و قال ابن عباس : أخذ النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) تحت شجرة السمرة بيعتهم على أن لا يفروا .
و ليس أحد من الصحابة إلا نقض عهدا في الظاهر بفعل أو بقول و قد ذمهم الله تعالى فقال في يوم الخندق وَ لَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ لا يُوَلُّونَ الْأَدْبارَ و في يوم حنين
[23]
وَ ضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ الأدبار مُدْبِرِينَ و في يوم أحد إِذْ تُصْعِدُونَ وَ لا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وَ الرَّسُولُ يَدْعُوكُمْ فِي أُخْراكُمْ و انهزم أبو بكر و عمر في يوم خيبر بالإجماع و علي (عليه السلام) في وفائه اتفاق فإنه لم يفر قط , و ثبت مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حتى نزل رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ و لم يقل كل المؤمنين فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ يعني حمزة و جعفر و عبيدة وَ مِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ يعني عليا .
بيت :
علي موفي العهد *** و ما كان بغدار
السوسي :
ذاك الإمام المرتضى إن غدر القوم وفى *** أو كدر القوم صفا فهو له مطاول
مونسه في وحدته صاحبه في شدته حقا *** مجلي كربته و الكرب كرب شامل
ثم إن الله تعالى قال وَ أَثابَهُمْ فَتْحاً قَرِيباً يعني فتح خيبر و كان على يد علي بالاتفاق و قد وجدنا النكث في أكثرهم خاصة في الأول و الثاني لما قصدوا في تلك السنة إلى بلاد خيبر فانهزم الشيخان , ثم انهزموا كلهم في يوم حنين , فلم تثبت منهم تحت راية علي إلا ثمانية من بني هاشم ذكرهم ابن قتيبة في المعارف . قال الشيخ المفيد رحمه الله في الإرشاد : و هم : العباس بن عبد المطلب عن يمين رسول الله , و الفضل بن العباس بن عبد المطلب عن يساره , و أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ممسك بسرجه عند لغد بغلته , و أمير المؤمنين علي بن أبي طالب بين يديه يقاتل بسيفه , و نوفل بن الحارث بن عبد المطلب , و ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب , و عبد الله بن الزبير بن عبد المطلب , و عتبة , و معتب ابنا أبي لهب بن عبد المطلب حوله , و قال العباس :
نصرنا رسول الله في الحرب تسعة *** و قد فر من قد فر منهم فاقشعوا
مالك بن عبادة :
لم يواس النبي غير بني هاشم *** عند السيوف يوم حنين
[24]
هرب الناس غير تسعة رهط *** فهم يهتفون بالناس أين
و التاسع أيمن بن عبيد قتل بين يدي النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) .
العوني :
و هل بيعة الرضوان إلا أمانة *** فأول من قد خانها السلفان
ثم إن النبي إنما كان يأخذ البيعة لنفسه و لذريته .
روى الحافظ بن مردويه في كتابه بثلاثة طرق عن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين عن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال , أشهد لقد حدثني أبي عن أبيه عن جده الحسين بن علي (عليه السلام) قال : لما جاءت الأنصار تبايع رسول الله على العقبة , قال : قم يا علي .
فقال علي : على ما أبايعهم يا رسول الله ?
قال : على أن يطاع الله فلا يعصي , و على أن يمنعوا رسول الله و أهل بيته و ذريته مما يمنعون منه أنفسهم و ذراريهم .
ثم إنه كان الذي كتب الكتاب بينهم .
ذكر أحمد في الفضائل عن حبة العرني و عن ابن عباس و عن الزهري : أن كاتب الكتاب يوم الحديبية علي بن أبي طالب .
و ذكر الطبري في تاريخه بإسناده عن البراء بن عازب عن قيس النخعي و ذكر القطان و وكيع و الثوري و السدي و مجاهد في تفاسيرهم عن ابن عباس في خبر طويل : أن النبي (عليه السلام) قال ما كتبت يا علي حرفا إلا و جبرئيل ينظر إليك و يفرح و يستبشر بك .
