back page fehrest page next page

قال و كانت عليه بردة إذا سجد انكشفت

فقالت امرأة من القوم واروا سوءة إمامكم .

و كان أمير المؤمنين ابن تسع في قول الكلبي .

قال السيد :

و صدق ما قال النبي محمد *** و كان غلاما حين لم يبلغ العشرا

و قال الشافعي : حكمنا بإسلامه لأن أقل البلوغ تسع سنين .

و قال مجاهد و محمد بن إسحاق و زيد بن أسلم و جابر الأنصاري : كان ابن عشر .

بيانه : أنه عاش بقول العامة ثلاثا و ستين سنة , فعاش مع النبي ثلاثا و عشرين سنة , و بقي بعده تسعا و عشرين سنة و ستة أشهر .

و قال بعضهم : ابن إحدى عشرة سنة .

و قال أبو طالب الهاروني : ابن اثنتي عشرة سنة .

و قالوا : ابن ثلاث عشرة سنة .

و قال أبو الطيب الطبري وجدت في فضائل الصحابة عن أحمد بن حنبل أن قتادة روى : أن عليا (عليه السلام) أسلم و له خمس عشرة سنة . و رواه النسوي في التاريخ و قد روي نحوه عن الحسن البصري .

قال قتادة :
أما بيته :

غلاما ما بلغت أوان حلمي

إنما قال قد بلغت .

الحميري :

فإنك كنت تعبده غلاما *** بعيدا من أساف و من منات‏

و لا وثنا عبدت و لا صليبا *** و لا عزى و لم تسجد للات

[13]

و له :

و علي أول الناس اهتدى *** بهدى الله و صلى و ادكر

وحد الله و لم يشرك به *** و قريش أهل عود و حجر

و له :

وصي محمد و أبو بنيه *** و أول ساجد لله صلى

‏بمكة و البرية أهل شرك *** و أوثان لها البدنات تهدى

و له :

وصي رسول الله و الأول الذي *** أناب إلى دار الهدى حين أيفعا

غلاما فصلى مستسرا بدينه *** مخافة أن يبغى عليه فيمنعا

بمكة إذا كانت قريش و غيرها *** تظل لأوثان سجودا و ركعا

و له :

هاشمي مهذب أحمدي من *** قريش القرى و أهل الكتاب

‏خازن الوحي و الذي أوتي *** الحكم صبيا طفلا و فصل الخطاب

‏كان لله ثاني اثنين سرا *** و قريش تدين للأنصاب

العوني :

و غصن رسول الله أحكم غرسه *** فعلا الغصون نضارة و تماما

و الله ألبسه المهابة و الحجى *** و ربا به أن يعبد الأصناما

ما زال يغذوه بدين محمد *** كهلا و طفلا ناشيا و غلاما

فصل في المسابقة بالصلاة :

أبو عبيد الله المرزباني و أبو نعيم الأصفهاني في كتابيهما فيما نزل من القرآن في علي (عليه السلام) , و النطنزي في الخصائص عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس و روى أصحابنا عن الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى : وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ نزلت في رسول الله و علي بن أبي طالب و هما أول من صلى و ركع .

المرزباني عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله : وَ الَّذِينَ آمَنُوا

[14]

وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ نزلت في علي خاصة و هو أول مؤمن و أول مصلي بعد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

تفسير السدي عن قتادة عن عطاء عن ابن عباس في قوله : إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَ نِصْفَهُ وَ ثُلُثَهُ وَ طائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ فأول من صلى مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) علي بن أبي طالب .

تفسير القطان عن وكيع عن سفيان عن السدي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله : يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ يعني محمدا يدثر بثيابه قُمْ فَأَنْذِرْ أي فصل و ادع علي بن أبي طالب إلى الصلاة معك وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ مما تقول عبدة الأوثان .

تفسير يعقوب بن سفيان قال حدثنا أبو بكر الحميدي عن سفيان بن عيينة عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس في خبر يذكر فيه كيفية بعثة النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثم قال : بينا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قائم يصلي مع خديجة إذ طلع عليه علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال له : ما هذا يا محمد ?

قال : هذا دين الله , فأمن به و صدقه .

ثم كانا يصليان و يركعان و يسجدان فأبصرهما أهل مكة ففشا الخبر فيهم أن محمدا قد جن فنزل ن وَ الْقَلَمِ وَ ما يَسْطُرُونَ ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ .

شرف النبي عن الخركوشي قال : و جاء جبرئيل بأعلى مكة و علمه الصلاة فانفجرت من الوادي عين حتى توضأ جبرئيل بين يدي رسول الله و تعلم رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) منه الطهارة ثم أمر به عليا (عليه السلام) .

تاريخ الطبري و البلاذري و جامع الترمذي و إبانة العكبري و فردوس الديلمي و أحاديث أبي بكر بن مالك و فضائل الصحابة عن الزعفراني عن يزيد بن هارون عن شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة عن زيد بن أرقم و مسند أحمد عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس قالا قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أول من صلى معي علي .

تاريخ النسوي قال زيد بن أرقم : أول من صلى مع رسول الله علي .

جامع الترمذي و مسند أبي يعلى الموصلي عن أنس و تاريخ الطبري عن جابر قالا : بعث النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يوم الإثنين و صلى علي يوم الثلاثاء .

أبو يوسف النسوي في المعرفة و أبو القاسم عبد العزيز بن إسحاق في أخبار أبي

[15]

رافع من عشرين طريقة عن أبي رافع قال صلى النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) :
أول يوم الإثنين و صلت خديجة آخر يوم الإثنين و صلى علي يوم الثلاثاء من الغد .

أحمد بن حنبل في مسند العشرة و في الفضائل أيضا و النسوي في المعرفة و الترمذي في الجامع و ابن بطة في الإبانة روى علي بن الجعد عن شعبة عن سهل بن كهيل عن حبة العرني قال : سمعت عليا يقول أنا أول من صلى مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .

ابن حنبل في مسند العشرة و في فضائل الصحابة أيضا عن سهل بن كهيل عن حبة العرني في خبر طويل أنه : قال علي اللهم لا أعترف أن عبدا من هذه الأمة عبدك قبلي غير نبيك . ثلاث مرات , الخبر .

و في مسند أبي يعلى : ما أعلم أحدا من هذه الأمة بعد نبيها عبد الله غيري الخبر .

كعب بن زهير :

صهر النبي و خير الناس كلهم *** و كل من رامه بالفخر مفخور

صلى الصلاة مع الأمي أولهم *** قبل العباد و رب الناس مكفور

أبو الأسود الديلمي :

و إن عليا لكم مفخر *** يشبه بالأسد الأسود

أما إنه ثاني العابدين *** بمكة و الله لم يعبد

الحسين بن علي (عليه السلام) في قوله : تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً نزلت في علي بن أبي طالب .

و روى جماعة أنه نزل فيه : الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ .

تفسير القطان قال ابن مسعود قال علي يا رسول الله ما أقول في السجود في الصلاة فنزل : سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى قال فما أقول في الركوع فنزل فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ فكان أول من قال ذلك .

[16]

العوني :

علي خير الورى بعد النبي و من *** في الشرق و الغرب مضروب به المثل

‏علي صام و صلى القبلتين و قد *** في الجاهلية قوم ربهم هبل

الزاهي :

صنو النبي المصطفى و الكاشف *** الغماء عنه و الحسام المخترط

أول من صام و صلى سابقا إلى *** المعالي و على السبق غبط

و إنه (عليه السلام) صلى قبل الناس كلهم سبع سنين و أشهرا مع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) و صلى مع المسلمين أربع عشرة سنة و بعد النبي ثلاثين سنة .

ابن فياض في شرح الأخبار عن أبي أيوب الأنصاري قال : سمعت النبي (عليه السلام) يقول لقد صلت الملائكة عليّ و على عليّ بن أبي طالب سبع سنين و ذلك أنه لم يؤمن بي ذكر قبله و ذلك قول الله الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَ مَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ .

و في رواية زياد بن المنذر عن محمد بن علي عن أمير المؤمنين (عليه السلام) : لقد مكثت الملائكة سنين لا يستغفر إلا لرسول الله و لي و فينا نزلت وَ الْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ يَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إلى قوله الْحَكِيمُ .

و روى جماعة عن أنس و أبي أيوب و روى ابن شيرويه في الفردوس عن جابر قالوا , قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : لقد صلت الملائكة علي و على علي بن أبي طالب سبع سنين قبل الناس و ذلك أنه كان يصلي و لا يصلي معنا غيرنا و في رواية : لم يصل فيها غيري و غيره و في رواية : لم يصل معي رجل غيره .

سنن ابن ماجة و تفسير الثعلبي عن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه : أن عليا صلى مستخفيا مع النبي سبع سنين و أشهر .

تاريخ الطبري و ابن ماجة قال عباد بن عبد الله : سمعت عليا قال أنا عبد الله و أخو رسول الله و أنا الصديق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كاذب مفتر صليت مع رسول الله سبع سنين .

[17]

مسندي أحمد و أبي يعلى قال حبة العرني قال علي (عليه السلام) : صليت قبل أن يصلي الناس سبعا .

الحميري :

أ لم يصل علي قبلهم حججا *** و وحد الله رب الشمس و القمر

وهؤلاء و من في حزب دينهم *** قوم صلاتهم للعود و الحجر

و له :

و كفاه بأنه سبق الناس *** بفضل الصلاة و التوحيد

حججا قبلهم كوامل سبعا *** بركوع لديه أو بسجود

و له :

أ ليس علي كان أول مؤمن *** و أول من صلى غلاما و وحدا

فما زال في سر يروح و يغتدي *** فيرقى بثور أو حراء مصعدا

يصلي و يدعو ربه فهما به *** مع المصطفى مثنى و إن كان أوحدا

سنين ثلاثا بعد خمس و أشهرا *** كوامل صلى قبل أن يتمردا

و له :

أ لم يؤت الهدى و الناس حيرى *** فوحد ربه الأحد العليا

و صلى ثانيا في حال خوف *** سنين تجرمت سبعا أسيا

و له :

و صلى و لم يشرك سنين و أشهرا *** ثمانية من بعد سبع كوامل

شاعر :

أ ما لا يرون إقام الصلاة *** و توحيده و هم مشركونا

و يشهد أن لا إله سوى *** ربنا أحسن الخالقينا

سنينا كوامل سبعا يبيت *** يناجي الإله له مستكينا

بذلك فضله ربنا على *** أهل فضلكم أجمعينا

و هو أول من صلى القبلتين صلى إلى بيت المقدس أربع عشرة سنة و المحراب الذي كان النبي يصلي و معه علي و خديجة معروف و هو على باب مولد النبي (عليه السلام)

[18]

في شعب بني هاشم .

و قد روينا عن الشيرازي ما رواه عن ابن عباس في قوله : وَ السَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ نزلت في أمير المؤمنين (عليه السلام) سبق الناس كلهم بالإيمان و صلى القبلتين و بايع البيعتين .

الحميري :

و صلى القبلتين و آل تيم *** و إخوتها عدي جاحدونا

و صلى إلى الكعبة تسعا و ثلاثين سنة .

تاريخ الطبري بثلاثة طرق و إبانة العكبري من أربعة طرق و كتاب المبعث عن محمد بن إسحاق و التاريخ عن النسوي و تفسير الثعلبي و كتاب الماوردي و مسند أبي يعلى الموصلي و يحيى بن معين و كتاب أبي عبد الله محمد بن زياد النيسابوري عن عبد الله بن أحمد بن حنبل بأسانيدهم عن ابن مسعود و علقمة البجلي و إسماعيل بن إياس بن عفيف عن أبيه عن جده أن كل واحد منهم قال : رأى عفيف أخو الأشعث بن قيس الكندي شابا يصلي ثم جاء غلام فقام عن يمينه ثم جاءت امرأة فقامت خلفهما , فقال للعباس هذا أمر عظيم .

قال : ويحك هذا محمد , و هذا علي , و هذه خديجة . إن ابن أخي هذا حدثني أن ربه رب السماوات و الأرض أمر بهذا الدين و الله ما على ظهر الأرض على هذا الدين غير هؤلاء الثلاثة .

و في كتاب النسوي أنه كان عفيف يقول بعد إسلامه : لو كنت أسلمت يومئذ كنت ثانيا مع علي بن أبي طالب .

و في رواية محمد بن إسحاق عن عفيف قال : فلما خرجت من مكة إذا أنا بشاب جميل على فرس .

فقال : يا عفيف ما رأيت في سفرك هذا .

فقصصت عليه .

فقال : لقد صدقك العباس , و الله إن دينه لخير الأديان , و إن أمته أفضل الأمم .

قلت : فلمن الأمر من بعده ?

قال : لابن عمه , و ختنه على بنته . يا عفيف الويل كل الويل لمن يمنعه حقه .

ابن فياض في شرح الأخبار عن أبي الجحاف عن رجل أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال في خبر : هجم على رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يعني أبا طالب و نحن ساجدان .

قال : أ فعلتماها . ثم أخذ بيدي , فقال : انظر كيف تنصره و جعل يرغبني في ذلك و يحضني عليه ... الخبر .

و في كتاب الشيرازي : أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) لما نزل الوحي عليه أتى المسجد الحرام

[19]

و قام يصلي فيه , فاجتاز به علي و كان ابن تسع سنين فناداه يا علي إليّ أقبل .

فأقبل إليه ملبيا .

قال : إني رسول الله إليك خاصة , و إلى الخلق عامة . تعال يا علي فقف عن يميني و صل معي .

فقال : يا رسول الله حتى أمضي و أستأذن أبا طالب والدي .

قال : اذهب , فإنه سيأذن لك .

فانطلق يستأذن في اتباعه .

فقال : يا ولدي تعلم أن محمدا و الله أمين منذ كان , امض و اتبعه ترشد و تفلح و تشهد .

فأتى علي (عليه السلام) و رسول الله قائم يصلي في المسجد , فقام عن يمينه يصلي معه .

فاجتاز بهما أبو طالب و هما يصليان .

فقال : يا محمد ما تصنع ?

قال : أعبد إله السماوات و الأرض , و معي أخي علي يعبد ما أعبد يا عم , و أنا أدعوك إلى عبادة الله الواحد القهار .

فضحك أبو طالب حتى بدت نواجذه و أنشأ يقول :

و الله لن يصلوا إليك بجمعهم *** حتى أغيب في التراب دفينا

...الأبيات .

تاريخ الطبري و كتاب محمد بن إسحاق : أن النبي كان إذا حضرت الصلاة خرج إلى شعاب مكة و خرج معه علي بن أبي طالب مستخفيا من قومه فيصليان الصلوات فيها فإذا أمسيا رجعا فمكثا كذلك زمانا .

ثم روى الثعلبي معهما : أن أبا طالب رأى النبي و عليا يصليان فسأل عن ذلك فأخبره النبي أن هذا دين الله و دين ملائكته و دين رسله و دين أبينا إبراهيم ... في كلام له .

فقال علي : يا أبت آمنت بالله و برسوله و صدقته بما جاء به و صليت معه لله .

فقال له : أما إنه لا يدعو إلا إلى خير فالزمه .

الصادق (عليه السلام) قال : أول جماعة كانت أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان يصلي و أمير المؤمنين معه إذ مر أبو طالب به و جعفر معه , فقال يا بني : صل جناح ابن عمك .

فلما أحس به رسول الله , تقدمهما .

و انصرف أبو طالب مسرورا ; و هو يقول :

إن عليا و جعفرا ثقتي *** عند ملم الزمان و الكرب

‏و الله لا أخذل النبي *** و لا يخذله من بني ذو حسب

‏أجعلهما عرضة العدى و إذا *** أترك ميتا نما إلى حسب

‏لا تخذلا و انصرا ابن عمكما *** أخي لأمي من بينهم و أبي

[20]

الحميري :

أ لم يك لما دعاه الرسول *** أصاب النبي و لم يدحش

‏فصلى هنيئا له القبلتين *** على أنسه غير مستوحش

و نزل فيه قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ و قيل الخاشع في الصلاة من تكون نفسه في المحراب و قلبه عند الملك الوهاب .

ابن عباس و الباقر (عليه السلام) في قوله : وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ و الخاشع الذليل في صلاته المقبل إليها يعني رسول الله و أمير المؤمنين .

أبو المضا صبيح عن الرضا (عليه السلام) : قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في هذه الآية : علي منهم .

و جاء أنه لم يقدر أحد أن يحكي صلاة رسول الله إلا علي و لا صلاة علي إلا علي بن الحسين .

تفسير وكيع و السدي و عطاء أنه قال ابن عباس : أهدي إلى رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ناقتان عظيمتان سمينتان فقال للصحابة هل فيكم أحد يصلي ركعتين بقيامهما و ركوعهما و سجودهما و وضوئهما و خشوعهما لا يهتم فيهما من أمر الدنيا بشي‏ء و لا يحدث قلبه بفكر الدنيا أهدي إليه إحدى هاتين الناقتين , فقالها مرة و مرتين و ثلاثة , لم يجبه أحد من أصحابه .

فقام أمير المؤمنين , فقال : أنا يا رسول الله أصلي ركعتين أكبر تكبيرة الأولى و إلى أن أسلم منهما لا أحدث نفسي بشي‏ء من أمر الدنيا .

فقال : يا علي , صل , صلى الله عليك .

فكبر أمير المؤمنين و دخل في الصلاة فلما سلم من الركعتين هبط جبرئيل على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) , فقال : يا محمد إن الله يقرئك السلام و يقول لك أعطه إحدى الناقتين .

فقال رسول الله : إني شارطته أن يصلي ركعتين لا يحدث فيهما بشي‏ء من الدنيا أعطيه إحدى الناقتين إن صلاهما , و إنه جلس في التشهد فتفكر في نفسه أيهما يأخذ ?

فقال جبرئيل : يا محمد إن الله يقرئك السلام , و يقول لك تفكر أيهما يأخذها أسمنهما و أعظمهما فينحرها و يتصدق بها لوجه الله , فكان تفكره لله عز و جل لا لنفسه و لا للدنيا .

فبكى رسول الله و أعطاه كليهما و أنزل الله فيه إِنَّ فِي ذلِكَ لَذِكْرى لعظة لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ عقل أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ يعني يستمع أمير المؤمنين بأذنيه إلى من تلاه بلسانه من كلام الله وَ هُوَ شَهِيدٌ يعني و أمير المؤمنين شاهد القلب لله في صلاته لا يتفكر فيها بشي‏ء من أمر الدنيا .

[21]

البرقي :

و من وحد الله من قبلهم *** و من كان صام و صلى صميا

و زكى بخاتمه في الصلاة *** و لم يك طرفة عين عصيا

لقد فاض من كان مولى لهم *** و قد نال خيرا و حظا سنيا

و خاب الذي قد يعاديهم *** و من كان في دينه ناصبيا

بعض الأعراب :

إلا إن خير الناس بعد محمد *** علي و إن لام العذول و فندا

و إن عليا خير من وطأ الحصى *** سوى المصطفى أعني النبي محمدا

هما أسلما قبل الأنام و صليا *** أغارا لعمري في البلاد و أنجدا

آخر :

علي وصى المصطفى و ابن عمه *** و أول من صلى و وحد فاعلم

فصل في المسابقة بالبيعة :

كان للنبي (عليه السلام) بيعة عامة و بيعة خاصة فالخاصة بيعة الجن و لم يكن للإنس فيها نصيب و بيعة الأنصار و لم يكن للمهاجرين فيها نصيب و بيعة العشيرة ابتداء و بيعة الغدير انتهاء و قد تفرد علي بهما و أخذ بطرفيهما .

و أما البيعة العامة فهي بيعة الشجرة و هي سمرة أو أراك عند بئر الحديبية و يقال لها بيعة الرضوان لقوله رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ و الموضع مجهول و الشجرة مفقودة فيقال إنها بروحاء فلا يدرى أ روحاء مكة عند الحمام أو روحاء في طريقها .

و قالوا الشجرة ذهبت السيول بها , و قد سبق أمير المؤمنين (عليه السلام) الصحابة كلهم في هذه البيعة أيضا بأشياء منها أنه كان من السابقين فيها .

ذكر أبو بكر الشيرازي في كتابه عن جابر الأنصاري : أن أول من قام للبيعة

[22]

أمير المؤمنين ثم أبو سنان عبد الله بن وهب الأسدي ثم سلمان الفارسي .

و في أخبار الليث : أن أول من بايع عمار يعني بعد علي ثم إنه أولى الناس بهذه الآية لأن حكم البيعة ما ذكره الله تعالى إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَ أَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَ يُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَ الْإِنْجِيلِ وَ الْقُرْآنِ الآية .

و رووا جميعا عن جابر الأنصاري أنه قال : بايعنا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على الموت .

و في معرفة النسوي : أنه سئل سلمة على أي شي‏ء كنتم تبايعون تحت الشجرة ?

قال : على الموت .

و في أحاديث البصريين عن أحمد قال أحمد بن يسار : إن أهل الحديبية بايعوا رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) على أن لا يفروا و قد صح أنه لم يفر في موضع قط و لم يصح ذلك لغيره .

ثم إن الله تعالى علق الرضا في الآية بالمؤمنين و كان أصحاب البيعة ألفا و ثلاثمائة عن ابن أوفى , و ألفا و أربعمائة عن جابر بن عبد الله , و ألفا و خمسمائة عن ابن المسيب , و ألفا و ستمائة عن ابن عباس : و لا شك أنه كان فيهم جماعة من المنافقين , مثل : جد بن قيس , و عبد الله بن أبي سلول .

ثم إن الله تعالى علق الرضا في الآية بالمؤمنين الموصوفين بأوصاف قوله فَعَلِمَ ما فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ و لم ينزل السكينة على أبي بكر في آية الغار قوله فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ .

قال السدي و مجاهد : فأول من رضي الله عنه ممن بايعه على فعلم في قلبه الصدق و الوفاء .

ثم إن من حكم البيعة ما ذكر الله وَ أَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ * وَ لا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها * وَ قَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا و قال إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ الآية , و إنما سميت بيعة لأنها عقدت على بيع أنفسهم بالجنة للزومهم في الحرب إلى النصر .

back page fehrest page next page