قال : فخرج عمرو و له صراخ من بكائه و هو يقول هلك من سلب تراثكم و نازعكم في الفضل و العلم .
أبو جعفر بن بابويه في الهداية قال الصادق (عليه السلام) : الكبائر سبعة فينا نزلت و منا استحلت فأولها الشرك بالله العظيم و قتل النفس التي حرم الله و أكل مال اليتيم و عقوق
[252]
الوالدين و قذف المحصنات و الفرار من الزحف و إنكار حقنا فأما الشرك بالله فقد أنزل الله فيه ما أنزل و قال رسول الله فينا ما قال و كذبوا رسوله و أشركوا بالله و أما قتل النفس التي حرم الله فقد قتلوا الحسين و أصحابه و أما أكل مال اليتيم فقد ذهبوا بفيئنا الذي جعله الله لنا و أعطوه غيرنا و أما عقوق الوالدين فقد أنزل الله في كتابه النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَ أَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ فعقوا رسول الله في ذريته و عقوا أمهم خديجة في ذريتها و أما قذف المحصنات فقد قذفوا فاطمة على منابرهم و أما الفرار من الزحف فقد أعطوا أمير المؤمنين (عليه السلام) ببيعتهم طائعين غير مكرهين ففروا عنه و خذلوه و أما إنكار حقنا فهذا مالنا يتنازعون فيه .
أبو جعفر الطوسي في الأمالي و أبو نعيم في الحلية و صاحب الروضة بالإسناد و الرواية يزيد بعضها على بعض عن محمد الصيرفي و عن عبد الرحمن بن سالم أنه : دخل ابن شبرمة و أبو حنيفة على الصادق (عليه السلام) فقال لأبي حنيفة اتق الله و لا تقس الدين برأيك فإن أول من قاس إبليس إذ أمره الله بالسجود فقال أنا خير منه خلقتني من نار و خلقته من طين ثم قال هل تحسن أن تقيس رأسك من جسدك قال لا قال فأخبرني عن الملوحة في العينين و المرارة في الأذنين و البرودة في المنخرين و العذوبة في الشفتين لأي شيء جعل ذلك قال لا أدري فقال (عليه السلام) إن الله تعالى خلق العينين فجعلهما شحمتين و جعل الملوحة فيهما منا على بني آدم و لو لا ذلك لذابتا و جعل المرارة في الأذنين منا منه على بني آدم و لو لا ذلك لقحمت الدواب فأكلت دماغه و جعل الماء في المنخرين ليصعد النفس و ينزل و يجد منه الريح الطيبة و الردية و جعل العذوبة في الشفتين ليجد ابن آدم لذة مطعمه و مشربه ثم قال له أخبرني عن كلمه أولها شرك و آخرها إيمان قال لا أدري قال لا إله إلا الله ثم قال أيما أعظم عند الله تعالى القتل أو الزناء فقال بل القتل قال فإن الله تعالى قد رضي في القتل شاهدين و لم يرض في الزناء إلا أربعة ثم قال إن الشاهد على الزناء شهد على اثنين و في القتل على واحد لأن القتل فعل واحد و الزناء فعلين ثم قال أيما أعظم عند الله الصوم أو الصلاة قال لا بل الصلاة قال فما بال المرأة إذا حاضت تقضي الصوم و لا تقضي الصلاة ثم قال لأنها تخرج إلى صلاة فتداومها و لا تخرج إلى صوم ثم قال المرأة أضعف أم الرجل قال المرأة قال فما بال
[253]
المرأة و هي ضعيفة لها سهم واحد و الرجل قوي له سهمان ثم قال لأن الرجل يجبر على الإنفاق على المرأة و لا تجبر المرأة على الإنفاق على الرجل ثم قال البول أقذر أم المني قال البول قال يجب على قياسك أن يجب الغسل من البول دون المني و قد أوجب الله الغسل من المني دون البول ثم قال (عليه السلام) لأن المني اختيار و يخرج من جميع الجسد و يكون في الأيام و البول ضرورة و يكون في اليوم مرات و هو مختار و الآخر متولج قال أبو حنيفة كيف يخرج من جميع الجسد و الله يقول يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَ التَّرائِبِ قال أبو عبد