و أما بيعة العشيرة قال النبي (عليه السلام) بعثت إلى أهل بيتي خاصة و إلى الناس عامة .
و قد كان بعد مبعثه بثلاث سنين .
على ما ذكره الطبري في تاريخه و الخركوشي في تفسيره و محمد بن إسحاق في كتابه عن أبي مالك عن ابن عباس و عن ابن جبير إنه لما نزل قوله : وَ أَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ جمع رسول الله بني هاشم و هم يومئذ أربعون رجلا و أمر عليا أن ينضج رجل شاة و خبز لهم صاعا من طعام و جاء بعس من لبن ثم جعل يدخل إليه عشرة عشرة حتى شبعوا و إن منهم لمن يأكل الجذعة و يشرب الفرق .
و في رواية مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس أنه قال : و قد رأيتم من هذه الآية ما رأيتم .
و في رواية البراء بن عازب و ابن عباس : أنه بدرهم أبو لهب , فقال : هذا ما سحركم به الرجل .
[25]
ثم قال لهم النبي (عليه السلام) : إني بعثت إلى الأسود و الأبيض و الأحمر . إن الله أمرني أن أنذر عشيرتي الأقربين , و إني لا أملك لكم من الله شيئا إلا أن تقولوا لا إله إلا الله .
فقال أبو لهب : أ لهذا دعوتنا ? ثم تفرقوا عنه . فنزلت تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَ تَبَّ .
ثم دعاهم دفعة ثانية و أطعمهم و سقاهم .
ثم قال لهم : يا بني عبد المطلب أطيعوني تكونوا ملوك الأرض و حكامها , و ما بعث الله نبيا إلا جعل له وصيا أخا و وزيرا .
فأيكم يكون أخي و وزيري و وصيي و وارثي و قاضي ديني ?
و في رواية الطبري عن ابن جبير و ابن عباس : فأيكم يوازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم ?
فأحجم القوم .
و في رواية أبي بكر الشيرازي عن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس و في مسند العشرة و فضائل الصحابة عن أحمد بإسناده عن ربيعة بن ناجد عن علي (عليه السلام) : فأيكم يبايعني على أن يكون أخي و صاحبي ?
فلم يقم إليه أحد .
و كان علي أصغر القوم , يقول : أنا .
فقال في الثالثة : أجل و ضرب بيده على يدي أمير المؤمنين .
و في تفسير الخركوشي عن ابن عباس و ابن جبير و أبي مالك و في تفسير الثعلبي عن البراء بن عازب : فقال علي و هو أصغر القوم : أنا يا رسول الله .
فقال : أنت .
فلذلك كان وصيه .
قالوا : فقام القوم , و هم يقولون لأبي طالب : أطع ابنك فقد أمر عليك .
و في تاريخ الطبري : فأحجم القوم .
فقال علي : أنا يا نبي الله , أكون وزيرك عليه .
فأخذ برقبته , ثم قال : هذا أخي و وصيي و خليفتي فيكم فاسمعوا له و أطيعوا .
قال : فقام القوم يضحكون , فيقولون لأبي طالب : قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع .
و في رواية الحارث بن نوفل و أبي رافع و عباد بن عبد الله الأسدي عن علي (عليه السلام) : فقلت : أنا يا رسول الله .
قال أنت , و أدناني إليه و تفل في فيّ .
فقاموا يتضاحكون و و يقولون :بئس ما حبا ابن عمه إذا اتبعه و صدقه .
تاريخ الطبري عن ربيعة بن ناجد : إن رجلا قال لعلي : يا أمير المؤمنين بم ورثت ابن عمك دون عمك ?
فقال (عليه السلام) , بعد كلام ذكر فيه حديث الدعوة : فلم يقم إليه أحد , فقمت إليه و كنت من أصغر القوم .
قال , فقال : اجلس .
