك من أزواج رسول الله. قالت: وفي البيت رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم. وفي ص 43 قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان ابن حرب بن مهران البزار، أنبأ أبو بكر أحمد بن سليمان بن أيوب بن صبيح العباداني، نبأ محمد بن عبد الملك الرفيفي، نبأ يزيد بن هارون، نبأ عبد الملك بن أبي سليمان، عن عطاء، عن أم سلمة. وعن أبي ليلى الكندي عن أم سلمة. وعن واقد ابن أبي هند، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة قالت: نبئنا النبي عليه السلام على منامة عليه كساء خيبري إذ جاءته فاطمة رضي الله عنها ببرمة فيها حرير، فقال لها رسول الله: ادعي زوجك وابنيك. قالت: فاجتمعوا على تلك البرمة يأكلون منها،

ص 12

فنزلت هذه الآية وأنا أصلي في الحجرة (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا)، فأخذ رسول الله صلى الله عليه فضل الكساء فغشاهم إياه ثم أخرج يديه فألوى بهما نحو السماء فقال: اللهم هؤلا أهل بيتي وحامتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا - قالها مرتين. قالت: فأدخلت رأسي في الكساء فقلت: يا رسول الله وأنا معهم. قال: إنك إلى خير، أنك إلى خير. قالت: هم خمسة تحت الكساء رسول الله وفاطمة وعلي والحسن والحسين رضي الله عنهم. ومنهم الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي المتوفى سنة 742 في كتابه (تحفة الاشراف بمعرفة الأطراف) (ج 8 ص 130 ط بيروت) قال: حديث: لما نزلت هذه الآية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم) الحديث، ت في التفسير (34 الأحزاب: 8) وفي المناقب (105: 2) عن قتيبة بن سعيد، عن محمد بن سليمان ابن الاصبهاني، عن يحيى بن عبيد، عنه به، وقال: غريب من هذا الوجه. ومنهم العلامة حسام الدين المردي الحنفي في كتابه (آل محمد) (ص 14) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا وعلي والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهرون معصومون. رواه في مودة القربى والحمويني هما يرفعه بسنديهما عن اصبغ بن نباتة.

ص 13

ومنهم العلامة عبد الله بن نوح الجيانجوري في (الإمام المهاجر) (ص 214 ط دار الشروق بجدة) قال: وفي فضل القرابة والال المنتمين إليه صلى الله عليه وسلم وردت آيات وأحاديث، فمن الآيات قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). قال العلماء: هذه الآية منبع فضائل أهل البيت لاشتمالها على غرر مآثرهم واعتناء الباري بهم حيث أنزلها في حقهم. وفي ص 207 قال: وقال الله تعالى في كتابه (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وحرم الله عليهم الصدقة لأنها أوساخ الناس. وفي ص 224 قال: أما أهل البيت فقيل نساؤه وأهل بيته نسبة، وقيل بنو هاشم، وقيل علي وفاطمة وابناهما، وهو المعتمد الذي عليه الجمهور، ويدل على ذلك ما في مسلم أنه صلى الله عليه وسلم خرج ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن فأدخله تحته، ثم الحسين فأدخله، ثم فاطمة فأدخلها، ثم علي فأدخله ثم قال (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). والترمذي عن عمر بن أبي سلمة ربيب رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمقال: نزلت هذه الآية على النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أم سلمة، فدعا رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمفاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره، ثم قال: اللهم هؤلا أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس. قالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: أنت على مكانك وأنت على خير. أشار المحب الطبري إلى أن هذا الفعل تكرر منه صلى الله عليه وسلم، وبه

ص 14

يجتمع اختلاف الروايات في هيئة اجتماعهم وما جللهم به وما دعا به لهم وما أجاب به أم سلمة - الخ ما ذكره. ومنهم العلامة شهاب الدين أحمد الحسيني الشافعي في كتابه (توضيح الدلائل) (ص 165 والنسخة مصورة من المكتبة (الملي) بفارس) قال: قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). وبالاسناد المذكور عن أم سلمة رضي الله تعالى عنها قالت: أنزلت هذه الآية في بيتي، قالت: وأنا جالسة على باب البيت، فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال صلى الله عليه وآله وبارك وسلم: أنت على خير، إنك من أزواج النبي. قالت: في البيت رسول الله صلى الله عليه وآله وبارك وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين. رواه الصالحاني، ورواه أيضا جماعة من المفسرين والمحدثين. ومنهم الشريف السيد عبد الله بن محمد الصديق بن أحمد الحسني الادريسي المؤمني العماري الطنجي المعاصر المولود بثغر طنجة سنة 1328 في (الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج) (ص 111 ط عالم الكتب في بيروت سنة 1405) قال: قوله: وهم علي وفاطمة وابناهما رضوان الله عليهم لأنها لما نزلت لف عليه الصلاة والسلام عليهم كساء وقال: هؤلا أهل بيتي - ابن جرير والحاكم والبيهقي في السنن، من طرق عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: نزلت في بيتي هذه الآية (إنما

ص 15

يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت). قالت: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى علي وفاطمة والحسن والحسين رضوان الله عليهم أجمعين فقال: اللهم هؤلا أهل بيتي. قال أم سلمة: يا رسول الله ما أنا من أهل البيت؟ قال: إنك أهلي خير وهؤلاء أهل بيتي. قال الحاكم على شرط البخاري وأقره الذهبي. وأخرج الترمذي من طريق عطاء بن أبي رباح عن عمر بن أبي سلمة ربيب النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لما نزلت هذه الآية على النبي (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) في بيت أم سلمة دعا فاطمة وحسنا وحسينا فجللهم بكساء وعلي خلف ظهره فجلله بكساء، ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. قالت أم سلمة: وأنا معهم يا نبي الله؟ قال: أنت على مكانك وأنت على خير. قال الترمذي: غريب من هذا الوجه من حديث عطاء عن عمر بن أبي سلمة. وأخرج أحمد وابن أبي شيبة والطبراني والحاكم والبيهقي عن واثلة بن الأسقع قال: أتيت عليا فلم أجده، فجاء هو والنبي صلى الله عليه وآله وسلم فدخلت معهما، فدعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الحسن والحسين فأقعدهما على فخذيه وأدنى فاطمة من حجره وزوجها، ثم لف عليهم ثوبا وقال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أهل بيتي أحق. قال الحاكم: على شرط مسلم وأقره الذهبي. وروى أحمد ومسلم وابن أبي شيبة والحاكم عن عائشة رضي الله عنها قالت: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن والحسين فأدخلهما معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها معهما، ثم جاء علي فأدخله معهم، ثم قال (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). قال الحاكم: على شرط الشيخين وأقره الذهبي. وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: نزلت هذه الآية

ص 16

في خمسة (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) في وفي علي وفاطمة والحسن والحسين. رواه البزار وفيه بكير بن يحيى بن زبان، قال الحافظ الهيثمي: ضعيف. وللطبراني عنه موقوفا: نزلت هذه الآية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين، نزلت في بيت أم سلمة. وعن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمر بباب فاطمة ستة أشهر لصلاة الفجر يقول: الصلاة يا أهل البيت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). رواه أحمد والترمذي وقال: حسن غريب. ومنهم العلامة المؤرخ تقي الدين أبو محمد أحمد بن علي بن عبد القادر المقريزي المتوفى سنة 845 في كتابه (معرفة ما يجب لآل البيت النبوي من الحق على من عداهم) ويقال له كتاب (فضل آل البيت) (وقال في ص 20 في ذيل آية التطهير ما لفظه): واختلف أهل التأويل في الذين عنوا بقوله تعالى (أهل البيت)، فقال بعضهم عني به رسول الله وعلي وفاطمة الحسن والحسين رضي الله عنهم، ثم ذكر حديث مندل عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمنزلت هذه الآية في وفي علي وحسن وحسين وفاطمة (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). أقول: وذكر الطبري الخبر في تفسيره ج 5 ص 22. ومن حديث زكريا، عن مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة قالت: قالت

