قال عليّ (عليه السلام): أنا البئر، والقصر المشيد، قالت فاطمة (عليها السلام): أنا منّي شبّر وشبير.
قال عليّ (عليه السلام): وأنا بعد الرسول خير البريّة، قالت فاطمة (عليها السلام): أنا البرّة الزكيّة.
فعندها، قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): لا تكلمي عليّاً، فإنّه ذو البرهان، قالت فاطمة (عليها السلام): أنا ابنة من أنزل عليه القرآن.
قال عليّ (عليه السلام): أنا الأمين الأصلع، قالت فاطمة (عليها السلام): أنا الكوكب الّذي يلمع.
قال النّبي (صلى الله عليه وآله): فهو ذو الشفاعة يوم القيامة، قالت فاطمة (عليها السلام)، وأنا خاتون يوم القيامة.
فعند ذلك قالت فاطمة (عليها السلام) لرسول الله (صلى الله عليه وآله): يا رسول الله لا تجافي لابن عمّك ودعني وإيّاه.
وقال عليّ (عليه السلام): يا فاطمة أنا من محمّد عصبته ونجيه، قالت فاطمة (عليها السلام): وأنا لحمه ودمه.
قال عليّ (عليه السلام): فأنا الصحف، قالت فاطمة (عليها السلام): وأنا أشرف.
قال عليّ (عليه السلام): وأنا وليّ الزلفى، قالت فاطمة (عليها السلام): وأنا الخمصاء الحسناء.
قال عليّ (عليه السلام): وأنا نور الورى، قالت فاطمة (عليها السلام): وأنا فاطمة الزهراء.
فعندها قالت النبيّ (صلى الله عليه وآله) لفاطمة: يا فاطمة قومي وقبّلى رأس ابن عمّك، فهذا جبرئيل واسرافيل وعزرائيل مع أربعة آلاف من الملائكة يحامون مع عليّ (عليه السلام)، وهذا أخي راحيل وروائيل مع أربعة آلاف من الملائكة ينظرون بأعينهم.
قال: فوهبها الامام (عليه السلام) وقبّلت يد أبيها عليه و عليهم السلام.
وهذا ما وجدنا في النسخة من الحديث على التمام والكمال، ونستغفر الله العظيم من الزيادة والنقصان ونعوذ بالله من سخط الرحمن(1).
143 ـ امالي الصدوق: حدّثنا ابي، قال: حدّثنا محمد بن معقل القرميسيني(2)، قال حدّثنا جعفر الورّاق، قال حدّثنا، محمّد بن الحسن الأشجّ، عن يحيى بن زيد، عن زيد بن عليّ، عن أبيه عليّ بن الحسين (عليه السلام)، قال: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله) ذات يوم وصلّى الفجر، ثمّ قال: معاشر الناس أيّكم ينهض إلى ثلاثة نفر قد آلوا(3) باللات والعزّى ليقتلوني، وقد كذبوا وربّ الكعبة؟
قال: فاحجم الناس(4) وما تكلم أحد.
فقال: ما أحسب عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) فيكم؟
فقام إليه عامر بن قتادة، فقال: إنّه وعك(5) في هذه الليلة ولم يخرج يصلّي معك، فتأذن لي أن أخبره؟
فقال النبي (صلى الله عليه وآله): شأنك.
____________
1 ـ فضائل ابن شاذان: 105 و109.
2 ـ قال المجلسي في البحار 41: 75، القرميسين معرب كرمانشاه.
3 ـ آلوا: أي حلفوا وأقسموا.
4 ـ احجم الناس: امسكوا وكفّوا عن الإقدم.
5 ـ وعك: أي مصاب بالحمى.
قال: هذا رسول ربّي يخبرني عن ثلاثة نفر قد نهضوا إليّ لقتلي، وقد كذبوا وربّ الكعبة.
فقال عليّ (عليه السلام): يا رسول الله أنا لهم سرّية وحدي هوذا البس عليّ ثيابي.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): بل هذه ثيابي وهذا درعي وهذا سيفي.
فدرعّه وعمّمه وقلده واركبه فرسه، وخرج أمير المؤمنين (عليه السلام)، فمكث ثلاثة أيّام لا يأتيه جبرئيل بخبره، ولا خبر من الأرض، وأقبلت فاطمة بالحسن والحسين على وركيها(1) تقول: اوشك أن يؤتم هذين الغلامين، فاقبل النبيّ عليه يبكي، ثمّ قال: معاشر الناس من يأتيني بخبر على اُبشّره بالجنّة.
وأفترق الناس في الطلب، لعظيم ما رؤاو بالنبيّ (صلى الله عليه وآله) وخرج العواتق، فأقبل عامر بن قتادة يبشّر بعلي (عليه السلام)، وهبط جبرئيل على النبيّ (صلى الله عليه وآله)، فأخبره بما كان فيه، وأقبل عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) معه اسيران ورأس وثلاثة ابعرة وثلاثة افراس.
فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله): تحب أن أخبرك بما كنت فيه يا أبا الحسن، فقال المنافقون: هو منذ ساعة قد اخذه المخاض وهو الساعة يريد أن يحدّثه، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله): بل تحدث أنت يا أبا الحسن لتكون شهيداً على القوم.
قال: نعم يا رسول الله، لما صرت في الوادي رأيت هؤلاء ركباناً على الاباعر، فنادوني من أنت؟
فقلت: أنا عليّ بن أبي طالب ابن عمّ رسول الله (صلى الله عليه وآله).
____________
1 ـ كذا في الأصل والبحار.
قال النبي (صلى الله عليه وآله): يا علي أما الصوت الأوّل الّذي صكّ مسامعك، فصوت جبرئيل وأمّا الآخر، فصوت ميكائيل، قدّم إليّ أحد الرّجلين، فقدمه، فقال: قل لا إله إلاّ الله، واشهد أنّي رسول الله.
فقال: لنقل جبل أبي قبيس أحبّ إليّ من أن أقول هذه الكلمة.
قال: يا عليّ أخّره واضرب عنقه.
ثمّ قال: قدّم الآخر، فقال: قل اشهد أن لا إله إلاّ الله، واشهد أنّي رسول الله.
قال: الحقني بصاحبي، قال: يا عليّ اخّره واضرب عنقه، فأخّره، قام أمير المؤمنين ليضرب عنقه، فهبط جبرئيل على النبيّ (صلى الله عليه وآله) فقال: يا محمّد إنّ ربّك يقرئك السلام ويقول: لا تقتله، فإنّه حسن الخلق، سخيّ في قومه.
فقال المشرك ـ تحت السيفّ ـ: هذا رسول ربّك يخبرك؟ قال: نعم. قال: والله ما ملكت درهماً مع أخ لي قط، ولا قطّبت وجهي في الحرب، وأنا أشهد أنّ لا إله إلاّ
____________
1 ـ الجربان ـ بالضم ـ جيب القميص.
2 ـ الإحفاء: المبالغة في الأخذ، وفي الإمالي: في نسخة: فلم اخفه. والأول أصحّ.
144 ـ روى المجلسي في البحار: في حوادث ما بعد غزوة بني قريضة عن أصحاب السير، أنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان ذات يوم جالساً إذ جاء اعرابي، فجثا بين يديه ثمّ قال: إنّي جئت لانصحك. قال: وما نصيحتك؟
قال: قوم من العرب قد عملوا على أن يبيّتوك بالمدينة ووصفهم له... إلى أن قال: فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أين عليّ بن أبي طالب؟
فقام أمير المؤمنين (عليه السلام)، فقال: أنا ذا يا رسول الله.
قال: امض إلى الوادي.
قال: نعم، وكانت له عصابة لا يتعصب بها حتّى يبعثه النبيّ (صلى الله عليه وآله) في وجه شديد، فمضى إلى منزل فاطمة (عليها السلام) فالتمس، العصابة منها.
فقالت: أين تريد وأين بعثك أبي؟ قال: إلى وادي الرّمل.
فبكت اشفاقاً عليه(2).
145 ـ مصباح الأنوار: عن جعفر بن محمّد عن آبائه (عليهم السلام)، قال: لمّا حضرت فاطمة الوفاة بكت، فقال لها أمير المؤمنين (عليه السلام): يا سيّدتي ما يبكيك؟
قالت: أبكى لما تلقى بعدي.
فقال لها: لا تبكي، فوالله إن ذلك لصغير عندي في ذات الله تعالى، واوصته أن لا يؤذن بها الشيخين، ففعل(3).
____________
1 ـ أمالي الصدوق: 93 و95 وعنه بحار الأنوار 41:73 ـ 75.
2 ـ بحار الأنوار 21:81.
3 ـ بحار الأنوار 43:218 و78:391 وعوالم العلوم 11:264.
(قلت): سيأتي هذا الحديث في وصايا الزهراء (عليها السلام).
قال: يا بلال اذهب، فائتني به. فمضى بلال إلى عليّ (عليه السلام) وقد دخل منزله باكي العين.
فقالت فاطمة (عليها السلام) ما يبكيك لا أبكى الله عينيك؟
قال: يا فاطمة، آخى النبيّ (صلى الله عليه وآله) بين المهاجرين والأنصار وأنا واقف يراني ويعرف مكاني، ولم يوآخ بيني وبين أحد.
قالت: لا يحزنك الله، لعلّه أنّما ذخرك لنفسه.
فقال بلال: يا عليّ أجب النبيّ.
فأتى عليّ النبيّ، فقال النبيّ: ما يبكيك يا أبا الحسن؟
فقال: واخيت بين المهاجرين والأنصار يا رسول الله، وأنا واقف تراني وتعرف مكاني ولم تواخ بيني وبين أحد.
قال: إنّما ذخرتك لنفسي، ألا يسرّك أن تكون أخا نبيّك؟
قال: بلى، يا رسول الله إنّي لي بذلك، فاخذ بيده فارقاه المنبر. فقال: اللهم هذا منّي وأنا منه، ألا أنّه منّي بمنزلة هارون من موسى، ألا من كنت مولاه فهذا عليّ مولاه.
قال: فانصرف عليّ قرير العين، فاتبعه عمر بن الخطّاب، فقال: بخ بخ يا أبا
147 ـ وفي مدينة المعاجز: عن السيد الرضي في المناقب الفاخرة: أخبرنا أبو الخير المبارك بن سرور بقرائتي عليه، فأقرّ به قلت: أخبركم القاضي أبو عبدالله؟
قال: حدّثني أبي(رحمه الله)، قال: أخبرنا محمّد بن عبدالوهاب بن طاوان، عن أبي عليّ بن محمّد بن المعلّى السّلمى العدل، عن عليّ بن عبدالله بن عيسى، عن خالد بن ذكرى، عن يزيد بن هارون، عن مبارك بن فضالة، قال: حدّثنا أبو هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، إنّ عليّاً (عليه السلام) احتاج حاجة شديدة ولم يكن عنده شيء، فخرج من البيت ذات يوم، فوجد ديناراً، فعرّفه فلم يعرفه غيره.
فقالت له فاطمة (عليها السلام): لو جعلته على نفسك وابتعت لنا به دقيقاً، فان جاء صاحبه رددته.
فاحتسبه على نفسه، فخرج ليشتري به دقيقاً، فرأى رجلا معه دقيق، فقال له: كم بدينار؟
فقال له: كذا وكذا.
فقال: كِل(2)، فكال، فاعطاه الدينار.
قال: والله لا اخذته. فرجع إلى فاطمة (عليها السلام)، فأخبرها.
فقالت: يا سبحان الله اخذت دقيق الرجل وجئت بالدينار معك؟
فمكث (عليه السلام): يعرّف الدينار طول ما هم يأكلون الدقيق إلى أن نفد، ولم يعرف الدينار أحد، فخرج ليبتاع به دقيقاً، فإذا هو بذلك الرجل ومعه دقيق فقال (عليه السلام): كم
____________
1 ـ كشف الغمّة: 96 ـ 97، عنه بحار الأنوار 38:343 و37: 186 ـ 187.
2 ـ فعل أمر من كال يكيل.
فقال: كذا وكذا فقال: كِلْ، فكال، واعطاه الدينار فحلف أن لا يأخذه.
فجاء عليّ (عليه السلام) بالدينار والدقيق، فأخبر فاطمة (عليها السلام). فقالت: جئت بالدينار والدقيق؟
فقال: وما اصنع وقد حلف يميناً برّة، لا يأخذه.
فقالت: كنت بادرته أنت اليمين قبل أن يحلف هو.
ومكث يعرّف الدينار وهم يأكلون الدقيق، فلما نفذ الدقيق أخذ الدينار ليبتاع به دقيقاً واذا بالرجل ومعه دقيق، فقال له: كم بدينار؟ قال: كذا وكذا، فقال: كِلْ، فكال، فقال له عليّ: لتأخذن الدينار والله، ورمى بالدينار عليه وانصرف.
فقال النبيّ لعلي صلى الله عليهما: يا عليّ أتدري من كان الرجل؟
قال: لا، قال: ذلك جبرئيل، والدينار رزق ساقه الله إليك، والّذي نفسي بيده لو لم تحلف عليه ما زلت تجده مادام الدينار في يدك(1).
148 ـ وفي غاية المرام ـ أيضاً ـ من طريق المخالفين ما رواه الموفق بن أحمد من علماء الجمهور في كتاب مناقب أمير المؤمنين (عليه السلام)، قال: أخبرنا شهريار اجازة، اخبرنا ابو الفتح عبدوس بن عبدالله بن عبدوس الهمداني كتابة أخبرنا: أبو نصر(رضي الله عنه)، حدّثنا ابن لآل، حدّثنا القيّم بن بندار، قال: حدّثنا إبراهيم بن الحسين، حدّثنا أبو ظفر، حدّثنا جعفر بن سليمان، عن أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري، قال: انغص علي وفاطمة: فقالت له فاطمة (عليها السلام): ليس في الرحل شيء، فخرج عليّ يبتغي [الرزق]، فوجد ديناراً، فعرّفه حتّى سئم، ولم يجد له طالباً ولم يصب على شيئاً،
____________
1 ـ مدينة المعاجز: 23.
فقالت: هل لك في خير، هل لك أن تستقرضه، فنتعشى به وإذا جاء صاحبه، فله عوضه، وإنّما هو دينار مكان دينار؟
فقال عليّ (عليه السلام): أفعل، فأخذ الدينار، وأخذ وعاء، ثمّ خرج إلى السوق، فإذا رجل عنده طعام يبعيه.
فقال عليّ (عليه السلام): كيف تبيع من طعامك هذا؟
فقال: كذا وكذا بدينار، فناوله عليّ الدينار، ثمّ فتح وعاءه، فكاله حتّى إذا فرغ ضم على وعاءه، وذهب ليقوم فرد إليه الدينار، وقال: لتأخذنه، فأخذه ورجع إلى فاطمة، فحدّثها حديثه.
فقالت فاطمة عليها السلام: هذا رجل عرف حقّنا وقرابتنا من رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فأكلوه حتّى انفذوا ولم يصيبوا ميسرة.
فقالت فاطمة (عليها السلام): هل لك في خير تستقرضه حتّى نتعشى به ـ مثل قولها الأوّل.
فقال: أفعل. فخرج إلى السوق، فإذا صاحبه، فقال له عليّ (عليه السلام)، مثل قوله الأول، وفعل مثل فعله الأول، فرجع، فأخبر فاطمة (عليها السلام)، فدعت له مثل دعائها، وأكلوا حتّى انفدوا.
فلمّا كان الثالثة قالت فاطمة: إنّ رد عليك الدينار، فلا تقبله.
فذهب علي، فوجده، فلمّا كاله ذهب يردّه، فقال عليّ (عليه السلام): والله لا أخذه، فسكت عنه.
فقال أبو هارون، فقمت وانصرفت وإذا قد مررت برجل من الأنصار له صحبته
قال عليّ (عليه السلام): ذكرت ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وآله)، فقال: جبرائيل (عليه السلام) (1).
149 ـ مستدرك الوسائل: عن أمير المؤمنين (عليه السلام) أنّه دخل يوماً على فاطمة عليها السلام، فوجد الحسن والحسين عليهما السلام بين يديها يبكيان، فقال: ما لهما يبكيان؟
فقالت: [يريدان] ما يأكلان، ولا شيء عندنا في البيت، قال: فلو أرسلت إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله). قالت: نعم، فأرسلت إليه تقول: يا رسول الله إبناك يبكيان ولم نجد لهما شيئاً، فان كان عندك شيء، فابلغناه.
فنظر رسول الله (صلى الله عليه وآله) في البيت، فلم يجد شيئاً غير تمر، فدفعه إلى رسولها، فلم يقع منهما [كذا]، فخرج أمير المؤمنين (عليه السلام) يبتغي أن يأخذ سلفاً أو شيئاً بوجهه من أحد، فكلما أراد أن يكلم أحداً احتشم، فانصرف، فبينا هو يسير إذا وجد ديناراً، فأتى به فاطمة (عليها السلام)، فأخبرها بالخبر، فقالت: لو رهنته لنا اليوم في طعام، فان جاء طالبه رجونا أن نجد، فكاكه إن شاء الله.
فخرج به (عليه السلام)، فاشترى دقيقاً ثمّ دفع الدينار رهناً بثمنه، فأبى صاحب الدقيق عليه أن يأخذ رهناً، وقال: متى تسيّر ثمنه، فجيء به، واقسم أن لا يأخذه رهنا.
ثمّ مرّ بلحم فاشترى منه بدرهم ودفع الدينار إلى القصاب رهنا، فامتنع أيضاً عليه وحلف أن لا يأخذه. فأقبل إلى، فاطمة باللحم والدقيق وقال: عجّليه، فإنّي أخاف أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ما بعث بابنيه بالتمر وعنده طعام اليوم، فعجّلته وأتى إلى
____________
1 ـ مدينة المعاجز: 23.
فأخبر عليّ أمير المؤمنين (عليه السلام) رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالخبر، فدعى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالغلام، فسأله؟ فقال: ارسلني أهلي بدينار اشتري لهم به طعاماً، فسقط منّيووصفه، فردّهُ رسول الله (صلى الله عليه وآله) (1).
150 ـ أمالي الصدوق: الهمداني، عن عمر بن سهل بن اسماعيل الدينوري، عن زيد بن إسماعيل الصائغ عن معاوية بن هشام، عن سفيان، عن عبدالملك بن عمير، عن خالد بن ربعي، قال: إنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) دخل مكّة في بعض حوائجه، فوجد اعرابيّاً متعلقاً بأستار الكعبة وهو يقول: "يا صاحب البيت، البيت بيتك والضيف ضيفك، ولكلّ ضيف من ضيفه قرى، فاجعل قراي منك الليلة المغفرة." فقال أمير المؤمنى (عليه السلام) لأصحابه أما تسمعون كلام الأعرابي؟ قالوا: نعم، فقال: الله أكرم من أن يردّ ضيفه.
فلمّا كان الليلة الثانية وجده متعلقاً بذلك الركن وهو يقول: "يا عزيزا في عزّك، فلا اعزّ منك في عزّك، اعزني بعزّ عزّك في عزّ لا يعلم أحد كيف هو، أتوجّه إليك وأتوسّل إليك، بحقّ محمّد وآل محمّد عليك اعطني ما لا يعطيني أحد غيرك، واصرف عنّي ما لا يصرفه أحد غيرك".
قال: فقال أمير المؤمنين (عليه السلام) لأصحابه: هذا والله الاسم الأكبر بالسريانية، أخبرني به حبيبي رسول الله (صلى الله عليه وآله)، سأله الجنّة فأعطاه وسأله صرف النار وقد صرفها عنه.
____________
1 ـ مستدرك الوسائل 2:152.
قال: فتقدّم إليه أمير المؤمنين (عليه السلام) فقال: يا أعرابي سألت ربّك القِرى، فقراك، وسألته الجنّة، فأعطاك، وسألته أن يصرف عنك النار وقد صرفها عنك وفي هذه الليلة تسأله أربعة آلاف درهم؟!
قال الأعرابي: من أنت؟ قال: أنا عليّ بن أبي طالب.
قال الأعرابي أنت والله بغيتى وبك أنزلت حاجتي.
قال: سل يا أعرابي.
قال: اُريد ألف درهم للصداق، و ألف درهم أقضي به ديني، وألف درهم اشتري به داراً، وألف درهم اتعيّش منه.
قال: انصفت يا اعرابي، فإذا خرجت من مكّة، فاسأل عن داري بمدينة الرسول، فأقام الأعرابي بمكّة اسبوعاً، و خرج في طلب أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى مدينة الرسول، و نادى: من يدلني على دار أمير المؤمنين؟
فقال الحسين بن عليّ عليهما السلام ـ من بين الصبيان ـ: أنا ادلّك على دار أمير المؤمنين، وأنا ابنه الحسين بن عليّ.
فقال الاعرابي: من أبوك؟
قال: أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب.
قال: من اُمك؟ قال: فاطمة الزهراء سيّدة نساء العالمين.
قال: من جدّك؟ قال: رسول الله محمّد بن عبدالله بن عبدالمطلّب.
قال: من جدّتك؟ قال: خديجة بنت خويلد.
قال: أخذت الدنيا بطرفيها، امش إلى أمير المؤمنين وقل له أنّ الأعرابي صاحب الضمان بمكّة على الباب.
قال: فدخل الحسين بن عليّ (عليه السلام) فقال: يا أبه أعرابيّ بالباب يزعم أنّه صاحب الضمان بمكّة.
قال فقال: يا فاطمة عندك شيء يأكله الأعرابي؟
قالت: اللّهمّ لا، قال: فتلبّس أمير المؤمنين (عليه السلام) و خرج، و قال: ادعو إليّ أبا عبدالله سلمان الفارسي.
قال: فدخل إليه سلمان الفارسي، فقال: يا عبدالله اعرض الحديقة الّتي غرسها رسول الله (صلى الله عليه وآله) لي على التجّار.
قال: فدخل سلمان إلى السوق وعرض الحديقة، فباعها باثني عشر ألف درهم، وأحضر المال واحضر الأعرابي، فأعطاه أربعة آلاف درهم وأربعين درهماً نفقة.
ووقع الخبر إلى سؤال المدينة، فاجتمعوا. ومضى رجل من الأنصار إلى فاطمة (عليها السلام)، فأخبرها بذلك فقالت: آجرك الله في ممشاك، فجلس عليّ (عليه السلام) والدراهم مصبوبة بين يديه، حتّى اجتمع إليه أصحابه، فقبض قبضة قبضة وجعل يعطي رجلا رجلا، حتّى لم يبق معه درهم واحد.
فلمّا أتى المنزل قالت له فاطمة عليهما السلام: يابن عمّ بعت الحائط الّذي غرسه لك والدي؟
قال: نعم بخير منه عاجلا وآجلا.