الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج33)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب

ص 181

فلقد أزال قبر الحسين وحرثه حتى لا يزار. وشتت شمل شيعته وفرقهم في النواحي. فمنهم من حبسوا ومنهم من تواروا حتى ماتوا في مهربهم - وتناقل الناس أشعارا منسوبة إلى ابن السكيت عالم النحو الكبير، وكان يعلم ولدي المتوكل. وفي هذه الأشعار: تالله إن كانت أمية قد أتت * قتل ابن بنت نبيها مظلوما فلقد أتاه بنو أبيه بمثله * هذا لعمرك قبره مهدوما أسفوا على ألا يكونوا شاركوا * في قتله فتتبعوه رميما! وربما أراد المتوكل أن يتيقن من صدور هذا الشعر من ولا العالم حين سأله: أيهما أحسن: ولداي (المؤيد والمعتز) أم الحسن والحسين؟... ولم يرضه جوابه. فأمر بقتله فقتلوه. ولم يلبث المتوكل إلا قليلا حتى قتله ابنه (المنتصر) في مؤامرة! وإنما كانت فظاعة الجريمة الأخيرة قصاصا عجلت به السماء لمقتل عالم آثر الصدق. ولم يصلح للعلويين بال إلا أشهرا بعد مصرع المتوكل. ليعود البطش بهم إلى عنفوانه في أيام المستعين. فمنهم من خرج وخرج الناس معه، كيحيى بن عمر خرج فقتل. ومنهم من خرج ولم يخرج الناس معه، فحبس ليموت سنة 271. وهو الحسن بن محمد المعروف بالحرون. ومنهم محمد بن جعفر خرج وحبس حتى مات في سامراء ليتتابع سجل الشهداء.. نقف عن السرد، عند أبيات لابن الرومي (321 - 384) من جيميته في رثاء يحيى بن عمر بعد مقتله إذ خرج على بني العباس في القرن الرابع من جراء ظلمهم:

أمامك فانظر أي نهجيك تنهج * طريقان شتى مستقيم وأعوج

أكل أوان للنبي محمد * قتيل زكي بالدماء مضرج؟

بني المصطفى كم يأكل الناس شلوكم * لبلواكمو عما قليل مفرج

أبعد المسمى بالحسين شهيدكم * تضاء مصابيح السماء فتسرج؟

ص 182

أيحيى العلاء لهفي لذكراك لهفة * يباشر مكواها الفؤاد

فينضج لمن تستجد الأرض بعدك زينة * فتصبح في أثوابها تتبرج؟

سلام وريحان وروح ورحمة * عليك ومحدود من الظل سجسج

ألا أيها المستبشرون بيومه * أظلت عليكم غمة لا تفرج

نظار لكم أن يرجع الحق راجع * إلى أهله يوما فتشجوا كما شجوا

غررتم إذا صدقتمو أن حالة * تدوم لكم. والدهر لونان

أخرج أبى الله إلا أن يطيبوا وتخبثوا * وأن يسبقوا بالصالحات ويفلجوا

لعل قلوبا قد أطلتم غليلها * ستظفر منكم بالشفاء فتثلج

ومنها

كلام الشريف علوي بن طاهر بن عبد الله الهدار الحداد العلوي

في (القول الفصل) (ج 2 ص 179 ط جاوا - في إخفاء تحديث فضائل أهل البيت ومناقبهم خوفا من الطغاة الجبابرة) قال: بل كان مثل زيد بن أرقم يخاف من التحديث بمناقب أهل البيت وقد سأله رجل من أهل العراق عن حديث غدير خم فامتنع عن إجابته وقال له إنكم معشر أهل العراق فيكم ما فيكم فقال ليس عليك مني بأس ذكره في السند. وفي الصحيح إن ابن عمر رضي الله عنهما قال لبعض الشاميين بعد ما أخبره ببعض مناقب الإمام علي عليه السلام لعل ذلك يسؤك قال نعم قال فأرغم الله بأنفك قال إني أبغضه قال أبغضك الله فاذهب فاجهد علي جهدك. وقد كانت رواية حديث واحد في بعض العصور السابقة في مناقب أهل البيت كافية لجرح الراوي إن سلم من القتل والسجن. وقد منعوا أبا هريرة وأبا سعيد الخدري من التحديث بذلك وجبهوهما وضرب نصر بن علي الجضمي ألف سوط لروايته حديثا في فضائلهم وكانت سياسة الملوك

ص 183

وعلماء الدنيا داعية إلى نفرة العامة وخوف الخاصة من التحديث بذلك والناس على دين ملوكهم ولولا بقية من المخلصين صبروا على خوف من الفراعنة فنقلوا بعض ما بلغهم من ذلك لذهب ما بقي من الوارد في أهل البيت في طي الخفاء وعكس ذلك أن يروي بعض غلاة النواصب الأحاديث الموضوعة التي يعترف جهابذة الحديث بوضعها وإنها من الافتراء على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكذب محض لا يحل نقله ولا سماعه إلا لمجرد التحذير منه وتقتضي الحال أن يبقى معدودا في رجال الصحيح وهذا من تأثير القوة فإن لها كسوة تستر معائب من يلوذ بها وبالجملة فلا عبرة بطعنهم في عبد الله بن عمر كما قرره الحافظ ابن حجر. فقال بعد أن نقل كلام ابن عدي في أبان بن تغلب أنه من أهل الصدق وإن كان مذهبه مذهب الشيعة ما لفظه (قلت هذا قول منصف وأما الجوزجاني فلا عبرة بحطه على الكوفيين فالتشيع في عرف المتقدمين هو اعتقاد تفضيل علي على عثمان وربما اعتقد مصيبا حروبه وإن مخالفه مخطئ مع تقديم الشيخين وتفضيلهما وربما اعتقد بعضهم أن عليا أفضل الخلق بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وإذا كان معتقد ذلك ورعا دينا صادقا مجتهدا فلا ترد روايته بهذا لا سيما إن كان غير داعية وأما التشيع في عرف المتأخرين فهو الرفض المحض فلا تقبل رواية الرافضي الغالي ولا كرامة) ا ه كلام الحافظ ولم يذكر رحمه الله تعالى حكم الناصبي الغالي وهو مقابل الرافضي وإنما استشكل في بعض كلامه جرحهم الشيعي مطلقا وتعديلهم الناصبي غالبا ولعمري إنه موضع إشكال وما الذي أحل عرض أمير المؤمنين علي عليه السلام وبعضه حتى لم يؤثر ذلك في عدالة مبغضيه وسابيه وحرم عرض غيره إن هذا لشيء عجاب وقد رام بعض المتحذلقين أن يفسر كلام الحافظ ابن حجر فزعم أنه أراد بالشيعي الذي جرحوه مطلقا الشيعي الكافر الذي يعتقد بنبوة علي عليه السلام أو ألوهيته وهذا كذب وفضيحة قد أنزل هذا القائل الحافظ ابن حجر بمنزلة من الجهل لن ينزل بها حتى قريب العهد بالاسلام، فكيف

ص 184

بأحد أئمة الإسلام، وهل يعقل إن الحافظ يجهل كون الكافر مجروحا مطلقا حتى يستشكل جرحهم له سبحانك هذا بهتان عظيم، والحق إن من كفر بتشيعه كمن اعتقد نبوة علي عليه السلام أو ألوهيته ومثله من كفر بنصبه كمن اعتقد نبوة يزيد كلاهما بمنزلة واحدة، ومنهم من يعتقد أنه من السابقين الأولين من الصحابة وقد كان من الفرقة الأخيرة طائفة عظيمة بقيت إلى ما بعد السبعمائة، ومنهم كثير ممن يدعي التصوف وينتسب إلى الحنابلة ومنهم من قال فيمن توقف في يزيد أنه يوقف على النار وهؤلاء كلهم لا يقول بعدالتهم أحد يؤمن بالله واليوم الآخر، وأما من يعتقد كفر الشيخين رضي الله عنهما أو فسقهما ويتبرأ منهما، ومن يعتقد كفر علي وعثمان رضي الله عنهما أو فسقهما ويتبرأ منهما، فينبغي أن يقال فيهما بقول واحد فإنهما فريقان متقابلان (فإن قيل) إن الفرق بين الشيخين وعلي وعثمان عظيم (قلنا) ليقل القائلون في عظم الفرق بينهما ما شاؤا فلن ينتهي إلى أن يفرق به بين أعراضهم وما حرم الله منهم ولو قيل بصحة الفرق لبطلت حجج أهل السنة على الرافضة وأشباههم، وأما من تولى الشيخين وعثمان معهما وتبرأ من علي، ومن تولاهما وتولى عليا معهما وتبرأ من عثمان فهذا فريقان متقابلان فينبغي أن يقال في أحدهما بمثل ما قيل في الآخر من جرح أو تعديل ولا يقتضي الإنصاف إلا ذلك، فأما جرح من تولى الأربعة وفضل عليهم عليا أو لم يفضله ولكن اعتقد إنه كان مصيبا في حروبه وتعديل من سب عليا وتبرأ منه وأبغضه ولكنه تولى الثلاثة فلا يقوله إلا من كان متقلدا مذهب النواصب وهذا النوع هو الذي استشكله الحافظ ابن حجر وأخبث منه من يجرح من تكلم في مقاتلي علي عليه السلام ويعدل من تكلم فيه وفي ناصريه وقد قال الحافظ ابن حجر في مقدمة الفتح (الجوزجاني كان ناصبيا منحرفا عن علي فهو ضد الشيعي المنحرف عن عثمان والصواب موالاتهما جميعا ولا ينبغي أن يسمع قول مبتدع في مبتدع) ا ه ومراده بالشيعي المبتدع من يتولى عليا ويبرأ من عثمان رضي الله عنهما فإن الشيعة فرق كالنواصب وقد تزيد بدعة بعض

ص 185

فرقهم على بعض وقال في موضع آخر (وأما الجوزجاني فقد قلنا غير مرة إن جرحه لا يقبل في أهل الكوفة لشدة انحرافه ونصبه وغير الجوزجاني ممن على شاكلته مثله كالأزدي) ا ه أقول ولكن وصف بعضهم الجوزجاني هذا بأنه كان صلبا في السنة ولعله إنما عنى سنة الشيطان فأما سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلا يوصف بالصلابة فيها الناصبي المنحرف وهذا يشبه قول الآخر فيه إنه لشدة صلابته في السنة يحمل على علي عليه السلام ويشبهه أيضا ما استأنس به الذهبي على تشيع الحاكم رحمه الله بأنه ألف جزأ في مناقب فاطمة البتول على أبيها وعليها الصلاة والسلام كأن السني لا يكون عنده سنيا حتى يطمس كل فضيلة لها ولا يذكر لها منقبة وهذه والله قاصمة الظهر، وعار الدهر، وبالجملة فإن من نظر في كتب الجرح والتعديل رأى فيها كثيرا من التخليط والتشويش فينبغي لطالب الحق أن لا يأخذ ما فيها على علاته وقد صدق من قال إن المصائب العظيمة في الإسلام تعصب كثير من حملة الحديث للشيع والأحزاب (فإن تكلف متكلف) وأجاب بأنهم عدلوا الناصبي غالبا لأن له شبهة في ظنه خطأ علي عليه السلام في مقاتلة أهل القبلة (قلنا) وللشيعي مثلها أو أعظم منها فيمن قاتل عليا عليه السلام وأصحابه وهو وهم من أهل القبلة مثلهم فما الذي أهدر شبهة هذا وأعمل شبهة ذلك؟! إن هي إلا قسمة ضيزى ولا يغب عنك إن مرادنا بالشيعة من ذكرهم الحافظ ابن حجر أعني من يتولى الشيخين ويعرف لهما فضلهما (فإن قيل) إن أولئك كانوا متديني ببغض علي عليه السلام لاعتقادهم خطأه (قلنا) وهؤلاء كانوا متدينين بحب علي عليه السلام لاعتقادهم إصابته فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون. ومنها

كلام الأستاذ السيد محمد وهبي إبراهيم - شقيق السيد الرائد

في مقدمة (مراقد أهل البيت بالقاهرة) (ص 9 لرائد العشيرة المحمدية محمد زكي إبراهيم - ط مطبوعات العشيرة المحمدية

ص 186

بمبنى جامع البنات بالقاهرة) قال: أولا من هم أهل البيت؟: قال أبو سعيد الخدري وجماعة من التابعين منهم مجاهد وقتادة: (أهل البيت هم علي وفاطمة والحسن والحسين) وذهب إليه الزمخشري في بعض أقواله: وتبعه بعض المفسرين وقال الفخر الرازي والقسطلاني وآخرون: (أهل البيت أولاده وأزواجه والحسن والحسين، وعلي منهم لمعاشرته فاطمة، وملازمته النبي صلى الله عليه وسلم، وقال سعيد بن مقاتل وعكرمة ومقاتل (أهل البيت نساؤه) وقال زيد بن الأرقم (أهل البيت من تحرم عليهم الصدقة وهم آل علي وعقيل وجعفر والعباس، وذلك هو الراجح، قال السيوطي هؤلاء هم الأشراف حقيقة في سائر الأمصار وهو ما عليه الجمهور، وقال الشعراني قول زيد بن الأرقم هو معنى حديث صحيح (قلنا: رواه مسلم والنسائي). ثانيا - من هم أهل العباءة والرداء؟. في (الخطيب) عن عائشة أن الرسول خرج وعليه مرط مرحل (عباءة صوف) من شعر أسود فجاء الحسن فأدخله، ثم الحسين، ثم فاطمة، ثم علي، ثم قال (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وفي رواية أخرى قال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي، أو أهل بيت محمد، فاجعل صلواتك وبركاتك على آل محمد، كما جعلتها على إبراهيم، إنك حميد مجيد) ونحوه روايات شتى، وفي رواية: كان معهم جبريل وميكائيل، قال الطبري: وقد تكرر هذا الفعل مرات منه صلى الله عليه وسلم، وعن علي رضي الله عنه قال: شكوت إلى رسول الله حسد الناس لي، فقال: (أما ترضى أن تكون رابع أربعة هم أول من يدخل الجنة، أنا وأنت والحسن والحسين، وأزواجنا عن أيماننا وشمائلنا، وذرياتنا خلف أزواجنا؟، ومما يلحق بهذا المقام ما رواه الديلمي قال: قال صلى الله عليه وسلم نحن بنو عبد المطلب سادات أهل الجنة. (أنا وحمزة وعلي وجعفر، والحسن، والحسين والمهدي). ثالثا: (آية إنما يريد الله):

ص 187

روى أحمد والطبراني عن أبي سعيد الخدري قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم (أنزلت هذه الآية في خمسة، في وفي علي، وحسن وحسين وفاطمة). وروى أحمد والترمذي وابن أبي شيبة، وابن جرير، وابن المنذر، والطبراني، والحاكم، وصححه عن أنس، أن رسول الله بعد نزول هذه الآية، كان يمر ببيت فاطمة، إذا خرج لصلاة الفجر، يقول: (الصلاة أهل البيت). (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) وفي رواية أبي سعيد: جاء صلى الله عليه وسلم أربعين صباحا إلى دار فاطمة يقول: (السلام عليكم أهل البيت، رحمكم الله، إنما يريد الله (الآية) وفي رواية له عن ابن عباس سبعة أشهر، وفي رواية لابن جرير، وابن المنذر، والطبراني ثمانية أشهر. رابعا: (آية المودة في القربى): قال القسطلاني: المراد بالقربى من ينسب إلى جده الأقرب عبد المطلب، وقال البغوي والرازي والبيضاوي، وتابعهم أكثر المفسرين (القربى هم أهل البيت. قال الزمخشري. (روي أنه لما نزلت هذه الآية قيل يا رسول الله. من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودتهم؟ قال: (علي وفاطمة وابناهما) قلنا: هذه هي رواية الطبراني، وابن مردويه، وابن أبي حاتم عن ابن عباس، ويدل له سبب نزول الآية، فإنه لما تفاخر الأنصار بأيديهم على الدعوة الإسلامية، وعاتبهم الرسول فيما منوا به على الله، أسفوا وجثوا على الركب وقالوا: (أموالنا وما فيما أيدينا لله ورسوله) فنزل قوله تعالى: قل لا أسألكم (الآية) فهذه نصوص قطعية في أن المراد بالقربى هم أهل بيت رسول الله، لا يشذ عن ذلك إلا المبتلون بالحقد على أهل البيت باسم العلم والسلفية. خامسا: وجوب حب أهل البيت: (1) أخرج ابن سعد قال صلى الله عليه وسلم استوصوا بأهل بيتي خيرا، فإني أخاصمكم عنهم غدا، ومن أكن خصمه، خصمه الله.

ص 188

ونقل القرطبي عن ابن عباس في قوله تعالى: (ولسوف يعطيك ربك فترضى) قال: رضا محمد ألا يدخل أحد من أهل بيته النار وروى الديلمي والطبراني والبيهقي وابن حبان، قال صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه وتكون عترتي أحب إليه من عترته، وأهلي أحب إليه من أهله وذاته أحب إليه من ذاته) وأخرج البخاري عن ابن عمر، قال أبو بكر: النبي خطب فقال (أذكركم الله في أهل بيتي ثلاثا) وروى الإمام أحمد، قال صلى الله عليه وسلم (إني أوشك أن أدعى فأجيب، وإني تارك فيكم الثقلين، كتاب الله، حبل ممدود من الأرض إلى السماء، وعترتي أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض يوم القيامة، فانظروا بم تخلفوني فيهما) وفي رواية (إن الله سائلكم كيف خلفتموني في كتاب الله وأهل بيتي) وروى الحاكم والترمذي وصححه على شرط الشيخين، قال صلى الله عليه وسلم (أحبوا الله لما يغذوكم به، وأحبوني بحب الله وأحبوا أهل بيتي بحبي) واستقصاء هذه الأخبار يطول، وحسبنا هذا. سادسا: تحريم بغض أهل البيت: (1) أخرج الطبراني، والبيهقي، وابن منده وابن أبي عاصم، قال صلى الله عليه وسلم (ما بال أقوام يؤذونني في نسبي وذوي رحمي؟ ألا ومن آذى نسبي وذوي رحمي، فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله) وروى أبو الشيخ قال صلى الله عليه وسلم (ما بال رجال يؤذونني في أهل بيتي؟ والذي نفسي بيده، لا يؤمن عبد حتى يحبني، ولا يحبني حتى يحب ذريتي)؟ (قلنا وقد كان من أدب السلف الصالح ألا يقرءوا في الصلاة بسورة (اللهب) حفاظا على قلب رسول الله نفسه، مع أنها قرآن منزل) وروى أحمد مرفوعا (من أبغض أهل البيت فهو منافق) وروى الحاكم صحيحا على شرط الشيخين: قال صلى الله عليه وسلم: (لا يبغضنا أهل البيت أحد، إلا أدخله الله النار) وروى الديلمي عن أبي سعيد قال صلى الله عليه وسلم: (اشتد غضب الله على من آذاني في عترتي) وروى الطبراني في الأوسط قال: لا يبغضنا

ص 189

أحد إلا زيد عن الحوض يوم القيامة بسياط من نار. ونختم البحث لما رواه الدارقطني مرفوعا قال صلى الله عليه وسلم: (يا أبا الحسن. أما أنت وشيعتك ففي الجنة، وإن قوما يزعمون أنهم يحبونك يصغرون الإسلام ثم يلفظونه، يمرقون منه، كما يمرق السهم من الرمية) (وهذا الحديث من أعلام النبوة في تصوير متسلقة هذا الزمان) والحمد لله. ومنها

كلام الفاضل المعاصر موسى محمد علي

في (عقيلة الطهر والكرم زينب الكبرى) (ص 10 ط عالم الكتب بيروت) قال: وأهل البيت هم المختصون بالطهارة الحقة، فهم الذين اختصهم الله بمحبته، وانتدبهم لأن يكونوا خلفاء عنه في ملكه، وأظهرهم ليظهر لك عجائب قدرته، وأكرمهم بمختلف الكرامات، وخلصهم من طبائع نفوسهم، ونجاهم من إطاعة هوى أنفسهم، حتى صارت كل أفكارهم مستقلة به سبحانه وتعالى، وعلاقاتهم معه لا مع غيره. فمحبتهم أساس الطريق إلى الله تعالى، وأصله، وكل الأحوال والمقامات درجات للمحبة. ولقد أكرم الله سبحانه وتعالى أهل البيت بتعليم جاهلهم وإرشاد ضالهم وتقوية ضعيفهم فالتواضع لهم حق والاستنصاف لهم واجب والخدمة بقدر الامكان لهم قرب. وإذا كان الله سبحانه وتعالى، تفضل وأولى، وطهر وزكى، وكرم وأكرم آل بيت النبوة كما جاء بذلك قوله سبحانه: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). فلا أقل من أن يكون هذا التفضل الإلهي، والكرم الرباني، له إيثاره في قلوب بني البشر استجابة لأمر الله سبحانه، وتحقيقا لدعوة رسوله صلى الله عليه وسلم. والإيثار لحب أهل بيت النبوة، استجابة لله ولرسوله، والأدب معهم إنما يتحقق ذلك بحفظ حرمتهم غائبين أو حاضرين، فلا يغتاب أحد منهم ولا ينقص

ص 190

قدره فالغيبة حرام بالاجماع لا سيما في حق أهل البيت والأولياء، لأن لحومهم سموم قاتلة كلحوم العلماء والأنبياء. فليحذر المسلم جهده من هذه الخصلة الذميمة، ومن أولع بهذا فلا يفلح أبدا، فالأولياء كالأنبياء، فمن فرق بينهم حرم خيرهم وكفر نعمتهم. ولكن أصحاب الغفلة، وأرباب الغرة، إذا هبت رياح صولتهم في زمان غفلتهم، فإنهم يلاحظون أهل الحقيقة بعين الاستحقار، ويحكمون علهم بضعف الحال، وينسبونهم إلى الضلال ويعدونهم من جملة الجهال، وذلك في زمان الغفلة، ومدة مهلة أهل الغيبة. أما الذين لهم قوة اليقين، ونور البصيرة، فإنهم ساكنون تحت جريان الحكم: يرون الغائبات عن الحواس بعيون البصيرة من وراء ستر رقيق، فلا الطوارق تهزمهم، ولا هواجم الوقت تستفزهم، وعن قريب يلوح علم اليسر، وتنجلي سحائب العسر، ويمحق الله كيد الكائدين. فأهل القلوب والبصائر، والذوق والمشاهدة، يؤثرون أهل البيت بالحب الصادق، والوفاء الكامل، والاخلاص المخلص، والاجلال الوافر لا ابتداعا منهم، بل امتثالا لأمر خالقهم، وتعظيما لقدر نبيهم، واستجابة لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، وأبو الشيخ، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي مرفوعا أنه صلى الله عليه وسلم قال: (لا يؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من نفسه، وتكون عترتي أحب إليه من عترته، وأهلي أحب إليه من أهله، وذاتي أحب إليه من ذاته). وما أخرج البيهقي، وأبو الشيخ، وابن حبان في صحيحه عن علي كرم الله وجهه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا حتى استوى على المنبر، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: (ما بال رجال يؤذونني في أهل بيتي؟ والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحبني، ولا يحبني حتى يحب ذريتي).

ص 191

إلى أن قال في ص 15: (وأحبوني لحب الله). بمعنى إنما تحبوني لأنه سبحانه وتعالى أحبني فوضع محبتي فيكم، كما يصرح به الخبر الصحيح: (إذا أحب الله عبدا، نادى جبريل: إن الله يحب فلانا فأحبوه). (وأحبوا أهل بيتي لحبي). أي إنما تحبونهم لأني أحببتهم بحب الله تعالى لهم. وقد يكون أمرا بحبهم، لأن محبتهم لهم تصديق لمحبتهم للنبي صلى الله عليه وسلم. (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى) ا ه. [الشورى 23]. وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليه، ساووه - كما يقول الفخر - في خمسة أشياء: في الصلاة عليه وعليهم في التشهد. وفي السلام: يقال في التشهد: سلام عليك أيها النبي. وقال تعالى: (سلام على آل ياسين) [الصافات 130]. وفي الطهارة قال تعالى: (طه) [طه 1] أي يا طاهر. وقال تعالى: (فاتبعوني يحببكم الله). وقال تعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)، وحب آل بيت سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وودهم، والولاء لهم، وتعظيمهم واحترامهم وتكريمهم، ورد به الأمر الإلهي في القرآن الكريم، والأحاديث الصحيحة، وإجماع السلف والخلف من الأمة. وليس هذا فحسب، بل ويقضي بذلك العقل أيضا قياسا على ما تقرر من وجوب شكر المنعم، وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، نبي الرحمة، وهادي الأمة، ومنقذ البشرية، منعم علينا بذلك كله، فشكره وتقديره، واحترامه وتكريمه واجب علينا، ومن شكره وتقديره، إكرام ذريته، والتودد إليهم. وعلى هذا فأدلة الشريعة الإسلامية الأربعة: من الكتاب الكريم، والسنة الشريفة المطهرة، وإجماع السلف والخلف من الأمة، والقياس، قاضية على المسلمين بود آل بيته صلى الله عليه وسلم، وجلب هذه الأدلة مما لا يسعه المقام، إذ قد وقرت به

ص 192

مجلدات عظام، واستوى في علم موضوعها وتسليمه الخاص والعام من الأمة. وإنما استطردنا هنا في ذكر بعض جمل منها، لأجل التنوير على المحبين لأهل بيته الكرام لقوله تعالى: (إن الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين * ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم). وسيدنا المصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم من آل إبراهيم قطعا، فآله منهم أيضا، وهم من المصطفين على العالمين. وكذلك قوله تعالى: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا). نص صريح في ذلك. والآيات والأحاديث التي يؤيد بعضها بعضها في نباهة شأنهم كثيرة للغاية، وأيضا قوله سبحانه وتعالى: (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى)، نص في ذلك كله. وصريح الأحاديث الصحيحة الواردة في فضلهم لا تعد ولا تحصى، منها: قوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي في سننه، وأبو حاتم عن زيد بن أرقم رضي الله عنه: (أنا حرب لمن حاربهم، وسلم لمن سالمهم). وقوله صلى الله عليه وسلم فيما أخرجه الترمذي والإمام أحمد: (من آذى قرابتي فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله). وأخرج الإمام البخاري في صحيحه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة فقال: ألا أهدي لك هدية سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وآله؟ فقلت: بلى، قال: سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله... كيف الصلاة عليكم أهل البيت؟ قال: (قولوا اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد). ويعلق سيدنا جابر على هذا الحديث فيقول: (لو صليت صلاة ولم أصل فيها على محمد وآل محمد ما رأيت أنها تقبل).

ص 193

وأخرج الترمذي في سننه عن عمر بن أبي سلمة ربيب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا) في بيت أم سلمة رضي الله عنها، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم، فاطمة، وحسنا، وحسينا، فجللهم بكساء، وعلي خلف ظهره ثم قال: (اللهم هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا). قال أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: (أنت على مكانك، وأنت على خير). ها هم أهل البيت أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، كما نصت عليه هذه الآية الكريمة، وحدد سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث اختصاصهم بهذا الفضل وحدهم دون أن يشاركهم فيه غيرهم. وهذا الاختصاص يدل على أن أم سلمة كانت تسمع وترى وتقول: أنا معكم يا رسول الله؟ وترفع الكساء لتدخل، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يجذبه منها ويقول لها: (أنت على مكانك وأنت على خير). ولاختصاص هذه الآية الكريمة بأهل الكساء، أو أهل العباءة فقط دون سواهم، فإنه لا يضاف إلى هذه الخصوصية، ولا ينطوي تحت لوائها أحد غيرهم، حتى ولو كان هذا الغير هي أم سلمة نفسها، بل ولو كان هذا الغير هي زوجة من زوجات سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأم من أمهات المؤمنين رضوان الله تعالى عليهن أجمعين. ولو جاز، أو صح غير هذا، لأذن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، لأم سلمة بالدخول تحت الكساء استجابة لرغبتها، وتطييبا لخاطرها، وتقديرا لإخلاصها ووفائها، أما وأن شيئا من ذلك لم يكن، وهو صلوات الله وسلامه عليه، أولى بالمؤمنين من أنفسهم، بل وهو بالمؤمنين رؤوف رحيم، لأنه البار العطوف، السمح الجواد، الناطق بالصدق والصواب، فقد تعين أن الآية لا تختص إلا بأهل الكساء فحسب، كما تواترت الأخبار والآثار الصحيحة بذلك، وهي حسب رواية أم سلمة

ص 194

على الحصر فهم فقط، وامتيازهم عن غيرهم بهذه المآثر الكريمة المشرفة دون سواهم. وتتلألأ أنوار السنة المطهرة، لتفعم دنيا المسلمين بفضائل أهل البيت، فيخرج الإمام مسلم في صحيحه بسنده عن يزيد بن حيان التيمي قال: انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمرو بن مسلم إلى زيد بن أرقم رضي الله عنه، فلما جلسنا إليه قال له حصين: لقد لقيت يا زيد خيرا كثيرا: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعت حديثه، وغزوت معه، وصليت خلفه، حدثنا يا زيد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: يا بن أخي.. والله لقد كبرت سني، وقد عهدي، ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما حدثتكم فاقبلوا، وما لا فلا تكلفونيه، ثم قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فينا خطيبا بماء يدعى خما - بين مكة والمدينة - فحمد الله وأثنى عليه، ووعظ وذكر، ثم قال: (أما بعد.. ألا أيها الناس، فإنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين: أولهما كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به). فحث على كتاب الله ورغب فيه، ثم قال: (وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي). فقال له حصين: ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال: نساؤه من أهل بيته، ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده. قال: ومن هم؟ قال: هم آل علي، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل عباس. قال: كل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال: نعم.. ا ه. وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (يا بني عبد المطلب.. إني سألت الله أن يثبت قائمكم، وأن يهدي ضالكم، وأن يعلم جاهلكم، وأن يجعلكم جوداء نجداء رحماء). فلو أن رجلا صفن بين الركن والمقام فصلى وصام، ثم لقي الله مبغضا لأهل بيت محمد دخل النار).

ص 195

وللقوم كلمات كثيرة بالنظم في مناقب أهل البيت عليهم السلام وفضائلهم. ومنها

كلام الشافعي قائد الشافعية نظما

ذكره جماعة: فمنهم الشيخ محمد علي طه الدرة في (تفسير القرآن الكريم وإعرابه وبيانه) (ج 11 ص ث 414 ط دار الحكمة دمشق وبيروت 1402) قال: ومن قول الشافعي رضي الله عنه: يا آل بيت رسول الله حبكم * فرض من الله في القرآن أنزله يكفيكم من عظيم الفخر أنكم * من لم يصل عليكم فلا صلاة له منه ومنهم الفاضل المعاصر المستشار عبد الحليم الجندي في (الإمام جعفر الصادق عليه السلام) (ص 51 ط المجلس الأعلى للشئون الإسلامية القاهرة) قال: وسمع العالم الشافعي في جامع عمرو يهتز تحتانا إلى أبناء علي في الحجاز فينشد:

يا راكبا قف بالمحصب من منى * واهتف بقاعد خيفها والناهض

إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي

وقال أيضا في ص 252: فالشافعي - أكبر عقل علمي - يضع حب أهل البيت بين فرائض الدين. ويذكر المسلمين بأن الصلاة على أهل البيت جز من الصلاة لله. يقول:

يا أهل بيت رسول الله حبكم * فرض من الله في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم القدر أنكم * من لم يصل عليكم لا صلاة له

ومنهم الفاضل المعاصر المحقق أبو الفداء عبد الله القاضي في (تعاليق - توالي

ص 196

التأسيس لمعالي محمد بن إدريس) (ص 146 ط دار الكتب الإسلامية بيروت) قال: يا أهل بيت رسول الله - فذكر البيتين مثل ما تقدم عن الجندي - إلا أن فيه: يكفيكم من عظيم الفخر أنكم - ومنهم العلامة محمد زكي إبراهيم رائد العشيرة المحمدية في (مراقد أهل البيت بالقاهرة) (ص 8 ط 4 مطبوعات العشيرة المحمدية بمنى جامع البنات بالقاهرة) قال: يا أهل بيت رسول الله حبكم - فذكر البيتين كما تقدم - إلا أن فيه: في البيت الأول: فرض عظيم إله العرش أنزله. وفي البيت الثاني: يكفيكم من جليل القدر. ومنهم العلامة فخر الدين محمد بن عمر بن حسين الرازي المتوفى سنة 606 ه في مناقب الإمام الشافعي) (ص 140 ط مكتبة الكليات الأزهرية بالقاهرة) قال:

يا راكبا قف بالمحصب من منى * واهتف بقاعد جمعها والناهض

سحرا إذا فاض الحجيج إلى منى * فيضا، كملتطم الفرات الفائض

إن كان رفضا حب آل محمد * فليشهد الثقلان أني رافضي

وقال أيضا:

آل النبي ذريعتي * وهم إليك وسيلتي

أرجو بأن أعطى غدا * بيد اليمين صحيفتي

ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور مصطفى الشكقة في (إسلام بلا مذاهب) (ص 443 ط 8 الدار المصرية اللبنانية القاهرة) قال: يا راكبا قف بالمحصب من منى - فذكر الأبيات الثلاث مثل ما تقدم عن الرازي - وفيه في المصرع الثاني من البيت الأول: بقاعد خيفها والناهض. وفي المصرع الثاني من البيت الثاني: فيضا كملتطم -

ص 197

ومنهم الفاضل المعاصر الدكتور أحمد نحراوي عبد السلام الإندونيسي في (الإمام الشافعي في مذهبيه القديم والجديد) (ص 135 ط 1 دار الكتب، ومكتبة الشباب القاهرة عام 1408 ه - 1988 م) قال: إن الإمام الشافعي في بعض أشعاره يبدي رغبته في ذلك المذهب فمن ذلك قوله : أنا الشيعي في ديني وأصلي * بمكة ثم داري عسقلية بأطيب مولد وأعز فخرا * وأحسن مذهب تسمو البرية وقوله: يا راكبا قف بالمحصب من منى - فذكر مثل ما تقدم من (إسلام بلا مذاهب). ومنها

كلام أبي الفضل يحيى بن سلامة بن الحسين بن محمد الحصكفي

المتولد بطنزة بعد الستين وأربعمائة والمتوفى سنة 553 بميافارقين ذكره جماعة: فمنهم العلامة المؤرخ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي بن محمد ابن الجوزي المتوفى سنة 597 في (المنتظم في تاريخ الملوك والأمم) (ج 18 ص 129 ط دار الكتب العلمية بيروت) قال: ومن أشعاره الرقيقة:

أقوت مغانيهم فأقوى الجلد * ربعان كل بعد سكن فدفد

أسأل عن قلبي وعن أحبابه * ومنهم كل مقر يجحد

وهل تجيب أعظم بالية * وارسم خالية من ينشد

ليس بها إلا بقايا مهجة * وذاك إلا حجر أو وتد

ص 198

كأنني بين الطلول واقف * اندبهن الأشعث المقلد

[صاح الغراب فكما تحملوا * مشى بها كأنها مقيد

يحجل في آثارهم بعدهم * بادي السمات أبقع وأسود

لبئس ما اعتاضت وكانت قبلها * يرتع فيها ظبيات خرد]

ليت المطايا للنوى ما خلقت * ولا حدا من الحداة أحد

رغاؤها وحذوهم ما اجتمعا * للصب إلا ونحاه الكمد

 تقاسموا يوم الوداع كبدي * فليس لي منذ تولوا كبد

على الجفون رحلوا وفي الحشا * تقيلوا ودمع عيني وردوا

فأدمعي مسفوحة وكبدي * مقروحة وعلتي ما تبرد

وصبوتي دائمة ومقلتي * دامية ونومها مشرد

تيمني منهم غزال أغيد * يا حبذا ذاك الغزال الأغيد

حسامه مجرد وصرحه * ممرد وخده مورد

وصدغه فوق احمرار خده * مبلبل معقرب مجعد

[كأنما نكهته وريقه * مسك وخبر والثنايا برد]

يقعده عند القيام ردفه * وفي الحشا منه المقيم المقعد

[له قوام لقضيب بانة * يهتز قصدا ليس فيه أود]

أيقنت لما أن حدا الحادي بهم * ولم أمت إن فؤادي جلمد

كنت على القرب كئيبا مغرما * صبا فما ظنك بي إذ بعدوا

هم الحياة اعرقوا أم اشأموا * أم أيمنوا أم اتهموا أم أنجدوا

ليهنهم طيب الكري فإنه * حظهم وحظ عيني السهد

نعم تولوا بالفؤاد والكرى * فأين صبري بعدهم والجلد

لولا الضنا جحدت وجدي بهم * لكن نحولي بالغرام يشهد

ليس على المتلف غرم عندهم * ولا على القاتل عمدا قود

ص 199

هل أنصفوا إذ حكموا أم اسعفوا * من تيموا أم عطفوا فاقتصدوا

بل اصطفوا إذ حكموا واتلفوا * من هيموا وأخلفوا ما وعدوا

وسائل عن حب أهل البيت هل * أقر إعلانا به أم أجحد

هيهات ممزوج بلحمي ودمي * حبهم وهو الهدى والرشد

حيدرة والحسنان بعده * ثم علي وابنه محمد

جعفر الصادق وابن جعفر * موسى ويتلوه علي السيد

أعني الرضا ثم ابنه محمد * ثم علي وابنه المسدد

الحسن التالي ويتلو تلوه * محمد بن الحسن المفتقد

فإنهم أئمتي وسادتي * وإن لحاني معشر وفندوا

أئمة أكرم بهم أئمة * أسماؤهم مسرودة تطرد

هم حجج الله على عباده * وهم إليه منهج ومقصد

هم في النهار صوم لربهم * وفي الدياجي ركع وسجد

قوم أتى في هل أتى مدحهم * ما شك في ذلك إلا ملحد

قوم لهم فضل ومجد باذخ * يعرفه المشرك ثم الملحد

قوم لهم في كل أرض مشهد * لا بل لهم في كل قلب مشهد

قوم منى والمشعران لهم * والمروتان لهم والمسجد

قوم لهم مكة والأبطح وال - * خيف وجمع والبقيع الغرقد

ما صدق الناس ولا تصدقوا * ما نسكوا وأفطروا وعبدوا

لولا رسول الله وهو جدهم * واحبذا الوالد ثم الولد

ومصرع الطف ولا أذكره * ففي الحشا منه لهيب موقد

يرى الفرات ابن البتول طاميا * يلقى الردى وابن الدعي يرد

حسبك يا هذا وحسب من بغى * عليهم يوم المعاد الصمد

يا أهل بيت المصطفى يا عدتي * ومن على حبهم اعتمد

ص 200

أنتم إلى الله غدا وسيلتي * وكيف أخشى وبكم اعتضد

وليكم في الخلد حي خالد * والضد في نار لظى يخلد

ولست أهواكم ببغض غيركم * إني إذا أشقى بكم لا أسعد

فلا يظن رافضي أنني * وافقته أو خارجي مفسد

محمد والخلفاء بعده * أفضل خلق الله فيما أجد

هم أسسوا قواعد الدين لنا * وهم بنوا أركانه وشيدوا

ومن يخن أحمد في أصحابه * فخصمه يوم المعاد أحمد

هذا اعتقادي فالزموه تفلحوا * هذا طريقي فاسلكوه تهتدوا

والشافعي مذهبي مذهبه * لأنه في قوله مؤيد

اتبعه في الأصل والفرع معا * فليتبعني الطالب المسترشد

إني بإذن الله ناج سابق * إذا ونى الظالم والمقتصد

ومنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب (جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب) (ص 142 والنسخة مصورة من المكتبة الرضوية بخراسان) قال: ووقف على قصيدة طويلة نحو المأة بيت من مديح أهل البيت للشيخ العلا يحيى بن سلامة الحصكفي ذكرها ابن الجوزي في تاريخه المعروف بالمنتظم فاخترت منها هذا القدر. ليت المطايا للنوى ما خلقت * ولا حدا من الحداة أحد فذكر منها ستة وأربعين بيتا. ومنهم العلامة فضل الله بن روزبهان الخنجي الأصفهاني المتوفى 927 ه في (وسيلة الخادم إلى المخدوم - در شرح صلوات چهارده معصوم عليهم السلام) (ص 21 ط كتابخانه عمومي آية الله العظمى نجفي بقم) قال:

ص 201

نمونه ديگرى كه مربوط به قرن ششم است امام ابو الفضل يحيى بن سلامة الحصكفي (م 551 يا 553) است، بنا به نقل ابن طولون او قصيده اى در مدح دوازده امام سروده است. بخشى از سروده او ياد از نام دوازده امام است:

حيدرة والحسنان بعده * ثم علي وابنه محمد

وجعفر الصادق وابن جعفر * موسى، ويتلوه علي السيد

أعني الرضا، ثم ابنه محمد * ثم علي وابنه المسدد

الحسن التالي ويتلو تلوه * محمد بن الحسن المعتقد

وللحصكفي أيضا قصيدة طويلة في فضائل أهل البيت عليهم السلام ذكرها ابن الجوزي في المنتظم ص 132 فقال: وله أيضا:

حنت فأذكت لوعتي حنينا * أشكو من البين وتشكوا إلينا

قد عاث في إشخاصها طول السرى * بقدر ما عاث الفراق فينا

فخلها تمشي الهوينا طالما * أضحت تباري الريح في البرينا

وكيف لا نأوي لها وهي التي * بها قطعنا السهل والحزونا

ها قد وجدنا البر بحرا زاخرا * فهل وجدنا غيرها سفينا

إن كن لا يفصحن بالشكوى لنا * فهن بالارزام يشتكينا

قد اقرحت بما تئن كبدي * إن الحزين يرحم الحزينا

مذ عذبت لها دموعي لم تبت * هيما عطاشا وترى المعينا

وقد تياسرت بهن جائرا * عن الحمى فاعدل بها يمينا

تحن اطلالا عفا آياتها * تعاقب الأيام والسنينا

يقول صبحي أترى آثارهم * نعم ولكن لا نرى القطينا

لو لم تجد ربوعهم كوجدنا * للبين لم تبل كما بلينا

ما قدر الحي على سفك دمي * لو لم تكن أسيافهم عيونا

أكلما لاح لعيني بارق * بكت فأبدت سرى المصونا

ص 202

لا تأخذوا قلبي بذنب مقلتي * وعاقبوا الخائن لا الأمينا

ما استترت بالورق الورقاء كي * تصدق لما علت الغصونا

قد وكلت بكل باك شجوه * تعينه إذ عدم المعينا

هذا بكاها والقرين حاضر * فكيف من قد فارق القرينا

أقسمت ما الروض إذا ما بعثت * أرجاؤه الخيري والنسرينا

وأدركت ثماره وعذبت * أنهاره وأبدت المكنونا

وقابلته الشمس لما أشرقت * وانقطعت أفنانه فنونا

أذكى ولا أحلى ولا أشهى ولا * أبهى ولا أوفى بعيني لينا

من نشرها وثغرها ووجهها * وقدها فاستمع اليقينا

يا خائفا علي أسباب العدى * أما عرفت حصني الحصينا

إني جعلت في الخطوب موئلي * محمدا والأنزع البطينا

أحببت ياسين وطاسين ومن * يلوم في ياسين أو طاسينا

سر النجاة والمناجاة لمن * أوى إلى الفلك وطور سينا

وظن بي الأعداء إذ مدحتهم * ما لم أكن بمثله قمينا

يا ويحهم وما الذي يريبهم * مني حتى رجموا الظنونا

وكم مديح قدروا في رافد * فلم يجنوا ذلك الجنونا

وإنما أطلب رفدا باقيا * يوم يكون غيري المغبونا

يا تائهين في أضاليل الهوى * وعن سبيل الرشد ناكبينا

تجاهكم دار السلام فابتغوا * في نهجها جبريلها الأمينا

لجوامعي الباب وقولوا حطة * تغفر لنا الذنوب أجمعينا

ذروا العنا فإن أصحاب العبا * هم النبأ إن شئتم التبيينا

ديني الولاء لست أبغي غيره * دينا وحسبي بالولاء دينا

هما طريقان فإما شأمة * أو فاليمين [فاسلكوا] اليمينا

ص 203

سجنكم سجين إن لم تتبعوا * علينا دليل عليينا

وانتخب أبو البركات الباعوني في كتابه ق 143 منها ست أبيات وهي:

يا خائفا على أسباب الردى * أما عرفت حصني الحصينا

إني جعلت في الخطوب موئلي * محمدا والأنزع البطينا

أحب ياسين وطاسين ومن * يلوم في ياسين أو طاسينا

يا ذاهبين في أضاليل الهوى * وعن سبيل الحق ناكبينا

لجوا الباب معي وقولوا حطة * يغفر لنا الذنوب أجمعينا

ديني الولاء ولست أبغي غيره * دينا وحسبي بالولاء دينا

ومنها

كلام منظوم لدعبل بن علي الخزاعي

ذكره القوم في كتبهم. فمنهم العلامة صدر الدين علي بن أبي الفرج بن الحسن البصري في (الحماسة البصرية) (ج 1 ص 199 ط عالم الكتب بيروت) قال: وقال دعبل بن علي الخزاعي:

 مدارس آيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات

لآل رسول الله بالخيف من منى * وبالبيت والتعريف والجمرات

ديار علي والحسين وجعفر * وحمزة والسجاد ذي الثفنات

قفا نسأل الدار التي خف أهلها * متى عهدها بالصوم والصلوات

وأين الأولى شطت بهم غربة النوى * أفانين في الآفاق مفترقات

أحب قصي الدار من أجل حبهم * وأهجر فيهم زوجتي وبناتي

ألم تر أني من ثلاثين حجة * أروح وأغدو دائم الحسرات

ص 204

أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات

فإن قلت عرفا أنكروه بمنكر * وغطوا على التحقيق بالشبهات

قصارا منهم أن أذوب بغصة * تردد بين الصدر واللهوات

كأنك بالأضلاع قد ضاق رحبها * لما ضمنت من شدة الزفرات

لقد خفت في الدنيا وأيام عيشها * وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي

ومنهم العلامة شمس الدين أبو البركات محمد الباعوني الشافعي في كتاب (جواهر المطالب في مناقب الإمام أبي الحسنين علي بن أبي طالب) (ص 143 والنسخة مصورة من المكتبة الرضوية بخراسان) قال: ومن أحسن ما قيل في هذا المعنى وما مدح به أهل البيت القصيدة المشهورة الجامعة لهذه الأمور من المديح والرثى والبكاء على أهل البيت وهي قصيدة دعبل ابن علي الخزاعي شاعر آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله ولم أظفر منها إلا بهذا القدر وهو هذا:

مدارس أيات خلت من تلاوة * ومنزل وحي مقفر العرصات

لآل رسول الله بالخيف من منى * وبالركن والتعريف والحجرات

ألم تر إني مذ ثلاثون حجة * أروح وأغدو دائم الحسرات

أرى فيئهم في غيرهم متقسما * وأيديهم من فيئهم صفرات

وآل رسول الله نحف جسومهم * وآل زياد غلظ القصرات

بنات زياد في الخدور نواعم * وبنت رسول الله في الفلوات

إذا وتروا مدوا إلى وترائهم * أكفا عن الأوتاد منقبضات

ولولا الذي أرجوه في اليوم أو غد * تقطع قلبي أثرهم حسرات

ص 205

ومنها كلام منظوم لشمس الدين محمد بن طولون المتوفى 953 في (الشذرات الذهبية في تراجم الأئمة الاثنى عشرية عند الإمامية) على ما في (مقدمة - شرح صلوات چهارده معصوم عليهم السلام) (ص 24 ط قم)

عليك بالأئمة الاثنى عشر * من آل بيت المصطفى خير البشر

أبو تراب حسن حسين * وبغض زين العابدين شين

محمد الباقر كم علم درى * والصادق ادع جعفرا بين الورى

موسى هو الكاظم وابنه علي * لقبه بالرضا وقدره علي

محمد التقي قلبه معمور * على التقى دره منثور

والعسكري الحسن المطهر * محمد والمهدي سوف يظهر

ومنها

كلام منظوم

لصاحب كتاب (مناسك الحج وعلامات مكة مكرمة شرفها الله تعالى - أو: كتاب فتوح الحرمين در توصيفات كعبه) بالفارسية. على ما في (مقدمة كتاب شرح صلوات چهارده معصوم عليهم السلام) (ص 27 ط قم) قال الناظم بعد ذكر الخلفاء:

چونكه على داشت به خاك انتساب * كرد نبى كنيت او بو تراب

وه كه از آن خاك چه گلها دميد * نكهت جاويد به عالم وزيد

سنبل وگل را به چمن زيب وزين * موى حسن آمد وروى حسين

آن دو نهال اند كه تا روز دين * بارورند از گل واز ياسمين

هردم از اين باغ برى مى رسد * تازه تر از تازه ترى مى رسد

آن ده ودو همچون بروج فلك * نظم جهان داده سما تا سمك

ص 206

باز از آن غنچه خونين كفن * رسته گلى تازه ترا چون سمن

گلشن دين يافته زين، زيب وزين * گلبن توحيد على حسين

گلشن گردون ورياش بهشت * در بر آن روضه نمايند زشت

سر زده زان باز نهال عجب * داده ثمره هاي علوم وادب

شد صدف گوهر عالى فرش * ساحت شهرى كه على شد درش

علم كه در روى زمين وافرست * از دم عيسى نفس باقر است

باز شكفته گلى از باغ او * داده جلا ديده ما زاغ او

بست دهان دگران راز گفت * غنچه شدند آن همه واو شكفت

صادق صديق به صدق وصفا * ناظر ومنظور به صدق وصفا

باز آن گلبن عالى تبار * وه چه رطب بود كه آمد ببار

كام ولايت شده شيرين ازو * يافته تمكين عجب دين ازو

آنكه ببرد از دل اغيار بيم * كاظم غيض است به خلق كريم

باز دميد از چمن او گلي * كامده روح قدسيش بلبلى

خاك خراسان شده زو مشك بو * خلق به آن بو شده در جستجو

دم جه زنم از صفت بى حدش * داده پيمبر خبر از مرقدش

خلق محمد كرم مرتضى * هر دو عيان ساخت على الرضا

باز از آن طينت عنبر سرشت * جلوه گرى كرد گلى از بهشت

برد به تقوى گرو از ما بقى * شهرت از آن يافت به عالم تقى

سر زده زآن باغ على منظرى * در صف شيران جهان صفدرى

زنگ زداى دل هر متقى * كنيت او كشت از آن رو نقى

او به تفاوت شده آئينه اى تا * فكند عكس به گنجينه اى

زاده از آن زبده پيغمبرى * محسن احسن، حسن عسكرى

بحر سخا، كان وفا وكرم * سايه ده طوبى باغ ارم

ص 207

باز چه گويم چو گلى زو دميد * آه چه گل، گلشنى آمد پديد

نكهت او بده زدلها گمان * پر شد ازو دامن آخر زمان

رشته كه از حق به نبى بسته شد * باز به آن سلسله پيوسته شد

نقطه اول چو به آخر رسيد * كار بدايت به نهايت كشيد

هادى دين مهدى آخر زمان * خلق جهان يافته از وى امان

گفت نبى كز پى ظلم وفساد * روى زمين پر كند از عدل وداد

قاتل دجال به شمشير كين * با دم عيسى نفس او قرين

هر يك از آن گوهر گيتى فروز * داده به شب روشنى نيم روز

هر يك از ايشان عجب ومن عجب * سلسله شان سلسله من وهب

هر كه به آن سلسله پيوسته شد * از ستم حادثه وارسته شد

من كه در آن روضه رياضت كشم * زآن گل وگلزار ببوى خوشم

نكهت آن عطر كفن بس مرا * خار وخسش سر وسمن بس مرا

ومنها

كلام منظوم للشاعر السيد عبد الغفار بن عبد الواحد بن وهب الموصلي البغدادي البصري المتوفى 1291 ه

في (ديوان الحرمين) (ص 88 ط عالم الكتب - ومكتبة النهضة العربية بيروت) في قصيدة طويلة يمدح بها الإمام موسى الكاظم عليه السلام حين ورود الستارة النبوية الشريفة التي أهداها إليه السلطان محمود خان وهي من الخفيف. أولها:

يا إمام الهدى ويا صفوة الله * ويا من هدى هداه العبادا

إلى أن قال: ومزايا الفخار أورثتموها * شرف الجد يورث الأولادا

أنتم علة الوجود وفيكم * قد عرفنا التكوين والايجادا

ص 208

ما ركنتم إلى نفائس دنيا * ولقد كنتم بها أفرادا

وانتقلتم منها وأنتم أناس * ما اتخذتم إلا رضا الله زادا

ولقد قمتم الليالي قياما * واكتحلتم من القيام السهادا

إن يكونوا كما أذاعوا فمن ذا * مهد الأرض سطوة والبلادا

ومحا الشرك بالمواضي غزاة * وسطا سطوة الأسوة جهادا

حيث إن الإله يرضى بهذا * بل بهذا من القديم أرادا

فجزيتم عن أجركم بنعيم * تتوالى الأرواح والأجسادا

وابتغيتم رضا الإله ولا ز * لتم بعز يصاحب الآبادا

أنتم يا بني البتول أناس * قد صعدتم بالفجر سبعا شدادا

آل بيت النبي والسادة الط - * هر رجال لم يبرحوا أمجادا

فضلوا بالفضائل الخلق طرا * مثلما تفضل الظبا الأغمادا

ليس يحصي عليهم المدح مني * ولو أن البحار صارت مدادا

أنتم الذخر يوم حشر ونشر * ومعاذا إذا رأينا المعادا

ومنها

كلام بعض المحبين

رواه جماعة: فمنهم العلامة محمد زكي إبراهيم رائد العشيرة المحمدية في (مراقد أهل البيت بالقاهرة) (ص 6 ط 4 مطبوعات العشيرة المحمدية بمبنى جامع البنات بالقاهرة) قال: لا تطلبوا آل النبي * بشرق أرض أو بغرب

وذروا الجميع وأقبلوا * نحوي.. فمسكنهم بقلبي

ص 209

مستدرك فضائل ومناقب الإمام الأول علي بن أبي طالب أمير المؤمنين (ع)

لله در الصاحب بن عباد يمدح عليا عليه السلام

ألف: أمير المؤمنين علي * باء: به ركن اليقين قوي

تاء: توى أعدائه بحسامه * ثاء: ثوى حيث السماك مضي

جيم: جرى في خبر أسباق العلى * حاء: حوى العلياء وهو صبي

خاء: خبت حساده من خوفه * دال: درى ما لم يجز إنسي

ذال: ذؤابة مجده فوق السهى * راء: روي فخاره علوي

زاي: زوى وجه الضلالة سيفه * سين: سبيل يقينه مرضي

شين: شأى أمد المجاري سبقه * صاد: صراط الدين منه سوي

ضاد: ضياء شموسه نور الورى * طاء: طريق علومه نبوي

ظاء: ظلام الشك عنه زائل * عين: عرين أسوده محمي

غين: غرار حسامه حتف العدى * فاء: فسيح الراحتين سخي

قاف: قفا طرق النبي المصطفى * كاف: كريم المنتمى قرشي

لام: لقاح الحرب محروس الذرى * ميم: منيع الجانبين تقي

نون: نقي الجيب مرفوع البنا * واو: وصي المصطفى مهدي

هاء: هدية ربه لنبيه * ياء: يقيم الدين وهو رضي

ص 210

أهدى ابن عباد إليه هذه * غراء لم يفطن لها شيعي

يرجو بها حسن الشفاعة عنده * حسن الولاء موحد عدلي

أبرزتها مثل العروس بديهة * فليبتدر لنشيدها الكوفي

وقال أيضا: أنا من شيعة الرضا * سيد الناس حيدره

الإمام المطهر ب - * ن الحصان المطهره

وأخي المصطفى ومن * حسد الفخر مفخره

زوج مولاتنا التي * لم يكن مثلها مره

جاش طبعي بمدحه * فاستميلوا لأنشره

إن آثاره منا * قب في الناس مؤثره

فهو في السلم روضة * وهو في الحرب قسوره

كم عزيز أذله * بيديه وعفره

المساعي عليه في * يوم بدر موفره

سيفه صولجانه * وهم فيه كالكره

فاسألوا عنه أحده * واسألوا عنه خيبره

جعل البأس درعه * ومعاليه مغفره

حيث لم يغن عامر ب - * ن طفيل وعنتره

كم غصون من العو * م بعلياه مثمره

كفه كفت الخطو * ب وكانت مظفره

ففدى الخلق كفه * بل فدى الخلق خنصره

صاحب المصطفى على * حال عسر وميسره

رب قوم تغيروا * وأمنا تغيره

ناصح الجيب آمن ال - * غيب لم يعرف الشره

ص 211

صاحب الحوض والرسو * ل بها ذاك بشره

قد فدى ليلة الفرا * ش أخاه لينصره

لعن الله كل من * رد هذا وأنكره

لعن الله عصبة * ناصبته على تره

نكثته وحاربت - * ه على غير تبصره

تلك أفعالها التي * قد تبدين منكره

ويلها لم تخف من ال - * له في سبره الجره

يا تباريح كربلا * إن نفسي محيره

للذي نال سادتي * من رزايا مشمره

كنتم بكرة بدو * ر ظلام منوره

فدموعي بفيضها * عن ولوعي مخبره

كم مراث نظمتها * في الموالي محبره

إذ تيقنت إنها * عن ذنوبي مكفره

كرياض مجودة * ولئال مفقره

سرن شرقا ومغربا * حولها ألف محبره

سيد الناس حيدره * هذه خير تذكره

لابن عباد الذي * أربح الله متجره

يرتجي في ولائكم * حسن عفو ومغفره

وله: نوقشوا قلبي رأوا وسطه * سطرين قد خطا بلا كاتب

حب علي بن أبي طالب * وحب مولاي أبي طالب

وله: لو شق عن قلبي يرى سوطه * سطران قد خطا بلا كاتب

ص 212

العدل والتوحيد في جانب * وحب أهل البيت في جانب

وله: حب علي بن أبي طالب * فرض على الشاهد والغائب

وأم من نابذه عاهر * تبذل للنازل والراكب

أنا وجميع من فوق التراب * فداء تراب نعل أبي تراب

وله: يقولون لي: ما تحب النبي * فقلت: الثرى بفم الكاذب

أحب النبي وآل النبي * وأختص آل أبي طالب

دخول النار في حب الوصي * وفي تفضيل أولاد النبي

أحب إلي من جنات عدن * أخلدها بتيم أو عدي

وله: علي ولي المؤمنين لديكم * ومولاكم من بين كل الأعاظم

علي من الغصن الذي منه أحمد * ومن سائر الأشجار أولاد آدم

وله: العدل والتوحيد والإمامة * والمصطفى المبعوث من تهامة

وسيلتي في عرصة القيامة

وله: حب علي علو همه * لأنه سيد الأئمة

وينسب له: أبا حسن إن كان حبك مدخلي * جحيما فإن الفوز عندي جحيمها

وكيف يخاف النار من هو مؤمن * بأن أمير المؤمنين قسيمها

لله در الحميري حيث يقول: سماه جبار السما * صراط حق فسما

ص 213

فقال في الذكر وما * كان حديثا يفترى

هذا صراطي فاتبعوا * وعنهم لا تخدعوا

فخالفوا ما سمعوا * والخلف ممن شرعوا

واجتمعوا واتفقوا * وعاهدوا ثم التقوا

إن مات عنهم وبقوا * أن يهدموا ما قد بنى

وله: وأنت صراطه الهادي إليه * وغيرك ما ينجى الماسكينا

وله: علي ذا صراط هدى * فطوبى لمن إليه هدى

وله: وله صراط الله دون عباده * من يهده يرزق تقى ووقارا

في الكتب مسطور مجلى باسمه * وبنعته فاسأل به الأحبارا

العوني: إمامي صراط الله منهاج قصده * إذا ضل من أخطأ الصواب عن السبل

ابن مكي: فإن يكن آدم من قبل الورى * نبي وفي جنة عدن داره

فإن مولاي علي ذو العلى * من قبله ساطعة أنواره

تاب على آدم من ذنوبه * بخمسة وهو بهم أجاره

وإن يكن نوح بنى سفينة * تنجيه من سيل طمى تياره

فإن مولاي علي ذو العلى * سفينة ينجى بها أنصاره

وإن يكن ذو النون ناجى حوته * في اليم لما كضه حضاره

ففي جلندى للأنام عبرة * يعرفها من دله اختياره

ردت له الشمس بأرض بابل * والليل قد تجللت أستاره

ص 214

وإن يكن موسى رعى مجتهدا * عشر إلى أن شفه انتظاره

وسار بعد ضره بأهله * حتى علت بالواديين ناره

فإن مولاي علي ذو العلى * زوجه واختار من يختاره

وإن يكن عيسى له فضيلة * تدهش من أدهشه انبهاره

من حملته أمه ما سجدت * للات بل شغلها استغفاره

ابن الرومي رأيتك عند الله أعظم زلفة * من الأنبياء المصطفين ذوي الرشد

مستدرك نسبه الشريف وولادته وألقابه وكناه وفضائله ومناقبه عليه السلام

قد تقدم ذلك نقلا عن العامة في المجلدات السابقة من هذا السفر الشريف. رواه جماعة: فمنهم العلامة الشيخ محمد بن طلحة الشافعي في (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول) (ص 11 ط طهران) قال:

الفصل الأول: في ولادته وما يتعلق بها

ولد عليه السلام في ليلة الأحد الثالث والعشرين من شهر رجب سنة تسع مائة وعشر من التاريخ الفارسي المضاف إلى الإسكندر وكان ملك الفرس يومئذ مستمرا وكان ملكهم بارويز بن هرمز وقيل ولد بالكعبة البيت الحرام وكان مولده بعد أن تزوج رسول الله صلى الله عليه وآله بخديجة رضي الله عنها بثلاث سنين وكان عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ولادته ثمانيا وعشرين سنة فلما نشأ وكبر أصاب أهل مكة جدب شديد وقحط مولم أجحف بذوي الثروة وأضر إلى الغاية بذوي العيال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه العباس وكان من أيسر بني هاشم يا عم إن أخاك أبا طالب كثير العيال وقد

ص 215

أصاب الناس ما ترى فانطلق بنا إليه فلنخفف من عياله آخذ من بيته رجلا وتأخذ أنت رجلا فنكفهما عنه قال العباس نعم فانطلقا حتى أتيا أبا طالب فقالا إنا نريد أن نخفف عنك من عيالك حتى ينكشف عن الناس ما هم فيه فقال لهما أبو طالب إذا تركتما لي عقيلا وطالبا فاصنعا ما شئتما فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فضمه إليه وأخذ العباس جعفر فضمه إليه فلم يزل علي مع رسول الله حتى بعثه الله عز وجل نبيا فاتبعه وآمن به وصدقه وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين وصلى علي يوم الثلاثاء. ولما نزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم وشرفه الله سبحانه وتعالى بالنبوة كان علي يومئذ لم يبلغ الحلم وكان عمره إذ ذاك في السنة الثالثة عشر وقيل أقل من ذلك وقيل أكثر منه وأكثر الأقوال وأشهرها أنه كان لم يكن بالغا فإنه أول من أسلم وآمن برسول الله صلى الله عليه وسلم من الذكور وقد ذكر صلى الله عليه وسلم ذلك وأشار إليه في أبيات قالها بعد ذلك بمدة مديدة نقلها عنه الثقات ورواها النقلة الاثبات، شعر:

محمد النبي أخي وصنوي * وحمزة سيد الشهداء عمي

وجعفر الذي يضحي ويمسي * يطير مع الملائكة ابن أمي

وبنت محمد سكني وعرسي * منوط لحمها بدمي ولحمي

وسبطا أحمد ولداي منها * فأيكم له سهم كسهمي

سبقتكم إلى الإسلام طرا * غلاما ما بلغت أوان حلمي

وأوجب لي ولايته عليكم * رسول الله يوم غدير خم

فويل ثم ويل ثم ويل * لمن يلقى الإله غدا بظلمي

ونقل عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال سمعت عليا عليه السلام ينشد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع:

أنا أخو المصطفى لا شك في نسبي * به ربيت وسبطاه ولدي

جدي وجد رسول الله منفرد * وفاطم زوجي لا قول ذي فندي

ص 216

صدقته وجميع الناس في بهم من الضلالة والاشراك والنكد

قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال صدقت يا علي ورباه النبي وأزلفه وهداه إلى مكارم الأخلاق وثقفه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الصلاة خرج إلى شعاب مكة مستخفيا وأخرج عليا معه فيصليان ما شاء الله فإذا قضيا صلاتهما وأمسيا رجعا إلى مكة إلى مكانهما فمكثا كذلك يصليان على استخفاء من أبي طالب وساير عمومتهما وقومهما ثم إن أبا طالب عبر عليهما وهما يصليان فقال لرسول الله يا بن أخي ما هذا الذي أراك تدين به فقال يا عم هذا دين الله تعالى ودين ملائكته ودين رسله ودين أبينا إبراهيم بعثني الله به رسولا إلى العباد وأنت يا عم أحق من بدأت له النصيحة ودعوته إلى الهدى وأحق من أجابني إليه وأعانني عليه وقال له علي يا أبت قد آمنت برسول الله صلى الله عليه وسلم واتبعته وصليت معه لله فقال له: يا بني أما إنه لم يدعك إلا إلى خير فالزمه. ونقل عن يحيى بن عفيف قال حدثني أبي قال كنت جالسا مع العباس بن عبد المطلب بمكة قبل أن يظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وآله فجاء شاب فنظر إلى السماء حين تحلقت الشمس ثم استقبل الكعبة فقام يصلي فجاء غلام فقام عن يمينه ثم جائت امرأة فقامت خلفهما فركع الشاب فركع الغلام والامرأة ثم رفع فرفعا ثم سجد فسجدا فقلت يا عباس أمر عظيم أتعرف من هذا الشاب قال: محمد بن عبد الله بن عبد المطلب أتدري من هذا الغلام قال علي بن أبي طالب ابن أخي أتدري من المرأة قال هذه خديجة بنت خويلد إن ابن أخي حدثني أن ربه رب السموات والأرض أمره بهذا الذي هو عليه ولا والله ما ظهر على الأرض اليوم على هذا الدين غير هؤلاء فهذا تلخيص أمر ولادته وما تبعها.

الفصل الثاني: في نسبه من القريش

أما من جهة الأب فهو علي بن أبي طالب واسم أبي طالب عبد مناف بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي القرشي يجتمع هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم في جدهما هو عبد المطلب

ص 217

وكان عبد الله والد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو طالب والد علي أخوين لأب وأم كانت أمهما فاطمة بنت عمرو بن عابد المخزومي القرشي فهذا نسبه من جهة الأب أما من جهة الأم فأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف تجتمع هي وأبو طالب في هاشم ابن عبد مناف وأسلمت وهاجرت وكانت هي أم جعفر وعقيل وطالب أخو علي وكان هؤلاء إخوته لأبويه رضي الله عنهم.

الفصل الثالث: في اسمه ولقبه

أما اسمه فيسمى حيدره فسماه النبي عليا وأما لقبه فالمرتضى وأمير المؤمنين والوصي وأما كنيته فأبو الحسن وأبو تراب كناه بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان علي عليه السلام يحب كنيته بأبي تراب ويفرح إذا دعي بها وإيضاح سبب ذلك ما خرجه الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال إنه جاء رجل يوما فقال له إن فلانا أمير المدينة يذكر عليا عند المنبر قال فيقول ماذا قال يقول أبو تراب فضحك سهل وقال والله ما سماه به إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان له اسم أحب إليه منه فسأل الرجل سهلا عن ذلك، فقال إن رسول الله جاء بنته فاطمة عليها السلام فلم يجد عليا في البيت فقال أين ابن عمك فقالت كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقل عندي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لانسان انظر أين هو فقال يا رسول الله هو في المسجد راقد فجائه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رائه عن شقيه فأصابه تراب فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول قم يا أبا تراب فصارت أحب كناه إليه.

الفصل الرابع: في صفته

كان عليه السلام أدم شديد الأدمة ظاهرة السمرة عظيم العينين أقرب إلى القصر من الطول لم يجاوز حد الاعتدال في ذلك ذا بطنة كثير الشعر عريض اللحية أصلع أبيض الرأس واللحية لم يصفه أحد من العلماء بالخضبات غير سوادة ابن حنظلة فإنه قال رأيت عليا أصفر اللحية ولم ينقله غيره ويشبه أن يكون محمل

ص 218

كلامه إنه قد خضب مرة ثم تركه وقد انتشر بين المخبرين واشتهر لأعين المستبصرين وظهر في زبر الآثرين وصدر على ألسنة الآخرين إن من صفاته التي يختص بإضافة نسبها إليه ونعوته التي تقتص بإضافة لباسها عليه الأنزع البطين حتى صارت عليه علما للناظرين وقدرها الله عز وعلا من صفاته عليه السلام وهو خير القادرين وقد منحوا المحاضرة في إصداق الأسماع من لآليها المنظومة مما استخرجته أيدي القرايح من منايح أقسامها الموهوبة ومواهبها المقسومة ما لفت كل قلب إلى التتام غررها المجلوة واستجلا وجوهها المكثومة من نظم القائل في البحر الكامل شعر:

من كان قد عرفته مدية دهره * ومرت له أخلاق سم منقع

فليعتصم بعرى الدعاء ويبتهل * بإمامة الهادي البطين الأنزع

نزعت عن الآثام طرا نفسه * ورعا فمن كالأنزع المتورع

وحوى العلوم عن النبي وراثة * فهو البطين بكل علم مودع

وهو الوسيلة في النجاة إذ الورى * رجفت قلوبهم لهول المجمع

فهذا تلخيص ما ورد في صفته وزبدة ما قيل في حليته ومما يستفتح أبواب المسامع من واردات طلايع البدايع في معنى صفات البطين الأنزع ما هو ألذ عند السامع من حصول الغنى للبائس القانع ووصول الأمن إلى قلب الخائف الخاشع وهو أنه عليه السلام لما اشتمل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بتربيته إياه ومتابعته في هذا فكان بأوامره ونواهيه يروح ويغدي وبشعاره يتجلب ويرتدي وباستبصاره في اتباعه يأتم ويهتدي. وعلى الجملة عن المرء لا تسئل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي خصه الله عز وعلا من أنوار النبوة المنتشرة في الآفاق بنفس زكية مستنيرة الاشراق قابلها بصفاتها لانطباع صور مكارم الأخلاق مطهرة لضيائها من اقتراب كدر الكفرة وشقاق النفاق فنزعت لطهارتها عن ظلمات الشرك ونكبات الإفك فكان عليه السلام أول ذكر آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم معه بغير شرك ونزعت نفسه إلى

ص 219

تكسير الأصنام والتماثيل وتطهير المسجد الحرام من الأوثان والأباطيل وتغيير أساليب الشك والأضاليل حتى روى الإمام أحمد بن حنبل في مسنده بسنده يرفعه إليه عليه السلام أنه قال انطلقت أنا والنبي حتى أتينا الكعبة فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس فجلست وصعد على منكبي فذهبت لأنهض به فرأى بي ضعف الصبي فنزل وجلس لي نبي الله صلى الله عليه وسلم قال اصعد على منكبي فعصدت على منكبيه فنهض فلقد خيل فيه لي أني لو شئت لنلت أفق السماء حتى صعدت على البيت وعليه تمثال من صفر أو نحاس فجعلت أزاوله عن يمينه وعن شماله ومن بين يديه ومن خلفه حتى إذا استمكنت منه فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقذف به فقذفته فتكسر كما تتكسر القوارير ثم نزلت فانطلقت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نستبق حتى توارينا بالبيوت خشية أن يلقينا أحد من الناس ونزعت نفسه عن ارتكاب السيئات فاجتهد فى اجتنابها ونزعت إلى اجتناب الشهوات فجد في قطع أسبابها ونزعت إلى اكتساب الطاعات فسعى في اقترابها واقتناء ثوابها ونزعت إلى احتقاب الحسنات فارتدى بجلبابها وانتدى سوى محرابها فلهذا لما رجحت نفسه الزكية بكثرة ما نزعت عنه من المجتنب ونزعت إليه من المقترب اغتدى أحق بصفة الأنزعية وأخرى بها فاعتبار هذه الألفاظ المستتلاة للمعاني المستملاة والمستعلاة والمجاني المستجلاة فصارت له عليه السلام لفظة الأنزع من المدايح المستجناة والمثاني المستجلاة ولما اكتنفت العناية الإلهية وأحاطت الألطاف الربانية واحدقت الرأفة الملكوتية برسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلت قلبه مشكوة لأنوار النبوة والولاية وأنزل الله عليه الكتاب والحكمة وعلمه ما لم يكن يعلم وعلي يومئذ مشمول ببركات تربيته محصول له ثمرات حنوه عليه فشفقته لمع من تلك الأنوار بارقها وطلع من آفاق مشكاتها شارفها فاستنار قلب علي بتلك الأنوار وذكى بتلك الآثار وصفا من شوايب الأكدار واستعد لقبول ما يفيض عليه من أسرار العلوم وعلوم الأسرار ويجعل فيه من مقدار الحكم وحكم الأقدار

ص 220

فتحلى بيمن الإيمان وتزين بعوارف المعرفة واتصف بمحكم الحكمة وأدرك أنواع العلم فصارت الحكم من ألفاظه ملتقطة وشوارد العلوم الظاهرة والباطنة وبه آنسه وعيونها من قليب قلبه منفجرة ولم يزل بملازمة رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيده الله تعالى علما حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فما نقله الترمذي في صحيحه بسنده عنه: أنا مدينة العلم وعلي بابها. فكان من غزارة علمه يذلل جوامع القضايا ويوضح مشكلات الوقايع ويسهل مستصعب الأحكام فكل علم كان له فيه أثر وكل حكمة كان له عليها استظهار وسيأتي تفصيل هذا التأصيل في الفصل السادس المعقود لبيان علمه وفضله إن شاء الله وحيث اتضح ما آتاه الله تعالى من أنواع العلم وأقسام الحكمة فباعتبار ذلك وصف بلفظة البطين فإنها لفظة يوصف من هو عظيم البطن متصف بامتلائه ولما كان قد امتلأ علما وحكمة وتضلع من أنواع العلوم فأقسام الحكمة ما صار غذاء له مملوا به وصف باعتبار ذلك بكونه بطينا من العلم والحكمة كمن تضلع من الأغذية الجسمانية ما عظم بطنه فصار باعتباره بطينا فأطلقت هذه اللفظة نظرا إلى ذلك هذا هو المعنى الذي أهدته هداة الرواة إلى ألسنة الأقلام وورائه معنى اطلعت زهرة بروح هداية الالهام وأينعت زهره مروج دراية الأفهام يطرب بسامعه ويعجب من يعيه ولا غرو أن اطرب وأعجب بليغ المعاني وفصيح الكلام وتقريب وتهذيب تحريره إن لفظة بطين هي فعيل ولفظة فعيل معدولة فتارة يكون معدولة عن فاعل كشهيد وعليم عن شاهد وعالم وتارة عن مفعول كقتيل وجريح عن مقتول ومجروح وتارة عن مفاعل كخصيم ونديم عن مخاصم ومنادم وتارة عن مفعل كبديع وعجيب عن مبدع ومعجب وإذا كان محال ما يكون معدولة عنه وأقسامه مفعل فتكون لفظة بطين هيهنا معدولة عن مبطن وقد انتشرت الأخبار في الأقطار وظهرت الآثار في الأمصار أن عليا كان قد حصل على علم كثير ومعرفة وافرة ودراية وافية وأظهر بعضا لشمول معرفته وعموم منفعته وأبطن بعضا إلى حين

ص 221

حضور حملته وكان مما أظهره في بعض القضايا ما حقب به دما قد انعقد بسبب اراقته وما أنقذ به خلقا جما من الحيرة لإشكال واقعته حتى حصل له عليه السلام الاعتراف بعلمه ومعرفته فإنه احضر إلى عمر بن الخطاب وهو حينئذ أمير المؤمنين امرأة زانية وهي حامل فأمر برجمها وإقامة حد الزنا عليها فقال له علي عليه السلام أنه لا سبيل لك على ما في بطنها فردها عمر وقال بمحضر من الصحابة لولا علي لهلك عمر. ولما ولي علي عليه السلام إمرة المؤمنين رفعت إليه واقعة حارت عقول علماء وقتها في حكمها وحارت أفهامهم عن إدراكها وفهمها ففوقت يد معرفته لكشف إشكالها صائب سهمها فانجلت بنور علمه وتأييد حكمه ظلمة أشباهها وغمة غمها فإنه تزوج رجل بامرأة لها فرج النساء وفرج الرجال وهي التي تسميها العلماء الخنثى وكان للرجل جارية مملوكة له فجعل تلك الجارية صداقا للمرأة التي تزوجها فدخل بها ووطئها فحبلت منه وولدت له ولدا وإنها وطئت بفرج الرجال الجارية التي أخذتها صداقا فحبلت الجارية من وطئها فولدت ولدا فصارت المرأة التي هي خنثى أما للولد الذي ولدته من زوجها وأنا للولد الذي ولدته جاريتها من وطيها فاشتهرت قضيتها ورفعت إلى أمير المؤمنين فحضر والديه وشرحت له حقيقة القضية وإن المرأة التي خنثى تحيض وتوطأ وتطأ وقد حبلت وأحبلت وصار الناس متحيري الأفهام في ذلك وفي إصابة صوابها مضطري الأفكار في كيفية جوابها منتظرين من علوم أمير المؤمنين ما يعلمون به حكم فصل خطابها فاستدعي عليه السلام غلاميه برقا وقنبرا وأمرهما أن يعتبرا أضلاع الخنثى اعتبارا لا يعترضه شك ولا يبقى معه ريب ويعداها من الجانبين فإن كانت الأضلاع متساوية في الجانب الأيمن والأيسر فهي إمرأة وإن كانت متفاوتة والأيسر أنقص من الأيمن بضلع فهو رجل فادخل الخنثى كما أمر أمير المؤمنين عليه السلام فلما أماطا عن أضلاعه لباسها وجرداها وأحاط علما باعتبارها وعداها وجدا أضلاع الجانب الأيسر تنقص عن أضلاع

ص 222

الجانب الأيمن بضلع واحد فشهدا بذلك عنده على الصورة التي شاهداها فحكم عليه السلام بكون الخنثى رجلا وفرق بينهما وقضى ببطلان ذلك العقد وهذا القضاء الذي قضاه والحكم الذي أمضاه والتأييد الذي أيده تعالى به فهذه جناه ويطرب معناه إذا كشف خفي سره ورفع عن وجهه مسبل سره وأنا الآن أكشفه وأوضحه وأصفه وأشرحه. فأقول لما خلق الله تعالى آدم عليه السلام أراد لإحسانه ولخفي حكمه فيه أن يجعل له زوجا من جنسه يسكن كل واحد منهما إلى صاحبه فلما نام آدم خلق الله تعالى من ضلعه الأيسر حوا فانتبه فوجدها جالسة عنده كأحسن من يكون من الصور فلذلك صار الرجل ناقصا من جانبه الأيسر بضلع واحد والمرأة كاملة من الجانبين فالأضلاع الكاملة أربعة وعشرون ضلعا في كل جانب اثنى عشر فالرجل لذلك نقص منها ضلع واحد وأضلاعه من الجانب الأيمن اثنى عشر ومن الجانب الأيسر أحد عشر وباعتبار هذه الحالة قيل للمرأة إنها ضلع أعوج وقد صرح الحديث النبوي صلوات الله على مصدره فيما أسنده الثقات والمسانيد الصحاح أنه قال إن المرأة خلقت من ضلع عوج ولم يستقم على طريقه فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها يصح وإن ذهبت تقيمها كسرتها ولقد أحسن بعض الأدباء فنظم في ذلك فقال:

هي الضلع العوجاء لست تقيمها * ألا أن تقويم الضلوع انكسارها

أتجمع ضعفا واقتدارا على الفتى * أليس عجيبا ضعفها واقتدارها

فانظر إلى كيفية استخراج أمير المؤمنين عليه السلام بنور علمه وثابت فهمه وكمال إدراكه وتأييد معرفته وصائب فكرته ما أوضح به سنن السداد وسبيل الرشاد وأظهر ترجيح جانب الذكورة على الأنوثة من مادة الايجاب ما جعله الله تعالى للأضلاع من صفتي النقص والكمال في الأعداد وكم مثل هذه من قضايا وارية الزناد جارية الجواد سارية العهاد لو رام القلم حصر تعدادها لحسر لسانه عن التعدد كل منها يشهد له عليه السلام عند الاستشهاد بغزارة علمه المستفاد من الطارف والتلاد

ص 223

ويسجل له بذلك بين العباد يوم قيام الأشهاد وسيأتي إن شاء الله لهذه النبذة في الفصل السابع زيادة تمام وتتمة ازدياد فهذا بعض آثاره ما أظهره من علمه وأبداه من معرفته وأما ما أبطنه منه فلم يبده لفظه مفصلا لتنقله الألسنة ولا نقله لسانه عن قلبه لتستودعه الأسماع بل صرح بوجوده وأعرب عن تحققه فقال في بعض كلامه المروي عنه عليه السلام أن بين جنبي علما جما لا أجد له حملة وقال في جملة كلمات مبسوطة بل اندمجت علي مكنون علم لو بحت لاضطربتم اضطراب الارشية في الطوى البعيد فعلم بهذا التقرير أنه عليه السلام قد أبطن علما جما فكان باعتباره بطينا فهذا ما جرى به القدر في صفته قلمه وما وصل إليه مكان قدرية فرقه. فمن بعض أقواله عليه السلام في القدر والذي لم يجده من يعينه العلم المكنون الذي أباحته تقتضي باضطراب سامعيه ليس علما قد اكتسبه بقرائة ودراسة ولا بمباحثة وتكرار بل هو علم لدني قذف الله تعالى نوره في قلبه من مشكوة تقوية وألهمه إياه لما تحلى زهده في متاع دنيا وقد صرح كتاب الله تعالى وسنة رسوله بذلك فقال عز من قائل واتقوا الله ويعلمكم الله وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زهد في الدنيا علمه الله بلا تعلم وهداه بلا هداية وجعله بصيرا وهذا لفظ الحديث فما رواه الحافظ أبو نعيم بسنده في حليته وقد كان علي عليه السلام قد أحكم هذين الدليلين وسلك السبيلين. أما حصول صفة التقوى له فقد أثبتها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبلغ الطرق وأعلاها فإنه قال له يوما مرحبا بسيد المسلمين وإمام المتقين هكذا رواه الحافظ بسنده وإذا وصفه بكونه إمام أهل التقوى كان مقدما عليهم بزيادة تقواه فالتقوى ثابتة له بصفة الزيادة على غيره من المتقين. وأما زهده في الدنيا فقد ذكرنا في الفصل المعقود لذلك ما فيه غنية وكفاية ولا حاجة إلى إعادته هيهنا ويلزم من حصول صفة التقوى وصفة الزهد له أن يترتب عليها مقتضاهما من حصول العلم المفاض على قلبه من غير دراسة بل بتعليم الله

ص 224

تعالى إياه واعلم أن باعتبار كون ذلك صفة ذاتية لقلبه جعلنا هذا المقدار مساقا في فضل صفته فذكرناه فيه وأوردناه خاتمة له ولم نجعله في فصل علمه لهذا المعنى. ومنهم العلامة الشيخ يوسف سبط ابن الجوزي في (تذكرة خواص الأمة في معرفة الأئمة) (ص 3 طهران) قال: واختلف العلماء في تسميته بعلي عليه السلام فقال مجاهد هو اسم سمته به أمه عند ولادته وقال عطاء إنما سمته أمه حيدرة بدليل قوله يوم خيبر أنا الذي سمتني أمي حيدرة فلما علا على كتفي الرسول صلى الله عليه وسلم وكسر الأصنام سمي عليا من العلو والرفعة والشرف وقال ابن عباس كانت أمه إذا دخلت على هبل لتسجد له وهي حامل به علا على بطنها فيتقوس فيمنعها من السجود فسمي عليا لهذا وقول مجاهد أظهر لأنه ثبت المستفيض به ولا يمنعها من تسميتها عليا أن تسميه حيدرة لأن حيدرة اسم من أسامي الأسد لغلظ عنقه وذراعيه وكذلك كان أمير المؤمنين عليه السلام فيكون علي اسمه الأصلي وحيدرة وصفا له وقد سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا القرنين. أخبرنا عبد الله بن أبي المجد الحربي قراءة عليه ونحن نسمع ببغداد سنة ست وتسعين وخمسمائة قال أنبأ هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني وكنيته أبو القاسم ويعرف بابن الحصين قال أبو علي الحسن بن علي بن المذهب التميمي قال ابنا أبو بكر بن أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي حدثنا أبو عبد الرحمن ثنا عبد الله بن الإمام أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني قال حدثني أبي حدثنا ابن نمير ثنا عبد الملك الكندي ثنا أبو حازم المدني وقال أحمد بن حنبل ثنا عثمان بن مسلم ثنا حماد بن سلمة ثنا محمد بن إسحاق ثنا محمد بن إبراهيم التيمي [التميمي] عن سلمة بن أبي الطفيل عن علي عليه السلام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لك في الجنة وإنك ذو قرنيها. وهذا الحديث أخرجه أحمد بن حنبل في المسند وأخرجه أحمد أيضا في كتاب

ص 225

جمع فيه فضائل أمير المؤمنين. رواه النسائي مسندا ويسمى البطين لأنه كان بطنيا من العلم وكان يقول لو ثنيت لي وسادة لذكرت في تفسير بسم الله الرحمن الرحيم حمل بعير. ويسمى الأنزع لأنه كان أنزع من الشرك وقيل لأنه كان أجلح ويسمى أسد الله وأسد رسوله ويسمى يعسوب المؤمنين لأن اليعسوب أمير النحل وهو أحزمهم يقف على باب الكوارة عند رجوع النحل من المرعى، كلما مرت به نحلة شم فاها فإن وجد منها رائحة منكرة علم أنها رعت حشيشة خبيثة فيقطعها نصفين ويلقيها على باب الكوارة ليتأدب بها غيرها وكذا علي عليه السلام يقف على باب الجنة فيشم أفواه الناس فمن وجد منه رائحة بغضه ألقاه في النار. قال في الصحاح اليعسوب ملك النحل ومنه قيل للسيد يعسوب والمؤمنون يتشبهون بالنحل لأن النحل تأكل طيبا وتضع طيبا وعلي عليه السلام أمير المؤمنين. ويسمى الولي والوصي والتقي وقاتل الناكثين والقاسطين وشبيه هارون وصاحب اللوى وخاصف النعل وكاشف الكرب وأبو الريحانتين وبيضة البلد في ألقاب كثيرة. فصل: فأما كنيته فأبو الحسن والحسين وأبو القصم وأبو تراب وأبو محمد والنبي صلى الله عليه وسلم كناه أبا تراب والحديث في المسند والصحيحين قال أحمد وقد تقدم إسناد المسند حدثنا ابن نمير عن عبد الملك الكندي عن أبي حازم قال جاء رجل إلى سهل بن سعد فقال هذا فلان يذكر عليا ابن أبي طالب عند المنبر فقال ما يقول قال يقول أبو تراب ويلعن أبا تراب فغضب سهل وقال والله ما كناه به إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كان اسم أحب إليه منه دخل علي عليه السلام على فاطمة رضي الله عنها فأغضبته في شيء فخرج إلى المسجد فاضطجع على التراب وفي لفظ فسقط ردائه على التراب وخلص التراب على ظهره فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح التراب عن ظهره وقال اجلس أبا تراب متفق عليه. وقال الزهري والذي سب عليا في تلك الحالة مروان بن الحكم لأنه كان أميرا في

ص 226

المدينة من قبل معاوية. وقال الحاكم أبو عبد الله النيسابوري كان بنوا أمية تنقص عليا عليه السلام بهذا الاسم الذي سماه به رسول الله صلى الله عليه وسلم ويلعنوه على المنبر بعد الخطبة مدة ولايتهم وكانوا يستهزءون به وإنما استهزءوا بالذي سماه به وقد قال الله تعالى: (قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزءون لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم) الآية. والذي ذكره الحاكم صحيح فإنهم ما كانوا يتحاشون من ذلك بدليل ما روى مسلم عن سعد بن أبي وقاص إنه دخل على معاوية بن أبي سفيان فقال له ما منعك أن تسب أبا تراب الحديث وسنذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى. واستمر الحال إلى زمن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فجعل مكان ذلك السب أن الله يأمر بالعدل والاحسان فلما ولي بعده يزيد بن عبد الملك لم يتعرض لسبه فقيل له في ذلك فقال ما لنا ولهذا واستمر الحال. وقيل إن الوليد بن يزيد أعاد السب وقيل إن بعض بني أمية كان يقول اللهم صل على معاوية وحده لقد لقينا من علي جهده وروي عنه عليه السلام إنه كان يقول أنا أبو الحسنين القرم والقرم السيد المكرم وأصله البعير الذي لا يحمل عليه ولا يذلل لكرامته.

فصل: في ذكر والده عليه السلام

قد ذكرنا نسبه وأنه ابن عبد المطلب ولما احتضر عبد المطلب أوصى إلى أبي طالب وعهد إليه في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد أشار محمد بن سعد في كتاب الطبقات عن جماعة من العلماء منهم ابن عباس ومجاهد وعطاء والزهري وغيرهم فذكر طرفا من ذلك. فقالوا: توفي عبد المطلب في السنة الثانية ولرسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان سنين وكانت قد أتت على عبد المطلب مائة وعشرون سنة ودفن بالجحون. قالت أم أيمن أنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت سريره وهو

ص 227

يبكي. وقيل كان لعبد المطلب يوم مات ثمانون سنة والأول أظهر. وروى مجاهد عن ابن عباس قال قوم من القافه من بني مذحج لعبد المطلب لما شاهدوا قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا البطحأ احتفظ بهذا فانا لم نر قدما أشبه بالقدم الذي في المقام من قدميه فقال عبد المطلب لأبي طالب اسمع ما يقول هؤلاء فإن لابني هذا ملكا ثم إن أبا طالب قام بنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفالته أحسن القيام فكان معه لا يفارقه وكان يحبه حبا شديدا ويفديه على أولاده ولا ينام إلا وهو إلى جانبه وكان يقول له إنك لمبارك النقيبة ميمون الطلعة وذكر ابن سعد في الطبقات قال خرج أبو طالب إلى ذي المجاز ومعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطش فقال يا بن أخي عطشت ولا ماء فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فضرب بعقبه الأرض فنبع الماء فشرب. وذكر أهل السير إن أبا طالب لما قام بنصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم وذب عنه أحسن الذب اجتمعت إليه قريش وقالوا إن ابن أخيك سب آلهتنا وسفه أحلامنا وضلل آباءنا فإما أن تسلمه إلينا أو يقع الحرب بيننا. فقال بفيكم الحجر والله لا أسلمه إليكم أبدا فقالوا هذا عمارة بن الوليد بن المغيرة أجمل فتى في قريش وأحسنه فخذه واتخذه ولدا عوضا وسلمه إلينا نقتله ورجل برجل فقال أبو طالب قبح الله هذه الوجوه ويحكم والله بئس ما قلتم تعطوني ابنكم اغذوه لكم وأعطيكم ابني تقتلونه بئس والله الرجل أنا. ثم قال افرقوا بين النوق وفصلائها فإن حنت ناقة إلى غير فصيلها دفعته إليكم. ثم قال: والله لن يصلوا إليك بجمعهم * حتى أوسد في التراب رهينا

فاصدع بأمرك ما عليك غضاضة * وأبشر وقر بذاك منك عيونا

وعرضت دينا لا محالة إنه * من خير أديان البرية دينا

لولا الملامة أو حذار مسبة * لوجدتني سمحا بذاك ضينا

ثم قال أبو طالب يذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من سنة ثمان من

ص 228

مولده إلى السنة العاشرة من النبوة. وذلك اثنان وأربعون سنة. وقال الواقدي أصاب أبا طالب سهم عام الفجار فكان يجمع منه. وأخبرنا جدي أبو الفرج رحمه الله قال أنبأ محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري قال أنبأ أبو محمد الحسن بن علي الجوهري أنبأ أبو عمرو محمد بن العباس بن حيويه أنبأ أبو الحسن أحمد بن معروف أنبأ الحسن بن الفهم أنبأ محمد بن سعد أنبأ محمد بن عمرو بن واقد الواقدي قال حدثني معمر بن راشد عن محد بن شهاب الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال لما مرض أبو طالب مرض الموت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له يا عم قل كلمة أشهد لك بها غدا عند الله فقال له يا بن أخي لولا رهبة أن تقول قريش دهورني الجزع فتكون سبة عليك على بني أبيك لأقررت بها عينك لما رأى من نصحك لي وبه قال ابن سعد حدثنا الواقدي قال دعا أبو طالب قريشا عند موته فقال لن تزالوا بخير ما سمعتم من محمد ابن أخي وما اتبعتم فاتبعوه وأعينوه فأرشدكم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أتأمرهم بها وتدعها بنفسك يا عم فقال يا بن أخي أما إنك لو سألتني الكلمة وأنا صحيح لتابعتك على ما تقول ولكني أكره أن يقال جزع عند الموت ثم مات وقال ابن سعد بالإسناد المتقدم حدثني الواقدي قال قال علي عليه السلام لما توفي أبو طالب أخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى بكاء شديدا ثم قال اذهب فغسله وكفنه وواره غفر الله له ورحمه فقال له العباس يا رسول الله إنك لترجو له فقال أي والله لأرجو له وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر له أياما لا يخرج من بيته وقال الواقدي قال ابن عباس عارض رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة أبي طالب وقال وصلتك رحم وجزاك الله يا عم خيرا وذكر ابن سعد أيضا عن هشام بن عروة قال ما زالوا كافين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات أبو طالب يعني قريشا وقال السدي مات أبو طالب وهو ابن بضع وثمانين سنة ودفن بالجحون عند عبد المطلب وقال علي عليه السلام يرثيه:

ص 229

أبا طالب عصمة المستجير * وغيث المحول ونور الظلم

لقد هد فقدك أهل الحفاظ * فصلى عليك ولي النعم

ولقاك ربك رضوانه * فقد كنت للطهر من خير عم

وقال أيضا: أرقت لطير آخر الليل غردا * يذكرني شجوا عظيما مجددا

أبا طالب مأوى الصعاليك ذا الندا * جوادا إذا ما أصدر الأمر أوردا

فأمست قريش يفرحون بموته * ولست أرى حيا يكون مخلدا

أرادوا أمورا زينتها حلومهم * سنوردهم يوما من الغي موردا

يرجون تكذيب النبي وقتله * وأن يفترى قدما عليه ويجحدا

كذبتم وبيت الله حتى نذيقكم * صدور العوالي والحسام المهندا

فإما تبيدونا وإما نبيدكم * وإما تروا سلم العشيرة أرشدا

وإلا فإن الحي دون محمد * بني هاشم خير البرية محتد (1)

(هامش)

(1) قال الشريف أحمد بن عبد الله الإيجي الشيرازي الحسيني الشافعي في (توضيح الدلائل) ق 123 نسخة مكتبة الملي بفارس: إن أبا طالب ما مات كافرا على الصحيح والخلاف ضعيف منشأه التعصب الصريح لأن بعض أقواله وأفعاله على إيمانه دليل صريح. وقد ذكر الصالحاني عن الأئمة الأعلام ما يدل على أن أبا طالب مات على الإسلام كما نقل عن الإمام جعفر الصادق. والله سبحانه أعلم بالحقايق إن ميله إلى إسلامه يؤل حتى قال: كذبوا كيف كان كافرا وهو الذي يقول: ألم تعلموا أنا وجدنا محمدا * نبيا كموسى خط في أول الكتب وكما نقل من عبد الله بن عباس الذي لا ريب في فضله أنه قيل له: مات أبو طالب كافرا؟ فقال: أبعد قوله: كذبتم وبيت الله نسلم أحمد * أولما نقاتل دونه ونناضل ونتركه حتى نصرع حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل يعارض نقل الصالحاني من الأحاديث ما روي عن الأئمة الكبار وجعلوها في معرض القبول وصدد الاعتبار. روى الإمام أبو عبد الله محمد القرطبي عن الأئمة إحياء أبوي النبي صلى الله عليه وآله وبارك وسلم وإيمانهما بعد الممات. وأجاب عما ينافيه من الآيات والأخبار المرويات ثم قال: وقد سمعت إن الله سبحانه أحيى له عمه أبا طالب وآمن به. والله سبحانه أعلم وقال نقلا عن الحافظ (*)

ص 230

فصل: في ذكر والدته

وهي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف أسلمت وهاجرت إلى المدينة وتوفيت بها سنة أربع من الهجرة وشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازتها وصلى عليها ودعى لها ودفع لها قميصه فألبسها إياها عند تكفينها. قال الزهري وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزورها ويقيل عندها في بيتها وكانت صالحة قال ابن عباس وفيها نزلت (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك) الآية قال وهي أول امرأة هاجرت من مكة إلى المدينة ماشية حافية وهي أول امرأة بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد خديجة.

(هامش)

أبي الخطاب بروحية فيكون هذا مما فضله الله تعالى وأكرمه به وليس إحياؤهما وإيمانهما ممتنعا عقلا وشرعا وقد ورد في الكتاب إحياء قتيل بني إسرائيل وإخباره بقاتله وكان عيسى عليه السلام يحي الموتى وكذلك نبينا صلى الله عليه وآله وبارك وسلم أحيى الله تعالى على يديه جماعة من الموتى فإذا ثبت هذا فما يمنع إيمانهما بعد إحيائهما زيادة في كرامته وفضيلته مع ما ورد في الخبر في ذلك وأجاب عن قول من قال: من مات كافرا لم ينفعه الإيمان بعد الرجعة بل لو آمن عند المعاينة لم ينفع فكيف بعد الإعادة ورده بما روي في الخبر أن الله تعالى رد الشمس على نبيه صلى الله عليه وآله وبارك وسلم بعد مغيبها فلو لم يكن رجوع الشمس نافعا وإنه لا يتحدد الوقت لما ردها عليه فكذلك إحياء أبويه صلى الله عليه وآله وبارك وسلم يكون نافعا لإيمانهما وتصديقهما بالنبي صلى الله عليه وآله وبارك وسلم وقد قبل الله إيمان قوم يونس وتوبتهم بعد تلبسهم بالعذاب فيما ذكر في بعض الأقوال وهو ظاهر القرآن وأما الجواب عن الآية فيكون ذلك قبل إيمانهما وكونهما في العذاب والله سبحانه بغيبه أعلم وأحكم. والعلامة الشيخ عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي في (شرح النهج) ج 15 ص 278 ط القاهرة قال عند ذكر الإمامين السبطين الحسن والحسين عليهما السلام: وحدهما أبو طالب بن عبد المطلب أشد الناس عارضة وشكيمة، وأجودهم رأيا، وأشهمهم نفسا، وأمنعهم لما وراء ظهره، منع النبي صلى الله عليه وآله من جميع قريش، ثم بني هاشم وبني عبد المطلب، ثم منع بني إخوانه من بني أخواته من بني مخزوم الذين أسلموا، وهو أحد الذين سادوا مع الاقلال، وهو مع هذا شاعر خطيب. ومن يطيق أن يفاخر بني أبي طالب، وأمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم، وهي أول هاشمية ولدت لهاشمي، وهي التي ربى رسول الله في حجرها، وكان يدعوها أمي، ونزل في قبرها، وكان يوجب حقها كما يوجب حق الأم! من يستطيع أن يسامى رجالا ولدهم هاشم مرتين من قبل أبيهم ومن قبل أمهم قالوا: ومن العجائب أنها ولدت أربعة كل منهم أسن من الآخر بعش سنين: طالب، وعقيل، وجعفر، وعلي. (*)

ص 231

قال الزهري سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يحشر الناس يوم القيامة عراة فقالت واسوأتاه فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فإني أسأل الله أن يبعثك كاسية قال وسمعته يقول ويذكر عذاب القبر فقال واضعفاه فقال إني أسأل الله أن يكفيك ذلك وذكر أحمد بن الحسين البيهقي بإسناده إلى أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل في حفرتها وقال أهل السير هي أول هاشمية ولدت خليفة هاشميا ولا يعرف خليفة أبواه هاشميان سوى أمير المؤمنين عليه السلام ومحمد بن زبيدة ولد هارون الرشيد الملقب بالأمين وكذا لم يل الخلافة من اسمه علي سوى أمير المؤمنين وعلي بن المعتضد ويلقب بالمكتفي. وروي إن فاطمة بنت أسد كانت تطوف بالبيت وهي حامل بعلي عليه السلام فضربها الطلق ففتح لها باب الكعبة فدخلت فوضعته فيها وكذا حكيم بن حزام ولدته أمه في الكعبة قلت وقد أخرج لها أبو نعيم الحافظ حديثا طويلا في فضلها إلا أنهم قالوا في إسناده روح بن صلاح ضعفه ابن علي فلذلك لم نذكره.

فصل: في ذكر أولادها

وجميعهم من أبي طالب وهم ستة أربع ذكور وابنتان فالذكور طالب وعقيل وجعفر وعلي وبين كل واحد وبين الآخر عشر سنين فطالب أكبر ولد أبي طالب وبه كان يكنى وبين طالب وعقيل عشر سنين وبين عقيل وجعفر عشر سنين وبين جعفر وعلي عشر سنين فعلي عليه السلام أصغر ولده وطالب أكبرهم وكنيته أبو زيد وكان عالما بأنساب قريش أخرجه المشركون يوم بدر لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم مكرها فقال لهم: أما يغزون طالب * في مقنب من هذه المقانب وليكن المغلوب غير غالب * وليكن المسلوب غير السالب فلما انهزم المشركون يوم بدر لم يوجد في القتلى ولا في الأسرى ولا رجع إلى مكة ولا يدرى ما حاله وليس له عقيب. وأما عقيل فقال ابن سعد إنه أخرج يوم بدر مع من أخرج مكرها وأسر يومئذ ولم

ص 232

يكن له مال ففداه عمه العباس وقال ابن سعد نبأ علي بن عيسى النوفلي نبأ أبان بن عثمان عن معاوية بن عمار قال سمعت أبا عبد الله جعفر بن محمد يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر انظروا من ههنا من أهل بيتي من بني هاشم فجاء علي عليه السلام فنظر إلى العباس ونوفل وعقيل ثم رجع فناداه عقيل يا بن أم والله لقد رأيتنا فجاء علي إلى الرسول صلى الله عليه وسلم فأخبره فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقف على رأس عقيل فقال أبا زيد قتل أبو جهل فقال إذا لا تنازعوا في تهامة فإن كنت اثخنت القوم وإلا فاركب أكتافهم وفي رواية الآن صفا لك الوادي ثم رجع عقيل إلى مكة فأقام بها إلى سنة ثمان من الهجرة ثم خرج مهاجرا إلى المدينة فشهد غزاة مؤتة وأطعمه رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر مائة وأربعين وسقا كل سنة. قال الواقدي أصاب عقيل يوم مؤتة خاتما عليه تماثيل فنفله إياه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان في يده وقال الواقدي وعاش إلى سنة خمسين من الهجرة وتوفي فيها بعد ما ذهب بصره عليه السلام. وأخبرنا جدي أبو الفرج محمد بن علي الجوزي وشيخنا العلامة زيد بن الحسن ابن زيد الكندي قال جدي أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري سماعا وقال زيد بن الحسن الكندي أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري إجازة قال أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري أخبرنا أبو عمرو محمد بن العباس بن حيويه أخبرنا أبو الحسن أحمد بن معروف وأخبرنا الحسن بن فهم حدثنا محمد بن سعد كاتب الواقدي أنبأ الفضل بن ركين نبأ عيسى بن عبد الرحمن السلمي عن أبي إسحاق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعقيل يا أبا يزيد إني أحبك حبين حبا لقرابتك وحبا لما كنت أعلم من حب عمي إياك وكان له عقب بالمدينة وله بها دار ومن أولاده يزيد وبه كان يكنى وسعيد وأمهما أم سعيد بنت عمرو من بني صعصعة وجعفر الأكبر وأبو سعيد وهو اسمه وكان أحول وأمهما أم البنين كلابية

ص 233

ومسلم وهو الذي بعثه الحسين عليه السلام إلى الكوفة فقتله ابن زياد وعبد الله وعبد الرحمن وعلي وجعفر وحمزة ومحمد ورملة وأم هاني وفاطمة وأم القسم وزينب وأم النعمان لأمهات أولاد شتى وكان عقيل قد باع رباع بني هاشم بمكة وهو الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل ترك لنا عقيل من منزل وما البنتان فأم هاني قال ابن سعد اسمها جعدة وقيل فاختة وقيل هند وهي التي صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الضحى في بيتها يوم الفتح ثمان ركعات وقد أخرجه البخاري ومسلم في الصحيحين عنها قالت ذهبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح فوجدته يغتسل وفاطمة تستره بثوب فسلمت عليه فقال من هذه قلت أنا أم هاني بنت أبي طالب فقال مرحبا فلما فرغ من غسله قام فصلى ثمان ركعات ملتحفا في ثوب واحد فلما انصرفت قلت يا رسول الله زعم ابن أمي علي أنه قاتل رجلا قد أجرته فلان أي هبيرة زوجها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجرنا من أجرت قالت وذلك منحي وفي بعض الروايات الصحيحة إن ذلك كان في بيتها قال الزهري الذي أجرته زوجها أبو هبيرة بن عمرو بن عابد المخزومي وتوفي بنجران مشركا وقيل غيره وأما أم هاني فهاجرت إلى المدينة ولما أفضت الخلافة إلى علي عليه السلام استعمل فيها جعدة بن هبيرة والابنة الأخرى اسمه جمانة تزوجها أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب وهاجرت إلى المدينة وتوفيت بها في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأما سيرة جعفر بن أبي طالب فسنذكرها فيما بعد إن شاء الله تعالى وذكر ابن سعد لأبي طالب ابنة أخرى وقال اسمها وريطة وقيل أسماء وأم الجميع فاطمة بنت أسد وذكر أيضا لأبي طالب ابنا آخر وقال اسمه طليق واسم أمه عله [وعلة] والله أعلم بالصواب.

الباب الثاني في ذكر فضائله عليه السلام

وهي أشهر من الشمس والقمر وأكثر من الحصى والمدر وقد اخترت منها ما ثبت واشتهر وهي قسمان:

ص 234

قسم مستنبط من الكتاب، والثاني من السنة المطهرة التي لا شك فيها ولا ارتياب. وقد روى مجاهد قال سأل رجل عن ابن عباس فقال ما أكثر فضائل علي بن أبي طالب وإني لأظنها ثلاثة آلاف فقال له ابن عباس هي إلى الثلاثين ألفا أقرب من ثلاثة آلاف ثم قال ابن عباس لو أن الشجر أقلام، والبحور مداد والإنس والجن كتاب وحساب ما أحصوا فضائل أمير المؤمنين علي عليه السلام. وروى عكرمة عن ابن عباس قال: ما أنزل الله في القرآن آية إلا وعلي رأسها وأميرها. ثم ذكر بعض الآيات الكريمة التي نزلت في شأنه عليه السلام وكذلك من الأخبار النبوية الشريفة أوردنا بعضها في المجلدات السابقة. ومنهم الأستاذ محمد سعد زغلول في (فهارس المستدرك - للحاكم) (ص 691 ط بيروت) قال: فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنهما. 3 / 108. ذكر بعض فضائل علي رضي الله عنه. 3 / 109. وأشار أيضا إلى إسلامه عليه السلام. وقال: نبئ النبي صلى الله عليه وآله يوم الاثنين وأسلم علي يوم الثلاثاء. وأشار إلى نداءه عليه السلام في موسم الحج ببراءة. وأشار أيضا إلى الحديث: (من كنت مولاه فعلي مولاه). وأشار أيضا إلى الحديث: (أنا مدينة العلم وعلي بابها). وأشار إلى برائة أمير المؤمنين من دم عثمان. وأشار إلى الحديث: (سدوا الأبواب إلا باب علي). وأشار إلى الحديث: من سب عليا فقد سبني. وأشار إلى الحديث: من أطاع عليا فقد أطاعني. وأشار إلى الحديث يا علي أنت سيد في الدنيا وسيد في الآخرة. وأشار إلى مبارزة علي عليه السلام عمرو بن عبد ود.

ص 235

وأشار إلى قتل مرحب على يد علي عليه السلام. وفتح خيبر على يده عليه السلام. وأشار إلى الحديث: أنت مني وأنا منك. وأشار إلى أن لعلي عليه السلام أربع خصال ليست لأحد. وأشار إلى إخبار النبي صلى الله عليه وآله بشهادة علي عليه السلام. وأشار إلى أن لم يرفع حجر من بيت المقدس إلا وجد تحته دم [عبيط] عند شهادة علي عليه السلام. ومنهم عدة من الفضلاء في (فهرس أحاديث وآثار المستدرك على الصحيحين) للحاكم النيسابوري (القسم 2 ص 16 ط عالم الكتب بيروت) قالوا: ما رفع حجر بإيلياء ليلة قتل علي إلا... معرفة الصحابة / علي 3 / 144. ومنها

كلماته المنظومة

رواها جماعة: فمنهم الحافظ أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد المشتهر بابن أبي الدنيا البغدادي المتوفى 281 ه في (الصمت وآداب اللسان) (ص 451 ط 1 دار الغرب الإسلامي بيروت) قال: حدثنا يوسف بن موسى، حدثنا جرير، عن حمزة الزيات، قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لا تفش سرك إلا إليك * فإن لكل نصيح نصيحا فإني رأيت غواة الرجا * ل لا يتركون أديما صحيحا

ص 236

ومنها

كلامه عليه السلام

رواه جماعة: فمنهم العلامة عز الدين عبد الحميد بن أبي الحديد المعتزلي في (شرح النهج) (ج 4 ص 108 ط القاهرة) قال: وروى جابر الجعفي عن محمد بن علي عليه السلام، قال: قال علي عليه السلام: ما رأيت منذ بعث الله محدا صلى الله عليه وآله رخاء، لقد أخافتني قريش صغيرا، وانصبتني كبيرا، حتى قبض الله رسوله، فكانت الطامة الكبرى، والله المستعان على ما تصفون. وقال أيضا في ص 109: وروى زرارة بن أعين عن أبيه، عن أبي جعفر محمد بن علي عليه السلام، قال: كان علي عليه السلام إذا صلى الفجر لم يزل معقبا إلى أن تطلع الشمس، فإذا طلعت اجتمع إليه الفقراء والمساكين وغيرهم من الناس، فيعلمهم الفقه والقرآن، وكان له وقت يقوم فيه من مجلسه ذلك، فقام يوما فمر برجل، فرماه بكلمة هجر - قال: لم يسمه محمد بن علي عليه السلام - فرجع عوده على بدئه حتى صعد المنبر، وأمر فنودي: الصلاة جامعة! فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه ثم قال: أيها الناس، إنه ليس شيء أحب إلى الله ولا أعم نفعا من حلم إمام وفقهه، ولا شيء أبغض إلى الله ولا أعم ضررا من جهل إمام وخرقه، ألا وإنه من لم يكن له من نفسه واعظ لم يكن له من الله حافظ، ألا وإنه من أنصف من نفسه لم يزده الله إلا عزا، ألا وإن الذل في طاعة الله أقرب إلى الله من التعزز في معصيته. ثم قال: أين المتكلم آنفا؟ فلم يستطع الانكار، فقال ها أنذا يا أمير المؤمنين، فقال: أما إني لو أشأ لقلت، فقال: إن تعف وتصفح، فأنت أهل ذلك، قال: قد عفوت وصفحت، فقيل لمحمد بن علي عليه السلام: ما أراد أن يقول؟ قال: أراد أن ينسبه.

ص 237

وقال أيضا في ص 110: وروى زرارة أيضا، قال: قيل لجعفر بن محمد عليه السلام: إن قوما هاهنا ينتقصون عليا عليه السلام، قال: بم ينتقصونه لا أبا لهم! وهل فيه موضع نقيصة! والله ما عرض لعلي أمران قط كلاهما لله طاعة إلا عمل بأشدهما وأشقهما عليه، ولقد كان يعمل العمل كأنه قائم بين الجنة والنار، ينظر إلى ثواب هؤلاء فيعمل له، وينظر إلى عقاب هؤلاء فيعمل له، وإن كان ليقوم إلى الصلاة، فإذا قال: وجهت وجهي تغير لونه، حتى يعرف ذلك في وجهه، ولقد أعتق ألف عبد من كد يده، كل منهم يعرق فيه جبينه، وتحفى فيه كفه، ولقد بشر بعين نبعت في ماله مثل عنق الجزور، فقال: بشر الوارث بشر، ثم جعلها صدقة على الفقراء والمساكين وابن السبيل إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، ليصرف الله النار عن وجهه، ويصرف وجهه عن النار. وروى القناد، عن أبي مريم الأنصاري، عن علي عليه السلام: لا يحبني كافر ولا ولد زنا. وروى جعفر بن زياد، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: كنا بنور إيماننا نحب علي بن أبي طالب عليه السلام، فمن أحبه عرفنا أنه منا. ومنها

إرسال رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام لبئر ذات العلم لأجل الماء قتاله عليه السلام مع الجن

رواه جماعة: فمنهم العلامة الشيخ أبو بكر يموت بن المزرع بن يموت بن عيسى بن موسى بن سيار المتوفى سنة 304 في (الأمالي) المطبوع في (نوادر الرسائل) (ص 167 ط مؤسسة الرسالة في بيروت سنة 1407) قال:

ص 238

حدثنا عبد الله بن محمد البلوي، قال: ثنا عمارة بن زيد، قال: ثنا إبراهيم بن سعد، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني يحيى بن عبد الله بن الحارث، عن أبيه عن ابن عباس، قال: لما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية إلى مكة، أصاب الناس عطش شديد، وحر شديد، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم الجحفة معطشا، والناس عطاش. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رجل يمضي في نفر من المسلمين معه القرب، فيردون البئر ذات العلم، ثم يعود، يضمن له رسول الله صلى الله عليه وسلم الجنة؟ فقام رجل من القوم، فقال: أنا يا رسول الله. فوجهه النبي صلى الله عليه وسلم، ووجه معه السقاة. فأخبرني سلمة بن الأكوع، قال: كنت في السقاة. قال: فمضينا، حتى إذا دنونا من الشجر والبئر سمعنا في الشجر حسا وحركة شديدة، ورأينا نيرانا تتقد بغير حطب، فأرعب الرجل الذي كنا معه، وأرعبنا رعبا شديدا حتى ما يملك أحد منا نفسه، فرجعنا ولم نطق أن نجاوز الشجر. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالك رجعت؟ قال: بأبي وأمي يا رسول الله، إني لماض إلى الدغل والشجر إذ سمعنا حركة شديدة ورأينا نيرانا تتقد بغير حطب، فأرعبنا رعبا شديدا، فلم نقدر أن نجاوز موضعنا، فرجعنا إليك يا رسول الله. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك عصابة من الجن هولت عليك. أما إنك لو مضيت لوجهك حيث أمرتك ما نالك منهم سوء، ولرأيت فيهم عبرة وعجبا. قال: ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا آخر من أصحابه، فوجه به، وقد سمع كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الأول حيث قال: أما إنك لو مضيت لوجهك حيث أمرتك لما نالك مكروه. قال سلمة: ومضى الرجل ونحن معه نحو الماء وجعل يرتجز ويقول [من الرجز]: أمن عزيف الجن في دوح السلم * ينكل من وجهه خير الأمم من قبل أن يبلغ آبار العلم * فيستقي والليل مبسوط الظلم

ص 239

ويأمن الذم وتوبيخ الكلم ثم مضى، حتى إذا كان في ذلك الموضع، سمع وسمعنا من الشجر ذلك الحس، وتلك الحركة، فذعرنا ذعرا شديدا حتى ما يستطيع أحدنا أن يكلم صاحبه. فرجع ورجعنا لا نملك أنفسنا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل: ما حالك؟ فقال: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق لقد ذعرت ذعرا شديدا ما ذعرت مثله قط. وقلنا ذلك معه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك عصابة من الجن هولوا عليكم ولو سرت حيث أمرتك لما رأيت إلا خيرا، ولرأيت فيهم عبرة ولم تر سوءا. قال: واشتد العطش بالمسلمين، وكره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يهجم بالمسلمين في الشجر والدغل ليلا. فدعا علي بن أبي طالب رضوان الله عليه، فأقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: سر مع هؤلاء السقاة حتى ترد بئر العلم، فتستقي وتعود إن شاء الله. قال سملة بن الأكوع: فخرج علي أمامنا ونحن في أثره، والقرب في أعناقنا، وسيوفنا بأيدينا، وعلي يقدمنا، وإنا لنحضر خلفه ما نلحقه وهو يقول [من الرجز]:

أعوذ بالرحمن أن أميلا * من عزف جن أظهرت تهويلا

وأوقدت نيرانها تعويلا * وقرعت مع عزفها الطبولا

قال: فسار ونحن معه، نسمع تلك الحركة، وذلك الحس، فدخلنا من الرعب مثل الذي كنا نعرف. وظننا أن عليا سيرجع كما رجع صاحباه. فالتفت إلينا وقال: اتبعوا أثري، ولا يفزعنكم ما ترون، فليس بضائركم إن شاء الله. ومر لا يلتفت على أحد حتى دخل بنا الشجر. فإذا نيران تضطرم بغير حطب. وإذا رؤوس قد قطعت لها ضجة ولألسنتها لجلجة شديدة، وأصوات هائلة. فتالله لقد أحسست برأسي قد انصرفت قشرته، ووقعت شعرته. ورجف قلبي حتى لا أملك نفسي. وعلي يتخطى تلك الرؤوس، ويقول: اتبعوني ولا خوف عليكم، ولا يلتفت أحد منكم يمينا ولا شمالا.

ص 240

فجعلنا نتلو أثره حتى جاوزنا الشجر ووردنا الماء، فاستقت السقاة، ومعنا دلو واحد، فأدلاه البراء بن مالك في البئر، فاستقى دلوا أو دلوين، ثم انقطع الدلو فوقع في القليب. والقليب ضيق مظلم بعيد. فسمعنا في أسفل القليب قهقهة وضحكا شديدا، فراعنا ذلك. فقال علي: من يرجع إلى عسكرنا فيأتينا بدلو أو دلوين؟ فقال أصحابه: ومن يستطيع أحد يجاوز الشجر مع ما رأينا وسمعنا؟ قال علي: فإني نازل في القليب، فإذا نزلت فأدلو إلي قربكم. ثم اتزر بمئزر، ثم نزل في القليب. وما تزداد القهقهة إلا علوا. فوالذي نفس محمد بيده إنه لينزل وما فينا أحد إلا وعضداه يهتزان رعبا. وجعل ينحدر في مراقي القليب إذ زلت رجله فسقط في القليب، فسمعنا وجبة شديدة ازددنا لها رعبا. وجعلنا نسمع اضطرابا شديدا، وغطيطا كغطيط المجنون. ثم نادى علي: الله أكبر، الله أكبر، أنا عبد الله وأخو رسوله، هلموا قربكم فدليناها إليه، فأفعمها وعصبها في القليب، ثم أصعدها على عنقه شيئا شيئا عن آخرها. ثم حمل قربتين وحلمنا نحن قربة قربة، ومر بين أيدينا لا يكلمنا، ولا نكلمه، ولا يذكر لنا شيئا، إلا أنا نسمع همهمة. حتى إذا صرنا بموضع الشجر لم نر مما رأينا شيئا، ولا سمعنا مما كنا نسمع حسا. حتى إذا كدنا أن نجاوز الشجر سمعنا صوتا منقطعا أبح وهو يقول [من الرجز]:

أي فتى ليل أخي روعات * وأي سباق إلى الغايات

لله در الغرر السادات * من هاشم الهامات والقامات

مثل رسول الله ذي الآيات * وعمه المقتول ذي السبقات

حمزة ذي الجنات والروضات * أو كعلي كاشف الكربات

كذا يكون الموفي الحاجات * والضرب للأبطال والهامات

قال سلمة بن الأكوع: وعلي أمامنا يرتجز ويقول [من الرجز]:

 

الصفحة السابقة الصفحة التالية

شرح إحقاق الحق (ج33)

فهرسة الكتاب

فهرس الكتب