قال : ربما خالفته إلى غيره منهم .
قال : أبو عبد الله (عليه السلام) , ما تقول يوم القيامة إذا رسول الله ?
قال : أي رب إن هذا بلغه عني قول فخالفه .
قال : و أين خالفت قوله ? يا ابن رسول الله .
قال : فبلغك أن رسول الله قال , أقضاكم علي ?
قال : نعم .
قال : فإذا خالفت قوله , أ لم تخالف قول رسول الله ?
فاصفر وجه ابن أبي ليلى , و سكت .
الإبانة قال أبو أمامة قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : أعلم بالسنة و القضاء بعدي علي ابن أبي طالب .
كتاب الجلاء و الشفاء و الإحن و المحن قال الصادق (عليه السلام) : قضى علي بقضية باليمن فأتوا النبي (عليه السلام) , فقالوا إن عليا ظلمنا .
فقال (عليه السلام) : إن عليا ليس بظالم , و لم يخلق للظلم , و إن عليا وليكم بعدي , و الحكم حكمه , و القول قوله , لا يرد حكمه إلا كافر , و لا يرضى به إلا مؤمن .
و إذا ثبت ذلك فلا ينبغي لهم أن يتحاكموا بعده إلى غير علي .
و القضاء يجمع علوم الدين .
فإذا يكون هو الأعلم , فلا يجوز تقديم غيره عليه , لأنه يقبح تقديم المفضول على الفاضل .
الأصفهاني :
و له يقول محمد أقضاكم *** هذا و أعلم يا ذوي الأذهان
إني مدينة علمكم و أخي *** له باب وثيق الركن مصراعان
فأتوا بيوت العلم من أبوابها *** فالبيت لا يؤتى من الحيطان
العوني :
أ من سواه إذا أتي بقضية *** طرد الشكوك و أخرس الحكاما
[34]
فإذا رأى رأيا فخالف رأيه *** قوم و إن كدوا له الأفهاما
نزل الكتاب برأيه فكأنما *** عقد الإله برأيه الإحكاما
ابن حماد :
عليم بما قد كان أو هو كائن *** و ما هو دق في الشرائع أو جل
مسمى مجلى في الصحائف كلها *** فسل أهلها و اسمع تلاوة من يتلو
و لو لا قضاياه التي شاع ذكرها *** لعطلت الأحكام و الفرض و النفل
الحميري :
من كان أعلمهم و أقضاهم و من *** جعل الرعية و الرعاء سواء
الباقر و أمير المؤمنين (عليها السلام) في قوله : وَ لَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ الآية . و قوله تعالى وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ : نحن البيوت التي أمر الله أن يؤتى من أبوابها , نحن باب الله و بيوته التي تؤتى منه فمن تابعنا و أقر بولايتنا فقد أتى البيوت من أبوابها , و من خالفنا و فضل علينا غيرنا فقد أتى البيوت من ظهورها .
و قال النبي (عليه السلام) بالإجماع : أنا مدينة العلم و علي بابها , فمن أراد العلم فليأت الباب رواه أحمد من ثمانية طرق و إبراهيم الثقفي من سبعة طرق و ابن بطة من ستة طرق و القاضي الجعاني من خمسة طرق و ابن شاهين من أربعة طرق و الخطيب التاريخي من ثلاثة طرق و يحيى بن معين من طريقين و قد رواه السمعاني و القاضي و الماوردي و أبو منصور السكري و أبو الصلت الهروي و عبد الرزاق و شريك عن ابن عباس و مجاهد و جابر .
و هذا يقتضي وجوب الرجوع إلى أمير المؤمنين لأنه كنى عنه بالمدينة و أخبر أن الوصول إلى علمه من جهة علي خاصة لأنه جعله كباب المدينة الذي لا يدخل إليها إلا منه .
ثم أوجب ذلك الأمر به بقوله فليأت الباب , و فيه دليل على عصمته , لأن من ليس بمعصوم يصح منه وقوع القبيح فإذا وقع كان الاقتداء به قبيحا فيؤدى إلى أن يكون (عليه السلام) قد أمر بالقبيح و ذلك لا يجوز .