ص 17

عائشة رضي الله عنها: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن فأدخله معه، ثم قال (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). ومن حديث حماد بن سلمة عن علي بن زيد، عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر كلما خرج إلى الصلاة فيقول: الصلاة أهل البيت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). أقول: وذكره الترمذي في سننه وفي تحفة الأحوذي شرح الترمذي. ومن حدث زيد عن شهر بن حوشب عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم عندي وعلي وفاطمة والحسن والحسين، فجعلت لهم (خزيرة) (1) فأكلوا وناموا وغطى عليهم كساء أو قطيفة ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. أقول: هذا الخبر مذكور أيضا في تفسير الطبري ج 6 ص 22. ومن حديث يونس بن أبي إسحاق قال أخبرني أبو داود، عن أبي الحمراء قال: رابطت المدينة سبعة أشهر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم. قال: رأيت النبي إذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة رضي الله عنهما فقال: الصلاة الصلاة (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). أقول: وذكره الطبري في تفسيره ج 6 ص 22. ومن حديث أبي نعيم الفضل بن دكين قال: حدثنا عبد السلام بن حرب، عن كلثوم المحاربي، عن أبي عمار قال: إني لجالس عند واثلة بن الأسقع إذ ذكروا عليا رضي الله عنه فشتموه، فلما قاموا قال: اجلس حتى أخبرك عن هذا الذي

(هامش)

(1) الخزيرة: غذاء يطبخ من اللحم والدقيق، وإذا لم يجعل فيه اللحم يقال له (العصيدة). (*)

ص 18

شتموه، إني كنت عند رسول الله إذ جاءه علي وفاطمة وحسن وحسين فألقى عليهم كساء له ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. أقول: الخبر مذكور في تفسير الطبري ج 6 ص 22. ومن حديث الوليد بن مسلم قال: ابن عمرو (أبو عمرو خ ل)، قال حدثني شداد أبو عمار، قال سمعت واثلة بن الأسقع يحدث قال: سألت عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه في منزله، فقالت فاطمة رضي الله عنها: قد ذهب يأتي برسول الله إذ جاء فدخل رسول الله على الفراش وأجلس فاطمة عن يمينه وعليا عن سياره وحسنا وحسينا رضوان الله عليهم بين يديه، فلف عليهم بثوبه وقال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) اللهم هؤلاء أهلي، اللهم أهلي أحق. أقول: الخبر مذكور في الطبري ج 6 ص 22. ومن حديث وكيع، عن عبد الحميد بن بهرام، عن شهر بن حوشب، عن فضل بن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد الخدري، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: لما نزلت هذه الآية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) دعى رسول الله عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فجلل عليهم بكساء خيبري وقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. قالت أم سلمة: ألست منهم؟ قال: وأنت إلى خير. أقول: الخبر مذكور في تفسير الطبري ج 6 وفي مسند أحمد ج 4 ص 107 وفي مجمع الزوائد ج 9 ص 167. ومن حديث سعيد بن زربي، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاءت فاطمة رضي الله عنها إلى رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمببرمة لها قد صنعت فيها عصيدة تحملها على طبق فوضعتها بين يديه، فقال: أين ابن عمك وابناك؟ فقالت: في البيت. فقال: ادعيهم، فجاءت عليا فقالت:

ص 19

أجب النبي أنت وابناك. قالت أم سلمة: فلما رآهم مقبلين مد يده إلى كساء كان على المنامة فمده وبسطه فأجلسهم عليه، ثم أخذ بأطراف الكساء الأربعة بشماله فضمه فوق رؤسهم وأومأ بيده اليمنى إلى ربه تعالى ذكره ثم قال: اللهم هؤلاء أهل البيت فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. أقول: الخبر مذكور أيضا في تفسير الطبري ج 7 ص 22. ومن حديث ابن مرزوق، عن عطية، عن أبي سعيد، عن أم سلمة زوج النبي أن هذه الآية نزلت في بيتها (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). قالت: وأنا جالسة على باب البيت فقلت: يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال: إنك إلى خير، أنت من أزواج النبي. قالت: وفي البيت رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم. أقول: الخبر مذكور في تفسير الطبري أيضا ج 7 ص 22. وقال أيضا في ص 26: ومن حديث هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن عبد الله بن وهب ابن زمعة قال: أخبرتني أم سلمة رضي الله عنها إن رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمجمع فاطمة والحسن والحسين رضي الله عنهم، ثم أدخلهم تحت ثوبه ثم جاء إلى الله تعالى وقال: هؤلاء أهل بيتي. فقالت أم سلمة: يا رسول الله أدخلني معهم. قال: إنك من أهلي. أقول الخبر مذكور في تفسير الطبري ج 7 ص 22 وفي كتاب تحفة الأحوذي شرح الترمذي ج 9 ص 66. ومن حديث محمد بن سليمان الاصبهاني، عن يحيى بن عبيد المكي، عن عطاء بن أبي رياح، عن عمر بن أبي سلمة (ربيب) النبي (ص) قال: نزلت هذه الآية على النبي وهو في بيت أم سلمة (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل

ص 20

البيت ويطهركم تطهيرا)، فدعا حسنا وحسينا وفاطمة فأجلسهم بين يديه، ودعا عليا فأجلسه خلفه، فتجلل هو وهم بالكساء ثم قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. قالت أم سلمة: أنا معهم؟ قال: أنت على مكانك، وأنت على خير. أقول: الخبر مذكور في تفسير الطبري ج 7 ص 22 وفي تحفة الأحوذي ج 9 ص 66. ومن طريق السدي عن أبي الديلم قال: قال علي بن الحسين لرجل من أهل الشام: أما قرأت الأحزاب (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) قال: ولأنتم هم؟ قال: نعم. أقول: والخبر مذكور في تفسير الطبري ج 8 ص 22. ومن حديث بكير بن أسماء قال: سمعت عامر بن وهب قال: قال سعد: قال رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمحين نزل الوحي فأخذ عليا وابنيه وفاطمة فأدخلهم تحت ثوبه ثم قال: رب هؤلاء أهلي وأهل بيتي. أقول: الخبر مذكور في تفسير الطبري ج 8 ص 22. ومن حديث عبد الله بن عبد القدوس، عن الأعمش، عن حكيم بن سعد قال: ذكرنا علي بن أبي طالب عند أم سلمة رضي الله عنها، فقالت: في بيتي نزلت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). قالت أم سلمة جاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيتي فقال: لا تأذني لأحد، فجاءت فاطمة رضي الله عنها فلم أستطع أن أحجبها عن أبيها، ثم جاء الحسن رضي الله عنه فلم أستطع أن أمنعه أن يدخل على جده وأمه، ثم جاء الحسين فلم أستطع أن أحجبه، فاجتمعوا حول النبي على بساط، فجللهم النبي بكساء كان عليه ثم قال: هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا على البساط. قالت

ص 21

أم سلمة: فقلت: يا رسول الله وأنا؟ قالت: فوالله ما أنعم وقال: إنك على خير. أقول: الخبر مذكور في تفسير الطبري ج 8 ص 22. وقال المقريزي في كتابه المذكور ص 29 ما لفظه: وقال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نزلت هذه الآية (أي آية تطهير) في خمسة في وفي علي وفاطمة والحسن والحسين. أقول: وذكر هذا الخبر في تفسير الطبري ج 5 ص 22. ومنهم العلامة الحافظ أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الشافعي المولود سنة 384 والمتوفى سنة 458 في كتاب (دلائل النبوة) (ج 1 ص 170 طبع دار الكتب العربية في بيروت) قال: وأخبرنا أبو الحسين بن الفضل، قال أخبرنا عبد الله بن جعفر، قال حدثنا يعقوب ابن سفيان، قال حدثني يحيي بن عبد الحميد، قال حدثنا قيس، عن الأعمش، عن عباية بن ربعي، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قسم الخلق قسمين فجعلني في خيرهما قسما، وذلك قوله (وأصحاب اليمين) و(أصحاب الشمال) فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين. ثم جعل القسمين أثلاثا فجعلني في خيرها ثلثا، فذلك قوله تعالى (فأصحاب الميمنة) (والسابقون السابقون) فأنا من السابقين وأنا خير السابقين. ثم جعل الأثلاث قبائل، فجعلني في خيرها قبيلة، وذلك قوله تعالى (وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير) وأنا أتقى ولد آدم وأكرمهم على الله ولا فخر. ثم جعل القبائل بيوتا فجعلني في خيرها بيتا، وذلك قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) فأنا وأهل بيتي مطهرون من الذنوب.

