back page fehrest page next page

قال : و ما فَالْجارِياتِ يُسْراً .

قال : الفلك .

قال : فما فَالْمُقَسِّماتِ أَمْراً .

قال : الملائكة .

فالمفسرون كلهم على قوله .

و جهلوا تفسير قوله إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ , فقال له رجل هو أول بيت ?

قال : لا , قد كان قبله بيوت و لكنه أول بيت وضع للناس مباركا فيه الهدى و الرحمة و البركة , و أول من بناه إبراهيم , ثم بناه قوم من العرب من جرهم , ثم هدم فبنته

[44]

قريش , و إنما استحسن قول ابن عباس فيه لأنه قد أخذ منه .

أحمد في المسند : لما توفي النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) كان ابن عباس ابن عشر سنين و كان قرأ المحكم يعني المفصل .

الصاحب :

هل مثل علمك لو زلوا و إن وهنوا *** و قد هديت كما أصبحت تهدينا

و منهم الفقهاء و هو أفقههم فإنه ما ظهر عن جميعهم ما ظهر منه ثم إن جميع فقهاء الأمصار إليه يرجعون و من بحره يغترفون .

أما أهل الكوفة و فقهاؤهم سفيان الثوري و الحسن بن صالح بن حي و شريك بن عبد الله و ابن أبي ليلى و هؤلاء يفرعون المسائل و يقولون هذا قياس قول علي و يترجمون الأبواب بذلك .

و أما أهل البصرة فقهاؤهم الحسن و ابن سيرين و كلاهما كانا يأخذان عمن أخذ عن علي.

و ابن سيرين يفصح بأنه أخذ عن الكوفيين و عن عبيدة السمعاني و هو أخص الناس بعلي (عليه السلام) .

و أما أهل مكة فإنهم أخذوا عن ابن عباس و عن علي (عليه السلام) , و قد أخذ عبد الله معظم علمه عنه , و أما أهل المدينة فعنه أخذوا .

و قد صنف الشافعي , كتابا مفردا في الدلالة على اتباع أهل المدينة لعلي و عبد الله .

و قال محمد بن الحسن الفقيه : لو لا علي بن أبي طالب ما علمنا حكم أهل البغي .

و لمحمد بن الحسن كتابا يشتمل على ثلاثمائة مسألة في قتال أهل البغي بناء على فعله .

مسند أبي حنيفة : قال هشام بن الحكم , قال الصادق (عليه السلام) لأبي حنيفة : من أين أخذت القياس ?

قال : من قول علي بن أبي طالب و زيد بن ثابت حين شاهدهما عمر في الجد مع الإخوة .

فقال له علي : لو أن شجرة انشعب منها غصن و انشعب من الغصن غصنان أيما أقرب إلى أحد الغصنين أ صاحبه الذي يخرج معه أم الشجرة ?

فقال زيد : لو أن جدولا انبعث فيه ساقيه فانبعث من الساقية ساقيتان أيما أقرب أحد الساقيتين إلى صاحبهما أم الجدول ?

و منهم الفرضيون و هو أشهرهم فيها .

فضائل أحمد قال عبد الله : إن أعلم أهل المدينة بالفرائض علي بن أبي طالب .

قال الشعبي : ما رأيت أفرض من علي و لا أحسب منه .

و قد سئل و هو على المنبر يخطب عن رجل مات و ترك امرأة و أبوين و ابنتين كم

[45]

نصيب المرأة ?

فقال (عليه السلام) : صار ثمنها تسعا .

فلقبت بالمسألة المنبرية .

شرح ذلك : للأبوين السدسان و للبنتين الثلثان و للمرأة الثمن عالت الفريضة فكان لها ثلث من أربعة و عشرين ثمنها فلما صارت إلى سبعة و عشرين صار ثمنها تسعا فإن ثلاثة من سبعة و عشرين تسعها و يبقى أربعة و عشرين للابنتين ستة عشر و ثمانية للأبوين سواء قال هذا على الاستفهام أو على قولهم صار ثمنها تسعا أو على مذهب نفسه أو بين كيف يجي‏ء الحكم على مذهب من يقول بالعول فبين الجواب و الحساب و القسمة و النسبة و منه المسألة الدينارية و صورتها .

و منهم أصحاب الروايات نيفا و عشرون رجلا منهم ابن عباس و ابن مسعود و جابر الأنصاري و أبو أيوب و أبو هريرة و أنس و أبو سعيد الخدري و أبو رافع و غيرهم و هو أكثرهم رواية و أتقنهم حجة و مأمون الباطن .