الله فهل قال لا يخرج من غير هذين الموضعين ثم قال (عليه السلام) لم لا تحيض المرأة إذا حبلت قال لا أدري قال حبس الله الدم فجعله غذاء للولد ثم قال أين مقعد الكاتبين قال لا أدري قال مقعدهما على الناجذين و الفم الدواة و اللسان القلم و الريق المداد ثم قال لم يضع الرجل يده على مقدم رأسه عند المصيبة و المرأة تضعها على خدها قال لا أدري فقال اقتداء بآدم و حواء حيث أهبطا من الجنة أ ما ترى أن من شأن الرجل الاكتباب عند المصيبة و من شأن المرأة رفعها رأسها إلى السماء إذا بكت ثم قال ما ترى في رجل كان له عبد فتزوج و زوج عبده في ليلة واحدة ثم سافرا و جعلا امرأتيهما في بيت واحد فسقط البيت عليهم فقتل المرأتين و بقي الغلامين أيهما في رأيك المالك و أيهما المملوك و أيهما الوارث و أيهما الموروث ثم قال فما ترى في رجل أعمى فقأ عين صحيح و أقطع قطع يد رجل كيف يقام عليهما الحد ثم قال فأخبرني عن قول الله تعالى لموسى و هارون حين بعثهما إلى فرعون لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشى لعل منك شك قال نعم قال و كذلك من الله شك إذ قال لعله ثم قال أخبرني عن قول الله وَ قَدَّرْنا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيها لَيالِيَ وَ أَيَّاماً آمِنِينَ أي موضع هو قال هو ما بين مكة و المدينة قال نشدتكم الله هل تسيرون بين مكة و المدينة تأمنون على دمائكم من القتل و على أموالكم من السرقة ثم قال و أخبرني عن قوله وَ مَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً أي موضع هو قال ذاك بيت الله الحرام فقال نشدتكم بالله هل تعلمون أن عبد الله بن الزبير و سعيد بن جبير دخلاه فلم يأمنا القتل قال فاعفني يا ابن رسول
[254]
الله قال فأنت الذي تقول سأنزل مثل ما أنزل الله قال أعوذ بالله من هذا القول قال إذا سئلت فما تصنع قال أجيب عن الكتاب أو السنة أو الاجتهاد قال إذا اجتهدت من رأيك وجب على المسلمين قبوله قال نعم قال و كذلك وجب قبول ما أنزل الله فكأنك قلت سأنزل مثل ما أنزل الله .
و في حديث محمد بن مسلم : أن الصادق (عليه السلام) قال لأبي حنيفة أخبرني عن هاتين الركبتين اللتين في يدي حمارك ليس ينبت عليها شعر قال أبو حنيفة خلق كخلق أذنيك في جسدك و عينيك فقال له ترى هذا قياسا إن الله تعالى خلق أذني لأسمع بهما و خلق عيني لأبصر بهما فهذا لما خلقه في جميع الدواب و ما ينتفع به فانصرف أبو حنيفة معتبا فقلت أخبرني ما هي قال إن الله تعالى يقول في كتابه لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ يعني منتصبا في بطن أمه غذاؤه من غذائها مما تأكل و تشرب اسمه سيما ميثاق بين عينيه فإذا أذن الله عز و جل في ولادته أتاه ملك يقال له حيوان فزجره زجرة انقلب و نسي الميثاق و خلق جميع البهائم في بطون أمهاتهن منكوسة مؤخره إلى مقدم أمه كما يأخذ الإنسان في بطن أمه فهاتان النكتتان السوداوتان اللتان ترى ما بين الدواب هو موضع عيونها في بطن أمهاتها فليس ينبت عليها الشعر و هو لجميع البهائم ما خلا البعير فإن عنق البعير طال فتقدم رأسه بين يديه و رجليه .
النهاية روى المحاملي عن الرفاعي قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن رجل قبل رجلا يحفر له بئرا عشرة قامات بعشرة دراهم فحفر له قامة ثم عجز قال تقسم عشرة على خمسة و خمسين جزءا فما أصاب واحدا فهو للقامة الأولى و الاثنين للاثنين و الثلاثة للثلاثة و على هذا الحساب إلى عشرة .
و روي فيها أنه : سئل الصادق عن رجل سارق دخل على امرأة ليسرق متاعها فلما جمع الثياب نازعته نفسه فكابرها على نفسها فواقعها فتحرك ابنها فقام فقتله بفأس كان معه فلما فرغ حمل الثياب و ذهب ليخرج فحملت عليه بالفأس فقتلته فجاء أهله يطلبون بدمه من الغد فقال أبو عبد الله (عليه السلام) اقض على هذا كما وصف لك قال تضمن
[255]
مواليه الذين طلبوا بدمه دية الغلام و يضمن السارق فيما ترك أربعة آلاف درهم لمكابرتها على فرجها أنه زان و هو في ماله غرامة و ليس عليها في قتلها إياه شيء لأنه سارق .
و فيها أنه سئل عن رجل تزوج بامرأة فلما كانت ليلة البناء بها عمدت المرأة إلى رجل صديق لها فأدخلته الحجلة فلما كان الرجل يباضع أهله ثار الصديق و اقتتلا في البيت فقتل الزوج الصديق و قامت المرأة فضربت الزوج ضربة فقتلته بالصديق فقال (عليه السلام) تضمن المرأة دية الصديق و تقتل بالزوج .
و ذكر أبو القاسم البغار في مسند أبي حنيفة قال الحسن بن زياد : سمعت أبا حنيفة و قد سئل من أفقه من رأيت قال جعفر بن محمد لما أقدمه المنصور بعث إلي فقال يا أبا حنيفة إن الناس قد فتنوا بجعفر بن محمد فهيئ له من مسائلك الشداد فهيأت له أربعين مسألة ثم بعث إلي أبو جعفر و هو بالحيرة فأتيته فدخلت عليه و جعفر جالس عن يمينه فلما بصرت به دخلني من الهيبة لجعفر ما لم يدخلني لأبي جعفر فسلمت عليه فأومأ إلي فجلست ثم التفت إليه فقال يا أبا عبد الله هذا أبو حنيفة قال نعم أعرفه ثم التفت إلي فقال يا أبا حنيفة ألق على أبي عبد الله من مسائلك فجعلت ألقي عليه فيجيبني فيقول أنتم تقولون كذا و أهل المدينة يقولون كذا و نحن نقول كذا فربما تابعناكم و ربما تابعناهم و ربما خالفنا جميعا حتى أتيت على الأربعين مسألة فما أخل منها بشيء ثم قال أبو حنيفة أ ليس إن أعلم الناس أعلمهم باختلاف الناس .
أبان بن تغلب في خبر ... : أنه دخل يماني على الصادق (عليه السلام) فقال له مرحبا بك يا سعد فقال الرجل بهذا الاسم سمتني أمي و قل من يعرفني به فقال صدقت يا سعد المولى فقال جعلت فداك بهذا كنت ألقب فقال لا خير في اللقب إن الله يقول وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ ما صناعتك يا سعد قال أنا من أهل بيت ننظر في النجوم فقال كم ضوء الشمس على ضوء القمر درجة قال لا أدري قال فكم ضوء القمر على ضوء الزهرة درجة قال لا أدري قال فكم للمشتري من ضوء عطارد قال لا أدري قال فما اسم النجوم التي إذا طلعت هاجت البقر قال لا أدري فقال يا أخا أهل اليمن عندكم علماء قال نعم إن عالمهم ليزجر الطير و يقفو الأثر في الساعة الواحدة مسيرة سير الراكب المجد فقال (عليه السلام) إن عالم المدينة أعلم من عالم اليمن لأن عالم المدينة ينتهى إلى حيث لا يقفو الأثر و يزجر الطير و يعلم ما في اللحظة مسيرة
[256]
الشمس فقطع اثني عشر برجا و اثني عشر بحرا و اثني عشر عالما قال ما ظننت أن أحدا يعلم هذا و يدري .
سالم الضرير : إن نصرانيا سأل الصادق (عليه السلام) تفصيل الجسم فقال (عليه السلام) إن الله تعالى خلق الإنسان على اثني عشر وصلا و على مائتين و ستة و أربعين عظما و على ثلاثمائة و ستين عرقا فالعروق هي التي تسقي الجسد كله و العظام تمسكها و اللحم يمسك العظام و العصب يمسك اللحم و جعل في يديه اثنين و ثمانين عظما في كل يد أحد و أربعون عظما منها في كفه خمسة و ثلاثون عظما و في ساعده اثنان و في عضده واحد و في كتفه ثلاثة و كذلك في الأخرى و في رجله ثلاثة و أربعون عظما منها في قدمه خمسة و ثلاثون عظما و في ساقه اثنان في ركبته ثلاثة و في فخذه واحد و في وركه اثنان و كذلك في الأخرى و في صلبه ثماني عشرة فقارة و في كل واحد من جنبيه تسعة أضلاع و في عنقه ثمانية و في رأسه ستة و ثلاثون عظما و في فيه ثمانية و عشرون و اثنان و ثلاثون .
عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله (عليه السلام) أنه : قال تزول الشمس في النصف من حزيران على نصف قدم و في النصف من تموز على قدم و نصف و في النصف من آب على قدمين و نصف و في النصف من أيلول على ثلاثة و نصف و في النصف من تشرين الأول على خمسة و نصف و في النصف من تشرين الأخير على سبعة و نصف و في النصف من كانون الأول على تسعة و نصف و في النصف من كانون الأخير على سبعة و نصف و في النصف من شباط على خمسة و نصف و في النصف من آذار على ثلاثة و نصف و في النصف من نيسان على قدمين و نصف و في النصف من أيار على قدم و نصف و في النصف من حزيران على نصف قدم .
يونس في حديثه قال : سأل ابن أبي العوجاء أبا عبد الله (عليه السلام) لما اختلفت منيات الناس فمات بعضهم بالبطن و بعضهم بالسل فقال (عليه السلام) لو كانت العلة واحدة أمن الناس حتى تجيء تلك العلة بعينها فأحب الله أن لا يؤمن حال قال و لم يميل القلب إلى الخضرة أكثر مما يميل إلى غيرها قال من قبل أن الله تعالى خلق القلب أخضر و من شأن الشيء أن يميل إلى شكله .
[257]
و يروى : أنه لما جاء إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال له ما اسمك فلم يجبه و أقبل (عليه السلام) على غيره فانكفى راجعا إلى أصحابه فقالوا ما وراءك قال شر ابتدأني فسألني عن اسمي فإن كنت قلت عبد الكريم فيقول من هذا الكريم الذي أنت عبده فإما أقر بمليك و إما أظهر مني ما أكتم فقالوا انصرف عنا فلما انصرف قال (عليه السلام) و أقبل ابن أبي العوجاء إلى أصحابه محجوجا قد ظهر عليه ذلة الغلبة فقال من قال منهم إن هذه للحجة الدامغة صدق إن لم يكن خير يرجى و لا شر يتقى فالناس شرع سواء و إن لم يكن منقلب إلى ثواب و عقاب فقد هلكنا فقال ابن أبي العوجاء لأصحابه أ و ليس بابن الذي نكل بالخلق و أمر بالحلق و شوه عوراتهم و فرق أموالهم و حرم نساءهم .
علي بن محمد عن أبيه رفعه قال : قال رجل لأبي عبد الله (عليه السلام) إن الشمس تطلع بين قرني الشيطان قال نعم إن إبليس اتخذ عرشا بين السماء و الأرض فإذا طلعت الشمس و سجد في ذلك الوقت الناس قال إبليس إن بني آدم يصلون لي .
معاوية بن عمار : سئل الصادق (عليه السلام) لم لا تجوز المكتوبة في جوف الكعبة قال إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) لم يدخلها في حج و لا عمرة و لكن دخلها في فتح مكة فصلى فيها ركعتين بين العمودين و معه أسامة .
و سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن السعي بين الصفا و المروة فريضة أو سنة .
فقال : فريضة .
قيل : قال الله فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما .
قال : ذاك عمرة القضاء , إن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) شرط عليهم أن يرفعوا الأصنام عن الصفا و المروة فتشاغل رجل حتى انقضت الأيام فأعيدت الأصنام فجاءوا إليه فقالوا يا رسول الله إن فلانا لم يسع بين الصفا و المروة و قد أعيدت الأصنام فأنزل الله فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما أي و عليها الأصنام .
امرأة أوصت بثلثها يتصدق به عنها و يحج عنها و يعتق بها فلم يسع المال ذلك فسئل أبو حنيفة و سفيان الثوري فقال كل واحد منهما انظر إلى رجل قد حج فقطع به فيقوى و رجل قد سعى في فكاك رقبة فبقي عليه شيء فيعتق و يتصدق بالبقية فسأل معاوية بن عمار أبا عبد الله (عليه السلام) عن ذلك فقال ابدأ بالحج فإن الحج فريضة و ما بقي فضعه في النوافل فبلغ ذلك أبا حنيفة فرجع عن مقاله .
[258]
و قال بعض الخوارج لهشام بن الحكم : العجم تتزوج في العرب قال نعم قال فالعرب تتزوج في قريش قال نعم قال فقريش تتزوج في بني هاشم قال نعم فجاء الخارجي إلى الصادق (عليه السلام) فقص عليه ثم قال أ سمعه منك فقال (عليه السلام) نعم قد قلت ذاك قال الخارجي فها أنا ذا قد جئتك خاطبا فقال له أبو عبد الله (عليه السلام) إنك لكفو في دينك و حسبك في قومك و لكن الله عز و جل صاننا عن الصدقات و هي أوساخ أيدي الناس فنكره أن نشرك فيما فضلنا الله به من لم يجعل الله له مثل ما جعل لنا فقام الخارجي و هو يقول بالله ما رأيت رجلا مثله ردني و الله أقبح رد و ما خرج من قول صاحبه .
و قال عمرو بن المقدام : نادى رجل بأبي جعفر يا أمير المؤمنين إن هذين الرجلين طرقا أخي ليلا فأخرجاه من منزله فلم يرجع إلي فو الله ما أدري ما صنعا به فقالا يا أمير المؤمنين كلمناه ثم رجع إلى منزله فتقدم إلى الصادق (عليه السلام) فقال يا غلام اكتب بسم الله الرحمن الرحيم قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) كل من طرق رجلا بالليل فأخرجه من منزله فهو له ضامن إلى أن يقيم البينة أنه قد رده إلى منزله قم يا غلام نح هذا فاضرب عنقه فقال يا ابن رسول الله ما قتلته و لكن أمسكته ثم جاء هذا فوجأه فقتله فقال أنا ابن رسول الله يا غلام نح هذا فاضرب عنق الآخر فقال يا ابن رسول الله و الله ما عذبته و لكن قتلته بضربة واحدة فأمر أخاه فضرب عنقه ثم أمر بالآخر فضرب جنبيه و حبسه في السجن و وقع على رأسه يحبس عمره و يضرب كل سنة خمسين جلدة .
و سئل أبو عبد الله : عن أربعة أنفس قتلوا رجلا مملوك و حر و حرة و مكاتب قد أدى نصف مكاتبته فقال عليهم الدية على الحر ربع الدية و على الحرة ربع الدية و على المملوك أن يخير مولاه فإن شاء أدى عنه و إن شاء دفعه برمته لا يغرم أهله شيئا و المكاتب في ماله نصف الربع و على الذي كاتبه نصف الربع فذلك الربع لأنه قد أعتق نفسه .
و في مسائل الخلاف سئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن سبب التياسر في الصلاة لأهل العراق ; فقال : إن الحجر الأسود لما أنزله الله من الجنة و وضع في موضعه جعل أنصاب الحرم من حيث يلحقه نور الحجر فهي عن يمين الكعبة أربعة أميال و عن يسارها ثمانية أميال كله اثنا عشر ميلا فإذا انحرف الإنسان ذات اليمين خرج عن حد القبلة لقلة أنصاب الحرم و إذا انحرف ذات اليسار لم يكن خارجا عن حد القبلة .
[259]
علل الشرائع عن أبي جعفر القمي الصادق (عليه السلام) في خبر طويل يذكر فيه حديث المعراج : قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) فنزل الماء من ساق العرش فتلقيته باليمين فمن أجل ذلك أول الوضوء باليمين .
السكوني : سئل الصادق (عليه السلام) عن الغائط فقال تصغير لابن آدم لكي لا يتكبر و هو يحمل غائطه معه .
عمرو بن عبيد سئل أبو عبد الله (عليه السلام) : ما بال الرجل إذا أراد الحاجة إنما ينظر إلى سفليه و ما يخرج من ثم فقال (عليه السلام) إنه ليس من أحد يريد ذلك إلا وكل الله عز و جل ملكا يأخذ بضبعه ليريه ما يخرج منه أ حلال أم حرام .
المفضل بن عمر قال : سألت أبا عبد الله (عليه السلام) عن علة التسليم في الصلاة قال إنه تحليل الصلاة قلت فالالتفات إلى اليمين قال لأن الملك الموكل يكتب الحسنات على اليمين .
و عنه (عليه السلام) : لما فتح الله للنبي (صلى الله عليه وآله وسلّم) مكة صلى مع أصحابه الظهر عند الحجر الأسود فلما سلم رفع يديه و كبر ثلاثا و قال لا إله إلا الله وحده وحده أنجز وعده الدعاء .
الصادق (عليه السلام) : إنما جعل العاهات في أهل الحاجة لئلا تستر و لو جعلت في الأغنياء لسترت و في رواية : هم الذين يأتي آباؤهم نساءهم في الطمث .
قال أبو عبد الله (عليه السلام) : إن لله عز و جل ماء عذبا فخلق منه أهل طاعته و خلق ماء مرا فخلق منه أهل معصيته ثم أمرهما فاختلطا فلو لا ذلك ما ولد المؤمن إلا مؤمنا و لا الكافر إلا كافرا .
و حدث أبو هفان و ابن ماسويه حاضر : أن جعفر بن محمد (عليه السلام) قال الطبائع أربع الدم و هو عبد و ربما قتل العبد سيده و الريح و هو عدو إذا سددت له بابا أتاك من آخر و البلغم و هو ملك يدارى و المرة و هي الأرض إذا رجفت رجفت بمن عليها فقال أعد علي فو الله ما يحسن جالينوس أن يصف هذا الوصف .
و في خبر الربيع : أنه قرأ هندي عند المنصور كتب الطب و عنده الصادق (عليه السلام) فجعل ينصت لقراءته فلما فرغ قال يا أبا عبد الله أ تريد مما معي شيئا قال لا لأن ما معي خير مما هو معك قال ما هو قال أداوي الحار بالبارد و البارد بالحار و الرطب
[260]
باليابس و اليابس بالرطب و أرد الأمر كله إلى الله و أستعمل ما قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلّم) و أعلم أن المعدة بيت الأدواء و أن الحمية هي الدواء و أعود البدن ما اعتاد قال و هل الطب إلا هذا قال الصادق (عليه السلام) أ فتراني عن كتب الطب أخذت قال نعم قال لا و الله ما أخذت إلا عن الله سبحانه و تعالى فأخبرني أنا أعلم بالطب أم أنت قال بل أنا قال فأسألك قال سل فسأله عشرين مسألة و هو يقول لا أعلم فقال الصادق (عليه السلام) لكني أعلم و هذه أجوبة الصادق (عليه السلام) كان في الرأس شئون لأن المجوف إذا كان بلا فصل أسرع إليه الصدع فإذا جعل ذا فصول كان الصدع منه أبعد و جعل الشعر من فوقه ليتصل بأصوله الأدهان إلى الدماغ و يخرج بأطرافه البخار منه و يرد الحر و البرد الواردين عليه و خلت الجبهة من الشعر لأنها مصب النور إلى العينين و جعل فيها التخطيط و الأسارير ليحبس العرق الوارد من الرأس عن العين قدر ما يميطه الإنسان عن نفسه كالأنهار في الأرض التي تحبس المياه و جعل الحاجبان من فوق العينين ليردا عليهما من النور قدر الكفاية أ لا ترى يا هندي أن من غلبه النور جعل يده على عينيه ليرد عليهما قدر كفايتهما منه و جعل الأنف فيما بينهما ليقسم النور قسمين إلى كل عين سواء و جعلت العين كاللوزة ليجري فيها الميل بالدواء و يخرج منها الداء و لو كانت مربعة أو مدورة ما جرى فيها الميل و لا وصل إليها دواء و لا خرج منها داء و جعل ثقب الأنف في أسفله لينزل منه الأدواء المنحدرة من الدماغ و تصعد فيه الأراييح إلى المشام و لو كان في أعلاه لما نزل داء و لا وجد رائحة و جعل الشارب و الشفة فوق الفم ليحبسان ما ينزل من الدماغ عن الفم لئلا يتنغص على الإنسان طعامه و شرابه فيميطه عن نفسه و جعل اللحية للرجل ليستغني بها عن الكشف في المنظر و يعلم بها الذكر من الأنثى و جعل السن حادا لأن بها يقع العض و جعل الضرس عريضا لأن به يقع الطحن و المضغ و جعل الناب طويلا لتشد الأضراس و الأسنان كالأسطوانة في البناء و خلا الكفان من الشعر لأن بهما يقع اللمس فلو كان فيهما شعر ما درى الإنسان ما يقابله و يلمسه و خلا الشعر و الظفر من الحياة لأن طولهما سمج و قصهما حسن فلو كان