ص 22

ومنهم العلامة الشيخ أبو الفضل محمد بن جمال الدين عبد الله العاقولي الشافعي في كتاب (الرصف لما روي عن النبي من الفضل والوصف) (ص 328 ط الكويت) قال: عن عائشة قالت: خرج رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلموعليه مرط مرجل أسود، فجاء الحسن فأدخله ثم جاء الحسين فأدخله ثم جاءت فاطمة فأدخلها ثم جاء علي فأدخله، ثم قال: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) أخرجه مسلم. ومنهم العلامة شمس الدين محمد بن يوسف الزرندي المتوفى 750 في (بغية المرتاح إلى طلب الأرباح) (ص 90 والنسخة مصورة من مخطوطة إحدى مكاتب لندن) قال: فلما نزلت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) الآية، دعى رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمفاطمة وعليا والحسن والحسين في بيت أم سلمة وقال: اللهم إن هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. ومنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي الأندلسي المتوفى سنة 488 في كتابه (الجمع بين الصحيحين) (ج 4 ص 114، والنسخة من مخطوطة مكتبة جستربيتي بايرلندة) قال: عن مصعب بن شيبة، عن صفية بنت شيبة، عن عائشة قالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط مرجل من شعر أسود - لم يزد في كتاب

ص 23

اللباس على هذا - وأخرجه بطوله في موضع آخر من كتابه (والظاهر أن الضمير يرجع إلى البخاري) من حديث محمد بن بشر عن زكريا بن أبي زائدة قالت: خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن بن علي فأدخله، ثم جاء الحسين فدخل معه، ثم جاءت فاطمة فأدخلها، ثم جاء علي فأدخله، ثم قال (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). وليس لمصعب بن شيبة عن صفية في مسند عائشة من الصحيح غير هذا. ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ محمد أيمن بن عبد الله بن حسن الشبراوي القويسني في (فهرس أحاديث كشف الأستار) (ص 121 ط بيروت سنة 1408) قال: نزلت هذه الآية في خمسة (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت). ومنهم الحافظ أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني المتوفى سنة 360 في (المعجم الكبير) (ج 22 ص 200 ط بغداد) قال: حدثنا محمد بن الحسين الأنماطي، ثنا سعيد بن سليمان الواسطي، قال سمعت منصور بن أبي الأسود، يقول سمعت أبا داود، يقول سمعت أبا الحمراء، يقول: رأيت رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلميأتي باب علي وفاطمة ستة أشهر فيقول (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). وقال أيضا في ص 402: حدثنا علي بن عبد العزيز وأبو مسلم الكشي، قالا ثنا حجاج بن المنهال، ثنا

ص 24

حماد بن سلمة، أنا علي بن زيد، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمكان يمر ببيت فاطمة ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الصبح ويقول (الصلاة إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). ومنهم العلامة الشيخ أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجاني الشافعي المتوفى سنة 365 ه‍ في (الكامل في الرجال) (ج 3 ص 1107 ط بيروت) قال: أنا عمر بن سنان، ثنا إبراهيم بن سعيد، ثنا حسين بن محمد، عن سليمان بن قرم، عن عبد الجبار بن العباس، عن عمار الدهني، عن عقرب، عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) وفي البيت سبعة: رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلموجبرئيل وميكائيل وعلي وفاطمة والحسن والحسين. وقال أيضا في ج 5 ص 1842: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي سويد، ثنا سليمان بن حرب، ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أنس بن مالك قال: شهدت رأس الحسين بن علي عليه السلام حين جئ به إلى عبيد الله بن زياد، فجعل ينكت ثناياه بالقضيب ويقول: إنه كان لحسن الثغر. قال: قلت أما والله لأسؤنك، لقد رأيت رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلميقبل موضع قضيبك من فيه. حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز، ثنا عبيد الله الأشجعي، ثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أنس بن مالك أن رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمكان يمر بباب فاطمة بعد أن بنى فيها علي فيقول: الصلاة الصلاة، إنما يريد الله ليذهب

ص 25

عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). وقال أيضا في ص 1917: أخبرنا أبو يعلى، قال ثنا حوثرة بن أشرس، قال أخبرني عقبة بن عبد الله الرفاعي الأصم، عن شهر بن حوشب، عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أن رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمقال لفاطمة: ائتيني بزوجك وابنيك فجأته بهم فألقى عليهم رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمكساء كان علي خيبريا أصبناه من خيبر، فقال: اللهم هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد كما جعلتها على إبراهيم إنك حميد مجيد. قالت أم سلمة: فرفعت الكساء لأدخل معهم، فجذبه رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلممن يدي قال: إنك على خير. وقال أيضا في ص 1921: حدثنا علي بن سعيد بن بشير، قال ثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي، ثنا عبد الرحيم بن هارون الغساني، ثنا هارون بن سعد، قال حدثني عطية العوفي، قال: سألت أبا سعيد الخدري، عن أهل هذا البيت (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) الآية، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم وفاطمة وحسن وحسين. وقال أيضا في ص 1963: حدثنا عمر بن سنان: ثنا إبراهيم بن سعيد، قال ثنا حسين بن محمد، عن سليمان بن قرم، عن عبد الجبار بن العباس، عن عمار الدهني، عن عقرب، عن أم سلمة قالت: نزلت هذه الآية في بيتي (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت)، وفي البيت سبعة: رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلموجبريل وميكائيل وعلي وفاطمة وحسن وحسين عليهم السلام.

ص 26

وقال أيضا في ج 6 ص 2087: وبإسناده عن أبي سعيد قال: نزلت هذه الآية في خمسة فقرأها وسماهم (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) في رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلموعلي وفاطمة والحسن والحسين. وقال أيضا في ص 2217: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن يونس، حدثنا سويد بن سعيد، حدثنا محمد ابن عمر الكلاعي، عن إسحاق بن يزيد، عن البراء بن عازب قال: دخل علي وفاطمة والحسن والحسين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج النبي فقال بردائه عليهم، فقال: اللهم هؤلاء عترتي. وقال أيضا في ج 7 ص 2524: ثنا أبو عروبة الحراني، ثنا محمد بن سعيد الأنصاري، ثنا مخلد يعني ابن يزيد، عن يونس يعني ابن أبي إسحاق، عن بقيع بن الحارث، قال حدثني أبو الحمراء، قال: رابطة بالمدينة سبعة أشهر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فرأيت رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمإذا طلع الفجر جاء إلى باب علي وفاطمة فقال: الصلاة الصلاة، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). وقال أيضا في ص 2588: ثنا علي بن سعيد الرازي وأحمد بن يحيى بن زهير، قالا ثنا محمد بن عبد الملك الدقيقي، ثنا عبد الرحيم بن هارون الغساني، ثنا هارون بن سعد، حدثنا عطية العوفي: سألت أبا سعيد عن هذه الآية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت

ص 27

ويطهركم تطهيرا) قال: النبي صلى الله عليه وسلم وعلي وفاطمة والحسن والحسين. ومنهم العلامة جمال الدين بن مكرم الأنصاري صاحب كتاب لسان العرب المتوفى سنة 710 في (مختصر تاريخ دمشق) (والنسخة مصورة من إحدى مكاتب اسلامبول ج 7 ص 5). عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في بيتها فأتته فاطمة صلوات الله عليه ببرمة فيها خزيرة، فدخلت بها إليه، فقال لها: ادعي زوجك وابنيك، فجاء علي وحسن وحسين فدخلوا عليه، فجلسوا يأكلون من تلك الخزيرة وهو على منام له على دكان تحته كساء خيبري، قالت: وأنا في الحجرة أصلي، فأنزل الله هذه الآية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). قالت: فأخذ فضل الكساء فغشاهم به ثم أخرج يده وأومى بها إلى السماء ثم قال: هؤلاء أهل بيتي وخاصتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا. قالت: فأدخلت رأسي في البيت فقلت: وأنا معكم يا رسول الله. قال: إنك إلى خير، إنك إلى خير. وعن أبي سعيد قال: نزلت هذه الآية في خمسة نفر وسماهم (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) في رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين. وقال أيضا في ج 17 ص 130: لما نزلت هذه الآية (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) دعا رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمعليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم هؤلاء أهلي.

