فقال النبي (صلى الله عليه وآله): وأنا أشهد بذلك يا فاطمة ولكنّه لا يقتل حتّى يكون منه إمام يكون منه الأئمّة الهادية.(1)
193 ـ معالي السبطين: روى أن فاطمة أقبلت إلى ابيها رسول الله باكية في المسجد، وهي تقول: يا أبة وضعت الحسين في مهده، وأخذت في طحن الحب ساعة، فافتقدته، ولم أجده في مهده؟(2)
فهبط الأمين جبرئيل وقال: يا رسول الله أبلغ فاطمة السلام وقل لها: فلتقر عيناها، فإنّ الحسين لم يصيبه شيء وهو من المقرّبين.
فقال رسول الله: وأين الحسين؟ قال جبرئيل: لمّا هبطت وهبط معي جماعة من الملائكة لنهنّئك في ولادة الحسين وعرجوا إلى السماء افتخروا على سائر الملائكة بأنّه قد زاروا الحسين، فقالت الملائكة: يا ربّنا ائذن لنا في زيارة الحسين.
____________
1 ـ غاية المرام: 141.
قال المؤلّف: وورد في كفاية الأثر بسنده إلى زينب بنت عليّ (عليه السلام)، قالت: قالت: فاطمة (عليها السلام) دخل عليّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند ولادة ابني الحسين وناولته إيّاه في خرقة صفراء، فرمى بها وأخذ خرقة بيضاء، فلفّه فيه ثمّ قال: خذيه يا فاطمة، فإنّه الامام وأبو الأئمّة، تسعة من صلبه أئمّة أبرار، والتاسع قائمهم.
وورد مثله في ناسخ التواريخ: احوالات الامام الحسين (عليه السلام) 1:114.
(قلت): الظاهر أنّ المراد بالصفراء هنا: السوداء، فإنه المستعمل في لغة العرب القدماء وإنّ اطلاق هذه اللفظة على اللون الأصفر المصطلح عندنا، إنّما هو حادث وذلك اعتماداً على ما فسّر زيد الشهيد قوله تعالى: "إنّها بقرة صفراء" قال: سوداء.
واستشهد له بعض المفسرين بقول الشاعر:
تلك خيل منه وتلك ركابي | هنّ صفر الوآنهاكالزبيب. |
يريد: هنّ سود كالزبيب، ويؤيد هذا أنّ اللون الاصفر المعهود عندنا لم يمكن تمييزه بسهوله عن اللون الأبيض في ذلك الحين حيث كأنّ اللون الأبيض يشمل الأصفر في الأغلب.
2 ـ معالي السبطين: 49، عن الكبريت الأحمر.
تنقيزها(1) لأولادها
194 ـ في مسند فاطمة: عن ابن أبي مليكة، قال: كانت فاطمة تنقز الحسين بن عليّ تقول:
بأبي شبه النبيّ | ليس شبيهاً بعلى(2) |
195 ـ عوالم العلوم: وكانت فاطمة ترقّص إبنها حسناً وتقول:
أشبه اباك يا حسن | واعبد إلهاً ذا منن |
واخلع عن الحقّ الرّسن | ولا توال ذا الاحن |
وقالت للحسين (عليه السلام):
انت شبيه بأبي | لست شبيهاً بعلي(3) |
196 ـ تنبيه الخواطر: بينما النبيّ (صلى الله عليه وآله) والناس في المسجد ينتظرون بلالا أن يأتي، فيؤذن إذ أتى بعد زمان، فقال له النبيّ (صلى الله عليه وآله): ما حبسك يا بلال؟
____________
1 ـ تنقيز الصبي: ترقيصه من قبل امه. يقال: نقّزت الصبيّ اُمّه أي: رقصته.
