ص 351
فلما دنا القوم منا وصاففناهم إذ رجل منهم يسير في القوم على جمل أحمر، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: يا علي ناد لي حمزة - وكان أقربهم من المشركين - من صاحب
الجمل الأحمر؟ وماذا يقول لهم؟ ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن يك في
القوم أحد يأمر بخير فعسى أن يكون صاحب الجمل الأحمر، فجاء حمزة فقال: هو عتبة بن
ربيعة، وهو ينهى عن القتال ويقول: يا قوم إني أرى أقواما مستميتين لا تصلون إليهم
وفيكم خير، يا قوم اعصبوها اليوم برأسي وقولوا جبن عتبة، وقد تعلمون أني لست
بأجبنكم. فسمع بذلك أبو جهل فقال: أأنت تقول هذا؟ والله لو غيرك يقول هذا لأعضضته،
قد ملأت [رئتك] جوفك رعبا، فقال: إياي تعني يا مصفر أسته؟ ستعلم اليوم أينا أجبن؟
فبرز عتبة وابنه الوليد وأخوه شيبة، فقال: من يبرز؟ فخرج من الأنصار شببة، فقال
عتبة: لا نريد هؤلاء، ولكن يبارز من بني عمنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
قم يا علي، قم يا حمزة، قم يا عبيدة بن الحارث. فقتل الله عتبة، وشيبة ابنى ربيعة،
والوليد بن عتبة، وجرح عبيدة. فقتلنا منهم سبعين وأسرنا سبعين. ومنهم الفاضل
المعاصر محمد سعيد زغلول في فهارس المستدرك للحاكم (ص 693 ط بيروت) قال: مبارزة
حمزة وعبيدة وعلي مع الكفار يوم بدر.
مستدرك ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم أحد

تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج 6 ص 10 وج 8 ص 363 و364
ص 352
و 366 وج 17 ص 33 ومواضع أخرى، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم ننقل عنها فيما سبق:
فمنهم العلامة الحافظ أبو حاتم محمد بن أحمد التميمي البستي المتوفى سنة 354 في
السيرة النبوية وأخبار الخلفاء (ص 221 ط مؤسسة الكتب الثقافية ودار الفكر في
بيروت) قال: وأعطى اللواء علي بن أبي طالب. إلى أن قال في ص 223: وقتل علي بن أبي
طالب طلحة وهو حامل لواء قريش، و[أبا] الحكم بن الأخنس ابن شريق، وعبيد الله بن
جبير بن أبي زهير، وأمية بن أبي حذيفة بن المغيرة. ومنهم الفاضل المعاصر سميح عاطف
الزين في خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم (ج 2 ص 240 ط دار الكتاب
اللبناني - بيروت) قال: وكان أول من تقدم يصيح في المسلمين: من يبارز؟ طلحة بن أبي
طلحة، حامل اللواء، فينبري له علي بن أبي طالب عليه السلام في هجمة بطولية نادرة،
وما أن وصل إليه، حتى عانقه سيفه البتار بضربة واحدة فلقت هامه، وهوت به إلى الأرض
يمتزج لحمه ودمه بترابها. وتعالت من جانب المسلمين هتافات التكبير والتوحيد وكان
أول المكبرين رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سره أن يرى ضربة الحق تفلق هام
الباطل، وبقي علي عليه السلام في الساح ينتظر من يخرج إليه، فدفعت المنية عثمان بن
أبي طلحة إلى النزول لملاقاة علي، فكان حظه من الموت حظ أخيه طلحة، عندها برز
أخوهما سعد يريد أن يقتل عليا بأخويه، فاختلفا ضربتين، فنبت ضربة بن
ص 353
أبي طلحة، بينما أسقطته ضربة علي عليه السلام على الثرى، فرؤى علي وهو ينصرف عنه،
ولا يجهز عليه، ولقد سأله أصحابه عن السبب الذي حمله على ترك سعد بن أبي طلحة من
غير أن يقضي عليه، فقال: إنه استقبلني بعورته، وعلمت أن الله قد قتله. واندفع عدد
آخر من المشركين يحملون لواءهم ويريدون الثأر لأهليهم من علي، فإذا بعلي يلحقهم بهم
إلى جهنم وبئس المصير بضرباته البكر التي بعد الدراسة والتأمل كأنها كانت وحيدة
فريدة، تميزت عن سائر ضربات الأبطال. ومنهم العلامة الحافظ أبو يعلى أحمد بن علي بن
المثنى التميمي الموصلي المتوفى سنة 307 في مسند أبي يعلى (ج 1 ص 415 ط دار
المأمون للتراث - دمشق) قال: حدثنا أبو موسى، حدثنا محمد بن مروان العقيلي، عن
عمارة بن أبي حفصة، عن عكرمة قال: قال علي: لما انجلى الناس عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم يوم أحد نظرت في القتلى فلم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: والله
ما كان ليفر، وما أراه في القتلى، ولكن أرى الله غضب علينا بما صنعنا فرفع نبيه صلى
الله عليه وسلم، فما في خير من أن أقاتل حتى أقتل. فكسرت جفن سيفي ثم حملت على
القوم فأفرجوا لي فإذا أنا برسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم. ومنهم الفاضل
المعاصر عبد المنعم الهاشمي في كتابه أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم (ص 58
ط دار الهجرة - بيروت) قال: في غزوة أحد كان امتحان كبير تجاوزه المسلمون والرسول
صلى الله عليه وسلم بروح عالية كان أمر الله هو النافذ فيهما فقد قتل فيها حمزة عم
الرسول صلى الله عليه وسلم وقتله الوحشي.
ص 354
وأكلت هند زوجة أبي سفيان كبده ومثل بجثته فترك ذلك أثرا سيئا على الحبيبين أبناء
العمومة فهدا عمهما وما يمنع أن يكون الدافع الدموي والقرابة والنسب قد أحزن
الرجلين على عمهما أشد الحزن. وكان رضي الله عنه في هذا اليوم صلبا فقد هتف وهو
يضرب بعنف ويثير غبارا هائلا خلفه ويقول: أبايعك يا رسول الله على الموت، وثبت
الرجل بجوار رسول الله وكان يدور حوله، يتلقى السهام عنه شارك في حاجز بشري من
المؤمنين الصالحين في الدفاع عن سيد الخلق المصطفى صلى الله عليه وسلم. ومنهم
الفاضل المعاصر عبد الرحمن الشرقاوي في علي إمام المتقين (ج 2 ص 42 ط مكتبة
غريب في الفجالة) قال: أما في يوم أحد فقد أصابته ست عشرة ضربة، وظل يطعن ويتلقى
الطعنات، فيعالج ويعود للطعان، وخرج إليه طلحة بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين
فقال: يا أصحاب محمد تزعمون أن الله يعجلنا بأسيافكم إلى النار ويعجلكم بأسيافنا
إلى الجنة فأيكم يبرز إلي؟ فبرز إليه علي بن أبي طالب وقال: والله لا أفارقك حتى
أعجلك بسيفي إلى النار. فاختلفا ضربتين، فضربه علي فسقط إلى الأرض جريحا، وبانت
عورته. فتوسل إلى علي: أنشدك الله والرحم يا ابن العم. فانصرف علي عنه. فقال
المسلمون: يا علي هلا أجهزت عليه؟ فقال: ناشدني الله ولن يعيش. وظل طلحة ينزف حتى
مات من ساعته. وعاد من أحد بصحبة الرسول صلى الله عليه وسلم، وسيفاهما يقطران دما،
فصليا بالمسجد، ثم دفعا بسيفيهما إلى فاطمة فغسلت عنهما الدماء. وعاد الرسول إلى
بيته. ومنهم العلامة أبو الجود البتروني الحنفي في الكوكب المضئ (ق 61 خ) قال:
ص 355
أصابته يوم أحد ستة عشر ضربة كل ضربة تلزمه الأرض فما كان يرفعه إلا جبرئيل. ومنهم
الفاضل المعاصر الشيخ محمد مهدي عامر في القصة الكبيرة في تاريخ السيرة النبوية
(ص 177 ط وزارة الثقافة المصرية بالقاهرة) قال: وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم
على الموت وقتئذ ثمانية، ثلاثة من المهاجرين وهم علي والزبير وطلحة، وخمسة من
الأنصار وهم أبو دجانة والحارث ابن الصمة والحباب وعاصم وسهل بن حنيف، فقاتلوا دونه
ولم يقتل منهم أخد يومئذ وانفرد علي بن أبي طالب بفرقة فيها عكرمة بن أبي جهل فدخل
وسطهم بالسيف يضرب به وهم مشتملون عليه حتى بلغ آخرهم ثم كر فيهم ثانيا حتى رجع من
حيث جاء. ومنهم المستشار عبد الحليم الجندي في الإمام جعفر الصادق عليه السلام
(ص 21 ط المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية - القاهرة) قال: في يوم أحد أخطر معارك
الإسلام كان علي في الحرس إلى جوار النبي، حين أصيب النبي في المعركة. وكان طبيعيا
أن يصاب علي بستة عشر ضربة، كل ضربة تلزمه الأرض. وكما يقول سعيد بن المسيب سيد
التابعين: فما كان يرفعه إلا جبريل عليه السلام. فلما اشتد الخطب وقتل حامل الراية
مصعب بن عمير دفع الرسول الراية لعلي فقتل علي يومذاك واحدا وقيل ثلاثة مشركين.