ص 28

ومنهم العلامة الشيخ علي بن الحسن الشافعي المشتهر بابن عساكر المتوفى سنة 571 في (تاريخ دمشق) (ج 1 ص 250 ط بيروت) قال: أخبرنا أبو غالب بن البنا، أنبأنا أبو الحسين بن النرسي، أنبأنا موسى بن عيسى بن عبد الله السراج، أنبأنا عبد الله بن سليمان، أنبأنا إسحاق بن إبراهيم شاذان، أنبأنا الكرنان بن عمرو، أنبأنا سالم بن عبد الله أبو حماد، أنبأنا عطية العوفي، عن أبي سعيد الخدري، عن النبي صلى الله عليه وسلم حين نزلت (وأمر أهلك بالصلاة واصطبر عليها): كان يجئ نبي الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت علي صلاة الغداة ثمانية أشهر ويقول: الصلاة رحمكم الله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن أحمد، أنبأنا عبد الرحمن بن أحمد ابن الحسن، أنبأنا جعفر بن عبد الله، أنبأنا محمد بن هارون الروياني، أنبأنا أبو كريب، أنبأنا معاوية بن هشام، عن يونس بن أبي إسحاق، عن أبي داود، عن أبي الحمراء، قال: أقمت بالمدينة سبعة أشهر كيوم واحد، كان رسول الله (ص) يجئ كل غداة فيقوم على باب فاطمة يقول: الصلاة (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). أخبرنا أبو القاسم الحسين بن علي بن الحسين الزهري، وأبو الفتح المختار ابن عبد الحميد، وأبو المحاسن أسعد بن علي، قالوا أنبأنا أبو الحسن عبد الرحمن ابن محمد بن المظفر، أنبأنا عبد الله بن أحمد بن حمويه، أنبأنا إبراهيم بن خزيم، أنبأنا عبد بن حميد، حدثني الضحاك بن مخلد، حدثني أبو داود، حدثني أبو الحمراء قال: صحبت رسول الله (ص) تسعة أشهر فكان إذا أصبح أتى باب علي وفاطمة وهو يقول: يرحمكم الله (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم

ص 29

تطهيرا). ومنهم العلامة أبو حفص عمر بن أحمد البغدادي المشتهر بابن شاهين في (فضائل الزهراء) (ص 39 ط بيروت) قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، حدثنا عبيد الله بن محمد العيشي، حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن أنس بن مالك: إن رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمكان يمر ببيت فاطمة بعد أن بنا بها علي رضي الله عنه بستة أشهر يقول: الصلاة (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا).

ص 30

الآية الثانية قوله تعالى

(ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) (سورة البقرة: 207)

قد تقدم ما ورد في نزولها من الأحاديث الشريفة في شأن سيدنا الأمير علي بن أبي طالب عليه السلام في ج 3 ص 23 وج 14 ص 116 وج 20 ص 109 عن جماعة من أعلام العامة، ونستدرك هنا عن الكتب التي لم ننقل عنها: فمنهم العلامة المعاصر الشيخ محمد توفيق بن علي البكري الصديقي المتوفى سنة 1351 في كتابه (بيت الصديق) (ص 272 ط مصر) قال: وهو [أي علي بن أبي طالب] الذي نزلت فيه آية (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله)، وسبب نزول هذه الآية أن النبي صلى الله عليه وسلم حينما أراد الهجرة خلف عليا بمكة لقضاء ديونه ورد الودائع التي كانت عنده وأمره ليلة خرج إلى الغار وقد أحاط المشركون بالدار أن ينام على فراشه، وقال له: اتشح ببردي الحضرمي الأخضر فإنه لا يخلص إليك منهم مكروه إن شاء الله تعالى، ففعل ذلك ونجا رضي الله عنه من شرهم ومكرهم، فنزلت هذه الآية الآنفة الذكر.

ص 31

ومنهم العلامة السيد أحمد بن محمد الخافي الحسيني الشافعي في (التبر المذاب) (ص 48 نسخة مكتبتنا العامة بقم) قال: وقوله تعالى (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) قال الثعلبي وابن عباس: أنها نزلت في علي عليه السلام. ومنهم الفاضل المعاصر الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه (تاريخ الأحمدي) (ص 43) قال: وفي أسد الغابة لابن الأثير الجزري وإحياء العلوم للغزالي وتاريخ الخميس للديار بكري: بات علي كرم الله وجهه على فراش رسول الله (ص)، فأوحى الله تعالى إلى جبريل وميكائيل عليهما السلام إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كلاهما الحياة وأحباها، فأوحى الله عز وجل إليهما: أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه وبين نبي محمد فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه، فكان جبرائيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه، وجبرائيل عليه السلام يقول: بخ بخ من مثلك يا بن أبي طالب والله عز وجل يباهي بك الملائكة، فأنزل الله عز وجل على رسول الله وهو متوجه إلى المدينة في شأن علي (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤوف بالعباد). ومنهم العلامة الشيخ حسام الدين المردي الحنفي في (آل محمد) (ص 170 نسخة مكتبة السيد الأشكوري) قال: أوحى الله إلى جبرئيل وميكائيل: إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول

ص 32

من عمر صاحبه فأيكما يؤثر أخاه عمره؟ فكلاهما كرها الموت، فأوحى الله إليهما: إني آخيت بين علي وليي وبين محمد نبي فآثر علي حياته لنبيي فرقد على فراش النبي يقيه بمهجته، اهبطا إلى الأرض واحفظاه من عدوه. فهبطا فجلس جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه، وجعل جبرئيل يقول: بخ بخ من مثلك يا بن أبي طالب والله عز وجل يباهي بك الملائكة، فأنزل الله تعالى (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله) وشرى علي نفسه، لبس ثوب النبي صلى الله عليه وسلم ثم نام مكانه. أخرج الثعلبي في تفسيره والحمويني وأبو نعيم والحافظ وابن عقبة وأبو السعادات في (فضائل العترة الطاهرة) والغزالي في الإحياء. ومنهم الشيخ حسين بن محمد بن حسن الديار بكري في (تاريخ الخميس) (ج 1 ص 325 ط بيروت) قال: قال الغزالي في الإحياء: إن ليلة بات علي بن أبي طالب على فراش رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمأوحى الله تعالى إلى جبرئيل وميكائيل: إني آخيت بينكما وجعلت عمر أحدكما أطول من عمر الآخر فأيكما يؤثر صاحبه بحياة؟ فاختار كلاهما الحياة وأحباها، فأوحى الله إليهما: أفلا كنتما مثل علي بن أبي طالب آخيت بينه وبين محمد فبات علي على فراشه يفديه ويؤثره بالحياة، اهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه، فكان جبرئيل عند رأسه وميكائيل عند رجليه ينادي: بخ بخ من مثلك يا بن أبي طالب تباهى بك الملائكة، فأنزل الله تعالى (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رؤف بالعباد).

