الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج29)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 1

الإمام التاسع أبو جعفر محمد بن علي الجواد (عليه السلام)

ص 3

مستدرك فضائل الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام

نسبه وولادته ووفاته عليه السلام

قد تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج 12 ص 414 وج 19 ص 585، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما مضى: فمنهم الدكتور عبد السلام الترمانيني في أحداث التاريخ الإسلامي بترتيب السنين (ج 2 ص 1259 ط الكويت) قال: هو محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط بن علي بن أبي طالب، أبو جعفر الملقب بالجواد. ثامن الأئمة الاثني عشر عند الإمامية. كان ذكيا طلق اللسان، حاضر البديهة ولد في المدينة وانتقل مع أبيه إلى بغداد وحين توفي أبوه كفله المأمون. توفي في بغداد عن 25 سنة.

ص 4

ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي فكري الحسيني القاهري في أحسن القصص (ج 4 ص 294 ط بيروت) قال: نسبه: هو ابن علي الرضا، بن موسى الكاظم، بن جعفر الصادق، بن محمد الباقر، ابن علي زين العابدين، بن الحسين، بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، وأمه أم ولد يقال لها: سكينة المريسية. إلى أن قال: مولده: ولد بالمدينة تاسع عشر شهر رمضان المعظم سنة خمس وتسعين ومائة من الهجرة. إلى أن قال في ص 296: وفاته: توفي أبو جعفر محمد الجواد ببغداد، وكان سبب وصوله إليها إشخاص المعتصم له من المدينة فقدم بغداد ومعه زوجته أم الفضل بنت المأمون لليلتين بقيتا من المحرم سنة عشرين ومائتين. وكانت وفاته في آخر ذي القعدة من السنة المذكورة ودفن في مقابر قريش في قبر جده أبي الحسن موسى الكاظم ودخلت امرأته أم الفضل في قصر المعتصم. وكان له من العمر يومئذ خمس وعشرون سنة وأشهر، ويقال: إنه مات مسموما، وإن زوجته أم الفضل سقته السم بأمر أبيها. ومنهم الفاضل المعاصر خير الدين الزركلي في الأعلام (ج 7 ص 155 الطبعة الثالثة) قال: محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم الطالبي الهاشمي القرشي، أبو جعفر الملقب بالجواد، تاسع الأئمة الاثني عشر عند الإمامية. كان رفيع القدر كأسلافه ذكيا،

ص 5

طلق اللسان، قوي البديهة. ولد بالمدينة وانتقل مع أبيه إلى بغداد، وتوفي والده فكفله المأمون العباسي ورباه، وزوجه ابنته أم الفضل، وقدم المدينة ثم عاد إلى بغداد وتوفي فيها، وللدبيلي محمد بن وهبان كتاب في سيرته سماه أخبرنا أبي جعفر الثاني ويعني بالأول الباقر. ومنهم الشيخ الفاضل أبو الفوز محمد بن أمين البغدادي المشتهر بالسويدي في سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب (ص 338 ط دار الكتب العلمية، بيروت) قال: ولد بالمدينة المنورة تاسع شهر رمضان سنة تسع وتسعين ومائة، وأمه أم ولد، وكنيته أبو جعفر، ولقبه الجواد، وكان أبيض اللون، معتدل القامة. إلى أن قال: توفي رضي الله عنه ببغداد لأن المعتصم استقدمه مع زوجته أم الفضل، ودفن في مقابر قريش بالقرب من جده موسى الكاظم رضي الله عنهم أجمعين. ومنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادرخان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه تاريخ الأحمدي (ص 344 ط بيروت سنة 1408) قال: قال ابن خلكان: وفي سنة خمس وتسعين ومائة ولد أبو جعفر محمد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بالمدينة يوم الجمعه. وقال في ص 350: ودر وسيله النجات است كه چون در سال دويست وسيزده مأمون مرد معتصم برادر او خليفه گرديد از استماع وفور فضائل امام محمد تقى نائره در سينه اش مشتعل شد ودر صدد دفع آن حضرت در آمده از مدينه به بغداد طلبيد حضرت محمد تقى هنگام اراده بغداد حضرت على النقى راوصى وخليفه خود كردانيد وكتب علوم

ص 6

الهى واسلحه وآثار حضرت رسالت پناه به فرزند پسنديده خود تسليم كرد (إلى ان قال) وروانه بغداد كرديد وروز بيست ونهم محرم كه سنه دويست وبيستم داخل بغداد شد ومعتصم در همين سال آن حضرت راشهيد كرده. وفي الصواعق قال: دفن في مقابر قريش ظهر جده الكاظم وعمره خمس وعشرون سنه ويقال: أنه سم أيضا. ايضا علامه صديق حسن خان در كتاب الفرع النامى نوشته كه معتصم عباسى او را به زهر كشت واو در روضه جد خود موسى الكاظم مدفون گرديد. ومنهم العلامه أبو الفلاح عبد الحى بن العماد الحنبلى المتوفى سنه 1089 في شذرات الذهب (ج 2 ص 48 ط دار إحياء التراث العربي) قال: وفيها [أي عشرين ومائتين توفي] الشريف أبو جعفر محمد الجواد بن علي بن موسى الرضا الحسيني أحد الاثني عشر إماما الذين تدعي فيهم الرافضة العصمة. وله خمس وعشرون سنة وكان المأمون قد نوه بذكره وزوجه بابنته وسكن بها بالمدينة. إلى أن قال: وتوفي ببغداد آخر السنة ودفن عند جده موسى ومشهدهما ينتابه العامة بالزيارة. ومنهم العلامة اليافعي في مرآة الجنان (ج 2 ص 80 ط حيدر آباد الدكن) قال في وقايع سنة عشرين ومائتين: وفيها توفي الشريف أبو جعفر محمد الجواد - فذكر مثل ما تقدم عن ابن العماد بزيادة قليلة. وفيه: قد تقدم أن المأمون زوج ابنته من أبيه علي الرضا وكان زوج الأب والابن بنتيه. كل واحد بنتا.

ص 7

ألقابه عليه السلام وكنيته

ذكرها جماعة من الأعلام في كتبهم: فمنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة 1296 والمتوفى بها أيضا 1372 في أحسن القصص (ج 4 ص 284 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال: ألقابه كثيرة: منها الجواد والقانع والمرتضى، وأشهرها الجواد. ومنهم الشيخ أبو الفوز محمد بن أمين البغدادي المشتهر بالسويدي في سبائك الذهب (ص 338 ط دار الكتب العلمية، بيروت) قال: ولقبه: الجواد. ومنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادرخان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه تاريخ الأحمدي (ص 349 ط بيروت سنة 1408) قال: ودر روضة الاحباب است كه اشهر القاب (محمد بن على الرضا) تقي وجواد است. كنيته عليه السلام ذكرها جماعة من الأعلام في كتبهم: فمنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة 1296 والمتوفى بها أيضا 1372 في أحسن القصص (ج 4 ص 284 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال:

ص 8

كنيته: أبو جعفر، وكنية جده محمد الباقر، ولذا يقال له أبو جعفر الثاني. ومنهم الشيخ الفاضل أبو الفوز محمد بن أمين البغدادي المشتهر بالسويدي في سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب (ص 338 ط دار الكتب العلمية، بيروت) قال: وكنيته: أبو جعفر.

نقش خاتمه عليه السلام

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة 1296 والمتوفى بها أيضا 1372 في أحسن القصص (ج 4 ص 294 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال: ونقش خاتمه: (نعم القادر الله). ومنهم الشيخ الفاضل أبو الفوز محمد بن أمين البغدادي المشتهر بالسويدي في سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب (ص 338 ط دار الكتب العلمية، بيروت) قال: نقش خاتمه: القدرة لله.

ص 9

إختبار المأمون له عليه السلام

قد نقلناه عن أعلام العامة في ج 12 ص 420 وج 19 ص 586، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق: فمنهم الشيخ الفاضل أبو الفوز محمد بن أمين البغدادي المشتهر بالسويدي في سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب (ص 338 ط دار الكتب العلمية، بيروت) قال: ومن مناقبه: أن المأمون لما قدم بغداد خرج يوما في موكبه متصيدا، فمر بصبيان يلعبون وفيهم محمد الجواد رضي الله عنه، ففر الصبيان هيبة للمأمون إلا محمد الجواد رضي الله عنه وهو إذ ذاك ابن تسع سنين، فلما رآه المأمون قال له: ألا فررت مع الصبيان؟ فقال: يا أمير المؤمنين لم يكن بالطريق ضيق فأوسعه لك، وليس لي جرم فأخشاك، والظن بك حسن أنك لا تضر من لا ذنب له، فأعجب كلامه وترحم على أبيه وتركه ومضى، فلما بعد عن العمارة أرسل بازا له على دراجة فغاب الباز ساعة في الجو وعاد وفي منقاره سمكة صغيرة وفيها بقية روح، فتعجب من ذلك، ورجع عن الصيد، فمر بالصبيان الذين فيهم محمد الجواد، فلما دنا منه قال: يا محمد ما بيدي؟ فألهمه الله تعالى أن قال له: إن الله خلق في بحر القدرة سمكا صغارا يصيدها باز الخليفة فيختبر بها سلالة أهل بيت المصطفى صلى الله عليه وسلم، فتعجب المأمون منه وقال

ص 10

للحاضرين: إن شككتم في أمره فجربوه وناظروه، فأجمع أمرهم أن يكون الناظر له يحيى بن أكثم، فأحضروه وسأله يحيى عن مسائل أجاب عنها بأحسن جواب، وأبان عن علم كثير وفضل غزير، فقال المأمون ليحيى: أحب أن يسألك كما سألته ولو مسألة واحدة. فقال يحيى: يسأل فإن حضرني الجواب أجبته وإلا أستفيد منه، فقال محمد الجواد: ما تقول في رجل نظر إلى امرأة في أول النهار بشهوة فكان نظره إليها حراما عليه، فلما ارتفع النهار حلت له، فلما زالت الشمس حرمت عليه، فلما دخل الليل حلت له، فلما انتصف الليل حرمت عليه، فلما طلع الفجر حلت له، فلما طلعت الشمس حرمت عليه، فلما ارتفع النهار حلت له. فبماذا حلت وبماذا حرمت؟ فقال يحيى: لا أدري. فقال - أي محمد الجواد رضي الله عنه: إن هذه أمة لرجل من الناس نظر إليها أجنبي في أول النهار بشهوة وذلك حرام عليه، فلما ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلت له، فلما زالت الشمس أعتقها فحرمت عليه، فلما دخل الليل تزوجها فحلت له، فلما انتصف الليل ظاهرها فحرمت عليه، فلما طلع الفجر كفر عن الظهار فحلت له، فلما طلعت الشمس طلقها واحدة رجعية فحرمت عليه فلما ارتفع النهار راجعها فحلت له. فصاح المأمون: أعذرتموني؟ قالوا: نعم، فالتفت المأمون إلى جواد وزوجه ابنته أم الفضل، وسيره إلى المدينة المنورة. ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة 1296 والمتوفى بها أيضا 1372 في أحسن القصص (ج 4 ص 294 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال: اتفق أن المأمون خرج يوما يتصيد - فذكر مثل ما تقدم عن سبائك الذهب إلى فترحم على أبيه وساق جواده إلى مقصده.