ومنهم الحافظ جلال الدين عبد الرحمن السيوطي في مسند علي بن أبي طالب (ج 1 ص
168 ط حيدر آباد) قال: عن علي رضي الله عنه قال: لما انجلى الناس عن رسول الله صلى
الله عليه وسلم
ص 356
يوم أحد نظرات في القتلى فلم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: والله ما كان
ليفر وما أراه في القتلى ولكن أرى الله غضب علينا بما صنعنا فرفع نبيه فما في خير
من أن أقاتل حتى أقتل، فكسرت جفن سيفي ثم حملت على القوم فأفرجوا لي فإذا أنا برسول
الله صلى الله عليه وسلم بينهم. (ع وابن أبي عاصم في الجهاد، والدورقي، ض). ومنهم
الفاضل المعاصر عبد السلام هارون في تهذيب سيرة ابن هشام (ص 162 ط بيروت) قال:
ولما اشتد القتال يوم أحد جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت راية الأنصار،
وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى علي بن أبي طالب أن قدم الراية. فتقدم علي
فقال: أنا أبو القصم، فناداه أبو سعد بن أبي طلحة، وهو صاحب لواء المشركين: أن هل
لك يا أبا القصم في البراز من حاجة؟ قال: نعم. فبرز بين الصفين فاختلفا ضربتين،
فضربه علي فصرعه، ثم انصرف عنه ولم يجهز عليه فقال له أصحابه: أفلا أجهزت عليه؟
قال: إنه استقبلني بعورته فعطفتني عنه الرحم، وعرفت أن الله عز وجل قد قتله. ومنهم
الفاضل المعاصر الشيخ عفيف عبد الفتاح طبارة في مع الأنبياء في القرآن الكريم
(ص 386 ط دار العلم للملايين - بيروت) فذكر مثل ما تقدم عن التهذيب بعينه -
إلى: فضربه علي فصرعه.
ص 357
مستدرك لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي

قد تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام
العامة في ج 5 ص 85 و88 وج 6 ص 12 وج 7 ص 466 وج 8 ص 411 وج 15 ص 681 وج 16 ص 411
وج 21 ص 116 و34 ومواضع أخرى، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم ننقل عنها فيما سبق:
فمنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى سنة 711 في مختصر
تاريخ دمشق لابن عساكر (ج 17 ص 320 ط دار الفكر) قال: قال أبو جعفر محمد بن علي:
نادى مناد في السماء يوم بدر يقال له رضوان: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي.
قال الحافظ: هذا مرسل وكنا ننفل النبي صلى الله عليه وسم ذا الفقار يوم بدر، ثم
وهبه لعلي بعد ذلك. ومنهم العلامة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أبي بكر
القضاعي المشتهر بابن الأبار في المعجم في أصحاب القاضي أبي علي الصدفي (ص 170
ط دار الكاتب المصري ودار الكتاب اللبناني) قال: وحدثنا به أبو الخطاب بن واجب
القيسي سماعا عليه، عن أبي عبد الله بن سعادة، سماعا عليه، عن أبي علي، قراءة عليه،
قال: أنا أبو القاسم بن فهد العلاف، قال: أنا أبو الحسن بن مخلد البزاز، قال: قرئ
على إسماعيل الصفار، قال: أنا الحسن بن عرفة، قال: نا عمار بن محمد، عن سعد بن طريق
الحنظلي، عن أبي جعفر محمد بن علي، قال: نادى ملك من السماء يوم بدر، يقال له
رضوان: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي، رضي الله عنه.
ص 358
وقال ابن هشام في غزوة أحد من السيرة: حدثني بعض أهل العلم عن ابن أبي نجيح قال:
نادى مناد يوم أحد، وذكر الكلام إلى آخره. وحدثنا أبو بكر بن أبي جمرة، عن أبيه: إن
أبا عمر بن عبد البر أنبأه، عن ابن الفرضي وغيره، عن أبي عبد الله بن مفرج، قال:
أنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن زياد البصري بمكة، قال: نا أبو أسامة الكلبي، قال: نا
علي بن عبد الحميد، قال: نا حيان عن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه، عن
جده، قال: لما قتل علي أصحاب الألوية أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعة من
مشركي قريش، فقال لعلي: احمل عليهم، فحمل عليهم وفرق جماعتهم، وقتل هشام بن أمية
المخزومي، ثم أبصر النبي صلى الله عليه وسلم جماعة، أو جمعا، من مشركي قريش، فقال
لعلي: احمل عليهم فحمل عليهم وفرق جماعتهم، وقتل عمرو بن عبد الله الجمحي، ثم أبصر
جماعة، أو جمعا، من مشركي قريش، فقال لعلي: احمل عليهم، فحمل عليهم، وفرق جماعتهم،
وقتل شيبة بن مالك أحد بني عامر بن لؤي، فأتى جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم،
فقال: إن هذه لمواساة، فقال: إنه مني وأنا منه، فقال جبريل: وأنا منكم، وسمع صوت
ينادي: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي. وهذا اللفظ اتفق أن وقع موزونا فقال
أبو الحسين محمد بن أحمد بن جبير الزاهد مضمنا له: وأنشدناه أبو عمرو عثمان بن أبي
معاوية التميمي التونسي عنه، وسبق إليه، رحمة الله عليه: حسب الوصي كرامة * ما
نالها إلا الوصي صوت من الله اعتلى * في مشهد فيه النبي لا سيف إلا ذو الفقار * ولا
فتى إلا علي وقال أبو الحسين أحمد بن فارس اللغوي: كان سلاح رسول الله صلى الله
عليه وسلم، ذا الفقار، وكان سيفا أصابه يوم بدر. زاد غيره: وكان لنبيه ومنبه ابني
ص 359
الحجاج. ثم عدد سائر أسيافه وكانت ثمانية، أحدها ورثه النبي صلى الله عليه وسلم، عن
أبيه. قال: وأعطاه سعد بن عبادة سيفا، يقال له: العضب، وأصاب من سلاح بني قينقاع
سيفا قلعيا، وكان له: البتار واللحيف والمخذم والرسوب وذو الفقار. يروى بفتح الفاء،
جمع، فقارة وبكسرها جمع فقرة، سمي بذلك لفقرات كانت في وسطه، وكان محلى قائمه من
فضة، ونعله من فضة، وفيما من بين ذلك حلق من فضة. حدثنا أبو الخطاب بن واجب، قال:
نا أبو القاسم بن بشكوال، قال: نا أبو محمد ابن عتاب، قال: نا أبو عبد الله بن
عابد، قال: نا أبو محمد الأصيلي، ومن خطه نقلته، قال: نا ابن المظفر أبو الحسين
الحافظ، قال: نا أبو عروبة الحراني، نا عثمان ابن عبد الرحمن، عن علي بن عروة، عن
عبد الملك، عن عطاء، وعمرو بن دينار، عن ابن عباس، قال: كان للنبي صلى الله عليه
وسلم سيف محلى قائمته من فضة، ونعله من فضة، وفيه حلق من فضة، وكان يسمى ذا الفقار،
وذكر سائر الخبر، وفيه: وكانت له قوس تسمى: ذا السداد، لم يذكرها ابن فارس ولا
غيره. ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور عبد الكريم اليافي في كتابه معالم فكرية في
تاريخ الحضارة العربية الإسلامية (ص 173 ط الشركة المتحدة للطباعة والنشر - دمشق)
قال في بحثه في الفتوة : وفي الشجاعة ما جاء في الخبر: لا فتى إلا علي، وذلك يوم
وقعة أحد لما تقدم علي بن أبي طالب وبارز وقاتل حتى قيل في حقه ذلك. ومنهم العلامة
شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب جواهر المطالب في مناقب
الإمام أبي الحسن علي بن أبي طالب (ص 25 والنسخة مصورة
ص 360
من المكتبة الرضوية بخراسان) قال: وعن أبي جعفر محمد بن علي قال: نادى ملك من
السماء يوم بدر يقال له رضوان: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي. ومنهم السيد
رفاع رافع الطهطاوي في نهاية الإيجاز في سيرة ساكن الحجاز صلى الله عليه وسلم
(ج 2 ص 150 ط مكتبة الآداب ومطبعتها بالجماميز) قال: وفي الحديث أن ملكا يقال له
رضوان نادى يوم بدر من السماء: لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار، وقال النبي
صلى الله عليه وسلم: أنا الفتى ابن الفتى أخو الفتى، ابن الفتى يعني إبراهيم، وأخو
الفتى يريد عليا كرم الله وجهه. إنتهى. ومنهم الفاضل المعاصر محمود شلبي في كتابه
حياة الإمام علي عليه السلام (ص 131 ط دار الجيل في بيروت) قال: قال ابن الأثير:
ودخلت السنة الثالثة من الهجرة وفيها شوال لسبع ليال خلون منه كانت وقعة أحد وحمل
النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فهزموا أبا سفيان. وخرج طلحة بن عثمان صاحب لواء
المشركين وقال: يا معشر أصحاب محمد إنكم تزعمون أن الله يعجلنا بسيوفكم إلى النار
ويعجلكم بسيوفنا إلى الجنة فهل أحد منكم يعجله سيفي إلى الجنة أو يعجلني سيفه إلى
النار. فبرز إليه علي بن أبي طالب فضربه علي فقطع رجله فسقط وانكشفت عورته فناشده
الله والرحم فتركه فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لعلي: ما منعك أن تجهز
عليه؟ قال: إنه ناشدني الله والرحم فاستحيت منه. هذا مشهد واحد من مشاهد علي في
غزوة أحد وإليك ما هو أشد بطولة في نفس المعركة واقتتل قتالا شديدا. وأمعن في الناس
حمزة وعلي وأبو دجانة في رجال من المسلمين.
ص 361
وأنزل الله نصره على المسلمين وكانت الهزيمة على المشركين وهرب النساء مصعدات في
الجبل. هاهو علي يصول ويجول في المعركة هو وحمزة وأبو دجانة. حتى كان النصر في أول
المعركة، ثم ننتقل إلى مشهد آخر من مشاهده في تلك المعركة وقد كان المسلمون قتلوا
أصحاب اللواء فبقي مطروحا لا يدنو منه أحد. فأخذته عمرة بنت علقمة فرفعته فاجتمعت
قريش حوله وأخذه صؤاب فقتل عليه وكان الذي قتل أصحاب اللواء علي، قاله أبو رافع
قال: فلما قتلهم أبصر النبي صلى الله عليه وسلم جماعة من المشركين. فقال لعلي: احمل
عليهم، ففرقهم وقتل فيهم ثم أبصر جماعة أخرى فقال له احمل عليهم فحمل عليهم وفرقهم
وقتل فيهم فقال جبرائيل: يا رسول الله هذه المؤاساة فقال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: إنه مني وأنا منه، فقال جبرائيل: وأنا منكما قال: فسمعوا صوتا: لا سيف إلا ذو
الفقار ولا فتى إلا علي ولا فتى إلا علي. ومنهم الفاضل المعاصر محمد فرج في كتابه
المدرسة العسكرية الإسلامية (ص 352 ط دار الفكر العربي) قال: كان علي بن أبي طالب
من أشهر المقاتلين بالسيف، وهناك ألوف من المسلمين يقفون على صف واحد في المقام
الأول في هذا المجال، ويمثلون مكان الصدارة في هذه الرياضة، وكان علي يتقدم في كل
موطن الصفوف وينتدب للمكاره، اعتمادا على قدرته في استخدام السيف حتى أنه لم يهزم
في مبارزة مرة في حياته، ولا عجب فقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيه:
لا سيف إلا ذو الفقار، ولا فتى إلا علي، ولقب بسيف الله الغالب. ومنهم الفاضل
المعاصر محمد بن قاسم ابن الوجيه في المنهاج السوي شرح منظومة الهدى النبوي
للحسن بن إسحاق (ص 310 ط دار الحكمة اليمانية - صنعاء) قال:
ص 362
فأعطى رسول الله اللواء علي بن أبي طالب فقاتل به دون رسول الله قتالا شديدا، فقال
جبرئيل حينئذ لرسول الله: إن هذه هي المواساة يا رسول الله، قال: إنه مني وأنا منه،
قال جبرئيل: وأنا منكما. وأبلى ذلك اليوم علي بلاء حسنا. روي أن رسول الله نظر إلى
نفر من المشركين فقال: يا على احمل عليهم فحمل عليهم ففرق جماعتهم وقتل هاشم بن
أمية المخزومي، ونظر رسول الله إلى نفر آخر من المشركين فقال: يا على احمل عليهم
فحمل عليهم فقاتلهم حتى فرق جماعتهم وقتل أحدهم، ثم نظر مرة ثالثة إلى نفر من
المشركين فقال: يا على احمل عليهم فحمل عليهم ففرق جماعتهم وقتل أحدهم، فعند ذاك
قال جبرئيل عليه السلام: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي. وفي رواية: هبت ريح
فسمع فيها صوت قائل يقول: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي، وروي عنه أنه قال:
قاتلت ما شاء الله من قتال ثم رجعت أطلب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أره،
فالتمسته في القتلى فلم أجده فقلت: ما كان والله ليفر فكسرت جفن سيفي وحملت في
المشركين فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم يقاتل وقد غشوه فانكشفوا عنه.
ومنهم الفاضل المعاصر عبد المنعم محمد عمر في خديجة أم المؤمنين (ص 479 ط دار
الريان للتراث - جيزة) قال: وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعطي اللواء في أكثر
غزواته إلى فتى الإسلام علي بن أبي طالب فكان له فيها جميعا بلاء عظيم وأثر حسن،
وكان مما وصف به جهاد رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهاد علي يوم أحد: لا سيف إلا
ذو الفقار * ولا فتى إلا علي وكان هذا الفتى على بطولته ومنزلته تلك من رسول الله
صلى الله عليه وسلم متواضعا يكثر من الصيام وقيام الليل في عبادة الله الواحد
الأحد، شهدت له بذلك
ص 363
أم المؤمنين عائشة. ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ محد نوري الشيخ رشيد الصوفي
النقشبندي الديرشوي المرجي في كتابه ردود على شبهات السلفية (ص 229 ط مطبعة
الصباح سنة 1408) قال: وأما قوله: لا رقية إلا من عين أو حمة، فمعناه: لا رقية أولى
وأنفع. وهذا كما قيل: لا فتى إلا علي. ومنهم الفاضل المعاصر رياض عبد الله عبد
الهادي في الدرر المجموعة بترتيب أحاديث اللآلي المصنوعة (ص 121 ط دار البشائر
الإسلامية - بيروت) قال: لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي أبو جعفر محمد بن
علي 1 / 365 وروى أيضا مثله في فهارس كتاب الموضوعات لابن الجوزي في ص 67 وص 86.
مستدرك ما ورد في شجاعته يوم الأحزاب 
تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج 8
ص 367 وج 18 ص 100 ومواضع أخرى، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم ننقل عنها فيما
سبق: فمنهم العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى سنة 711 في
مختصر تاريخ دمشق لابن عساكر (ج 17 ص 322 ط دار الفكر) قال: وفي مقتل عمرو بن
عبد ود قالوا: إن فوارس من قريش فيهم عمرو بن عبد ود،
ص 364
وعكرمة بن أبي جهل، وضرار بن الخطاب، وهبيرة بن أبي وهب تلبسوا للقتال وخرجوا على
خيولهم حتى مروا بمنازل بني كنانة، فقالوا: تهيؤوا للحرب يا بني كنانة، فستعلمون من
الفرسان اليوم. ثم أقبلوا تعنق بهم خيلهم حتى وقفوا على الخندق، فقالوا: والله إن
هذه لمكيدة، ما كانت العرب تكيدها، ثم تيمموا مكانا من الخندق ضيقا، فضربوا خيولهم
فاقتحمت، فجالت في سبخة بين الخندق وسلع، وخرج علي في نفر من المسلمين حتى أخذ
عليهم الثغرة التي منها اقتحموا، فأقبلت الفوارس تعنق نحوهم. وكان عمرو بن عبد ود
فارس قريش، وكان قد قاتل يوم بدر حتى أرتث، وأثبتته الجراحة، فلم يشهد أحدا، فلما
كان يوم خندق خرج معلما ليرى مشهده فلما وقف هو وخيله، قال له علي: يا عمرو، قد كنت
تعاهد الله لقريش، ألا يدعوك رجل إلى خلتين، إلا قبلت منه إحداهما، فقال له علي:
فإني أدعوك إلى الله وإلى رسوله وإلى الإسلام، قال: لا حاجة لي في ذلك. فقال: فإني
أدعوك إلى النزال، فقال له: يا بن أخي، لم؟ فوالله ما أحب أن أقتلك، فقال له علي:
لكني والله أحب أن أقتلك، فحمي عمرو، فاقتحم عن فرسه فعقره، ثم أقبل فجاء إلى علي
فتنازلا وتجاولا فقتله علي، وخرجت خيله منهزمة هاربة حتى اقتحمت من الخندق. وكان
فيمن خرج يوم الخندق هبيرة بن أبي وهب المخزومي، واسم أبي وهب جعدة، وخرج نوفل بن
عبد الله بن المغيرة المخزومي، فسأل المبارزة، فخرج إليه الزبير بن العوام، فيضربه
ضربة فيشقه باثنتين حتى فل في سيفه فلا، فانصرف وهو يقول: إني امرؤ أحمي وأحتمي *
عن النبي المصطفى الأمي وخرج عمرو بن عبد ود فنادى: من يبارز؟ فقام علي وهو مقنع في
الحديد، فقال: أنا لها يا نبي الله، فقال: إنه عمرو، اجلس، ونادى عمرو: ألا رجل؟
وهو يؤنبهم ويقول: أين جنتكم التي تزعمون أنه من قتل منكم دخلها؟ أفلا تبرزون إلي
ص 365
رجلا؟ فقام علي فقال: أنا يا رسول الله، فقال: اجلس. وفي رواية: فقال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: هل يبارزه أحد؟ فقام علي فقال: أنا يا رسول الله، فقال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: اجلس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل يبارزه أحد؟ فقام
علي فقال: دعني يا رسول الله، فإنما أنا بين حسنتين: إما أن أقتله فيدخل النار،
وإما أن يقتلني فأدخل الجنة. قام: ثم نادى الثالثة، فقال: ولقد بححت من النداء *
بجمعكم هل من مبارز ووقفت إذ جبن المشجع * موقف القرن المناجز وكذاك إني لم أزل *
متسرعا قبل الهزاهز إن الشجاعة في الفتى * والجود من خير الغرائر فقام علي فقال: يا
رسول الله أنا، فقال: إنه عمرو، فقال: إن كان عمرو فأذن له رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فمشى إليه علي حتى أتاه وهو يقول: لا تعجلن فقد أتا * ك مجيب صوتك غير عاجز
ذو نية وبصيرة * والصدق منجى كل فائز إني لأرجو أن أقيم عليك نائحة الجنائز من ضربة
نجلاء يبقى * ذكرها عند الهزاهز فقال له عمرو: من أنت؟ قال: أنا علي بن أبي طالب،
وقال: أنا ابن عبد مناف، فقال: غيرك يا بن أخي من أعمامك، من هو أسن منك، فإني أكره
أن أهريق دمك، فقال علي: لكني والله ما أكره أن أهريق دمك. فغضب، فنزل وسل سيفه
كأنه شعلة نار، ثم أقبل نحو علي كرم الله وجهه مغضبا واستقبله علي بدرقته، فضربه
عمرو في الدرقة فقدها وأثبت فيها السيف وأصاب رأسه فشجه، فضربه علي عليه السلام على
حبل العاتق فسقط وثار العجاج وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم
ص 366
التكبير، فعرف أن عليا قد قتله، فثم يقول علي عليه السلام: [من الكامل] أعلي تقتحم
الفوارس هكذا * عني وعنهم أخبروا أصحابي اليوم يمنعني الفرار حفيظتي * ومصمم في
الرأس ليس بنابي آدى عمير حين أخلص صقله * صافي الحديدة يستفيض ثوابي وغدوت ألتمس
القراع بمرهف * عضب مع البتراء في أقرابي إلى ابن عبد حين شد ألية * وأليت فاستمعوا
من الكذاب ألا أصد ولا يهلل فالتقى * رجلان يضطربان كل ضراب فصددت حين تركته متجدلا
* كالجذع بين دكادك وروابي وعففت عن أثوابه ولو أنني * كنت المقطر بزنى أثوابي عبد
الحجارة من سفاهة عقله * وعبدت رب محمد بصواب ثم أقبل علي نحو رسول الله صلى الله
عليه وسلم ووجهه يتهلل، فقال عمر بن الخطاب: هلا سلبته درعه؟ وإنه ليس للعرب درع
خير منها، فقال: ضربته فاتقاني بسواده، فاستحييت ابن عمي أن أسلبه، وخرجت خيله
منهزمة حتى اقتحمت من الخندق. وقد ذكر جماعة كثيرة شجاعة أمير المؤمنين علي بن أبي
طالب عليه السلام وقتله عمرو بن عبد ود في غزوة الخندق ونحن نشير إلى بعضهم: فمنهم
الحافظ الشيخ محمد بن حبان بن أبي حاتم التميمي البستي المتوفى سنة 354 في كتابه
الثقات (ج 1 ص 269 ط دائرة المعارف العثمانية في حيدر آباد) فذكر قتل عمرو بن عبد
ود بيده عليه السلام. ومنهم العلامة أبو الجود البتروني الحنفي في الكوكب المضئ
(ق 61 خ) ومنهم العلامة الصلاح محمد بن شاكر الشافعي الدمشقي في عيون التواريخ
(ج 1
ص 367
ق 82 خ) ومنهم الشريف عباس أحمد صقر والشيخ أحمد عبد الجواد المدنيان في جامع
الأحاديث (القسم الثاني ج 1 ص 75 ط دمشق) ومنهم الشيخ عبد الله بن نوح الجيانجوري
الجاوي في الإمام المهاجر (ص 159 ط دار الشروق بجدة) ومنهم الفاضل الأمير أحمد
حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه تاريخ الأحمدي (ص 69 ط بيروت
سنة 1408) ومنهم الشيخ محيي الدين أحمد بن إبراهيم النحاس الدمشقي في مشارع
الأشواق إلى مصارع العشاق (ص 562 ط بيروت) ومنهم الحافظ أبو الفداء إسماعيل بن
كثير المتوفى سنة 774 في الفصول في سيرة الرسول (ص 60 ط بيروت سنة 1405) ومنهم
الفاضل المعاصر الشيخ صفي الرحمن المباركفوري الهندي في كتابه الرحيق المختوم
(ص 280 ط دار الكتب العلمية في بيروت) ومنهم الفاضل المعاصر عبد السلام هارون في
تذهيب سيرة ابن هشام (ص 193 ط بيروت سنة 1406) ومنهم زهير صادق الخالدي في
أبطال من التاريخ العربي (ص 32 ط بيروت) قال: وهذا علي بن أبي طالب رضي الله عنه
كان شجاعا لا ينهض له أحد في ميدان مناجزة فكان لجرأته على الموت لا يهاب قرنا من
الأقران بالغا ما بلغ من الصولة
ص 368
ورهبة الصيت، وخرج وهو فتى إلى عمر بن ود العامري الذي كان يقوم بألف رجل عند
أصحابه وأعدائه في معركة الخندق فقتله. ومنهم الفاضل المعاصر خالد عبد الرحمن العك
المدرس في إدارة الإفتاء العام بدمشق في مختصر حياة الصحابة للعلامة محمد يوسف
الكاندهلوي (ص 188 ط دار الإيمان - دمشق وبيروت) ومنهم العلامة أبو الحجاج يوسف بن
محمد البلوى المشتهر بابن الشيخ في كتاب ألف با (ج 2 ص 15 ط 2 عالم الكتب -
بيروت) ومنهم الحافظ المؤرخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة
748 في تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام (ج 2 ص 291 ط بيروت سنة 1407)
ومنهم أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي المتوفى سنة 597 في
المنتظم في تاريخ الملوك والأمم (ج 3 ص 232 ط دار الكتب العلمية بيروت) ومنهم
الفاضل المعاصر السيد علي فكري ابن الدكتور محمد عبد الله يتصل نسبه بالحسين عليه
السلام القاهري المصري المولود سنة 1296 والمتوفى 1372 بالقاهرة في كتابه السمير
المهذب (ج 2 ص 197 ط دار الكتب العلمية في بيروت سنة 1399) ومنهم عدة من الفضلاء
في فهرس أحاديث وآثار المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري (القسم الأول ص
604 ط عالم الكتب - بيروت) قالوا: لما قتل علي بن أبي طالب رضي الله عنه عمرو بن
عبد ود عمر بن قتادة المغازي 3 / 3 وذكروه أيضا في القسم الثاني ص 363.
ص 369
ومنهم الفاضل المعاصر يوسف المرعشلي في كتابه فهرس تلخيص الحبير في تخريج أحاديث
الرافعي الكبير (ص 89 ط دار المعرفة - بيروت) قال: إن عليا بارز يوم الخندق عمرو
بن عبد ود ابن إسحاق 4 / 105 ومنهم الفاضل المعاصر أبو هاجر محمد السعيد بن بسيوني
زغلول في موسوعة أطراف الحديث النبوي الشريف (ج 6 ص 710 ط عالم التراث للطباعة
والنشر - بيروت) قال: لمبارزة علي بن أبي طالب: ك 3: 194 - خط 13: 19 - ضعيفة 400.
لمبارزة علي لعمرو بن عبد ود: كنز 33035. ومنهم الفاضل المعاصر الشيخ إبراهيم محمد
الجمل القاهري في الخطبة العصر للجمعة والعيدين وعند القبر (ج 1 ص 21 ط مكتبة
القرآن بالقاهرة) فذكر قتله عمرو بن عبد ود ورثاء أخته. ومنهم الفاضل المعاصر صابر
طعيمة في كتابه بنو إسرائيل في ميزان القرآن الكريم (ص 87 ط دار الجيل - بيروت)
فذكر قتل الإمام علي عليه السلام عمرو بن عبد ود. ومنهم الفاضل المعاصر محمود شلبي
في كتابه حياة الإمام علي عليه السلام (ص 144 ط دار الجيل في بيروت) قال: وكان
عمرو بن عبد ود قد شهد بدرا كافرا وقاتل حتى كثرت الجراح فيه - فذكر
ص 370
مبارزته مع الإمام علي عليه السلام - إلى أن قال: فنزل عن فرسه وعقره ثم أقبل على
علي فتجاولا، وقتله علي وخرجت خيلهم منهزمة، وقتل مع عمرو رجلان قتل علي أحدهما
وأصاب آخر سهم فمات منه بمكة. ومنهم الشريف أبو الحسن علي الحسني الندوي في
المرتضى سيرة سيدنا أبي الحسن علي بن أبي طالب (ص 46 ط دار القلم - دمشق) ومنهم
الفاضل المعاصر عبد المنعم الهاشمي في كتابه أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم
(ص 59 ط دار الهجرة - بيروت) قال: وفي وقعة الخندق خرج عمرو مقنعا في الحديد يصيح
بأعلى صوته في جيش المسلمين: من يبارز؟ فصاح الإمام كرم الله وجهه: أنا له يا نبي
الله - فذكر إلى آخره. ومنهم الفاضل المعاصر عبد السلام هارون في تهذيب سيرة ابن
هشام (ص 206 ط بيروت سنة 1406) قال: ومن بني عامر بن لؤي: عمرو بن عبد ود، قتله
علي بن أبي طالب. ومنهم الفاضل المعاصر مأمون غريب المصري القاهري في خلافة علي
بن أبي طالب عليه السلام (ص 23 ط مكتبة غريب بالقاهرة) فذكر شجاعته وفضائله
النفسية عليه السلام. ومنهم الفاضل كونستانس جيورجو وزير خارجية رومانيا السابق
تعريب الدكتور محمد التونجي الأستاذ في جامعة حلب في نظرة جديدة في سيرة رسول
الله صلى الله عليه وسلم (ص 297 ط الدار العربية للموسوعات - بيروت) قال:
ص 371
وإبان الحصار كانت المناوشات والمجاولات الفردية تقع بين المسلمين وبين المشركين.
من ذلك عمرو بن عبد ود ونوفل المخزومي، حيث قتلا على يد علي ابن أبي طالب. فقد قفز
نوفل بجواده إلى الخندق، فنزل إليه علي. لكن نوفلا سقط من على الجواد، فانتظره علي
حتى ينهض، ويشهر سيفه، من غير أن ينتهز الفرصة لقتله. حينما نزل نوفل الخندق كانت
الشمس تشارف على الغروب، وترسل أشعتها نحو عيني علي، ومع ذلك فإنه تمكن من قتله قبل
غروبها. ولما كانت نساء قريش قد مثلت برجال المسلمين في معركة أحد فقد خشى أبو
سفيان من التمثيل بنوفل، وهو أحد أثرياء مكة. فبعث إلى علي من يقول له: أمنحك مائة
جمل بشرط ألا تقطع رأسه، وتسلمني جثته سليمة لكن عليا رفض هذه المنح، ورد الجثة من
غير عيب إلى قريش. والمحارب الآخر الذي قتل بيد علي، هو عمر بن عبد ود فبالإضافة
إلى شجاعته كان ذا جسم ضخم. وقد استطاع في أثناء مصاولته أن يجرح عليا مرتين بسيفه،
بيد أن عليا لم يكن ذلك الرجل الذي ينسحب من ساحة الحرب بسبب جرحين، وتابع على
مجاولته، فضرب خصمه عمرا على يده ضربة أطاحت بسيفه. فدنا علي من السيف ووضع قدمه
عليه، حتى لا يتسنى له تناوله، ثم قال له: يا عمرو إن أعلنت إسلامك فلن أقتلك، فبصق
عمرو بن عبد ود في وجه على وأجابه: لن أسلم. فمسح علي وجهه، وسكن قليلا، لا يتكلم
ولا يتحرك، بينما تابع عمرو كلامه. قلت لك لن أسلم فلم لا تقتلني؟ فأجابه علي: لأنك
حين بصقت في وجهي اعتراني الغضب، فلو قتلتك آنئذ لجاء قتلي انتقاما وثورة، وأنا لا
أريد أن أقتلك في حالتي الثائرة هذه، لأننا مسلمون، ونحن نحارب في سبيل الله، لا في
سبيل إخماد ثورة غضبنا. أيا عمرو، مع أنك بصقت في وجهي أعود فأسألك: إن دخلت في
الإسلام عزفت عن قتلك، فرد عمرو كلامه: لن أسلم. عندئذ دنا علي منه وضربه
ص 372
بسيفه ضربة قضت عليه. وقد كان يرتدي درعا ثمينة بحلقات ذهبية، ففكها عنه، وأرسله
إلى أخت عمرو، حتى لا يظن أحد أنه قتله ليربح هذه الدرع. ومنهم الفاضل المعاصر عبد
الرحمن الشرقاوي في علي إمام المتقين (ج 2 ص 42 ط مكتبة غريب الفجالة) قال: وفي
غزوة الخندق واجه عمرو بن ود وهو مقاتل غادر فاتك من رؤوس المشركين، وفارس لم يبارز
أحدا قط إلا صرعه. كان عمرو يقف على رأس خيله يتحدى المسلمين، فقال علي له: يا عمرو
قد كنت تعاهد الله لقريش ألا يدعوك رجل إلى إحدى خلتين إلا قبلت منه إحداهما. فقال
عمرو: أجل، فقال له علي: فإني أدعوك إلى الله عز وجل وإلى رسوله وإلى الإسلام. فقال
عمرو: لا حاجة لي في ذلك. فقال علي: فإني أدعوك إلى البراز. فقال عمرو مستخفا بصغر
سن علي: يا بن أخي لم؟ فوالله ما أحب أن أقتلك. فقال علي ساخرا في دعابة: لكني
والله أحب أن أقتلك فأعرض عمرو، استخفافا به، ثم أقبل على المسلمين مستهزئا يقول:
من يبارز؟ فقال علي للرسول: أنا له يا نبي الله. فقال الرسول: إنه عمرو بن ود.
اجلس. فجلس علي يكظم غيظه، ومضى عمرو بن ود يتبختر مزهوا يتنزى أمام المسلمين. ثم
نادى في إزاء على الجميع: ألا رجل، فاستأذن علي الرسول صلى الله عليه وسلم أن
يبارزه، فأذن له. فمشى إليه علي وهو يقول: لا تعجلن فقد أتاك مجيب صوتك غير عاجز *
إني لأرجو أن أقيم عليك نائحة الجنائز فقال عمرو ساخرا: من أنت؟ قال علي: أنا علي
بن أبي طالب. فقال عمرو: عندك من أعمامك من هو أسن منك يا بن أخي فانصرف فإني أكره
أن أهريق دمك.
ص 373
فقال علي: ولكني والله ما أكره أن أهريق دمك. فسل عمرو سيفه كأنه شعلة نار، ثم
اندفع نحو علي مغضبا، واستقبله علي بدرقته فضربه في الدرقة فشقها وأثبت فيها السيف،
وأصاب رأس علي فشجه شجا يسيرا وضربه علي كرم الله وجهه على حبل العاتق فسقط عمرو
وثار العجاج، وبانت سوءة عمرو. وسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم التكبير، فعرف أن
عليا قتل عمرو بن ود. وأقبل علي رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم
ووجهه يتهلل. فعانقه الرسول ودعا له. فقال عمر بن الخطاب لعلي: هل استلبت درعه،
فليس للعرب درع خير منها؟ فقال: ضربته فاتقاني بسوءته فاستحييت أن أستلبه. ومنه
العلامة الشيخ أبو الحسن علي بن موسى بن محمد بن عبد الملك بن سعيد العنسي الأندلسي
المعروف بابن سعيد المتوفى حدود سنة 685 في نشوة الطرب في تاريخ جاهلية العرب
(ج 1 ص 368 ط مكتبة الأقصى في عمان - الأردن) قال: عمرو بن عبد ود ابن أبي قيس بن
عبد ود بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر، فارس قريش الذي قتله علي رضي الله عنه يوم
الخندق، ولا عقب له. وفيه قيل: عمرو بن ود كان أول فارس * جزع المذاد وكان فارس
أليل وقالت أخته ترثيه، وأنشد ذلك صاحب زهر الآداب: لو كان قاتل عمرو غير قاتله *
لقد بكيت عليه آخر الأبد لكن قاتله من لا يعاب به * وكان يدعى قديما بيضة البلد من
هاشم في ذراها وهي صاعدة * إلى السماء تميت الناس بالحسد قوم أبى الله إلا أن تكون
لهم * مكارم الدين والدنيا بلا أمد
ص 374
مستدرك ما ورد في شجاعته يوم خيبر 
تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة مرارا عند
ذكر أحاديث الراية، ونروي هيهنا عن الكتب التي لم ننقل عنها فيما سبق: فمنهم
العلامة المؤرخ محمد بن مكرم المشتهر بابن منظور المتوفى سنة 711 في مختصر تاريخ
دمشق لابن عساكر (ج 17 ص 327 ط دار الفكر) قال: فخرج مرحب يخطر بسيفه، فقال: [من
الرجز] قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب * أطعن
أحيانا وحينا أضرب قال علي بن أبي طالب: أنا الذي سمتني أمي حيدره * كليث غابات
كريه المنظرة أوفيهم بالصاع كيل السندرة وقال في آخر: فاختلف هو وعلي ضربتين، فضربه
علي على هامته حتى عض السيف منه بيض رأسه. وفي رواية: وعض السيف بالأضراس، وسمع أهل
العسكر صوت ضربته، فما تتام آخر الناس مع علي حتى فتح الله لهم وله. وقال أيضا في ص
331: قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم: خرجنا مع علي حين بعثه رسول
الله صلى الله عليه وسلم برايته، فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه
رجل من يهود فطرح ترسه من يده، فتناول علي بابا من عند الحصن فتترس
ص 375
به عن نفسه، فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده، فلقد
رأيتني في نفر معي سبعة، وأنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب، فما استطعنا أن
نقلبه. وحدث جابر بن عبد الله: أن عليا حمل الباب على ظهره يوم خيبر حتى صعد
المسلمون عليه ففتحوها، وأنه جربوه بعد ذلك، فلم يحمله الأربعون رجلا. ومنهم الفاضل
المعاصر الدكتور زكي المحاسني الدمشقي المتوفى سنة 1392 في الأدب الديني (ص 156
ط مؤسسة البلاغ في بيروت سنة 1408) قال مرحب الخيبري: قد علمت خيبر أني مرحب * شاكي
السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب فأجابه علي قبل أن يصرعه بضربة واحدة من
سيفه البتار: أنا الذي سمتني أمي حيدره * كليث غابات مهيب المنظرة أوفيهم بالصاع
كيل السندرة ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور عبد المعطي أمين قلعجي في آل بيت
الرسول صلى الله عليه وسلم (ص 163 ط القاهرة سنة 1399) قال: عن أبي سعيد الخدري
قال: أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية فهزها ثم قال: من يأخذها بحقها؟ فجاء
الزبير فقال: أنا، فال: إمض، ثم قام رجل آخر فقال: أنا، فقال: إمض، ثم قام آخر
فقال: أنا، فقال أمط، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي أكرم وجه محمد
لأعطينها رجلا لا يفر، هاك يا علي، فقبضها ثم انطلق حتى فتح الله عليه فدك وخيبر
وجاءه بعجوتها وقديدها. عن الحسن بن علي قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا
يبعث عليا مبعثا إلا أعطاه الراية.
ص 376
عن ابن عباس قال: دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم الراية إلى علي بن أبي طالب وهو
ابن عشرين سنة. ومنهم الفاضل المعاصر محمد فرج في كتابه المدرسة العسكرية
الإسلامية (ص 171 ط دار الفكر العربي) قال: ودعا الرسول علي بن أبي طالب وقال له:
خذ هذه الراية فامض بها حتى يفتح الله عليك، والدي نفسي بيده إن معك من لا يخذلك،
هذا جبريل عن يمينك بيده سيف لو ضرب به الجبال لقطعها. ومنهم العلامة الشريف
إبراهيم بن محمد بن كمال الدين المشتهر بابن حمزة الحسيني الحنفي الدمشقي في
البيان والتعريف في أسباب ورود الحديث الشريف (ص 274 ط المكتبة العلمية - بيروت)
قال: والله لأن يهدي بهداك رجل خير لك من حمر النعم . أخرجه أبو داود عن سهل ابن
سعد الساعدي رضي الله عنه رمز السيوطي لصحته. (سببه) عن سهل بن سعد قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر: لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله أو يحبه
الله ورسوله، فأعطاها عليا وهو أرمد، فقال علي: لأقاتلنهم حتى يكونوا مثلنا؟ فقال:
أنفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما عليهم من حق الله
فيه، فوالله لأن يهدي - فذكره، وأخرجه البخاري بلفظ: لأن يهدي الله بك رجلا واحدا
(1).
ص 392
ومنهم الفاضل المعاصر سميح عاطف الزين في خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم
(ج 2 ص 515 ط 2 دار الكتاب اللبناني - بيروت) قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: أما والله لأدفعن غدا بلوائي إلى رجل يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، ولن
يرجع حتى يفتح الله عليه. فارتاح المسلمين قاطبة لهذه البشارة بالفتح. ثم اشرأبت
أعناق القوم من أبطال المسلمين تتطلع إلى من يعطى الراية في غد ليفتح الله على
يديه، وليكون الفائز بحب الله ورسوله له. فما إن صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
صلاة الغداة من اليوم الثاني حتى دعا إليه علي بن أبي طالب عليه السلام، فجاءه وهو
أرمد العين، وجلس بين يديه، فأمسك الرسول صلى الله عليه وسلم برأسه، وراح يمسح على
عينيه ويرقيه بتلاوة آيات من القرآن الكريم، وهو ينفخ فيهما، ويمسدهما بشيء من ريقه
الشريف، حتى شعر علي عليه السلام بأنه قد برئ من الرمد، وأن رأسه قد صفا، ونظره قد
قوى، فوقف أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم متأهبا، مستعدا، وهو في أحسن حال،
فناوله الرسول صلى الله عليه وسلم اللواء، وأمره أن يقود المقاتلين لفتح ذلك الحصن
الذي ظن اليهود أنه استعصى على المسلمين. ولقد شاء علي أن يتقدم وهو على بينة من
أمره، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: علام أقاتلهم يا رسول الله؟ فقال له
الرسول صلى الله عليه وسلم: على أن يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله
بحقها، فإن حقنوا منا دماءهم وأموالهم، وحسابهم على الله عز وجل.
(هامش)
= واللام قبلها مفتوحة لأنها لام القسم. وأن والفعل بعدها في تأويل مصدر، رفع على
الابتداء والخبر وحمر بضم المهملة وسكون الميم، جمع أحمر. و النعم بفتح النون
والعين المهملة، أي خير لك من الإبل الحمر. وهي أنفس أموال العرب - إلخ. (*)
ص 393
واندفع علي عليه السلام إلى حصن الناعم في مقدمة الجيش، فما أن رآهم اليهود حتى
خرجوا إليهم، يسبقهم فارس مقدام، عليه مغفر يماني قد ثقب مثل البيضة على رأسه، وهو
يمتشق من السلاح سيفا ودرعا ورمحا وخناجر على جانبيه، فكان كأنه في إقدامه يهب
الموت لعدوه قبل أن يلقاه. وقبل أن يقترب ذلك الفارس صرخ علي عليه السلام باليهود،
داعيا إياهم إلى الإسلام، فذهبت صرخاته أصداء في الفضاء، لا تقع في مسامع العدو
موقع قبول ولا رضى، وكان الفارس اليهودي قد اقترب من صفوف المسلمين وأخذ يرتجز: قد
علمت خيبر أني مرحب * شاكي السلاح بطل مجرب أطعن أحيانا وحينا أضرب * إذا الليوث
أقبلت تلهب إن حماي للحمى لا يقرب فانطلق علي عليه السلام للقائه بقوة المؤمن
الصادق، وبعنفوان البطل الأبي، وهو يرد عليه راجزا: أنا الذي سمتني أمي حيدرة *
أكيلكم بالسيف كيل السندرة ليث بغابات شديد قسورة ثم التقى البطلان، وثار النقع تحت
حوافر فرسيهما، وارتفع الغبار فوق رأسيهما في مبارزة عنيفة مريرة، كان يشهدها
المقاتلون من الفريقين فتهلع لها قلوبهم، وترتعد لمرآها فرائصهم، فاستطاع مرحب
اليهودي أن يقارب عليا عليه السلام وأن يوجه إليه ضربة أرادها كالصاعقة، ولكن عليا
أمكنه تلافيها وهو يحيد عنها فذهبت في الهواء طائشة خائبة، ثم لم ترتد يد صاحبها
منها، حتى كانت الضربة النجلاء، من مبارزة علي عليه السلام قد هوت فوق رأسه تقد
المغفر الذي عليه، وتفلقه شقين حتى تصل إلى الأضراس في حلقه، فهوى مرحب بطل اليهود
الأكبر عن ظهر فرسه، مجندلا على الثرى، يفور منه الدم الغزير ليروي التراب من تحته.
ورأى المحاربون اليهود ما حل ببطلهم مرحب، فاندفعوا نحو المسلمين في
ص 394
هجمة شرسة عاتية، وقد استبد بهم الحقد، وهاجت في نفوسهم الضغينة، فأرادوا أن
يستأصلوا أعدائهم من على وجه الأرض استئصالا، ولكن من أين لهم ذلك الوهم الخادع،
وكل واحد من المسلمين بطل مقدام بحيث كانوا ينقضون عليهم كالليوث الكاسرة، فيفرقون
صفوفهم، ويشتتون جموعهم، ولكن واحد منهم كان يدور حول علي عليه السلام ويلحقه
ويترصده من مكان إلى آخر، وهو يريد أن يختلسه بضربة تعجل عليه، ثم ما زال كذلك حتى
أمكنه من الدنو منه، فأهوى عليه بسيفه، فتلقى علي ضربته بدرعه، غير أنها وصلت إلى
مقبضه فقطعته وأطاحت به من يده، فما كان من علي عليه السلام إلا أن عاجله بسيفه
البتار، وأهوى عليه بإحدى ضرباته البكر النجلاء، لتفلق هامه وتذره على البطحاء
شطرين. ولم يكن اليهود قد شهدوا في سالف أيامهم مثل تلك الضربات التي تفلق هام
الرجال، فراعهم الهلع، وأخافهم الفزع، فتقهقروا إلى الوراء مرتدين إلى الحصن، فارين
لهول ما رأوا، ثم حاولوا إغلاق بابه وإحكام إقفاله من الداخل، ولكن عليا عليه
السلام كان أسرع من أن يمكنهم من إيصاده جيدا، إذ اندفع نحو الباب يشد به إلى
الوراء حتى اقتلعه بيديه ثم حمله يتترس به، ويهجم على الأعداء يدحوهم به دحوا حتى
أبعدهم عن المدخل، فرجع وجعل الباب جسرا على الخندق الذي كان أمام الحصن كي يعبر
عليه المسلمون، ويلاحقون الأعداء من ناحية إلى ناحية، ومن زاوية إلى زاوية، حتى
قتلوا منهم عشرات الرجال وفر الباقون من أمامهم، فطاردوهم حتى أجلوهم عن الحصن
تماما ولم يبق منهم فيه أحد، وعندها هدأ القتال وانتهت تلك المعركة بفتح حصن الناعم
على يدي علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه، فدعاه الرسول صلى الله عليه وسلم
إليه يضمه إلى صدره فرحا بقوة بأسه وشجاعته، شاكرا الله تعالى على ما أنعم عليه
وعلى المسلمين من نصر عزيز. وكان شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم حسان بن ثابت،
يرقب ذلك الحنان يفيضه رسول الله صلى الله عليه وسلم على حبيبه وأخيه علي عليه
السلام فينفذ أثره
ص 395
إلى مشاعره، ويلتقي في ذهنه مع صور جولات علي عليه السلام وصولاته، فاستأذن النبي
صلى الله عليه وسلم وأنشد في ذلك شعرا معبرا صارخا، كان من جملته: وكان علي أرمد
العين يبتغي * دواء فلما لم يحس مداويا شفاه رسول الله منه بتفلة * فبورك مرقيا
وبورك راقيا وقال سأعطي الراية اليوم صارما * كميا محبا للرسول مواليا يحب إلهي
والإله يحبه * به يفتح الله الحصون الأوابيا فأصفى لها دون البرية كلها * عليا،
وسماه الوزير المؤاخيا واطمأن الرسول صلى الله عليه وسلم واطمأن معه المسلمون إلى
ذلك الفتح العظيم، وحق لهم أن ينالوا قسطا من الراحة بعد جهاد دام عدة أيام،
فأخلدوا إلى السكون في ديار خيبر، وقد وقف الحراس مترقبين لكل حركة، حذرين من أي
غدر قد يفاجئهم به العدو. ولكن ما شهدوه من بطولة علي بن أبي طالب عليه السلام
وشجاعته في ذلك اليوم كان عجيبا حقا، فقضوا سهرتهم يتحدثون بتلك القدرة الفائقة،
وكانوا يتساءلون: كيف أمكن لعلي عليه السلام أن يقدر على قلع ذلك الباب الضخم ورفعه
بين يديه، والهجوم به على الأعداء يدحوهم به دحوا، فقام نفر من ثمانية رجال، بينهم
أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذهبوا إلى الباب يريدون أن يرفعوه،
فما قدروا على أن يقلبوا قلبا، وحاولوا ذلك مرات عديدة، فأعجزهم ثقل الباب، حتى أن
أحدهم قال: كنا عشرين نحاول رفعه كما رفعه علي فلم يستطع الضوء أن ينفذ من تحته
وكانوا كلهم أمناء صادقين، فعادوا إلى الرجال يتحدثون بما حاولوا ولم ينجحوا،
وراحوا يثنون على قوة علي عليه السلام ويحمدون الله سبحانه على ما منح أحد أبطالهم
من القوة حتى أمكنه فتح الحصن - إلى آخر ما قال. ومنهم الفاضل المعاصر عبد الرحمن
الشرقاوي في علي إمام المتقين (ج 2 ص
ص 396
44 ط مكتبة غريب بالفجالة) قال: وعن غزوة خيبر يروي أبو رافع مولى الرسول قال:
خرجنا مع علي حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته، فلما دنا من الحصن خرج
إليه أهله فقاتلهم، فضربه رجل من يهود فطرح ترسه من يده، فتناول علي بابا كان عند
الحصن، فترس به نفسه فلم يزل في يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه، ثم ألقاه من يده
حين فرغ، فلقد رأيتني في نفر مع سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما
نقلبه. كان على رأس هذا الحصن أحد شجعان يهود واسمه مرحب، وهو الذي طرح الترس من يد
علي، فانقض عليه كرم الله وجهه وبارزه متحصنا بباب الحصن الثقيل، وطالت المبارزة
حتى أهوى علي بسيفه على وجه مرحب، وسقط الحصن واستأسر من فيه وغنم منه المسلمون
مغانم كثيرة. من أجل ذلك صاح نفر من المعجبين به من المسلمين: لا فتى إلا علي. وكان
هذا النداء يرج الآفاق كلما اشتبك في قتال، فيلهب منه الحماسة ويثير الحمية. وقد
شهدت أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها غزوة خيبر فقالت: سمعت وقع سيف علي بن أبي
طالب في أسنان مرحب. وقال علي بن أبي طالب: والله ما قلعت باب خيبر بقوة جسدية ولكن
بقوة ربانية.
ما ورد في شجاعته عليه السلام يوم حنين والطائف

رواه جماعة من أعلام
العامة في كتبهم: فمنهم العلامتان الشريف عباس أحمد صقر والشيخ أحمد عبد الجواد في
جامع
ص 397
الأحاديث (القسم الثاني ج 6 ص 736 ط دمشق) قالا: عن أنس رضي الله عنه قال: لما
كان يوم حنين، قال النبي صلى الله عليه وسلم: الآن حمى الوطيس، وكان علي بن أبي
طالب رضي الله عنه أشد الناس قتالا بين يديه. العسكري في الأمثال. ومنهم العلامة
الشيخ أبو العباس أحمد بن الخطيب المعروف بابن قنفذ القسنطيني الأندلسي المالكي في
وسيلة الإسلام بالنبي (ص) (ص 110 ط بيروت) قال: وخرج رسول الله صلى الله عليه
وسلم في عشرة آلاف الذين فتح الله بهم في ألفين من أهلها، وغزا غزوة حنين وأعجبتهم
كثرتهم، وكان مالك بن عوف قبل إسلامه جمع هوازن بعد الفتح، وهي قبيلة وافرة من قيس
ونزل بهم أوطاس. ولما انحصر المسلمون في الصبح كان العدو كامنا في شعاب ذلك المكان
ومضائقه. فخرج العدو خروج اجتماع والمسلمون على افتراق فانهزموا كلهم إلا من كان
قريبا من النبي صلى الله عليه وسلم. ولما رأى النبي صلى الله عليه وسلم شدة الأمر
نزل عن بغلته في يمين القوم وقال بأعلى صوته: أيها الناس أنا رسول الله، ومعه نفر
من المهاجرين والأنصار وعشرة من أهل البيت: علي بن أبي طالب وقرابته. فاندفع علي بن
أبي طالب بعد انهزام المسلمين على صاحب رايتهم السوداء وصرعه بالأرض وضرب آخر فمات،
وضرب أبو طلحة الأنصاري وحده عشرين وأخذ سلبهم. وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم
كفا من تراب ورماهم به وقال: شاهت الوجوه من التشويه، فجعل كل واحد من العدو يمسح
التراب عن عينيه، وانهزم العدو وسبا بقدرة الله تعالى. واجتمع السبي ستة آلاف من
الذراري والنساء ومن الإبل والغنم ما لا يحصى عدده إلا الله. وما رجع المسلمون من
هزيمتهم حتى وجدوا الأسارى مكتفين عند النبي صلى الله عليه وسلم. ونزل قوله تعالى:
(لقد نصركم الله في مواطن كثيرة).
ص 398
ومنهم الفاضل المعاصر عبد الرحمن الشرقاوي في علي إمام المتقين (ج 2 ص 38 ط
مكتبة غريب بالفجالة) قال: وفي يوم حنين كان علي بن أبي طالب من أشد الناس قتالا
بين يدي الرسول. ومنهم العلامة نجم الدين محمد بن محمد بن محمد بن محمد بن فهد
المشتهر بعمر ابن فهد الهاشمي العلوي المحمدي المكي في إتحاف الورى بأخبار أم
القرى (ج 1 ص 534 ط دار الجيل - القاهرة) قال: ويقال: إن علي بن أبي طالب كان على
فرس رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب بسيفه ويرتجز ويقول: هذا النبي لا كذب * هذا
ابن عبد المطلب ومنهم الفاضل المعاصر سميح عاطف الزين في خاتم النبيين محمد صلى
الله عليه وسلم (ج 2 ص 751 ط 2 دار الكتاب اللبناني - بيروت) قال: وراح المؤمنون
يخوضون غمار المعركة ببسالة نادرة، ويصلون نارها بشجاعة فائقة، وفي حمى القتال
اندفع علي بن أبي طالب عليه السلام وراء رجل الجمل الأحمر من هوازن، الذي كان يكب
على المسلمين بالقتل والطعن، حتى إذا تخلف عنه قومه رفع رايته على رمحه فاتبعوه، ثم
تقدم يرتجز: أنا أبو جرول لا براح * حتى نبيح القوم أو نباح اندفع فارس الإسلام علي
عليه السلام وراء فارس المشركين حتى لحق به، فهوى على عرقوبي جمله بضربة شديدة يقع
على عجزه ثم وثب علي أبي جرول يعاجله بضربة سيف لا تخطئ، فتشطره نصفين، ويخر متخبطا
بدمائه، فينظر إليه علي عليه السلام ويقول: قد علم القوم لدى الصباح * أني في
الهيجاء ذو نطاح
ص 399
شجاعته عليه السلام في بني قريظة 
رواه جماعة من علماء العامة في كتبهم: فمنهم
الفاضل المعاصر عبد الرحمن الشرقاوي في علي إمام المتقين (ج 2 ص 38 ط مكتبة
غريب بالفجالة) قال: وعندما حاصر الرسول بني قريظة، وكان اللواء بيد علي صاح يستحث
جنده: يا كتيبة الإيمان. ثم تقدم هو والزبير بن العوام وقال: والله لأذوقن ما ذاق
حمزة أو لأفتحن حصنهم. مستدرك
شجاعته عليه السلام في حرب الجمل 
تقدم نقل ما يدل
عليه عن أعلام العامة في ج 18 ص 109 ومواضع أخرى، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم
نرو عنها فيما سبق: فمنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في
كتاب جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب (ق 73 والنسخة
مصورة من المكتبة الرضوية الشريفة بخراسان) قال: وقال الأعمش: كنت أرى عليا يوم
الجمل يحمل فيضرب بسيفه حتى ينتهي ثم يرجع ويقول: لا تلوموني ولوموا هذا. ثم يعود
ويقومه.
ص 400
ومنهم المحدث الحافظ أبو عثمان سعيد بن منصور بن شعبة الخراساني المكي المتوفى سنة
227 في كتابه السنن (ج 3 ق 2 ص 337 ط دار الكتب العلمية - بيروت) قال: حدثنا
سعيد قال: نا عبد العزيز بن محمد عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن علي ابن حسين: إن
مروان بن الحكم قال له وهو أمير بالمدينة: ما رأيت أحدا أحسن غلبة من أبيك علي بن
أبي طالب، ألا أحدثك عن غلبته إيانا يوم الجمل؟ قلت: الأمير أعلم، قال: لما التقينا
يوم الجمل توافقنا، ثم حمل بعضنا على بعض، فلم ينشب أهل البصرة أن انهزموا، فصرخ
صارخ لعلي: لا يقتل مدبر، ولا يذفف على جريح، ومن أغلق عليه باب داره فهو آمن، ومن
طرح السلاح آمن. قال مروان: وقد كنت دخلت دار فلان ثم أرسلت إلى حسن وحسين ابني
علي، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن جعفر فكلموه، قال: هو آمن فليتوجه حيث شاء،
فقلت: لا والله ما تطيب نفسي حتى أبايعه، فبايعته ثم قال: اذهب حيث شئت. ومنهم
الحافظ المؤرخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748 في تاريخ
الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام (ج 3 ص 484 ط بيروت سنة 1407) قال: وقال سعيد
بن جبير: كان مع علي يوم وقعة الجمل ثمانمائة من الأنصار، وأربعمائة ممن شهد بيعة
الرضوان. رواه جعفر بن أبي المغيرة عن سعيد (1).
(هامش)
(1) قال الحافظ المؤرخ شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي المتوفى سنة 748 في
تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام (ج 3 ص 484): وقال المطلب بن زياد، عن
السدي: شهد مع علي يوم الجمل مائة وثلاثون بدريا وسبعمائة من أصحاب النبي صلى الله
عليه وسلم، وقتل بينهما ثلاثون ألفا، لم تكن = (*)