ص 33

الآية الثالثة قوله تعالى:

(قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) (سورة آل عمران: 61)

قد تقدم ما ورد في نزولها في شأن سيدنا الأمير علي بن أبي طالب صلوات الله عليه في ج 3 ص 46 إلى ص 75 وج 9 ص 70 إلى ص 91 وج 14 ص 131 إلى ص 148 وج 18 ص 389 وص 390 وج 20 ص 84 إلى ص 87 عن كتب أعلام العامة ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها في ما مضى: (1)

(هامش)

قال العلامة أبو عبد الله محمد بن علي بن أحمد بن حديدة الأنصاري المتوفى سنة 783 في كتابه (المصباح المضي في كتاب النبي الأمي) ج 2 ص 228 ط حيدر آباد الدكن سنة 1396: ومن الذين كاتبهم صلى الله عليه وسلم وأرسل إليهم أسقف نجران، وهو كان كبير وادي نجران والمشار إليه بينهم. روى صاحب الهدي المحمدي بسنده عن يونس بن بكير، عن سلمة بن عبد يسوع، عن أبيه، عن جده، قال يونس - وكان نصرانيا فأسلم: إن رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمكتب إلى أهل نجران: = (*)

ص 34

(هامش)

= (بسم إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، أما بعد فإني أدعوكم إلى عبادة الله من عبادة العباد، وأدعوكم إلى ولاية الله من ولاية العباد، فإن أبيتم فالجزية، فإن أبيتم فقد آذنتكم بحرب. والسلام). فلما أتى الأسقف الكتاب فقرأه قطع به وذعر ذعرا شديدا، فبعث إلى رجل من أهل نجران يقال له شرحبيل بن وداعة - وكان من همدان - ولم يكن أحد يدعى إذا نزل له معضلة قبله، لا الأيهم ولا السيد ولا العاقب، فدفع الأسقف كتاب رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمإليه فقرأه، فقال الأسقف: يا أبا مريم ما رأيك؟ فقال شرحبيل: قد علمت ما وعد الله إبراهيم في ذرية إسماعيل من النبوة [فما يؤمن أن يكون هذا هو ذلك الرجل، ليس لي في النبوة] رأي، لو كان من أمر الدنيا أشرت عليك فيه برأيي، وجهدت لك فيه. فقال الأسقف: تنح فاجلس، فتنحى شرحبيل فجلس ناحية، فبعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران يقال له عبد الله بن شرحبيل، وهو من ذي أصبح من حمير، فأقرأه الكتاب وسأله عن الرأي فيه، فقال له مثل قول شرحبيل. فقال له الأسقف: تنح فاجلس، فجلس ناحية. فبعث الأسقف إلى رجل من أهل نجران يقال له جبار بن قيص من بني الحارث بن كعب، فأقرأه الكتاب وسأله عن الرأي فيه، فقال له مثل قول شرحبيل وعبد الله، فأمره الأسقف فتنحى، فلما اجتمع الرأي منهم على تلك المقالة جميعا أمر الأسقف بالناقوس فضرب، ورفعت المسوح في الصوامع، وكذلك كانوا يفعلون إذا فزعوا بالنهار، وإذا كان فزعهم بالليل ضربوا بالناقوس ورفعت النيران في الصوامع، فاجتمع حين ضرب بالناقوس ورفعت المسوح أهل الوادي أعلاه وأسفله وطول الوادي مسيرة يوم للراكب السريع، وفيه ثلاثة وسبعون قرية وعشرون ومائه ألف مقاتل، فقرأ عليهم كتاب رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلموسألهم عن الرأي فيه، واجتمع رأي = (*)

ص 35

(هامش)

= أهل الوادي منهم على أن يبعثوا شرحبيل بن وداعة الهمداني وعبد الله بن شرحبيل وجبار بن قيص الحارثي فيأتونهم بخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم. فانطلق الوفد حتى إذا كانوا بالمدينة وضعوا ثياب السفر عنهم ولبسوا حللا لهم يجرونها من الحبرة وخواتيم الذهب، ثم انطلقوا حتى أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلموا عليه فلم يرد عليهم السلام، وتصدوا لكلامه نهارا طويلا فلم يكلمهم وعليهم تلك الحلل والخواتيم الذهب، فانطلقوا يتبعون عثمان بن عفان وعبد الرحمن بن عوف - وكانا معرفة لهم - كانا يخرجان العير في الجاهلية إلى نجران ويشترون لهما من برها وتمرها وذرتها، فوجدوهما في ناس من المهاجرين والأنصار من مجلس. فقالوا: يا عثمان ويا عبد الرحمن إن نبيكم قد كتب إلينا بكتاب فأقبلنا مجيبين له، فأتيناه فسلمنا عليه فلم يرد سلامنا وتصدينا لكلامه نهارا طويلا فأعيانا أن يكلمنا، فما الرأي منكما أنعود؟ فقالا لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو في القوم: ما ترى يا أبا الحسن في هؤلاء القوم؟ فقال علي لعثمان وعبد الرحمن: أرى أن يضعوا حللهم وخواتيمهم، ففعلوا ثم عادوا إلى رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمفسلموا عليه فرد سلامهم، ثم سألهم وسألوه، فلم تزل به وبهم المسألة حتى قالوا له: ما تقول في عيسى؟ فإنا نرجع إلى قومنا ونحن نصارى فيسرنا إن كنت نبيا أن نعلم ما تقول فيه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما عندي فيه شيء يومي هذا، فأقيموا حتى أخبركم بما يقال لي في عيسى، فأصبح الغد وقد أنزل الله تعالى (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون * الحق من ربك فلا تكن من الممترين * فمن حاجك فيه - إلى قوله عز وجل على الكاذبين). فأبوا أن يقروا بذلك، فلما أصبح رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمالغد بعد ما أخبرهم الخبر أقبل مشتملا على الحسن والحسين في خميل له - قال = (*)

ص 36

(هامش)

= عياض: الخميلة كساء ذات خمل - وفاطمة تمشي عند ظهره للمباهلة وله يومئذ عدة نسوة، فقال شرحبيل لصاحبيه: يا عبد الله بن شرحبيل ويا جبار بن قيص قد علمتما أن الوادي إذا اجتمع أعلاه وأسفله لم يردوا ولم يصدروا إلا عن رأيي، وإني والله أرى أمرا مقبلا، وأرى والله إن كان هذا الرجل مبعوثا فكنا أول العرب طعنا في عيثه وردا عليه أمره، ولا يذهب لنا من صدره ولا من صدور قومه حتى يصيبونا بجائحة، وإني لأرى القرب منهم جوارا، وإن كان هذا الرجل نبيا مرسلا فلاعناه فلا يبقى على وجه الأرض منا شعرة ولا ظفر إلا هلك. فقال له صاحباه: فما الرأي؟ فقد وضعتك الأمور على ذراع، فهات رأيك. فقال: رأيي أن أحكمه، فإني أرى الرجل لا يحكم شططا أبدا. فقالا له: أنت وذاك. فلقي شرحبيل رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمفقال: إني قد رأيت خيرا من ملاعنتك. فقال: وما هو؟ قال شرحبيل: حكمك اليوم إلى الليل وليلته إلى الصباح، فمهما حكمت فينا فهو جائز. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لعل وراءك أحدا يثرب عليك؟ فقال شرحبيل: سل صاحبي. فسألهما فقالا: ما يرد الوادي ولا يصدر إلا عن رأي شرحبيل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كافر - أو قال جاحد - موفق. فرجع رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمولم يلاعنهم، حتى إذا كان من الغد أتوه فكتب له هذا الكتاب: (بسم الله الرحمن الرحيم، هذا ما كتب محمد النبي رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلملنجران، إذ كان عليهم حكمه في كل ثمرة وفي كل صفراء وبيضاء وسوداء ورقيق، فأفضل عليهم، وترك ذلك كله على ألفي حلة، في كل رجب ألف حلة، وفي كل صفر ألف حلة، أو قيمة كل حلة من الأواقي، ما زادت على الخراج أو نقصت عن الأواقي فبحساب، وما قضوا من دروع أو خيل أو ركاب أو عرض أخذ = (*)

ص 37

(هامش)