ثم قال ذلك ثلاث مرات , كل ذلك أقوم إليه , فيقول لي : اجلس . حتى كان في الثالثة ضرب بيده على يدي .
قال , فبذلك ورثت ابن عمى دون عمى .
[26]
و في حديث أبي رافع : أنه قال أبو بكر للعباس أنشدك الله تعلم أن رسول الله قد جمعكم و قال يا بني عبد المطلب إنه لم يبعث الله نبيا إلا جعل له من أهله وزيرا و أخا و وصيا و خليفة في أهله فمن يقم منكم يبايعني على أن يكون أخي و وزيري و وارثي و وصيي و خليفتي في أهلي ?
فبايعه علي على ما شرط له .
و إذا صحت هذه الجملة وجبت إمامته بعد النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) بلا فصل .
الحميري :
و قيل له أنذر عشيرتك الأولى *** و هم من شباب أربعين و شيب
فقال لهم إني رسول إليكم *** و لست أراني عندكم بكذوب
و قد جئتكم من عند رب مهيمن *** جزيل العطايا للجزيل وهوب
فأيكم يقفوا مقالي فأمسكوا *** فقال أ لا من ناطق فمجيبي
ففاز بها منهم علي و سادهم *** و ما ذاك من عاداته بغريب
و له :
أنت أولى الناس بالناس *** و خير الناس دينا
كنت في الدنيا أخاه *** يوم يدعو الأقربينا
ليجيبوه إلى الله *** فكانوا أربعينا
بين عم و ابن عم *** حوله كانوا عرينا
فورثت العلم منه *** و الكتاب المستبينا
و له :
و يوم قال له جبرئيل قد علموا *** أنذر عشيرتك الأدنين إن بصروا
فقام يدعوهم من دون أمته *** فما تخلف عنه منهم بشر
فمنهم آكل في مجلس جذعا *** و شارب مثل عس و هو محتفر
فصدهم عن نواحي قصعة شبعا *** فيها من الحب صاع فوقه الوزر
فقال يا قوم إن الله أرسلني *** إليكم فأجيبوا الله و ادكروا
فأيكم يجتبي قولي و يؤمن بي *** إني نبي رسول فانبرى عذر
فقال تبا أ تدعونا لتلفتنا عن *** ديننا ثم قام القوم فانشمروا
[27]
من الذي قال منهم و هو أحدثهم *** سنا و خيرهم في الذكر إذ سطروا
آمنت بالله قد أعطيت نافلة لم *** يعطها أحد جن و لا بشرو
إن ما قلته حق و إنهم إن لم *** تجيبوا فقد خانوا و قد خسروا
ففاز قدما بها و الله أكرمه *** فكان سباق غايات إذا ابتدروا
و له :
أبو حسن غلام من قريش *** أبرهم و أكرمهم نصابا
دعاهم أحمد لما أتته *** من الله النبوة فاستجابا
فأدبه و علمه و أملى *** عليه الوحي يكتبه كتابا
فأحصى كل ما أملى عليه *** و بينه له بابا فبابا
و له :
لأقدم أمته الأولين هدى *** و لأحدثهم مولدا
دعاه ابن آمنة المصطفى *** و كان رشيد الهدى مرشدا
إلى أن يوحد رب السماء *** تعالى و جل و أن يعبدا
فلباه لما دعاه إليه و *** وحده مثل ما وحدا
و أخبره أنه مرسل فقال *** صدقت و ما فندا
فصلى الصلاة و صام الصيام *** غلاما و وافى الوغي أمردا
فلم ير يوما كأيامه *** و لا مثل مشهده مشهدا
العوني :
تخيره الله من خلقه *** فحمله الذكر و هو الخبير
و أنزل بالسور المحكمات *** عليه كتاب مبين منير
و أغشاه نورا و ناداه قم *** فأنذر و أنت البشير النذير
فلاح الهدى و اضمحل العمى *** و ولى الضلال و عيف الغرور
فوصى عليا فنعم الوصي *** و نعم الولي و نعم النصير
و له :
إن رسول الله مصباح الهدى *** و حجة الله على كل البشر
[28]
جاء بقرآن مبين ناطق بالحق *** من عند مليك مقتدر
فكان من أول من صدقه وصيه *** و هو بسن من صغر
و لم يكن أشرك بالله و لا *** دنس يوما بسجود لحجر
فذاكم أول من آمن بالله *** و من جاهد فيه و نصر