لقوله علي مع الحق .

الترمذي و البلاذري : قيل لعلي (عليه السلام) ما بالك أكثر أصحاب النبي (عليه السلام) حديثا ?

قال : كنت إذا سألته أنبأني و إذا سكت عنه ابتدأني .

كتاب ابن مردويه : إنه قال كنت إذا سألت أعطيت و إذا سكت ابتدئت .

محمد الإسكافي :

حبر عليم بالذي هو كائن *** و إليه في علم الرسالة يرجع

‏أصفاه أحمد من خفي علومه *** فهو البطين من العلوم الأنزع

و منهم المتكلمون : و هو الأصل في الكلام .

قال النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) : علي رباني هذه الأمة .

و في الأخبار أن أول من سن دعوة المبتدعة بالمجادلة إلى الحق علي .

و قد ناظره الملاحدة في مناقضات القرآن .

و أجاب مشكلات مسائل الجاثليق حتى أسلم .

أبو بكر بن مردويه في كتابه عن سفيان : أنه قال : ما حاج علي أحدا إلا حجه .

أبو بكر الشيرازي في كتابه عن مالك عن أنس عن ابن شهاب و أبو يوسف يعقوب بن سفيان في تفسيره و أحمد بن حنبل و أبو يعلى في مسنديهما قال ابن شهاب أخبرني علي بن الحسين أن أباه الحسين بن علي أخبره أن علي بن أبي طالب أخبره : أن النبي طرقه و فاطمة بنت رسول الله فقال أ لا تصلون .

فقلت يا رسول الله إنما أنفسنا بيد الله فإذا شاء أن يبعثنا يبعثنا أي يكثر اللطف بنا .

فانصرف حين قلت ذلك , و لم يرجع إلي .

ثم سمعته

[46]

وهو مول يضرب فخذيه يقول وَ كانَ الْإِنْسانُ يعني علي بن أبي طالب أَكْثَرَ شَيْ‏ءٍ جَدَلًا يعني متكلما بالحق و الصدق .

و قال لرأس الجالوت , لما قال له : لم تلبثوا بعد نبيكم إلا ثلاثين سنة حتى ضرب بعضكم وجه بعض بالسيف .

فقال (عليه السلام) : و أنتم لم تجف أقدامكم من ماء البحر حتى قلتم لموسى اجْعَلْ لَنا إِلهاً كَما لَهُمْ آلِهَةٌ .

و أرسل إليه أهل البصرة كليبا الجرمي بعد يوم الجمل ليزيل الشبهة عنهم في أمره فذكر له ما علم أنه على الحق ثم قال له بايع .

فقال : إني رسول القوم فلا أحدث حدثا حتى أرجع إليهم .

فقال : أ رأيت لو أن الذين وراءك بعثوك رائدا تبتغي لهم مساقط الغيث فرجعت إليهم فأخبرتهم عن الكلاء و الماء .

قال : فامدد إذا يدك .

قال كليب : فو الله ما استطعت أن أمتنع عند قيام الحجة عليّ , فبايعته .

و قوله (عليه السلام) : أول معرفة الله توحيده , و أصل توحيده نفي الصفات عنه . ... إلى آخر الخبر .

و ما أطنب المتكلمون في الأصول إنما هو زيادة لتلك الجمل و شرح لتلك الأصول .

فالإمامية يرجعون إلى الصادق (عليه السلام) و هو إلى آبائه .

و المعتزلة و الزيدية يرويه لهم القاضي عبد الجبار بن أحمد عن أبي عبد الله الحسين البصري و أبي إسحاق عباس عن أبي هاشم الجبائي عن أبيه أبي علي عن أبي يعقوب الشحام عن أبي الهذيل العلاف عن أبي عثمان الطويل عن واصل بن عطاء عن أبي هاشم عبد الله بن محمد بن علي عن أبيه محمد بن الحنفية عنه (عليه السلام) .

الوراق القمي :

علي لهذا الناس قد بين الذي *** هم اختلفوا فيه و لم يتوجم

‏علي أعاش الدين وفاه حقه *** و لولاه ما أفضى إلى عشر درهم

و منهم النحاة : و هو واضع النحو لأنهم يروونه عن الخليل بن أحمد بن عيسى بن عمرو الثقفي عن عبد الله بن إسحاق الحضرمي عن أبي عمرو بن العلاء عن ميمون الأفرن

[47]

عن عنبسة الفيل عن أبي الأسود الدؤلي عنه (عليه السلام)
.