= منهم بحساب، وعلى نجران مثواة رسلي ومتعتهم بها عشرين فدونه، ولا يحبس رسول فوق شهر، وعليهم عارية ثلاثين درعا وثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا إذا كان كيد باليمن ذو معذرة، وما هلك مما أعاروا رسلي من دروع أو خيل أو ركاب فهو ضمان على رسولي حتى يؤديه إليهم، والنجران وحاشيتها جوار الله وذمة محمد النبي على أنفسهم وملتهم وأرضهم وأموالهم وغائبهم وشاهدهم وعشيرتهم وبيعهم، وأن لا يغيروا مما كانوا عليه، ولا يغير حق من حقوقهم ولا ملتهم، ولا يغير أسقف من أسقفيته ولا راهب من رهبانيته ولا وقهة من وقهيته - الوقه: الطاعة، قاله الجوهري - وكل ما تحت أيديهم من قليل أو كثير، وليس عليهم دية ولا دم جاهلية، ولا يحشرون ولا يعشرون، ولا يطأ أرضهم جيش، ومن سأل منهم حقا فبينهم النصف غير ظالمين ولا مظلومين، ومن أكل ربا من ذي قبل فذمتي منه بريئة، ولا يؤخذ منهم رجل بظلم آخر، وعلى ما في هذه الصحيفة جوار الله وذمة محمد النبي رسول الله حتى يأتي الله بأمره ما نصحوا وأصلحوا فيما عليهم غير مبتلين بظلم. شهد أبو سفيان بن حرب، وغيلان بن عمرو، ومالك بن عوف، والأقرع ابن حابس الحنظلي، والمغيرة بن شعبة، وكتب). فلما قبضوا كتابهم وانصرفوا إلى نجران تلقاهم الأسقف ووجوه نجران على مسيرة ليلة، ومع الأسقف أخ له من أمه وهو ابن عمه من النسب يقال له بشر بن معاوية وكنيته أبو علقمة، فدفع الوفد كتاب رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمإلى الأسقف، فبينا هو يقرؤه وأبو علقمة معه وهما يسيران إذا كبت ببشر ناقته، فتعس بشر غير أنه لا يكنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له الأسقف عند ذلك: قد والله تعست نبيا مرسلا. فقال بشر: لا جرم والله لا أحل عنها عقدا حتى آتيه! فضرب وجه ناقته نحو المدينة، وثنى الأسقف ناقته عليه فقال له: أفهم عني، إنما = (*)

ص 38

(هامش)

= قلت هذا ليبلغ العرب عني مخافة أن يقولوا إنا أخذنا حمقة، أو نجعنا لهذا الرجل بما تنجع به العرب، ونحن أعزهم وأجمعهم دارا، فقال له بشر: لا والله لا أقيلك ما خرج من رأسك أبدا، فضرب بشر وهو مول ظهره للأسقف وهو يقول: إليك تعدو قلقا وضينها معترضا في بطنها جنينها مخالفا دين النصارى دينها قال الجوهري: الوضين للهودج بمنزلة البطان للقتب والحزام للسرج، وجمعه وضن، وهو النسع من سيور منسوج بعضه على بعض، والوصن: النسج. حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يزل مع رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمحتى استشهد بعد ذلك. ودخل الوفد نجران، فأتى الراهب ابن أبي شمر الزبيدي وهو في رأس صومعة له، فقيل له: إن نبيا قد بعث بتهامة وإنه كتب إلى الأسقف، فأجمع أهل الوادي أن يسيروا إليه شرحبيل وعبد الله وجبارا فيأتونهم بخره، فساروا حتى أتوه، فدعاهم إلى المباهلة فكرهوا ملاعنته، وحكمه شرحبيل فحكم عليه حكما وكتب لهم كتابا، ثم أقبل الوفد بالكتاب حتى دفعوه إلى الأسقف، فبينا الأسقف يقرؤه وبشر معه إذ كبت ببشر ناقته فتعسه، فشهد الأسقف أنه نبي مرسل، فانصرف أبو علقمة نحوه يريد الإسلام. فقال الراهب: أنزلوني وإلا رميت نفسي من هذه الصومعة، فأنزلوه فانطلق الراهب بهدية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، منها هذا البرد الذي يلبسه الخلفاء والقعب والعصا وأقام الراهب بعد ذلك يستمع كيف ينزل الوحي والسنن والفرائض والحدود، وأبى الله للراهب الإسلام فلم يسلم، واستأذن رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمفي الرجعة إلى قومه وقال: إن لي حاجة ومعادا إن شاء الله. فرجع إلى قومه = (*)

ص 39

(هامش)

= فلم يعد حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم. وذكر محمد بن سعد في الطبقات: إن وفد نجران كانوا أربعة عشر رجلا من أشرافهم نصارى، فيهم العاقب وهو عبد المسيح رجل من كندة، وأبو الحارث ابن علقمة رجل من ربيعة، وأخوه كرز، والسيد وأوس ابنا الحارث، وزيد بن قيس وشيبة، وخويلد، وخالد، وعمرو، وعبيد الله، وفيهم ثلاثة نفر يتولون أمورهم والعاقب وهو أميرهم وصاحب مشورتهم والذي يصدرون عن رأيه وأبو الحارث أسقفهم وحبرهم وإمامهم وصاحب مدارسهم، والسيد وهو صاحب رحلتهم. فتقدمهم كرز أخو أبي الحارث وهو يقول: إليك تغدو قلقا وضينها معترضا في بطنها جنينها مخالفا دين النصارى دينها فقدم على النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قدم الوفد بعده، فدخلوا المسجد عليهم ثياب الحبرة وأردية مكفوفة بالحرير، فقاموا يصلون في المسجد نحو المشرق، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوهم، ثم أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأعرض عنهم ولم يكلمهم، فقال لهم عثمان: ذلك من أجل زيكم هذا، فانصرفوا من يومهم ذلك ثم غدوا عليه بزي الرهبان فسلموا عليه، فرد عليهم ودعاهم إلى الإسلام، فأبوا وكثر الكلام والحجاج بينهم وتلا عليهم القرآن، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أنكرتم ما أقول لكم فهلم أباهلكم. فانصرفوا على ذلك. وغدا عبد المسيح ورجلان من ذوي رأيهم على رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمفقالوا: قد بدا لنا أن لا نباهلك فاحكم علينا بما أحببت نعطك ونصالحك، فصالحهم على ألفي حلة: ألف في رجب وألف في صفر، أو قيمة كل حلة من الأواقي، وعلى عارية ثلاثين درعا وثلاثين رمحا وثلاثين فرسا إن كان باليمن كيد، ولنجران = (*)

ص 40

(هامش)

= وحاشيتهم جوار الله وذمة محمد النبي صلى الله عليه وسلم على أنفسهم وملتهم وأرضهم وأموالهم غائبهم وشاهدهم وبيعهم، ولا يغير أسقف من سقيفاه ولا راهب من رهبانيته ولا واقف من وقفانيته، وأشهد على ذلك شهودا، منهم أبو سفيان بن حرب والأقرع بن حابس والمغيرة بن شعبة، فرجعوا إلى بلادهم فلم يلبث السيد والعاقب إلا يسيرا حتى رجعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأسلما، وأنزلهما دار أبي أيوب الأنصاري. وأقام أهل نجران على ما كتب لهم به رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمحتى قبضه الله تعالى - صلوات الله عليه ورحمته ورضوانه. ثم ولي أبو بكر الصديق رضي الله عنه فكتب بالوصاة بهم عند وفاته، ثم أصابوا ربا فأخرجهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أرضهم وكتب لهم (هذا ما كتب عمر أمير المؤمنين لنجران: من سار منهم أنه آمن بأمان الله، لا يضرهم أحد من المسلمين وفاء لهم بما كتب لهم رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلموأبو بكر رضي الله عنه). فوقع ناس منهم بالعراق فنزلوا النجرانية التي بناحية الكوفة. وروى البيهقي بإسناد صحيح إلى ابن مسعود: أن السيد والعاقب أتيا رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمفأراد أن يلاعنهما، فقال أحدهما لصاحبه: لا تلاعنه فوالله لئن كان نبيا فلاعنته لا نفلح نحن ولا عقبنا من بعدنا، قالوا له: نعطيك ما سألت فابعث معنا رجلا أمينا، ولا تبعث حق أمين، فاستشرف لها أصحابه فقال: قم يا أبا عبيدة. فلما قام قال: هذا أمين هذه الأمة. وذكر البغوي في تفسير قوله عز وجل (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن) الآيات، نزلت في وفد نجران، قالوا لرسول الله صلى الله = (*)

ص 41

(هامش)