و يدل أيضا أنه أعلم الأمة يؤيد ذلك ما قد علمناه من اختلافها و رجوع بعضها إلى بعض و غناؤه (عليه السلام) عنها و أبان ولاية علي و إمامته و أنه لا يصح أخذ العلم و الحكمة في حياته و بعد وفاته إلا من قبله و روايته عنه كما قال الله تعالى وَ أْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوابِها
[35]
و في الحساب علي بن أبي طالب باب مدينة الحكمة استويا في مائتين و ثمانية عشر .
البشنوي :
فمدينة العلم التي هو بابها *** أضحى قسيم النار يوم مآبه
فعدوه أشقى البرية في لظى *** و وليه المحبوب يوم حسابه
و له :
مدينة العلم ما عن بابها عوض *** لطالب العلم إذ ذو العلم مسئول
الصاحب :
كان النبي مدينة هو بابها *** لو أثبت النصاب ذات المرسل
و له :
باب المدينة لا تبغوا سواه لها *** لتدخلوها فخلوا جانب التيه
الحميري :
من كان باب مدينة العلم الذي *** ذكر النزول و فسر الأنباء
ابن حماد :
باب الإله تعالى لم يصل أحد إليه *** إلا الذي من بابه يلج
و له :
هذا الإمام لكم بعدي يسددكم *** رشدا و يوسعكم علما و آدابا
إني مدينة علم الله و هو لها *** باب فمن رامها فليقصد البابا
خطيب منيح :
أنا دار الهدى و العلم فيكم *** و هذا بابها للداخلينا
أطيعوني بطاعته و كونوا *** بحبل ولائه مستمسكينا
خطيب خوارزم :
إن النبي مدينة لعلومه *** و علي الهادي لها كالباب
أ فلا يكون أعلم الناس و كان مع النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في البيت و المسجد يكتب وحيه و مسائله و يسمع فتاويه و يسأله .
و روي : أنه كان النبي إذا نزل عليه الوحي ليلا لم يصبح حتى يخبر به عليا , و إذا نزل عليه الوحي نهارا لم يمس حتى يخبر به عليا .
[36]
و من المشهور إنفاقه الدينار قبل مناجاة الرسول , و سأله عن عشر مسائل فتح له منها ألف باب فتح من كل باب ألف باب , و كذلك حين وصى النبي (عليه السلام) قبل وفاته .
أبو نعيم الحافظ بإسناده عن زيد بن علي عن أبيه عن جده عن علي (عليه السلام) : قال علمني رسول الله ألف باب يفتح كل باب إلى ألف باب و قد روى أبو جعفر بن بابويه هذا الخبر في الخصال من أربع و عشرين طريقة و سعد بن عبد الله القمي في بصائر الدرجات من ستة و ستين طريقة .
أبو عبد الله (عليه السلام) : كان ذؤابة سيف النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) صحيفة صغيرة هي الأحرف التي يفتح كل حرف ألف حرف فما خرج منها إلا حرفان حتى الساعة .
و في رواية : إن عليا (عليه السلام) دفعها إلى الحسن فقرأ منها حروفا .
ثم أعطاها الحسين فقرأها أيضا .
ثم أعطاها محمدا فلم يقدر على أن يفتحها .
قال أبو القاسم البستي : و ذلك نحو أن يقول الربا في كل مكيل في العادة أي موضع كان و في كل موزون .
و إذا قال يحل من البيض كل ما دق أعلاه و غلظ أسفله .
و إذا قال يحرم من السباع كل ذي ناب و ذي مخلب من الطير و يحل الباقي .
و كذلك قول الصادق (عليه السلام) : كل ما غلب الله عليه من أمره فالله أعذر لعبده .
الحميري :
حدثه في مجلس واحد *** ألف حديث معجب حاجب
كل حديث من أحاديثه *** يفتح ألف عدة الحاسب
فتلك وفت ألف ألف له *** فيها جماع المحكم الصائب
و له :
و كفاه بألف ألف حديث *** قد وعاهن من وحي مجيد
قد وعاها في مجلس بمعانيها *** و أسبابها و وقت الحدود
و له :
علي أمير المؤمنين أخو الهدى *** و أفضل ذي نعل و من كان حافيا
أسر إليه أحمد العلم جملة *** و كان له دون البرية واعيا
و دونه في مجلس منه واحد *** بألف حديث كلها كان هاديا
[37]
و كل حديث من أولئك فاتح له *** ألف باب فاحتواها كما هيا
الشريف الرضي :
يا بني أحمد أناديكم اليوم *** و أنتم غدا لرد جوابي
ألف باب أعطيتم ثم أفضى *** كل باب منها إلى ألف باب
لكم الأمر كله و إليكم *** و لديكم يئول فصل الخطاب
أبان بن تغلب و الحسين بن معاوية و سليمان الجعفري و إسماعيل بن عبد الله بن جعفر كلهم عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال : لما حضر رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الممات دخل عليه علي (عليه السلام) فأدخل رأسه معه .
ثم قال , يا علي : إذا أنا مت فغسلني و كفني ثم أقعدني و سائلني و اكتب تهذيب الأحكام فخذ بمجامع كفني و أجلسني ثم اسألني عما شئت فو الله لا تسألني عن شيء إلا أجبتك فيه .
و في رواية أبي عوانة بإسناده : قال علي : ففعلت فأنبأني بما هو كائن إلى يوم القيامة .
جميع بن عمير التيمي عن عائشة في خبر أنها : قالت و سالت نفس رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) في كفه ثم ردها في فيه .
و بلغني عن الصفواني أنه قال حدثني أبو بكر بن مهرويه بإسناده إلى أم سلمة في خبر : قالت كنت عند النبي (عليه السلام) فدفع إلي كتابا , فقال : من طلب هذا الكتاب منك ممن يقوم بعدي فادفعيه إليه .
ثم ذكرت قيام أبي بكر و عمر و عثمان و أنهم ما طلبوه .
ثم قالت : فلما بويع علي نزل عن المنبر , و مر , و قال لي : يا أم سلمة هاتي الكتاب الذي دفع إليك رسول الله .
فقالت : قلت له أنت صاحبه ?
فقال : نعم .
فدفعته إليه .
قيل : ما كان في الكتاب ?
قال : كل شيء دون قيام الساعة .
و في رواية ابن عباس : فلما قام علي أتاها و طلب الكتاب ففتحه و نظر فيه , فقال : هذا علم الأبد .
قال أبو عبد الله : يمصون الثماد و يدعون النهر الأعظم .
فسئل عن معنى ذلك .
فقال :علم النبيين بأسره أوحاه الله إلى محمد , فجعل محمد ذلك كله عند علي .
[38]
و كان (عليه السلام) يدعي في العلم دعوى ما سمعت قط من أحد .
روى حنش الكناني أنه سمع عليا يقول : و الله لقد علمت بتبليغ الرسالات و تصديق العدات و تمام الكلمات .
و قوله : إن بين جنبي لعلما جما لو أصبت له حملة .
و قوله : لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا .
ابن العودي :
و من ذا يساميه بمجد و لم يزل *** يقول سلوني ما يحل و يحرم
سلوني ففي جنبي علم ورثته *** عن المصطفى ما فات مني به الفم
سلوني عن طرق السماوات إنني *** بها عن سلوك الطرق في الأرض أعلم
و لو كشف الله الغطاء لم أزد *** به يقينا على ما كنت أدري و أفهم
الزاهي :
ما زلت بعد رسول الله منفردا *** بحرا يفيض على الوراد زاخره
أمواجه العلم و البرهان لجته *** و الحلم شطأه و التقوى جواهره
و روى ابن أبي البختري من ستة طرق و ابن المفضل من عشر طرق و إبراهيم الثقفي من أربعة عشر طريقا منهم عدي بن حاتم و الأصبغ بن نباته و علقمة بن قيس و يحيى ابن أم الطويل و زر بن حبيش و عباية بن ربعي و عباية بن رفاعة و أبو الطفيل : أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال بحضرة المهاجرين و الأنصار و أشار إلى صدره كيف مليء علما لو وجدت له طالبا , سلوني قبل أن تفقدوني , هذا سفط العلم , هذا لعاب رسول الله , هذا ما زقني به رسول الله زقا , فاسألوني فإن عندي علم الأولين و الآخرين , أما و الله لو ثنيت لي الوسادة , ثم أجلست عليها لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم , و بين أهل الإنجيل بإنجيلهم , و بين أهل الزبور بزبورهم , و بين أهل الفرقان بفرقانهم , حتى ينادي كل كتاب بأن عليا حكم بحكم الله في .
و في رواية : حتى ينطق الله التوراة و الإنجيل .
و في رواية : حتى يزهر كل كتاب من هذه الكتب , و يقول يا رب : إن عليا قضى بقضائك .
ثم قال : سلوني قبل أن تفقدوني , فو الذي فلق الحبة و برأ النسمة , لو سألتموني عن آية آية في ليلة أنزلت , أو في نهار أنزلت , مكيها و مدنيها , و سفريها و حضريها , ناسخها
[39]
و منسوخها , و محكمها و متشابهها , و تأويلها و تنزيلها , لأخبرتكم .
و في غرر الحكم عن الآمدي : سلوني قبل أن تفقدوني , فإني بطرق السماوات أخبر منكم بطرق الأرض .
و في نهج البلاغة : فو الذي نفسي بيده لا تسألوني عن شيء فيما بينكم و بين الساعة , و لا عن فئة تهدى مائة و تضل مائة , إلا أنبأتكم بناعقها , و قائدها , و سائقها , و مناخ ركابها , و محط رحالها , و من يقتل من أهلها قتلا , و يموت موتا .
و في رواية : لو شئت أخبرت كل واحد منكم بمخرجه و مولجه و جميع شأنه لفعلت .
و عن سلمان أنه قال (عليه السلام) : عندي علم المنايا , و البلايا , و الوصايا , و الأنساب , و فصل الخطاب , و مولد الإسلام , و مولد الكفر , و أنا صاحب الميسم , و أنا الفاروق الأكبر , و دولة الدول , فسلوني عما يكون إلى يوم القيامة , و عما كان قبلي , و على عهدي , و إلى أن يعبد الله .
قال ابن المسيب : ما كان في أصحاب رسول الله (عليه السلام) أحد يقول : سلوني غير علي بن أبي طالب .
و قال ابن شبرمة : ما أحد قال على المنبر سلوني غير علي .
و قال الله تعالى تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ و قال وَ كُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ و قال وَ لا رَطْبٍ وَ لا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ .
فإذا كان ذلك لا يوجد في ظاهره فهل يكون موجودا إلا في تأويله , كما قال وَ ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ و هو الذي عنى (عليه السلام) سلوني قبل أن تفقدوني , و لو كان إنما عنى به في ظاهره فكان في الأمة كثير يعلم ذلك , و لا يخطئ فيه حرفا , و لم يكن (عليه السلام) ليقول من ذلك على رءوس الأشهاد ما يعلم أنه لا يصح من قوله و أن غيره يساويه فيه , أو يدعي على شيء منه معه .
فإذا ثبت أنه لا نظير له في العلم , صح أنه أولى بالإمامة .
العوني :
و كم علوم مقفلات في الورى *** قد فتح الله به أقفالها
حرم بعد المصطفى حرامها *** كما أحل بينهم حلالها
و كم بحمد الله من قضية *** مشكلة حل لهم إشكالها
حتى أقرت أنفس القوم بأن *** لو لا الوصي ارتكبت ضلالها
و له :
و من ركب الأعواد يخطب في الورى *** و قال سلوني قبل فقدي لأفهما
[40]
ابن حماد :
قلت سلوني قبل فقدي إن لي *** علما و ما فيكم له مستودع
و كذاك لو ثني الوساد حكمت *** بالكتب التي فيها الشرائع تشرع
و له :
سلوني أيها الناس *** سلوني قبل فقداني
فعندي علم ما كان *** و ما يأتي و ما يأني
شهدنا أنك العالم *** في علمك رباني
و قلت الحق يا حق *** و لم تنطق ببهتان
و له :
هل سمعتم بقائل قبله قال *** سلوني من قبل أن تفقدوني
و له :
من قال بالبصرة للناس سلوني *** من قبل أن أفقد من طرق السماء
زيد المرزكي :
مدينة العلم علي بابها *** و كل من حاد عن الباب جهل
أم هل سمعتم قبله من قائل *** قال سلوني قبل إدراك الأجل
شاعر :
قال اسألوني قبل فقدي *** و ذا إبانة عن علمه الباهر
لو شئت أخبرت بمن قد مضى *** و ما بقي في الزمن الغابر
و من عجب أمره في هذا الباب أنه لا شيء من العلوم إلا و أهله يجعلون عليا قدوة فصار قوله قبلة في الشريعة فمنه سمع القرآن .
ذكر الشيرازي في نزول القرآن و أبو يوسف يعقوب في تفسيره عن ابن عباس في قوله : لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ .
كان النبي يحرك شفتيه عند الوحي ليحفظه و قيل له لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ يعني بالقرآن لِتَعْجَلَ بِهِ من قبل أن يفرغ به من قراءته عليك إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ قال ضمن الله محمدا أن يجمع القرآن بعد رسول الله علي بن أبي طالب .
قال ابن عباس : فجمع الله القرآن في
[41]
قلب علي , و جمعه علي بعد موت رسول الله بستة أشهر .
و في أخبار أبي رافع أن النبي قال في مرضه الذي توفي فيه لعلي : يا علي هذا كتاب الله خذه إليك , فجمعه علي في ثوب فمضى إلى منزله .
فلما قبض النبي (عليه السلام) جلس علي فألفه كما أنزله الله و كان به عالما .
و حدثني أبو العلاء العطار و الموفق خطيب خوارزم في كتابيهما بالإسناد عن علي بن رباح : أن النبي أمر عليا بتأليف القرآن فألفه و كتبه .
جبلة بن سحيم عن أبيه عن أمير المؤمنين , قال : لو ثنيت لي الوسادة و عرف لي حقي لأخرجت لهم مصحفا كتبته و املأه علي رسول الله .
و رويتم أيضا أنه إنما أبطأ علي (عليه السلام) عن بيعة أبي بكر لتأليف القرآن .
أبو نعيم في الحلية و الخطيب في الأربعين بالإسناد عن السدي عن عبد خير عن علي (عليه السلام) قال : لما قبض رسول الله أقسمت [أو حلفت] أن لا أضع رداي عن ظهري حتى أجمع ما بين اللوحين , فما وضعت رداي حتى جمعت القرآن .
و في أخبار أهل البيت (عليه السلام) : أنه آلى أن لا يضع رداءه على عاتقه إلا للصلاة حتى يؤلف القرآن و يجمعه .
فانقطع عنهم مدة إلى أن جمعه .
ثم خرج إليهم به في إزار يحمله و هم مجتمعون في المسجد , فأنكروا مصيره بعد انقطاع مع الألبة , فقالوا : الأمر ما جاء به أبو الحسن .
فلما توسطهم وضع الكتاب بينهم .
ثم قال , إن رسول الله ,قال :إني مخلف فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا , كتاب الله و عترتي أهل بيتي . و هذا الكتاب و أنا العترة .
فقام إليه الثاني , فقال له : إن يكن عندك قرآن فعندنا مثله فلا حاجة لنا فيكما .
فحمل (عليه السلام) الكتاب و عاد به بعد أن ألزمهم الحجة .
و في خبر طويل عن الصادق (عليه السلام) : أنه حمله و ولى راجعا نحو حجرته و هو يقول فَنَبَذُوهُ وَراءَ ظُهُورِهِمْ وَ اشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَبِئْسَ ما يَشْتَرُونَ و لهذا قرأ ابن مسعود أن عليا جمعه و قرأ به فإذا قرأه فاتبعوا قراءته .
[42]
الناشي :
جامع وحي الله إذ فرقه *** من رام جمع آية فما ضبط
أشكله لشكله بجهله *** فاستعجمت أحرفه حين نقط
العوني :
لما رأى الأمر قبيح المدخل *** حرد في جمع الكتاب المنزل
الصاحب :
هل مثل جمعك للقرآن تعرفه *** نظما و معنى و تأويلا و تبيينا
خطيب منيح :
علي جامع القرآن جمعا *** يقصر عنه جمع الجامعينا
فأما ما روي أنه جمعه أبو بكر و عمر و عثمان فأن أبا بكر أقر لما التمسوا منه جمع القرآن .
فقال كيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله و لا أمرني به . ذكره البخاري في صحيحه .
و ادعى علي أن النبي أمره بالتأليف .
ثم إنهم أمروا زيد بن ثابت و سعيد بن العاص و عبد الرحمن بن الحارث بن هشام و عبد الله بن الزبير بجمعه .
فالقرآن يكون جمع هؤلاء جميعهم .
و منهم العلماء بالقراءات .
أحمد بن حنبل و ابن بطة و أبو يعلى في مصنفاتهم عن الأعمش عن أبي بكر بن عياش في خبر طويل : إنه قرأ رجلان ثلاثين آية من الأحقاف فاختلفا في قراءاتهما .
فقال ابن مسعود : هذا الخلاف ما أقرأه فذهبت بهما إلى النبي , فغضب و علي عنده .
فقال علي : رسول الله يأمركم أن تقرءوا كما علمتم .
و هذا دليل على علم علي بوجوه القراءات المختلفة .
و روي : أن زيدا لما قرأ التابوت زح>
قال عليّ : اكتبه التابوت , فكتبه كذلك .
و القراء السبعة إلى قراءته يرجعون .
فأما حمزة و الكسائي فيعولان على قراءة علي و ابن مسعود و ليس مصحفهما مصحف ابن مسعود فهما إنما يرجعان إلى علي و يوافقان ابن مسعود فيما يجرى مجرى الإعراب .
و قد قال ابن مسعود : ما رأيت أحدا أقرأ من علي بن أبي طالب للقرآن .
و أما نافع و ابن كثير و أبو عمرو فمعظم قراءاتهم ترجع إلى ابن عباس و ابن عباس
[43]
قرأ على أبي بن كعب و علي , و الذي قرأه هؤلاء القراء يخالف قراءة أبي , فهو إذا مأخوذ عن علي (عليه السلام) .
و أما عاصم فقرأ على أبي عبد الرحمن السلمي و قال أبو عبد الرحمن قرأت القرآن كله على علي بن أبي طالب , فقالوا أفصح القراءات قراءة عاصم لأنه أتى بالأصل و ذلك أنه يظهر ما أدغمه غيره و يحقق من الهمز ما لينه غيره و يفتح من الألفات ما أماله غيره .
و العدد الكوفي في القرآن منسوب إلى علي (عليه السلام) و ليس في الصحابة من ينسب إليه العدد غيره و إنما كتب عدد ذلك كل مصر عن بعض التابعين .
و منهم المفسرون : كعبد الله بن عباس , و عبد الله بن مسعود , و أبي بن كعب , و زيد بن ثابت , و هم معترفون له بالتقدم .
تفسير النقاش قال ابن عباس : جل ما تعلمت من التفسير من علي بن أبي طالب .
و ابن مسعود : إن القرآن أنزل على سبعة أحرف ما منها إلا و له ظهر و بطن و إن علي بن أبي طالب علم الظاهر و الباطن .
فضائل العكبري قال الشعبي : ما أحد أعلم بكتاب الله بعد نبي الله من علي بن أبي طالب .
تاريخ البلاذري و حلية الأولياء : و قال علي (عليه السلام) و الله ما نزلت آية إلا و قد علمت فيما نزلت و أين نزلت أ بليل نزلت أم بنهار نزلت في سهل أو جبل إن ربي وهب لي قلبا عقولا و لسانا سؤلا .
قوت القلوب : قال علي (عليه السلام) لو شئت لأوقرت سبعين بعيرا في تفسير فاتحة الكتاب .
و لما وجد المفسرون قوله لا يأخذون إلا به .
سئل ابن الكواء و هو على المنبر ما الذَّارِياتِ ذَرْواً
فقال : الرياح .
فقال : و ما فَالْحامِلاتِ وِقْراً .
قال : السحاب .