|
 |
 |
مناقب آل أبي طالب / الجزء الثالث
للشيخ محمد بن شهرآشوب المازندراني
[2]
بسم الله الرحمن الرحيم
باب النصوص على إمامته (عليه السلام)
فصل في قوله تعالى :
إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ .
اجتمعت الأمة أن هذه الآية نزلت في علي (عليه السلام) لما تصدق بخاتمه و هو راكع لا خلاف بين المفسرين في ذلك ذكره الثعلبي و الماوردي و القشيري و القزويني و الرازي و النيسابوري و الفلكي و الطوسي و الطبري في تفاسيرهم عن السدي و مجاهد و الحسن و الأعمش و عتبة بن أبي حكيم و غالب بن عبد الله و قيس بن الربيع و عباية الربعي و عبد الله بن عباس و أبي ذر الغفاري و ذكره ابن البيع في معرفة أصول الحديث عن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن علي بن أبي طالب و الواحدي في أسباب نزول القرآن عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس و السمعاني في فضائل الصحابة عن حميد الطويل عن أنس و سلمان بن أحمد في معجمه الأوسط عن عمار و أبو بكر البيهقي في المصنف و محمد الفتال في التنوير و في الروضة عن عبد الله
[3]
بن سلام و أبي صالح و الشعبي و مجاهد و زرارة بن أعين عن محمد بن علي و النطنزي في الخصائص عن ابن عباس و الإبانة عن الفلكي عن جابر الأنصاري و ناصح التميمي و ابن عباس و الكلبي في روايات مختلفة الألفاظ متفقة المعاني .
و في أسباب النزول عن الواحدي أن عبد الله بن سلام : أقبل و معه نفر من قومه و شكوا بعد المنزل عن المسجد , و قالوا : إن قومنا لما رأونا أسلمنا رفضونا و لا يكلمونا و لا يجالسونا و لا يناكحونا ; فنزلت هذه الآية .
فخرج النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلى المسجد فرأى سائلا .
فقال : هل أعطاك أحد شيئا ?
قال : نعم , خاتم فضة .
و في رواية : خاتم ذهب .
قال : من أعطاكه ?
قال : أعطانيه هذا الراكع .
تفسير الثعلبي في رواية أبي ذر أن السائل قال : اللهم اشهد أني سألت في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و لم يعطني أحد شيئا , و كان علي (عليه السلام) راكعا ; فأومى بخنصره اليمنى , فأقبل السائل حتى أخذه من خنصره و ذلك بعين رسول الله .
فلما فرغ رسول الله من صلاته رفع رأسه إلى السماء , و قال : اللهم إن أخي موسى سألك فقال رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي إلى قوله أَمْرِي فأنزل عليه قرآنا سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَ نَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما اللهم و أنا محمد نبيك و صفيك اللهم اشرح لي صدري و يسر لي أمري و اجعل لي وزيرا من أهلي عليا اشدد به ظهري .
قال أبو ذر : فو الله ما استتم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) الكلمة حتى نزل جبرئيل (عليه السلام) من عند الله .
فقال : يا محمد اقرأ .
قال : و ما أقرأ ?
قال , اقرأ : إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ ... الآية .
أبو جعفر (عليه السلام) : إن رهطا من اليهود أسلموا منهم عبد الله بن سلام و أسيد و ثعلبة و بنيامين و سلام و ابن صوريا فقالوا يا رسول الله إن موسى أوصى إلى يوشع بن نون فمن وصيك يا رسول الله و من وليت بعدك فنزلت هذه الآية .
ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) قوموا .
فقاموا , فأتوا المسجد , فإذا السائل خارج .
فقال , يا سائل : ما أعطاك أحد شيئا ?
قال : نعم , هذا الخاتم .
قال : من أعطاكه ?
قال : أعطانيه ذلك الرجل الذي يصلي ?
قال : علي أي حال أعطاك ?
قال : راكعا .
فكبر النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) , و كبر أهل المسجد .
فقال (صلى الله عليه وآله وسلّم) : علي بن أبي طالب وليكم بعدي .
فقالوا : رضينا بالله ربا و بالإسلام دينا و بمحمد نبيا و بعلي وليا .
فأنزل الله تعالى وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ ... الآية .
[4]
كتاب أبي بكر الشيرازي : أنه لما سأل السائل وضعها على ظهره إشارة إليه أن ينزعها .
فمد السائل يده و نزع الخاتم من يده , و دعا له .
فباهى الله تعالى ملائكته بأمير المؤمنين , و قال ملائكتي : أ ما ترون عبدي جسده في عبادتي و قلبه معلق عندي و هو يتصدق بماله طلبا لرضاي أشهدكم أني رضيت عنه و عن خلفه يعني ذريته و نزل جبرئيل بالآية .
و في المصباح : تصدق به يوم الرابع و العشرين من ذي الحجة و في رواية أبي ذر : كان (عليه السلام) في صلاة الظهر و روي أنه كان في نافلة الظهر .
أمالي ابن بابويه قال عمر بن الخطاب : لقد تصدقت بأربعين خاتما و أنا راكع لينزل في ما نزل في علي بن أبي طالب فما نزل .
الباقر (عليه السلام) في قوله تعالى : وَ مَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا ... الآية .
أسباب النزول عن الواحدي : مَنْ يَتَوَلَّ يعني يحب الله و رسوله وَ الَّذِينَ آمَنُوا يعني عليا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ يعني شيعة الله و رسوله و وليه هُمُ الْغالِبُونَ يعني هم الغالبون على جميع العباد . فبدأ في هذه الآية بنفسه ثم بنبيه ثم بوليه و كذلك في الآية الثانية .
و في الحساب : إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ و وزنه محمد المصطفى رسول الله و بعده المرتضى علي بن أبي طالب و عترته و عدد حساب كل واحد منهما ثلاثة آلاف و خمسمائة و ثمانون .
الكافي جعفر بن محمد عن أبيه عن جده (عليهم السلام) قال : لما نزلت إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ اجتمع نفر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) في مسجد المدينة و قال بعضهم لبعض ما تقولون في هذه الآية قال بعضهم إن كفرنا بهذه الآية كفرنا بسائرها و إن آمنا فإن هذا ذل حين يسلط علينا علي بن أبي طالب فقالوا قد علمنا أن محمدا صادق فيما يقول و لكن نتوالاه و لا نطيع عليا فيما أمرنا فنزل يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها يعني ولاية محمد وَ أَكْثَرُهُمُ الْكافِرُونَ بولاية علي (عليه السلام) .
[5]
علي بن جعفر عن أبي الحسن (عليه السلام) في قوله تعالى : وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أوحى الله إليه يا محمد إني أمرت فلم أطع فلا تجزع أنت إذا أمرت فلم تطع في وصيك .
فقوله تعالى وَ الَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ يُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَ هُمْ راكِعُونَ أثبت الولاية لمن جعله وليا لنا على وجه بالتخصيص و نفى معناها عن غيره و يعني بوليكم القائم بأموركم و من يلزمكم طاعته و إذا ثبت ذلك ثبتت إمامته لأن لا أحد يجب له التصرف في الأمة و فرض الطاعة له بعد النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) إلا من كان إماما لهم و ثبتت أيضا عصمته لأنه سبحانه إذا أوجب له فرض الطاعة مثل ما أوجبه لنفسه و لنبيه (صلى الله عليه وآله وسلّم) اقتضى ذلك طاعته في كل شيء و هذا برهان عصمته لأنه لو لم يكن كذلك لجاز منه الأمر بالقبيح فيقبح طاعته و إذا قبحت كان تعالى قد أوجب فعل القبيح و في علمنا أن ذلك لا يجوز عليه سبحانه و دليل على وجوب العصمة .
و الدليل على أن لفظة ولي في الآية تفيد الأولى ما ذكره المبرد في كتاب العبارة عن صفات الله , أن الولي : هو الأولى .
و قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها .
و منه أولياء الدم و فلان ولي أمر الرعية .
و نعم ولي الأمر بعد وليه *** و منتجع التقوى و نعم المؤدب
و ما يعترض به السائل فلا يلتفت إليه , و اختصاص الآية ببعض المؤمنين حيث وصفهم بإيتاء الزكاة يوجب خروج من لم يؤتها , و من حيث خص إيتاءهم بحال الركوع و لم يحصل ذلك لجميع المؤمنين .
و من حيث نفي الولاية عن غير المذكورين في الآية بإدخال لفظة إنما و إيتاء الزكاة في حال الركوع لم يدع لأحد غيره .
و الرواية متواترة من طريق الشيعة , و ظاهرة من طرق المخالفين , و تجري الأخبار بلفظ الجمع و هو واحد مجرى الأخبار بذلك عن الواحد قوله تعالى الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ... الآية و قوله إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ و قوله يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ ... الآية .
ثم إن قوله وَ الَّذِينَ آمَنُوا ليس على العموم بل بعضهم لأنه وصف بإقامة الصلاة و إيتاء الزكاة في حال الركوع .
[6]
خزيمة بن ثابت :
فديت عليا إمام الورى *** سراج البرية مأوى التقى
وصي الرسول و زوج البتول *** إمام البرية شمس الضحى
تصدق خاتمه راكعا فأحسن *** بفعل إمام الورى
ففضله الله رب العباد و *** أنزل في شأنه هل أتى
و له :
أبا حسن تفديك نفسي و أسرتي *** و كل بطيء في الهدى و مسارع
أ يذهب مدح من محبك ضائعا *** و ما المدح في جنب الإله بضائع
فأنت الذي أعطيت إذ كنت *** راكعا علي فدتك النفس يا خير راكع
فأنزل فيك الله خير ولاية *** و بينها في محكمات الشرائع
و أنشأ حسان بن ثابت و هو في ديوان الحميري :
علي أمير المؤمنين أخو الهدى *** و أفضل ذي نعل و من كان حافيا
و أول من أدى الزكاة بكفه *** و أول من صلى و من صام طاويا
فلما أتاه سائل مد كفه إليه *** و لم يبخل و لم يك جافيا
فدس إليه خاتما و هو راكع *** و ما زال أواها إلى الخير داعيا
فبشر جبريل النبي محمدا بذاك *** و جاء الوحي في ذاك ضاحيا
الحميري :
من كان أول من تصدق راكعا *** يوما بخاتمه و كان مشيرا
من ذاك قول الله إن وليكم *** بعد الرسول ليعلم الجمهورا
وله :
و أول مؤمن صلى و زكى *** بخاتمه على رغم الكفور
و قد وجب الولاء له علينا *** بذلك في الجهار و في الضمير
و له :
نفسي الفداء لراكع متصدق *** يوما بخاتمه فآب سعيدا
[7]
أعني الموحد قبل كل موحد *** لا عابدا صنما و لا جلمودا
أعني الذي نصر النبي محمدا *** و وقاه كيد معاشر و مكيدا
سبق الأنام إلى الفضائل كلها *** سبق الجواد لذي الرهان بليدا
و له :
و أنزل فيه رب الناس آيا *** أقرت من مواليه العيونا
بأني و النبي لكم ولي *** و مؤتون الزكاة و راكعونا
و من يتول رب الناس يوما *** فإنهم لعمري فائزونا
و له أيضا :
من أنزل الرحمن فيهم هل أتى *** لما اتحدوا للنذور وفاء
من خمسة جبريل سادسهم و قد *** مد النبي على الجميع عباء
من ذا بخاتمه تصدق راكعا *** فأثابه ذو العرش منه ولاء
الرضا :
و من سمحت بخاتمه يمين *** تضن بكل عالية الكعاب
أ هذا البدر يكسف بالدياجي *** و هذي الشمس تطمس بالضباب
دعبل :
نطق القرآن بفضل آل محمد *** و ولاية لعليه لم تجحد
بولاية المختار من خير الذي *** بعد النبي الصادق المتودد
إذ جاءه المسكين حال صلاته *** فامتد طوعا بالذراع و باليد
فتناول المسكين منه خاتما *** هبط الكريم الأجودي الأجود
فاختصه الرحمن في تنزيله *** من حاز مثل فخاره فليعدد
[8]
إن الإله وليكم و رسوله *** و المؤمنين فمن يشأ فليجحد
يكن الإله خصيمه فيها غدا *** و الله ليس بمخلف في الموعد
العوني :
و من بخاتمه منهم تصدق في وقت *** الصلاة فقد سئلوا و ما بذلوا
من أنزل الله فيه هل أتى و له *** فضل كفضل رسول الله متصل
و له :
أبن لي من في القوم جاد بخاتم *** على السائل المعني إذ جاء قانعا
و جاد به سرا فأفشاه ربه *** و بين من كان المصدق راكعا
العبدي :
ذاك المصدق في الصلاة بخاتم *** و بقوته للمستكين السارب
و له :
تصدق بالخاتم لله راكعا *** فأثنى عليه الله في محكم الذكر
ابن حماد :
و أنزل فيه الله وحيا مفصلا لدى *** هل أتى إذ قال يُوفُونَ بِالنَّذْرِ
و له :
من كان بالنذر وفى *** أو لليتيم أسعفا
فانظر بما ذا أتحفا *** إذا قرأت هل أتى
من كان زكى راكعا *** بخاتم تواضعا
لذي الجلال خاشعا *** فأنزلت آي الولاء
الصاحب :
أ لم تعلموا أن الوصي هو الذي *** آتى الزكاة و كان في المحراب
أ لم تعلموا أن الوصي هو الذي *** حكم الغدير له على الأصحاب
[9]
و له :
هل مثل برك في حال الركوع *** و ما بر كبرك برا للمزكينا
هل مثل ذلك للعاني الأسير *** و للطفل الصغير و قد أعطيت مسكينا
الوراق :
علي أبو السبطين صدق راكعا *** بخاتمه سرا و لم يتجهم
فلما أتاه سائل مد كفه *** فلم يستو حتى حباه بخاتم
الصفي البصري :
يا من بخاتمه تصدق راكعا *** إني ادخرتك للقيامة شافعا
الله عرفني و بصرني به *** فمضيت في ديني بصيرا سامعا
نصر بن المنتصر :
و من أقام خاشعا صلاته *** يؤتي الزكاة راكعا لمن أتى
و من له ملك كبير ناعم *** في الخلد لا تنكره في هل أتى
الأصفهاني :
أ فمن بخاتمه تصدق راكعا *** يرجو بذاك رضى القريب الداني
حتى تقرب منه بعد نبيه *** بولاية بشواهد و معان
بولائه في آية لولاتها *** نزلت حصاهم واحد و اثنان
فالأول الصمد المقدس ذكره *** و نبيه و وصيه التبعان
هل في تلاوتها بآي ذوي هدى *** من قبل ثالث أهلها يليان
هذي الولاية أن تعود عليهما *** من بعده من عقدها قسمان
أبو الحسين :
من جاد للمسكين بالقوت و لم *** يمنعه حر الصيام و الطوى
من من بالخاتم منه راكعا *** للطالب الرفد عطاء و حبا
شاعر :
أوفى الصلاة مع الزكاة أقامها *** و الله يرحم عبده الصبارا
[10]
من ذا بخاتمه تصدق راكعا *** و أسره في نفسه إسرارا
بعض الأدباء :
ليس كالمصطفى و لا كعلي *** سيد الأوصياء من يدعيه
من يوالي غير الإمام علي *** رغبة منه فالتراب بفيه
هذه إنما وليكم الله أتت *** بالولاء من الله فيه
فإذا ما اقتضى به اللفظ معنى *** الجمع , كانت من بعده لبنيه
فصل في قوله تعالى
وَ النَّجْمِ إِذا هَوى :
أبو جعفر بن بابويه في الأمالي بطرق كثيرة عن جويبر عن الضحاك عن أبي هارون العبدي عن ربيعة السعدي و عن أبي إسحاق الفزاري عن جعفر بن محمد عن آبائه (عليه السلام) كلهم عن ابن عباس و روي عن منصور بن الأسود عن الصادق عن آبائه (عليه السلام) و اللفظ له قال : لما مرض النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) مرضه الذي توفي فيه اجتمع إليه أهل بيته و أصحابه فقالوا , يا رسول الله : إن حدث بك حدث فمن لنا بعدك و من القائم فينا بأمرك ?
فلم يجبهم جوابا , و سكت منهم .
فلما كان اليوم الثاني , أعادوا عليه القول ; فلم يجبهم عن شيء مما سألوه .
فلما كان اليوم الثالث , قالوا يا رسول الله : إن حدث بك حادث فمن لنا بعدك و من القائم لنا بأمرك ?
فقال لهم : إذا كان غدا هبط نجم من السماء في دار رجل من أصحابي فانظروا من هو ? فهو خليفتي فيكم من بعدي و القائم بأمري .
و لم يكن فيهم أحد إلا و هو يطمع أن يقول له أنت القائم من بعدي .
فلما كان اليوم الرابع , جلس كل واحد منهم في حجرته ينتظر هبوط النجم إذ انقض نجم من السماء قد علا ضوؤه على ضوء الدنيا حتى وقع في حجرة علي .
فماج القوم و قالوا لقد ضل هذا الرجل و غوى و ما ينطق في ابن عمه إلا بالهوى فأنزل الله في ذلك وَ النَّجْمِ إِذا هَوى ... الآيات .
و يقال و نزل فَكُلَّما جاءَكُمْ رَسُولٌ بِما لا تَهْوى أَنْفُسُكُمُ و في رواية نوف البكالي أنه سقط في منزل علي نجم أضاءت له المدينة و ما حولها و النجم كانت الزهرة و قيل بل الثريا .
[11]
ابن حماد :
قال الإمام هو الذي في داره *** ينقض نجم الليل ساعة يطلع
فانقض في دار الوصي فغاضهم *** و غدت له ألوانهم تتمقع
قالوا أمال به الهوى في صنوه *** و توازروا ألبا عليه و شنعوا
و له :
نص عليه أحمد في خبر لا يجحد *** و القوم كل يشهد قال لهم و ما افترى
من ذا هوى نجم الأفق في داره عند الغسق *** فهو الإمام المستحق لا تقعدوا عنه بطا
قالوا بدا في حكمه هوى لابن عمه *** يجعلها بزعمه فقال و النجم إذا
في تلكم الدار هوى ما ضل ذا و لا غوى *** صاحبكم كما ادعى بل هو حق قد أتى
و له :
و قول محمد في النجم لما *** هوى في دار حيدرة الأثير
خطيب منيح :
و يوم النجم حين هوى فقاموا *** على أقدامهم متألمينا
فقالوا ضل هذا في علي *** و صار له من المتعصبينا
و أنزل ذو العلى في ذاك وحيا *** تعالى الله خير المنزلينا
بأن محمدا ما ضل فيه *** و لكن أظهر الحق المبينا
[12]
العوني :
و من هوى النجم إلى حجرته *** فأنزل الله إذا النجم هوى
نصر بن المنتصر :
هل تعلمون حديث النجم إذا هوى *** في داره من دون كل مكان
قالوا أشر نحو النبي بنعمة *** نسمع له و نطعه بالإذعان
قال النبي ستكفرون إن أنتم *** ملتم عليه بخاطر العصيان
و ستعلمون من المزن بفضله *** و من المشار إليه بالأزمان
قالوا أبنه فلم نخالف أمره *** فيما يجيء من البرهان
فإليه أوم فقال إن علامة *** فيها الدليل على مراد العاني
فابغوا الثريا في السطوح فإنها *** من سطح صاحبكم كلمع يمان
سكنت رواعده و قل وميضه *** فتبينته حسائر العوران
فضلا عن العين البصير بقلبه *** و المبصر الأشياء بالأعيان
حتى إذا صدعت حقائق أمره *** نفروا نفور طرائد البهزان
زعموا بأن نبينا اتبع الهوى *** و أتاهم بالإفك و العدوان
كذبوا و رب محمد و تبدلوا *** و جروا إلى عمه و ضد بيان
مهيار :
أنا الذي لو سجد النجم لكم *** ما كنت مرتابا و لا مستكبرا
تاريخ الخطيب و البلاذري و حلية أبي نعيم و إبانة العكبري سفيان الثوري عن الأعمش عن الثوري عن علقمة عن ابن مسعود قال : أصاب فاطمة صبيحة يوم العرس رعدة .
فقال لها النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) : يا فاطمة , زوجتك سيدا في الدنيا و إنه في الآخرة لمن الصالحين ; يا فاطمة لما أراد الله تعالى أن يملك بعلي أمر الله تعالى جبرئيل فقام
[13]
في السماء الرابعة فصف الملائكة صفوفا ; ثم خطب عليهم فزوجك من علي ; ثم أمر الله سبحانه شجر الجنان فحملت الحلي و الحلل ; ثم أمرها فنثرته على الملائكة فمن أخذ منهم يومئذ شيئا أكثر مما أخذه غيره افتخر به إلى يوم القيامة .
قالت أم سلمة : لقد كانت فاطمة (عليها السلام) تفتخر على النساء لأنها من خطب عليه جبرئيل (عليه السلام) .
تاريخ بغداد و شرف المصطفى و شرح الألكاني عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن عبد الله عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) : أنه نظر إلى علي بن أبي طالب (عليه السلام) فقال أنت سيد في الدنيا و سيد في الآخرة ; من أحبك فقد أحبني و من أحبني فقد أحب الله ; و من أبغضك فقد أبغضني و من أبغضني فقد أبغض الله .
حلية الأولياء و فضائل السمعاني و كتاب الطبراني و النطنزي بالإسناد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الحسن بن علي (عليه السلام) قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) : ادعوا لي سيد العرب , يعني عليا .
فقالت عائشة : أ لست سيد العرب ?
قال : أنا : سيد ولد آدم , و علي : سيد العرب .
فلما جاء , أرسل إلى الأنصار فأتوه .
فقال : معاشر الأنصار , علي ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعده .
قالوا : بلى يا رسول الله .
قال : هذا علي فأحبوه لحبي , و أكرموه لكرامتي ; فإن جبرئيل أمرني بالذي قلت لكم عن الله عز و جل . و رواه أبو بشير عن سعيد بن عائشة في كتاب السؤدد .
و في رواية فقالت عائشة : و ما السيد ?
قال : من افترضت طاعته كما افترضت طاعتي .
أبو حنيفة بإسناد له إلى فاختة أم هاني : قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) لعلي أنت سيد الناس في الدنيا و سيد الناس في الآخرة .
الحلية قال الشعبي قال علي (عليه السلام) قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) : مرحبا بسيد المسلمين و إمام المتقين الخبر .
|
 |
 |