= عليه وسلم: مالك تشتم صاحبنا؟ فقال: وما أقول؟ قالوا: تقول إنه عبد. قال: أجل، هو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى العذراء البتول، فغضبوا وقالوا: هل رأيت انسانا قط من غير أب؟ فأنزل الله عز وجل (إن مثل عيسى عند الله) في كونه خلقا من غير أب (كمثل آدم) لأنه خلق من غير أب وأم (خلقه من تراب ثم قال له) يعني لعيسى (كن فيكون) يعني فكان. فإن قيل: ما معنى قوله (خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) خلقا ولا تكوين بعد الخلق. قيل: معناه خلقه ثم أخبركم أني قلت له: كن، فكان من غير ترتيب في الخلق كما يكون في الولادة، وهو مثل قول الرجل: أعطيتك اليوم درهما، ثم أعطيتك أمس درهما، أي ثم أخبرك أني أعطيتك أمس درهما، وفيما سبق من التمثيل على جواز القياس دليل، لأن القياس هو رد فرع إلى أصل بنوع شبه، وقد رد الله تعالى خلق عيسى إلى آدم بنوع شبه. قوله (الحق من ربك فلا تكن من الممترين) الخطاب له صلى الله عليه وسلم والمراد أمته. ثم قال تعالى (فمن حاجك فيه) أي جادلك في عيسى (من بعد ما جاءك من العلم) بأن عيسى عبد الله ورسوله (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) أراد الحسن والحسين وفاطمة وعليا عليهم السلام، والعرب تسمي ابن عم الرجل نفسه، قيل في قوله نبتهل: نتضرع، وقيل: نجتهد ونبالغ في الدعاء، وقيل: نلتعن: والابتهال: الالتعان. (فنجعل لعنة الله على الكاذبين) منا ومنكم في أمر عيسى. فلما قرأها عليهم قالوا: حتى نرجع وننظر في أمرنا ثم نأتيك غدا، فخلا = (*)

ص 42

(هامش)

= بعضهم ببعض فقالوا للعاقب وكان ذا رأيهم: يا عبد المسيح ما ترى؟ قال: والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل، ووالله ما لاعن قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم، ولئن فعلتم ذلك لتهلكن، فإن أبيتم إلا الإقامة على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم. فأتوا رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلموقد غدا محتضنا الحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفهما وهو يقول: إذا أنا دعوت فأمنوا. فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله، فلا تبتهلوا فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة. فقالوا: يا أبا القاسم قد رأينا أن لا نلاعنك وأن نتركك على دينك ونلبث على ديننا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما عليهم، فأبوا، فقال: فإني أنابذكم. فقالوا: ما لنا بحرب العرب طاقة، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدي لك كل عام ألفي حلة، ألفا في صفر وألفا في رجب، فصالحهم على ذلك وقال صلى الله عليه وسلم: والذي نفسي بيده إن العذاب قد تدلى على أهل نجران، ولو تلاعنوا لمسخوا قردة وخنازير، ولاضطرم عليهم الوادي نارا، ولاستأصل الله نجران وأهله حتى الطير على الشجر، ولما حال الحول على النصارى كلهم حتى هلكوا. قال أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال: أهل نجران عرب من بني الحارث بن كعب، وهم أول من أعطى الجزية من النصارى. قلت: وأخبرني الشيخ أحمد بن حسن بن علي الحرازي أن نجران بادية في مشارق أرض اليمن بينها وبين صعدة مما يلي الشرق مسيرة أربعة أيام، وهو واد كثير النخل ينسب إليه أهل اليمن القصب النجراني، أكثرهم مسلمون وبه نصارى من بقية أولئك، وهم أهل بادية يصنعون، أكثر مواشيهم المعز، والحاكم عليهم = (*)

ص 43

منهم العلامة الشيخ يسن بن إبراهيم السنهوتي الشافعي في كتابه (الأنوار القدسية) (ص 22 ط السعادة بمصر) قال: وأخرج مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال: لما نزلت هذه الآية (ندع أبناءنا وأبناءكم) دعا رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمعليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال: اللهم هؤلاء أهلي. ومنهم العلامة الشيخ محمد بن داود بن محمد البازلي الكردي الحموي الشافعي المتوفى سنة 925 في كتابه (غاية المرام في رجال البخاري إلى سيد الأنام) (ص 211 النسخة مصورة من مكتبة جستربيتي بايرلندة) قال: قال سعد بن أبي وقاص: لما نزلت قوله تعالى (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونسائنا ونسائكم وأنفسنا وأنفسكم) دعا رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمعليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم هؤلاء أهلي. ومنهم العلامة السيد عبد القادر بن محمد الحسيني في (عيون المسائل) (ص 83) قال: وعنه أيضا رضي الله عنه في حديثه الطويل قال في آخره: لما نزلت هذه الآية (ندع أبناءنا وأبناءكم) دعا رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمعليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم هؤلاء أهلي.

(هامش)

= في وقتنا - وهي سنة ثمان وسبعين وسبعمائة - إمام الزيدية علي بن محمد الإمام، ثم توفي وخلفه ولده محمد، يعرف بالسيد صلاح. (*)

ص 44

ومنهم الشريف السيد عبد الله بن محمد الصديق بن أحمد الحسني الادريسي المؤمني العماري الطنجي المعاصر المولود بثغر طنجة سنة 1328 في (الابتهاج بتخريج أحاديث المنهاج) (ص 192 ط عالم الكتب في بيروت سنة 1405) قال: وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: لما نزلت هذه الآية (ندع أبناءنا وأبناءكم) دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم هؤلاء أهل بيتي. رواه مسلم والترمذي وقال: حسن صحيح غريب، ورواه الحاكم وزاد (وأدخلهم تحت ثوبه). ومنهم العلامة عبد الغني بن إسماعيل النابلسي الشامي في (زهر الحديقة في رجال الطريقة) (ص 173 والنسخة مصورة من إحدى مكاتب ايرلندة) قال: وفي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص في حديث طويل قال في آخره: ولما نزلت هذه الآية (ندع أبناءنا وأبناءكم) دعا رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمعليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم هؤلاء أهلي. ومنهم العلامة الشيخ عبد العزيز بن محمد الرحبي الحنفي البغدادي في (فقه الملوك ومفتاح الرتاج) (ص 472 ط بغداد) قال: (فمن حاجك فيه من بعد ما جاءك من العلم فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين) فلما أتى رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمالخبر من الله عنه والفصل من القضاء بينه وبينهم

ص 45

وأمر بملاعنتهم إن ردوا ذلك عليه، دعاهم إلى المباهلة، فقالوا: دعنا يا أبا القاسم نرجع وننظر في أمرنا ثم نأتيك، فانصرفوا عنه، ثم خلوا بالعاقب - وكان ذا رأيهم - فقالوا: يا عبد المسيح ما ترى؟ فقال: والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل، ولقد جاءكم بالفصل من أمر صاحبكم، والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم آ ولئن فعلتم لتهلكن، فإن أبيتم إلا ألف دينكم والإقامة على ما أنتم عليه فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم. فأتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد غدا محتضنا للحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها، وهو يقول: إذا أنا دعوت فأمنوا، وكان عليه مرط مرحل من شعر أسود، فجاء الحسن فأدخله ثم الحسين ثم فاطمة ثم علي فأدخلهم داخله، ثم قال (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو سألوا الله أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله بها، فلا تباهلوا فتهلكوا، ولا يبقى على وجه الأرض نصراني إلى يوم القيامة. فقالوا: يا أبا القاسم، رأينا أن لا نباهلك، وأن نقرك على دينك، ونثبت على ديننا. قال: فإذا أبيتم المباهلة فأسلموا، فأبوا. قال: إني أحاربكم. قالوا: ما لنا بحرب العرب طاقة، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تخيفنا ولا تردنا عن ديننا، على أن نؤدي إليك كل عام ألفي حلة، ألف في صفر وألف في رجب. فصالحهم على ذلك مع شروط له، وشروط لهم سيأتي بيانهما.