ص 11

ومنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادرخان الحنفي البريانوي النهدي في كتابه تاريخ الأحمدي (ط بيروت سنة 1408) قال في قصة ملاقاة الجواد عليه السلام للمأمون في صباه: ومما اتفق أنه بعد موت أبيه بسنة واقف والصبيان يلعبون في أزقة بغداد إذا مر المأمون ففروا - فذكر مثل ما تقدم عن سبائك الذهب إلى قوله عليه السلام: فيختبر بها سلالة أهل بيت المصطفى. فقال له المأمون: أنت ابن الرضا حقا، وأخذه معه وأحسن إليه وبالغ في إكرامه، ثم زوجه بنته أم الفضل، ثم توجه بها إلى المدينة.

ص 12

جملة من كلماته الشريفة

أوردها الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة 1296 والمتوفى بها أيضا 1372 في أحسن القصص (ج 4 ص 296 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال: من كلامه رضي الله عنه إن لله عبادا يخصهم بدوام النعم، فلا تزال فيهم ما بذلوها، فإن منعوها نزعها الله عنهم وحولها إلى غيرهم. وقال رضي الله عنه: ما عظمت نعمة الله على أحد إلا عظمت إليه حوائج الناس، فمن لم يحتمل تلك المؤنة عرض تلك النعمة للزوال. وقال رضي الله عنه: أهل المعروف إلى اصطناعه أحوج من أهل الحاجة إليه، لأن لهم أجره وفخره وذكره، فمهما اصطنع الرجل من معروف فإنما يبتدئ فيه بنفسه. وقال رضي الله عنه من أجل انسانا هابه، ومن جهل شيئا عابه، والفرصة خلسة، ومن كثر همه سقم جسمه، وعنوان صحيفة المسلم حسن خلقه، وفي رواية أخرى: عنوان صحيفة المسلم السعيد حسن الثناء عليه. وقال: من استغنى بالله افتقر الناس إليه، ومن اتقى الله أحبه الناس. وقال: الجمال في اللسان، والكمال في العقل. وقال: العفاف زينة الفقر، والشكر زينة البلاء، والتواضع زينة الحسب،

ص 13

والفصاحة زينة الكلام، والحفظ زينة الرواية، وخفض الجناح زينة العلم، وحسن الأدب زينة الورع، وبسط الوجه زينة القناعة، وترك ما لا يعني زينة الورع. وقال: حسب المرء من كمال المروءة ألا يلقى أحدا بما يكره، ومن حسن خلق الرجل كفه أذاه، ومن سخائه بره بمن يجب حقه عليه، ومن كرمه إيثاره على نفسه، ومن إنصافه قبول الحق إذا بان له، ومن نصحه نهيه عمالا يرضاه لنفسه، ومن حفظه لجوارك تركه توبيخك عند ذنب أصابك مع علمه بعيوبك، ومن رفقه تركه عذلك بحضرة من تركه، ومن حسن صحبته لك إسقاطه عنك مؤنة التحفظ، ومن علامة صداقته كثرة موافقته، وقلة مخالفته، ومن شكره معرفة إحسان من أحسن إليه، ومن تواضعه معرفته بقدره، ومن سلامته قلة حفظه لعيوب غيره، وعنايته بصلاح عيوبه. وقال رضي الله عنه: العالم بالظلم، والمعين عليه، والراضي به، شركاء. وقل رضي الله عنه: من أخطأ وجوه المطالب خذلته الحيل، والطامع في وثاق الذل، ومن طلب البقاء فليعد للمصائب قلبا صبورا. وقال رضي الله العلماء غرباء لكثرة الجهال بينهم. وقال رضي الله عنه: الصبر على المصيبة مصيبة على الشامت. وقال رضي الله عنه: ثلاث يبلغن بالعبد رضوان الله: كثرة الاستغفار، ولين الجانب، وكثرة الصدقة. وقال رضي الله عنه: ثلاث من كن فيه لم يندم: ترك العجلة، والمشورة، والتوكل على الله عند العزم. وله حكم وأقوال كثيرة نكتفي بما ذكر منها. والله أعلم.

ص 14

كلمات العلماء في شأنه عليه السلام

فمنهم الفاضل المعاصر الهادي حمو في أضواء على الشيعة (ص 136 ط دار التركي) قال: هو أبو جعفر محمد الجواد بن علي الرضا، مات فخلفه في الإمامة وهو ابن سبع أو تسع سنين، وقد شغف به المأمون لما رأى من فضله مع صغر سنة ونبوغه في العلم والحكمة والأدب وكمال العقل ما لم يساوه أحد في ذلك من أهل زمانه فزوجه ابنته أم الفضل كما زوج أباه من قبل من أخته أم حبيب. وتولى الجواد للإمامة أثار شكوكا في الناس فتساءلوا: كيف يكون إماما من لم يبلغ سن الرشد ؟ كيف الآخرون بطاعته وهو غير مكلف؟ وأين لهذا الفتى اليافع ذلكم العلم الواسع الواجب للامام؟ وحاول متكلموا الشيعة الإجابة عن هذا الأسئلة فذكروا الآية النازلة في حق زكريا عليه السلام: (وآتيناه الحكم صبيا) (12 - مريم: 19) وذكروا معجزة المسيح في نطقه بالمهد، وإخباره أن الله آتاه الكتاب (فأشارت إليه قالوا كيف نكلم من كان في المهد صبيا قال إني عبد الله آتاني الكتاب وجعلني نبيا) (30 - مريم: 19) وحكوا موقف المأمون مع من استنكر عليه تزويجه بنته الجواد وهو صغير السن إذ قال لهم:

ص 15

ويحكم أنا أعرف به منكم، إنه من أهل بيت علمهم من الله، ولم يزل آباؤه أغنياء في علم الدين والأدب عن الرعايا، وإن شئتم فامتحنوه حتى يتبين لكم ذلك فجمع الجواد بقاضي القضاة يحيى بن أكثم في مجلس من مجالس المأمون وسأل وامتحن الإمام الفتى. سأله ابن أكثم عن محرم قتل صيدا. فقال الجواد: هل قتله في حل أو حرم؟ عالما كان أو جاهلا؟ عمدا كان أخطأ، حرا كان المحرم أو عبدا، صغيرا كان أو كبيرا، مبتدأ كان أو معيدا؟ من ذوات الطير كان الصيد أم من غيرها؟ من صغار الطير أم من كباره؟ مصرا كان على ما فعل أو نادما؟ في الليل كان الصيد أو في النهار؟ وفي عمرة كان ذلك أو في حجة؟ فتحير قاضي القضاة ابن أكثم وبان عليه العجز والانقطاع حتى عرف أهل المجلس أمره. فقال المأمون: الحمد لله على هذه النعمة والتوفيق، إن أهل البيت خصوا من دون الخلق بما ترون من الفضل، وإن صغر السن فيهم لا يمنعهم من الكمال. بعد البلوغ (ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما) (22 - يوسف: 12) علم لدني حصل له دون تعليم، إلهام كالنكت في القلب، والنقر في الآذان! والرؤيا الصادقة في المنام! وفريق آخر ينكر هذه المصادر للمعرفة ويرى أن علمه كان مستمدا من الكتب التي ورثها من أبيه. ومنهم الشريف علي الحسيني فكري القاهري في أحسن القصص (ج 4 ص 295 ط بيروت) قال: لقد أحسن المأمون إليه، وقربه وبالغ في إكرامه، ولم يزل مشغوفا به لما ظهر له من فضله وعلمه، كمال عقله، وظهور برهانه، مع صغر سنه، وعزم على تزويجه بابنته أم الفضل وصمم على ذلك فمنعه العباسيون من ذلك خوفا من أن يعهد إليه كما عهد إلى أبيه من قبل.

ص 16

فلما ذكر لهم أنه إنما اختاره لتميزه عن كافة أهل الفضل علما ومعرفة وحلما مع صغر سنه نازعوه في اتصاف محمد الجواد بذلك، وطلبوا منه اختباره بمعرفة يحيى ابن أكثم. فلما امتحنه أجابه إجابات سديدة فقالوا: ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء. فقال المأمون: قد عرفتم الآن ما تنكرون عليه، والحمد لله على ما من به علي من السداد في الأمر والتوفيق في الرأي، وأقبل على أبي جعفر وقال له: إني مزوجك ابنتي أم الفضل رغم أنوف القوم، فاخطب لنفسك فقد رضيتك لنفسي وابنتي. فقال أبو جعفر: الحمد لله إقرارا بنعمته، ولا إله إلا الله إخلاصا بوحدانيته، وصلى الله على سيدنا محمد سيد بريته، والأصفياء من عترته. أما بعد فقد كان من فضل الله على الأنام أن أغناهم بالحلال عن الحرام، فقال تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم). ثم إن محمد بن علي بن موسى خطب إلى أمير المؤمنين عبد الله المأمون ابنته أم الفضل وقد بذل لها من الصداق مهر جدته فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهو خمسمائة درهم جياد - فهل زوجتني يا أمير المؤمنين إياها على هذا الصداق؟ قال أمون الم: زوجتك ابنتي أم الفضل على هذا الصداق المذكور. فقال أبو جعفر: قبلت نكاحها لنفسي على هذا الصداق المذكور. وبعد أن انصرف الناس تقدم المأمون بالصدقة على الفقراء والمساكين، ولم يزل عنده محمد الجواد معظما مكرما إلى أن توجه بزوجته أم الفضل إلى المدينة المشرفة. ومنهم الفاضل الدكتور داويت. رونلدسن في عقيدة الشيعة تعريب ع. م. (ص 197 ط مؤسسة المفيد، بيروت) قال: والأهم لحياة الإمام محمد التقي هو أن المأمون بقي يميل إلى التشيع حتى بعد أن

