ص 401
(هامش)
= مقتلة أعظم منها. وقال الفاضل المعاصر مأمون غريب المصري القاهري في خلافة علي
بن أبي طالب عليه السلام (ص 90 ط مكتبة غريب في القاهرة): فانطلق عدد كبير من أهل
الكوفة قدره البعض باثني عشر ألف مقاتل للانضمام لجيش الإمام، وقال بعض المؤرخين
أنهم أقل من ذلك، وعند ذي قار التقوا بالإمام فخطبهم قائلا - فذكر الخطبة الشريفة.
وقال الفاضل المعاصر جميل إبراهيم حبيب البغدادي في سيرة الزبير بن العوام (ص
139 ط الدار العربية للموسوعات): قال عبد الله بن مصعب، قال: أرسل علي بن أبي طالب
رحمه الله عبد الله بن عباس، لما قدم البصرة، فقال: إيت الزبير ولا تأت طلحة، فإن
الزبير ألين، وإنك تجد طلحة كالثور عاقصا قرنه، يركب الصعوبة ويقول هي أسهل، فاقرأه
السلام، وقل له: يقول لك ابن خالك، عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق، فما عدا مما
بدا لك. قال: فأتيت الزبير. فقال: مرحبا بابن لبابة، أزائرا جئت أم سفيرا؟ فقلت: كل
ذلك، وأبلغته ما قال علي، فقال الزبير: أبلغه وقل له: بيننا وبينك عهد خليفة ودم
خليفة وانفراد واحد وأم مبرور ومشاورة عشيرة ونشر المصاحف فنحل ما أحلت ونحرم ما
حرمت. وقال الفاضل المعاصر عبد الوهاب النجار في الخلفاء الراشدون (ص 387 ط 1
دار القلم - بيروت): جاء طلحة والزبير واستأذنا عليا في العمرة، فأذن لهما وهو يعلم
أنهما لا يريدان ذلك وأنهما خرجا كراهة لأمره - إلى أن قال: قال ابن قتيبة: إنهما
قالا لعلي: هل تدري يا علي علام بايعناك؟ قال: نعم على السمع والطاعة وعلى ما
بايعتما أبا بكر وعمر وعثمان. فقالا: لا ولكن بايعناك على أنا شريكاك في الأمر، قال
علي: لا، ولكنكما شريكان في القول والاستقامة والعون على العجز والأود. قال: كان
الزبير لا يشك في ولاية العراق وطلحة في اليمن. فلما استبان لهما أن عليا غير
موليهما شيئا أظهرا الشكاة، فتكلم الزبير في ملأ من قريش فقال: هذا = (*)
ص 402
(هامش)
= جزاؤنا من علي قمنا له في أمر عثمان حتى أثبتنا عليه الذنب وسببنا له القتل وهو
جالس في بيته وكفى الأمر، فلما نال ما أراد جعل دوننا غيرنا، فقال طلحة: ما اللوم
إلا أنا كنا ثلاثة من أهل الشورى كرهه أحدنا وبايعناه وأعطيناه ما في أيدينا ومنعنا
ما في يده فأصبحنا قد أخطأنا ما رجونا. وأنهى قولهما إلى علي فدعا عبد الله بن عباس
وكان استبطنه فقال: قد بلغك قول هذين الرجلين؟ قال: نعم بلغني قولهما. قال: فما
ترى؟ قال: أرى أنهما أحبا الولاية، فول البصرة الزبير وول طلحة الكوفة، فإنهما ليسا
بأقرب إليك من الوليد وابن عامر من عثمان، فضحك علي ثم قال: ويحك إن العراقيين بهما
الرجال والأموال ومتى تملكا رقاب الناس يسملان السفيه بالطمع ويضربان الضعيف
بالبلاء ويقويان على القوي بالسلطان، ولو كنت مستعملا أحدا لضره أو نفعه لاستعملت
معاوية على الشام، ولولا ما ظهر لي من حرصهما على الولاية لكان لي فيهما رأي. قال:
ثم أتى طلحة والزبير إلى علي فقالا: يا أمير المؤمنين، ائذن لنا إلى العمرة فإن تقم
إلى انقضائها رجعنا إليك وإن تسر نتبعك. فنظر إليهما وقال: نعم، والله ما العمرة
تريدان، أمضيا إلى شأنكما فمضيا. وقال الفاضل المعاصر محمد رضا في الإمام علي بن
أبي طالب كرم الله وجهه رابع الخلفاء الراشدين (ص 128 ط دار الكتب العلمية -
بيروت): قالت المعتزلة: كل أصحاب الجمل هالكون إلا من ثبتت توبته منهم. قالوا:
وعائشة ثبتت توبتها وكذلك طلحة والزبير، أما عائشة فإنها اعترفت لعلي عليه السلام
يوم الجمل بالخطأ وسألته العفو، وقد تواترت الرواية عنها بإظهار الندم وأنها كانت
تقول: ليته كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم بنون عشرة كلهم مثل عبد الرحمن
ابن الحارث بن هشام وثكلتهم، ولم يكن يوم الجمل، وإنها كانت تقول: ليتني مت قبل يوم
الجمل، وإنها كانت إذا ذكرت ذلك اليوم تبكي حتى تبل خمارها. وأما الزبير فرجع عن
الحرب معترفا بالخطأ لما أذكره علي عليه السلام ما أذكره. وأما طلحة فإنه مر به وهو
صريع فارس فقال له: قف، فوقف. قال: من أي الفريقين أنت؟ قال: من أصحاب أمير
المؤمنين. قال: أقعدني، فأقعده. فقال: امدد = (*)
ص 403
إخبار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام عما يكون بينه وبين
عائشة رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم الفاضل المعاصر محمد ولي الله
عبد الرحمن الندوي في نبؤات الرسول ما تحقق منها وما يتحقق (ص 93 ط دار السلام)
قال: أخرج الإمام أحمد في مسنده فقال: ثنا حسين بن محمد، ثنا الفضيل يعني ابن
سليمان، ثنا محمد بن أبي يحيى، عن أبي أسماء مولى بني جعفر، عن أبي رافع: أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي بن أبي طالب: إنه سيكون بينك وبين عائشة أمر.
قال: أنا يا رسول الله؟ قال: نعم، قال: أنا؟ قال: نعم، قال: فأنا أشقاهم يا
(هامش)
يدك لأبايع أمير المؤمنين فبايعه. وقالت المعتزلة: ليس لقائل أن يقول ما يروى من
أخبار الآحاد بتوبتهم لا يعارض ما علم من معصيتهم. قالوا: لأن التوبة إنما يحكم بها
للمكلف على غالب الظن في جميع المواضع لا على القطع، ألا ترى أنا نجوز أن يكون من
أظهر التوبة منافقا وكاذبا فبان المرجع في قبولها في كل موضع إنما هو الظن فجاز أن
يعارض من معصيتهم بما يظن من توبتهم. وقالت الإمامية: كفر أصحاب الجمل كلهم الرؤساء
والأتباع. وقال قوم من الحشوية والعامة: اجتهدوا فلا إثم عليهم ولا نحكم بخطئهم ولا
خطأ علي عليه السلام وأصحابه. وقال قوم من هؤلاء: بل نقول أصحاب الجمل أخطأوا ولكنه
خطأ مغفور كخطأ المجتهد في بعض مسائل الفروع عند من قال بالأشبه، وإلى هذا القول
يذهب أكثر الأشعرية. (*)
ص 404
رسول الله؟ قال: لا ولكن إذا كان كذلك فارددها إلى مأمنها. ومنهم العلامتان الشريف
عباس أحمد صقر وأحمد عبد الجواد في جامع الأحاديث (ج 3 ص 222 ط دمشق) قالا: قال
النبي صلى الله عليه وسلم: إن وليت من أمرها شيئا فارفق بها - يعني عائشة - قال
لعلي (ك)، عن أم سلمة. وقالا أيضا في ج 4 ص 347: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
سيكون بينك وبين عائشة أمر. قاله لعلي، قال: فأنا أشقاهم يا رسول الله؟ قال: لا
ولكن إذا كان ذلك فارددها إلى مأمنها (حم، طب). عن أبي رافع. أقول: في تعاليق كتاب
نبوات الرسول الماضى - للندوي قال: هذا الحديث يتعلق بسيدنا علي وعائشة رضي
الله عنهما رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو رافع رضي الله عنه. أخرجه
أحمد في مسنده 6 / 393 بلفظه. والبزار في مسنده كما في كشف الأستار 4 / 93 (ح 3372)
بلفظه. والطبراني في معجمه الكبير 1 / 332 (ح 995) بمثله. وذكر الهيثمي في مجمع
الزوائد 7 / 234 وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني ورجاله ثقات. وأخرجه ابن الجوزي
في العلل المتناهية 2 / 366 (ح 1419) بلفظه وقال: قال يحيى بن معين: الفضيل ليس
بثقة. قلت: قد وثقه ابن حبان حيث ذكره في كتابه الثقات، وقال الذهبي عنه: صدوق وقال
ابن حجر: صدوق له خطأ كثير وكذلك حديثه في الكتب الستة، ولعل هذا ما
ص 405
حمل الهيثمي يقول في أسانيد أحمد والبزار والطبراني - وفيها فضيل بن سليمان - رجاله
ثقات. راجع تهذيب الكمال 2 / 1102، ميزان الاعتدال 3 / 361، تقريب التهذيب 2 / 112.
مستدرك قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لأزواجه:

يا ليت شعري أيتكن صاحبة
الجمل تنبحها كلاب الحوأب 
تقدم نقل ما يدل عليه عن أعلام العامة في ج 8 ص 471
ومواضع أخرى، ونستدرك هيهنا عن الكتب التي لم نرو عنها فيما سبق: فمنهم الأستاذ
أحمد شلبي في موسوعة التاريخ الإسلامي والحضارة الإسلامية (ج 1 ص 619 ط مكتبة
النهضة المصرية) ذكر القصة ماء الحوأب ونبح كلابها وأن ابن الزبير أقسم لها أن ذلك
ليس ماء الحوأب، واستشهد لها ببعض الأعراب وكان قد اكتراهم لذلك. ومنهم الفاضل
المعاصر أحمد عبد الغفور عطار في كتابه عائشة (ص 165 ط مكة المكرمة) قال: قالت
أم سلمة لعائشة رضي الله عنهما أحسن الرضا: وأذكرك أيضا، كنت أنا وأنت مع رسول الله
صلى الله عليه وسلم، وأنت تغسلين رأسه وأنا أحيس له حيسا، وكان الحيس يعجبه، فرفع
رأسه وقال: يا ليت شعري أيتكن صاحبة الجمل الأذنب تنبحها كلاب الحوأب فتكون ناكبة
الصراط؟ فرفعت يدي من الحيس فقلت: أعوذ
ص 406
بالله وبرسوله من ذلك، فضرب على ظهرك وقال: إياك أن تكوني فيها؟ إياك أن تكونيها يا
حميراء، أما أنا فقد أنذرتك. قالت عائشة: نعم، أذكر هذا. ومنهم العلامة الأمير علاء
الدين علي بن بلبان الفارسي الحنفي المتوفى سنة 739 في الإحسان بترتيب صحيح ابن
حبان (ج 8 ص 258 ط بيروت) قال: أخبرنا عمران بن موسى بن مجاشع قال: حدثنا عثمان
بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع وعلي بن مسهر، عن إسماعيل، عن قيس قال: لما أقبلت
عائشة مرت ببعض مياه بني عامر طرقتهم ليلا فسمعت نباح الكلاب فقالت: أي ماء هذا؟
قالوا: ماء الحوأب. قالت: ما أظنني إلا راجعة. قالوا: مهلا يرحمك الله! تقدمينا
فيراك المسلمون فيصلح الله بك، قالت: ما أظنني إلا راجعة، إني سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: كيف بإحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب. ومنهم الفاضل الأمير
أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه تاريخ الأحمدي (ص 167 ط
بيروت سنة 1408) قال: وفي كنز العمال عن أم راشد قالت: سمعت طلحة والزبير. يقول
أحدهما لصاحبه: بايعته أيدينا ولم تبايع قلوبنا، فقلت لعلي فقال: (فمن نكث فإنما
ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما) (1).
(هامش)
(1) قال محمد بن عبد الله الأسكافي في المعيار والموازنة ص 53: فلما بلغه [أمير
المؤمنين علي عليه السلام] رضي الله عنه وعن جميع المؤمنين مسير طلحة والزبير
وعائشة إلى البصرة صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على محمد النبي صلى الله
عليه وسلم فقال: قد صارت عائشة والزبير وطلحة وكل يدعي الأمر دون صاحبه يطلبه طلحة
لأنه ابن عم عائشة ولا يرى الزبير إلا أنه أحق بالخلافة لأنه ختن عائشة، فوالله لئن
ظفروا بما يريدون ولا يرون ذلك أبدا ليضربن طلحة عنق الزبير = (*)
ص 407
(هامش)
= والزبير عنق طلحة، تنازعا شديدا على الملك، والله إن راكبة الجمل لا تصعد عقبة
ولا تنزل منزلا إلا إلى معصية الله وسخطه حتى تورد نفسها ومن معها متألف الهلكة
يقتل ثلثهم ويهزم ثلثهم ويتوب ثلثهم، والله لتنبحنها كلاب الحوأب، فهل يعتبر معتبر
أو يتفكر متفكر؟ والله إن طلحة والزبير ليعلمان أنهما مخطئان وما يجهلان، ولرب عالم
قتله جهله وعلمه معه لا ينفعه. فتدبروا رحمكم الله هذه الأنباء ففيها التبيان
والشفاء، وتفهموا ما يرد عليكم من الهدى، ولا يذهبن عنكم صفحا لتعلموا أن أموره
مبنية على يقين متقدم، وعلم ثاقب وحجة بالغة. لا يهم عند الشدائد ولا يفتر عند
النوازل، أمره في التقدم والبصيرة أمر واحد لا يضجع في القول، ولا يفتر عند
الإقدام، ولا يفرق بين حاله أيام النبي صلى الله عليه وسلم، وبين هذه الحال في
الجهد والاجتهاد، والقوة والعزم والبصيرة في جميع أموره [فلاحظوا أحواله] لتعلموا
أن أعماله مبنية على أساس اليقين، وأموره ماضية على البصيرة في الدين، وأن هذه
الأفعال لا يبينها إلا علم نافذ و[أن] أموره لا تتسق ولا تتفق إلا لمن اعتمد على
الثقة والمعرفة، وأيد بالنصر من الله والملائكة. ثم قوله [عليه السلام] على المنبر:
إنه لم ير إلا قتالهم أو الكفر بما أنزل الله. لا يجترئ من خالفه أن يدعي مثل هذه
ولا يقدم أحد على تكذيبه، فأين هذه إلا له. ثم نتبع هذا الكلام بأن نقول: [إنه كان
يقول]: إنه لعهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن أقاتل الناكثين والقاسطين
والمارقين. فهل تجد لمن خالفه مثل هذه الدعوى قبل النظر في الحجة؟ وما تجد لهم إلا
عللا ملفقة ينكرها من سمعها، ويستدل على ريبة القوم بها وضعفهم عند ذكرها، فمرة
يطلب بدم عثمان، ومرة بايعنا مكرهين، ومرة جئنا لنصلح بين الناس مع ما يرد عليهم من
الاحتجاج، ممن رأى الاختلاف في قولهم والتناقض في منطقهم، وما تروون من تلون عائشة،
وروايتكم عنها مرة: أخرج للإصلاح، ومرة تعزم على الرجوع عند تذكر الخطأ، وعند
التوقيف لها [كذا]. = (*)
ص 408
(هامش)
= هذه روايتكم ظاهرة مكشوفة في ماء الحوأب [بأسانيدكم] عن الشعبي، عن ابن عباس،
قال: طرقت عائشة وطلحة والزبير ماء الحوأب ومن معهم ليلا وهو ماء لبني عامر بن
صعصعة، فنبحتهم كلاب الحوأب، فنفرت صعاب إبلهم، فقال قائل: لعن الله أهل الحوأب ما
أكثر كلابهم. قالت عائشة: أي ماء هذا؟ فقال محمد بن طلحة وعبد الله بن الزبير: هذا
ماء الحوأب، فقالت عائشة: والله لا صحبتكم ردوني ردوني، إني سمعت رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول: كأني بكلاب ماء الحوأب قد نبحت على امرأة من نسائي وهي في فئة
باغية، ثم قال: لعلك أنت يا حميراء، قال: ثم دعا عليا فناجاه بما شاء. ردوني. فقال
لها الزبير: مهلا يرحمك الله، يراك الناس والمسلمون فيصلح الله ذات بينهم. وقال
طلحة: ليس هذا بحين رجوع. ثم جاء عبد الله بن الزبير، فقال: ليس هذا ماء الحوأب،
وحلف لها على ذلك، قال: وهل من شاهد يشهد على أن هذا ليس ماء الحوأب؟ فأقاموا خمسين
رجلا من الأعراب يشهدون أنه ليس ماء الحوأب، وجعلوا لهم جعلا، وكانت أول شهادة زور
أقيمت في الإسلام. فليعتبر من به حياة، وليذكر من كان له قلب واعلموا أن مثل هذه
الأخبار لا تكون مفتعلة، وكيف افتعل مثل هذه الأخبار في عائشة ولم يفتعل مثلها في
علي [وإنما مهدنا ذلك] لتعلموا أنه لو كان سبيلها التخرص والتقول لجاز لمن خالفه
عليه مثلها، وهذه روايتكم لا تدفعونها والكذب من علي والمهاجرين والأنصار أبعد، ومن
الأعراب والطغام وجند المرأة أقرب. يقول علي رضي الله عنه وهو بالمدينة: ستنبحها
كلاب الحوأب، وتقول هي لما رأت الماء ونبحتها كلاب الحوأب: سمعت النبي صلى الله
عليه وسلم [وذكرت] ما ذكرناه آنفا، [ثم قالت]: ثم دعا بعلي فناجاه. هل يكون بيان
أوضح [من هذا] من أن عليا لم يقدم ولم يحجم، ولم يقل، ولم يسكت إلا بأمر من الرسول
صلى الله عليه وسلم. (*)
ص 409
ومنهم الفاضل المعاصر محمد رضا في الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه رابع
الخلفاء الراشدين (ص 101 ط دار الكتب العلمية - بيروت) قال: ولما كانوا بالحوأب
نبح كلابه. فقالوا: أي ماء هذا؟ فقال دليلهم: هذا ماء الحوأب. فصرخت عائشة بأعلى
صوتها وقالت: إنا لله وإنا إليه راجعون، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول وعنده نساؤه: ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب؟ ثم ضربت عضد بعيرها فأناخته
وقالت: ردوني، والله أنا صاحبة ماء الحوأب، فأناخوا حولها يوما وليلة. فقال لها عبد
الله بن الزبير: إنه كذب، ولم يزل بها وهي تمتنع، فقال لها: النجاء النجاء فقد
أدرككم علي بن أبي طالب. ومنهم العلامة الشهاب أحمد الشيرازي الحسيني الفارسي
الإيجي في توضيح الدلائل (ق 218 نسخة مكتبة الملي بفارس) قال: وذكر الإمام أحمد
بن حنبل عن قيس بن حازم أن عائشة لما أتت الحوأب سمعت نباح الكلاب فقالت: ما أظنني
إلا رجعت، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيتكن تبيح كلاب الحوأب. وعن
عكرمة، عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهم: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
أيتكن صاحبة الجمل الأدبب يقتل حولها قتلى كثيرة، وينجو بعد ما كادت. قال القرطبي:
هذا حديث ثابت صحيح، والعجب من القاضي الإمام أبي بكر بن الغربي كيف أنكر هذا
الحديث في كتبه، وذكر أنه لا يوجد له أصلا، وأظهر لعلماء المحدثين بإنكاره غباوة
وجهلا. إنتهى كلامه.
(هامش)
ثم قوله: لئن ظفرا بالأمر يعني الزبير وطلحة ليضربن بعضهم بعضا. وقد كان من تشاحهما
على الصلوة وقتالهما عليها ما يحقق قوله رضي الله عنه. (*)
ص 410
وعن سالم بن أبي الجعد قال: ذكر النبي صلى الله عليه وسلم خروج بعض أمهات المؤمنين،
فضحكت عائشة رضي الله عنها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انظري يا حميراء لا
تكونين هي، ثم التفت صلى الله عليه وسلم إلى علي كرم الله وجهه فقال: يا أبا الحسن
إن توليت من أمرها شيئا فارفق بها. رواه الصالحاني بإسناده، وفيه: الحافظ أبو بكر
بن مردويه، وعن هاشم بن عروة، عن أبيه قال: ما ذكرت عائشة رضي الله عنها مسيرها إلا
بكت حتى بل خمارها وتقول: يا ليتني كنت نسيا منسيا. ومنهم الأستاذ عباس محمود
العقاد في المجموعة الكاملة - العبقريات الإسلامية (ج 3 ص 230 ط دار الكتاب
اللبناني) قال: عبروا بماء الحوأب فنبحتهم كلابه، وسألوا: أي ماء هذا؟ فقال الدليل:
هذا ماء الحوأب، فصرخت بأعلى صوتها قائلة: إنا لله وإنا إليه راجعون، إني سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول وعنده نساؤه: ليت شعري أيتكن تنبحها كلاب الحوأب. ثم
ضربت عضد بعيرها فأناخته وهي تقول: أنا والله صاحبة كلاب الحوأب طروقا. ردوني،
ردوني، ردوني. وأقامت يوما وليلة لا تريم مكانها، حتى جاءوا لها بخمسين رجلا من
الأعراب رشوهم فشهدوا أنهم جازوا الماء، وقالوا لها: مهلا يرحمك الله فقد جزناه. ثم
صاح عبد الله بن الزبير: النجاء. النجاء. فقد أدرككم علي ابن أبي طالب. فأذنت لهم
في المسير بعد امتناع شديد. ومنهم الحافظ الذهبي في الخلفاء الراشدون من تاريخ
الإسلام (ص 188 ط دار الكتب العلمية - بيروت) قال: وكيع، عن عصام بن قدامة - وهو
ثقة - عن عكرمة، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيتكن صاحبة
الجمل الأدبب يقتل حواليها قتلى كثيرون
ص 411
وتنجو بعد ما كادت. ومنهم السيد محمد صديق حسن البخاري الحسيني في الإذاعة (ص
72 ط دار الكتب العلمية) قال: وعن عائشة: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها:
كيف بإحداكن إذا نبحتها كلاب الحوأب. رواه أحمد والحاكم. ومنهم الفاضلان عبد مهنا
وسمير جابر في أخبار النساء في العقد الفريد (ص 158 ط دار الكتب العلمية -
بيروت) قال: ودخلت أم أوفى العبدية على عائشة بعد وقعة الجمل فقالت لها: يا أم
المؤمنين، ما تقولين في امرأة قتلت أبنا لها صغيرا؟ قالت: وجبت لها النار. قالت:
فما تقولين في امرأة قتلت من أولادها الأكابر عشرين ألفا في صعيد واحد؟ قالت: خذو
بيد عدوة الله. وماتت عائشة في أيام معاوية وقد قاربت السبعين، وقيل لها: تدفنين مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت: لا، إني أحدثت بعده حدثا، فادفنوني مع إخوتي
بالبقيع. وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم قال لها: يا حميراء، كأني بك ينبحك كلاب
الحوأب، تقاتلين عليا وأنت له ظالمة. والحوأب: قرية في طريق المدينة إلى البصرة،
وبعض الناس يسمونها الحوب - بضم الحاء وتثقيل الواو - وقد زعموا أن الحوأب: ماء في
طريق البصرة. قال في ذلك بعض الشيعة: إني أدين بحب آل محمد * ونبي الوصي شهودهم
والغيب وأنا البرئ من الزبير وطلحة * ومن التي نبحت كلاب الحوأب
ص 412
جعل رسول الله(ص)طلاق نسائه بيد علي أمير المؤمنين في حياته
وبعد مماته 
رواه جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم الفاضل المعاصر الأمير أحمد
بن حسين البريانوي بهادر خان الحنفي في تاريخ الأحمدي (ص 182 ط بيروت) قال نقلا
عن روضة الأحباب : ونيز در آن كتاب است كه: روز ديگر غنچه چمن نبوت ورسالت وسرور
بوستان نبالت وجلالت وبسالت يعين امام حسن مجتبى را برسم رسالت بخانهء عائشه
فرستاد، حسن آمد وگفت: أمير المؤمنين مى فرمايد: بدان خدائى كه بشكافت دانه را
وبيافريد آدم فرزانه راكه اگر در زمان به تجهيز سفر مدينه نپر دازى پيغامى به تو
بفرستم وتو را تنبيه كنم در امرى كه كيفيت آن را تو نيك دانى. راوى گويد كه: عائشه
در آن وقت سر خويش شانه مى كرد وجانب راست را بافته بود ومى خواست جانب چپ را
ببافد، چون حسن مجتبى اين پيغام رسانيد عائشه گيسوى چب را نبافته در زمان از مكان
بر خواست وباخواص وخدام خويش گفت كه: بار مرابر راحلهء من نهيد وبه كارسازى سفر
مدينه مشغول شويد كه هيچ چاره جز رفتن به مدينه ندارم وكمال اضطراب در بشرهء وى
ظاهر شد. زنى از نساء بصره با عائشه گفت: يا أم المؤمنين عبد الله بن عباس نزد تو
آمد وهمچنين پيغام رسانيد وتو سخن با او بلند گردانيدى كه ما همهء آواز تو را در
حين مقاولهء مجادلهء با او بشنيديم چنانچه وى به غضب بر خاست واز اين خانه بيرون
رفت وپدر اين جوان يعنى أمير المؤمنين على نزد تو آمد با تو سخن راند هيچ اقبال به
قول او ننمودى اكنون چه افتاد كه به قول پسر او اين همه اضطراب دست داد؟
ص 413
عائشه در جواب او گفت كه: پدرش (على) به دست او پيغامى فرستاده ومرابر امرى اطلاع
داده كه به جز راه مدينه پيمون دواى ديگر ندارم، آن زن از كيفيت آن امر استفسار
نمود وعائشه گفت: حضرب رسالت روزى از غنائم كه به دست على رسيده بود ميان ذو القربى
وياران خود قسمت مى فرمود ما نيز آن نصاب حصه ونصيبى طلبيديم ودر آن طلب الحاح
ومبالغه بر آن سرور از حد اعتال گذرانيديم على بن ابى طالب زبان را به ملامت
ماگشوده وگفت: بس است كه مبالغه كرديد والحاح را از حد گذرانيديد حضرت راملول
ساختيد وما را توبيخ بسيار كرد ما نيز او را سخنان خشونت آميز گفتيم. وى اين آيت را
بر خواند كه: (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن) يعنى: شايد بود كه اگر
او دست از شما بردار وشما را در حوضهء مطلقات در آرد پروردگار او بهتر از شما بدل
وعوض دهد او را، ما نيز در خشونت ودرشتى افزوديم رسول (صلعم) از درشتى وغلظت قول ما
كه با على بن ابى طالب نموديم در عضب وغصه شد ونظر به جانب على كرد وفرمود: اى على،
من طلاق ايشان را در قبضهء اختيار تو در آورم وتو را وكيل خود گردانيدم كه هر كدام
از ايشان راكه تو از قبل من طلاق دهى نام او را از دفتر نساء النبى محو شود وآن
حضرت امر طلاق را طلاق فرمود وفرق ميان حيات وممات ننمود پس على بن ابى طالب ما را
بر اين معنى تنبيه من كند ومن مى انديشم كه مبادا بر زبان او چيزى رود كه تدارك آن
تصور نتوان كرد. (إلى أن قال) ومنقول است كه چون ام المؤمنين به سفر مدينه عازم
جازم گرديد وخبر آن به سمع امير المؤمنين رسيد عبد الله بن جعفر را امر فرمود از
بيت المال مسلمين دوازده هزار درهم بنزد عائشه برد تا در كارسازى سفر مدينه صرف كند
ومحمد بن ابى بكر را فرامود تا آن سفر ملازم خواهر باشد. قال أبو الفداء: كانت عدة
القتلى يوم الجمل من الفريقين عشرة آلاف واستعمل علي على البصرة عبد الله بن عباس
وسار علي إلى الكوفة ونزلها وانتظم له الأمر بالعراق
ص 414
ومصر واليمن والحرمين وخراسان ولم يبق خارج عنه غير الشام وفيه معاوية وأهل الشام
مطيعون له فأرسل إليه جرير بن عبد الله البجلي ليأخذ البيعة على معاوية ويطلب منه
الدخول فيما دخل فيه المهاجرون والأنصار فسار جرير إلى معاوية فماطله معاوية حتى
قدم عمرو بن العاص على معاوية من فلسطين فوجد أهل الشام يحضون على الطلب بدم عثمان
فقال لهم على الحق فاتفق عمرو ومعاوية على قتال علي وشرط عمرو على معاوية إن ظفر
يوليه مصر فأجابه إلى ذلك - إلى أن قال - ولما قدم عمرو على معاوية كما ذكرنا.
إخفاء عائشة اسم أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام

رواه جماعة من أعلامهم
في كتبهم: فمنهم العلامة الأمير علاء الدين بن بلبان الفارسي المتوفى سنة 739 في
الإحسان بترتيب صحيح ابن حبان (ج 8 ص 198 ط بيروت) قال: أخبرنا ابن خزيمة، حدثنا
عبد الجبار بن العلاء، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن عبد الله بن عبد الله قال: سألت
عائشة قلت: أخبريني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت: اشتكى فعلق ينفث
فجعلنا نشبه نفثه نفث آكل الزبيب. قالت: وكان يدور على نسائه فلما ثقل استأذنتهن أن
يكون عندي ويدرن عليه. قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين رجلين
تخطان رجلاه الأرض أحدهما عباس قال: فحدثت به ابن عباس فقال لي: ما أخبرتك بالآخر؟
قلت: لا، قال: هو علي.
ص 415
ومنهم الفاضل الأمير أحمد حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه تاريخ
الأحمدي (ص 110 ط بيروت سنة 1408) قال: قال أبو الفداء: لما قدم رسول الله صلى
الله عليه وسلم من حجة الوداع أقام بالمدينة حتى خرجت عشرة المحرم سنة إحدى عشرة
وابتدأ برسول الله مرضه في أواخر صفر وهو في بيت ميمونة فجمع نساءه واستأذنهن أن
يمرض في بيت إحداهن فأذن له أن يمرض في بيت عائشة. وروى ابن جرير في تاريخه الكبير
عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة قالت: فخرج رسول الله صلى الله عليه
وسلم بين رجلين من أهله أحدهما الفضل بن العباس ورجل آخر تخط قدماه الأرض عاصبا
رأسه حتى دخل بيتي. قال عبيد الله: فحدثت هذا الحديث عنها عبد الله بن عباس فقال:
هل تدري من هذا الرجل؟ قلت: لا، قال: علي بن أبي طالب ولكنها كانت لا تقدر على أن
تذكره بخير. ومنهم الحافظ العلامة محمد بن إسماعيل البخاري في الصحيح (ج 6 ص 13
المطبوع بأمر السلطان عبد الحميد في القاهرة) قال: حدثنا سعيد بن غفير، قال: حدثني
الليث، قال: حدثني عقيل، عن ابن شهاب، قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة
بن مسعود أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله
عليه وسلم واشتد به وجعه - فذكر مثل ما تقدم. ومنهم الفاضل المعاصر عبد السلام
هارون في تهذيب سيرة ابن هشام (ص 336 ط الكويت) قال: قال ابن إسحاق: حدثني
يعقوب بن عتبة، عن محمد بن مسلم الزهري، عن
ص 416
عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة زوج النبي قالت - فذكر الحديث مثل ما
تقدم. ومنهم العلامة أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي المتوفى سنة 485 في كتاب
دلائل النبوة (ج 7 ص 173 ط دار الكتب العلمية في بيروت) قال: أخبرنا أبو الحسن
علي بن أحمد بن عبيد الله، قال: أخبرنا أحمد بن عبيد الصفار، قال: أخبرنا ابن
ملحان، قال: حدثنا يحيى بن بكير، عن الليث. (ح) وأخبرنا أبو صالح بن أبي طاهر
العنبري، قال: أخبرنا جدي يحيى بن منصور القاضي، قال: حدثنا أبو بكر عمر بن حفص
السدوسي، قال: حدثنا عاصم ابن علي، قال: حدثنا ليث بن سعد، عن عقيل بن خالد، عن ابن
شهاب، قال: أخبرنا عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه
وسلم قالت - فذكر الحديث مثل ما تقدم. ومنهم المؤرخ المعروف أبو محمد عبد الملك بن
هشام بن أيوب الحميري المتوفى سنة 218 في سيرة النبي (ج 4 ص 1063 ط مطبعة
المدني سنة 1383 بالقاهرة) قال: قال ابن إسحاق: حدثني يعقوب بن عتبة، عن محمد بن
مسلم الزهري، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه
وسلم قالت: فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي بين رجلين من أهله - فذكر
الحديث مثل ما تقدم.
ص 417
قصة حرب الجمل 
رواها جماعة من أعلام العامة في كتبهم: فمنهم الفاضل الأمير أحمد
حسين بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه تاريخ الأحمدي (ص 177 ط بيروت
سنة 1408) قال: روى ابن عبد البر في الاستيعاب عن الشعبي قال: لما خرج طلحة والزبير
كتبت أم الفضل بنت الحارث إلى علي رضي الله عنه بخروجهم، فقال علي: العجب لطلحة
والزبير أن الله عز وجل لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا: نحن أهله
وأولياؤه لا ينازعنا سلطانه أحد فأبى علينا قومنا فولوا غيرنا، وأيم الله لولا
مخافة الفرقة وأن يعود الكفر، ويبور الدين لغيرنا فصبرنا على مضض، ثم وثب الناس على
عثمان فقتلوه ثم بايعوني، ولم أستكره أحدا وبايعني طلحة والزبير فلم يصبرا شهرا
كاملا حتى خرجا إلى العراق ناكثين، اللهم فخذهما بفتنتهما للمسلمين. وفيه أيضا قال
علي: والله إن طلحة والزبير وعائشة ليعلمون أني على الحق وأنهم مبطلون. ودر روضة
الاحباب است كه: چون امير المؤمنين على مكتوب انخضاع راديد، محمد بن أبى بكر را
طلبيده وگفت: ببين كه خواهرت چه كارها پيش گرفته، خداى تعالى او را امر فرموده كه
در خانه خويش بماند واز آنجا بيرون نيايد وخود را به مردم ننمايد واو خلاف حكم خدا
ورسول كرده بيرون آمده وبا جمعى از اهل شقاق اتفاق نموده بر افتراق جماعت من يك
كلمه گشته طلب بهاى خون عثمان از من مى كند كه محاربه ومقاتله نمايد. محمد بن ابى
بكر به عرض رسانيد كه هيچ ضررى وآسيبى از اتفاق ايشان به تو
ص 418
نخواهد رسيد، به درستى كه خداوند تعالى با تو است. ونيز در روضة الاحباب است كه
امير المؤمنين على مكتوبى به عائشه رضى الله عنها نوشت كه بعد از حمد وثناى بارى
تعالى، درود بر محمد مصطفى صلعم اعلام به عائشه آنكه بيرون آمده اى تو از منزل خود
در حال عصيان ونافرمانى خدا ورسول وطالب ومتصدى امرى گشته كه آن را از تو برداشته
اند وهيچ گونه مناسبتى به تو ندارد ومع ذلك گمان تو ابن است كه اصلاح مسلمانان مى
كنى وحال آنكه اين فساد وافساد است وخبره مراكه زنان را كه من عند الله ومن عند
رسول الله مأمور باشند با آنكه در خانه هاى خود نشيند با لشكر چه كار است. (إلى أن
قال) اى عائشه بترس از خداى عز وجل به خانهء خويش بازگرد ودر آنجا قرار گير. ومنهم
العلامة شهاب الدين أحمد الشيرازي الشافعي الحسيني في توضيح الدلائل (ق 216
والنسخة مصورة من المكتبة الملي بفارس) قال: قال الإمام العالم المحدث المشكور محمد
بن أحمد بن أبي بكر بن فرج الأنصاري القرطبي رحمه الله تعالى في كتاب التذكرة :
وكانت عائشة رضي الله تعالى عنها حاجة في السنة التي قتل فيها عثمان رضي الله تعالى
عنه، وكانت مهاجرة له، فاجتمع طلحة والزبير ويعلى بن أمية التيمي، وقالوا لها بمكة:
عسى أن ترمى رجاء أن يرجع الناس إلى أمهم، ويرعوا حرمة نبيهم صلى الله عليه وسلم
وهي تمنع عليهم، فاحتجوا عليها بقول الله تعالى: (لا خير في كثير من نجواهم إلا من
أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس) فبلغت القضية مقاديرها، فاصطف الناس
القتال، ورموا عليا وأصحابه بالنبال، فقال علي رضي الله تعالى عنه: لا ترموا بسهم،
ولا تضربوا بسيف، ولا تطعنوا برمح، فرمى رجل من عسكر القوم بسهم فقتل رجلا من أصحاب
علي فأتى به علي رحمة الله ورضوانه عليه فقال: اللهم
ص 419
اشهد، ثم رمى رجل آخر فقتل رجل من أصحاب علي، فقال علي كرم الله وجهه: اللهم اشهد،
ثم رمى آخر، فقال علي رضوان الله تعالى عليه: اللهم أشهد، وقد كان علي نادى الزبير:
يا أبا عبد الله، ادن إلي أذكرك كلاما سمعته أنا وأنت من رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فقال: علي الأمان، فقال علي رضى الله تعالى عنه: الأمان، فأذكره أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال له، وقد وجدهما يضحكان بعضهما إلى بعض: أما إنك ستقاتل عليا
وأنت له ظالم، فقال الزبير: اللهم إني ما ذكرت هذا إلا الساعة، وثنى عنان فرسه
لينصرف، فقال له ابنه عبد الله: إلى أين؟ قال: أذكرني علي كلاما قاله رسول الله صلى
الله عليه وسلم، قال: كلا وإنك رأيت سيوف بني هاشم حدادا يحملها رجال شداد، قال:
ويلك! أمثلي يعير بالجبن؟ هلم الرمح، وأخذ الرمح وحمل على أصحاب علي رضي الله تعالى
عنهم، فقال علي كرم الله تعالى وجهه: افرجوا للشيخ فإنه محرج، فشق الميمنة والميسرة
والقلب ثم رجع وقال لابنه: لا أم لك، أيفعل هذا جبان؟ وانصرف، وقامت الحرب على ساق،
وبلغت النفوس إلى التراق، فافرجت عن ثلاثة وثلاثين ألف قتيل، وقيل: سبعة عشر ألفا،
وفيه اختلاف، فيهم من الأزد أربعة آلاف، ومن ضبة ألف ومائة، وما فيهم من ساير
الناس، كلهم من أصحاب عائشة، وقيل: فيها من أصحاب علي كرم الله وجهه نحو من ألف رجل
وقى: أقل، وقطع على خطام الجمل سبعون يدا من بني ضبة، كلما قطعت يد رجل أخذ الزمام
الآخر وهم ينشدون: نحن بنو ضبة أصحاب الجمل * ننزل بالموت إذا الموت نزل والموت
أشهى عندنا من العسل إنتهى كلامه. قال الشيخ الإمام جمال الدين عبد الله النافعي
رحمه الله تعالى: وكانت القتلى يومئذ ثلاثة وثلثين ألفا على ما ذكر أهل التواريخ كل
ذلك، وعائشة رضي الله تعالى عنها راكبة على الجمل، فأمر علي رضوان الله تعالى عليه
بعقر ذلك الجمل المسمى
ص 420
بعسكر، فخمد الشر عند ذلك، وظهر علي وانتصر، ثم جاء على عائشة رضي الله تعالى عنهما
فقال: غفر الله لك، فقالت: ولك، ملكت فاسمح، فما أردت إلا الإصلاح، فبلغ من الأمر
ما ترى، فقال: غفر الله لك، فالت: ولك، ثم أمر معها عشرين امرأة من ذوات الشرف
والدين بين أهل البصرة يمضين معها إلى المدينة، وأنزلها في دار وأكرمها، وقتل ذلك
اليوم طلحة بن عبيد الله القريشي التيمي، قتله مروان بن الحكم والله سبحانه وتعالى
أعلم، مع أنه كان معهم ومن حزبهم لا من حزب علي رضوان الله تعالى عليه، لكن قيل
رماه من أجل ظغن كان في قلبه منه، وقتل الزبير بن العوام القرشي الأسدي حواري النبي
صلى الله عليه وسلم، وإن عمته صفية رضي الله تعالى عنهما، وهو أول من سل السيف في
سبيل الله الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قاتله في بعض الأخبار: بشر
قاتل ابن صفية بالنار، قتله ابن جرموز بوادي السباع بقرب البصرة منصرفا تاركا
للقتال. إلى أن قال: قال القرطبي رحمة الله تعالى عليه: لما سمع بقتل عثمان رضي
الله تعالى عنه يعلى ابن أمية التيمي الحنظلي أبو صفوان - وقيل: أبو خالد - أقبل
لينصره، فسقط عن بعيره في الطريق فانكسرت فخذه، فقدم مكة فخرج إلى المسجد وهو كسر
على سرير واستشرف إليه الناس واجتمعوا، فقال: من خرج يطلب بدم عثمان فعلي جهازه،
فأعان الزبير بأربعمائة آلاف، وحمل سبعين رجلا من قريش وحمل عائشة رضي الله عنها
على جمل أدب، ويقال: أدب لكثرة وبره، اشتراه بمأتي دينار. ومنهم الفاضل بطرس
البستاني الماروني اللبناني في أدباء العرب في الجاهلية وصدر الإسلام (ص 260 ط
دار مارون عبود - بيروت) قال: ثم بويع علي بن أبي طالب، فتخلف عن مبايعته بنو أمية
أقرباء عثمان وبعض
ص 421
الصحابة. وكان علي من الأبطال المغاوير والفرسان المعدودين، ومن أفصح العرب
وأخطبهم، وأتقى الناس وأورعهم، ولكنه لم يكن موفقا في الخلافة، لأنه لم يعرف أن
يداهن في سياسته. وكانت عائشة زوج النبي تؤلب على عثمان وتطعن فيه رغبة منها في
طلحة، فلما بويع علي ولم يبايع الناس طلحة صرخت: واعثماناه ما قتله إلا علي. وعلم
بالأمر طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام، وكانا بايعا عليا، فرجعا عن مبايعتهما
وانضما إلى عائشة يناصبان معها ابن أبي طالب العداء. ولم يكن معاوية يومئذ يطمع في
الخلافة، ولكنه توقع العزل عن ولاية دمشق فآلمه الخطب، فجاهر بعداء علي وألف حزب
العثمانية من أقرباء عثمان للمطالبة بدم الخليفة الشهيد أو المظلوم. وذهب بنو أمية
وعائشة ومحازبوهم إلى البصرة، فنتفوا لحية ابن حنيف أميرها، فجاء المدينة وقال
لعلي: بعثتني ذا لحية وقد جئتك أمرد. قال: أصبت أجرا وخيرا. ورأى علي أن الفتنة
قائمة ولا بد من إخمادها، فسار إلى البصرة بسبعة آلاف مقاتل، فالتقاه حزب عائشة
وطلحة والزبير في جيش كبير، فاقتتلوا قتالا شديدا، وكانت عائشة على جمل تحرض الرجال
على الإقدام، فرمي هودجها وهو كالقنفذ لما علق به من النبال، بعد أن قطع على خطام
الجمل سبعون يدا. ولكنها لم تصب بأذى، وأرجعها علي إلى المدينة مكرمة. وانتهت
الواقعة بانتصار علي، وقتل الزبير، وجرح طلحة جرحا لم يلبث أن مات به. وسميت هذه
الحرب واقعة الجمل إشارة إلى جمل عائشة. ومنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد
الباعوني الشافعي في كتاب جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي
طالب (ق 69 والنسخة مصورة من المكتبة الرضوية بخراسان) قال:
ص 422
باب 52 - في نكث طلحة والزبير بيعته عليه السلام: قال أبو اليقظان: خرج طلحة
والزبير بعد أن بايعا عليا عليه السلام مغاضبين له حتى لحقا بعائشة بمكة وكانت قد
خرجت قبل مقتل عثمان إلى مكة فلحقا بها واجتمع من انظم إليهم من بني أمية وحرضوا
عائشة على الخروج والطلب بدم عثمان فاعتذرت إليهم بقلة ذات اليد فقال يعلى بن منبه:
عندي أربعمائة ألف مساعدة وخمسمائة فارس أجهزهم لكم وكان عامل عثمان على اليمن.
وقال عبد الله بن عامر وكان عامله على البصرة: عندي ألف ألف درهم ومائة من الإبل
وأشار عليهم بالبصرة، ثم نادى المنادي بالتحريض والطلب بدم عثمان فاجتمع لهم ألف
منهم ستمائة على النوق والباقي على الخيل، وذهب يعلى بن منبه لعائشة الجمل وكان
اسمه عسكر، فلما قدم طلحة والزبير بن العوام وعائشة تلقاهم الناس بأعلا المر - د
حتى لو رمي بحجر لما وقع إلا على رأس انسان طلحة وعائشة وذكر اللفظ فجعل طلحة يقول:
أيها الناس انصتوا فجعلوا يركبونه ولا ينصتون فقال: أف أف! فراش بار وذباب زالت
الشمس. ثم اصطلحوا وكتبوا بينهم كتابا أن يكفوا عن القتال حتى يقدم علي بن أبي طالب
ولعثمان دار الأمانة والمسجد وبيت المال، فكفوا عنه ووجه علي ابنه الحسن وعمار ابن
ياسر يستنفر الناس فنفر معهما تسعة آلاف من أهل الكوفة، وقال عمار: والله أعلم أنها
زوجته في الدنيا والآخرة ولكن الله قد ابتلاكم وخرج علي في أربعة آلاف من أهل
المدينة منهم ثمانمائة من الأنصار وأربعمائة ممن شهد بيعة الرضوان مع النبي صلى
الله عليه وسلم وراية علي مع ابنه محمد بن الحنفية وعلى ميمنته الحسن وميسرته
الحسين عليهما السلام، ولواء طلحة والزبير مع عبد الله بن حكيم بن حزام وعلى الخيل
طلحة بن عبد الله وعلى الرجالة عبد الله بن الزبير، فالتقوا بموضع قصر عبد الله بن
زياد في النصف من جمادى الأولى يوم الخميس وكانت الوقعة يوم الجمعة، ولما قدم علي
البصرة قال لابن عباس: آت الزبير ولا تأت طلحة فإن الزبير
ص 423
ألين منه وإنما طلحة كالنوار عاقصا بقرنه يركب الصعوبة، فاقرءه مني السلام وقل له:
يقول لك أن عرفتني بالحجاز وأنكرتني بالعراق فما عدا فيما بدا. قال ابن عباس:
فأتيته فقال: قل له بيننا وبينك عهد خليفة ودم خليفة واجتماع ثلاثة وانفراد واحد
وأم مبرورة ومشاورة العشيرة ونشر المصاحف نحل ما أحلت ونحرم ما أحرمت، فقال علي: ما
زال الزبير رجلا منا حتى أدرك ابنه عبد الله فلفته عنا وقال طلحة لأهل البصرة وقد
سألوه عن بيعته لعلي فقال: ادخلوني في حسلهم ووضعوا الملح في عنقي، وقالوا: بايع
وإلا قتلناك. قوله الملح يريد به السيف (1).
(هامش)
(1) وقال العلامة الباعوني المذكور في كتابه (ص 73): ومن حديث ابن أبي شيبة قال:
كان علي يخرج مناديه يوم الجمل فينادي: لا يسلبن قتيل ولا يتبع مدبر ولا يجهز على
جريح. وقال علي يوم الجمل للأشتر مالك بن الحارث وكان على الميمنة: احمل، فحمل فكشف
من بإزائه، وقال لهاشم بن عتبة أحد بني زهرة بن كلاب وكان على الميسرة: احمل، فحمل
وكشف من بإزائه فقال عليه السلام لأصحابه: كيف ترون مضربي وإيماني؟ وعن أبي حاتم
قال: أنشدني الأصمعي عن رجل شهد الجمل فقال: شهدت الحروب فشيبني * فلم تر عيني كيوم
الجمل أشد على مؤمن من فتنة * واقبل منه لخرق بطل فليت الظعينة في بيتها * ويا ليت
عسكر لم ترتحل وعسكر اسم الجمل الذي وهبه يعلى بن منبه لعائشة وجعل له هودجا من
حديد وجهز خمسمائة فارس معها بأسلحتهم، وكان أكثر أهل البصرة مالا وكان علي يقول:
بليت بأقص الناس وأطلق الناس، وأطوع الناس عائشة، وكان راية علي يوم الجمل سوداء
وراية أهل البصرة الجمل. وقال الأعمش: كنت أرى عليا يوم الجمل يحمل فيضرب بسيفه حتى
ينتهي ثم يرجع ويقول: لا تلوموني ولوموا هذا، ثم يعود وقومه. = (*)
ص 424
(هامش)
= وعن سعيد، عن قتادة قال: قتل يوم الجمل مع عائشة عشرين ألفا منهم ثمانمائة من بني
ضبة، وقالت عائشة: ما أنكرت رأس جملي حتى فقدت أصوات بني عدي وضبة وقتل من أصحاب
علي خمسمائة رجل لم يعرف منهم إلا عليا بن الحرث السدوسي وهند الجملي قتلهما ابن
اليثربي. وقال في ق 74: عن عمرو بن مرة قال: سمع عبد الله بن سلمة وكان مع علي بن
أبي طالب يوم الجمل والحرث بن سويد وكان مع طلحة بن عبيد الله والزبير فتذاكروا
وقعة الجمل فقال الحرث ابن سويد: والله ما رأيت مثل يوم الجمل لقد أشرعوا رماحهم في
صدورنا وأشرعنا رماحنا في صدورهم فلو شاءت الرجال أن تمشي عليها لمشت، يقول هؤلاء:
لا إله إلا الله والله أكبر، ويقول هؤلاء: لا إله إلا الله والله أكبر، فوالله
لوددت أني لم أشهد ذلك اليوم وأنني مقطوع اليدين والرجلين. قال عبد الله بن سلمة:
والله ما سرني إني غبت عن ذلك اليوم ولا عن مشهد شهده علي بن أبي طالب ولو أن لي
حمر النعم. وعن علي بن عاصم عن حصين قال: حدثني أبو جميلة البكائي قال: إني لفي
الصف مع علي بن أبي طالب إذ عقر بعائشة جملها، فرأيت محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر
يسندان بين الصفين أيهما يسبق إليها، فقطعا عرضة الرجل واحتملاها من هودجها. قال
حصين: وحدثني خالد بن مخلد، عن يعقوب، عن جعفر، عن المغيرة، عن ابن ابزي قال: انتهى
عبد الله بن بديل إلى عائشة وهي في الهودج فقال: أنشدك الله أتعلمين أنني أتيتك يوم
قتل عثمان فقلت لك: إن عثمان قد قتل فما تأمرينني به فقلت ألزم عليا فوالله ما غير
ولا بدل. فسكتت، فأعاد عليها، فسكتت فقال: اعقروا الجمل فعقروه، فنزلت أنا وأخوها
محمد بن أبي بكر فاحتملنا الهودج حتى وضعناه بين يدي علي رضي الله عنه فأمر به
فأدخل منزل عبد الله بن بديل بن ورقاء. وقالوا: لما كان يوم الجمل ما كان وظفر علي
دنا من الهودج فسلم على عائشة = (*)
ص 425
(هامش)
= وكلمها فأجابته: ملكت فاسمع، فجهز علي أحسن جهاز وبعث معها سبعين امرأة حتى قدمت
المدينة. وعن عكرمة، عن ابن عباس قال: لما قضى أمر الجمل دعا علي بأحرمين فعلاهما
ثم حمد الله وأثنى عليه ثم قال: يا أنصار المرأة وأصحاب البهيمة زغا فحنيتم وعقر
ففررتم، نزلتم بشر بلاد الله أبعدها الله من السماء وجعلها مفيض كل ماء ولها شر
أسماء وهي البصرة والبصيرة والمؤتفكة. وقد مر ابن عباس قال: فدعيت من كل مكان
فأقبلت إليه فقال: ليت هذه المرة فلترجع إلى بيتها الذي أمرها الله أن تقر فيه.
قال: فاستأذنت عليها، فلم تأذن لي فدخلت بلا إذن ومددت يدي إلى وسادة في البيت
فجلست عليها فقالت: بالله يا بن عباس ما رأيت مثلك تدخل علينا بغير إذننا وتمد يدك
إلى وسادتنا فتجلس عليها بغير أمرنا! فقال لها: والله ما هو، بيتك الذي خرجت منه
وأمرك الله أن تقري فيه فلم تفعلي إن أمير المؤمنين يأمرك أن ترجعي إلى بيتك الذي
خرجت منه قالت: يرحم الله أمير المؤمنين ذلك عمر بن الخطاب، قلت: نعم وهذا أمير
المؤمنين علي بن أبي طالب. قالت: أبيت أبيت، فقلت: والله ما كان آباؤك إلا فواق
ناقة نكبة حتى صرت لا تحلين ولا تمرين ولا تأمرين ولا تنهين. قال: فبكت حتى سمعت
نشيجها ثم قالت: ارجع ارجع فإن أبغض البلدان إلى بلد أنتم به. قلت: أما والله ما
كان جزاؤنا منك إذ جعلناك للمؤمنين أما وجعلنا أباك لهم صديقا. قالت: أيمن على رسول
الله صلى الله عليه وسلم يا بن عباس؟ قلت: نعم والله يمن عليك بمن لو كان منك
بمنزلته منا لمنيت به علينا. قال ابن عباس؟ ثم أتيت عليا وخبرته الخبر فقبل بين
عيني وقال: بأبي وأمي ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم. وقال أبو بكر بن أبي
شيبة: أول ما تكلمت الخوارج يوم الجمل قالوا: ما أحل لنا دمائهم وحرم علينا
أموالهم، فقال علي عليه السلام: هي السنة في أهل السنة في أهل القبلة. قالوا: والله
ما ندري هذا. قال: فهذه عائشة أتتساهمون عليها؟ قالوا: سبحان الله هي أمنا فهي حرام
علينا. قالوا: فإنه يحرم شأنها ما يحرم منها. = (*)
ص 426
(هامش)
= وقال في ق 75: وقد ذكر بعض المؤرخ في مسير سيدنا علي رضي الله عنه ما صورته ما
سنذكره قال: أخبرنا المنذر بن الجارود العبدي قال: لما قدم علي بن أبي طالب البصرة
دخل مما يلي الطف فجاء إلى الراوية فخرجنا ننظر فمر بنا فارس على فرس أشهب عليه
ثياب بيض وقلنسوة بيضاء متقلدا سيفا وبيده راية في ألف من الناس، فقلنا: من هذا؟
فقيل: هذا أبو أيوب الأنصاري صاحب منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم مر بنا
فارس على فرس أشقر عليه عمامة صفراء وثياب بيض متقلدا سيفا متنكبا قوسا في ألف من
الناس، فقلنا: من هذا؟ قيل: خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين، ثم مر فارس آخر على فرس
كميت متعمما بعمامة صفراء من تحتها قلنسوة بيضاء وعليه قباء أبيض مصقول متقلدا سيفا
متنكبا قوسا في ألف، قلنا: من هذا؟ قيل: أبو قتادة الأنصاري، ثم مر بنا فارس آخر
على فرس أشقر عليه ثياب بياض وعمامة سوداء قد أسدلها بين يديه ومن خلفه شديدة
الأدمة متقلدا سيفا متنكبا قوسا في ألف من الناس، قلنا: من هذا؟ قيل: عمار بن ياسر،
ثم مر بنا فارس على فرس أشقر عليه ثياب بياض وقلنسوة بيضاء وعمامة صفراء متنكبا
قوسا يخط الأرض برجليه سناط في ألف من الناس، قلنا: من هذا؟ قيل: قيس بن سعد بن
عبادة الأنصاري. ثم مر بنا فارس على فرس أشقر ما رأينا أحسن منه وجها عليه ثياب بيض
وعمامة سوداء قد اسبلها بين يديه ومن خلفه بيده لواء، قلنا: من هذا؟ قيل: عبد الله
بن عباس ثم مر بنا فارس أشبه الناس به عليه مثل لباسه فقلنا: من هذا؟ قيل: قثم بن
العباس ثم أقبلت الرايات وأقبل فارس يشبههما فقلنا: من هذا؟ فقيل: معبد بن العباس.
ثم أقبلت كتيبة عليهم الدروع متعممين بعمائم بيض شاكين في السلاح يقدمهم رجل كأنه
كبيرهم خير نظره في الأرض أكثر من نظره إلى السماء كأنما على رؤوسهم الطير وعن
يمينه شاب حسن الوجه وعن شماله شاب حسن الوجه وبين يديه شاب بيده راية عظمى وخلفه
شاب في عدة شباب معهم قلنا: من هؤلاء؟ فقالوا: أما هذا فعلي بن أبي طالب وهذا الحسن
والحسين عن يمينه ويساره وهذا محمد بن الحنفية بين يديه = (*)
ص 427
(هامش)
= ومعه الراية وهذا خلفه عبد الله بن جعفر وهؤلاء ولد عقيل معه وهؤلاء المشايخ فهم
أهل بدر فجاء حتى ترك الراية فصلى أربع ركعات ثم رفع يديه ثم قال: اللهم رب السموات
وما أظلت ورب الأرضين وما أقلت ورب البحار وما جرت ورب الرياح وما درت ورب الشياطين
وما أضلت هذه البصرة أسألك من خيرك الذي فيها وأعوذ بك من الشر الذي فيها، اللهم إن
هؤلاء القوم قد بغوا علينا وخلعوا طاعتي ونكثوا بيعتي فاقبل بقلوبهم واحقن دماء
المسلمين فإن أبوا فانصرني عليهم. ثم دعا عمران بن حصين وأبا الأسود الدؤلي فوجههما
لطلحة والزبير فلم يرجعا إليه بجواب يحمده فأمر أصحابه أن لا يبدوهم ولا يرموهم
بسهم ولا يطعنوهم برمح ولا يضربوا بسيف وقال: ليس بعد الدماء تقية فاصطفوا للقتال،
فرموهم أولئك بالنشاب فقال علي: اعذروا إليهم فخرج علي بنفسه على بغلة رسول الله
صلى الله عليه وسلم حاسرا ليس عليه سلاح فنادى: يا زبير، أخرج إلي، فخرج إليه
الزبير وهو شاك في سلاحه فقيل لعائشة: إن الزبير قد خرج إليه، فقالت: واثكل أسماء!
فاعتنق كل واحد منهما صاحبه وقال علي: ويحك يا زبير! ما أخرجك؟ قال: دم عثمان، قال:
قتل الله أولى بدم عثمان، أتذكر يوم لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راكب
حماره فضحك إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أنت: ما يدع علي زهوه برسول
الله، فقال: ليس به زهو أتحبه يا زبير؟ فقلت: الله وليي أحبه، فقال: أما إنك
ستقاتله وأنت له ظالم، فقال الزبير: أستغفر الله لو ذكرتها ما خرجت فكيف أرجع الآن
وقد التفت خلفنا البطال هذا والله العار الذي لا يغسل، فقال علي: يا زبير، ارجع
فالعار خير من الناس قبل أن تجمع العار والنار، فرجع الزبير وهو يقول: اخترت عارا
على نار من مؤججة * إني بقوم لها خلق من الطين نادى علي بأمر لست أجهله * عار لعمرك
في الدنيا وفي الدين فقلت حسبك من عدل أبا حسن * فبعض هذا الذي قد قلت يكفيني فقال
له ابنه: أين تذهب وتدعنا؟ فقال: يا بني إن عليا ذكرني أمرا كنت له ناسيا قال: لا
والله ولكنك فررت من سيوف بني عبد المطلب إنها طوال حداد يحملها فتية = (*)
ص 428
(هامش)
= أنجاد، قال: لا والله يا بني ذكرني ما أنسانيه الدهر فاخترت العار على النار أنا
حين تعيرني لا أنا لك ثم قلع سنانه وشد في ميمنة علي فقال: أفرجوا له فقد هاجر، ثم
شد في الميسرة ثم رجع وشد في القلب ثم رجع إلى ابنه فقال: أيفعل هذا جبان؟! ثم مضى
وكان من أمره ما كان، ثم دعاهم علي رضي الله عنه إلى ما فيه الصلاح من الكف عن
الدماء والرجوع إلى الطاعة فأبوا إلا القتال، فقال علي: من يأخذ هذا المصحف فيدعوهم
إلى ما فيه؟ فقال غلام من عبد القيس يقال له مسلم: أنا آخذه، فأخذه وتقدم فرموه حتى
قتلوه، فجاءت أمه إلى علي فوقفت عليه ثم قال: لا هم إن مسلما دعاهم * يتلو كتاب
الله لا يخشاهم فخضبوا من دمه لحاهم * وأمهم قائمة تراهم فقال علي: احملوا على
القوم، فحملوا فانهزمت ميمنة علي وميسرته. قال بعض ولد عقيل: فأتيته وهو يخفق برأسه
من النعاس فقلت: يا عم قد بلغت ومسيرتك ما ترى وأنت تخفق نعاسا؟ فقال: اسكت يا بن
أخي فإن لعمك يوما لا يعدوه والله ما يبالي عمك إن وقع على الموت أو وقع الموت
عليه، ثم بعث إلى محمد ابن الحنفية أن أقحم فداك أبي وأمي. قال: فأبطأ عليه وكان
بإزائه قوم من الرماة فكان ينتظر أن يفنى سهامهم ثم يحمل فجأة، فقال علي: احمل فداك
أبي وأمي. قال: والله ما أجد متقدما إلا على سنان. فقال له عليه السلام: اقحم فلن
ينالك إلا سنة لأن للموت عليك جنة، فحمل محمد فسلك بالرماح فوقف عليه علي فضربه
بقائم سيفه وقال: أدركك عرق من أمك. ثم أخذ الراية من يده فحمل الناس معه فما كان
أهل البصرة إلا كرماد اشتدت به الريح فاستطار في يوم عاصف فبلغت ميمنتهم إلى مدينة
الردف وبلغت الميسرة إلى مقبرة بني حصن وبلغ القلب إلى بني عدي، ولقى علي طلحة
فقال: يا أبا محمد ما أخرجك علي؟ قال: طلب دم عثمان: قال: قتل الله أولانا بدم
عثمان أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم وال من والاه وعاد من
عاداه، أوما أنت أول من بايعني ثم نكثت؟ قال: ومن نكث فإنما ينكث على نفسه، ثم دخل
البصرة = (*)
ص 429
ومنهم العلامة الشيخ أحمد بن محمد الخافي الحسيني الشافعي في التبر المذاب (ص 8
نسخة مكتبتنا العامة بقم) قال: إن طلحة والزبير استأذنا عليا في العمرة فأذن لهما
بعد أن قال لهما: إن كنتما تريدان لعمرتكما وجه الله والدار الآخرة فالله يثبتكما
وإن كنتما تبغيان غير ذلك فالله مجازيكما وهو حسبكما. فلما دخلا مكة وكانت عائشة
بها فاجتعما عليها فسألتهما عما وراءهما، فذكرا لها قتل عثمان فحولقت واسترجعت
وقالت: حين صار كالفضة البيضاء قتلوه، وألبا على علي، ولم يزالا بها حتى أخرجاها
إلى البصرة لظنها
(هامش)
= فخطب خطبته المشهورة الطويلة التي احتوت من الفصاحة والبلاغة وأنواع البديع
والمواعظ وذكر عجائب السموات والأرض والوعد والوعيد وأتى فيها بما حارت فيه العقول.
ثم بعث إلى عائشة بعد أيام يأمرها بالخروج ووجه إليها ابن عباس بمال كثير ثم ذهب
إليها بنفسه وشيعها أميالا ووجه معها أربعين امرأة وقيل سبعين من عبد القيس وقال:
كن في هيئة الرجال وهي لا تعلم، فسارت إلى أن وصلت المدينة فقيل لها: كيف رأيت
مسيرك؟ قالت: كنت بخير ولقد أعطاني فأكثر لكنه بعث مع حرمة رسول الله صلى الله عليه
وسلم رجالا، فكشفت النساء عن وجوههن وقلن أنحن رجال، فخرت على وجهها وهي تقول: علي
أعرف بالله من ذلك أبى ابن أبي طالب إلا كرما وعلما وحلما والله لوددت أني لم
أقاتله ولم أخرج مخرجي هذا الذي خرجته ولو أن لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم
عشرة من الولد الذكور مثل أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام وإنما خدعت
وغررت وقيل لي: تخرجين فتصلحين بين الناس فكان ما كان والله المستعان. وقال في ق
77: ثم إنه عليه السلام عند فراغه من الجمل كتب إلى معاوية يأمره بالمبايعة له
والدخول فيما دخل فيه الناس وأن لا يشق عصا المسلمين ويسفك دماءهم وقد أتينا ذلك في
موضعه فلا فائدة في إعادته، والله أعلم. (*)
ص 430
الإصلاح. فبلغ لعلي عليه السلام ذلك فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن
أفضل ما توسل به المتوسلون إلى الله تعالى الإيمان به وبرسوله والجهاد في سبيله
فإنه ذروة الإسلام وكلمة الإخلاص فإنها الفطرة وأقام الصلاة فإنها الملة وإيتاء
الزكاة فإنها فريضة واجبة وصوم شهر رمضان فإنه جنة من العقاب وحج البيت واعتماره
فإنهما ينفيان الفقر ويدحضان الذنب وصلة الرحم فإنها شارة ومنسأة في الأجل وصدقة
السر فإنها تكفر الخطيئة وترضي الرب وصدقة العلانية فإنها تدفع ميتة السوء وصنائع
المعروف فإنها تقي مصارع الهوان أذكروا الله فإنها أحسن الذكر وارغبوا فيما وعد
المتقين فإن وعده الصدق الوعد واقتدوا بهدى نبيكم فإنه أفضل الهدى واستنوا بسنته
فإنها أهدى السنن وتعلموا القرآن فإنه أحسن الكلام وتفهموا فيه فإنه ربيع القلوب
واستشفوا بنوره فإنه شفاء الصدور وأحسنوا تلاوته فإنه أنفع القصص، ألا وإن العالم
العامل بغير علمه كالجاهل الجائر الذي لا يستفيق من جهله بل الحجة عليه أعظم
والحسرة له ألزم وهو عند الله ألوم. ألا وإن طلحة وزبير ما أرادا العمرة وإنما
أرادا البصرة، خرجا بحرمة رسول الله وأمهما وأم المؤمنين طالبين البصرة فأجلسا
نسائهما في بيوتهما وأبرزا أمهما وجليس رسول الله لهما ولغيرهما في جيش ما منهم
رجل. إلا وقد أعطاني صفقة يمينه وأجاب بالطاعة وأذعن بي بالبيعة طائعا غير مكره
فقدموا على عامل بها وخزان بيت المسلمين فقتلوا طائفة صبرا وطائفة غدرا، فوالله
الذي لا إله غيره لو لم يصيبوا من المسلمين إلا رجلا واحدا متعمدين لقتله مستحلين
دمه بلا جرم جرمه ولا قتل لزمه يحل لي قتل ذلك الجيش كله حيث تعمدوا قتله واستحلوا
دمه وحضروا فلم ينكروا ولم يدفعوا عنه بلسان ولا بدرع. أما أنهم قد قتلوا من
المسلمين مثل العدة التي دخلوا بها عليهم، ألا وإني خارج فتأهبوا للرحيل.
ص 431
ثم نزل وسبب ذلك أن طلحة والزبير لما دخلا البصرة غلبا عاملها عثمان بن حنيف فأخذوه
بعد أن تضارب هو ومروان بن الحكم بسيفهما فلما أسر ضرب ضرب الموت ونتف حاجباه
وأشفار عينيه وكل شعرة في رأسه ووجهه وأخذوا السيابحة وهم سبعون رجلا فانطلقوا بهم
وبعثمان بن حنيف إلى عائشة فقالت لأبان بن عثمان بن عفان: أخرج إليه فاضرب عنقه فإن
الأنصار قتلت أباك وأعانت على قتله، فنادى عثمان بن حنيف: يا عائشة، ويا طلحة
وزبير، إن أخي سهل بن حنيف خليفة علي بن أبي طالب وأقسم بالله قسما بارا غير مستثن
فيه إن قتلتموني ليضعن السيف في بني أبيكم وأهلكم ورهطكم فلا يبقى منكم أحد، فكفوا
عنه وذبحوا السبعين كما تذبح الغنم وبقيت منهم طائفة مستمسكين به بيت المال وقالوا:
لا ندفعه إليكم حتى يقدم أمير المؤمنين. فسار إليهم الزبير في جيش ليلا فأوقع بهم
وأخذ منهم حسين أسيرا فقتلهم وكانت السيابح القتلى يومئذ أربعمائة رجل وخيروا عثمان
بن حنيف بين أن يقيم أو يلحق بعلي عليه السلام واختار الرحيل فخلوا سبيله فلحق بعلي
عليه السلام، فلما رآه بكى وقال: فارقتني شيخا وجئتني أمرد، ثم استرجع ثلاثا فلما
وافى علي عليه السلام البصرة ووقع المصاف قال علي لأصحابه: لا ترموا القوم بسهم ولا
تضربوهم بسيف ولا تطعنوهم برمح حتى يبدؤكم به فوقعت السهام عليهم كشابيب المطر
فأصاب سهم رجلا من أصحابه فقتله فجئ به إلى علي عليه السلام فقال: اللهم اشهد،
اللهم إني أستكفيهم وأستعينك عليهم، ثم إنه سوى الصفوف ورفع لواه لمحمد بن الحنفية
ابنه عليه السلام. ثم برز بين الصفين ونادى الزبير فخرج إليه فتقاربا حتى اختلف
أعناق خيلهما فقال له علي عليه السلام: أنشدك الله يا زبير والرحم ألم تبايعني
طائعا غير مكره؟ قال: نعم، قال: فما الذي رابك مني ونقمته علي فاستحللت به قتالي؟
فأحجم عن الجواب فقال: أنشدك الله والرحم ألست تذكر يوما كانت يدي في يد رسول الله
ص 432
صلى الله عليه وسلم إذا استقبلنا فضحكت إلى وضحكت إليك فقال لك رسول الله صلى الله
عليه وسلم: أتحبه يا زبير؟ قلت: وما منعني من حبه يا رسول الله وهو ابن خالي. قال
صلى الله عليه وسلم: إنك ستخرج عليه يوما وأنت ظالم له؟ قال: قد كان ذلك غير أني
نسيت أستغفر الله، ورجع فكانت توبته صادقة نصوحا. وقتله ابن جرموز بوادي السباع
قيل: إن ابن جرموز استغفله وهو سائر وقتله وقيل: إنه تبعه فوجده نائما بالوادي
المذكور فقتله - وهذا أصح - وأتى برأسه وسيفه إلى علي عليه السلام فلما رآه بكى
وقال: هذا والله سيف طال ما كشف به الكرب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بشروا قاتل ابن صفية بالنار. ثم نادى طلحة
فخرج إليه فقال له: أبا محمد، أنشدك الله ألست تعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم
قال في حجة الوداع بغدير خم: أيها الناس ألست أولى بكم من أنفسكم؟ قالوا: بلى يا
رسول الله. قال: من كنت مولاه، فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه. قال:
اللهم نعم قد كان ذلك ثم استغفر الله ورجع وكانت له توبة، فرآه مروان راجعا فقال:
ويلي عليك! أسعرت الحرب حتى إذا ما التقت حلفنا البطان نكصت راجعا قتلني الله إن لم
أقتلك، ثم رماه بسهم فأصاب أكحله فقتله: وقيل: بل أمر مولاه فرماه بسهم فأصاب أكحله
فقتله. ثم كان بعد ذلك من وقعة الجمل ما كان، ولما غلب علي عليه السلام رد ما أخذوه
من بيت المال فقسمه في المسلمين، ولما استولى علي عليه السلام على أم المؤمنين
عائشة أحسن إليها غاية الإحسان واحترمها احتراما كانت به زمن النبي صلى الله عليه
وسلم وسيرها إلى المدينة في ثلثين مرأة بزي الرجال بعد أن قال لها: يا عائشة والله
ما أنصفك طلحة والزبير حيث أخرجاك وأبرزاك للناظر وحجبا حلائلهم والله سبحانه يقول
(وقرن في بيوتكن) ثم قال لها: ما للنساء وقود العساكر والله تعالى قد رفع ذلك عنكن،
فقالت: يا أبا الحسن ملكت فاسمح.
ص 433
ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور محمد أسعد أطلس في تاريخ العرب (ج 3 ص 226 ط دار
الأندلس - بيروت) قال: كانت السيدة عائشة بنت الصديق يوم مقتل عثمان بمكة، فضاقت
ذرعا بهذا القتل الظالم، وقامت تطالب بالانتقام من القتلة وتصيح بالناس: إن الغوغاء
من أهل الأمصار وعبيد أهل المدينة، قد سفكوا الدم الحرام في الشهر الحرام، واستحلوا
البلد الحرام، وأخذوا المال الحرام في الشهر الحرام، والله لإصبع عثمان بن عفان خير
من طباق الأرض أمثالهم، والله لو أن الذي اعتدوا به عليه كان ذنبا لخلص منه كما
يخلص الذهب من خبثه، أو الثوب من درنه إذ ماصوه كما يماص الثوب بالماء أي غسلوه.
فلما سمع الناس ذلك، تهيجوا وقال أحدهم - وهو عبد الله بن عامر الحضرمي وكان عامل
عثمان على مكة -: هأنذا أول طالب بدم عثمان، وتبعه بنو أمية، وقدم عليهم عبد الله
بن عامر بن كريز من البصرة بمال كثير، كما قدم يعلى بن أمية من اليمن بستمائة بعير
وستمائة ألف درهم. ولما رأى طلحة والزبير ذلك، قالا لعلي: إننا نريد الخروج إلى مكة
للعمرة، فقال لهما: والله إنكما لا تريدان العمرة، وإنما تريدان الغدرة ونكث
البيعة، فحلفا له بالله أنهما لا يريدان الغدر، وجددا له بيعتهما بأشد ما يكون من
المواثيق والأيمان، فأذن لهما، ولما خرج قال لصحبه: والله لا ترونهم إلا في فتنة
يقتلان فيها، فقال الصحب: مر بردهما عليك، فقال: ليذهبا وليقضي الله أمرا كان
مفعولا. ولما وصلا مكة قالا لعائشة: إننا قد تركنا في المدينة قوما حيارى لا يعرفون
حقا، ولا ينكرون باطلا، ولا يمنعون أنفسهم، ثم استقر رأيهم على الخروج إلى البصرة،
فأتت عائشة أم سلمة إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم تطلب إليها أن تخرج معها
وتقول: يا أم سلمة كنت كبيرة أمهات المؤمنين، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقمؤ - يعيش في بيتك، وكان يقسم لنا في بيتك، وكان ينزل
ص 434
عليه الوحي في بيتك، فقالت لها أم سلمة: يا ابنة أبي بكر، لقد زرتني وما كنت زوارة،
ولأمر ما تقولين هذه المقالة، فقالت: إن طلحة والزبير وعبد الله بن الزبير أخبروني
أن الرجل قتل مظلوما، وأن بالبصرة مائة ألف سيف يطاوعون، فهل لك أن نخرج أنا وأنت،
لعل الله يصلح بنا فئتين متناحرتين، فالت لها: يا عائشة أبدم عثمان تطلبين، وقد كنت
أشد الناس عليه، وقد بايعه المهاجرون والأنصار، وإن عمود الإسلام لا ترأبه النساء
إن انثلم - في كلام طويل. فقالت لها عائشة: شتمتني يا أختي، فقالت لها أم سلمة:
ولكن الفتنة إذا أقبلت غطت على البصيرة، وإذا أدبرت أبصرها العاقل والجاهل. ثم
تركتها عائشة، وأتت حفصة بنت عمر زوج رسول الله فأجابتها إلى الخروج معها، ولكن
أخاها عبد الله بن عمر منعها من ذلك. ثم نادى المنادي: إن عائشة وطلحة والزبير
وجمهور المسلمين خارجون إلى البصرة، فمن أراد أن يعز دين الإسلام، ويطلب بدم عثمان،
وليس له مركب ولا جهاز فليأت، ثم ساروا في نحو من ألف راكب، وقيل: بل كانوا ثلاثة
آلاف. وكان في الطليعة أبان بن عثمان والوليد بن عثمان، ومروان بن الحكم وسائر بني
أمية. قال ابن جرير الطبري: وأمرت على الصلاة عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، وبعثت أم
الفضل بنت الحارث زوج العباس بن عبد المطلب كتابا إلى أمير المؤمنين علي تخبره
بالخبر مع ظفر الجهني، فما قرأ الرسالة وعلم نكث الزبير وطلحة بالبيعة واجتماعهما
مع عائشة، وقف فخطب الناس في المسجد وقال: أما بعد، فإن الله بعث محمدا للناس كافة
وجعله رحمة للعالمين، فصدع بما أمر ربه، وبلغ رسالات ربه فلم به الصدع، ورتق به
الفتق، وآمن به السبل، وحقن الدماء، وألف به بين ذوي الإحن والعداوة، والوغر في
الصدور والضغائن الراسخة في القوب، ثم قبضه الله إليه حميدا، وكان من بعده ما كان
من التنازع في الإمرة فتولى أبو بكر، وبعده عمر، ثم تولى عثمان، فلما كان من أمره
ما عرفتموه ثم
ص 435
أتيتموني فقلتم: بايعنا، فقلت: لا أفعل، فقلتم: بلى، فقلت: لا، وقبضت يدي
فبسطتموها، ونازعتكم فجذبتموها، حتى تداككتم علي تداك الإبل الهيم على حياضها يوم
ورودها، حتى ظننت أنكم قاتلي، وأن بعضكم قاتل بعضا، فبسطت يدي فبايعتموني مختارين،
وبايعني في أولكم طلحة والزبير طائعين ثم مكرهين، ثم لم يلبثا أن استأذناني في
العمرة، والله يعلم أنهما أرادا الغدرة، فجددت عليهما العهد في الطاعة، وأن لا
يبغيا الأمة الغوائل فعاهداني، ثم لم يفيا لي ونكثا بيعتي، ونقضا عهدي، فعجبا لهما
من انقيادهما لأبي بكر وعمر وخلافهما علي، ولست بدون أحد الرجلين، ولو شئت أن أقول
لقلت: اللهم احكم عليهما بما صنعا في حقي، وصغرا من أمري وظفرني بهما. وقال في خطبة
ثانية حين بلغه مسيرة عائشة: أما بعد، فإن عائشة سارت إلى البصرة ومعها طلحة
والزبير، وكل منهما يرى الأمر له دون صاحبه، أما طلحة فابن عمها، وأما الزبير
فختنها، والله لو ظفروا بما أردوا، ولن ينالوا ذلك أبدا، ليضربن أحدهما عنق الآخر
بعد تنازع منهما شديد، والله إن راكبة الجمل الأحمر، ما تقطع عقبة ولا تحل عقدة إلا
في معصية الله وسخطه، حتى تورد نفسها ومن معها موارد الهلكة، أي والله ليقتلن ثلثهم
وليهربن ثلثهم وليتوبن ثلثهم، وإنها التي تنبحها كلاب الحوأب، وإنهما ليعلمان أنهما
مخطئان، ورب عالم قتله جهله معه علمه لا ينفعه، حسبنا الله ونعم الوكيل، فقد قامت
الفتنة فيها الفئة الباغية، أين المحتسبون، أين المؤمنون، مالي ولقريش، والله لقد
قتلتهم كافرين، ولأقتلنهم مفتونين، ومالنا إلى عائشة من ذنب، إلا أنا أدخلناها في
صيرنا، والله لأبقرن الباطل، حتى يظهر الحق من خاصرته. ثم إنه دعا وجوه أهل
المدينة، فقال لهم: إن آخر هذا الأمر لا يصلح إلا بما صلح به أوله، فانصروا الله
ينصركم، ويصلح لكم أمركم. ثم إن الإمام استخلف على المدينة سهل بن حنيف، وقيل: بل
تمام بن العباس، وعلى مكة قثم بن العباس، وخرج في تعبيته التي عبأها لأهل الشام في
آخر ربيع
ص 436
الأول سنة 36 ه حتى أتى الربذة فاجتمع إليه الناس وسار نحو فيد. أما عائشة
وجماعتها، فإنها بعد أن بلغت الحوأب تركته نحو البصرة، فلما قربت منها أرسلت عبد
الله بن عامر بن كريز الذي كان أميرا على البصرة من قبل عثمان، فاندس إلى البصرة،
وكتبت إلى الأحنف بن قيس وجماعة من وجوه المدينة تدعوهم لنصرتها، وأقامت بالحفير
تنتظر الجواب، ولما بلغ ذلك مسامع عثمان بن حنيف أمير البصرة من قبل علي، أرسل
إليها عمران بن حصين وأبا الأسود الدؤلي، فلما دخلا عليها سلما وسألاها عن سبب
مسيرها، فقالت: إن الغوغاء ونزاع القبائل غزوا حرم رسول الله وأحدثوا فيه، وآووا
المحدثين، فاستوجبوا لعنة الله ولعنة رسوله مع ما نالوا من قتل إمام المسلمين بلا
ترة ولا عذر، فسفكوا الدم الحرام، وانتهبوا المال الحرام، وأحلوا البلد الحرام في
الشهر الحرام، فخرجت في المسلمين أعلمهم ما أتى هؤلاء وما الناس فيه وراءنا، ثم تلت
قوله تعالى: (لا خير في كثير من نجواهم) إلى آخر الآية، فهذا شأننا إلى معروف
نأمركم به ومنكر ننهاكم عنه، والسلام. ثم خرجا من عندها وأتيا طلحة فقالا له: ما
أقدمك؟ قال: الطلب بدم عثمان. قالا: ألا تبايع عليا؟ قال: بلى، السيف على عنقي وما
أستقيل بيعتي إن لم يحل بيننا وبين قتلة عثمان. ثم أتيا الزبير فقال لهما مثل ذلك.
ثم رجعا إلى عثمان بن حنيف أمير البصرة، فقالا له: إنها الحرب فتأهب لها. فنادى
عثمان بالناس ودعاهم إلى المسجد وأمرهم بالتجهز، ثم أقبلت عائشة فيمن معها حتى
انتهوا إلى المربد، وخرج إليها من أهل البصرة من أراد أن يكون معها، وواقفوا حتى
خرج عثمان فيمن معه. ثم تكلم طلحة فحمد الله وأثنى عليه، وذكر عثمان بن عفان وفضله،
ودعا إلى الطلب بدمه، ونزل، ثم وقف الزبير فقال مثل قوله، فقال أصحابهما: صدقا وبرا
وقال أصحاب ابن حنيف: فجرا وغدرا تحاثى وتحاصبوا ووقعوا في أمر مريج
ص 437
فوقفت عائشة وكانت جهورية الصوت، فقالت: كان الناس يتجنون على عثمان، ويزرون على
عماله، ويأتوننا في المدينة فيستشيروننا فيما يخبروننا عنه، فننظر في ذلك فنجده برا
تقيا وفيا، ونجدهم فجرة غدرة كذبة، فلما قووا كاثروه واقتحموا عليه داره، واستحلوا
الدم الحرام، والشهر الحرام، والبلد الحرام، بلا ترة ولا عذر. ثم قرأت قوله تعالى:
(ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب) إلى آخر الآية، وسكتت. فافترق أصحاب ابن
حنيف فرقتين. قالت إحداهما: صدقت وبرت، وإن من جاؤوا معها يطالبون بحق، وقالت
الأخرى: إن من جاؤوا معها كاذبون ضالون. ثم تحاصب الطرفان ووقع الهرج والمرج، فجاء
جارية بن قدامة السعدي فقال لها: يا أميرة المؤمنين لقتل عثمان أهون من خروجك من
بيتك على هذا الجمل الأنكد عرضة للسلاح، إنه قد كان لك من الله ستر وحرمة، فهتكت
سترك وأبحت حرمتك، إنه من رأى قتالك يرى قتلك، إن كنت أتيتنا طائعة فارجعي إلى
منزلك، وإن كنت أتيتنا مكرهة فاستعيني بالناس. فلم تعر قوله هذا التفاتا، ثم نشب
القتال بين الجانبين حتى أدركهم الليل. وفي الصباح نشب القتال من جديد، وكثر القتل
في أصحاب حنيف وكثر الجرح في الفريقين، وعضتهم الحرب، وكتب طلحة والزبير إلى أهل
الشام كتابا يخبرانهم فيه بذلك ويحثانهم على النهوض، ومما جاء فيه قولهما: إنا
خرجنا لوضع الحرب وإقامة كتاب الله، فبايعنا خيار أهل البصرة وخالفنا أشرارهم
قائلين: نأخذ أم المؤمنين رهينة أن أمرتهم بالحرب وحثتهم عليه، وإننا با أهل الشام
نناشدكم الله في أنفسكم إلا نهضتم بمثل ما نهضنا به. وكتبوا مثل ذلك إلى أهل الكوفة
واليمامة والمدينة. وكتبت السيدة عائشة إلى أهل الكوفة تخبرهم بحقيقة الأمر وتأمرهم
أن يثبطوا الناس عن الإمام علي، وتحثهم على طلب قتلة عثمان، ومما جاء في كتابها
قولها: قدمنا البصرة، فدعونا إلى إقامة كتاب الله، فأجابنا الصالحون، واستقبلنا من
لا خير فيه بالسلاح، وعزم
ص 438
عليهم عثمان بن حنيف إلا قاتلوني حتى منعني الله بالصالحين، واحتجوا بأشياء
فاصطلحنا عليها، فخانوا وغدروا، وكان ذلك الدأب ستة وعشرين يوما ندعوهم إلى الحق
ويدعوننا إلى الباطل، وغدروا وخانوا فغادروني في الغلس ليقتلوني، فلم يبرحوا حتى
بلغوا سدة بيتي، فوجدوا نفرا على الباب، فدارت عليهم الرحى. أما الإمام علي فإنه
سار حتى بلغ ذا قار وأتاه عثمان بن حنيف في جمع كبير من أهل البصرة، ثم أرسل ابنه
الحسن وعمارا والأشتر النخعي إلى الكوفة يدعون أهلها لنصرة الإمام، فأحضروا جمعا
كبيرا منهم، ورحب بهم قائلا: يا أهل الكوفة أنتم قاتلتم ملوك العجم وفضضتم جموعهم
حتى صارت إليكم مواريثهم فمنعتم حوزتكم وأعنتم الناس على عدوهم، وقد دعوتكم لتشهدوا
معنا إخواننا من أهل البصرة، فإن يرجعوا فذاك الذي نريد، وإن يلجوا داويناهم بالرفق
حتى يبدأونا بظلم، ولم ندع أمرا فيه صلاح إلا آثرناه على الفساد إن شاء الله. وسار
علي من ذي قار حتى نزل على عبد القيس، فانضموا إليه، ثم سار حتى نزل الزاوية يريد
البصرة، وسار طلحة والزبير وعائشة والتقى الجمعان عند مكان قصر عبيد الله بن زياد،
فلما نزل الناس أقاموا ثلاثة أيام لم يكن فيها قتال، وكان الإمام يرسل إلى جماعة
عائشة يكلمهم ويدعوهم، حتى كان يوم الخميس منتصف جمادى الآخرة سنة 36، فوقعت
الواقعة، وكان عسكر عائشة ثلاثين ألفا، وعسكر على عشرين ألفا، ومما خطب به علي صحبه
قوله: عباد الله انهدوا إلى هؤلاء القوم: منشرحة صدوركم لقتالهم، فإنهم نكثوا
بيعتي، وأخرجوا ابن حنيف عاملي بعد الضرب المبرح والعقوبة الشديدة، وقتلوا حكيم بن
جبلة العبدي، وقتلوا رجالا صالحين، ثم تتبعوا منهم من يحبني يأخذونهم في كل حائط
وتحت كل رابية، ثم يأتون بهم فيضربون رقابهم صبرا، ما لهم قاتلهم الله أنى يؤفكون.
إنهدوا إليهم وكونوا أشداء عليهم، وقد وطنتم أنفسكم على الطعن والضرب ومبارزة
الأقران، وأي امرئ منكم أحس من نفسه رباطة جأش عند
ص 439
اللقاء، ورأى من أحد إخوانه فشلا، فليذب عن أخيه الذي فضل عليه كما يذب عن نفسه،
ولا تقاتلوا القوم حتى يبدؤوكم، فإنكم بحمد الله على حجة وكفكم عنهم حتى يبدؤوكم
حجة أخرى، فإذا قاتلوكم فلا تجهزوا على جريح، وإذا هزمتوهم فلا تتبعوا مدبرا ولا
تمثلوا بقتيل، وإذا وصلتم إلى رجال القوم، فلا تهتكوا سترا، ولا تدخلوا دارا، ولا
تأخذوا من أموالهم شيئا، ولا تهيجوا امرأة بأذى وإن شتمن أعراضكم، وسببن أمراءكم
وصلحاءكم، فإنهن ضعاف العقول والأنفس. لقد كنا نؤمر بالكف عنهن وإنهن لمشركات، وإن
كان الرجل ليتناول المرأة بالهراوة والعصا والجريدة فيعير بها هو وعقبه من بعده.
تراءى الجمعان فرأى علي طلحة والزبير وقال لهم: لقد أعددتما سلاحا وخيلا ورجالا، إن
كنتما أعددتما عند الله عذرا فاتقيا الله سبحانه، ولا تكونا كالتي نقضت غزلها من
بعد قوة أنكاثا، ألم أكن أخا لكما في دينكما تحرمان دمي وأحرم دماءكما؟ فهل حدث ما
أحل لكما دمي؟ فقال طلحة: ألبت الناس على عثمان، فقال علي: فيومئذ يوفيهم الله
دينهم الحق، ويعلمون أن الله هو الحق المبين. يا طلحة تطلبني بدم عثمان فلعن الله
قتلة عثمان، يا طلحة جئت بعرس رسول الله تقاتل بها، وخبأت عرسك، أما بايعتني؟ قال:
بايعتك والسيف على عنقي. ثم قال للزبير مثل ما قاله لطلحة. فأراد الزبير ترك الحرب،
فقال له ابنه عبد الله جمعت بين هذين العسكرين حتى إذا اشتبكت النصال أردت أن
تتركهم وتذهب، ولكنك خشيت رايات ابن أبي طالب، وعلمت أنها تحملها فتية انجاد وإن
تحتها الموت الأحمر، فجبنت. فأحفظه ذلك وقال: إني حلفت أن لا أقاتله، فقال له ابنه
عبد الله: كفر عن يمينك وقاتله. فدخل في المعركة، ثم رأى أن يتركها ويتوجه إلى وادى
السباع قاصدا المدينة، فلما وقف يصلي طعنه من خلفه عمرو بن جرموز فقتله، وأخذ فرسه
وخاتمه وسلاحه، ثم قدم على علي فأخبره بقتل الزبير، فتناول الإمام سيف الزبير وهزه
وقال: سيف طالما كشف الله به الكرب عن رسول الله، وما
ص 440
كان ابن صفية جبانا ولا لئيما، ولكن الحين ومصارع السوء ثم اشتد وطيس القتال بين
الجانبين فنزل علي إلى الساحة وهو يتلوا قوله تعالى: (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة
ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقول الرسول
والذين آمنوا معه متى نصر الله ألا إن نصر الله قريب) اللهم أفرغ علينا الصبر. ثم
رفع مصحفا بيده وقال: من يأخذ هذا المصحف فيدعوهم إلى ما فيه ولهم الجنة؟ فقام غلام
اسمه مسلم بن عبد الله فقال: أنا يا خليفة رسول الله. ثم تناول المصحف وزحف على
القوم فقتلوه. فقال علي: الآن حل قتالهم واقتتل الناس، وركبت عائشة الجمل، وألبسوا
هودجها البسط وجلود النمر، وفوق ذلك دروع الحديد وخطبت الناس عائشة فقالت: أما بعد
فإنا كنا نقمنا على عثمان ضرب السوط وإمرة الفتيان، ألا وإنكم استعتبتموه فأعتبكم،
ثم عدوتم عليه فارتكبتم منه دما حراما، وأيم الله إنه كان أحصنكم فرجا وأتقاكم لله.
ثم اقتتلوا حتى قتل طلحة وهو يقول: اللهم خذ لعثمان حتى ترضى، وحرضت عائشة الناس
كما حرض علي جماعته، واحتدم القتال وتلاحم الناس وأخذت عائشة لفا من حصى، ورمت به
وجوه أصحاب الإمام وصاحت بقولها: شاهت الوجوه كما صنع رسول الله يوم حنين، فقال لها
قائل: وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى. ثم تقدم أصحاب علي إلى جمل عائشة وأصحابها
يحيطون بها ويتساقطون صرعى دون الوصول إليها حتى قتل على الخطام أربعون رجلا. وأحدق
أهل النجدات والشجاعة بعائشة، وحمل أصحاب علي حتى أداروا الجمل كما تدور الرحى،
وصاح الإمام ارشقوا الجمل بالنبل، فرشق حتى لم يبق فيه موضع إلا أصابه النبل. ثم
تقدم محمد بن أبى بكر وعمار بن ياسر فقطعا أنساع الهودج واحتملاه، فلما وضعاه أدخل
محمد يده فقالت: من هذا؟ قال: أخوك محمد، فقالت: بل
ص 441
مذمم. قال: يا أخية هل أصابك شيء؟ قالت: ما أنت وذاك، ثم أمر الإمام بعقر الجمل
وأمر بحمل الهودج من بين القتلى، وطلب من محمد بن أبي بكر أن يضرب على أخته قبة، ثم
أدخلها البصرة فأنزلها دار عبد الله بن خلف الخزاعي، وكان الإمام يتمثل في ذلك
اليوم قائلا: إليك أشكو عجري وبجري * ومعشرا أعشوا علي بصري قتلت منهم مضري بمضري *
شفيت نفسي وقتلت معشري - القصة. ومنهم الفاضل المعاصر أحمد عبد الغفور عطار في
كتابه عائشة (ص 157 ط مكة المكرمة) قال: وانتهت أخبار مقتل أمير المؤمنين ذي
النورين إلى مكة، وعلمت أم المؤمنين عائشة بما كان، وكانت بمكة تنتظر أداء العمرة
بعد الحج في المحرم، وأخذت طريق العودة إلى المدينة، حتى إذا كانت في سرف التي تبعد
عن مكة بضعة أميال، لقيها عبيد بن أبي سلمة المعروف بأمه أم كلاب، من بني ليث
أخوالها الألى كانت تصلهم ببرها، وسألته فأجابها قائلا: قتلوا عثمان، وانتظروا
ثمانيا، وسألته: ثم ماذا صنعوا؟ فقال لها: أخذها أهل المدينة بالاجماع فجازت بهم
الأمور إلى خير مجاز، لقد اجتمعوا على علي بن أبي طالب. فاستاءت أم المؤمنين وقالت:
والله، ليت هذه انطبقت على هذه، إن تم الأمر لصاحبك تريد انطباق السماء على الأرض.
ثم قالت: ردوني، ردوني إلى مكة، قتل والله عثمان مظلوما، والله لأطلبن بدمه. وأقبلت
عائشة ثم قالت: أقتل أمير المؤمنين؟ قالوا: نعم. فقالت: رحمه الله وغفر له، أما
والله لقد كنتم إلى تشييد الحق وتأييده، وإعزاز الإسلام وتأكيده أحوج منكم إلى ما
نهضتم إليه من طاعة من خالف عليه، ولكن كلما زادكم الله نعمة في دينكم ازددتم
تثاقلا في نصرته طمعا في دنياكم.
ص 442
أما والله لهدم النعمة أيسر من بنائها، وما الزيادة إليكم بالشكر بأسرع من زوال
النعمة عنكم بالكفر. وأيم الله، لئن كان فني أكله، واخترم أجله، لقد كان عند رسول
الله كزارع البكرة الأزهر، ولئن كانت الإبل أكلت أوبارها فإنه لصهر رسول الله صلى
الله عليه وسلم. ولقد عهدت الناس يرهبون في تشديد، ثم قدح حب الدنيا في القلوب،
ونبذ العدل وراء الظهور، ولئن كان برك الدهر عليه بزوره، وأناخ بكلكله، إنها لنوائب
تترى تلعب بأهلها وهي جادة، وتجد بهم وهي لاعبة، ولعمري، لو أن أيديكم تقرع صفاته
لوجدتموه عند تلظى الحرب متجردا، ولسيوف النصر متقلدا، ولكنها فتنة قدحت فيها أيدي
الظالمين. أما والله لقد كان حاط الإسلام وأكده وعضد الدين وأيده ولقد هدم الله به
صياصي الكفر، وقطع به دابر المشركين، ووقم به أركان الضلالة، فلله المصيبة به ما
أفجعها ، والفجيعة به ما أوجعها، صدع الله بمقتله صفاة الدين، وثلمت مصيبته ذروة
الإسلام بعده، وجعل لخير الأمة عهده. فقال لها ابن أم كلاب: ولم؟ فوالله، إن أول من
أمال حرفه لأنت، ولقد كنت تقولين: اقتلوا نعثلا فقد كفر!. قالت عائشة: إنهم
استتابوه، ثم قتلوه، وقد قلت وقالوا، وقولي الأخير خير من قولي الأول. وفي شرح نهج
البلاغة لابن أبي الحديد: إن عائشة رضي الله عنها كانت من أشد الناس على عثمان، حتى
أنها أخرجت ثوبا من ثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصبته في منزلها، وكانت
تقول للداخلين إليها: هذا ثوب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يبل وعثمان
أبلى سنته. وقالوا: إن أول من سمى عثمان نعثلا عائشة، والنعثل: الكثير شعر اللحية
والجسد. وكانت تقول: اقتلوا نعثلا، قتل الله نعثلا. ومنهم الفاضل المعاصر الأستاذ
عباس محمود العقاد في المجموعة الكاملة -
ص 443
العبقريات الإسلامية ج 3 ص 230 ط دار الكتاب اللبناني - بيروت) قال: وألفت نفسها
في مكة بين العثمانية والأموية يوم نزلت بها قبيل مقتل عثمان، فعن لها أن ترجع إلى
المدينة لتدرك الأمر قبل فواته، ولكنها سمعت في الطريق ببيعة علي فقالت فيما رواه
عبيد بن أبي سلمة وهو خؤولتها: ليت هذه انطبقت على هذه إن تم الأمر لصاحبك. مشيرة
إلى السماء والأرض. ثم صاحت بركبها: ردوني، ردوني، وجعلت تتوعد في الطريق: أن تطالب
بدم عثمان، فقال لها عبيد بن أبي سلمة: ولم؟ والله إن أول من أمال حرفه لأنت، قالت:
إنهم استتابوه ثم قتلوه. وقد قلت وقالوا وقولي الأخير خير من قولي الأول. وما لبثت
في مكة قليلا حتى تجمع فيها كل ناقم على علي بن أبي طالب من أعدائه ومنافسيه، فقضت
أيامها بمكة بين العثمانية والأموية والولاة الذين أحسوا بزوال الدولة والثروة
والذين أوجسوا من حساب الخليفة الجديد، ولحق بهم طلحة والزبير وكلاهما طامح إلى
الخلافة يائس من الأنصار في المدينة. فاتفقوا جميعا على كلمة واحدة لا اتفاق بينهم
فيما عداها، وهي المطالبة بدم عثمان، لأن المطالبة به تغنيهم عن القدح في الخليفة
الجديد، وليس الاتفاق على القدح فيه بمستطاع. وكذلك لذلك ارتفعت الصيحة بدم عثمان.
وفي هذه البيئة غلبت على السيدة عائشة نية الخروج إلى البصرة بتلك الدعوة التي
اتفقوا عليها، وأكبر الظن أنها كانت وشيكة أن تحجم عن الخروج إليه لولا غلبة البيئة
واجتماع الأصوات من حولها على نداء واحد، فإنها ما عتمت في الطريق أن صدمت أول صدمة
حتى همت بالرجوع ثم أصرت عليه لولا احتيالهم في إقناعها بمختلف الحيل. ومنهم نبيه
أمين فارس ومنير البعلبكي في تاريخ الشعوب الإسلامية والأصل لكارل بروكلمان
الألماني (ص 115 ط دار العلم للملايين - بيروت) قالا:
ص 444
وكان علي - وهو صهر الرسول والرجل الذي أمسى الآن الشخصية الأولى في الإسلام بلا
خلاف - قد أم الناس في الصلاة حتى في أثناء الحصار وعين أميرا على الحجاج إلى مكة
أيضا. وفي نفس اليوم الذي صرع فيه عثمان بايع الناس عليا بالخلافة في مسجد
[المدينة] ولكن طلحة والزبير اللذين كانا حتى تلك اللحظة يعملان في ما يظهر لمصلحة
علي تخلفا عن مبايعته وحملاه تبعة مقتل عثمان ثم إنهما لحقا عائشة إلى مكة. وكانت
أم المؤمنين لا تزال تضمر لعلي عداءها القديم فما كادت تعلم أنه قبل البيعة حتى دعت
المؤمنين إلى الاثئار للرجل القتيل. فاستجاب لدعوتها الأمويون وأناس آخرون شركوها
في كره علي ليس غير. ونزولا عند رأي ابن عامر، عزموا على التقدم إلى البصرة حيث
كانت له منذ زمن طويل، وما تزال صلات واسعة جدا. حتى إذا انقضت أربعة أشهر علي مقتل
عثمان خرج المتآمرون بعد أن تجمعوا في معسكر على الطريق العامة المؤدية إلى العراق.
ولم يكادوا يبلغون البصرة حتى فتكوا غدرا بأميرها الذي آثر أن ينتظر الأمر من علي
على أن ينضم إليهم. حتى إذا وفقوا إلى الاستيلاء على المدينة [البصرة] نشب الخلاف
بين طلحة والزبير على إمامة الناس في الصلاة، ولكن عائشة حسمت هذا الخلاف موقتا بأن
سمت لهذه المهمة ابن أختها عبد الله بن الزبير. ومنهم الفاضل الأمير أحمد حسين
بهادر خان الحنفي البريانوي الهندي في كتابه تاريخ الأحمدي (ص 170 ط بيروت سنة
1408) قال: در روضة الاحباب است كه عائشة رضى الله عنها بمكه بخانه ام المؤمنين
(ام) سلمه رضى الله عنها رفت چه وى نيز از مدينه بعزم حج گزاردن بمكه رفته بود وبعد
از تقديم مراسم تسليم وتحيت باوى گفت: اى دختر ابو اميه بدرستيكه تو اول ضعيفه هستى
كه در راه خدا ورسول مهاجرت كردى بواسطهء شرف فراش حضرت رسالت عظيم الشأن ورفيع
القدرى واز ميان امهات مؤمنين بخواص ومزايا ممتازى وبر تو
ص 445
پوشيده نباشد كه جماعتى از غوغائيان بدر امير مؤمنان عثمان بن عفان خود را انداخته
او را بقتل آورده اند واكنون جمعى از هواداران آن خليفه مقتول ومظلوم كه در آن آمده
اندكه از قاتلان او انتقام كشند وايشان را بقصاص رسانند ومرا اخبار كردند كه عبد
الله بن عامر در بصره صد هزار شمشير مهيا دارد كه همهء ايشان براى واقعهء عثمان
غضمناك وجمله طالب خون او گشته اند ومن مى ترسم كه ميان مسلمانان بر سر اين قضيه
محاربه ومقاتله واقع گردد چه شود اگر در مسير بجانب بصره با ما موافقت فرمائى شايد
كه خداوند تعالى بسبب ما اصلاح اين امر نمايد وعقده تعويق از قصاص خون عثمان بن
عفان از اين جهت گشايد. راوى گويد: پس ام سلمه بسخن در آمد وگفت: اى دختر ابو بكر
تو بخون عثمان باز خواست ميكنى وبخدا سوگند كه از اشد مردمان تو بودى از وى قهر
وغضب او را بهيچ نام نمى خواندى مگر به نعثل ومى گفتى لعن الله نعثلا وقتل الله
نعثلا وهر روز او را سب وشتم مى كردى وبه كفر منسوب مى ساختى وامروز امير المؤمنين
وخليفه مقتول ومظلوم مى گوئى وخود را در قضيه او بصورت اهل تعزيت ومصيبت مى نمائى.
موافقت مى كنى باجماعتى كه به على بن أبى طالب خروج ميكند چه تناسب با تو دارد در
طلب خون عثمان حال آنكه وى مرديست از بنى عبد مناف وتو ضعيفه از بنى تيم، ويحك اى
عائشه متفق باطائفه مى شوى كه خروج مى كنند بر على بن أبى طالب كه ميان او وحضرت
رسالت صلعم سلسلهء اخوت ومصاهرت محكم است وپسر عم رسول وزوج بتول است ومرتبه خلافت
ورياست ووراثت در ميان اهل روزگار وى را مسلم جمهور وانصار از حضار اصحاب مدينه با
او بيعت نموده بخلافت وحكومت عامهء اهل إسلام او را قبول نموده اند. وفصلى مقنع از
فضائل وكمالات وخصائل وحالات على بن أبى طالب بر عائشه خواند. عبد الله بن زبير بر
در سراى ام سلمه ايستاده بود وجمله سخنان او را كه با عائشه مى گفت به تفصيل
ص 446
مى شنود از بيرون سراى بانگ بر ام سلمه زد كه اى دختر ابو اميه ما تراشناخته بوديم
وعداوت ترا به آل زبير (إلى أن قال:) ام سلمه از اندرون سراى بجواب عبد الله مشغول
گشته گفت تو وپدر تو مرا او رامى بريد. (إلى أن قال:) گمان مى برى مهاجر وانصار را
كه راضى وخوشنود شوند به پدر تو زبير ومصاحب او طلحه وعلى در سلك أحياء باشد وحال
آنكه وى بقول پيغمر عليه افضل الصلوة واكمل التحيات ولى هر مؤمن ومؤمنه بود؟! عبد
الله بن زبير گفت: ما اين حديث را از لبان آن سرور در هيچ ساعتى از ساعات نشنيده
ايم. ام سلمه گفت: اگر تو نشنيدهء خاله تو كه عائشه است كه شنيده واينك خاله تو
حاضر است بپرس كه شنيده يانى وبتحقيق كه ما شنيده ايم از پيغمبر (صلعم) كه فرمود:
على خليفتى عليكم في حياتى وبعد مماتى فمن عصاه فقد عصانى. اى عائشه گواهى ميدهى كه
از آن سرور چنين شنيده اى؟ عائشه گفت: آرى. آنگاه ام سلمه از روى نصيحت ونيك خواهى
گفت: اى عائشه بترس از خداى در نفس خود در امرى كه ترا رسول صلعم از آن ترسانيده
ومباش صاحبهء سگان حوأب. وگفت: اى عائشه سوگند ميدهم تو را بخدا كه از پيغمبر صلعم
نشنيدى كه فرمود: پس نگذرد از شبها وروزها كه سگان آب حوأب بر يكى از ازواج من صياح
ونباح كنند وآن زن كه اين واقعه او را پيش آيد در ميان اهل بغى وفساد وفتنه وعناد
باشد. ودر أن زمان كه حضرت اين مى فرمود من انائى كه دست داشتم از غايت اضطراب وقلق
از دست من بيفتاد وآن سرور رو بجانب من كرد والتفاتى فرمود وموجب اضطراب افتادن آن
اناء آب از من پرسيد، گفتم: يا رسول الله اضطراب وقلق من از خوف آنست كه مبادا آن
زن من باشم، آن سرور تبسمى فرمود وبجانب تو نگاهى كرده گفت: من گمان مى برم كه آن
زن تو باشى، اى حميرا. عائشه ام سلمه را در روايت اين حديث تصديق نمود. آنگاه ام
سلمه با عائشه گفت: بايد كه فريب نيابى از طلحه وزبير وگمان نبرى كه
ص 447
اگر وبال ونكال بر ارتكاب اين كار از خداى عز وجل به تو متوجه گردد ايشان در دفع آن
نفعى به توانند رسانيد، پس عائشه بسيار ملول وپشيمان از مجلس ام سلمه برخاست واز
نفس خود در فسخ آن عزم عذرى مى جست وبهانه ميخواست. عبد الله بن زبير چون اين فتور
وقصور از ام المؤمنين عائشه مشاهده نمود، فرياد بر آورد كه: يا اماه اگر تو باين
لشكر بجانب بصره توجه نفرمائى من خود را مقتول واز صف احياء معزول وبزمرهء اموات
موصول ميسازم يا آنكه سر در بيابان وصحرا مى نهم وسراسيمه وسرگردان ديوانه وار خود
را در ميان سباع وبهائم اندازم، مردم در ميان آمدند وبه شفاعت والتماس بسيار عائشه
را تسكين دادند. ام المؤمنين از فرط محبت كه با عبد الله داشت باز بر سر حرف اول
رفت واز تصدى آن مهم متقاعد نشد. ومنهم الدكتور السيد عبد العزيز سالم في تاريخ
الدولة العربية منذ ظهور الإسلام حتى سقوط الدولة الأموية (ص 302 ط مؤسسة شباب
الجامعة) قال: وكانت عائشة أول من طالبت بدم عثمان على الرغم من أنها كانت من أكثر
خصومه عداء له. وقد استجاب لها عبد الله بن عامر الحضرمي عامل عثمان على مكة، وتبعه
عدد كبير من بني أمية على ذلك، وكانوا قد تسللوا من المدينة هاربين ولاذوا بمكة،
وتبعهم المغيرة بن شعبة وسعيد بن العاص، كما قدم إليهم عبد الله بن عامر من البصرة
بمال كثير، ويعلى بن منية من اليمن ومعه ستمائة بعير وستمائة ألف درهم، فأناخ
بالأبطح. ثم قدم إليها طلحة والزبير بحجة قضاء العمرة، وأعلنا فيها نكثهما لبيعتهما
لعلي، واستقر رأي الجميع على السير إلى البصرة لكثرة من بها من صنائع ابن عامر،
وساروا في ألف من أهل مكة والمدينة، ولحقهم الناس، حتى أصبح عدة من معهم ثلاثة آلاف
رجل. وما إن وصلت عائشة ومن معها إلى نواحي البصرة حتى أقامت بالحفير، وكتبت إلى
رجال أهل البصرة وإلى الأحنف بن قيس
ص 448
وغيره تدعوهم إلى الانضمام إليها في المطالبة بدم عثمان، ولما بلغ ذلك أهل البصرة
دعا عثمان بن حنيف وإلى المدينة الناس إلى التأهب للقتال، ثم أقبلت عائشة فيمن معها
حتى انتهوا إلى المربد، وتم الاشتباك بين أتباع علي وعلى رأسهم عثمان بن حنيف وحكيم
بن جبلة العبدي وبين أتباع عائشة وطلحة والزبير في 25 ربيع الآخر سنة 36 ه، وانتهت
الاشتباكات بهزيمة أتباع علي ومقتل حكيم بن جبلة. أما عثمان بن حنيف فقد وقع أسيرا،
فأمر مروان بن الحكم بعثمان فنتف لحيته وشعر رأسه وحاجباه، وضرب أربعين سوطا، ثم
أطلق سراحه، فقابل عليا في ذي قار. ومنهم الفاضل المعاصر أحمد زكي صفوت وكيل كلية
دار العلوم بجامعة القاهرة سابقا في جمهرة رسائل العرب في العصور العربية الزاهرة
(ج 1 ص 312 ط المكتبة العلمية - بيروت) قال: وكانت السيدة عائشة خرجت إلى مكة
للحج عام مقتل عثمان، فلما قضت حجها بلغها وهي عائدة مقتل عثمان، فارتدت إلى مكة،
وأزمعت أن تطلب بدمه، وجاءت إلى السيدة أم سلمة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم -
وكانت أم سلمة بمكة في هذا العام - تغريها بالخروج معها للطلب بدم عثمان، فأبت أن
تجيبها، وأظهرت موالاة علي عليه السلام ونصرته. وكتبت إلى السيدة عائشة إذ عزمت على
الخروج إلى البصرة: من أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم إلى عائشة أم
المؤمنين: سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو، أما بعد، فإنك سدة
بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أمته، وحجابك مضروب على حرمته، قد جمع
القرآن ذيلك فلا تندحيه، وسكن عقيراك فلا تصحريها، الله من وراء هذه الأمة، لو علم
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النساء يحتملن الجهاد عهد إليك، علت علت! بل قد
نهاك عن الفرطة في البلاد، إن عمود الدين لا يثاب بالنساء إن مال، ولا يرأب بهن
صدع، حماديات النساء غض
ص 449
الأطراف وخفض الأصوات، وخفر الأعراض وضم الذيول وقصر الوهازة، ما كنت قائلة لرسول
الله صلى الله عليه وسلم لو عارضك ببعض الفلوات، ناصة قعودا من منهل إلى منهل، قد
وجهت سدافته، وتركت عهيداه، إن بعين الله مهواك، وعلى رسوله تردين وأقسم لو سرت
مسيرك هذا ثم قيل لي: يا أم سلمة ادخلي الفردوس، لاستحييت أن ألقى محمدا صلى الله
عليه وسلم هاتكة حجابا قد ضربه علي. إجعلي بيتك حصنا ووقاعة الستر قبرك حتى تلقيه
وأنت على تلك أطوع ما تكونين لله إذا لزمته، وأنصر ما تكونين للدين ما حللت فيه،
ولو ذكرتك قولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرفينه، لهشت به نهش الرقشاء
المطرقة، والسلام. (شرح ابن أبي الحديد 2 / 79، والعقد الفريد 2 / 227، والإمامة
والسياسة 1 / 45). وقال أيضا في ص 319: وكتبت السيدة عائشة إلى زيد بن صوحان العبدي
إذ قدمت البصرة: من عائشة ابنة أبي بكر أم المؤمنين حبيبة رسول الله صلى الله عليه
وسلم إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان: سلام عليك، أما بعد، فإن أباك كان رأسا في
الجاهلية وسيدا في الإسلام وإنك من أبيك بمنزلة المصلى من السابق، يقال: كاد أو لحق
وقد بلغك الذي كان في الإسلام من مصاب عثمان بن عفان ونحن قادمون عليك والعيان أشفى
لك من الخبر. فإذا أتاك كتابي هذا، فاقدم فانصرنا على أمرنا هذا، فإن لم تفعل فثبط
الناس عن علي بن أبي طالب، وكن مكانك حتى يأتيك أمري، والسلام. وفي رواية ابن أبي
الحديد: أما بعد، فأقم في بيتك وخذل الناس عن علي وليبلغني عنك ما أحب، فإنك أوثق
أهلي عندي والسلام. (العقد الفريد 2 / 227، تاريخ الطبري 5 / 183، وشرح ابن أبي
الحديد 2 / 81). وقال أيضا:
ص 450
فكتب إليها زيد: من صوحان إلى عائشة أم المؤمنين: سلام عليك، أما بعد، فإن الله
أمرك بأمر وأمرنا بأمر، أمرك أن تقري في بيتك وأمرنا أن نقاتل الناس حتى لا تكون
فتنة، فتركت ما أمرت به وكتبت تنهيننا عما أمرنا به، فأمرك عندي غير مطاع، وكتابك
غير مجاب، والسلام. وفي رواية الطبري: فكتب إليها: من زيد بن صوحان إلى عائشة ابنة
أبي بكر الصديق رضي الله عنه، حبيبة رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما بعد، فأنا
ابنك الخالص إن اعتزلت هذا الأمر، ورجعت إلى بيتك، وإلا فأنا أول من نابذك. (العقد
الفريد 2 / 227، تاريخ الطبري 5 / 184، وشرح ابن أبي الحديد 2 / 81). وذكر العلامة
الباعوني مكاتبتهما في ص 71 كما تقدم باختلاف قليل في اللفظ. وقال أيضا في ص 316:
كتاب الأشتر إلى السيدة عائشة وكتب الأشتر إلى السيدة عائشة، وهي بمكة: أما بعد،
فإنك ظعينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله، وقد أمرك أن تقري في بيتك فإن فعلت
فهو خير لك وإن أبيت أن تأخذي منسأتك وتلقي جلبابك وتبد للناس شعيراتك، قاتلتك حتى
أردك إلى بيتك والموضع الذي يرضاه لك ربك. (شرح ابن أبي الحديد 2 / 80) رد السيدة
عائشة على الأشتر فكتبت إليه في الجواب: أما بعد، فإنك أول العرب شب الفتنة، ودعا
إلى الفرقة، وخالف الأئمة، وسعى في قتل الخليفة، وقد علمت أنك لن تعجز الله حتى
يصيبك منه بنقمة ينتصر بها منك للخليفة المظلوم، وقد جاءني كتابك وفهمت ما فيه
وسيكفينيك الله، وكل من أصبح مماثلا لك في ضلالك وغيك إن شاء الله. (شرح ابن أبي
الحديد 2 / 80)