2 ـ مسند فاطمة: 119 الحديث رقم: 179، ورواه أحمد بن حنبل في مسنده 6:283 باسناده عن أبي داود الطيالسي، حدّثنا زمعة، عن ابن أبي مليكة، قال: كانت فاطمة تنقّز الحسن بن عليّ وتقول: بأبي شبه النبيّ ليس شبيها بعليّ. ولكنّه روى في 1/8 هذا الشعر بالشكل الآتي:
وا بأبي شبه النبيّ | ليس شبيها بعليّ |
وهو انسب من حيث الوزن.
3 ـ كذا في عوالم العلوم 16:58. ولا منافاة في شباهة الحسن والحسين معاً بالنبيّ، فقد ورد عن عليّ (عليه السلام)، قال: الحسن أشبه برسول الله (صلى الله عليه وآله) ما بين الصدر إلى الرأس والحسين أشبه الناس بالنبيّ (صلى الله عليه وآله) ما كان أسفل من ذلك.
انظر مسند أحمد بن حنبل 1:99 و108.
فقالت: أنا أرفق بابني، فاخذت الرّحى، فطحنت، فذاك الّذي حبسني، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله): رحمتها رحمك الله.(1)
197 ـ مسند الامام أحمد بن حنبل: حدّثنا عبد الله، حدّثني أبي، حدّثنا عبدالصمد، حدّثنا عمّار ـ يعني أبا هاشم (صاحب الزعفراني)، عن أنس بن مالك: إنّ بلالا بطأ عن صلاة الصبح، فقال النبيّ (صلى الله عليه وآله) ما حبسك؟
فقال: مررت بفاطمة وهي تطحن والصبيّ يبكي.
فقلت: لها: شئت كفيتك الرّحا وكفيتني الصبي، وإن شئت كفيتك الصبيّ وكفيتني الرّحا. فقالت: أنا أرفق بابني منك. فذلك حبسني.
قال: فرحمتها رحمك الله(2).
198 ـ الخرائج والجرائح: روى أنّ سلماناً، قال: كانت فاطمة (عليها السلام) جالسة وقدامها رحى تطحن بها الشعير وعلى عمود الرحى دم سائل والحسين في ناحية الدار يتضوّر من الجوع، فقلت: يا بنت رسول الله دبرت كفّاك(3) وهذه فضّة؟!
فقالت: اوصاني رسول الله (صلى الله عليه وآله) أن تكون الخدمة لها يوماً، فكان امس يوم خدمتها.
قال سلمان: إنّي مولى عتاقه، أما أنا اطحن الشعير او اسكتّ الحسين لك.
____________
1 ـ تنبيه الخواطر 2:30، مجموعة ورام 2:330، وعنه بحار الأنوار 43:76.
2 ـ مسند أحمد بن حنبل 3:150 ـ 151، وعنه فضائل الخمسة 3:135.
3 ـ دبرت كفّاك: أي ولت، وهنا هي كناية عن التعب والشدّة.
دخلت على فاطمة وهي مستقلية لقفاها والحسين نائم على صدرها وقدّامها رحى تدور من غير يد، فتبسّم رسول الله (صلى الله عليه وآله) وقال: يا علي، اما علمت ان لله ملائكة سيّارة في الأرض يخدمون محمّداً وآل محمّد إلى أن تقوم السّاعة؟(2)
199 ـ وروى الطبري الامامي في دلائل الامامة: قال: وحدّثنا أبو المفضل محمّد بن عبدالله قال: حدّثنا محمد بن ابراهيم بن مالك الفزاري، قال: حدّثنا ابوبكر عبدالله بن بحر الجندي النيشابوري، قال: حدّثنا أحمد، قال: حدّثنا محمّد، قال: حدّثنا عبدالله، قال: حدّثنا أبي عن المفضل بن عمر، قال: حدّثني أبو عبدالله جعفر بن داخل الدار يقول: "اشتدّ صداع رأسي وخلا بطني ودبرت كفاي من طحن الشعير".
فمضني القول مضّا شديداً. فدنوت من الباب وقرعته قرعاً خفيفاً، فأجابتني فضة ـ جارية فاطمة ـ وقالت: من هذا؟ قلت: سلمان.
قالت: وراءك يا أبا عبدالله، فإن ابنة رسول الله قريبة من الباب عليها يسير من
____________
1 ـ أي: الأذان والإقامة في الصلاة.
2 ـ بحار الأنوار 43:76، وعوالم العلوم: 115.
هذا وروى أبو جعفر الطبري في الثاقب في المناقب: 301 عن زاذان، عن سلمان(رضي الله عنه)، قال: أتيت ذات يوم نزل فاطمة (عليها السلام) فوجدتها قد تغطّت بالعباءة ونظرت الى قدر منصوبة بين يديها تغلي بغير نار، فانصرفت مبادراً الى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما بصر بي ضحك ثم قال: يا أبا عبدالله أعجبك ما رأيت من حال ابنتي فاطمة؟ قلت: نعم يا رسول الله.
فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): أتعجب من أمر الله إن الله تبارك وتعالى علم ضعف ابنتي فاطمة، فأيدها بمن يعينها على دهرها من كرام ملائكته.
ثم قالت: يا فضّة قولي لسلمان يدخل، فإنّ سلمان منّا أهل البيت، فدخلت، فإذا بفاطمة جالسة قدامّها رحى (فساق الحديث إلى آخره مثل ما مضى).(1)
200 ـ تفسير فرات الكوفي: جعفر بن محمّد الفزاري معنعنا، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال:
كان الحسين مع اُمه تحمله، فأخذه النبيّ (صلى الله عليه وآله) وقال: لعن الله قاتلك ولعن الله سالبك، وأهلك الله المتوازرين عليك، وحكم الله بيني وبين من أعان عليك.
قالت فاطمة الزهراء (عليها السلام): يا أبه أي شيء تقول؟
قال: يا بنتاه ذكرت ما يصيبه بعدي وبعدك من الأذى والظلم والغدر والبغي وهو يومئذ في عصبة، كأنّهم نجوم السماء يتهادون إلى القتل، وكأنّي انظر إلى معسكرهم وإلى موضع رحالهم وتربتهم.
قالت: يا أبه وأين هذا الموضع الذي تصف؟
قال: موضع يقال له: "كربلاء" وهي دار كرب وبلاء علينا وعلى الأمّة، يخرج عليهم شرار اُمْتي لوان أحدهم شفع له من في السموات والأرضين ما شفّعوا فيه وهم المخلّدون في النار.
قالت: يا أبه فيقتل؟ قال: نعم يا بنتاه، وما قتل قتلته أحد كان قبله، وتبكيه السماوات والأرضون والملائكة والوحش والنباتات والبحار والجبال، ولو يؤذون لها ما بقي على الأرض متنفس(2) ويأتيه قوم من محبّينا ليس في الأرض أعلم بالله ولا
____________
1 ـ دلائل الامامة: 49.
2 ـ أي: إذا أذن الله لها بالإنتقام لدماء الشهداء لم يبق على الأرض متنفس يتنفس الهواء.
فقالت فاطمة الزهراء (عليها السلام): يا أبه، إنّا لله، وبكت.
فقال لها: يا بنتاه ان أفضل أهل الجنان هم الشهداء في الدنيا، بذلوا انفسهم وأموالهم بأنّ لهم الجنّة يقاتلون في سبيل الله، فيقتلون ويقتلون وعداً عليه حقّاً، فما عندالله خير من الدنيا، وما فيها قتلة اهون من ميتة، ومن كتب عليه القتل خرج إلى مضجعه ومن لم يقتل، فسوف يموت.
يا فاطمة بنت محمّد أما تحبّين أن تأمرين غداً بأمر، فتطاعين في هذا الخلق عند الحساب؟ أمآ ترضين أن يكون ابنك من حملة العرش؟ أما ترضين ان يكون أبوك ياتونه يسألونه الشفاعة؟ أما ترضين أن يكون بعلك يذود الخلق يوم العطش عن الحوض، فيسقي منه أوليائه ويذود عنه اعدائه؟ أما ترضين أن يكون بعلك قسيم النار يأمر النار، فتطيعه يخرج منها من يشاء ويترك من يشاء، أما ترضين أن تنظرين إلى الملائكة على ارجاء السماء ينظرون اليك وإلى ما تأمرين به وينظرون إلى بعلك قد حضر الخلائق وهو يخاصمهم عندالله، فماترين الله صانع بقاتل ولدك وقاتليك وقاتل بعلك إذا افلجت حجّته(1) على الخلائق واُمرت النار أن تطيعه؟ أما ترضين أن يكون الملائكة تبكى لابنك ويأسف عليه كلّ شيء؟
أما ترضين ان يكون من أتاه زائراً في ضمان الله ويكون من أتاه بمنزلة من حجّ
____________
1 ـ افلجت حجته أي: ظهرت وغلبت.
قالت: يا أبه سلّمت ورضيت وتوكّلت على الله، فمسح على قلبها ومسح عينيها وقال: إنّي وبعلك وأنت وابنيك في مكان تقرّ عيناك ويفرح قلبك(1).
201 ـ كامل الزيارات: حدّثني أبي، عن سعد بن عبدالله، عن أحمد بن محمّد، عن أحمد بن محمّد بن أبي نصر، عن عبدالكريم بن نصر، عن عبدالكريم بن عمرو، عن المعلّى بن خنيس، قال: كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) اصبح صباحاً، فرأته فاطمة باكياً حزيناً.
فقالت: مالك يا رسول الله؟ فأبى ان يخبرها.
فقالت: لا أكل ولا اشرب حتّى تخبرني.
فقال: إنّ جبرئيل (عليه السلام) أتاني بالتربة الّتي يقتل عليها غلام لم يحمل به بعد ـ ولم تكن تحمل بالحسين (عليه السلام) ـ وهذه تربته(2).
202 ـ كامل الزيارات: حدّثني محمّد بن عبدالله بن جعفر الحميري، عن أبيه، عن عليّ بن محمّد بن سالم، عن محمّد بن خالد، عن عبدالله بن حمّاد البصري، عن عبدالله بن عبدالرحمن الأصم، عن مسمع بن عبدالملك، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: كان الحسين (عليه السلام) مع اُمّه تحمله، فأخذه رسول الله (صلى الله عليه وآله).
فقال: لعن الله قاتليك ولعن الله سالبيك وأهلك الله المتوازرين عليك، وحكم
____________
1 ـ تفسير فرات: 55، وعنه البحار 44:246.
أقول: قد مضى معنى آخر هذا الحديث في عدة أحاديث ذكرها المؤلّف تباعاً بالارقام وانظر هامش تلك الصفحات وسيأتي ما يؤيد معنى صدر الحديث في آخر الكتاب.
2 ـ كامل الزيارات: 62.
فقالت فاطمة: يا أبه أيّ شيء تقول؟ فذكر مثل الحديث السابق، عن تفسير فرات(1).
203 ـ وقائع الشهور والأيام للبيرجندي في وقائع اليوم العاشر من جمادى الاولى: "روي ان في هذا اليوم اعطت الزهراء (عليها السلام) قميص ابراهيم الخليل لزينب وقالت: إذا طلبه منك اخوك الحسين، فاعلمي إنّه ضيفك ساعة، ثمّ يقتل باشدّ الأحوال بيد اولاد الزنا"(2).
قال البيرجندي: وذلك قبل وفاة الزهراء بثلاثة أيّام. عن بحر المصائب.
قال المؤلّف: وهذا يؤيّد رواية خمسة وسبعين في وفاتها (عليها السلام).
204 ـ مدينة المعاجز: روي عن يوسف بن يحيى عن أبيه، عن جدّه، قال: رأيت رجلا بمكّة شديد السّواد له بدن وخلق غابر وهو ينادي: أيّها الناس دلّوني على اولاد محمّد، فاشار [اليه] بعضهم وقال: ما لك؟
قال: أنا فلان بن فلان. قالوا: كذبت إن فلانا كان صحيح البدن صبيح الوجه، وأنت شديد السواد غابر الخلق.
قال: وحقّ محمّد إنّي لفلان، اسمعوا حديثي، اعلموا إنّي كنت جمّال الحسين، فلمّا إن صرنا الى بعض المنازل برز للحاجة وأنا معه، فرأيت تكّة لباسه وكان اهداها له ملك فارس حين تزوج بنت أخيه شاه زنان بنت يزدجرد، فمنعني هيبته أسأله إيّاها، فدرت حوله لعليّ أسرقها، فلم اقدر عليها، فلمّا صار القوم بكربلاء
____________
1 ـ كامل الزيارات: 68، وتمام الحديث نقلناه فيما سلف عن تفسير فرات الكوفي برقم 192.
2 ـ وقائع الشهور والأيام: 95.
فمددت يدي إلى التكّة وهممت أن اُحلّ عقدها، فرفع يده وضرب بها يدي، فكادت اوصالي وعروقي تتقطع، ثمّ أخذ التكّة من يدي، فوضعت رجلي على صدره وجهدت جهدي لاُزيل إصبعهاً من اصابعه، فلم أقدر، فأخرجت سكّينا كان معي، فقطعت أصابعه.
ثمّ مددت يدي إلى التكّة وهممت بحلّها ثانية، فرأيت خيلا أقبلت من نحو الفرات وشممت رائحة لم أشمّ رائحة أطيب منها، فلمّا رأيتهم قلت: إنّا لله وإنّا إليه راجعون، إنّما أقبلوا هؤلاء لينظروا إلى كلّ انسان به رمق [فيجهزوا عليه]، فصرت بين القتلى وغاب عني عقلي من شدّة الجزع.
فإذا رجل يقدمهم ـ كأن وجهه الشمس ـ وهو ينادي: أنا محمّد رسول الله، والثّاني ينادي: أنا حمزة اسد الله، والثالث ينادي: أنا جعفر الطيار، والرابع ينادي: أنا الحسن بن عليّ.
وأقبلت فاطمة وهي تبكي وتقول: حبيبي وقرّة عيني ءأبكي على رأسك المقطوع، أم على يديك المقطوعتين، أم علي بدنك المطروح، أم على اولادك الاسارى.
ثمّ قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): أين رأس حبيبي وقرّة عيني الحسين، فرأيت الرأس في كفّ النبي، فوضعه على بدن الحسين، فاستوى جالساً، فاعتنقه النبيّ وبكى (فذكر
205 ـ دار السلام: عن بعض كتب المناقب المعتبرة مرسلا إنّ رجلا كان بلا أيد ولا أرجل، وهو يقول: ربّ نجّني من النار.
فقيل له: لم تبق لك عقوبة ومع ذلك تسأل النجاة من النار.
قال: كنت، فيمن قتل الحسين (عليه السلام) بكربلاء، فلمّا قتل، رأيت عليه سراويل وتكّة حسنة بعد ما سلبه الناس واردت أن أنزع منه التكّة، فرفع يده اليمنى ووضعها على التكّة، فلم أقدر على دفعها، فقطعت يمينه ثمّ هممت أن آخذ التكّة، فرفع شماله، فوضعها على تكّته، فقطعت يساره، ثمّ هممت بنزع التكّة من السراويل، فسمعت زلزلة، فخفت وتركته، فألقى الله عليّ النوم، فنمت بين القتلى، فرأيت كأن محمّداً (صلى الله عليه وآله)، أقبل ومعه علي وفاطمة (عليه السلام) فأخذوا رأس الحسين (عليه السلام) فقبّلته فاطمة (عليها السلام) ثمّ قالت: يا ولدي قتلوك قتلهم الله، من فعل هذا بك؟ فكان يقول: قتلني شمر وقطع يدي هذا النائم وأشار إليّ. فقالت فاطمة (عليها السلام) لي: قطع الله يديك ورجليك وأعمى بصرك وأدخلك النار، فانتبهت وأنا لا أبصر شيئاً وسقطت منّي يداي ورجلاى ولم يبق من دعائها إلاّ النّار(2).
____________
1 ـ مدينة المعاجز: 239.
2 ـ دار السلام للنوري 1:248.
فقالت فاطمة (عليها السلام): يا رسول الله أتشجع الكبير على الصغير؟
فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وآله): يا فاطمة اما انّ جبرئيل وميكائيل كلّما قلت للحسن: أيّها أبا محمّد، قالا للحسين: "أيّها أبا عبدالله"، فلذلك قاما وتساويا.
أمّا أنّ الحسن والحسين لمّا كان يقول رسول الله (صلى الله عليه وآله): أيّها أبا محمّد، ويقول جبرئيل، أيّها أبا عبدالله، لو رام كلّ واحد منهما حمل الأرض بما عليها من جبالها وبحارها وتلالها وسائر ما على ظهرها لكان اخف عليهما، من شعرة على أبدانهما، وإنّما تقاوما لأنّ كلّ واحد منهما نظير الآخر.
هذان قرّتا عيني، وثمرتا فؤادي، هذان سندا ظهري، هذان سيّدا شباب أهل الجنّة من الأوّلين والآخرين، وأبوهما خير منهما، وجدّهما رسول الله خيرهم أجمعين(1).
207 ـ البحار: بعد أن نقل معنى صدر هذه الرواية السابقة، قال: وفي رواية: فلمّا أتى بهما منزل فاطمة أقبلا يصطرعان، فجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله)، يقول: إيه يا حسن.
____________
1 ـ بحار الأنوار 39:107.
قال المؤلّف: قضيه المصارعة وردت في روايات عديدة، منها ما رواه موفق بن أحمد عن أبي ذر، ذكر كما في غاية المرام: 484.
فقال: هذا جبرئيل (عليه السلام) يقول: ايه يا حسين، فصرع الحسين الحسن.
208 ـ أمالي الصدوق: ابن المتوكّل، عن السعد آبادي، عن البرقي، عن أبيه، عن فضالة، عن زيد الشحام، عن الصادق عن آبائه (عليهم السلام) قال:
دخل النبيّ (صلى الله عليه وآله) ذات ليلة بيت فاطمة (عليها السلام) ومعه الحسن والحسين عليهما السلام، فقال لهما النبيّ (صلى الله عليه وآله): قوما فاصطرعا، فقاما ليصطرعا وقد خرجت فاطمة صلوات الله عليها في بعض خدمتها، فدخلت، فسمعت النبيّ (صلى الله عليه وآله) وهو، يقول: ايه يا حسن شدّ على الحسين، فأصرعه، فقالت له: يا أبه واعجباه أتشجّع هذا على هذا؟ تشجّع الكبير على الصّغير؟
فقال لها: يا بنيّة أما ترضين أن أقول أنا: يا حسن شدّ على الحسين، فأصرعه وهذا حبيبي جبرئيل (عليه السلام) يقول: يا حسين شدّ على الحسن، فأصرعه(1).
209 ـ مدينة المعاجز: سعد بن عبدالله، عن محمّد بن عيسى بن عبيد، عن أبي محمّد عبدالله بن حمّاد الأنصاري، عن صباح المزني، عن الحرث بن حضيرة، عن الأصبغ بن نباته، قال: دخلت على أمير المؤمنين والحسن والحسين عنده، وهو ينظر إليهما نظراً شديداً يطيل النظر إليهما.
فقال: نعم يا أصبغ ذكرت لهما حديثاً.
فقلت: حدثني به جعلت فداك؟
قال: كنت في ضيعة لي، فاقبلت نصف النهار في شدّة الحر وأنا جائع، فقلت
____________
1 ـ البحار 37:7، وايضاً، بحار الأنوار 100:189، وغاية المرام: 18، مع إختلاف يسير، ومستدرك الوسائل 2:517.