ص 17

أبدل الخضرة بالسواد. وقد فعل ذلك لضرورة سياسية ضد رغبته الشخصية. فإنه لم يكتف بتعيين الشيعة البارزين من الفرس في الوظائف المهمة بل أظهر عطفا شديدا نحو بيت الإمام الرضا المتوفى. فاختار أحد أخوته ليحج بالناس. ولم تمض مدة طويلة حتى زوج ابنته أم الفضل إلى محمد التقي بن علي الرضا، ويقول اليعقوبي: إنه أمر له بألفي ألف درهم، وقل: إني أحببت أن أكون جدا لمرء ولده رسول الله وعلي ابن أبي طالب. وكان عمر محمد التقي - ويلقب حينا بالجواد - تسع سنين (أو سبعا على قول آخرين) عند وفاة أبيه، وكان بالمدينة آنئذ، وكان صغر سنه سببا في شك كثيرين من الشيعة بإمامته، فلما جاء موسم الحج ذهب عدد من رجالهم البارزين وعلمائهم من مختلف البلاد إلى الحج، فلما رأوه زال الشك عن قلوبهم. ويروي الكليني أن المتولي سأله ثلاثين ألف مسألة يمتحنه بها فأجاب عنها جميعا ودام ذلك ثلاثة أيام. وأمه ليست أم حبيب بنت المأمون بل أم ولد مشكوكا في أصلها، ويقول الكليني: إنها نوبية واسمها سبيكة. وقيل أيضا: إن سمها كان خيزران وهي رومية. وروي أنها كانت من أهل بيت مارية أم إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويروي الشيعة قصة طريفة عن أول لقاء بين الخليفة المأمون ومحمد التقي وهو صبي. فيظهر أنه جاء إلى بغداد بعد وفاة أبيه بمدة قصيرة. وصادف أن خرج المأمون يوما إلى الصيد ومعه بزاته، فاجتاز بطرف البلد في طريقه والصبيان يلعبون ومحمد التقي واقف معهم وعمره إذ ذاك نحو 11 سنة. فلما أقبل الخليفة انصرف الصبيان هاربين ووقف محمد فلم يبرح مكانه، فنظر إليه المأمون ثم سأله: يا غلام ما منعك من الانصراف؟ فقال: يا أمير المؤمنين لم يكن الطريق ضيقة فأوسعه لك بذهابي ولم يكن لي جريمة فأخشاه، وظني بك حسن أنك لا تضر من لا ذنب له فوقفت. فأعجب المأمون كلامه وساق جواده إلى وجهته. فلما بعد من العمارة أخذ بازيا فأرسله على دراجة فعاد وفي منقاره سمكة صغيرة،

ص 18

فأخذها المأمون في يده فسأله الغلام وهو لا يزال في مكانه: ما في يدي؟ قال: يا أمير المؤمنين، الله تعالى خلق بمشيئته في بحر قدرته سمكا صغارا يصيدها بزاة الملوك والخلفاء، وهم يأخذونها في أيديهم فيختبرون بها سلالة أهل بيت النبوة. وجمع المأمون بعد ذلك بقليل مجلسا ليمتحن الإمام، ودام المجلس أياما عديدة، وقد أجاب الإمام على كل المسائل، فاندهش الناس من ذلك، فزوجه المأمون بابنته وأمر له بمال كثير. ويروى أن الإمام أطرق عند ذلك برأسه ومات بنو العباس غيظا وكمدا. وبذلك أظهر المأمون اهتمامه المستمر وعطفه على الشيعة، وجعل ابن الإمام الرضا المتوفى تحت رعايته، وكان الإمام الفتى يأتي قصر المأمون بين آن وآخر للدرس ومحادثة العلماء الذين يجتمعون هناك، غير أن من سوء الحظ أن الرواة قد أكدوا الاعجاز في ما قد بلغه من العلم، بصرف النظر عن الحوادث التي قد تظهر دراسته. فمما يخيب الأمل مثلا أن نقرأ شهادة يحيى بن أكثم، وهو من الناس الذين أرادوا امتحان الإمام، فسأله مسائل كثيرة قبل أن يعترف بإمامته، فنجد أن كل ما ذكره هو أنه سأله: من الإمام؟ قال: أنا. قال: وما برهانك؟ فتكلمت عصى محمد التقي وقالت: إن صاحبي هذا هو إمام العصر وحجة الله. وبعد سنة أو نحوها من زواج الإمام سمح له الخليفة أن يأخذ زوجته الصغيرة ويذهب إلى المدينة، وقد سر بنو العباس بذلك لكراهتهم أن يروا تفضيله عليهم في بغداد. فعاش في المدينة عيشة بسيطة كمن تقدمه من الأئمة مدة ثلاث سنوات، يقابل من يأتي لزيارته ويكرم الفقراء ويتحاشى التدخل في القضايا العامة. وقد صنع معجزات عدة تشبه تلك المعجزات التي صنعها باقي الأئمة كإخباره بأن جارية معينة ستحمل بغلام لرجل، وجعل شجرة تحمل فاكهة، بينما صلى عدة ركعات عند قبر النبي، وأفرح عجوزا بإحيائه بقرة ميتة لها. أما حياته مع زوجته زينب بنت الخليفة - وتعرف بأم الفضل - فيقال: إنها لم تكن

ص 19

حياة سعيدة، لأن سلوك هذه الزوجة الشرعية لم يكن يتفق والصداقة والحب المتبادل الذي يجب أن يكون بين الزوج وزوجه، فكانت تكتب إلى أبيها تتهم زوجها وتذكر أنه يعاشر الجواري، وذلك لتخلق العداء ضده. وقد نبهها لهذه الأقوال ولأنها تحرم ما أحل الله. وعادت زوجته من المدينة إلى بغداد بعد سبع سنوات من زواجها لحضور زواج الخليفة المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل، البالغة من العمر ثمان عشرة سنة، ذلك الزواج الذي لم تشهد بغداد مثله. كانت فرصة جميلة يشهدها الإمام، فقد نثر على العريس اللؤلؤ بدل الرز، فيجمع ويعطى إلى العروس، وقد ألبستها زبيدة زوج الرشيد ثوب من الجواهر واللؤلؤ، وأوقدت غرفة العروس بشموع العنبر، وبذل أبو العروس وهو من أغنى الفرس وأعظمهم شأنا، اعترافا بامتنانه لهذا الشرف العظيم، مبالغ لا تعد ولا تحصى، وأعطى من الهدايا ما لا يوصف، فنثر على الناس بنادق مسك فيها أسماء ضياع وأسماء جوار وصفات دواب وغير ذلك، فكانت البندقة إذا وقعت بيد الرجل فتحها فقرأ ما فيها وقبضها، وخلعت على الناس خلع سنية. وهكذا انتهى العرس الذي لم يسبق له مثيل. ونشأ خلاف واحد في بغداد بين الإمام التقي وأم الفضل سبب للأسرة المالكة انزعاجا كبيرا. فيروى عن حكيمة أخت الإمام الرضا أن أم الفضل أخبرتها بأن امرأة أتتها كأنها قضيب بان أو غصن خيزران، وقالت: أنا زوج الإمام التقي. فدخل على أم الفضل من الغيرة ما لم تملك نفسها، فنهضت من ساعتها وصارت إلى المأمون، وقد كان ثملا من الشراب وقد مضى من الليل ساعات، فأخبرته بحالها وقالت له: يشتمني ويشتمك ويشتم العباس وولده. قالت: فغاظه ذلك مني جدا ولم يملك نفسه من السكر وقام مسرعا وضرب بيده السيف وحلف أنه يقطعه بهذا السيف ما بقي في يده، وصار إليه فدخل إليه.. وهو نائم فوضع فيه السيف فقطعه قطعة قطعة.. فلما أفاق من السكر ندم ندما شديدا وأرسل من يأتيه بخبره، فعاد وأخبره أنه وجده

ص 20

يصلي صلاة الصبح وقد استوهبه ثوبه الذي عليه ليرى آثار الجرح فلم يجد. فأرسل الخليفة إلى الإمام يسأله الركوب إليه. قالت أم الفضل: ووبخني وحلف إن شكوت زوجي إليه مرة أخرى لا يرى وجهي ما دام حيا. واشتغل الإمام مدة بقائه في بغداد، وهي ثمان سنوات بالتدريس. ويذكر ابن خلكان: إنه كان يروي مسندا عن آبائه آل علي بن أبي طالب (رض) أنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم: إلى اليمن فقال لي وهو يوصيني: يا علي ما خاب من استخار الله ولا ندم من استشار، يا علي عليك بالدلجة فإن الأرض تطوى بالليل ما لا تطوى بالنهار. يا علي اغد باسم الله فإن الله بارك في بكورها. وكان يقول: من استفاد أخا في الله فقد استفاد بيتا في الجنة. إلى أن قال في ص 202: وبعد وفاة المأمون عاد الإمام محمد التقي مع أهله إلى المدينة وبقي ما يزيد على السنة حتى دعاه المعتصم الخليفة الجديد، وهو أخ المأمون، إلى بغداد، وكان ذلك في أول السنة التي مات فيها الإمام وهي سنة 220 (835) وليس هناك دليل على أن العلاقة مع الخليفة الجديد كانت غير حبية، إلا أن بعض الروايات المذكورة في الكتب التي يقرأها الشيعة تقول إنه مات مسموما سمته زوجته أم الفضل بتحريض المعتصم. ولا تتفق هذه الروايات على تفاصيل هذه المتهمة، فيقول بعضها: إنها سمته بمنديل يتمسح به في الفراش، وتقول الروايات الأخرى: إنها أعطته عنبا مسموما، وأخرى تذكر أن المعتصم أرسل له شرابا مسموما بيد خادم، أو يقال: إنه دعاه إلى قصره ووضع له السم بالطعام. ويروي مصنف كتاب بحار الأنوار بعض الكتب المعتبرة المتقدمة لكتاب إرشاد المفيد وكشف الغمة فيقول: وقيل إنه مضى مسموما. ولم يثبت عندي بذلك خبر فأشهد به. قال الكليني: ودفن بمقابر قريش في ظهر جده أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما

ص 21

السلام وصلى عليه الواثق ابن الخليفة المعتصم. ومنهم العلامة العارف الشيخ محيي الدين أبو بكر محمد بن علي الطائي الحاتمي الأندلسي في المناقب المطبوع في آخر وسيلة الخادم للشيخ فضل الله بن روز بهان الإصبهاني (ص 296 ط قم) قال: وعلى باب الله المفتوح وكتاب الله المشروح ماهية الماهيات مطلق المقيدات وسر السريات الوجود، ظل الله الممدود المنطبع في مرآة العرفان والمنقطع من نيله حبل الوجدان غواص بحر القدم محيط الفضل والكرم حامل سر الرسول مهندس الأرواح والعقول أديب معلمه الأسماء والشؤون فهرس الكاف والنون، غاية الظهور والايجاد محمد بن علي الجواد عليه السلام. ومنهم العلامة فضل الله بن روز بهان الخنجي الأصفهاني المتوفى سنة 927 في وسيلة الخادم إلى المخدوم در شرح صلوات چهارده معصوم (ص 235 ط كتابخانهء عمومى آية الله العظمى نجفى، قم) قال: اللهم وصل وسلم على الامام التاسع ودرود وصلوات ده وسلام فرست بر امام نهم. ازاينجا شروع است در صلوات بر حضرت امام تقى جواد (ع) كه امام نهم است. واوبعد از پدر خود حضرت امام رضا (ع) امام شد به نص از قبل پدر خود، وهيچ نزاعى ميان ما امامية نيست در آنكه او بعد از على بن موسى (ع) امام به حق است. وهنگامى كه پدرش وفات فرمود در طوس او طفل بود. ومأمون عليه اللعنه بعد از وفات پدر او را همراه خود به بغداد آورد، وآن حضرت در بغداد ساكن شد ودر آنجا وفات كرد.

ص 22

الأواب السجاد. الفائق في الجود على الأجواد آن حضرت بازگر دانده است به تعالى در هر امرى از امور، وبسيار سجده كننده است نزد حق تعالى. واين اشارت است به كثرت عبادت آن حضرت چنانچه روايت كرده اند كه بعد از امام زين العابدين از ائمة هيچ كس به كثرت عبادات آن حضرت بنوده وآن حضرت فايق وغالب است در بخشش بر همهء بخشندگان. واين اشارت است به كثرت عطاى او، چنانچه روات كرده اند كه آن حضرت در عطا وبخشش سر آمد روزگار بود تا به غايتى كه او را جواد لقب كرده اند. بحر عطاى او قطره وباران از كرم او بهره داشت. پناه ضعيفان بود در وقت حاجات وملاذ سائلان در عطيات مانح العطايا والأوفاد لعامة العباد آن حضرت بخشندهء عطيه ها وبخششهاست از براى عامهء بندگان خداى تعالى. واين اشارات است به عموم عطايى آن حضرت، چنانچه روايت كرده اند كه هرگز آستانهء آن حضرت از سائلان وحاجات خواهان خالى نبودى، وآن حضرت بر روى عامهء خلايق ابواب عطا وكرم بگشودى وهيچ آفريده از درگاه احسان او محروم بازنگشتى واز عرب وعجم مردمان بر كنار خوان او آمدى. ما حي الغواية والعناد، قامع أرباب البغي والفساد آن حضرت محوكنندهء گمراهى وعناد است وبركنندهء خداوندان ظلم وفساد است. واين اشارت است بدانكه آن حضرت ارباب بغى وفساد واصحاب غوايت وعناد را به حجتهاى واضحه وبراهين ساطعه قلع وقمع مى فرموده.

ص 23

روايت كرده اند كه چون مأمون خليفة آن حضرت را ماماد خود ساخت هميشه آن حضرت را در مجلس خود حاضر ساختى وطوايف ارباب مذاهب مختلفه كه در مجلس مأمون حاضر شدندى ودر اعتقادات ومشكلات علوم بحث كردندى آن حضرت ايشان را الزام كردى وحجتهاى ايشان را قلع وقمع كدرى وجميع طوايف از آن حضرت استفاده كردندى ودر حجت وبرهان بر همه فايق آمدى ومأمون در تعظيم وتوقير آن حضرت دقيقه اى فروگذاشت نكردى. روايت كرده اند كه نوبتى دختر مأمون نزد او آمد واز حضرت امام شكايت كرد كه او رعايت خاطر من نمى كند وكنيزان را بر من گزيده، مأمون با دختر گفت كه: تو راضى نيستى كه من تو را تزويج كردم به بهترين خلايق از روى حسب ونسب؟ وحق تعالى كنيزان رابر او حلال كرده واو را در اختيار ايشان، اختيار است. صاحب معالم الهداية والارشاد إلى سبل الرشاد آن حضرت صاحب نشانهاى راهنمايى وارشاد است به رههاى راستى وصلاح. واين اشارت است بدانكه آن حضرت مردمان را ارشاد به راه حق مى فرموده وبه جانب مشكلات راه راست مى نموده. روايت كرده اند كه چون مأمون خليفة آن حضرت رابه بغداد آورد مدتى از حال آن حضرت غافل شد به واسطهء اشتغال به مهمات، وآن حضرت طفل بود. نوبتى مأمون سوار بود وبه شكار مى رفت. حضرت امام محمد تقى (ع) با جماعتى اطفال بر سر راه مأمون ايستاده بودند. چون موكب مأمون پيدا شد طفلان همه بگريختند وحضرت امام بر جاى خود بايستاد واصلا از محل خود تجاوز نفرمود. مأمون از جلادت آن طفل تعجب كرد، پرسيد كه: اى پسر چراچون طفلان گريختند تو باز ايستادى وهيچ خوف وانديشه نكردى؟ حضرت امام فرمود: راه تنگك نبود كه مركب تو تنواند گذشت ومرا ببايد رفت تا راه تو گشاده گردد، ومن از عدل تو امنم

ص 24

زير كه مى دانم كه بى خيانتى وجرمى تو عقوبت نمى فرمايى، پس چرا از راه دور شوم واز تو بگريزم؟ مأمون گفت: تو پسر كيستى؟ گفت: پسر على بن موسى ام. مأمون بسيار بگريست ودر فراق حضرت امام على (ع) جزع واضطراب كرد وگفت: من دانستم كه مثل تو فرزندى رشيد نباشيد الا از مثل على بن موسى الرضا [ع]. مأمون متوجه شكار شد، چون به صحرا رفت بازى اشهب داشت. آن باز را جهت شكار مرغ رهاكرد. باز در جوف هوا بالا رفت وزمانهاى بسيار از چشم همه كس غايب شد وبعد از آن بازگشت ومرغى را شكار كرده بود كه تمامى اعضاى او گوشت بود وهيچ پر وبال نداشت ومثل آن مرغى كسى نديده بود. هرچند مأمون از مردم تفحص كرد كه حقيقت حال اين مرغ بازگويند هيچ كس را از حقيقت حال آن مرغ آگاهى نبود، مأمون از شكار بازگشت. حضرت امام محمد تقى در همان موضع ايستاده بود. مأمون گفت: اى پسر رضا حقيقت حال آن اين مرغ چيست؟ حضرت امام في الحال فرمود: پدران من مرا خبر داده اند حق تعالى در جوف هوا بحرى آفريده همچنانچه در زمين درياهاست، وبر آن درياها مرغانند همچنانچه مرغابيان آبهاى زمين. وباز خليفيه از خلفاء آن راصيد كند تامردم عجايب قدرت الهى ببينند. ووصى رسول امين از حقيقت آن خبر دهد. مأمون چون اين سخن شنيد گفت: والله كه تو پسر على رضايى ووارث علوم ومعارف او تويى كه خداى تعالى شما را واهل بيت شما را به علوم وخصايصى مخصو ص ساخته كه ديگران از آن بهره ندارند. پس آن حضرت را همراه به دار الخلافه برد واز مشكلات جميع علوم از آن حضرت سؤالها كرد وآن حضرت با وجود صغر سن از جميع آن علوم جوابها داد وهرچه استكشاف كردند از عهدهء آن بيرون آمد واز ديگر علوم غيبيه وامور غريبه ايشان آگاهرا گردانيد. ومأمون وساير خلاق دانستند كه آن حضرت وصى پدر خود است. پس مأمون مجلسى عظيم ترتيب كرد ومردمان را جمع گردانيد ودختر خود را

ص 25

[به] نكاح آن حضرت در آورد. وگفته اند: در دار الخلافه جشنى بدان آراستگى ترتيب نكرده اند. واز جمله در مجلس عقد نكاح جهت عطر مجلس طشتى به غايت بزرگ از نقره وبه طلا اندوده ومرصع ساخته مالامال از عبير وساير طيبها حاضر گردانيد تا جميع خلايق خود را بدان معطر ساختند وعطر به ذخيره برداشتند ومأمون خود خطبه خواند ودختر خود را به نكاح حضرت امام در آورد ومهر دختر خود را پانصد درهم كرد وهمچو مهر حضرت فاطمه (ع). المقتبس من نور علومه الأفراد من الأبدال والأوتاد آن حضرت اقتباس كننده است از نور علمهاى او يكان يكان از ابدال اولياء واوتاد عالم. واين اشارت است بدانچه از خصايص ائمهء هدى است كه جميع افراد ابدال واوتاد عالم كه نظم وحفظ عالم در عهدهء ايشان است از ائمه اقتباس علوم ومعارف مى نمايند وآن حضرت را بدان مزيد اختصاصى هست چنانچه روايت كرده اند كه اوليا واوتاد زمان آن حضرت از او در حقايق علوم ومعارف استفاضه واستفاده مى نموده اند. أبي جعفر محمد التقي الجواد بن علي الرضا كنيت آن حضرت ابو جعفر است وآن حضرت را اولاد بود وبزرگتر ايشان على نقى هادى است كه بعد از آن حضرت، امام بود ومادر آن حضرت ام الولد بود وحضرت امام على نيز از ام الولد متولد شد نه از دختر مأمون. واز القاب آن حضرت يكى جواد است زيراكه از بسيارى جود در زمان خود منفرد بوده ودر عطا وكرم. واز جمله القاب آن حضرت تقى است يعنى پر هيزكار واگرچه تمامى ائمهء معصومين در كمال تقوا بوده اند فاما آن حضرت بدين وصف عظيم مزيد اشتهارى داشته.