ص 46

ومنهم العلامة الحافظ جمال الدين أبو الحجاج يوسف بن الزكي عبد الرحمن المزي المتوفى سنة 747 في (تحفة الاشراف بمعرفة الأطراف) (ج 3 ص 291 ط بيروت) قال: حديث: لما أنزل الله هذه الآية (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) الحديث، ت في التفسير (4 النساء: 9) عن قتيبة، عن حاتم بن إسماعيل، عنه به، وقال حسن صحيح غريب. ومنهم العلامة شهاب الدين أحمد الشيرازي الشافعي الحسيني في (توضيح الدلائل) (ص 156 والنسخة مصورة من مخطوطة مكتبة الملي بفارس) قال: وروى الإمام الخطيب عن أمير المؤمنين علي رضي الله تعالى عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وبارك وسلم حين خرج لمباهلة النصارى بي وبفاطمة والحسن والحسين. ومنهم العلامة الشيخ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي الدمشقي الشهير بابن عساكر في (تاريخ دمشق) (ص 14 ج 3 والنسخة مصورة من مخطوطة) قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، أخبرنا عاصم بن الحسن بن محمد، أخبرنا أبو عمر بن مهدي، أخبرنا أبو العباس بن عقدة، أخبرنا، محمد بن أحمد بن الحسن، أخبرنا ابنا هاشم بن المندز، عن الحرث بن حصيرة، عن أبي صادق، عن ربيعة بن ناجد، عن علي قال: خرج رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمحين خرج

ص 47

لمباهلة النصارى بي وبفاطمة والحسن والحسين. وروي أيضا عن مجاهد قال: قلت لابن عباس رضي الله عنه: من الذين أراد النبي أن يباهل بهم؟ قال: علي وفاطمة والحسن والحسين والأنفس النبي وعلي. وقال أيضا في ص 322: عن سعد بن وقاص في جواب معاوية لما أمره بسب جامع الفضال والمناقب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب قال: لما نزلت هذه الآية (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) دعا رسول الله صلى الله عليه وآله وبارك وسلم عليا وفاطمة وحسنا وحسينا، وقال: اللهم هؤلاء الأربعة أهلي. رواه الطبري وقال: أخرجه مسلم والترمذي. ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور فوزي جعفر في (علي ومناوؤه) (ص 40) قال: ولما نزلت هذه الآية (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) الآية، دعا رسول الله (ص) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: اللهم هؤلاء أهلي. ومنهم العلامة أبو نعيم عبيد الله بن الحسن بن أحمد بن الحسن بن أحمد الحداد الاصبهاني في (الجامع بين الصحيحين) (ص 534 والنسخة مصورة من مكتبة جستربيتي بايرلندة) قال: ولما نزلت هذه الآية (قل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم) دعا رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمعليا وفاطمة وحسنا وحسينا وقال: هؤلاء أهلي.

ص 48

ومنهم العلامة شمس الدين محمد بن عثمان الذهبي الشافعي الدمشقي في (سير أعلام النبلاء) (ج 3 ص 286 ط بيروت) قال: قال هوذة: حدثنا عوف، عن الأزرق بن قيس، قال: قدم على رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمأسقف نجران والعاقب، فعرض عليهما الإسلام، فقالا: كنا مسلمين قبلك. قال: كذبتما إنه منع الإسلام منكما ثلاث، قولكما: اتخذ الله ولدا، وأكلكما الخنزير، وسجودكما للصنم. قالا: فمن أبو عيسى؟ فما عرف حتى أنزل الله عليه (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم) إلى قوله (إن هذا لهو القصص الحق) [آل عمران 59 - 63]، فدعاهما إلى الملاعنة، وأخذ بيد فاطمة والحسن والحسين وقال: هؤلاء بني. قال: فخلا أحدهما بالآخر فقال: لا تلاعنه فإن كان نبيا فلا بقية. فقالا: لا حاجة لنا في الإسلام ولا في ملاعنتك، فهل من ثالثة؟ قال: نعم الجزية، فأقرا بها ورجعا. وقال أيضا في ص 387: معمر: عن قتادة، قال: لما أراد رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمأن يباهل أهل نجران، أخذ بيد الحسن والحسين، وقال لفاطمة: اتبعينا، فلما رأى ذلك أعداء الله رجعوا. ومنهم العلامة أبو عبد المعطي محمد بن عمر بن علي النووي الجاوي الشاوي في (مراح لبيد) (ص 102 ط دار الفكر) قال: (فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا) أي نخرج بأنفسنا (وأنفسكم) أي أخرجوا بأنفسكم (نبتهل) أي نجتهد في الدعاء ونخلصه أو نلاعن بيننا وبينكم (فنجعل لعنة الله) فيما بيننا (على الكاذبين) على الله في حق

ص 49

عيسى، وهم من يقولون إن عيسى ابن الله أو إنه إله. روي أنه صلى الله عليه وسلم لما ذكر الدلائل على نصارى نجران ثم إنهم أصروا على جهلهم، فقال صلى الله عليه وسلم: إن الله أمرني إن لم تقبلوا الحجة أن أباهلكم فقالوا: يا أبا القاسم حتى نرجع فننظر في أمرنا ثم نأتيك غدا. فلما رجعوا إلى قومهم قالوا للعاقب وكان ذا رأيهم: يا عبد المسح ما ترى؟ فقال: والله لقد عرفتم يا معشر النصارى أن محمدا نبي مرسل ولقد جاءكم بالكلام الحق في أمر صاحبكم، والله ما باهل قوم نبيا قط فعاش كبيرهم ولا نبت صغيرهم، ولئن فعلتم لتهلكن، فإن أبيتم إلا الإقامة على دينكم والاصرار على ما أنتم عليه من القول في صاحبكم فوادعوا الرجل وانصرفوا إلى بلادكم. فأتوا رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلموقد خرج من بيته إلى المسجد وعليه مرط من شعر أسود محتضنا الحسين آخذا بيد الحسن وفاطمة تمشي خلفه وعلي خلفها رضي الله عنهم أجمعين، وهو يقول لهؤلاء الأربعة: إذا دعوت فأمنوا. فقال أسقف نجران: يا معشر النصارى إني لأرى وجوها لو سألوا الله تعالى أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله فلا تبتهلوا فتهلكوا. ثم قالوا: يا أبا القاسم رأينا أنا لا نباهلك وأن نثبت على ديننا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن أبيتم المباهلة فأسلموا يكن لكم ما للمسلمين وعليكم ما على المسلمين، فأبوا فقال: فإني أناجزكم القتال. فقالوا: ما لنا بحرب العرب طاقة، ولكن نصالحك على أن لا تغزونا ولا تردنا عن ديننا على أن نؤدي إليك في كل عام ألفي حلة ألفا في صفر وألفا في رجب، وثلاثين درعا وثلاثين فرسا وثلاثين بعيرا وثلاثين من كل صنف من أصناف السلاح، فصالحهم رسول الله على ذلك.

ص 50

ومنهم العلامة الشيخ أبو سعيد الخادمي في (البريقة المحمودية) (ج 1 ص 211 ط القاهرة) قال: أولها آية المباهلة (ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم) لأن المراد بالأنفس علي. ومنهم العلامة الشيخ عبد الجبار بن محمد بن عبد الجبار في (تثبيت دلائل نبوة سيدنا محمد) (ص 194 والنسخة مصورة من مكتبة جستربيتي بايرلندة) قال: إن نصارى نجران وغيرهم من النصارى دعاهم إلى الإسلام فقالوا: أسلمنا قبلك، فكذبهم في قولهم بأنهم قالوا: لله ولد، وعظموا الصليب وأكلوا الخنزير، فقال شيخ منهم كبير فيهم: من أبو عيسى؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم وكان لا يعجل حتى يأمره الله، فأنزل الله عز وجل (ذلك نتلوه عليك من الآيات والذكر الحكيم * إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم خلقه من تراب ثم قال له كن فيكون) إلى قوله (إن هذا لهو القصص الحق وما من إله إلا الله وإن الله لهو العزيز الحكيم). فقرأ رسول الله صلّى اللّه عليه وآله وسلمعليهم ذلك، ثم دعاهم إلى المباهلة، وأخذ بيد الحسن والحسين وعلي وفاطمة رضوان الله عليهم، فقال واحد منهم لمن معه من النصارى: أنصفوا الرجل وتشاوروا، وقال قائل منهم: إنه لصادق ولئن باهلتموه ليحرقن. فقالوا له: لا نبارزك، وكرهوا الإسلام وأقروا بالجزية وسألوه أن يقبلها منهم، فأجابهم إلى ذلك.

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج22)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب