fehrest page next page

مناقب آل أبي طالب / الجزء الرابع

للشيخ محمد بن شهرآشوب المازندراني

[1]

[2]

بسم الله الرحمن الرحيم

باب إمامة أبي محمد الحسن بن علي (عليه السلام)

فصل في المقدمات :

الشيرازي في كتابه بالإسناد عن الهذيل عن مقاتل عن محمد بن الحنفية عن الحسن بن علي (عليه السلام) قال : كل ما في كتاب الله عز و جل إِنَّ الْأَبْرارَ فو الله ما أراد به إلا علي بن أبي طالب (عليه السلام) و فاطمة و أنا و الحسين لأنا نحن أبرار بآبائنا و أمهاتنا و قلوبنا علت بالطاعات و البر و تبرأت من الدنيا و حبها و أطعنا الله في جميع فرائضه و آمنا بوحدانيته و صدقنا برسوله .

و عنه بهذا الإسناد قال الحسن بن علي (عليه السلام) في قوله تعالى : فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ قال صور الله عز و جل علي بن أبي طالب في ظهر أبي طالب على صورة محمد فكان علي بن أبي طالب أشبه الناس برسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و كان الحسين بن علي أشبه الناس بفاطمة و كنت أنا أشبه الناس بخديجة الكبرى .

ابن عباس في قوله : وَ لَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا أَذىً كَثِيراً أنزلت في رسول الله و أهل بيته خاصة .

و قرأ الباقر (عليه السلام) : أنتم خير أمة أخرجت للناس بالألف إلى آخر الآية نزل بها جبرئيل و ما عنى بها إلا محمدا و عليا و الأوصياء من ولده (عليه السلام) .

موسى بن جعفر عن آبائه (عليهم السلام) و أبو الجارود عن الباقر (عليه السلام) و زيد بن علي في قوله تعالى : فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى قال مودتنا أهل البيت .

[3]

الحسن بن علي (عليه السلام) في كلام له : و أعز به العرب عامة و شرف من شاء منه خاصة فقال وَ إِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَ لِقَوْمِكَ .

الباقر في قوله : كَلَّا إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ إلى قوله الْمُقَرَّبُونَ و هو رسول الله و علي و فاطمة و الحسن و الحسين (عليه السلام) .

و صح عن الحسن بن علي (عليه السلام) أنه خطب الناس فقال في خطبته : أنا من أهل البيت الذين افترض الله مودتهم على كل مسلم فقال تعالى شأنه قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبى و قوله وَ مَنْ يَقْتَرِفْ حَسَنَةً نَزِدْ لَهُ فِيها حُسْناً فاقتراف الحسنة مودتنا أهل البيت .

إسماعيل بن عبد الخالق عن الصادق (عليه السلام) قال : إنها نزلت فينا أهل البيت أصحاب الكساء .

العكبري في فضائل الصحابة بإسناده عن أبي مالك و أبو صالح عن ابن عباس و الثمالي بإسناده عن السدي عن ابن عباس قال : اقتراف الحسنة المودة لآل محمد (عليه السلام) .

عمار بن يقظان الأسدي عن أبي عبد الله (عليه السلام) في قوله تعالى : إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَ الْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ قال ولايتنا أهل البيت و أهوى بيده إلى صدره فمن لم يتولنا لم يرفع الله له عملا .

و قالوا : النداء ثلاثة :

نداء من الله للخلق نحو وَ ناداهُما رَبُّهُما * وَ نادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ * وَ نادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ .

و الثاني : نداء من الخلق إلى الله نحو وَ لَقَدْ نادانا نُوحٌ * فَنادى فِي الظُّلُماتِ * وَ زَكَرِيَّا إِذْ نادى رَبَّهُ .

و الثالث : نداء الخلق للخلق نحو فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ * فَناداها مِنْ تَحْتِها * يُنادُونَهُمْ أَ لَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ * وَ نادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ * وَ نُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ * وَ نادَوْا يا مالِكُ و نداء النبي و ذريته رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ .

و خطب الصاحب فقال : الحمد لله ذي النعمة العظمى و المنحة الكبرى الداعي إلى الطريقة المثلى الهادي إلى الخليقة الحسنى الذي خلق فسوى و قدر فهدى و أخرج المرعى فجعله غثاء أحوى و بعث محمدا (صلى الله عليه وآله وسلّم) من منصب مجتبى و أصل منتمى أرسله و الناس

[4]

سدى يترددون بين الضلالة و العمى فنبه على خير الآخرة و الأولى لم يلتمس أجرا إلا المودة في القربى شد أزره بأخيه المرتضى و سيفه المنتضى و من أحله محل هارون من موسى و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة تبلغ المدى و أشهد أن محمدا عبده و رسوله خير من أرسل و دعا و أفضل من ارتدى و احتذى (صلى الله عليه وآله وسلّم) شموس الضحى و أقمار الدجى و شجرة طوبى و سفينة نوح التي من ركبها نجا و من تخلف عنها غرق في طوفان العمى ذرية أذهب الله عنهم الرجس و الأذى و طهرها من كل دنس و قذى صلى الله عليهم عدد الرمل و الحصى و النجوم في السماء .

و قالوا : الإمام المؤتمن منيم الثأر و الإحن صاحب السم و المحن قالع الصنم و الوثن واضع الفرائض و السنن أبو محمد الحسن ناعش ذوي المقربة و مطعم يوم المسغبة علم منشور و در منثور و دين مذكور و سيف مشهور من منبع الأنبياء و من منجر الأوصياء و من مزرع الزهراء في أهل العباء و الكساء معدن السخاء شجرة الصفاء ثمرة الوفاء ابن خير الرجال و خير النساء كلمة التقوى العروة الوثقى سليل الهدى رضيع التقى غيث الندى غياث الورى ضياء العلى قرة عين الزهراء و ولي عهد المرتضى أشبه الخلق بالمصطفى مرضي المولى الحسن المجتبى قبلة العارفين و علم المهتدين و ثاني الخمسة الميامين الذي افتخر بهم الروح الأمين و باهل بهم الله المباهلين منبع الحكمة معدن العصمة كاشف الغمة مفزع الأمة ولي النعمة عالي الهمة جوهر الهداية طيب البداية و النهاية صاحب اللواء و الراية أصل العلم و الدراية محل الفهم و الرواية و الفضل و الكفاية و أهل الإمامة و الولاية و الخلافة و الدراية جوهر صدف النبوة و در بحرة أحمدية تاج آل محمدية نور سعادة نسل إبراهيم سراج دولة أصل إسماعيل السبط المبجل

[5]

و الإمام المفضل أجل الخلائق في زمانه و أفضلهم و أعلاهم حسبا و نسبا و علما و أجل و أكمل سيد شباب أهل الجنة خدمته فرض على العالمين و منه و حبه للمسلمين من النيران جنة و متابعته على الموحدين واجب لا سنة عنصر الشريعة و الإسلام و قطب العلوم و الأحكام و فلك الشرائع الحلال و الحرام شمس أولاد الرسول و قرة عين البتول سماوة الهلال و قامع أهل الضلال و من اصطفاه الله الكبير المتعال ثمرة قلب النبي و قرة عين الوصي و من مدحه الله العلي الحسن بن علي السبط الأول و الإمام الثاني و المقتدى الثالث و الذكر الرابع و المباهل الخامس الحسن بن علي بن أبي طالب وزنه في الحساب ولي الله و وصيه لاستوائهما في ثلاثمائة و ثلاث و خمسين .

ابن هاني المغربي :

هو علة الدنيا و من خلقت له *** و لعلة ما كانت الأشياء

من صفو ماء الوحي و هو مجاجة *** من حوضة الينبوع و هو شفاء

من أيكة الفردوس حيث تفتقت *** ثمراتها و تفيأ الأفياء

من شعلة القبس التي عرضت *** على موسى و قد حارت به الظلماء

من معدن التقديس و هو سلالة *** من جوهر الملكوت و هو ضياء

هذا الذي عطفت عليه مكة *** و شعابها و الركن و البطحاء

فعليه من سيما النبي دلالة *** و عليه من نور الإله بهاء

و له :

و خير زاد المرء من بعد التقى *** حب التقاة الغر أصحاب الكساء

العبدي :

محمد و صنوه و ابنته و ابناه *** خير من تحفى و احتذى

‏صلى عليهم ربنا باري الورى *** و منشئ الخلق على وجه الثرى

[6]

صفاهم الله تعالى و ارتضى *** و اختارهم من الأنام و اجتبى

‏لولاهم ما رفع الله السما *** و لا دحا الأرض و لا أنشأ الورى

‏لا يقبل الله لعبد عملا *** حتى يواليهم بإخلاص الولاء

و لا يتم لامرئ صلاته إلا *** بذكراهم و لا يزكو الدعا

لو لم يكونوا خير من وطئ الحصى *** ما قال جبريل لهم تحت العبا

هل أنا منكم شرف ثم علا *** يفاخر الأملاك إذ قالوا بلى

فصل في معجزاته (عليه السلام) :

محمد بن إسحاق بالإسناد جاء أبو سفيان إلى علي (عليه السلام) : فقال يا أبا الحسن جئتك في حاجة .

قال : و فيم جئتني ?

قال : تمشي معي إلى ابن عمك محمد فتسأله أن يعقد لنا عقدا و يكتب لنا كتابا .

فقال : يا أبا سفيان , لقد عقد لك رسول الله عقدا لا يرجع عنه أبدا .

و كانت فاطمة من وراء الستر و الحسن يدرج بين يديها و هو طفل من أبناء أربعة عشر شهرا , فقال لها : يا بنت محمد قولي لهذا الطفل يكلم لي جده فيسود بكلامه العرب و العجم .

فأقبل الحسن (عليه السلام) إلى أبي سفيان و ضرب إحدى يديه على أنفه و الأخرى على لحيته ; ثم أنطقه الله عز و جل بأن قال : يا أبا سفيان , قل لا إله إلا الله محمدا رسول الله حتى أكون شفيعا .

فقال (عليه السلام) : الحمد لله الذي جعل في آل محمد من ذرية محمد المصطفى نظير يحيى بن زكريا وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا .

بصائر الدرجات : أن الحسن بن علي (عليه السلام) خرج في عمرة و معه رجل مؤمن من ولد الزبير فنزلوا في منهل تحت نخل يابس فقال الزبيري لو كان في هذا النخل رطب أكلناه فقال الحسن أ و أنت تشتهي الرطب فقال نعم فرفع الحسن يده إلى السماء فدعا بكلام لم يفهمه فاخضرت النخلة و أورقت و حملت رطبا فصعدوا على النخلة فصرموا ما فيها فكفاهم .

أبو حمزة الثمالي عن زين العابدين (عليه السلام) قال : كان الحسن بن علي جالسا فأتاه آت فقال يا ابن رسول الله قد احترقت دارك قال لا ما احترقت إذ أتاه آت فقال يا ابن رسول الله قد وقعت النار في دار إلى جنب دارك حتى ما شككنا أنها

[7]

ستحرق دارك ثم إن الله صرفها عنها .

و استغاث الناس من زياد إلى الحسن بن علي (عليه السلام) : فرفع يده و قال : اللهم خذ لنا و لشيعتنا من زياد ابن أبيه و أرنا فيه نكالا عاجلا إنك على كل شي‏ء قدير .

قال : فخرج خراج في إبهام يمينه , يقال لها السلعة ; و ورم إلى عنقه فمات .

ادعى رجل على الحسن بن علي (عليه السلام) ألف دينار كذبا و لم يكن له عليه فذهبا إلى شريح , فقال للحسن : أ تحلف ?

قال : أن حلف خصمي أعطيه .

فقال شريح للرجل : قل بالله الذي لا إله إلا هو عالم الغيب و الشهادة .

فقال الحسن : لا أريد مثل هذا ; قل بالله إن لك علي هذا , و خذ الألف .

فقال الرجل ذلك , و أخذ الدنانير .

فلما قام , خر إلى الأرض و مات .

فسئل الحسن عن ذلك , فقال : خشيت أنه لو تكلم بالتوحيد يغفر له يمينه ببركة التوحيد و يحجب عنه عقوبة يمينه .

أبو أسامة إن الحسن بن علي (عليه السلام) : حج ماشيا فتورمت قدماه فقيل له لو ركبت مركبا يسهل عليك الطريق فقال لا تبالوا فإنا إذا بلغنا المنزل يستقبلنا أسود بدهن ينفع الورم فقالوا نفديك بآبائنا و أمهاتنا ليس من قبلنا منزل يباع فيه هذا قال لن نبلغ المنزل إلا بعد قدومه فلم نسر إلا قليلا حتى قال دونكم الرجل فأتوه و سئل عن الدهن فقال لمن تسألون فقالوا للحسن بن علي قال ائتوا بي إليه فلما أتوه قال ما كنت أزعم أن الدهن يستدعى لأجلك و لي إليك حاجة أن تدعو لي لأرزق ولدا برا تقيا فإني ودعت أهلي تمخض و كانت حاملا فقال يهب لك ولدا ذكرا سويا شيعيا فكان كما قال و طلى رجليه بالدهن فبرأ بإذن الله تعالى .

محمد بن إسحاق في كتابه قال : ما بلغ أحد من الشرف بعد رسول الله ما بلغ الحسن كان يبسط له علىداره فإذا خرج و جلس انقطع الطريق فما مر أحد من خلق الله إجلالا له فإذا علم قام و دخل بيته فمر الناس و لقد رأيته في طريق مكة ماشيا فما من خلق الله أحد رآه إلا نزل و مشى حتى رأيت سعد بن أبي وقاص يمشي .

أبو السعادات في الفضائل : أنه أملأ الشيخ أبو الفتوح في مدرسة الناجية أن الحسن بن علي (عليه السلام) كان يحضر مجلس رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و هو ابن سبع سنين فيسمع الوحي فيحفظه فيأتي أمه فيلقي إليها ما حفظه فلما دخل علي (عليه السلام) وجد عندها علما

[8]

فيسألها عن ذلك فقالت من ولدك الحسن فتخفى يوما في الدار و قد دخل الحسن و قد سمع الوحي فأراد أن يلقيه إليها فارتج عليه فعجبت أمه من ذلك فقال لا تعجبين يا أماه فإن كبيرا يسمعني و استماعه قد أوقفني فخرج علي فقبله و في رواية يا أماه قل بياني و كل لساني لعل سيدا يرعاني .

الحسن بن أبي العلى عن جعفر بن محمد : قال الحسن بن علي لأهل بيته إني أموت بالسم كما مات رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) فقال له أهل بيته و من الذي يسمك قال جاريتي أو امرأتي فقالوا له أخرجها من ملكك عليها لعنة الله فقال هيهات من إخراجها و منيتي على يدها ما لي منها محيص و لو أخرجتها ما يقتلني غيرها كان قضاء مقضيا و أمرا واجبا من الله فما ذهبت الأيام حتى بعث معاوية إلى امرأته قال فقال الحسن هل عندك من شربة لبن فقالت نعم و فيه ذلك السم بعث به معاوية فلما شربه وجد مس السم في جسده فقال يا عدوة الله قتلتيني قاتلك الله أما و الله لا تصيبن مني خلفا و لا تنالين من الفاسق عدو الله اللعين خيرا أبدا .

إسماعيل بن أبان بإسناده عن الحسن بن علي (عليه السلام) أنه : مر في مسجد رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) بحلقة فيها قوم من بني أمية فتغامزوا به و ذلك عند ما تغلب معاوية على ظاهر أمره فرآهم و تغامزهم به فصلى ركعتين فقال قد رأيت تغامزكم أما و الله لا تملكون يوما إلا ملكنا يومين و لا شهرا إلا ملكنا شهرين و لا سنة إلا ملكنا سنتين و إنا لنأكل في سلطانكم و نشرب و نلبس و نركب و ننكح و أنتم لا تركبون في سلطاننا و لا تشربون و لا تأكلون و لا تنكحون فقال له رجل فكيف يكون ذلك يا أبا محمد و أنتم أجود الناس و أرأفهم و أرحمهم تأمنون في سلطان القوم و لا يأمنون في سلطانكم فقال لأنهم عادونا بكيد الشيطان و هو ضعيف و عاديناهم بكيد الله و كيد الله شديد .

محمد الفتال النيسابوري في مونس الحزين بالإسناد عن عيسى بن الحسن عن الصادق (عليه السلام) : قال بعضهم للحسن بن علي في احتماله الشدائد عن معاوية فقال (عليه السلام) كلاما معناه لو دعوت الله تعالى لجعل العراق شاما و الشام عراقا و جعل المرأة رجلا و الرجل امرأة فقال الشامي و من يقدر على ذلك فقال (عليه السلام) انهضي أ لا تستحين أن

[9]

تقعدي بين الرجال فوجد الرجل نفسه امرأة ثم قال و صارت عيالك رجلا و تقاربك و تحمل عنها و تلد ولدا خنثى فكان كما قال (عليه السلام) ثم إنهما تابا و جاءا إليه فدعا الله تعالى فعادا إلى الحالة الأولى .

و روى الحاكم في أماليه للحسن (عليه السلام) : من كان يباء بجد فجدي الرسول أو كان يباء بأم فإن أمي البتول أو كان يباء بزور فيزورنا جبرئيل .

أنشد :

إليكم كل مكرمة تئول *** إذا ما قيل جدكم الرسول

‏كفاكم من مديح الناس طرا *** إذا ما قيل أمكم البتول

‏و إنكم لآل الله حقا *** و منكم ذو الأمانة جبرئيل

‏فلا يبقى لمادحكم كلام *** إذا تم الكلام فما يقول

أبو علي :

من كان خالق هذا الخلق مادحه *** فإن ذلك شي‏ء منه مفروغ

‏فإن أطل أو أقصر في مدائحه *** فليس بعد بلاغ الله تبليغ

فصل في علمه و فصاحته (عليه السلام) :

قال أحدهما (عليهما السلام) في قوله تعالى : هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ نحن الذين نعلم و أعداؤنا الذين لا يعلمون و شيعتنا أولو الألباب .

و قيل للحسن بن علي (عليه السلام) : إن فيك عظمة قال بل في عزة قال الله تعالى وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ .

و قال واصل بن عطاء : كان الحسن بن علي (عليه السلام) عليه سيماء الأنبياء و بهاء الملوك .

محمد بن عمير عن رجاله عن أبي عبد الله عن الحسن بن علي (عليه السلام) قال : إن لله مدينتين إحداهما بالمشرق و الأخرى بالمغرب عليهما سور من حديد و على كل مدينة ألف ألف باب لكل باب مصراعان من ذهب و فيهما سبعون ألف لغة يتكلم كل واحد بخلاف لغة صاحبه و أنا أعرف جميع اللغات و ما فيهما و ما بينهما و ما عليهما حجة غيري

[10]

و غير الحسين أخي سئل الحسن بن علي (عليه السلام) عن بدو الزكاة فقال إن الله تعالى أوحى إلى آدم أن زك عن نفسك يا آدم قال يا رب و ما الزكاة قال صل لي عشرة ركعات فصلى ثم قال رب هذه الزكاة علي و على الخلق قال الله هذه الزكاة عليك في الصلاة و على ولدك في المال من جمع من ولدك مالا .

القاضي النعمان في شرح الأخبار بالإسناد عن عبادة بن الصامت و رواه جماعة عن غيره : سأل أعرابي أبا بكر فقال إني أصبت بيض نعام فشويته و أكلته و أنا محرم فما يجب علي فقال له يا أعرابي أشكلت علي في قضيتك فدله على عمر و دله عمر على عبد الرحمن فلما عجزوا قالوا عليك بالأصلع فقال أمير المؤمنين سل أي الغلامين شئت فقال الحسن يا أعرابي أ لك إبل قال نعم قال فاعمد إلى عدد ما أكلت من البيض نوقا فاضربهن بالفحول فما فصل منها فأهده إلى بيت الله العتيق الذي حججت إليه فقال أمير المؤمنين إن من النوق السلوب و منها ما يزلق فقال إن يكن من النوق السلوب و ما يزلق فإن من البيض ما يمرق قال فسمع صوت معاشر الناس إن الذي فهم هذا الغلام هو الذي فهمها سليمان بن داود .

من لا يحضره الفقيه : أنه استفتي (عليه السلام) عن جارية زفت إلى بيت رجل فوثبت عليها ضرتها و ضبطتها بنات عم لها فافتضتها بإصبعها فقال (عليه السلام) التي افتضتها زانية عليها صداقها و جلد مائة و اللواتي ضبطنها مفتريات عليهن جلد ثمانين .

الكليني في الكافي أنه جاء في حديث عمر بن عثمان عن أبي عبد الله (عليه السلام) : أنه سئل الحسن عن امرأة جامعها زوجها فقامت بحرارة جماعه فساحقت جارية بكرا و ألقت النطفة إليها فحملت فقال (عليه السلام) أما في العاجل فتؤخذ المرأة بصداق هذه البكر لأن الولد لا يخرج منها حتى يذهب عذرتها ثم ينتظر بها حتى تلد فيقام عليها الحد و يؤخذ الولد فيرد إلى صاحب النطفة و تؤخذ المرأة ذات الزوج فترجم قال فاطلع أمير المؤمنين (عليه السلام) و هم يضحكون فقصوا عليه القصة فقال ما أحكم

[11]

إلا ما حكم به الحسن و في رواية لو أن أبا الحسن لقيهم ما كان عنده إلا ما قال الحسن .

من لا يحضره الفقيه عن ابن بابويه بإسناده عن الرضا (عليه السلام) : أنه أتي عمر برجل وجد على رأس قتيل و في يده سكين مملوءة دما فقال الرجل لا و الله ما قتلته و لا أعرفه و إنما دخلت بهذه السكين أطلب شاة لي عدمت من بين يدي فوجدت هذا القتيل فأمر عمر بقتله فقال الرجل القاتل إنا لله و إنا إليه راجعون قد قتلت رجلا و هذا رجل آخر يقتل بسببي فشهد على نفسه بالقتل فأدركهم أمير المؤمنين و قال لا يجب عليه القود إن كان قتل نفسا فقد أحيا نفسا و من أحيا نفسا فلا يجب عليه قود فقال عمر سمعت رسول الله يقول أقضاكم علي و أعطى ديته من بيت المال .

و في الكافي و التهذيب أبو جعفر : إن أمير المؤمنين (عليه السلام) سأل فتوى ذلك الحسن فقال يطلق كلاهما و الدية من بيت المال قال و لم قال لقوله وَ مَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً .

أبو سنان عن رجل من أهل الكوفة : أن الحسن بن علي (عليه السلام) كلم رجلا فقال من أي بلد أنت قال من الكوفة قال لو كنت بالمدينة لأريتك منازل جبرئيل (عليه السلام) من ديارنا .

محمد بن سيرين : أن عليا (عليه السلام) قال لابنه الحسن اجمع الناس فاجتمعوا فأقبل و خطب الناس فحمد الله و أثنى عليه و تشهد ثم قال أيها الناس إن الله اختارنا لنفسه و ارتضانا لدينه و اصطفانا على خلقه و أنزل علينا كتابه و وحيه و ايم الله لا ينقصنا أحد من حقنا شيئا إلا انتقصه الله من حقه في عاجل دنياه و آخرته و لا يكون علينا دولة إلا كانت لنا العاقبة وَ لَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ ثم نزل فجمع بالناس و بلغ أباه فقبل بين عينيه ثم قال بأبي و أمي ذرية بعضها من بعض و الله سميع عليم .

العقد عن ابن عبد ربه الأندلسي و كتاب المدائني أيضا : أنه قال عمرو بن عاص لمعاوية لو أمرت الحسن بن علي يخطب على المنبر فلعله حصر فيكون ذلك وضعا

[12]

له عند الناس فأمر الحسن بذلك فلما صعد المنبر تكلم و أحسن ثم قال أيها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فأنا الحسن بن علي بن أبي طالب أنا ابن أول المسلمين إسلاما و أمي فاطمة بنت رسول الله أنا ابن البشير النذير أنا ابن السراج المنير أنا ابن من بعث رحمة للعالمين .

و في رواية ابن عبد ربه : لو طلبتم ابنا لنبيكم ما بين لابتيها لم تجدوا غيري و غير أخي فناداه معاوية يا أبا محمد حدثنا بنعت الرطب أراد بذلك أن يخجله و يقطع بذلك كلامه فقال نعم تلقحه الشمال و تخرجه الجنوب و تنضجه الشمس و يطيبه القمر و في رواية المدائني الريح تنفخه و الحر ينضجه و الليل يبرده و يطيبه .

و في رواية المدائني : فقال عمرو يا أبا محمد هل تنعت الخراءة قال نعم تبعد المشي في الأرض الصحصح حتى تتوارى من القوم و لا تستقبل القبلة و لا تستدبرها و لا تمسح باللقمة و الرمة يريد العظم و الروث و لا تبل في الماء الراكد .

المنهال بن عمرو : إن معاوية سأل الحسن (عليه السلام) أن يصعد المنبر و ينتسب فصعد فحمد الله و أثنى عليه , ثم قال : أيها الناس من عرفني فقد عرفني و من لم يعرفني فسأبين له نفسي :

بلدي مكة و منى , و أنا ابن المروة و الصفا , و أنا ابن النبي المصطفى , و أنا ابن من علا الجبال الرواسي , و أنا ابن من كسا محاسن وجهه الحياء , أنا ابن فاطمة سيدة النساء , أنا ابن قليلات العيوب نقيات الجيوب , و أذن المؤذن , فقال : أشهد أن لا إله إلا الله ; أشهد أن محمدا رسول الله , فقال لمعاوية : محمد أبي أم أبوك ?

  fehrest page next page