و السبب في ذلك أن قريشا كانوا يزوجون بالأنباط فوقع فيما بينهم أولاد ففسد لسانهم حتى أن بنتا لخويلد الأسدي كانت متزوجة بالأنباط فقالت إن أبوي مات و ترك علي مال كثير فلما رأوا فساد لسانها أسس النحو .

و روى : أن أعرابيا سمع من سوقي يقرأ أَنَّ اللَّهَ بَرِي‏ءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَ رَسُولُهُ فشج رأسه .

فخاصمه إلى أمير المؤمنين .

فقال له في ذلك .

فقال : إنه كفر بالله في قراءته .

فقال (عليه السلام) : إنه لم يتعمد ذلك .

و روي : أن أبا الأسود كان في بصره سوء و له بنية تقوده إلى علي (عليه السلام) .

فقالت , يا أبتاه :ما أشد حر الرمضاء ? تريد التعجب .

فنهاها عن مقالتها .

فأخبر أمير المؤمنين (عليه السلام) بذلك فأسس .

و روي : أن أبا الأسود كان يمشي خلف جنازة , فقال له رجل من المتوفي ?

فقال : الله .

ثم أخبر عليا بذلك فأسس .

فعلى أي وجه كان , وقعه إلى أبي الأسود .

و قال ما أحسن هذا النحو , احش له بالمسائل , فسمي نحوا .

قال ابن سلام : كانت الرقعة : الكلام ثلاثة أشياء : اسم , و فعل , و حرف : جاء لمعنى .

فالاسم : ما أنبأ عن المسمى .

و الفعل : ما أنبأ عن حركة المسمى .

و الحرف : ما أوجد معنى في غيره .

و كتب (عليه السلام) : علي بن أبو طالب .

فعجزوا عن ذلك .

فقالوا : أبو طالب اسمه كنيته .

و قالوا : هذا تركيب مثل درا حنا و حضرموت .

و قال الزمخشري في الفائق : ترك في حال الجر على لفظه في حال الرفع لأنه اشتهر بذلك و عرف فجرى مجرى المثل الذي لا يغير .

و منهم الخطباء : و هو أخطبهم أ لا ترى إلى خطبه مثل التوحيد و الشقشقية و الهداية و الملاحم و اللؤلؤة و الغراء و القاصعة و الافتخار و الأشباح و الدرة اليتيمة و الأقاليم و الوسيلة و الطالوتية و القصبية و النخيلة و السلمانية و الناطقة و الدامغة و الفاضحة بل إلى نهج البلاغة عن الشريف الرضي و كتاب خطب أمير المؤمنين (عليه السلام) عن إسماعيل بن مهران السكوني عن زيد بن وهب أيضا .

الحميري :

من كان أخطبهم و أنطقهم و من *** قد كان يشفي حوله البرحاء

[48]

من كان أنزعهم من الإشراك *** أو للعلم كان البطن منه خفاء

من ذا الذي أمروا إذا اختلفوا *** بأن يرضوا به في أمرهم قضاء

من قيل لولاه و لو لا علمه *** هلكوا و عاثوا فتنة صماء

و منهم الفصحاء و البلغاء : و هو أوفرهم حظا .

قال الرضي كان أمير المؤمنين مشرع الفصاحة و موردها و منشأ البلاغة و مولدها و منه ظهر مكنونها و عنه أخذت قوانينها .

الجاحظ في كتاب الغرة : كتب إلى معاوية غرك عزك فصار قصار ذلك ذلك فاخش فاحش فعلك فعلك تهدي بهذا .

و قال (عليه السلام) من آمن أمن .

و روى الكلبي عن أبي صالح و أبو جعفر بن بابويه بإسناده عن الرضا عن آبائه (عليهم السلام) , إنه : اجتمعت الصحابة فتذاكروا أن الألف أكثر دخولا في الكلام فارتجل (عليه السلام) الخطبة المونقة التي أولها : حمدت من عظمت منته , و سبغت نعمته , و سبقت رحمته , و تمت كلمته , و نفذت مشيته , و بلغت قضيته , ....إلى آخرها .

ثم ارتجل خطبة أخرى من غير النقط التي أولها : الحمد لله أهل الحمد و مأواه , و له أوكد الحمد و أحلاه , و أسرع الحمد و أسراه , و أطهر الحمد و أسماه , و أكرم الحمد و أولاه , ... إلى آخرها .

و قد أوردتهما في المخزون المكنون .

و من كلامه : تخففوا تلحقوا فإنما ينتظر بأولكم آخركم .

و قوله : و من يقبض يده عن عشيرته فإنما يقبض عنهم بيد واحدة و يقبض منهم عنه أيد كثيرة و من تلن حاشيته يستدم من قومه المودة .

و قوله : من جهل شيئا عاداه . مثله بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ .

و قوله : المرء مخبوء تحت لسانه فإذا تكلم ظهر . مثله وَ لَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ الْقَوْلِ .

و قوله : قيمة كل امرئ ما يحسن . مثله إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاهُ عَلَيْكُمْ وَ زادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَ الْجِسْمِ .

و قوله : القتل يقل القتل . مثله وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ .

و منهم الشعراء : و هو أشعرهم .

الجاحظ في كتاب البيان و التبيين و في كتاب فضائل بني هاشم أيضا و البلاذري في أنساب الأشراف : أن عليا أشعر الصحابة و أفصحهم و أخطبهم و أكتبهم .

[49]

تاريخ البلاذري : كان أبو بكر يقول الشعر و عمر يقول الشعر و عثمان يقول الشعر و كان علي أشعر الثلاثة .

و منهم العروضيون : و من داره خرجت العروض ; روي أن الخليل بن أحمد أخذ رسم العروض عن رجل من أصحاب محمد بن علي الباقر أو علي بن الحسين فوضع لذلك أصولا .

و منهم أصحاب العربية : و هو أحكمهم .

ابن الحريري البصري في درة الغواص و ابن فياض في شرح الأخبار : أن الصحابة قد اختلفوا في الموؤدة , فقال لهم علي (عليه السلام) : أنها لا تكون موؤدة حتى يأتي عليها الثارات السبع .

فقال له عمر : صدقت أطال الله بقاك .

أراد بذلك المبينة في قوله وَ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ الآية . فأشار أنه إذا استهل بعد الولادة ثم دفن فقد وئد .

و منهم الوعاظ : و ليس لأحد من الأمثال و العبر و المواعظ و الزواجر ما له .

نحو قوله : من زرع العدوان حصد الخسران .

من ذكر المنية نسي الأمنية .

من قعد به العقل قام به الجهل .

يا أهل الغرور ما أبهجكم بدار خيرها زهيد و شرها عتيد و نعيمها مسلوب و عزيزها منكوب و مسالمها محروم و مالكها مملوك و تراثها متروك .

و صنف عبد الواحد الآمدي غرر الحكم : من كلامه (عليه السلام) .

و منهم الفلاسفة : و هو أرجحهم .

قال (عليه السلام) : أنا النقطة , أنا الخط , أنا الخط , أنا النقطة , أنا النقطة و الخط .

فقال جماعة : إن القدرة هي الأصل و الجسم حجابه و الصورة حجاب الجسم لأن النقطة هي الأصل و الخط حجابه و مقامه و الحجاب غير الجسد الناسوتي .

و سئل (عليه السلام) عن العالم العلوي فقال : صور عارية عن المواد عالية عن القوة و الاستعداد تجلى لها فأشرقت و طالعها فتلألأت و ألقى في هويتها مثاله فأظهر عنها أفعاله و خلق الإنسان ذا نفس ناطقة إن زكاها بالعلم فقد شابهت جواهر أوائل عللها و إذا اعتدل مزاجها و فارقت الأضداد فقد شارك بها السبع الشداد .

أبو علي بن سينا : لم يكن شجاعا فيلسوفا قط إلا علي .

الشريف الرضي : من سمع كلامه لا يشك أنه كلام من قبع في كسر بيت أو انقطع في سفح جبل لا يسمع إلا حسه و لا يرى إلا نفسه و لا يكاد يوقن بأنه كلام من يتغمس في

[50]

الحرب مصلتا سيفه فيقط الرقاب و يجدل الأبطال و يعود به ينطف دما و يقطر مهجا و هو مع ذلك زاهد الزهاد و بدل الأبدال و هذه من فضائله العجيبة و خصائصه التي جمع بها بين الأضداد .

السوسي :

في كفه سبب الموت الوفي فمن *** عصاه مد له من ذلك السبب

‏في فيه سيف حكاه سيف راحته *** سيان ذاك و ذا في الخطب و الخطب

‏لو قال للحي مت لم يحي من رهب *** أو قال للميت عش ما مات من رعب

‏أو قال لليل كن صبحا لكان و لو *** للشمس قال اطلعي بالليل لم تغب

‏أو مد كفا إلى الدنيا ليقلبها *** هانت عليه بلا كد و لا تعب

‏ذاك الإمام الذي جبرئيل خادمه *** إن ناب خطب ينب عنه و لا ينب

‏و عزرائيل مطواع له فمتى يقل *** أمت ذا يمت أو هبه لي يهب‏

رضوان راض به مولى و مالك *** مملوك يطيعانه في كل منتدب

و منهم المهندسون : و هو أعلمهم .

حفص بن غالب مرفوعا قال : بينا رجلان جالسان في زمن عمر إذ مر بهما عبد مقيد .

فقال أحدهما : إن لم يكن في قيده كذا و كذا , فامرأته طالق ثلاثا .

و حلف الآخر بخلاف مقاله .

فسئل مولى العبد أن يحل قيده حتى يعرف وزنه , فأبى .

فارتفعا إلى عمر , فقال لهما : اعتزلا نساءكما .

و بعث إلى علي و سأله عن ذلك .

فدعا بإجانة فأمر الغلام أن يجعل رجله فيها .

ثم أمر أن يصب الماء حتى غمر القيد و الرجل .

ثم علم في الإجانة علامة , و أمره أن يرفع قيده من رجله .

فنزل الماء من العلامة .

فدعا بالحديد , فوضعه في الإجانة , حتى تراجع الماء إلى موضعه .

ثم أمر أن يوزن الحديد .

فوزن , فكان وزنه بمثل وزن القيد , و أخرج القيد فوزن فكان مثل ذلك .

فعجب عمر .

التهذيب : قال رجل لأمير المؤمنين : إني حلفت أن أزن الفيل .

فقال : لم تحلفون بما لا تطيقون ?

فقال : قد ابتليت .

فأمر (عليه السلام) بقرقور فيه قصب فأخرج

[51]

منه قصب كثير .

ثم علم صنع الماء بقدر ما عرف صنع الماء قبل أن يخرج القصب .

ثم صير الفيل فيه حتى رجع إلى مقداره الذي كان انتهى إليه صنع الماء أولا .

ثم أمر بوزن القصب الذي أخرج .

فلما وزن , قال : هذا وزن الفيل .

و يقال وضع كلكا و عمل المجداف و أجرى على الفرات أيام صفين .

و منهم المنجمون : و هو أكيسهم .

سعيد بن جبير إنه قال : استقبل أمير المؤمنين دهقان و في رواية قيس بن سعد : إنه مرجان بن شاشوا استقبله من المدائن إلى جسر بوران , فقال له : يا أمير المؤمنين تناحست النجوم الطالعات و تناحست السعود بالنحوس فإذا كان مثل هذا اليوم وجب على الحكيم الاختفاء و يومك هذا يوم صعب قد اقترن فيه كوكبان و انكفى فيه الميزان و انقدح من برجك النيران و ليس الحرب لك بمكان .

فقال أمير المؤمنين : يا أيها الدهقان المنبئ بالآثار المخوف من الأقدار ما كان البارحة صاحب الميزان , و في أي برج كان صاحب السرطان , و كم الطالع من الأسد , و الساعات في الحركات , و كم بين السراري و الذراري ?

قال : سأنظر في الأسطرلاب .

فتبسم أمير المؤمنين , و قال له : ويلك يا دهقان أنت مسير الثابتات أم كيف تقضي على الجاريات , و أين ساعات الأسد من المطالع , و ما الزهرة من التوابع و الجوامع , و ما دور السراري المحركات , و كم قدر شعاع المنيرات , و كم التحصيل بالغدوات ?

فقال : لا علم لي بذلك يا أمير المؤمنين .

فقال له : يا دهقان هل نتج علمك إن انتقل بيت ملك الصين , و احترقت دور بالزنج , و خمد بيت نار فارس , و انهدمت منارة الهند , و غرقت سرانديب , و انقض حصن الأندلس , و نتج بترك الروم بالرومية و في رواية : البارحة وقع بيت بالصين , و انفرج برج ماجين , و سقط سور سرانديب , و انهزم بطريق الروم بإرمينية , و فقد ديان اليهود بإيلة , و هاج النمل بوادي النمل , و هلك ملك إفريقية , أ كنت عالما بهذا ?

قال : لا يا أمير المؤمنين .

و في رواية أظنك حكمت باختلاف المشتري و زحل إنما أنار لك في الشفق و لاح لك شعاع المريخ

[52]

في السحر و اتصل جرمه بجرم القمر .

ثم قال : البارحة سعد سبعون ألف عالم , و ولد في كل عالم سبعون ألفا , و الليلة يموت مثلهم , و هذا منهم , و أومى بيده إلى سعد بن مسعدة الحارثي , و كان جاسوسا للخوارج في عسكره , فظن الملعون أنه يقول خذوه , فأخذ بنفسه فمات , فخر الدهقان ساجدا .

فلما أفاق , قال أمير المؤمنين : أ لم أروك من عين التوفيق ?

فقال : بلى .

فقال : أنا و صاحبي , لا شرقيون و لا غربيون , نحن ناشئة القطب , و أعلام الفلك , أما قولك انقدح من برجك النيران , فكان الواجب أن تحكم به لي لا علي , أما نوره و ضياؤه فعندي , و أما حريقه و لهبه فذهب عني , و هذه مسألة عميقة أحسبها إن كنت حاسبا .

فقال الدهقان : أشهد أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله و إنك علي ولي الله .

و منهم الحساب : و هو أوفرهم نصيبا .

ابن أبي ليلى : أن رجلين تغديا في سفر و مع أحدهما خمسة أرغفة و مع الآخر ثلاثة , و و اكلهما ثالث و فأعطاهما ثمانية دراهم عوضا .

فاختصما و ارتفعا إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) .

فقال : هذا أمر فيه دناءة و الخصومة فيه غير جميلة و الصلح أحسن .

فأبى صاحب الثلاثة إلا مرّ القضاء .

فقال (عليه السلام) : إذا كنت لا ترضى إلا بمر القضاء فإن لك واحدة من ثمانية و لصاحبك سبعة . أ ليس كان لك ثلاثة أرغفة و لصاحبك خمسة ?

قال : بلى .

قال : فهذه أربعة و عشرون ثلثا , أكلت منه ثمانية , و للضيف ثمانية , فلما أعطاكما الثمانية الدراهم كان لصاحبك سبعة و لك واحدة .

و منهم أصحاب الكيمياء : و هو أكثرهم حظا .

سئل أمير المؤمنين على الصنعة فقال : هي أخت النبوة و عصمة المروءة و الناس يتكلمون فيها بالظاهر و إني لأعلم ظاهرها و باطنها هي و الله ما هي إلا ماء جامد و هواء راكد و نار جائلة و ارض سائلة .

و سئل (عليه السلام) في أثناء خطبته : هل الكيمياء يكون ?

فقال : الكيمياء كان و هو كائن و سيكون .

فقيل : من أي شي‏ء هو .

فقال : إنه من الزئبق الرجراج و الأسرب و الزاج و الحديد المزعفر و زنجار النحاس الأخضر الحبور إلا توقف على عابرهن .

فقيل : فهمنا لا يبلغ إلى ذلك .

فقال : اجعلوا البعض أرضا و اجعلوا البعض ماء و أفلحوا الأرض بالماء و قد تم .

فقيل : زدنا يا أمير المؤمنين .

فقال : لا زيادة عليه , فإن الحكماء القدماء ما زادوا عليه كيما يتلاعب به الناس .

[53]

ابن رزيك :

علي الذي قد كان ناظر قلبه *** يريه عيانا ما وراء العواقب

‏علي الذي قد كان أفرس من علا *** على صهوات الصافنات الشوارب

و منهم الأطباء : و هو أكثرهم فطنة .

أبو عبد الله (عليه السلام) قال : كان أمير المؤمنين يقول إذا كان الغلام ملتاث الإزرة صغير الذكر ساكن النظر فهو ممن يرجى خيره و يؤمن شره و إذا كان الغلام شديد الإزرة كبيرة الذكر حاد النظر فهو ممن لا يرجى خيره و لا يؤمن شره .

و عنه (عليه السلام) :أنه قال يعيش الولد لستة أشهر و لسبعة و لتسعة و لا يعيش لثمانية أشهر .

و عنه :لبن الجارية و بولها يخرج من مثانة أمها و لبن الغلام يخرج من العضدين و المنكبين .

و عنه :يشب الصبي كل سنة أربع أصابع بأصابع نفسه .

back page fehrest page next page