أول من صلى من القوم و من *** طاف و من حج بنسك و اعتمر
دعبل :
سقيا لبيعة أحمد و وصيه *** أعني الإمام ولينا المحسودا
أعني الذي نصر النبي محمدا *** قبل البرية ناشيا و وليدا
أعني الذي كشف الكروب و لم *** يكن في الحرب عند لقائها رعديدا
أعني الموحد قبل كل موحد لا ** عابدا وثنا و لا جلمودا
غيره :
فلما دعا المصطفى أهله *** إلى الله سرا دعاه رفيقا
و لاطفهم عارضا نفسه *** على قومه فجزوه عقوقا
فبايعه دون أصحابه و *** كان لحمل أذاه مطيقا
و وحد من قبلهم سابقا *** و كان إلى كل فضل سبوقا
فصل في المسابقة بالعلم :
سفيان عن ابن جريح عن عطاء عن ابن عباس في قوله : الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وَ الْإِيمانَ قال قد يكون مؤمنا و لا يكون عالما فو الله لقد جمع لعلي كلاهما العلم و الإيمان .
مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس في قوله : إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ قال كان علي يخشى الله و يراقبه و يعمل بفرائضه و يجاهد في سبيله .
الصفواني في الإحن و المحن عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : حم اسم من أسماء الله عسق علم علي سبق كل جماعة و تعالى عن كل فرقة .
[29]
محمد بن مسلم و أبو حمزة الثمالي و جابر بن يزيد عن الباقر (عليه السلام) و علي بن فضال و الفضيل بن يسار و أبو بصير عن الصادق (عليه السلام) و أحمد بن محمد الحلبي و محمد بن الفضيل عن الرضا (عليه السلام) و قد روي عن موسى بن جعفر (عليه السلام) و عن زيد بن علي و عن محمد ابن الحنفية رضي الله عنه و عن سلمان الفارسي رضي الله عنه و عن أبي سعيد الخدري و عن إسماعيل السدي أنهم قالوا في قوله تعالى : قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ هو علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
الثعلبي في تفسيره بإسناده عن أبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن ابن عباس و روي عن عبد الله بن عطاء عن أبي جعفر (عليه السلام) : أنه قيل لهما زعموا أن الذي عنده علم الكتاب ; عبد الله بن سلام .
قال : ذاك علي بن أبي طالب (عليه السلام) .
ثم روى أيضا أنه سئل سعيد بن جبير : وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ عبد الله بن سلام .
قال : لا , فكيف و هذه سورة مكية .
و قد روي عن ابن عباس : لا و الله ما هو إلا علي بن أبي طالب , لقد كان عالما بالتفسير و التأويل و الناسخ و المنسوخ و الحلال و الحرام .
و روي عن ابن حنفية : علي بن أبي طالب عنده علم الكتاب الأول و الآخر و رواه النطنزي في الخصائص .
و من المستحيل أن الله تعالى يستشهد بيهودي و يجعله ثاني نفسه .
و قوله قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَ بَيْنَكُمْ وَ مَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ موافق لقوله : كلا , أنزل في أمير المؤمنين علي , و عدد حروف كل واحد منهما ثمانمائة و سبعة عشر .
العوني :
و من عنده علم الكتاب و علم ما *** يكون و ما قد كان علما مكتما
أبو مقاتل بن الداعي العلوي :
و إن عندك علم الكون أجمعه *** ما كان من سالف منه و مؤتنف
نصر بن المنتصر :
و من حوى علم الكتاب كله *** علم الذي يأتي و علم ما مضى
و قد ظهر علمه على سائر الصحابة حتى اعترفوا بعلمه و بايعوه .
قال الجاحظ : اجتمعت الأمة على أن الصحابة كانوا يأخذون العلم من أربعة علي و ابن عباس
[30]
و ابن مسعود و زيد بن ثابت .
و قال : قالت طائفة , و عمر بن الخطاب .
ثم أجمعوا على أن الأربعة كانوا أقرأ لكتاب الله من عمر .
و قال (عليه السلام) يؤم بالناس أقرأهم .
فسقط عمر . ثم أجمعوا على أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال .
الأئمة من قريش فسقط ابن مسعود و زيد و بقي علي و ابن العباس إذ كانا عالمين فقيهين قرشيين فأكثرهما سنا و أقدمهما هجرة علي فسقط ابن عباس و بقي علي أحق بالإمامة بالإجماع و كانوا يسألونه و لم يسأل هو أحدا .
و قال النبي (عليه السلام) إذا اختلفتم في شيء فكونوا مع علي بن أبي طالب .
عبادة بن الصامت : قال عمر كنا أمرنا إذا اختلفنا في شيء أن نحكم عليا .
و لهذا تابعه المذكورون بالعلم من الصحابة نحو سلمان و عمار و حذيفة و أبي ذر و أبي بن كعب و جابر الأنصاري و ابن عباس و ابن مسعود و زيد بن صوحان و لم يتأخر إلا زيد بن ثابت و أبو موسى و معاذ و عثمان و كلهم معترفون له بالعلم مقرون له بالفضل .
النقاش في تفسيره قال ابن عباس : علي علم علما علمه رسول الله و رسول الله علمه الله فعلم النبي من علم الله و علم علي من علم النبي و علمي من علم علي و ما علمي و علم أصحاب محمد في علم علي إلا كقطرة في سبعة أبحر .
الضحاك عن ابن عباس قال : أعطي علي بن أبي طالب تسعة أعشار العلم و إنه لأعلمهم بالعشر الباقي .
أمالي الطوسي : مر أمير المؤمنين بملإ فيهم سلمان .
فقال لهم سلمان : قوموا فخذوا بحجزة هذا , فو الله لا يخبركم بسر نبيكم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) غيره .
أمالي ابن بابويه قال محمد بن المنذر : سمعت أبا أمامة يقول كان علي (عليه السلام) إذا قال شيئا لم يشك فيه و ذلك أنا سمعنا رسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) يقول خازن سري بعدي علي .
الحميري :
و علي خازن الوحي الذي *** كان مستودع آيات السور
يحيى بن معين بإسناده عن عطاء بن أبي رياح أنه سئل هل تعلم أحدا بعد رسول الله أعلم من علي ?
فقال : لا و الله ما أعلمه .
[31]
فأما قول عمر بن الخطاب في ذلك فكثير :
رواه الخطيب في الأربعين : قال عمر : العلم ستة أسداس , لعلي من ذلك خمسة أسداس , و للناس سدس , و لقد شاركنا في السدس , حتى لهو أعلم به منا .
عكرمة عن ابن عباس : إن عمر بن الخطاب , قال له : يا أبا الحسن إنك لتعجل في الحكم و الفصل للشيء إذا سئلت عنه .
قال : فأبرز علي كفه , و قال له : كم هذا ?
فقال عمر : خمسة .
فقال : عجلت يا أبا حفص ?
قال : لم يخف علي .
فقال علي : و أنا أسرع فيما لا يخفى علي .
و استعجم عليه شيء و نازع عبد الرحمن فكتبا إليه أن يتجشم بالحضور .
فكتب إليهما : العلم يؤتى و لا يأتي .
فقال عمر : هناك شيخ من بني هاشم و إثارة من علم يؤتى إليه و لا يأتي .
فصار إليه .
فوجده متكئا على مسحاة , فسأله عما أراد .
فأعطاه الجواب .
فقال عمر : لقد عدل عنك قومك و إنك لأحق به .
فقال (عليه السلام) : إن يوم الفصل كان ميقاتا .
يونس عن عبيد قال الحسن : إن عمر بن الخطاب قال اللهم إني أعوذ بك من عضيهة ليس لها علي عندي حاضرا .
إبانة ابن بطة : كان عمر يقول فيما يسأله عن علي فيفرج عنه لا أبقاني الله بعدك .
تاريخ البلاذري : لا أبقاني الله لمعضلة ليس لها أبو الحسن .
الإبانة و الفائق : أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو حسن .
و قد ظهر رجوعه إلى علي (عليه السلام) في ثلاث و عشرين مسألة .
حتى قال : لو لا علي لهلك عمر . و قد رواه الخلق منهم أبو بكر بن عباس و أبو المظفر السمعاني .
الصاحب :
في مثل فتواك إذ قالوا مجاهرة *** لو لا علي هلكنا في فتاوينا
[32]
خطيب خوارزم :
إذا عمر تخطى في جواب *** و نبهه علي بالصواب
يقول بعد له لو لا علي *** هلكت هلكت في ذاك الجواب
و قد اشتهر عن أبي بكر قوله : فإن استقمت فاتبعوني و إن زغت فقوموني .
و قوله : أما الفاكهة فأعرفها و أما الأب فالله أعلم .
و قوله : في الكلالة أقول فيها برأيي فإن أصبت فمن الله و إن أخطأت فمني و من الشيطان : الكلالة ما دون الولد و الوالد .
و عن عمر , سؤال السبيع عن الذاريات , و قوله : لا تتعجبوا من إمام أخطأ , و امرأة أصابت , ناضلت أميركم فنضلته .
و مسألة الحمارية , و آية الكلالة , و قضاؤه في الجد , و غير ذلك .
و قد شهد له رسول الله بالعلم :
قوله : علي عيبة علمي .
و قوله : علي أعلمكم علما و أقدمكم سلما .
و قوله : أعلم أمتي من بعدي علي بن أبي طالب . رواه علي بن هاشم و ابن شيرويه الديلمي بإسنادهما إلى سلمان .
النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) أعطى الله عليا من الفضل جزءا لو قسم على أهل الأرض لوسعهم , و أعطاه من الفهم جزءا لو قسم على أهل الأرض لوسعهم .
حلية الأولياء سئل النبي عن علي بن أبي طالب فقال : قسمت الحكمة عشرة أجزاء فأعطي علي تسعة أجزاء و الناس جزء واحد .
ربيع بن خثيم : ما رأيت رجلا من يحبه أشد حبا من علي و لا من يبغضه أشد بغضا من علي . ثم التفت فقال : وَ مَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْراً كَثِيراً .
و استدل بالحساب , فقالوا : أعلم الأمة علي بن أبي طالب . اتفقا في مائتين و ثمانية عشر .
و كذلك قولهم : أعلم الأمة جمال الأمة علي بن أبي طالب سيد النجباء . اتفقا في ثلاثمائة و سبعين .
ديك الجن :
هو الذي سمي أبا البيان *** صدقت قد أصبت بالبيان
[33]
و هو أبو العلم الذي لا يعلم *** من قوله قولوا و لا تحمحموا
و قد أجمعوا على أن النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) قال : أقضاكم علي .
و روينا عن سعيد بن أبي الخضيب و غيره أنه قال الصادق (عليه السلام) لابن أبي ليلى : أ تقضي بين الناس يا عبد الرحمن ?
قال : نعم يا ابن رسول الله .
قال : بأي شيء تقضي .
قال : بكتاب الله .
قال : فما لم تجد في كتاب الله .
قال : من سنة رسول (صلّى الله عليه وآله وسلّم) . و ما لم أجده فيهما أخذته عن الصحابة بما اجتمعوا عليه .
قال فإذا اختلفوا فبقول من تأخذ منهم ?
قال : بقول من أردت و أخالف الباقين .
قال : فهل تخالف عليا فيما بلغك أنه قضى به ?