ص 26

ساكن روضه الجنة بأنعم العيش، المقبور عند جده بمقابر قريش آن حضرت ساكن روضهء بهشت است به خوشترين عيشى وحياتى ودفن كرده شده است نزد جد خود حضرت امام موسى كاظم (ع) در مقابر قريش كه مرقد مطهر حضرت امام است. ودر سبب وفات آن حضرت خلاف كرده اند، بعضى بر آنند كه آن حضرت را زهر دادند. وهمچنين جميع ائمهء هدى را شهيد كرده اند واز بعضى ائمه روايت كرده اند او فرمود: ما منا إلا قد سم يعنى هيچ يك از مانيست الاآنكه او را زهر داده اند. وبعضى بر آنند كه آن حضرت به موت خود وفات فرمود. وسن مبارك آن حضرت به چهل نرسيده. ولادت آن حضرت در ماه رمضان بود سنهء خمس وتسعين ومائه، در هفدهم ماه شب جمعه. وبعضى گويند: در نصف ماه شب جمعه، وبعضى گويند ولادت آنحضرت روز جمعه دهم رجب بوده ووفات حضرت بيست وپنچ سال بود وقبر مبارك آن حضرت ملصق به قبر جد اوست امام موسى (ع) درجانب غربى بغداد وآن روضه ايست مشهور وقبه ايست متلالئ از بها ونور وجنتى است از نعيم فيض الهى معمور. اللهم صل على سيدنا محمد وآل سيدنا سيما الإمام السجاد محمد تقي الجواد.

ص 27

أولاده عليه السلام

ذكرهم جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة 1296 والمتوفى بها أيضا 1372 في أحسن القصص (ج 4 ص 297 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال: أولاده: خلف من الولد عليا وموسى وفاطمة وأمامة. ومنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادرخان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه تاريخ الأحمدي (ط بيروت سنة 1408) قال: ودر روضة الأحباب است كه وى دو پسر ودو دختر گذاشت. وقال في الصواعق: أجلهم علي النقي العسكري وكان وارث أبيه علما.

ص 29

الإمام العاشر أبو الحسن علي بن محمد الهادي (عليه السلام)

ص 31

مستدرك فضائل الإمام علي بن محمد الهادي عليه السلام

قد تقدم نقل ما يدل عليه من العامة في ج 12 ص 242 وج 19 ص 606، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق:

نسبه الشريف وميلاده ووفاته عليه السلام

ذكره جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادرخان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه تاريخ الأحمدي (ص 350 ط بيروت سنة 1408) قال: وفي تاريخ الخميس قال: ولد علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بالمدينة سنة أربع عشرة ومائتين. وقال في 352:

ص 32

قال الشيخ ابن حجر المكي في الصواعق: كان المتوكل أشخص علي بن محمد التقي من المدينة إلى سر من رأى سنة ثلاث وأربعين ومائتين. وقال في ص 354 نقلا عن أبي الفداء: وفي سنة أربع وخمسين ومائتين توفي بسر من رأى علي الملقب بالهادي والنقي. وفي تذكرة الخواص من الأمة لسبط ابن الجوزي قال: كان وفاته في أيام المعتز بالله. وقيل: إنه مات مسموما. ومنهم الفاضل المعاصر خير الدين الزركلي في الأعلام (ج 5 ص 140 ط 3، بيروت) قال: علي الملقب بالهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى بن جعفر الحسيني الطالبي: عاشر الأئمة الاثني عشر عند الإمامية، واحد الأتقياء الصلحاء. ولد بالمدينة، ووشي به إلى المتوكل العباسي، فاستقدمه إلى بغداد وأنزله في سامراء، وكانت تسمى مدينة العسكر لأن المعتصم لما بناها انتقل إليها بعسكره، فنسب إليها أبو الحسن. ثم اتصل بالمتوكل أنه يطلب الخلافة وأن في منزله كتبا من شيعته تدل على ذلك، فوجه إليه من جاء به، فلم ير ما يسوؤه، فسأله إن كان عليه دين، فقال: نعم، أربعة آلاف دينار، فوفاها عنه ورده إلى منزله مكرما. وتوفي بسامراء ودفن في بيته. ومنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة 1296 والمتوفى بها أيضا 1372 في أحسن القصص (ج 4 ص 300 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال: نسبه: هو سيدنا علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب

ص 33

رضي الله عنهم، وأمه أم ولد يقال لها سمانة المغربية. مولده: ولد أبو الحسن الهادي بالمدينة في رجب سنة أربع عشر ومائتين للهجرة. وقال أيضا في ص 301: كان أبو الحسن العسكري وارث أبيه علما ومنحا، وكان فقيها فصيحا جميلا مهيبا، وكان أطيب الناس بهجة، وأصدقهم لهجة. إلى أن قال في ص 303: وفاته: أبو الحسن علي الهادي المعروف بالعسكري (بسر من رأى) يوم الاثنين لخمس ليال بقيت من جمادى الآخرة سنة أربع وخمسين ومائتين، وله من العمر أربعين سنة. ودفن في داره بسر من رأى ويقال: إنه مات مسموما، والله أعلم. ومنهم الشيخ الفاضل أبو الفوز محمد بن أمين البغدادي المشتهر بالسويدي في سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب (ص 342 ط دار الكتب العلمية، بيروت) قال: علي الهادي ولد بالمدينة، وكنيته أبو الحسن، ولقبه الهادي، وكان أسمر اللون. نقش خاتمه: الله ربي وهو عصمتي من خلقه. ومناقبه كثيرة. إلى أن قال: توفي رضي الله عنه يوم الاثنين سنة مائتين واثنين وخمسين، ودفن بسر من رأى، وله من العمر أربعون سنة رحمه الله ورضي الله عنه.

ص 34

كنيته وألقابه ونقش خاتمه عليه السلام

ذكرها جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادرخان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه تاريخ الأحمدي (ط بيروت سنة 1408) قال كنيته: أبو الحسن لا غير. ألقابه: أما ألقابه فهي الهادي والمتوكل والناصح والمتقي والمرتضى والفقيه والأمين والطيب، وأشهرها الهادي. وكان ينهى أصحابه عن تلقيبه بالمتوكل لكونه لقبا للخليفة جعفر المتوكل بن المعتصم. ويقال له العسكري لأنه أقام بموضع يقال له العسكر وهو سر من رأى. ونقش خاتمه: الله ربي وهو عصمتي من خلقه.

ص 35

كرمه عليه السلام

رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم الفاضل المعاصر الشريف علي بن الدكتور محمد عبد الله فكري الحسيني القاهري المولود بها سنة 1296 والمتوفى بها أيضا 1372 في أحسن القصص (ج 4 ص 302 ط دار الكتب العلمية في بيوت) قال: نقل غير واحد أن أبا الحسن العسكري خرج يوما من سر من رأى إلى قرية له لمهم، فجاء رجل من بعض الأعراب يطلبه في داره فلم يجده وقيل له: إنه ذهب إلى الموضع الفلاني، فقصد لى ذلك الموضوع، فلما وصل إليه قال له: ما حاجتك؟ فقال لهأنا رجل من أعراب الكوفة المستمسكين بولاء جدك علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد ارتكبتني الديون، وأثقلت ظهري بحملها، ولم أر من أقصده لقضائها. فقال له أبو الحسن: كم دينك؟ فقال: نحو عشرة آلاف درهم. فقال: طب نفسا وقر عينا، يقضى دينك إن شاء الله تعالى: ثم أنزله فلما أصبح الصباح قال له: يا أخا العرب أريد منك حاجة لا تعصيني فيها ولا تخالفني، والله الله فيما آمرك به، وحاجتك تقضى إن شاء الله تعالى. فقال الأعرابي: لا أخالفك في شيء مما تأمرني به، فأخذ أبو الحسن ورقة وكتب فيها بخطه: دينا عليه للأعرابي المذكور ، وقال له: خذ هذا الخط معك فإذا حضرت إلى سر من رأى فتراني أجلس

ص 36

مجلسا عاما، فإذا حضر الناس واحتفل المجلس فتعالى إلي بالخط وطالبني، وأغلظ علي في القول والطلب، ولا لوم عليك، والله الله أن تخالفني في شيء مما أوصيتك به. فلما وصل أبو الحسن إلى سر من رأى جلس مجلسا عاما وحضره جماعة من وجوه الناس وأصحاب الخليفة المتوكل، فجاء الأعرابي وأخرج الورقة وطالبه بالمبلغ وأغلظ عليه الكلام، فجعل أبو الحسن يعتذر له، ويطيب نفسه بالقبول، ويعده بالخلاص، وكذلك الحاضرون وطلب منه المهلة ثلاثة أيام. فلما انفك المجلس نقل ذلك للخليفة المتوكل، فأمر لأبي الحسن على الفور بثلاثين ألف درهم، فلما حملت إليه تركها إلى أن جاء الأعرابي، فقال له: خذها جميعها. فقال الأعرابي: يا بن رسول الله والله إن العشرة بلوغ مطلبي، ونهاية أربي. فقال أبو الحسن: والله لتأخذن ذلك جميعه، وهو رزقك، ساقه الله لك، ولو كان أكثر من ذلك ما نقصناه، فأخذ الأعرابي الثلاثين ألف درهم وانصرف وهو يقول: (الله أعلم حيث يجعل رسالته). ومنهم الشيخ الفاضل أبو الفوز محمد بن أمين البغدادي المشتهر بالسويدي في سبائك الذهب في معرفة قبائل العرب (ص 342 ط دار الكتب العلمية، بيروت) قال: وحكي أنه قصده أعرابي وقال: إني من المستمسكين بولاء جدك علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقد ركبتني ديون أثقلني حملها، ولم أر سبيلا لوفائها. قال: كم؟ قال - فذكر مثل ما تقدم عن أحسن القصص مختصرا.

ص 37

كلماته عليه السلام ومواعظه

رواها جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم العلامة الشيخ أحمد القلقشندي في مآثر الإنافة في معالم الخلافة (ج 1 ص 321 ط الكويت) قال: ومن غريب ما اتفق له في ذلك أنه طلب عليا الزكي ويقال: علي الهادي وعلي النقي، أحد الأئمة الاثني عشر. وبعث إليه جماعة من الترك ليحضروه، فهجموا عليه ببيته، فوجدوه في بيت مغلق وعليه مدرعة شعر، وهو مستقبل القبلة يترنم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد، ليس بينه وبين الأرض بساط إلا الرمل والحصى. فحمل إلى المتوكل، والمتوكل في مجلس شرابه والكأس في يده، فلما رآه المتوكل أعظمه وأجلسه إلى جانبه، وناوله الكأس فقال: يا أمير المؤمنين ما خامر لحمي ودمي قط فأعفني، فأعفاه وقال: أنشدني شعرا، فقال، إني لقليل الرواية للشعر. فقال: لا بد من ذلك، فأنشده: باتوا على قلل الأجبال تحرسهم * غلب الرجال فما أغنتهم القلل فاستنزلوا بعد عز من معاقلهم * وأودعوا حفرا يا بئس ما نزلوا ناداهم صارخ من بعد ما قبروا * أين الأسرة والتيجان والحلل أين الوجوه التي كانت منعمة * من دونها تضرب الأستار والكلل

ص38

فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم * تلك الوجوه عليها الدود يقتتل يا طال ما أكلوا دهرا وما شربوا * فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا فبكى المتوكل وأمر برفع الشراب وقال: يا أبا الحسن عليك دين؟ قال: نعم، أربعة آلاف دينار. فدفعها إليه ورده إلى بيته مكرما 1).

(هامش)

(1) قال الفاضل المعاصر الهادي حمو في أضواء على الشيعة ص 137 ط دار التركي: 10 - الإمام علي الهادي النقي (254 ه‍ - 868 م): هو أبو الحسن علي الهادي بن محمد الجواد تولى الإمامة كأبيه صغيرا مات عنه وهو ابن ست أو ثماني سنوات، وفي عهده تكهربت سياسة العباسيين ضد الشيعة نظرا لما كان يحدث إما من الاضطرابات السياسية المتبرقعة بالدعوة لآل البيت أو لما كان يكنه الخليفة المتوكل من بغض لعلي وذريته فأمر بهدم قبر الحسين وتسويته بالتراب وحرث مكانه المعروف وفي ذلك يقول ابن السكيت: تالله إذا كانت أمية قد أتت * قتل ابن بنت نبيها مظلوما فلقد أتته بنو أبيه بمثله * فغدا لعمرك قبره مهدوما أسفوا على أن لا يكونوا شاركوا * في قتله فتتبعوه رميما كما أمر المتوكل يحيى بن هرثمة بالذهاب إلى المدينة حيث يحظى الإمام الهادي بالتبجيل والتكريم ففتش منزله وانتزعه من أحضان المدينة الحظية به إلى سامراء حيث الإقامة الجبرية هناك. ومع ذلك فلم يستقر للمتوكل قرار حتى وجه إليه ذات ليلة كوكبة من جند الأتراك فهجموا عليه في إقامته على غفلة فوجدوه وحده في بيت مغلق وعليه مدرعة من شعر وعلى رأسه ملحفة من صوف وهو مستقبل القبلة يترنم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد ليس بينه وبين الأرض بساط إلا الرمل، فأخذ على الصورة التي وجد عليها وحمل إلى المتوكل في جوف الليل فمثل بين يديه والمتوكل يستعمل الشراب وفي يده كأس. فلما رآه أعظمه وأجلسه إلى جانبه وقيل له: لم يكن في منزله شيء مما قيل عنه. فناوله المتوكل الكأس التي كانت بيده، فقال: يا أمير المؤمنين ما خامر لحمي ودمي قط فأعفني، فأعفاه وقال له: أنشدني شعرا أستحسنه، قال: إني قليل الرواية للشعر، قال: لا بد أن تنشدني، فأنشده: = (*)

ص 39

(هامش)

باتوا على قلل الأجبال تحرسهم * غلب الرجال فما أغنتهم القلل واستنزلوا بعد عز من مقامتهم * فأودعوا حفرا يا بئس ما نزلوا ناداهم صائح من بعد ما قبروا * أين الأسرة والتيجان والحلل أين الوجوه التي كانت منعمة * من دونها تضرب الأستار والكلل فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم * تلك الوجوه عليها الدود يقتتل قد طال ما أكلوا دهرا وما شربوا * فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا فأشفق من حضر على الهادي وظن أن بادرة تبدر إليه من الخليفة لكن الخليفة بكى بكاء شديدا وبكى من حضر معه المجلس. وثمة رواية شيعية عن هذا الموقف مع المتوكل وهي أنه كان في مجلسه عند مثول الإمام، الشاعر علي بن الجهم فسأله الخليفة: من أشعر الناس؟ فذكر ابن الجهم الشعراء في الجاهلية والاسلام. فسأل الإمام عن ذلك. فقال: أشعر الناس الحماني، حيث يقول: لقد فارقتنا من قريش عصابة * بمط خدود وامتداد أصابع فلما تنازعنا المقال قضى لنا * عليهم بما نهوى نداء الصوامع ترانا سكوتا والشهيد بفضلنا * عليهم جهير الصوت في كل جامع فإن رسول الله أحمد جدنا * ونحن بنوه كالنجوم الطوالع فقال له المتوكل: ما نداء الصوامع يا أبا الحسن؟ قال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله. ومهما كان من أمر هذه الروايات فهي كافية أن تعطينا صورة عن وجه الحياة الثانية التي تقابلها الحياة الرسمية للخلفاء العباسيين الذين كانوا يغرقون في الترف ونعيم العيش، ويأخذون مما عهد في مباذل الفرس وغيرهم من الأمم الأعجمية والتي عجت بها ساحة الحضارة العربية ببغداد. ومنهم العلامة أبو الفلاح عبد الحي ابن العماد الحنبلي المتوفى سنة 1089 في الشذرات ج 2 ص 128 ط دار إحياء التراث العربي، بيروت، في وقايع سنة 254: وفيها أبو الحسن علي بن الجواد محمد بن الرضا علي بن الكاظم موسى بن جعفر الصادق = (*)

ص 40

(هامش)

= العلوي الحسيني المعروف بالهادي، كان فقيها إماما متعبدا، وهو أحد الأئمة الاثني عشر الذين تعتقد غلاة الشيعة عصمتهم كالأنبياء، سعي به إلى المتوكل وقيل له: إن في بيته سلاحا وعدة ويريد القيام فأمر من هجم عليه منزله، فوجده في بيت مغلق وعليه مدرعة من شعر يصلي ليس بينه وبين الأرض فراش، وهو يترنم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد، فحمل إليه ووصف له حاله، فلما رآه عظمه وأجلسه إلى جنبه وناوله شرابا فقال: ما خامر لحمي ولا دمي فأعفني منه، فأعفاه وقال له: أنشدني شعرا. فأنشده أبياتا أبكاه بها، فأمر له بأربعة آلاف دينار ورده مكرما. وإنما قيل العسكري لأنه سعى به المتوكل أحضره من المدينة وهي مولده وأقره بمدينة العسكري وهي سر من رأى، سميت بالعسكر لأن المعتصم حين بناها انتقل إليها بعسكره فسميت بذلك، وأقام بها صاحب الترجمة عشرين سنة فنسب إليها. ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ محمد الخضري بك المفتش بوزارة المعارف بمصر في محاضرات تاريخ الأمم الإسلامية ص 359 ط المكتبة التجارية الكبرى بمصر، قال: وكان إمام الإمامية في عهده أبو الحسن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا بن موسى الكاظم بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب سعى به إلى المتوكل فأقدمه من المدينة إلى سامراء التي كانت تعرف بالعسكر، فلقب بالعسكري. وقد ظل مقيما بها نحو عشرين سنة ومات بها. ولما جاء سامراء لم تنقطع السعايات عنه، فقيل له: إن في منزله سلاحا وكتبا وغيرها من شيعته، فوجه إليه ليلا من هجم عليه منزله وهو غافل، فوجد في بيت وحده عليه مدرعة من شعر ولا بساط في البيت إلا الرمل والحصى، وعلى رأسه ملفة من صوف وهو يقرأ ويدعو، فحمل إلى المتوكل في جوف الليل، فمثل بين يديه والمتوكل يشرب، فأجلسه إلى جنبه وعرض عليه الكأس، فاستعفى فأعفاه، ثم قال له: أنشدني شعرا، فأنشده: باتوا على قلل الأجبال تحرسهم * غلب الرجال فما أغنتهم القلل واستنزلوا بعد عز عن معاقلهم * فأودعوا حفرا يا بئسما نزلوا ناداهم صارخ من بعد ما قبروا * أين الأسرة والتيجان والحلل = (*)

ص 41

ومنهم العلامة الشيخ أبو عبد الله محمد بن المدني جنون المغربي الفاسي المالكي المتوفى بعد سنة 1278 في الدرر المكنونة في النسبة الشريفة المصونة (ص 101 ط المطبعة الفاسية) قال: وقال ابن خلكان في تاريخه: إنه سعي بأبي الحسن العسكري ابن محمد الجواد إلى المتوكل بأن في منزله سلاحا وكتبا من شيعته وإنه يطلب الأمر لنفسه - فذكر مثل ما تقدم عن مآثر الإنافة - إلى أن قال: فلما كثرت السعاية به عند المتوكل أخرجه من المدينة وأقره بسر من أرى وتدعى العسكر، لأن المعتصم لما بناها انتقل بعسكره إليها فقيل لها العسكر. فهو أقام بها عشرون سنة وتسعة أشهر، ولهذا قيل له العسكري. وتوفي سنة أربع وخمسين ومائتين، وهو أحد الأئمة الاثني عشر عند الإمامية. ثم قال: وذكر وهب بن منبه أن هذه الأبيات وجدت على قصر سيف بن ذي يزن وكان من ملوك الحلة. والله أعلم.

(هامش)

= أين الوجوه التي كانت منعمة * من دونها تضرب الأستار والكلل فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم * تلك الوجوه عليها الدود يقتتل قد طالما أكلوا دهرا وما شربوا * فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا وطالما عمروا دورا لتحصنهم * ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا وطالما كنزوا الأموال وادخروا * فخلفوها على الأعداء وارتحلوا وأضحت منازلهم قفرا معطلة * وساكنوها إلى الأجداث قد رحلوا فبكى المتوكل حتى بلت دموعه لحيته، ثم أمر برفع الشراب وأمر له بأربعة آلاف دينار يقضي بها دينه، ورده إلى منزله مكرما. (*)

ص 42

ومنهم العلامة أمين الدولة أبو الغنائم مسلم بن محمود الشيزر المتوفي سنة 622 في جمهرة الإسلام ذات النثر والنظام (ص 190 ط معهد تاريخ العلوم في فرانكفورت بالتصوير عن مخطوطة مكتبة جامعة ليدن في هولندا سنة 1407) قال: وكذلك سعى إلى المتوكل بأبي الحسن علي بن محمد العلوي، وقيل له: إنه في منزله سلاحا وكتبا وغيرها من شيعته - فذكر مثل ما تقدم عن مآثر الإنافة في معالم الخلافة . ومنهم الفاضل المعاصر السيد علي فكري ابن الدكتور محمد عبد الله يتصل نسبه بالحسين عليه السلام القاهري المصري المولود سنة 1296 والمتوفى سنة 1372 بالقاهرة في كتابه السمير المهذب (ج 3 ص 65 ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة 1399) قال: بينما المتوكل في مجلسه إذا جاءه واش، فأخبره بأن عليا الهادي أحد الأئمة الإمامية عنده سلاح وذخيرة، وفي عزمه الخروج على المتوكل - فذكر مثل ما تقدم عن مآثر الإنافة . وذكر أيضا مثله في كتابه أحسن القصص ج 4 ص 302. ومنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه تاريخ الأحمدي (ص 353 ط بيروت سنة 1408) قال: وقال الدميري في حياة الحيوان 1 / 77: كان المتوكل يبغض عليا رضي الله تعالى عنه وينقصه. وقال ابن الأثير في الكامل 7 / 55: كان المتوكل شديد البغض لعلي بن أبي طالب عليه السلام ولأهل بيته. وفي وفيات الأعيان لابن خلكان: كان قد سعى بعلي الزكي إلى المتوكل، وقيل: إن

ص 43

في منزله سلاحا وكتبا وغيرها من شيعته - فذكر مثل ما تقدم عن مآثر الإنافة . ومنهم العلامة تاج الدين أحمد بن الأثير الحلبي الشافعي في مختصر وفيات الأعيان لابن خلكان (ص 80) قال: أبو الحسن علي الهادي بن محمد الجواد بن علي الرضا المقدم ذكره، ويعرف بالعسكري، كان قد سعي به إلى المتوكل وقيل: إن في منزله سلاحا وكتبا وغيرها من شيعته - فذكر مثل ما تقدم عن الإنافة . أقول : في بعض ألفاظ الأبيات خلاف بين هذه المرويات، ففي بعضها الأجبال مكان الجبال ، وفي بعضها فلم تنفعهم وفي بعضها فلم تمنعهم مكان فما أغنتهم . وفي البيت الثاني واستنزلوا من أعالي عز معقلهم، فأسكنوا حفرا وفي بعضها من منازلهم مكان من معاقلهم . وفي البيت الثالث: مكان قبروا : رحلوا - دفنوا ، ومكان الحلل : الخول . وفي البيت الرابع: مكان منعمة : محجبة . وفي البيت السادس: مكان يا طال : قد طال و ما طال ، ومكان بعد طول الأكل : بعد ذاك الأكل و بعد هذا الأكل . ومنهم الفاضل الدكتور دوايت. رونلدسن في عقيدة الشيعة تعريب ع. م. (ص 215 ط مؤسسة المفيد، بيروت) قال عند ذكره الإمام علي النقي عليه السلام: ويختلف في سنة ولادته فمن قائل إنها سنة 827 ومن قائل إنها سنة 829. فإذا أخذنا بالتاريخ الأول فإن عمره كان قد جاوز السبع بقليل عندما توفي والده. وأمه، حسب الرواة الذين نقلنا عنهم، أم ولد اسمها سمانة المغربية، إلا أن صاحب كتاب عقائد الشيعة (المشكاة 4) يقول بأن اسمها كان سوسن ويقال لها: الدرة المغربية (درة مغربية) وهذا يدل على أنها كانت من سبايا بعض الأمم النصرانية. ونشأ الغلام في المدينة حتى بلغ مبلغ الرجال وكان يشتغل في التعليم، فقصده

ص 44

كثيرون للأخذ به من البلاد التي يكثر فيها شيعة آل محمد، وهي العراق وإيران ومصر. ولا نسمع خلال السنوات السبع أو الثمان الباقية من ملك المعتصم بعد وفاة الإمام محمد التقي عليه السلام والسنوات الخمس الأولى من حكم الواثق أن أحدا تعرض للإمام الشاب. وكان من الأحاديث التي رواها أنه قد كتب في الصحيفة التي عند علي بن أبي طالب (ع) بإملاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتوارثها الأئمة (ع) صاغرا عن كابر، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الإيمان ما وقرته القلوب وصدقته الأعمال، والاسلام ما جرى به اللسان وحلت به المناكحة. إلا أن في خلافة المتوكل قامت حركة ضد المخالفين يصحبها اضطهاد أسلوبي للمعتزلة والشيعة. ولم ينج من ذلك إلا من كان صحيح الاعتقاد. وفي سنة 851 عندما كان عمر الإمام نحو 25 سنة منع المتوكل زيارة قبري الإمامين علي والحسين (ع) ثم أمر أخيرا بهدم قبر الحسين. وارتاب الخليفة في هذه الفترة أيضا بالإمام محمد التقي الشاب. وأنقذ الإمام نفسه مرة على الأقل حسب قول المسعودي بجواب يدل على الدهاء على سؤال ماكر وجهه إليه الخليفة. قال المتوكل: ما يقول ولد أبيك في العباس بن عبد المطلب؟ قال: وما يقول ولد أبي أمير المؤمنين في رجل افترض الله طاعة بنيه على خلقه وافترض طاعته على بنيه؟ فسر الخليفة بالجواب وأمر له بمائة ألف درهم. وينقل المسعودي حادثه أخرى رواها عن المبرد وقد ذكرها ابن خلكان عند وصفه الإمام علي النقي أبي الحسن العسكري. قال: وقد كان سعى بأبي الحسن (ع) إلى المتوكل وقيل له: إن في منزله سلاحا وكتبا وغيرها من شيعته، فوجه إليه ليلا من الأتراك وغيرهم من هجم عليه في منزله على غفلة ممن في داره فوجده في بيت وحده مغلق عليه مدرعة من شعر ولا بساط في البيت إلا الرمل والحصى وعلى رأسه ملحفة من الصوف متوجها إلى ربه يترنم بآيات القرآن في الوعد والوعيد. فأخذ على ما وجد عليه وحمل إلى المتوكل في جوف الليل. فمثل بين يديه والمتوكل

ص 45

يشرب وفي يده كأس. فلما رآه أعظمه وأجلسه إلى جنبه، وقال من أتى به: يا أمير المؤمنين لم يكن في منزله شيء مما قيل فيه ولا حالة يتعلل عليه بها. فناوله المتوكل الكاس الذي في يده فقال: يا أمير المؤمنين ما خامر لحمي ودمي قط فأعفني منه. فعافاه وقال: أنشدني شعرا أستحسنه. فقال: لقليل الرواية للأشعار. فقال: لا بد أن تنشدني. فأنشده: باتوا على قلل الأجبال تحرسهم * غلب الرجال فما أغنتهم القلل واستنزلوا بعد عز من معاقلهم * وأودعوا حفرا يا بئس ما نزلوا ناداهم صارخ من بعد دفنهم * أين الأسرة والتيجان والحلل أين الوجوه التي كانت منعمة * من دونها تضرب الأستار والكلل فأصفح القبر عنهم حين ساءلهم * تلك الوجوه عليها الدود ينتقل قد طال ما أكلوا قدما شربوا * وأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا وأشفق من حضر على أبي الحسن الهادي، وبكى المتوكل بكاء شديدا حتى بلت دموعه لحيته، وبكي من حضر ثم أمر برفع الشراب. ثم قال: يا أبا الحسن أعليك دين؟ قال: نعم أربعة آلاف دينار. فأمر بدفعها إليه ورده إلى منزله مكرما من ساعته. وحدث يحيى بن هرثمة قال: وجهني المتوكل إلى المدينة لإشخاص علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر لشيء بلغه عنه، فلما صرت إليه ضج أهلها وعجوا ضجيجا وعجيجا ما سمعت مثله، فجعلت أسكتهم وأحلف لهم أني لم أمر فيه بمكروه، وفتشت بيته فلم أجد فيه إلا مصحفا ودعاء وما أشبه ذلك، فأشخصته وتوليت خدمته وحسنت عشرته. فبينا أنا نائم يوما من الأيام والسماء صاحية والشمس طالعة إذ ركب وعليه ممطرة وقد عقب ذنب دابته. فعجبت من فعله. فلم يكن بعد ذلك إلا هنيهة حتى جاءت سحابة فأرخت عزاليها ونالنا من أمر عظيم جدا، فالتفت إلي وقال: أنا أعلم أنك أنكرت ما رأيت وتوهمت أني علمت من ما لا تعلمه. ليس ذلك كما ظننت

ص 46

ولكن نشأت بالبادية فأنا أعرف الرياح التي يكون وفي عقبها المطر. فلما أصبحت هبت ريح لا تخلف وشممت منها رائحة المطر فتأهبت لذلك. فلما قدمت مدينة السلام بدأت بإسحاق بن إبراهيم الطاهري - وكان على بغداد - فقال: يا يحيى، إن هذا الرجل قد ولده رسول الله صلى الله عليه وسلم والمتوكل من تعلم، وإن حرضته على قتله كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خصمك. فقلت: والله ما وقفت له إلا على كل أمر جميل. فصرت إلى سامراء فبدأت بوصيف التركي وكنت من أصحابه فقال: والله لئن سقطت من رأس هذا الرجل شعرة لا يكون المطالب بها غيري. فعجبت من قولهما، وعرفت المتوكل ما وقفت عليه وما سمعته من الثناء عليه، فأحسن جائزته وأظهر بره وتكرمته. وقال المسعودي أيضا: وقد ذكرنا خبر علي بن محمد موسى رضي الله عنه مع زينب الكذابة بحضرة المتوكل ونزوله إلى بركة السباع وتذللها له ورجوع زينب عما ادعته من أنها ابنة الحسن بن علي بن أبي طالب وأن الله تعالى أطال عمرها إلى ذلك الوقت في كتابنا أخبار الزمان (وقد فقد هذا المؤلف العظيم). وبالرغم من كل ذلك فإن عدة وشايات بلغت مسامع المتوكل عن الإمام علي التقي فجعله أسيرا بسامراء. وكانت هذه المدينة تعرف بالعسكر لأن المعتصم بناها لتكون معسكرا لجنده خارج بغداد، فصار الإمام يعرف بالعسكري لسجنه في مدينة العسكر عشرين سنة. أما معجزاته التي رواه أصحابه وشيعته فمعظمها يرجع إلى حياته في سامراء. فقد روى أبو هاشم الجعفري أنه رأى مرة جماعة من الناس قادمين من المدينة إلى سامراء فخرج الإمام علي النقي من المدينة للقائهم وقد امتطى جوادا عليه سرج مذهب، فلما بلغ مكانا في الصحراء ترجل وتوسد الرمل، واغتنم أبو هاشم الفرصة ليشكو إليه حاله وضيق ذات يده. فقال الإمام: لا تحزن فسأزيل عنك همك. ثم تناول حفنة من الرمل والحصى ودفعها إليه قائلا: أيكفيك هذا؟ فارتبك أبو هاشم. ولما فتح يده بعد ذلك

ص 47

ليرى وجد ذهبا أحمر. وتحسنت حال أبي هاشم بذلك مدة طويلة. ويروى أنه ركب مرة مع محمد بن الخصيب فحثه هذا على الاسراع بجواده. فأجابه الإمام: ستقيد في السجن قبلي. ولم تمض أربعة أيام حتى قيد محمد الخصيب وقتل بعد ذلك بأيام قليلة. ويروى أن جماعة من المماليك عرفوا الإمام علي النقي بحضور الخليفة فسجدوا أمامه وقبلوا يديه ورجليه. فسأل المتوكل بلتان رئيسهم عن فعلهم فقال: إنه لا يعلم عنه شيئا. فسأل الخليفة المماليك: لم فعلتم هذا؟ فقالوا: إن هذا الرجل يأتينا من البحر كل سنة فيعلمنا أمور ديننا، وهو وصي خاتم النبيين وقد شاهدنا منه المعجزات. فلما سمع الخليفة كلامهم قال لبلتان: أقتل هؤلاء المماليك. فقال بلتان: فقتلتهم ودفنتهم. فلما جن الليل أردت زيارة الإمام فقمت وذهبت إليه مسرعا لإيقافه على الخبر. فأخبرني خادم الباب أن الإمام يطلبني. فأخذني معه إلى (الأندرون). فوجدت الإمام قاعد فقال لي: كيف حال المماليك؟ فقلت: لقد قتلتهم جميعا. فسألني: أقتلتهم جميعا؟ فأجبته: أقسم لك بذلك. ثم سألني: أتريد أن تراهم؟ قلت: نعم. ولكني أخبرك بأنني قتلتهم ودفنتهم. فأشار إلى أن أدخل الأندرون ففعلت، فرأيت المماليك جميعا . ويذكر مؤلف خلاصة الأخبار أن هذا الخبر موجود في كتابين أو ثلاثة، والله وحده أعلم بصحته. وتدل هذا الأخبار على أن الإمام علي النقي كان يتمتع في أكثر الأحيان بحرية شخصية كبيرة في حياته بسامراء فيلقى أصحابه ويركب خارج المدينة ويجلس بحضرة الخليفة إلا أنه كان محاطا بالجواسيس. ويقال: إن المتوكل أمر أخيرا بقتله. فجلس يوما في الدار وأمر حاجبيه بإدخال الإمام ودعا بأربعة من الخدم وسيوفهم مسلولة وأمرهم بقتله عند الإشارة، فلما خرج الإمام كان الخدم الأربعة عند الباب بسيوفهم المسلولة، ولكنهم عندما رأوه ألقوا سيوفهم وخروا سجدا مذعورين. فسأل المتوكل عن سبب فعلتهم هذه. فقالوا: إنهم رأوا رجلا بيده سيف مسلول وهو

ص 48

يقول لهم: إن مسستم الإمام بسوء قتلتكم جميعا. فلم يجرؤوا على إطاعة أمر الخليفة بقتله، وبذلك يقال بأن الإمام نجا بعون إلهي. وبعد مدة أصاب المتوكل دمل وخراج من القعود والقيام، فاستدعى الأطباء لفتحه، فامتنع الخليفة، ولم تنجع فيه الأدوية الأخرى. فأرسلت أم المتوكل سرا إلى الإمام لتستشيره، فوصف لها لبخة من بعر العنز. فلما قرئت الوصفة على الأطباء ضحكوا منهما ورأوا عدم فائدتها. ولكن الفتح بن خاقان أشار بتجربتها. فما كادت أن توضع على الدمل حتى انفجر وشفى الخليفة. وقتل الخليفة بعد سنة 861 بيد جنوده الأتراك الذين أخذوا يسيطرون على أمور بغداد ويتحكمون خاصة في الخلفاء في سامراء. ومات ابنه المنتصر بعده بسنة وحكم المستعين ثلاث سنوات ومات سنة 865. ولكن الإمام علي النقي عاش سجينا مكرما في سامراء. وقد وفى مؤرخو الشيعة البحث في مناقبه. وإذا ما ألقينا بالمبالغات العظيمة التي تتصف بها بحوثهم عن الإمام جانبا ظهر لنا بأنه كان هادئ الطبع كريم النفس، عانى طول أيامه من بغض المتوكل كثيرا واحتفظ رغم كل ذلك بكرامته وأظهر مقدرة على الصبر. ويقول اليعقوبي: إنه توفي لثلاث بيقين من العشرين من جمادى الآخرة سنة 54 (868 م) وبعث المعتز بأخيه أبي أحمد بن المتوكل فصلى عليه في الشارع المعروف بشارع أبي أحمد. فلما كثر الناس واجتمعوا وكثر بكاؤهم وضجتهم رد النعش إلى داره فدفن فيها. وكانت سنة أربعين سنة. وخلف من الذكور الحسن وجعفرا. ومنهم العلامة العارف الشيخ محيي الدين أبو بكر محمد بن علي الطائي الحاتمي الأندلسي في المناقب المطبوع في آخر وسيلة الخادم للشيخ فضل الله بن روزبهان الإصبهاني (ص 297 ط قم) قال: وعلى الداعي إلى الحق أمين الله على الخلق لسان الصدق وباب السلم أصل

ص 49

المعارف ومنبت العلم منجي أرباب المعادات ومنقذ أصحاب الضلالات والبدعات انسان عين الابداع أنموذج أصول الاختراع مهجة الكونين ومحجة الثقلين مفتاح خزائن الوجوب حافظ مكان الغيوب طيار جو الأزل والأبد علي بن محمد عليه صلوات الله الملك الأحد. ومنهم العلامة فضل الله بن روز بهان الخنجي الأصفهاني المتوفى سنة 927 في وسيلة الخادم إلى المخدوم در شرح صلوات چهارده معصوم (ص 243 ط كتابخانهء عمومى آية الله العظمى نجفى، قم) قا ل: اللهم صلى وسلم على الإمام العاشر ورود وصلوات ده وسلام فرست بر امام دهم. أز اينجا شروع است در صلوات بر حضبرت امام على نقى هادى كه امام دهم است وآن حضرت بعد از پدر خود محمد تقى جواد امام به حق است، به نص از قبل پدر خود چنانچه ثابت شده وهيچ خلافى در امامت او نيست. وآن حضرت بعد از وفات پدر خود در مدينه ساكن بوده وآن حضرت مبدول طاعات وعبادات بوده تا واثق خليفه آن حضرت را به سر من رأى نقل كرد. مقتدى الحي والنادي، سيد الحاضر والبادي آن حضرت مقتداى حاضر وباديه نشين بود وآن حضرت سيد بزرگ حى وقبيله ومجلس مردمان بود. واين اشارت است بدانكه آن حضرت همهء طوايف امت را از مردمان شهرها وولايتها كه ايشان را حاضر گويند. يعنى مردمان حضرى، واز مردمان باديه نشين وساكن برهاكه ايشان را بادى گويند، امام وپيشوا وسيد ومقتدا بود چنانچه روايت كرده اند كه شأن آن حضرت به غايت بزرگ بوده وجميع طوايف قبايل عرب وعجم بدان حضرت اقتدا مى كرده اند وآن حضرت در شهر سر من رأى

ص 50

كه از مداين عراق عرب است وبر كنار دجله واقع است ساكن بوده وآن حضرت را در آنجا خانهء مشهور بوده وهمهء طوايف از آن حضرت فوايد مى يافته اند وهمگنان از بنى العباس وساير بنى هاشم وامراى عرب آن حضرت را اسمام ومقتداى خود مى دانسته اند. صاحب كشف الغمة در كتاب خود آورده به روايت از پسر فتح بن خاقان در زمان واثق خليفه بود كه هنگامى كه والى شهر قم شده بود شبى با مردم خود حكايت كرده كه پدر من فتح بن خاقان در زمان واثق خلفه به غايت بزرگ وعظيم الشأن بود وعنان اختيار خلافت واثق در دست او بود وتمامى مهمات ملك ومال ولشكر ورعيت براى پدر من منوط بود واو مردى به غيات متعظم ومتكبر بود، وهيچكس را از امراى بنى العباس وقواد لشكر تعظيم نمى كردى وجهت كس برنمى خاست. يك روز صباح در خانهء خود بر مسند حكومت نشسته بود ومن بر بالاى سر او ايستاده بودم وحاجبان مى آمدند ونزد او ياد مى كردنه كه فلان وفلان آمد از اكابر بنى هاشم واقوام خليفة وامراى بزرگ واو به هيچكس التفات نمى كرد. ناگاه حاجب در آمد وگفت: ابو الحسن بن الرضا بر درگاه است. ديدم كه پدرم از جاى خود بر خاست وگفت: در آيد، در آيد. من تعجب كردم كه اين چه كس است كه نام او پيش پدر من به كنيت ياد كردند وهيچكس را به غير از خليفة در حضور پدرم به كنيت ياد نمى كردند، وديگر اين همه اكابر بنى هاشم را ياد كردند بر درگاه نشسته اند وبه هيچ التفات نكردند وچون نام او بردند همچنين اقبال وشعف اظهار كرد. من در اين تعجب بماندم. چون در آمد جوانى ديدم در كمال جمال وفر وشكوه كه مثل او هيچ كش رانديده بودم. چون پدرم او رابديد از مسند خودبه تعجيل تمام بر خاست واستقبال كرد واو را بياورد وبر مسند خود نشانيد ودست او را ببوسيد وبا او به مكالمه در آمد ودر اثناى سخن چند نوبت با او گفت: پدر ومادر من فداى تو

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج29)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب