back page fehrest page next page

فقال : أنت محمد رسول الله .

فقال صدقت يا مبارك . فكنا نسميه مبارك اليمامة .

و أتى عامر بن كريز يوم الفتح رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بابنه عبد الله بن عامر و هو ابن خمس أو ست فقال : حنكه يا رسول الله فقال إن مثله لا يحنك و أخذه و تفل في فيه فجعل يتسوغ ريق رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و يتلمظه .

فقال (عليه السلام) : إنه لمستقي .

فكان لا يعالج أرضا إلا ظهر له الماء . و له سقايات معروفة و له النباح و الجحفة و بستان ابن عامر .

ابن عباس و الضحاك في قوله : وَ يَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ نزلت في عقبة بن أبي معيط و أبي بن خلف و كانا أتوآن في الخلة فقدم عقبة من سفره و أولم جماعة الأشراف و فيهم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

فقال النبي : لا آكل طعامك حتى تقول لا إله إلا الله و إني رسول الله فشهد الشهادتين فأكل من طعامه .

فلما قدم أبي بن خلف عذله و قال صبأت فحكى قصته .

فقال : إني لا أرضي عنك , أو تكذبه .

فجاء إلى النبي (عليه السلام) : و تفل في وجهه .

فانشقت التفلة شقتان و عادتا إلى وجهه فأحرقتا وجهه و أثرتا .

و وعده النبي (عليه السلام) حياته ما دام في مكة , فإذا خرج قتل بسيفه .

فقتل عقبة يوم بدر و قتل النبي (عليه السلام) بيده أبيا .

ابن عباس : إن النبي (عليه السلام) خلع خفيه وقت المسح .

فلما أراد أن يلبسهما , تصوب عقاب من الهواء و سلبه , و علق في الهواء , ثم أرسله .

فوقعت من بينه حية .

فقال النبي : أعوذ بالله من شر ما يمشي على بطنه و من شر من يمشي على رجلين .

ثم نهى أن يلبس إلا أن يستبرئ .

[137]

أنس : أن النبي (عليه السلام) سمع صوتا من قلة جبل اللهم اجعلني من الأمة المرحومة المغفورة .

فأتى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) فإذا بشيخ أشيب قامته ثلاثمائة ذراع .

فلما رأى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) , عانقه .

ثم قال : إنني آكل في كل سنة مرة واحدة و هذا أوانه .

فإذا هو بمائدة أنزل من السماء فأكلا , و كان إلياس (عليه السلام) .

و كان أهل المدينة في جدب فلما أتى النبي (عليه السلام) استسقوه فرفع يديه و استسقى فما رد يده إلى نحره حتى أتى المطر و كان يمطر أسبوعا فضجروا , و قالوا له في كثرته .

فقال (عليه السلام) : حوالينا و لا علينا .

فانجاب السحاب عن السماء و ظهرت الشمس في المدينة و كان يمطر في حواليها فظهرت البركات من قدومه فقال (عليه السلام) لله در أبي طالب لو كان حيا لقرت به عيناه من ينشدنا قوله فقال عمر لعلك أردت .

و ما حملت من ناقة فوق رحلها *** أبر و أوفى ذمة من محمد

فقال هذا من قول حسان فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لعلك أردت يا رسول الله .

و أبيض يستسقى الغمام بوجهه *** ربيع اليتامى عصمة للأرامل

الأبيات ... فقال أجل .

و السبب في ذلك أنه كان قحط في زمن أبي طالب .

فقالت قريش : اعتمدوا اللات و العزى .

و قال آخرون : اعتمدوا المناة الثالثة الأخرى .

فقال ورقة بن نوفل : أنى تؤفكون و فيكم بقية إبراهيم و سلالة إسماعيل أبو طالب فاستسقوه .

فخرج أبو طالب و حوله أغيلمة من بني عبد المطلب وسطهم غلام كأنه شمس وجنته تجلت عنها غمامة فأسند ظهره إلى الكعبة و لاذ بإصبعه و بصبصت الأغلمة حوله فأقبل السحاب في الحال فأنشأ أبو طالب اللامية .

و منه حديث أنس : أن أعرابيا أتى النبي (عليه السلام) فقال لقد أتيناك و ما لنا بعير يئط و لا صغير يغط الخبر بطوله .

فصل في المفردات من المعجزات :

قدم حي بن أخطب المدينة و كان ملك خيبر و حضر عند النبي (عليه السلام) و قال : عجبت

[138]

لمن يدخل في دينك فإن مدة ملكك أحد و سبعون سنة .

فسئل عن ذلك فقال : المّ بحساب الجمل , الألف واحد , و اللام ثلاثون , و الميم أربعون . فذلك أحد و سبعون سنة .

فقال : يا محمد هل غيرها ?

قال : المص .

فقال : هذا أثقل , فالألف واحد , و اللام ثلاثون , و الميم أربعون , و الصاد تسعون , فذلك مائة و أحد و ستون سنة .

فقال : هل غيرها ?

قال : الر .

فقال : هذا أطول . فهل غيرها ?

قال : المر .

فقال هل غيرها ?

قال نعم : كهيعص ,و حم , عسق , طسم ,

فقال حي : قد التبس علينا أمرك .

و قال المأمون للحكيم إيزدخواه : ما شاء الله لما صحح عنده أحكاما , لم لا تؤمن بنبينا و أنت بهذا المحل من العلم و الكياسة ?

فقال كيف أؤمن و أصدق كاذبا و أنا أعلم كذبه و النبي لا يكذب .

فقال المأمون : كيف ?

قال : قوله أنا آخر نبي و خاتم الأنبياء و لا يكون بعدي نبي أبدا و هذا الذي قال في علمي كذب لا محالة لأنه ولد بطالع الذي لو ولد فيه مولود لا بد أن يكون نبيا فظهر لي بهذا كذبه إذ قال لا نبي بعدي فكيف أؤمن به و أصدقه ?

فخجل المأمون من ذلك . و تحير الفقهاء .

فقال متكلم : من هاهنا قلنا إنه صادق , و إنه خاتم الأنبياء , لأن الحكماء كلهم اجتمعوا على أن نجمه (عليه السلام) كان المشتري و عطارد و الزهرة و المريخ و لا يولد بها ولد إلا و يموت من ساعته , و إن عاش فيموت لا محالة , و لا يجاوز اليوم السابع . و هو قد عاش و بقي ثلاثا و ستين سنة . فصح أنه آية . و قد أتى من المعجزات الباهرة بما لم يأت بمثله أحد قبله و لا بعده .

فأقر إيزدخواه و أسلم فسمي ما شاء الله الحكيم فمن نظر المشتري : له العلم و الحكمة و الفطنة و السياسة و الرئاسة .

و في نظر عطارد : اللطافة و الظرافة و الملاحة و الفصاحة و الحلاوة .

و من نظر الزهرة : الصباحة و الهشاشة و البشاشة و الحسن و الطيب و الجمال و البهاء و الغنج و الدلال .

و من نظر المريخ : السيف و الجلادة و القتال و القهر و الغلبة و المحاربة .

فجمع الله فيه جميع المدائح .

و قال بعض المنجمين : موالد الأنبياء : السنبلة و الميزان .

و كان طالع النبي (عليه السلام) : الميزان .

و قال (عليه السلام) ولدت بالسماك .

و في حساب المنجمين أنه السماك الرامح .

و روي : أنه أخذ بلال جمانة ابنة الزحاف الأشجعي فلما كان في وادي النعام هجمت عليه و ضربته ضربة بعد ضربة ثم جمعت ما كان يعز عليها من ذهب و فضة في سفره و ركبت

[139]

حجزة من خيل أبيها و خرجت من العسكر تسير على وجهها إلى شهاب بن مازن الملقب بالكوكب الدري و كان قد خطبها من أبيها .

ثم إنه أنفذ النبي (عليه السلام) سلمان و صهيبا إليه لإبطائه .

فرأوه ملقى على وجه الأرض ميتا و الدم يجري من تحته .

فأتيا النبي (عليه السلام) و أخبراه بذلك .

فقال النبي : كفوا عن البكاء , ثم صلى ركعتين و دعا بدعوات ثم أخذ كفا من الماء فرشه على بلال .

فوثب قائما و جعل يقبل قدم النبي (عليه السلام) .

فقال له النبي : من هذا الذي فعل بك هذه الفعال يا بلال .

فقال : جمانة بنت الزحاف , و إني لها عاشق .

فقال : أبشر يا بلال فسوف أنفذ إليها و آتي بها .

فقال النبي (عليه السلام) : يا أبا الحسن هذا أخي جبرئيل يخبرني عن رب العالمين إن جمانة لما قتلت بلالا مضت إلى رجل يقال له شهاب بن مازن و كان قد خطبها من أبيها و لم ينعم له بزواجها و قد شكت حالها إليه و قد سار بجموعه يروم حربنا فقم و اقصده بالمسلمين فالله تعالى ينصرك عليه و ها أنا راجع إلى المدينة .

قال فعند ذلك سار الإمام بالمسلمين و جعل يجد في السير حتى وصل إلى شهاب و جاهده و نصر المسلمون .

فأسلم شهاب و أسلمت جمانة و العسكر و أتى بهم الإمام إلى المدينة و جددوا الإسلام على يدي النبي (عليه السلام) .

فقال النبي (عليه السلام) : يا بلال ما تقول ?

فقال : يا رسول الله قد كنت محبا لها فالآن شهاب أحق بها مني .

فعند ذلك وهب شهاب لبلال جاريتين و فرسين و ناقتين .

و في مسلم عن جابر : أن أم مالك كانت تهدي إلى النبي (عليه السلام) في عكة لها سمنا فيأتيها بنوها فيسألون الأدم و ليس عندهم شي‏ء فتعمد إلى الذي كانت تهدي فيه للنبي (عليه السلام) فتجد فيها سمنا فما زال تقيم لها أدم بيتها حتى عصرته .

فأتت النبي (عليه السلام) فقال : عصرتها ?

قالت : نعم .

قال : لو تركتها ما زال مقيما .

فصل فيما ظهر من معجزاته بعد وفاته :

في حديث خزيم بن أوس : سمعت النبي (عليه السلام) يقول هذه الحيرة البيضاء قد رفعت لي و هذه الشيماء بنت نفيلة الأزدية على بغلة شهباء معتجرة بخمار أسود .

فقلت يا رسول الله : إن نحن دخلنا الحيرة فوجدنا كما تصف فهي لي .

قال : نعم هي لك .

قال : فلما فتحوا الحيرة تعلق بها , و شهد له محمد بن مسيلمة و محمد بن بشير الأنصاريان بقول النبي (عليه السلام) .

فسلمها إليه خالد فباعها من أخيها بألف دينار .

[140]

أبو هريرة : قال (عليه السلام) إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده و إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده و الذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله .

جبير بن عبد الله : قال النبي (عليه السلام) تبنى مدينة بين دجلة و دجيل و الصراة و قطربل تجبى إليها خزائن الأرض و في رواية تسكنها جبابرة الأرض الخبر .

أبو بكر : قال النبي (عليه السلام) إن ناسا من أمتي ينزلون بغائط يسمونه البصرة و عنده نهر يقال له دجلة يكون لهم عليها جسر و يكثر أهلها و يكون من أمصار المهاجرين الخبر .

فضالة بن أبي فضالة الأنصاري و عثمان بن صهيب : أنه قال لعلي في خبر أشقى الآخرين الذي يضربك على هذه و أشار إلى يافوخه .

أنس بن الحارث قال : سمعت النبي (عليه السلام) يقول إن ابني هذا يعني الحسين (عليه السلام) يقتل بأرض من العراق فمن أدركه منكم فلينصره .

قال : فقتل أنس مع الحسين (عليه السلام) .

و فيه حديث القارورة التي أعطى أم سلمة .

و حديث الحسن بن علي أنه سيصلح الله به فئتين .

و حديث فاطمة الزهراء (عليه السلام) و بكائها و ضحكها عند وفاة النبي (عليه السلام) .

و حديث كلاب الحوأب .

و حديث عمار تقتلك الفئة الباغية .

حذيفة قال : لو أحدثكم بما سمعت من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لرجمتموني .

قالوا : سبحان الله نحن نفعل .

قال : لو أحدثكم أن بعض أمهاتكم تأتيكم في كثيبة كثير عددها شديد بأسها تقاتلكم صدقتم ?

قالوا : سبحان الله و من يصدق بهذا ?

قال : تأتيكم أمكم الحميراء في كثيبة يسوق بها أعلاجها من حيث تسوء وجوهكم .

ابن عباس : قال النبي (عليه السلام) أيتكن صاحبة الجمل الأدبب يقتل حولها قتلى كثيرة بعد أن كادت .

و قال (عليه السلام) أطولكن يدا أسرعكن لحوقا بي .

فكانت سودة . أطولهن يدا بالمعروف .

[141]

ابن عمر عن النبي (عليه السلام) : يكون في ثقيف كذاب و مبير فكان الكذاب المختار و المبير الحجاج .

و منه إخباره (عليه السلام) بأويس القرني حكى العقبي : أن أبا أيوب الأنصاري رئي عند خليج قسطنطنية فسئل عن حاجته .

قال : أما دنياكم فلا حاجة لي فيها و لكن إن مت فقدموني ما استطعتم في بلاد العدو فإني سمعت رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول يدفن عند سور القسطنطنية رجل صالح من أصحابي و قد رجوت أن أكونه .

ثم مات فكانوا يجاهدون و السرير يحمل و يقدم فأرسل قيصر في ذلك .

فقالوا : صاحب نبينا و قد سألنا أن ندفنه في بلادك و نحن منفذون وصيته .

قال : فإذا وليتم أخرجناه إلى الكلاب .

فقالوا : لو نبش من قبره ما ترك بأرض العرب نصراني إلا قتل و لا كنيسة إلا هدمت فبنى على قبره قبة يسرج فيها إلى اليوم و قبره إلى الآن يزار في جنب القسطنطنية .

ابن عباس في قوله : كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ إن الصحابة فزعوا لما فات عير أبي سفيان و أدركهم القتال فباتوا ليلتهم فحلموا و لم يكن لهم ماء فوقعت الوسوسة في نفوسهم لذلك فأنزل الله المطر قوله إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ فرأى النبي (عليه السلام) في منامه قلة قريش قوله إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا .

فلما التقى الجمعان استحقر كل جيش صاحبه .

قوله إِذِ الْتَقَيْتُمْ و كان المسلمون يخافون فنزل يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً .

و قوله فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ فزعم أبو جهل أنهم جزر سيوفهم و كان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يحزن و علي (عليه السلام) يقول لا يخلف الله الميعاد فنزل يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ .

و قوله إِذْ يُوحِي رَبُّكَ فساعدهم إبليس على صورة سراقة فلما أدرك جبرئيل و ميكائيل و إسرافيل مع الملائكة نكص إبليس عَلى عَقِبَيْهِ وَ قالَ إِنِّي بَرِي‏ءٌ مِنْكُمْ فكانت الملائكة يضربون فوق الأعناق و فوق البنان بعمدهم .

و رمى النبي (عليه السلام) بقبضة من الحصى في وجوههم و قال شاهت الوجوه فأصاب عين كل واحد منهم فانهزموا فنزل لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّونَهُمْ و وجد ابن مسعود أبا جهل مصروعا من ضربة معاذ بن عمرو بن عفراء فكان يجز رأسه و هو يقول

[142]

يا رويعي الغنم لقد ارتقيت مرتقى صعبا .

نزل النبي (عليه السلام) على فدك يحاربهم ثم قال لهم و ما يأمنكم أن تكونوا آمنين في هذا الحصن و أمضي إلى حصونكم فأفتحها .

فقالوا : إنها مقفلة و عليها ما يمنع عنها و مفاتيحها عندنا .

فقال (عليه السلام) : إن مفاتيحها دفعت إلي . ثم أخرجها و أراها القوم .

فاتهموا ديانهم أنه صبأ إلى دين محمد و دفع المفاتيح إليه .

فحلف إن المفاتيح عنده و إنها في سفط في صندوق في بيت مقفل عليه .

فلما فتش عنها , ففقدت .

فقال الديان : لقد أحرزتها و قرأت عليها من التوراة و خشيت من سحره . و أعلم الآن أنه ليس بساحر و أن أمره لعظيم .

فرجعوا إلى النبي (عليه السلام) , و قالوا : من أعطاكها ?

قال : أعطاني الذي أعطي موسى الألواح جبرئيل .

فتشهد الديان . ثم فتحوا الباب , و خرجوا إلى رسول الله و أسلم منهم .

فأقرهم في بيوتهم و أخذ منهم أخماسهم فنزل وَ آتِ ذَا الْقُرْبى حَقَّهُ .

قال : و ما هو ?

قال : أعط فاطمة فدكا , و هي من ميراثها من أمها خديجة , و من أختها هند بنت أبي هاله فحمل إليها النبي (عليه السلام) ما أخذ منه و أخبرها بالآية .

فقالت : لست أحدث فيها حدثا و أنت حي أنت أولى بي من نفسي و مالي لك .

فقال : أكره أن يجعلوها عليك سبة فيمنعوك إياها من بعدي .

فقالت : أنفذ فيها أمرك فجمع الناس إلى منزلها و أخبرهم أن هذا المال لفاطمة ففرقه فيهم و كان كل سنة كذلك و يأخذ منه قوتها .

فلما دنا وفاته دفعه إليها .

فصل فيما خصه الله تعالى به (عليه السلام) :

فارق (عليه السلام) جماعة النبيين بمائة و خمسين خصلة منها في باب النبوة قوله وَ خاتَمَ النَّبِيِّينَ .

و قوله أعطيت جوامع الكلم .

و قوله أرسلت إلى الخلق كافة .

[143]

و بقاء دولته لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ و العجز عن الإتيان بمثل كتابه قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ و كان ممنوعا من الشعر و روايته وَ ما عَلَّمْناهُ الشِّعْرَ و تسهيل شريعته ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ و أضعاف ثواب الطاعة مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها و رفع العذاب وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ و فرض محبة أهل بيته قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً .

و في باب أمته كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ * هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا * هُوَ اجْتَباكُمْ * اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا * هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ * وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا يعني الملائكة و إفشاء السلام وَ إِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا .

و في باب الطهارة كمال الوضوء و التيمم و الاستنجاء بالحجارة و أن الماء مزيل للنجاسات و أن لا يؤثر النجاسة في الماء الكثير .

و قوله جعلت لي الأرض مسجدا و ترابها طهورا .

و كان ينام ثم يصلي و يقول تنام عيني و لا ينام قلبي .

و يقال فرض عليه السواك و هو قد سنه لنا .

و في باب الصلاة الأذان و الإقامة و الجمعة و الجماعة و الركوع و السجدتين و التشهد و السلام و صلاة الليل و الوتر و صلاة الكسوفين و الاستسقاء و صلاة العشاء الآخرة .

و في باب الزكاة حرم عليه الزكاة و الصدقة و هدية الكافر و أحل له الخمس و الأنفال و الغنيمة و جعل زكاة المال ربح الخمس لا ربع المال .

و في باب الصيام شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ و ليلة القدر و العيدين و تحليل الطعام و الشراب و المس ليالي الصيام إلى وقت الصبح و حرم صوم الوصال و قالوا أبيح له الوصال في الصوم و كتب عليه الأضحية و سنها لنا و كذلك الفطرة على وجه .

و في باب الحج يقال أحل له دخول مكة بغير إحرام و عقد النكاح و هو محرم و في باب الجهاد يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ .

و قوله نصرت بالرعب و أحلت لي الغنائم .

و كان إذا لبس لامته لم ينزلها حتى يقاتل و لا يرجع إذا خرج و لا ينهزم إذا لقي العدو و إن كثروا عليه و أنه أفرس العالمين و خص بالحمى .

و في باب النكاح حرم عليه نكاح الإماء و الذميات و الإمساك بمن كرهت نكاحه

[144]

و حرم أزواجه على الخلق و خص بإسقاط المهر و العقد بلفظ الهبة و العدد ما شاء بعد التخيير و العزل عمن أراد و كان طلاقه زائدا على طلاق أمته و الواحدة من نسائه إذا أتت بفاحشة ضعف لها العذاب .

أبو عبد الله (عليه السلام) في قوله : لا يَحِلُّ لَكَ النِّساءُ مِنْ بَعْدُ يعني قوله حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ الآية .

و في باب الأحكام تخفيف الأمر على أمته و القربان بغير الفضيحة و تيسير التوبة بغير القتل و ستر المعصية على المذنب و رفع الخطإ و النسيان و ما استكره عليه و التخيير بين القصاص و الدية و العفو و الفرق بين الخطإ و العمد و التوبة من الذنب دون إبانة العضو و تحليل مجالسة الحائض و الانتفاع بما نالته و تحليل تزويج نساء أهل الكتاب لامته .

و في باب الآداب لم يكن له خائنة الأعين يعني الغمز بالعين و الرمز باليد و حرم عليه أكل الثوم على وجه .

و في باب الآخرة و ذلك أنه أول من تنشق عنه الأرض و أول من يدخل الجنة و أنه يشهد لجميع الأنبياء بالأداء و له الشفاعة و لواء الحمد و الحوض و الكوثر و يسأل في غيره يوم القيامة و كل الناس يسألون في أنفسهم و أنه أرفع النبيين درجة و أكثرهم أمة .

و كان له معجزات لم يكن لغيره و ذكر أن له أربعة آلاف و أربعمائة و أربعين معجزة ذكرت منها ثلاثة آلاف تتنوع أربعة أنواع ما كان قبله و بعد ميلاده و بعد بعثته و بعد وفاته و أقواها و أبقاها القرآن لوجوه .

أحدها :أن معجزة كل رسول موافق للأغلب من أحوال عصره كما بعث الله موسى في عصر السحرة بالعصا فإذا هي تلقف و فلق البحر يبسا و قلب العصا حية فأبهر

[145]

كل ساحر و أذل كل كافر و قوم عيسى أطباء فبعثه الله بإبراء الزمنى و إحياء الموتى بما دهش كل طبيب و أذهل كل لبيب و قوم محمد بلغاء فصحاء فبعثه الله بالقرآن في إيجازه و إعجازه بما عجز عنه الفصحاء و أذعن له البلغاء و تبلد فيه الشعراء ليكون العجز عنه أقهر و التقصير فيه أظهر .

و الثاني :أن المعجز في كل قوم بحسب أفهامهم و على قدر عقولهم و أذهانهم و كان في بني إسرائيل من قوم موسى و عيسى بلادة و غباوة لأنه لم ينقل عنهم من كلام جزل أو معنى بكر و قالوا لنبيهم حين مروا على قوم يعكفون على أصنام لهم اجعل لنا إلها و العرب أصح الناس أفهاما و أحدهم أذهانا فخصوا بالقرآن بما يدركونه بالفطنة دون البديهة لتخص كل أمة بما يشاكل طبعها .

و الثالث :أن معجز القرآن أبقى على الأعصار و أنشر في الأقطار و ما دام إعجازه فهو أحج و بالاختصاص أحق فانتشر ذلك بعده في أقطار العالم شرقا و غربا قرنا بعد قرن و عصرا بعد عصر و قد انقرض القوم و هذه سنة سبعين و خمسمائة من مبعثه فلم يقدر أحد على معارضته .

الصاحب :

قالت فمن صاحب الدين الحنيف أجب *** فقلت أحمد خير السادة الرسل

‏قالت فهل معجز وافى الرسول به *** قلت القرآن و قد أعيا به الأول

القيرواني :

أعجزت بالوحي أرباب البلاغة *** في عصر البيان فضلت أوجه الحيل

‏سألتهم سورة من مثل محكمه *** فثلهم عنه حين العجز حين ثلي

ابن حماد :

فمن آياته القرآن يهدي كل من فكر *** و لو لم يك من آياته إلا الفتى حيدر

فصل في آدابه و مزاحه (عليه السلام) :

أما آدابه فقد جمعها بعض العلماء و التقطها من الأخبار :

كان النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) احكم الناس و أحلمهم و أشجعهم و أعدلهم و أعطفهم لم تمس يده يد امرأة لا تحل و أسخى الناس لا يثبت عنده دينار و لا درهم فإن فضل و لم يجد من يعطيه و يجنه الليل لم يأو

[146]

إلى منزله حتى يتبرأ منه إلى من يحتاج إليه لا يأخذ مما آتاه الله إلا قوت عامه فقط من يسير ما يجد من التمر و الشعير و يضع سائر ذلك في سبيل الله و لا يسأل شيئا إلا أعطاه ثم يعود إلى قوت عامه فيؤثر منه حتى ربما احتاج قبل انقضاء العام إن لم يأته شي‏ء و كان يجلس على الأرض و ينام عليها و يأكل عليها و كان يخصف النعل و يرقع الثوب و يفتح الباب و يحلب الشاة و يعقل البعير فيحلبها و يطحن مع الخادم إذا أعيا و يضع طهوره بالليل بيده و لا يتقدمه مطرق و لا يجلس متكئا و يخدم في مهنة أهله و يقطع اللحم و إذا جلس على الطعام جلس محقرا و كان يلطع أصابعه و لم يتجشأ قط و يجيب دعوة الحر و العبد و لو على ذراع أو كراع و يقبل الهدية و لو أنها جرعة لبن و يأكلها و لا يأكل الصدقة و لا يثبت بصره في وجه أحد يغضب لربه و لا يغضب لنفسه و كان يعصب الحجر على بطنه من الجوع يأكل ما حضر و لا يرد ما وجد لا يلبس ثوبين يلبس بردا حبرة يمنية و شملة جبة صوف و الغليظ من القطن و الكتان و أكثر ثيابه البياض و يلبس العمامة تحت العمامة يلبس القميص من قبل ميامنه و كان له ثوب للجمعة خاصة و كان إذا لبس جديدا أعطى خلق ثيابه مسكينا و كان له عباء يفرش له حيث ما ينقل تثنى ثنيتين يلبس خاتم فضة في خنصره الأيمن يحب البطيخ و يكره الريح الردية و يستاك عند الوضوء و يردف خلفه عبده أو غيره و يركب ما أمكنه من فرس أو بغلة أو حمار و يركب الحمار بلا سرج و عليه العذار يمشي راجلا و حافيا بلا رداء و لا عمامة و لا قلنسوة و يشيع الجنائز و يعود المرضى في أقصى المدينة يجالس الفقراء و يؤاكل المساكين و يناولهم بيده و يكرم أهل الفضل في أخلاقهم و يتألف أهل الشرف بالبر لهم يصل ذوي رحمة من غير أن يؤثرهم على غيرهم إلا بما أمر الله و لا يجفو على أحد يقبل معذرة المتعذر إليه و كان أكثر الناس تبسما ما لم ينزل عليه القرآن أو لم تجر عظة و ربما ضحك من غير قهقهة لا يرتفع

back page fehrest page next page